مختارات من الصحف العبرية

مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
الكنيست يقر بالقراءة الأولى قانون حله
إسرائيل تشارك لأول مرة كمراقب في تمرين بحري وجوي في المغرب
"حماس" تتحدث عن تدهور الوضع الصحي لأحد الأسرى الإسرائيليين لديها وإسرائيل تعتبر أن المقصود حرب نفسية
تقرير: حزب الله أقام 16 موقع مراقبة إضافية على الحدود مع إسرائيل منذ نيسان/أبريل
مقالات وتحليلات
في ضوء الأزمات السياسية: يتعين على إسرائيل القبول باقتراح لبنان
غزة - أزمة إسرائيلية، وليست مناخية
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"يديعوت أحرونوت"، 27/6/2022
الكنيست يقر بالقراءة الأولى قانون حله

أقر الكنيست هذا المساء (الاثنين) بالقراءة الأولى قانون حل الكنيست الـ24، وذلك بعد ساعات طويلة من النقاش اتفق في نهايتها الائتلاف والمعارضة على حل الكنيست. وجاء في القرار أن التاريخ المحتمل للانتخابات المقبلة هو 25 تشرين الأول/أكتوبر، أو الأول من تشرين الثاني/نوفمبر. واتفق الطرفان أمس على عدم طرح قانون يتم بموجبه منع متهم بجرائم جنائية من تشكيل حكومة على الكنيست الحالي. وجرى إقرار القانون بموافقة 53 عضواً من الكنيست من دون معارضة أحد، ومن دون امتناع أحد عن التصويت. ومن المفترض أن تنتهي عملية حل الكنيست يوم الأربعاء. وبطلب من الليكود جرت الموافقة على زيادة تمويل الأحزاب بـ 1.66 مليون شيكل لكل عضو كنيست، بدلاً من 1.4 مليون كما هو اليوم. ومعنى ذلك زيادة تقدر بـ31.2 مليون شيكل للانتخابات، وما مجموعه زيادة تقدر بـ200 مليون شيكل لتمويل الأحزاب فقط.

"معاريف"، 28/6/2022
إسرائيل تشارك لأول مرة كمراقب في تمرين بحري وجوي في المغرب

تشارك إسرائيل لأول مرة كمراقبة في تمرين بحري وبري كبير في المغرب بمشاركة نحو 7500 عنصر من جيوش عشر دول، بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والبرازيل والمغرب التي يجري التمرين على أراضيها.

والمقصود تمرين سنوي يحمل اسم "الأسد الأفريقي" الغرض منه التدرب على التعاون مع الدول الأفريقية، وتحديداً في غربي أفريقيا، من أجل ترسيخ أهداف الولايات المتحدة في المغرب.

ولأول مرة ترسل إسرائيل ممثلين عنها إلى هذا التدريب الذي يشارك فيه حلف الناتو ودول من القارة الأفريقية، مثل غانا والسنغال وتونس. وتشارك في التدريب طائرات حربية وسفن، وخصوصاً طائرات حربية من سلاح الجو المغربي والأميركي.

 

"هآرتس"، 27/6/2022
"حماس" تتحدث عن تدهور الوضع الصحي لأحد الأسرى الإسرائيليين لديها وإسرائيل تعتبر أن المقصود حرب نفسية

أعلن الناطق بلسان الذراع العسكرية في "حماس" تدهور الوضع الصحي لأحد الأسرى الإسرائيليين لديها، وقال إن الحركة ستقدم في الساعات المقبلة إثباتات على ذلك. بينما ذكرت إسرائيل أنها ليست على علم بتغير الوضع الصحي لأحد الأسرى الإسرائيليين لدى حركة "حماس"، وهي لا تستبعد أن يكون المقصود حرباً نفسية من جانب الحركة.

ورد مكتب رئيس الحكومة نفتالي بينت على بيان "حماس" بأن الحركة: "أثبتت في الماضي أنها تنظيم إرهابي يحتفظ بمدنيين أبرياء بعكس القوانين والمواثيق الدولية، كما تحتفظ بجثامين جنود إسرائيليين". وأضاف: "ʾحماسʿ هي المسؤولة عن وضع المدنيين في الأسر. وستواصل دولة إسرائيل مساعيها بواسطة مصر لإعادة الأسرى والمفقودين بحزم ومسؤولية".

وتحتفظ "حماس" بجثمانَي الجندي أورون شاول وهدار غولدمان اللذين قتلا في عملية "الجرف الصامد" العسكرية في صيف 2014، كما تحتفظ بمدنيَّين على قيد الحياة هما أبرا منغيستو الذي اجتاز الحدود إلى القطاع سنة 2014، وهشام السيد الذي عبر إلى القطاع سنة 2015.

"هآرتس"، 28/6/2022
تقرير: حزب الله أقام 16 موقع مراقبة إضافية على الحدود مع إسرائيل منذ نيسان/أبريل

لم يستغرق الأمر سوى دقائق معدودة لوصول المجموعة الصغيرة العدد من الأشخاص في الأول من أمس إلى الطريق الترابي لموقع الجيش الإسرائيلي القريب من موشاف دوفيف بالقرب من الحدود اللبنانية، كي تجذب انتباه الطرف الآخر. بسرعة خرجت دراجة نارية عليها شخصان بلباس مدني وتوقفت في مواجهة الطريق المواجه للحدود، وأخرج أحدهم آلة تصوير وقام بتصوير المجموعة بينما كان الثاني يتنقل ذهاباً وإياباً حتى تأكد من مغادرة المجموعة الإسرائيلية المكان.

من المعقول الافتراض أن راكبيْ الدراجة هما عناصر من حزب الله وصلا من موقع أقامه الحزب على مسافة بضعة أمتار من هناك، تحت غطاء جمعية للمحافظة على البيئة تحمل اسم "أخضر بلا حدود". عملياً، يعتبر الجيش الإسرائيلي هذه الجمعية تابعة لعناصر الحزب، وهو يستخدمها للمراقبة وجمع المعلومات الاستخباراتية لما يحدث في الجانب الإسرائيلي من الحدود. لكن هذه المواقع لها هدف آخر هو فرض حالة ردع معينة لدى الجيش الإسرائيلي والسكان الإسرائيليين على الحدود الشمالية، وإبعاد عناصر القوات الدولية عن الأماكن التي استولى عليها الحزب.

هذه المواقع أُقيمت أولاً في نقاط على طول الحدود قبل 5 سنوات. وقد كشفت إسرائيل هذه المواقع بجهد مشترك من الحكومة والجيش، وقدمت شكوى إلى الأمم المتحدة. بدءاً من نيسان/أبريل هذا العام أُقيم أكثر من 16 موقعاً جديداً على طول المنطقة، وقد جرى استقدام حاويات قبل إقامة عدد من أبراج المراقبة. ومن الموقع المحاذي لموشاف دوفيف يمكن رؤية حاوية وبرج مراقبة وعدد من السيارات. وفور ملاحظة حركة في الجانب الإسرائيلي حول الموشاف، وصل عناصر حزب الله بسرعة وصوروا وقاموا بإثبات وجودهم.

مؤخراً، طرحت إسرائيل مجدداً القضية في محادثات جرت في الأمم المتحدة في نيويورك. وعرض وفد ضم ممثلين عن الجيش وعن وزارة الخارجية وعن سفارة إسرائيل في الأمم المتحدة صوراً ووثائق عن المواقع الجديدة على الأمم المتحدة وعلى مندوبي دولتين ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن هما الولايات المتحدة وفرنسا.

في مطلع حزيران/يونيو نشر الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي صوراً عن عدد من المواقع مرفقة بتحذير من قائد المنطقة الشمالية اللواء أمير برعام جاء فيه: "نحن نعرف الناشطين الذين أقاموا هذه المواقع بالاسم ونعرف كيف نصل إليهم. وعندما يحين الوقت سيدفعون الثمن، هم والذين أرسلوهم وكذلك القرى الأمامية التي يستخدمونها قاعدة إرهاب عسكري. سندمر بنيتهم التحتية على خط التماس". ومؤخراً، تكثر التصريحات الإسرائيلية عن "القرى الأمامية"، وهي قرى شيعية تقع بالقرب من الحدود نشر فيها حزب الله سراً قياداته ومخازن سلاحه ومنصات صواريخه.

وتُعتبر إقامة هذه المواقع جزءاً من عملية مدروسة لحزب الله هدفها تسجيل وقائع على الأرض من خلال الالتفاف على القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن والذي نظّم الوضع في الجنوب اللبناني بعد حرب لبنان الثانية في تموز/يوليو 2006. ويمنع القرار أي نشاط مسلح لحزب الله في المنطقة الواقعة بين الحدود جنوباً حتى نهر الليطاني شمالاً، وكلّف قوات اليونيفيل مهمة المحافظة على الهدوء في المنطقة وأعطاها صلاحيات وقف أي نشاط مسلح لحزب الله. عملياً، يتحرك عناصر من الحزب منذ عدة سنوات بلباس مدني على طول الحدود. وتكتفي قوات اليونيفيل بتسيير دوريات مراقبة لكنها تتجنب الدخول في مواجهة مباشرة مع عناصر حزب الله بحجة أن هذه النشاطات المشبوهة تجري في ممتلكات خاصة ليس لدى قوات اليونيفيل صلاحيات الدخول إليها وإجراء عمليات تفتيش.

تعمل قوات اليونفيل تحت تأثير الردع الذي خلقه حزب الله الذي يُشك في أنه وراء تفجير مركبة مدرعة تابعة للفرقة الإسبانية في اليونفيل في سنة 2007 بالقرب من بلدة الخيام في القطاع الشرقي من الجنوب اللبناني. وقد أدى الانفجار إلى مقتل 7 جنود ومنذ ذلك الحين تحرص قوات اليونيفيل على عدم إقحام نفسها في الأماكن الخطرة جداً. في المقابل تثني المؤسسة الأمنية الإسرائيلية على العمل اليومي لضباط اليونفيل وتقول إن هؤلاء ساعدوا أكثر من مرة في تهدئة الأجواء على طول الحدود.

يعكس نشر المواقع الجديدة في الفترة الأخيرة، على ما يبدو، ثقة متزايدة بالنفس لدى حزب الله. يضاف إلى ذلك نقل آلاف المقاتلين من قوة النخبة "الرضوان" إلى الجنوب اللبناني، بعد أن قلّص الحزب تدخله في سورية بعد انتهاء الحرب الأهلية هناك في نهاية 2018. في تلك الفترة قامت إسرائيل بتدمير 6 أنفاق حفرها الحزب الشيعي تحت الحدود داخل أراضيها بهدف تسلل قواته من خلالها إذا نشبت الحرب.

المواقع الجديدة هي نوع من الالتفاف على القرار 1701، وهي تثير ذكريات غير محببة سبقت حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006]. يومها حذّر قائد فرقة الجليل اللواء غال ريش من إقامة مواقع لحزب الله على طول الحدود. لكن الحكومة وهيئة الأركان العامة لم تهتم كثيراً بالتحذير والنهاية معروفة، العملية التي قام بها حزب الله وأدت إلى مقتل 8 مقاتلين من الجيش والاحتفاظ بجثماني جنديين في الاحتياط، وهو ما أدى إلى نشوب الحرب في تموز/يوليو 2006.

في ضوء تزايد وجود حزب الله في الجنوب اللبناني واستمرار الحزب في تسلحه تزايدت التهديدات الإسرائيلية للبنان مؤخراً. ويصف مسؤولون رفيعو المستوى وعلى رأسهم وزير الدفاع بني غانتس ورئيس الأركان أفيف كوخافي ما يمكن أن يحدث في لبنان إذا تحرك حزب الله من البلدات والقرى المكتظة سكانياً وأطلق منها صواريخ على السكان المدنيين في إسرائيل. يبدو أن إسرائيل تحاول أن تحضّر الأرضية في الساحة الدولية لحرب ثالثة في لبنان يمكن أن تؤدي إلى تدمير كبير للبنى التحتية ووقوع عدد كبير من الإصابات من المدنيين.

ومع ذلك فإن تقدير الاستخبارات الإسرائيلية يبقى من دون تغيير. فهي لا ترى أن لدى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله رغبة في المبادرة إلى مواجهة عسكرية جديدة. أكثر من ذلك: فنصر الله الذي يكثر من تهديداته بمهاجمة إسرائيل تهرّب أكثر من مرة من محاولات الإيرانيين الطلب منه تصفية حسابهم مع إسرائيل رداً على عمليات الاغتيال المنسوبة إلى إسرائيل داخل الأراضي الإيرانية. السيناريو الأساسي الذي يقلق متخذي القرارات في البلد له علاقة بسلسلة حسابات خاطئة: حوادث محلية تؤدي إلى عملية رد من الجانب الثاني وتخلق سلسلة عمليات وردوداً يمكن أن تؤدي إلى حرب من دون أن يرغب الطرفان فيها فعلاً.

 

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"معاريف"، 28/6/2022
في ضوء الأزمات السياسية: يتعين على إسرائيل القبول باقتراح لبنان
يتسحاق لفانون - سفير سابق
  • استدعى اللبنانيون الوسيط الأميركي لترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل عاموس هوكشتاين على عجل في الأسبوع الماضي بعد أن استقدمت إسرائيل منصة لاستخراج الغاز من حقل كاريش. وقد أرفقت بيروت وحزب الله الدعوة بتهديدات بمهاجمة إسرائيل. في المحادثات مع المسؤولين اللبنانيين لمس هوكشتاين ظاهرتين دفعتاه إلى التصريح بأنه، وفق ما سمعه من اللبنانيين، هناك أساس قوي لاستئناف المفاوضات للتوصل إلى اتفاق.
  • بعد نقاش داخلي قدم اللبنانيون إلى هوكشتاين موقفاً موحداً لكل الأطراف ذات الصلة بالقضية، وكانت مساهمة المدير العام للأمن العام اللبناني عباس إبراهيم في هذا الأمر حاسمة. والموقف الموحد بحد ذاته يشكل إنجازاً. ووفقاً لهذا الموقف الذي هو أيضاً الاقتراح اللبناني لإسرائيل، سيمتنع لبنان من التوجه إلى الأمم المتحدة للمطالبة بتوسيع منطقة النزاع مع إسرائيل بحيث تضم حقل الغاز كاريش. وسيوافق على أن تدور النقاشات مع إسرائيل على أساس منطقة النزاع الأساسية التي سبق ونُقلت إلى الأمم المتحدة، أي 860 كيلومتراً مربعاً.
  • في رأيي حسناً تفعل إسرائيل إذا وافقت على الاقتراح اللبناني وأنهت النزاع. وكان الوسيط الأول، فردريك هوف قد اقترح تقسيم منطقة النزاع بصورة غير متساوية وإعطاء لبنان مساحة أكبر من إسرائيل، وقد وافقت القدس على ذلك. لكن وفق هذا التقسيم يبقى جزء من حقل قانا اللبناني في يد إسرائيل. وفي مفاوضات الأسبوع الماضي اقترح اللبنانيون تغييراً بسيطاً في الترسيم بحيث يصبح حقل قانا كله في داخل الأراضي اللبنانية. بعبارة أُخرى يصبح كاريش كله لإسرائيل وقانا كله للبنان. وهذا التغيير يتجلى في نسب ضئيلة من الأرض.
  • أعتقد أن هذا سيمكّننا من حل النزاع والبدء باستخراج الغاز من دون عراقيل من هذا الطرف أو ذاك. ووفقاً لتقارير لبنانية فإن منطقة النزاع هذه غنية بالغاز، وتستطيع إسرائيل استخراجه من المنطقة المخصصة لها بالإضافة إلى حقل كاريش وتتمكن بذلك من زيادة كميات الغاز الذي سيجري نقله إلى أوروبا. وفي إمكان لبنان استغلال هذه المنطقة لإدخال مداخيل كبيرة إلى صندوق الدولة وتحقيق القليل من الاستقرار الداخلي. وسيؤدي الاتفاق إلى وقف تهديدات حزب الله بمهاجمة كاريش. والآن، الجميع ينتظر الجواب الإسرائيلي.
  • تتحدث وسائل الإعلام اللبنانية عن الاقتراح الجديد الذي قدمته بيروت وطلبت الحصول على رد إسرائيلي سريع. للمرة الأولى هناك انطباع بأن لبنان سار على الدرب. في لبنان اليوم حكومة انتقالية وحكومتنا سقطت. ويعتقد لبنان أن إسرائيل سترد بصورة إيجابية على الاقتراح اللبناني من أجل الدفع قدماً في اتجاه الحل. بَيد أن التغييرات إذا حدثت في حكومتي البلدين يمكن أن تؤخر حل ترسيم الحدود إلى موعد آخر، وسيكون هذا مدعاة للأسف.
"هآرتس"، 27/6/2022
غزة - أزمة إسرائيلية، وليست مناخية
دوتان هلفي - باحث في معهد فان لير
  • نشر معهد أبحاث الأمن القومي (INSS) تنبؤات مذهلة، تحذر من تداعيات أزمة المناخ على قطاع غزة. ويشير التحليل إلى معلومات مقلقة بشأن الأوضاع الحياتية للسكان والمدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، ويقترح مجموعة من الخطوات التي يمكن اتخاذها لإبطاء عملية الانهيار.
  • صحيح أن القضية مقلقة، فالتغييرات المناخية تحدث في الشرق الأوسط بسرعة، وهو ما يستوجب التفكير والعمل بشكل طارئ. وعلى الرغم من ذلك، يبدو أنهم في (INSS) يعتبرون الوضع الإنساني في قطاع غزة "مزيجاً من الأسباب" يشكل الصراع مع إسرائيل أحدها. هذا فهم مغلوط، يشوّش وعن وعي حقيقة أن السبب المركزي وراء الضرر المتصاعد جرّاء أزمة المناخ الذي يعاني جرّاءه السكان في قطاع غزة، هو سياسة الحصار الإسرائيلية.
  • إن جر المجتمع والمدنيين في قطاع غزة إلى حدود الكارثة الإنسانية هو تقريباً خطوة معلنة في السياسة الإسرائيلية تجاه القطاع. لذلك، فمن غير المهم ماهية الخطوات المبتكرة التي سيتم اتخاذها بهدف تقليص أزمة المياه أو الطاقة في القطاع، إذ على دولة إسرائيل أن تقرر أولاً أن فصل قطاع غزة عنها وعن الضفة الغربية غير أخلاقي ولا يفيد ويجب وقفه.
  • لا يوجد في عالمنا اليوم، اقتصاد موارد معزول عن العالم. إلاّ إنه وتحت سياسة الحصار الإسرائيلية على قطاع غزة، من المتوقع أن تعتاش المنطقة التي يعيش فيها تقريباً 2.1 مليون، فقط من خلال مياه مكرّرة يتم جرها فقط من داخل مساحتها المحاصرة أصلاً. في إسرائيل يتم التعامل مع مسألة جودة المياه المتدنية على أنها نتاج "سحب مبالغ فيه" للمياه من الأحواض المحلية. هذا على الرغم من أنه لا يوجد في إسرائيل، وأشك أن يكون في العالم كله أيضاً، من يرغم على إدارة المياه لتغطية حاجات الملايين، بهذا الشكل.
  • وصحيح أن الكهرباء محدودة في قطاع غزة بسبب النقص في السيولة المالية والوقود كما يشيرون في (INSS)، لكن لا توجد أي إشارة إلى أن إسرائيل تقوم بين الحين والآخر بخطوات عقاب جماعي ضد السكان في قطاع غزة، وتمنع إدخال الوقود حتى إن كان هناك تمويل له. وفي جميع الأحوال، حتى لو كان الوقود متوفراً، فإن محطة توليد الطاقة والبنى التحتية لنقل الكهرباء لا تزال مدمرة جزئياً نتيجة القصف الإسرائيلي خلال العدوان الأخير على قطاع غزة.
  • تقوم إسرائيل بالإضافة إلى هذا كله، بمنع إدخال آلاف القطع الضرورية لترميم منظومات المياه والكهرباء في قطاع غزة، وبذلك تضع هذه المنظومات أمام خطر التوقف عن العمل كلياً. فبحسب المعلومات الواردة من مؤسسة "غيشاه"، تعاني منظومات المياه والكهرباء في قطاع غزة نقصاً بآلاف قطع التغيير. وحتى في (INSS) يعترفون بأن القيود التي يتم فرضها على إدخال المواد إلى قطاع غزة تعرّف إسرائيلياً بأنها "ذو حدين"- مواد مطلوبة للبناء والتطوير، ويمكن في الوقت ذاته استعمالها عسكرياً - تحبط كل إمكان لترميم البنية التحتية للكهرباء والماء في القطاع. وباختصار، تحكم إسرائيل عن سبق الإصرار والترصّد، على سكان قطاع غزة بالعيش في ظل البرد القارس في الشتاء والحر الخانق في الصيف (تخيّلوا ليالي آب في الساحل من دون مروحة أو مكيّف)، وتحديد إمكانات سحب المياه أو تصريف المجاري، وتقليص جميع الأعمال الحيوية، وضمنها الطبية، إلى عدة ساعات يومياً.
  • ويشير التقرير إلى أن الكهرباء في القطاع تتحول إلى الطاقة الشمسية، ويرون في (INSS) أنها فرصة لتشجيع استعمال الطاقة المتجددة. يا للسخرية! يبدو أن قطاع الطاقة سيتحوّل إلى نموذج قطاع المياه، حيث يتعلّق كلياً بأشعة الشمس بين الجدران.
  • يمكن الاستمرار بنماذج أُخرى: هل علينا أن نقلق الآن بسبب ارتفاع نسبة الكربون في مياه البحر المتوسط وتداعياته على صيد الأسماك في غزة بسبب أزمة المناخ؟ هنا، في كل الأحوال، تقوم إسرائيل بتقليص مساحة الصيد في غزة وزيادتها بحسب مزاجها، وتمنع عن قصد الصيادين في غزة من أن يعتاشوا على هذا المورد الطبيعي الأساسي. وحتى النقاش على كمية الأمطار يمكن أن ينتظر. في البداية على طائرات رش المبيدات الإسرائيلية أن تتوقف عن نشر المبيدات حول الجدار في غزة، وهو ما يؤدي إلى ضرر كبير بالزراعة الغزية.
  • غزة ليست منطقة متضررة بشكل خاص من أزمة المناخ بسبب موقعها الجغرافي أو المناخي، فالقطاع ليس منطقة جغرافية لها مميزات خاصة أصلاً، إنما هي معزل سياسي مسجونة في حدود مصطنعة. غزة معزولة عن محيطها الزراعي وعن تمديدات المياه الخاصة بها منذ سنة 1949، كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار مع مصر. وبعد 1967 تم التعامل معها إسرائيلياً كمصدر للأيدي العاملة الرخيصة وكسوق أسيرة للمواد الإسرائيلية، وتعيش منذ سنة 2007 تحت الحصار العسكري الإسرائيلي الذي تحوّل بنظر الكثيرين إلى "السجن المفتوح الأكبر في العالم". الوضع الإنساني في غزة حالياً هو نتيجة السياسة الإسرائيلية، وليس طفرة، مع أزمة المناخ أو من دونها.
  • وإن أردنا على الرغم من هذا كله أن نربط الوضع في غزة بأزمة المناخ، فيمكن التعامل معها بشكل أكثر دقة كنافذة لسيناريوهات مستقبلية، تدلل على كيف سيكون العالم في ظل التنافس على الموارد وخلق معازل بيئية للأشخاص غير المرغوب فيهم. قطاع غزة عملياً هو "أكواريوم" حيث تتولى قوة قادرة اتخاذ القرار، من حيث المكان والزمان، بشأن ما يدخل إليه من مواد وغذاء، فتتحسن الحياة إن أرادت هذه القوة، وإذا رأت العكس، تصبح الحياة صعبة ويزداد الخطر على الحياة.
  • في مرحلة الظروف المناخية الصعبة، لن يكون من المبالغ فيه الخوف من أن تقوم الدول القوية بتبني نموذج الأكواريوم الغزي (أو الغز - واريوم)، وأن يسجنوا المجتمعات العدائية، والأقليات السياسية، وجماعات مستضعفة داخل معازل أرضية، ويحددوا وصولهم إلى المياه والطاقة، يغذّونهم أو يجوعونهم بحسب الرغبة. وكل هذا طبعاً، من منطلقات الأمن القومي وحق الدول السيادية بالدفاع عن نفسها. أمّا الإحباط والجوع واليأس، فيمكن نسبه دائماً، بسهولة، إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب.
  • يدعي كثيرون أن لإسرائيل وظيفة مهمة في تطبيق التغييرات الكونية بالانتقال إلى الطاقة الخضراء والاقتصاد المستدام. وهذا لا يعود إلى حقيقة أن إسرائيل دولة مركزية من حيث كمية الكربون التي تطلقها إلى الهواء، إنما لأنها تملك قدرات تكنولوجية وأهمية جيوسياسية تسمح لها بأن تكون النموذج ومصدر الحلول لدول أُخرى. لم يتبق إلاّ الأمل بألاّ يكون النموذج الإسرائيلي المطبّق في قطاع غزة هو ما سيختارون تطبيقه في العالم.
  • سيكون من الضروري البحث بصورة معمّقة في التحضيرات للسيناريوهات المتعددة بكل ما يتعلق بأزمة المناخ. لكن الأكثر أهمية، هو ألاّ يؤدي هذا النقاش إلى تضليل الحقائق، بأن هناك مجموعات محددة تعاني أكثر من غيرها لأسباب سياسية واضحة. الطريق لحل الأزمة في غزة إن كانت موجودة أصلًا، لن تكون من خلال البحث عن طرق إبداعية بهدف تخطّي الوضع القائم عبر الإبقاء على غزة معزولة عن العالم، إنما من خلال إعادة ربطها من جديد بمحيطها الاقتصادي والجغرافي. بداية من فتح المعابر لمرور السكان والبضائع بشكل دائم، وبعدها من خلال ربط شبكات الماء والكهرباء الإسرائيلية بالقطاع. ومن المهم التذكير بأن السيطرة الواسعة الإسرائيلية على المناطق الفلسطينية تضعها أمام مسؤوليات يفرضها القانون الدولي والأخلاق، تبدأ بمسؤوليتها عن حياة المدنيين الذين يعيشون تحت سيطرتها. وإن شاءت إسرائيل أم أبت، فإن 40 عاماً من الاحتلال الفعلي و15 عاماً من الحصار على غزة، يفرض عليها مسؤوليات معينة. في المحصلة، الضرر الذي تؤدي إليه هذه الفترة لا يمكن رميه على أزمة المناخ.