مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
نفتالي بينت يدافع عن الائتلاف ونتنياهو يتهمه بالدفاع عن منصبه
إيران تتهم إسرائيل بتسميم عالمين إيرانيين
رئيسة المفوضية الأوروبية تزور إسرائيل وتتفاوض معها بشأن استيراد الغاز
أوكرانيا طلبت قرضاً من إسرائيل بقيمة نصف مليار دولار
مقالات وتحليلات
بايدن سيُدرك خلال زيارته أن القيادة الفلسطينية ليست شريكاً حقيقياً
المحاولة الإيرانية لاستهداف إسرائيليين تؤسس جبهة مشتركة بين إسرائيل وتركيا
في النزاع على الغاز ثمة فرصة يمكن استغلالها
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"يديعوت أحرونوت"، 13/6/2022
نفتالي بينت يدافع عن الائتلاف ونتنياهو يتهمه بالدفاع عن منصبه

بعد تعليق عضو الكنيست نير أورباخ من حزب يمينا عضويته في الائتلاف توجه رئيس الحكومة نفتالي بينت بعد ظهر الاثنين إلى الجلسة العامة التي عقدها الكنيست، وتطرق إلى قرار أورباخ قائلاً: "الحكومة ممتازة لكنها تعتمد على ائتلاف ليس بسيطاً ونحن نقاتل من أجلها، وهناك أعضاء في الائتلاف لم يدركوا أهمية المرحلة، ولدينا أسبوع أو أسبوعان لترتيب المسألة". ورأى بينت أن: "الخيار اليوم هو بين الفوضى والاستقرار، وبين الشلل والنمو. فقبل عام حاول زعيم المعارضة تشكيل حكومة أربع مرات وفشل. وكنا على وشك خوض انتخابات خامسة عندما اتخذنا القرار المؤلم بإنقاذ الدولة"، وأضاف: "تتذكرون الفوضى وحارس الأسوار؟ لقد أعطت الحكومة السابقة انطباعاً أنها حكومة ضعيفة، وكانت صلبة مع اليساريين وضعيفة حيال العدو. نحن نفعل العكس: أقوياء تجاه العدو، ونمد يدنا إلى اليسار الصهيوني". وتابع: "كانت دولة إسرائيل تمر في أكثر اللحظات صعوبة في تاريخها. حققنا ارتفاعاً في النمو، وخفضنا حجم البطالة، وأعدنا الذين جعلتهم كورونا عاطلين عن العمل إلى أعمالهم، وخفضنا العجز إلى الصفر - هذه هي المسؤولية".

وقال بينت: "دعونا نتحدث عن الأمن. مَنْ جاء قبلي كان وراء ظاهرة حقائب الدولارات لـʾحماسʿ. نحن أوقفنا ذلك. لم يحظَ أطفال سيدروت بسنة جيدة مثل هذه السنة". وتوجه إلى المعارضة بما يلي: "أنتم اليوم تحرّضون داخلياً بدلاً من محاربة العدو. حبذا لو تقومون بتوجيه هذه الطاقة نحو العدو بدلاً من توجيهها ضدي.... هذه الحكومة ليست حكومة مثالية لكنها حكومة جيدة، ونحن نحرص على الجميع والكل راض". وهاجم بينت نتنياهو قائلاً: "رأيت عضو الكنيست يسرائيل كاتس يصرخ في منصور عباس وقال إن عباس مثل يحيى السنوار. نسي أن بيبي التقى منصور مئة مرة في بلفور. لا أسرار عندي.... لقد اتخذ منصور قراراً استراتيجياً كي يكون زعيماً وكي يكون معنا".

بعد خطاب بينت ألقى رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو خطاباً ادعى فيه أن بينت يدافع عن نفسه وعن منصبه عندما يتباهى بإنجازات حكومته. ولمّح إلى إعلان نير أورباخ تعليق عضويته في الائتلاف بالقول: "في مكتب بينت كما في حزبه كلهم يغادرون، الواحد تلو الآخر".

تجدر الإشارة إلى أن تعليق أورباخ عضويته في الائتلاف جاء احتجاجاً على عدم تصويت أعضاء من راعام (القائمة العربية الموحدة) على اقتراح تمديد قوانين الطوارىء في الضفة الغربية.

 

"يديعوت أحرونوت"، 14/6/2022
إيران تتهم إسرائيل بتسميم عالمين إيرانيين

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أمس (الاثنين) أن الجمهورية الإسلامية تشك في أن إسرائيل هي التي سممت عالمين إيرانيين، هما أيوب انتظاري وكرمان أرمولي. وبالاستناد إلى تقرير يحمل توقيع مراسل الصحيفة رونين برغمان، تتهم إيران إسرائيل بتسميم طعام تناوله العالمان اللذان كانا في سن الشباب، ومرضا بصورة فجائية في نهاية أيار/مايو وفارقا الحياة في ظروف غامضة.

وبحسب تقارير سابقة كان انتظاري عالماً في الطيران والفضاء، ومسؤولاً رفيع المستوى عن مشاريع ضخمة في مركز الأبحاث والتطوير "AIO" في مدينة يزد في وسط إيران. ولقد برزت عليه عوارض التسمم بعد مشاركته في دعوة عشاء في يزد. أمّا مَنْ قام باستضافته فقد اختفت آثاره، وتعمل السلطات المحلية على البحث عنه.

ويندرج موت العالمين في إطار سلسلة اغتيالات وعمليات تخريبية منسوبة إلى إسرائيل تستهدف البرنامج النووي وبرامج أُخرى وقعت داخل الأراضي الإيرانية في السنوات الأخيرة. وأشارت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أنه في حال تبين صحة الشكوك الإيرانية في أن إسرائيل هي وراء موت العالمين، فإن هذا يدل على تصاعد "حرب الظلال" الدائرة بين إيران وإسرائيل.

"معاريف"، 14/6/2022
رئيسة المفوضية الأوروبية تزور إسرائيل وتتفاوض معها بشأن استيراد الغاز

تقوم رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بزيارة لإسرائيل للتفاوض معها بشأن شراء أوروبا للغاز الطبيعي منها. وكتبت وزيرة الطاقة عضو الكنيست كارين إلهارار اليوم على تويتر: "في آذار/مارس الماضي شكلنا طواقم عمل مع الاتحاد الأوروبي للبحث في اتفاق لشراء غاز طبيعي إسرائيلي لأوروبا، وسنواصل العمل لخلق سوق للطاقة موثوقة وفاعلة وتشكل نموذجاً للعالم".

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية في حفل استلامها شهادة دكتوراه فخرية من جامعة بن غوريون: "حان الوقت لوضع تعاوننا في خدمة من يحتاج إليه بعد الحرب في أوكرانيا ومن أجل الدفاع عن المناخ". وأضافت: "لقد استغل الكرملين حاجتنا إلى الوقود كي يبتزنا. منذ بداية الحرب في أوكرانيا أوقفت روسيا عن قصد تزويد بولندا وبلغاريا وفنلندا والشركات الدانماركية والهولندية والسويدية بالغاز رداً على تأييدها لأوكرانيا. لكن قيادة الكرملين تزيد في إصرارنا على التخلص من الاعتماد على الوقود من روسيا". وأشارت فون دير لاين إلى أنه في مجال التعاون في الطاقة مع إسرائيل يوجد مشروعان أساسيان قيد الإعداد، هما: "كابل الطاقة تحت الأرض، الطويل والعميق الذي يربط بين إسرائيل وقبرص واليونان، وأنبوب غاز نظيف وهيدروجين شرقي البحر المتوسط، وهذا استثمار في أمن الطاقة في إسرائيل وأوروبا. كما ستساهم هذه البنية التحتية في تقليص انبعاث الكربون من معامل الطاقة لدينا".

"يسرائيل هَيوم"، 13/6/2022
أوكرانيا طلبت قرضاً من إسرائيل بقيمة نصف مليار دولار

علمت الصحيفة أن أوكرانيا توجهت بطلب إلى إسرائيل للحصول على قرض بقيمة نصف مليار دولار، وأكدت مصادر رسمية الخبر، وقالت إن الطلب قيد البحث. وكان رئيس الحكومة الأوكرانية توجه بالطلب عبر كتاب رسمي أرسله إلى إسرائيل قبل عشرة أيام من أجل مواجهة الانعكاسات الكارثية للحرب على الاقتصاد الأوكراني.

وعلّق الخبير في العلاقات الإسرائيلية - الأوكرانية شمعون بريمان على الخبر بالقول إن عدداً كبيراً من الدول قدم قروضاً إلى أوكرانيا، مثل اليابان التي قدمت قرضاً بقيمة 600 مليون دولار لمدة 30 عاماً وبفائدة 1٪ فقط في السنة، وقدمت لوكسمبورغ قرضاً قيمته 250 مليون يورو، وألمانيا 300 مليون يورو، وكندا 800 مليون دولار.

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"معاريف"، 14/6/2022
بايدن سيُدرك خلال زيارته أن القيادة الفلسطينية ليست شريكاً حقيقياً
زلمان شوفال - سفير سابق
  • في الأيام الأخيرة تحدثت تقارير عن أن السلطة الفلسطينية "بدأت بالضغط الشديد على الإدارة الأميركية بهدف الحصول على بادرة مهمة خلال زيارة الرئيس بايدن"، مع أنه من الصعب رؤية السلطة الفلسطينية "تستخدم الضغط" على الإدارة الأميركية، سواء الضغط الشديد أو الخفيف. وفي هذه الأثناء، تأجلت الزيارة التي يجب أن تشمل السعودية، ومن المحتمل تأجيلها إلى وقت أبعد، سواء بسبب الحكومة التي هي على وشك الانهيار في إسرائيل، أو بسبب معارضة كثيرين من كتلة الديمقراطيين، وخصوصاً الجناح اليساري، تسوية العلاقات مع السعودية. وبسبب أزمة النفط، فإن الزيارة إلى السعودية تعدُّ أحد الأهداف الأساسية لجولة الرئيس، لكن لإسرائيل أيضاً مصلحة بعدم التصعيد بين واشنطن والرياض - سواء من أجل إقامة علاقات مع السعودية على قاعدة ثابتة وأكثر علنية، أو من أجل تعزيز الجبهة الإقليمية ضد إيران، وما ينتج منها عملياً من تعزيز المعارضة في وجه التوجهات المؤيدة للعودة إلى الاتفاق النووي في أميركا.
  • ولن يكون الرئيس الفلسطيني محور الزيارة المتوقعة إذا حدثت، لكن يمكن الافتراض أن الرئيس الأميركي سيرغب في القيام ببادرة معينة إزاء السلطة الفلسطينية من أجل إرضاء الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي، والذي تحول عداؤه لإسرائيل إلى أحد البنود الأساسية في أجندته السياسية. كذلك جرى ذكر موضوعات، مثل زيارة المستشفى العربي في القدس الشرقية، وإعادة فتح مكتب ممثلية منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وقبل كل شيء فتح قنصلية أميركية منفصلة في القدس الشرقية، وهذه خطوة تعني، من الناحيتين العملية والقانونية، إلغاء الاعتراف الأميركي بالقدس الشرقية الموحدة عاصمة لإسرائيل.
  • ولا تملك مجموعة الأحزاب المتنافرة المسماة "حكومة التغيير" عموداً فقرياً سياسياً، ولا قدرة فكرية لمواجهة معظم التحديات التي تواجهها دولة إسرائيل، والتي ستكون من مهمات الحكومة المقبلة، سواء تشكلت من الكنيست الحالي أو بعد الانتخابات. فإسرائيل ليست وحدها، وهذا الأمر تؤكده الأزمة العالمية حول الحرب في أوكرانيا، والمواجهة المتفاقمة بين وجهتي نظر متنافستين بشأن النظام العالمي، والتهديد بحدوث أزمة اقتصادية.
  • لكن فيما يتعلق بالموضوع الفلسطيني الذي له صلة مباشرة بنا، فثمة اضطراب وعدم فهم وغياب خط موجّه، ليس فقط لدى اليسار. ويتجاهل الذين يدّعون في اليسار أن إسرائيل هي المذنبة في مسألة عدم تحقيق السلام، عن قصد أو عن جهل، أن شرط الفلسطينيين الأساسي، سواء المعتدلين منهم مثل أبو مازن أو المتطرفين مثل "حماس"، لأي حل هو حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى إسرائيل، ومعنى ذلك محو دولة إسرائيل. وكل ما تبقى، بما في ذلك حل الدولتين، ليس سوى أدوات موقتة لتحقيق هذا الشرط.
  • علاوة على ذلك، فإن إقامة دولة فلسطينية الآن لا يعني أن هذه الدولة ستكون خاضعة لـ"حماس" أو أطراف متطرفة أُخرى فحسب، بل أيضاً وصول إيران إلى حدودنا الشرقية، وتهديد استمرار وجود الأردن، وموجة لا تتوقف من الحروب. فالذين أداروا المفاوضات في اتفاقات أوسلو تجاهلوا هذه الحقيقة، وجلبوا قيادة منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة ياسر عرفات، ورسخوا بذلك الوحدة الفكرية والعملية بين الشتات الفلسطيني وبين سكان الضفة الغربية وغزة. في المقابل تأمل بعض اليمين الإسرائيلي في أن البناء الهائل في كل الضفة الغربية سيقلب الواقع رأساً على عقب، بينما يوجد على الهامش نوع من حلف غير مكتوب بين عضوي الكنيست عوفر كسيف [القائمة المشتركة] وإيتمار بن غفير [الصهيونية الدينية]، ويسعى الاثنان، كل لأسباب مختلفة تماماً وعلى طريقته، نحو دولة واحدة من البحر إلى نهر الأردن، ومعنى ذلك القضاء بصورة مبرمة على إسرائيل كدولة يهودية.
  • إن جذور النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني أيديولوجية، فهو ليس نزاعاً على الأرض، كما أنه ليس النزاع القومي الوحيد في العالم الذي لم يتم التوصل إلى حل له، لكن هذا لا يعني أنه لا يمكن التوصل إلى ترتيبات جزئية من شأنها أن تخفف حدة العنف وتضمن المصالح الإسرائيلية الأمنية والصهيونية، وفي الآن ذاته تترك مجالاً أوسع للفلسطيني من أجل إدارة شؤونه بنفسه. اليوم لا يوجد في الجانب الفلسطيني شريك جزئي أو غير ذلك، لذا فإن الوضع القائم سيستمر، وهذه هي الرسالة الوحيدة التي يمكن أن يحملها الرئيس بايدن معه، إذا حضر، لدى عودته إلى واشنطن.
"هآرتس"، 14/6/2022
المحاولة الإيرانية لاستهداف إسرائيليين تؤسس جبهة مشتركة بين إسرائيل وتركيا
تسفي برئيل - صحافي ومحلل
  • في أيار/مايو الماضي، وبعد وقت قصير من زيارة وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو "التاريخية" لإسرائيل، نشرت هذه الأخيرة تحذيراً من السفر إلى تركيا، الأمر الذي فاجأ وزارة الخارجية التركية وأثار غضبها؛ "لماذا يجب نشر هذا التحذير علانية؟ إذ كان يمكن العمل من وراء الكواليس ضد هذه التهديدات، وهذا ما جرى في وقت سابق بين الاستخبارات التابعة لنا واستخباراتهم، ونستمر في التعاون الاستخباراتي الآن أيضاً، بحسب قول أحد المسؤولين الأتراك الكبار لصحيفة "هآرتس".
  • في أنقرة، هناك من يعتقد أن الهدف من التحذير هو رغبة إسرائيل في إلحاق الضرر بالسياحة في تركيا، وبالتالي مفاقمة الأزمة الاقتصادية التي تعاني جراءها البلاد أصلاً. ولتهدئة الأوضاع، كان هناك حاجة إلى إجراء عدة مكالمات بين وزارتي الخارجيتين الإسرائيلية والتركية، وبين الموساد ونظيره التركي الذي يترأسه حقان فيدان، والذي حافظ على علاقات عمل مع إسرائيل حتى عندما كان هناك قطيعة بين الدولتين. ولدى نشر التحذير هذا الأسبوع، بالإضافة إلى دعوة مواطني إسرائيل الموجودين في تركيا إلى العودة إلى بلدهم، كان الأتراك جاهزين. وبحسب مصادر إعلامية، فإن المعلومات التي مررها الموساد لتركيا أدت إلى كشف خلية خططت لتنفيذ عمليات قتل ضد إسرائيليين في تركيا، انتقاماً لعمليات اغتيال علماء ورجال من الحرس الثوري الإيراني تُتَّهم إسرائيل بتنفيذها.
  • وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها التعاون بين أذرع الاستخبارات في كلا البلدين، إذ أدى التعاون بينهما إلى منع وإحباط أعمال "إرهابية" إيرانية داخل حدود تركيا. ففي فبراير/شباط الماضي، تم إحباط محاولة لاغتيال رجل الأعمال الإسرائيلي - التركي يائير غلر، وبعد ذلك بوقت قصير تم اعتقال خلية تضم عملاء إيرانيين ومواطنين أتراك في تركيا كانت تخطط لعمليات أُخرى.
  • ولا ينحصر نشاط العملاء الإيرانيين في تركيا بالأهداف الإسرائيلية فقط، فقد تم اعتقال زعيم عصابة إيرانية، خلال العام المنصرم، كانت تنشط في مجال تهريب المخدرات، ومعه 11 آخرين، بعضهم له علاقة بالاستخبارات الإيرانية، وكان يُشتبه بهم بجمع معلومات والتخطيط لاغتيال معارضين إيرانيين يسكنون في تركيا. فتشغيل عصابات إجرام إيرانية - تركية لأهداف استخباراتية هي طريقة عمل معروفة للاستخبارات التركية، وقد أدت ملاحقة هذه العصابات، خلال العام الماضي، إلى اعتقال المواطن الإيراني محمود رضا زادة، المشتبه به باغتيال المعارض الإيراني مسعود مولاوي في عام 2019، وبالتخطيط لاغتياله أيضاً. وبعدها بثلاثة أشهر تم اعتقال ثمانية أشخاص، بينهم عملاء إيرانيون، مشتبهاً بهم بمحاولة خطف وتهريب جندي إيراني سابق هرب إلى تركيا. وتستعمل إيران عصابات الإجرام بهدف إنكار أي علاقة لها بما تقوم به هذه العصابات، كما أن تركيا تعتبر أن ما تقوم به العصابات، بشكل علني على الأقل، عبارة عن أعمال إجرامية "عادية"، وبالتالي لا تجد نفسها مرغمة على اتخاذ خطوات دبلوماسية حادة ضد إيران.
  • لطالما كانت أهداف إيران في تركيا محصورة بالمواطنين الإيرانيين الهاربين إليها خوفاً من بطش النظام، أو رجال المعارضة الناشطين، ولطالما اكتفت أنقرة بالحل من خلال القنوات الاستخباراتية والدبلوماسية السرية. لكن حين تتحول تركيا إلى ساحة النشاط الإيراني ضد إسرائيل، فعلى أنقرة أن تقوم بخطوات علنية وجادة، وخصوصاً أن هذا النشاط يضر بالسيادة التركية، بالإضافة إلى أنها تضر بجهود تركيا لترميم العلاقات مع إسرائيل، وبذلك تقوم بسكب الزيت على نار التوتر القائمة أصلاً بين تركيا وإيران.
  • وقد وصل هذا التوتر إلى ذروته في الآونة الأخيرة بسبب نية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المعلنة بالخروج في حملة عسكرية إضافية – الرابعة - داخل حدود سورية، بهدف تحقيق مراده بخلق "منطقة عازلة" على طول الحدود التركية – السورية، وذلك من خلال احتلال أراض تقع على مسافة نحو 30 كيلومتراً من الحدود، وتهجير القوات الكردية السورية الموجودة هناك، والتي تعتبرها تركيا "منظمات إرهابية". وهذه الخطة التي يسوقها أردوغان في كل فرصة ممكنة أدت إلى قيام حلف معارضة تشارك فيه كل من الولايات المتحدة وإيران.
  • لقد أوضحت الولايات المتحدة، التي لا تزال ترى في الأكراد حلفاء مخلصين (وهم يتمتعون بمساعدات اقتصادية وعسكرية)، لأردوغان أنها تعارض الحملة العسكرية التي ستضر بهم. كما تتخوف إيران من اجتياح تركيا للأراضي الملاصقة لحلب، وبالتالي تدفع بالميليشيات الداعمة لإيران هناك، والتي تسيطر على ريف المدينة، وخصوصاً القريتين الشيعيتين الزهراء ونبل. وفي الآونة الأخيرة قامت إيران بتقوية منظومة الميليشيات التابعة لها في المنطقة كرسالة إلى تركيا مفادها أنها لن تمتنع عن الاشتباك مع القوات التركية في حال اقتراب الثانية من مناطق النفوذ الإيراني. وبحسب مصادر إعلامية تركية، فإن النزاع المسلح في سورية هو سيناريو ممكن وواقعي، ومع ذلك يجب التعامل مع هذه التقارير بعين الشك، ذلك بأن من مصلحة النظام التركي، الذي يسيطر على معظم الوسائل الإعلامية في الدولة، أن يمرر رسائل تهديد بهدف ردع إيران.
  • وإلى جانب التوترات بين إيران وتركيا داخل حدود سورية هناك أيضاً شكوك إيران الثابتة في أن لدى تركيا خططاً في جنوب القوقاز وأذربيجان بصورة خاصة. فإيران كزت على أسنانها مع تحول إسرائيل وتركيا إلى حليفتين في الحرب الأخيرة بين أذربيجان وأرمينيا التي تدور حول السيطرة على إقليم ناغورني - كاراباخ، الأمر الذي أدى، بحسب ادعاء إيران، إلى انتصار أذربيجان في الحرب. وترى تركيا في دول القوقاز منطقة نفوذ طبيعية تابعة لها، بسبب القرب الثقافي والتاريخي. من جانبها، تتخوف إيران من تحول هذه الدول إلى قاعدة هجوم إسرائيلي - أميركي عليها، بمساعدة تركية، ويتعاظم هذا الخوف مع مشاهد التقارب وتجديد العلاقات بين إسرائيل وتركيا، مع الأخذ بعين الاعتبار دخول تركيا مجدداً إلى قلب الشرق الأوسط العربي بفضل علاقاتها الوطيدة مع الإمارات والسعودية.
  • إن منظومة العلاقات التركية الجديدة مع دول المنطقة وإسرائيل، والعلاقات التركية – الإيرانية المتوترة، تجعل من تركيا ذراعاً ضرورية في معركة إسرائيل ضد النشاطات "الإرهابية" الإيرانية. ولا يتم الحديث هنا عن علاقات ثنائية بحيث يعني الحلف مع إسرائيل قطع العلاقات التركية- الإيرانية.
  • لا تزال تركيا ترى في إيران شريكة اقتصادية مهمة ومركب مركزي في علاقاتها الخارجية التي تحاول من خلالها بناء منظومة علاقات وطيدة مع كل دول المنطقة. لكن حين تحاول الولايات المتحدة بناء حلف دفاعي إقليمي ضد إيران - ويوضح الرئيس بايدن، الذي من المتوقع أن يزور المنطقة خلال الشهر المقبل، أن أحد أسـباب زيارته المركزية هو أمن إسرائيل - فإن أنقرة لا تريد البقاء خارج هذا الحلف وتتوقع من إسرائيل أن تقوم بدورها من أجل دمج تركيا فيه، ومن هنا أيضاً ترميم العلاقات مع واشنطن.

 

"يديعوت أحرونوت"، 13/6/2022
في النزاع على الغاز ثمة فرصة يمكن استغلالها
. بني سبانير - أستاذ مشارك في مركز أبحاث السياسة والاستراتيجيا البحرية في جامعة حيفا - والبروفسور شاوول حوريف، رئيس المركز
  • خلال الأسبوع الماضي وضعت شركة إنيرجيان منصة لاستخراج الغاز فوق حقل كاريش، الذي يقع على بعد 80 كيلومتراً شمال غربي حيفا، وأعلنت البدء باستخراج الغاز خلال الربع الثالث من هذا العام. ورداً على ذلك، أعلن الرئيس اللبناني ورئيس الحكومة اللبنانية أن إسرائيل تخرق السيادة اللبنانية في منطقة المياه الاقتصادية الخالصة، الأمر الذي يشكل استفزازاً وعدواناً. وعبّر الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله عن غضبه، مشدداً على أن من حق لبنان منع استخراج الغاز من الحقل، وأن حزبه سيفعل ذلك إذا ما طلب منه ذلك رئيس الجمهورية.
  • من جهتها، أوضحت إسرائيل أن المقصود رصيد استراتيجي الهدف منه الاستفادة من الموارد الطبيعية في مياهها الاقتصادية الخالصة، ولا تعترف إسرائيل بالحجج اللبنانية بشأن حق لبنان في المنطقة وفي الحقل. وهذا الموقف ذكرته في تشرين الأول/أكتوبر 2020 في نهاية المحادثات الفاشلة بين الدولتين بشأن ترسيم الحدود البحرية بينهما، وبسبب مطالب لبنان الجديدة والمبالغ فيها.
  • هذه المواقف العالية اللهجة الصادرة عن لبنان وإسرائيل لا تبشر بالخير، ويبدو أنها ستقود إلى حائط مسدود. نحن في مركز أبحاث السياسة والاستراتيجيا البحرية في حيفا نريد أن نقترح خطة محتملة لحل مشكلة حقل كاريش الذي تشغّله إسرائيل، إذ يقدم اقتراحنا حلاً للخلاف الطويل منذ سنوات بشأن ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل. وتشمل الخطة البعيدة الأمد أربع مراحل، ويمكن أن يتم العمل بها فوراً بوساطة أميركية مقبولة من الطرفين.
  • في المرحلة الأولى: تعلن إسرائيل استعدادها لنقل كمية من غاز حقل كاريش إلى لبنان، بصورة أحادية الجانب ومن دون مقابل فوري. ولا يشكل هذا النقل اعترافاً بالسيادة اللبنانية على الأرض، أو بحقوق لبنان في الحقل. ففي بداية السنة، وافقت إسرائيل على اتفاق لبيع الغاز إلى لبنان يساهم في تقليص أزمة الطاقة في البلد، وبحسب ما نُشر تصدّر إسرائيل كميات من الغاز إلى الأردن (ومصر)، ومنه يتدفق الغاز من خلال أنبوب إلى لبنان عبر سورية، أي أن آلية نقل الغاز من إسرائيل إلى الدول العربية، ولا سيما لبنان، موجودة.
  • علاوة على ذلك، جرى هذا الترتيب بموافقة الولايات المتحدة وروسيا، وتم التوصل إليه بوساطة من الموفد الأميركي الخاص لشؤون الطاقة عاموس هوكشتاين. أمّا الأمر الجديد الوحيد الذي نقترحه فهو أن جزءاً من الغاز الذي سيُنقل سيكون من حقل كاريش، وسيمر عبر الطريق عينه الذي يجري فيه نقل الغاز اليوم من حقل لفيتان.
  • المرحلة الثانية: يتعهد لبنان بالعودة فوراً إلى المفاوضات مع إسرائيل لترسيم الحدود البحرية. ويعود الطرفان إلى المخطط الذي كان متفقاً عليه في الناقورة في سنة 2020، أي تقسيم المنطقة المختلف عليها 860 كيلومتراً مربعاً بنسبة 52٪ للبنان والباقي لإسرائيل. ويوافق الطرفان على ترسيم الحدود البحرية بينهما من خط الشاطىء حتى الحدود مع قبرص. وسيكون خط الحدود البحرية بين الطرفين نهائياً، ويودع لدى الأمم المتحدة كما هو متعارف عليه.
  • المرحلة الثالثة: وفي إطار المفاوضات يتوصل الطرفان إلى حل فيما يتعلق بحقل الغاز الموجود بالقرب منطقة الخلاف وشماله والمعروف بالبلوك 9. وتدل الفحوصات التي جرت على أن ثمة فرصاً جيدة للعثور على غاز ووقود في الحقل. وبحسب تقارير متعددة، فإن الوسيط هوكشتاين الذي وصل هذا الأسبوع إلى لبنان لإجراء جولة إضافية من المحادثات في المنطقة رسم مع الطرفين مخططاً عاماً متفقاً عليه يتضمن الكيفية التي سيجري من خلالها تطوير الحقل، ومَنْ هي الجهة التي ستطوره، وحجم استثمارات الطرفين، وتوزيع الأرباح. وهناك العديد من التجارب العالمية في مجال التعاون في الحقول العابرة للحدود، والتي تدل على إمكان قيام مثل هذا التعاون بسهولة.
  • المرحلة الرابعة: بعد أن يبدأ الحقل بالعمل وبإدخال الأرباح للطرفين، يعيد لبنان إلى إسرائيل كمية من الغاز تساوي الكمية التي أعطتها له من كاريش في بداية هذه العملية. ويقرر الطرفان بينهما إعادة الكمية كاملة أو جزء منها.
  • نعلم بأن ما يجري الحديث عنه هو اقتراح مبتكر يمكن أن يشكل تحدياً للطرفين: فلن يحصل اللبنانيون على طلبهم بشأن كل ما له علاقة بالسيادة والسيطرة على حقل كاريش، ويمكن أن تظهر إسرائيل كأنها خضعت للضغط اللبناني واضطرت إلى نقل غاز من احتياطات الدولة إلى بلد هو في حالة حرب مع إسرائيل ويسيطر عليه حزب الله.
  • لكن كل الأطراف تدرك أن الوضع يتفاقم سوءاً في الأيام الأخيرة، وأي حلول أُخرى "حصيلتها صفر". فليس المقصود نزاعاً عادياً على الحدود، بل هو تهديد استراتيجي لرصيد إسرائيلي ولتوازن الرعب الموجود هنا، إذ تحمل منصة كاريش معها تحدياً وفرصة تسمح بحل أفضل للمنطقة كلها. ومع الاستمرار في إصدار حقوق الامتياز وتحصين منصات الحقل بواسطة سلاح البحر، نؤمن بأن الخطة التي اقترحناها تتيح حلاً للنزاع بوسائل سلمية.