مختارات من الصحف العبرية

مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
"حماس" أبلغت الوسطاء أنها مستعدة لإبرام صفقة تبادل أسرى إنسانية سريعة مع إسرائيل
وزيرة الطاقة الإسرائيلية: إسرائيل تعمل من أجل التوصل إلى توافق في كل ما يتعلق بالنزاع الدائر بين لبنان وإسرائيل حول موارد الغاز في البحر المتوسط وبملف ترسيم الحدود البحرية
مجلس الأمن القومي الإسرائيلي يعلن خفض مستوى تحذير السفر إلى إسطنبول
تقرير: بينت في "مؤتمر السايبر الدولي": ما كان يتطلب في الماضي إرسال 50 - 100 جندي من الكوماندوز للعمل بسرية خلف خطوط العدو بالإمكان تحقيقه اليوم بواسطة هجمات السايبر
مقالات وتحليلات
بايدن تبنى مبدئياً تطبيع العلاقات مع العالم العربي والدفع قدماً بتسوية مع الفلسطينيين أيضاً
العلاقة بين السياسات والاستراتيجيا وبين القدرات العسكرية واستعمالها
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"معاريف"، 29/6/2022
"حماس" أبلغت الوسطاء أنها مستعدة لإبرام صفقة تبادل أسرى إنسانية سريعة مع إسرائيل

أفادت قناة التلفزة اللبنانية "الميادين" مساء أمس (الثلاثاء) أن حركة "حماس" أبلغت الوسطاء أنها مستعدة لإبرام صفقة تبادل أسرى إنسانية سريعة مع إسرائيل.

وجاء هذا النبأ في إثر إعلان كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لـ"حماس" في قطاع غزة الليلة قبل الماضية تدهور حالة أحد الإسرائيليَّيْن المحتجزَيْن لديها، وهو هشام السيد من النقب، ثم قيامها بنشر شريط فيديو يظهره وهو مربوط بجهاز تنفس اصطناعي.

ووفقاً لقناة التلفزة نفسها فإن "حماس" مستعدة للإفراج عن هشام السيد في مقابل أسرى فلسطينيين مرضى في المستشفيات الإسرائيلية.

وتعقيباً على ذلك أكد ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية في بيان صادر عنه، أن "حماس" تبرهن مرة أُخرى أنها تنظيم إرهابي إجرامي يحتجز مدنيَّيْن مضطربَيْن نفسياً وجثتي جنديَّيْن من الجيش الإسرائيلي خلافاً لجميع المواثيق والقوانين الدولية، وحمّل البيان الحركة المسؤولية عن حالة المدنيَّيْن المحتجزَيْن.

وشدد البيان على أن إسرائيل ستواصل بذل جهودها بكل مسؤولية وإصرار من خلال الوساطة المصرية من أجل استعادة الأسرى والمفقودين.

في سياق متصل، قال مصدر أمني إسرائيلي رفيع المستوى إنه لا علم للجهات المعنية حول أي تغير طرأ على الحالة الصحية لهذين الإسرائيليَّيْن وهما أفيرا منغستو وهشام السيد. وأضاف المصدر نفسه أن إعلان "حماس" قد يكون نوعاً من الحرب النفسية ووسيلة للضغط على عائلتي منغستو والسيد كي تضغطا بدورهما على الحكومة الإسرائيلية لحملها على تقديم تنازلات في المفاوضات غير المباشرة الجارية بشأن المحتجزَيْن، نظراً إلى أنه في ظل الوضع السياسي الحالي في إسرائيل فإن احتمال إبرام صفقة تبادل ضعيف.

 

موقع قناة التلفزة الإسرائيلية I24NEWS، 29/6/2022 https://www.i24news.tv
وزيرة الطاقة الإسرائيلية: إسرائيل تعمل من أجل التوصل إلى توافق في كل ما يتعلق بالنزاع الدائر بين لبنان وإسرائيل حول موارد الغاز في البحر المتوسط وبملف ترسيم الحدود البحرية

أكدت وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين إلهرار أن طاقم التفاوض الإسرائيلي يعمل طيلة الوقت من أجل التوصل إلى توافق في كل ما يتعلق بالنزاع الدائر بين لبنان وإسرائيل حول موارد الغاز في البحر الأبيض المتوسط وبملف ترسيم الحدود البحرية.

وقالت إلهرار في سياق مقابلة خاصة أجرتها معها قناة التلفزة الإسرائيلية I24NEWS أمس (الثلاثاء): "نحن مستعدون للمفاوضات وجئنا إليها بنية طيبة. ولقد أجرى طاقم التفاوض الإسرائيلي لقاء مع الجانب الآخر في الأيام الماضية كما قدمنا عرضاً إلى الوسيط، وفي حال حدوث أي تطورات جديدة سنعلن عنها".

وتطرقت إلهرار إلى منصة "كاريش" فقالت: "أريد أن أوضح بشكل قاطع أن منصة ʾكاريشʿ غير موجودة في المناطق المتنازع عليها"، وشددت على أن المنصة ليست موضوعاً للتفاوض.

وأكدت الوزيرة أن إسرائيل مستعدة للتوصل إلى تفاهمات كما أنها مستعدة للتقدم إلى الأمام في كل ما يرتبط بحل هذا الملف من خلال الوسيط الأميركي.

ورداً على سؤال فيما إذا كانت إسرائيل متخوفة من تحول القضية إلى تصعيد عسكري مع حزب الله، قالت إلهرار: "إن إسرائيل مستعدة لأي سيناريو، وأقترح على الجانب الآخر التوصل إلى حل لأنه لا جدوى من التهديدات."

 

"يديعوت أحرونوت"، 29/6/2022
مجلس الأمن القومي الإسرائيلي يعلن خفض مستوى تحذير السفر إلى إسطنبول

قال بيان صادر عن مجلس الأمن القومي الإسرائيلي أمس (الثلاثاء) إنه بعد موجة من الاعتقالات نفذتها أجهزة الاستخبارات التركية بالتعاون مع إسرائيل، قرر المجلس إعلان خفض مستوى تحذير السفر إلى إسطنبول من المستوى الأعلى إلى المستوى المتوسط.

وشكر رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت مجدداً الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وقال بينت في بيان صادر عنه أمس: "أود أن أشكر قواتنا الأمنية إلى جانب القوات التركية والذين قاموا خلال الأشهر الأخيرة وأكثر من ذلك خلال الأسابيع الأخيرة بعمليات إحباط هجمات استهدفت إسرائيليين في إسطنبول وتركيا. وأوجه شكراً خاصاً إلى الرئيس أردوغان ومعاونيه على التعاون الذي أبدوه في إحباط الهجمات ضد الإسرائيليين في تركيا".

"معاريف"، 29/6/2022
تقرير: بينت في "مؤتمر السايبر الدولي": ما كان يتطلب في الماضي إرسال 50 - 100 جندي من الكوماندوز للعمل بسرية خلف خطوط العدو بالإمكان تحقيقه اليوم بواسطة هجمات السايبر

قال رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت إن بالإمكان الآن استهداف العدو عن طريق هجمات السايبر، وأكد أن ما كان يتطلب في الماضي إرسال 50-100 جندي من قوات الكوماندوز للعمل بسرية خلف خطوط العدو من خلال مخاطرة كبيرة، بات بالإمكان تحقيقه اليوم من خلال عدة أشخاص أذكياء جالسين وراء مكاتبهم وبحيازتهم لوحة مفاتيح.

وجاءت أقوال بينت هذه خلال مشاركته في "مؤتمر السايبر الدولي" الذي عقد في جامعة تل أبيب أمس (الثلاثاء) وأكد فيها أيضاً أنه توجد في إسرائيل حماية جيدة من شتى الهجمات السيبرانية التي تتعرض لها، لكنه في الوقت عينه أشار إلى أن الشركات الخاصة لديها مسؤولية ذاتية وعليها أن تتحملها في نهاية الأمر، وإذا تم اختراق معلومات حول زبائنها فهذه مشكلتها.

وقال بينت: "في المستوى الوطني فإن ʾهيئة السايبر الوطنية الإسرائيليةʿ تعمل مع الشركات الخاصة من أجل مساعدتها في الدفاع عن نفسها، وهذه بنية تحتية فائقة الأهمية ومثلما يوجد لدينا ردع نووي لا بد من وجود ردع سيبراني".

وأشار بينت إلى أنه في مقابل أعداء إسرائيل وخصوصاً إيران تتبنى الحكومة الإسرائيلية توجهاً يتجنب إحداث دمار، وفي الوقت ذاته تشدد على أن كل من يقوم بعمل معاد لإسرائيل سواء بشكل مباشر أو من خلال وكلاء له ينبغي أن يدفع الثمن.

وتكلم في المؤتمر نفسه رئيس "هيئة السايبر الوطنية الإسرائيلية" غابي بورتنوي، فقال إن الهيئة تصدت منذ بداية السنة الحالية لنحو 1500 محاولة لتنفيذ هجوم سيبراني ضد أهداف إسرائيلية. وأكد أن إيران هي لاعب مركزي في المجال السيبراني إلى جانب حزب الله وحركة "حماس". كما أشار إلى أن هجمات السايبر تنفذها دول إلى جانب مهاجمين آخرين هم عبارة عن مجموعات هجومية وأذرع تابعة إلى دول ومنظمات إجرامية وأشخاص عاديين وجهات أُخرى.

وأضاف بورتنوي أن الهيئة تعكف في الوقت الحالي على إيجاد حلول لمنح حماية شاملة إلى المرافق الاقتصادية، وشدد على أن إسرائيل بحاجة إلى منظومة "قبة حديدية" في مجال السايبر على غرار منظومة "القبة الحديدية" المضادة للصواريخ.

 

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"معاريف"، 28/6/2022
بايدن تبنى مبدئياً تطبيع العلاقات مع العالم العربي والدفع قدماً بتسوية مع الفلسطينيين أيضاً
زلمان شوفال - سفير سابق
  • إن الدافع الأساسي للزيارة المرتقبة للرئيس جو بايدن إلى الشرق الأوسط هو ترميم العلاقات مع السعودية التي تراجعت إلى الصفر بعد مقتل جمال الخاشقجي، وخصوصاً منذ دخول بايدن إلى البيت الأبيض، وذلك كي يضمن تزويد السعودية الغرب بالنفط وخفض أسعاره بهدف لجم صعود التضخم.
  • ونظراً إلى أن العلاقات مع السعودية ومع حاكمها الفعلي محمد بن سلمان لا تزال باردة في نظر قسم كبير من أعضاء الكونغرس من الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء، اقترح الرئيس الأميركي جولته المخطط لها في الأساس كخطوة من أجل إسرائيل، وأعلن أنها ستتضمن "قمة كبيرة لها علاقة بالأمن القومي للإسرائيليين". ورداً على الأسئلة أجاب بأن لديه "خطة تتعلق بموضوعات أكبر بكثير من أسعار الطاقة".
  • وفي محطة انتقالية في إسرائيل سيلتقي بايدن رئيس الحكومة، ويجوز الافتراض أنه سيلتقي أيضاً صديقه بنيامين نتنياهو. وعلى الرغم من أننا لا نعرف ما هي خطة بايدن، فإنه يمكن التقدير أنها تتمحور حول خطوات هدفها توطيد العلاقات مع العالم الإسلامي ومع السعودية بصورة خاصة، وستركز على موضوعات أمنية معينة. وعلى الرغم من أن المصلحة الأساسية للولايات المتحدة حالياً هي في مجال الطاقة، فإن للسعودية والإمارات أهدافاً أكبر وأكثر تعقيداً.
  • تتوقع السعودية والإمارات أن تضع الولايات المتحدة حداً للتوجهات السلبية، في نظرهما، لسياستها في السنوات الأخيرة بشأن موضوعات، مثل النووي الإيراني، والحرب في اليمن، وإرهاب الحوثيين، الذين أزالت الولايات المتحدة تنظيمهم من قائمة التنظيمات الإرهابية. كما تتوقع الدولتان من الولايات المتحدة استئناف تزويدهما بصواريخ دقيقة مضادة للصواريخ. ومن أجل إرضاء الرأي العام الأميركي سيطرح بايدن على بن سلمان موضوع حقوق الإنسان في المملكة، لكن هذا لن يحتل مكاناً مركزياً في المحادثات.
  • على الصعيد الأمني، تأمل الرياض والإمارات أن تنشىء أميركا منظومة دفاع جوي إقليمي، وربما إطاراً دائماً للدفاع عن الشرق الأوسط. ولقد برزت في واشنطن تلميحات إيجابية، لكن من الواضح أن بايدن لا يمكنه أن يتعهد في هذه المرحلة بأي خطة تفصيلية من دون أن تتوضح التفاصيل، سواء من الناحية العملية أو من ناحية التداعيات السياسية والقانونية.
  • وحتى لو اتضح أن هذه التوقعات مبالغ فيها وسابقة لأوانها، فالتلميحات من واشنطن بأنها لن تتخلى عن الشرق الأوسط - وهي تقر بالمخاوف الأمنية لحلفائها - تعتبر تطوراً إيجابياً. بالإضافة إلى ذلك، فإن بايدن، ومن خلال قرار الزيارة بحد ذاته (التي بحسب علمنا كان دنيس روس مشاركاً في تنظيمها)، يعبر عن تحفظة على توجهات اليسار التقدمي - والذي من أبرز الناطقين باسمه، الصحافي والكاتب بيتر باينتر وبن رودس، اللذان كانا مستشارين سابقين للرئيس أوباما وعبرا عن معارضتهما لسلوك أميركا في الشرق الأوسط وتأييدها لحلفائها وبينهم إسرائيل.
  • وفي الموضوع الإيراني تريد السعودية والإمارات أن توضح الولايات المتحدة لطهران أن السباق إلى القنبلة يمكن أن يواجَه بخطة عسكرية أميركية، لكن ثمة شك في أنهما سيحصلان على رد إيجابي. وتشير الأجواء السائدة في الإدارة الأميركية إلى استعداد مبدئي لمساعدة دول المنطقة على الدفاع عن نفسها في مواجهة السياسة الإيرانية، لكن ليس بالضرورة بالحجم الذي تريده هذه الدول. ويدّعي المشككون أن التعهدات الأميركية لدول المنطقة هدفها تهدئة معارضة هذه الدول للاتفاق النووي، الذي لا تزال الولايات المتحدة مصرة على الدفع به قدماً.
  • وتتطابق أغلبية هذه الموضوعات مع المصالح السياسية والأمنية الإسرائيلية، ومن الواضح أيضاً للحاكم السعودي أن التقرب من إسرائيل لا يشكل مكوناً سياسياً مهماً بالنسبة إلى بايدن فحسب، بل إن لإسرائيل مساهمة مهمة في كل ما يتعلق بالاستعدادات الأمنية المخطط لها في المنطقة. عموماً، يطمح محمد بن سلمان إلى أن ترى الولايات المتحدة فيه الزعيم العصري الذي يدفع قدماً بمملكته نحو العصر الحديث.
  • ومن سخرية التاريخ أن "اتفاقات أبراهام" التي حققها ترامب ونتنياهو وتعامل معها بايدن وأنصاره، حينما كانوا في موقع المعارضة، بشيء من التحفظ، تحولت إلى الأساس السياسي الملموس لكل الخطوات التي يجري التخطيط لها. إذ يتبنى بايدن، مبدئياً وليس رسمياً، توجه نتنياهو وترامب بشأن تطبيع العلاقات مع العالم العربي، لكنه يريد أيضاً الدفع قدماً بتسوية مع الفلسطينيين من دون التخلي عن حل الدولتين. لا يمكن أن نتوقع من السعودية، التي هي قلب العالم الإسلامي السني، أن تنضم إلى "اتفاقات أبراهام"، لكن مشاركتها الواقعية مهمة بالقدر عينه. ومن الواضح أنه في الاتصالات التي جرت حتى الآن، وفي حديث بايدن مع بن سلمان، ستضاف موضوعات أُخرى تعبر عن رغبة الرئيس بايدن في "توطيد العلاقات بين إسرائيل والدول العربية".
  • سيلتقي بايدن في جدة زعماء السعودية والإمارات وعُمان والكويت وقطر ومصر والأردن وربما أيضاً زعماء دول عربية أُخرى. ولم تشمل الدعوة إسرائيل ولا العراق الذي أعلن مؤخراً أنه سيحكم بالإعدام على كل من يقيم علاقات مع إسرائيل. وفي موازاة الاجتماع الذي ذكرناه ستُعقد قمة افتراضية بين الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات والهند.
جامعة رايخمان - مركز السياسات والاستراتيجيا، 22/6/2022
العلاقة بين السياسات والاستراتيجيا وبين القدرات العسكرية واستعمالها
عاموس غلعاد - رئيس المعهد - ود. موشيه ألبو - باحث في المعهد
  • أشارت تقديرات أغلبية الخبراء عشية اندلاع الحرب الأوكرانية إلى أن روسيا ستحسم الحرب بسرعة، بسبب موازين القوى المختلة لمصلحة موسكو؛ المعركة في جورجيا (2008)، وضم شبه جزيرة القرم (2014)، والتدخل العسكري الفعال في سورية (2015)، أثبتت مكانة الجيش الروسي وقوته وتفوقه، كما النتائج المتوقعة للحرب بين الدولتين.
  • وعلى الرغم من ذلك، وبعد مرور أكثر من 100 يوم من القتال الدموي، فإن الجيش الروسي لم ينجح في تحقيق أهدافه الاستراتيجية. وبرزت مرة أُخرى، القاعدة الأساسية في الحروب وهي أنه من دون استراتيجيا شاملة تشتق منها خطة عملياتية ملائمة ودقيقة تستند إلى جاهزية عسكرية كافية للقوات، لن يكون من الممكن تحقيق الحسم في ساحة المعركة. فاللقاء بين صورة الجيش الروسي مع أرض الواقع في معارك دامية في أوكرانيا، أضر بقوة الردع الروسية، وزعزع البنية الأمنية التي أراد تحقيقها.
  • دللت الحرب في أوكرانيا على الفجوة الكبيرة التي كانت لدى القيادة الروسية عشية نشوب الحرب بشأن كل ما يخص وضع العدو (كفاءة ودافعية)؛ كفاءة الجيش الروسي، وردة فعل المجتمع الدولي، والأثمان الهائلة التي سيدفعها الاقتصاد الروسي، ومكانة روسيا واستقرارها. فهذه الفجوة بين نظرة مضللة للواقع وبين ساحة المعركة (الواقع ذاته) يمكن أن تتجلى على الصعيد التكتيكي في إنجازات محدودة، أمّا على الصعيد الاستراتيجي، فإن هذا يأخذ صورة فشل سياسي - نظامي له تداعيات بعيدة المدى من شأنها أن تضر بالمصالح الجوهرية للأمن القومي الروسي.
  • إن الحرب الأوكرانية في ذروتها، ومن الصعب تقدير ما سيحصل مستقبلاً في هذه الدراما التي تجري أمام أعيننا، والتي لها تداعيات واسعة ومباشرة على النظام العالمي والأمن الدولي والشرق الأوسطي. وعلى الرغم من ذلك، فإن على الجيش الإسرائيلي منذ الآن أن يستخلص العبر بسبب احتمالات الخروج إلى معركة في قطاع غزة أو لبنان ضد عدو غير متكافىء يعيش في بيئة حضرية - مدنية، ويمتلك أسلحة متطورة وقوية ودقيقة.
  • والعبرة المركزية هي أنه يجب ألاّ تقف القيادتان السياسية والعسكرية جامدتين أمام ما هو قائم، وأن تدرسا بصورة نقدية كل فرضية أساس، وأن تصوغا استراتيجيا ملائمة لقدرات وجاهزية الجيش. فمن شأن وجود فجوة لدى القيادتين السياسية والعسكرية في قراءة الواقع أن يؤدي إلى أثمان عالية جداً. كما يجب أن يكون هناك تنسيق وتبادل دائم بهدف التأكد أن جميع أجزاء المنظومة العسكرية - السياسية تتشارك في الرؤى والفهم عينه في كل ما يخص أهداف المعركة وطريقة العمل ورؤية "اليوم التالي" للمعركة بهدف تحسين الميزان الاستراتيجي الشامل.
  • كذلك تدلل المعركة في أوكرانيا على أهمية التفعيل الملائم للقوة العسكرية والأسلحة والتكنولوجيا المتطورة بهدف ترسيخ التفوق العسكري في أرض المعركة. ومن هنا، فإن ثقافة الاختراعات ليست مسموحة فحسب، بل ضرورية أيضاً، وعلى القيادة العسكرية أن تستثمر في مسارات التعلم والتغير بشكل دائم بهدف الحفاظ على التفوق العسكري.
  • تهدف "رؤية العمل حتى النصر" التابعة للجيش إلى الرد على التحدي الموجه ضد التفوق العسكري. فقد تم صوغ هذه الرؤية عام 2019 بقيادة رئيس هيئة الأركان أفيف كوخافي، بالاستناد إلى الفرضية القائلة إن القوة العسكرية للجيش يجب أن تمر بعمليات تعديل مستمرة وكثيرة في ظل التغيرات التي يمر بها العدو، وتطور ما سُمي بـ"جيوش الإرهاب" التي تستند إلى أسلحة دقيقة. ولم تتطرق هذه الرؤية إلى سؤال "ما الذي سيُحسم؟"، إنما تطرقت بعمق إلى سؤال "كيف سنحسم؟"، الأمر الذي يعني نقاشاً نقدياً يدور حول قدرات الجيش وطرق القتال ذاتها التي عليها أن تعظّم من التفوق النوعي وتعزز من الفعالية العسكرية للجيش.
  • يمكن أن نجد أصداء النقاشات بشأن التغيرات الداخلية في الجيش الإسرائيلي في الكتاب الجديد الذي أصدره الجنرال عيران أورطال، قائد مركز "دادو - للتفكير العسكري المتعدد المجالات (جسم داخل وحدة العمليات في الجيش)، تحت عنوان "الحرب السابقة". ويفصّل الكتاب النقاشات والتخبط والصعوبات الحقيقية المرتبطة بالتغييرات الداخلية في الجيش. أمّا الرسالة الرئيسية فلها علاقة بالتقدير أن الجيش يقف على مفترق طرق، وبالتالي عليه تبني طريقة "التجديد" (تغيير في البنية)، كما تغييرات شاملة بهدف إعادة تكوين ذاته من جديد في المنافسة الاستراتيجية مع الأعداء. وهذا التغيير مرتبط بتغييرات جوهرية على ثلاثة صعد: الرؤية، والتكنولوجيا، والتنظيم. ووظيفتهم استنفاد القوة الكامنة الموجودة، ما يسمح بقفزة عسكرية حقيقية.
  • وتفرض هذه الرؤية عملية تنسيق كاملة للمعركة العسكرية، من خلال إظهار كفاءة قتالية عالية جداً تحقق التفوق النوعي على أرض المعركة المستقبلية. وعلى الرغم من ذلك، فإن الرؤية ستكون عملية فقط في حال عبّرت عن تطور حقيقي في القدرات العسكرية والخطط الحربية، وعن اندماج جميع الوحدات في منظومة واحدة. هناك صعوبة في المنظومات الكبيرة بصورة عامة، والمنظومات العسكرية بصورة خاصة، على صعيد إجراء التغييرات، وكثيراً ما يتم التعامل مع التغييرات البنيوية/التكنولوجية، أو إدخال سلاح جديد وبدون حق، على أنها خطوات تجديد. ودللت الحرب في أوكرانيا على أنه من الأفضل معرفة الفجوات في الكفاءة والقدرة قبل اندلاع الحرب وليس خلالها.
  • كما بيّنت الحرب حاجة الجيش الإسرائيلي إلى ترسيخ التفوق العسكري أمام الأعداء والمنافسين الإقليميين، والحفاظ على حرية العمل خلال المعركة بين الحروب وفي الحرب ذاتها. وفي هذا السياق، فإن إدارة سياسية متزنة تتماشى مع مصالح الأمن القومي في مقابل القوى العظمى لها أهمية استراتيجية على صعيدين؛ فالتفوق العسكري يستند إلى عملية بناء القوة والشراء والحصول على سلاح متطور من الولايات المتحدة من خلال الحفاظ على التفوق النوعي المنصوص عليه في القانون الأميركي، كما أن التنسيق الاستراتيجي مع الولايات المتحدة يعدُّ عاملاً مركزياً في رؤية الأمن القومي الإسرائيلي وقوة الردع، وهو رصيد يجب عدم شرخه أو زعزعته.
  • إلى جانب هذا، فإن عمليات الجيش في الجبهة الشمالية تستوجب وجود آلية تمنع حدوث احتكاك مع الجيش الروسي، إلى جانب الاستثمار في عمليات سياسية وعسكرية يومية بهدف الحفاظ على حرية الحركة والعمليات. وفي هذا السياق، فإن للحديث اليومي المستمر مع الروس أهمية عملياتية في المعركة لمنع تمركز إيران في سورية، ومنع تهريب الأسلحة المتطورة، لكن هذا الحوار يمكن أن يضر بالعلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة في ظل اشتداد المعارك في أوكرانيا. هذا الوضع معقد ويستوجب معرفة وذكاءً استراتيجياً في إدارة الحديث اليومي مع الروس، وفي الوقت ذاته الانتباه كي لا يُلحق الضرر بالعلاقات الحميمة مع الولايات المتحدة.
  • وهنا، من المهم الإشارة أيضاً إلى أن موضوع الشرعية والوعي يبدو كقضية مركزية في أوكرانيا لها تأثيرات على المناعة القومية، وعلى الأثمان التي يجب أن يدفعها الطرف المهاجم للمجتمع الدولي (عقوبات اقتصادية، وإقصاء عن المؤتمرات والنقاشات الدولية، وعزلة دولية). إن صبر المجتمع الدولي على معركة يسقط فيها الكثير من المدنيين الأبرياء، وتلحق ضرراً كبيراً بالبنى التحتية والمنظومات المدنية، تقلص كثيراً بعد الصور التي يجري التقاطها من الحرب في أوكرانيا. على إسرائيل أن تفهم أن ساحة الشرعية والوعي هي ساحة حرب بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، حيث تنشط خلال الحرب قوات سياساتية ومنظمات دولية ومدنية هدفها إلحاق الضرر ونزع الشرعية عن إسرائيل، كما إلحاق الضرر بحرية الحركة العسكرية والتسبب بضرر سياسي طويل الأمد. وعلى إسرائيل أن تستثمر في جهود الشرعية كجهود قومية شاملة تمزج بين القدرات الاستخباراتية والدبلوماسية والسياسية لكبح انجرار الرأي العام الدولي، والذي يمكن أن ينعكس على حرية العمل العسكري، وعلى مكانة إسرائيل الدولية.
  • "البداية للتفكير وبعدها للفعل" - عرّف الجنرال تامير يدعي (قائد سلاح البر)، خلال مؤتمر مركز دراسات السياسات والاستراتيجيا، المهمة المركزية للجيش على أنها الانتصار في حرب قصيرة عبر إظهار تفوق عسكري، ونقل المعركة إلى الطرف الآخر من خلال تحييد تهديد إطلاق النار، وتقليص الضرر الذي سيلحق بقوات الجيش والجبهة الداخلية، إلى جانب تعزيز الردع استناداً إلى قدرات حقيقية وكفاءة مهنية عالية. وعلى الرغم من ذلك، فإنه من دون استراتيجيا شاملة تسعى لتحسين ميزان القوى الاستراتيجي الإسرائيلي، وتقوية قوة الردع، وتعريف "وضع النهاية" على أساس التنسيق الكامل للتوقعات بين المستوى السياسي والعسكري، سيكون حسم المعركة القادمة مكان شك، وستكون الأثمان على الصعيد الاستراتيجي - العملياتي والتكتيكي باهظة جداً.