مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
بينت ولبيد يدعوان إلى حل الكنيست والذهاب إلى انتخابات مبكرة
هوروفيتس ينفي أن يكون لميرتس دور في تفكيك الحكومة
سفير الولايات المتحدة في إسرائيل: زيارة بايدن لا تزال قائمة وهو يتفهم الحساسيات
بعد إعلان حل الكنيست: من هي الأحزاب التي ازدادت قوة ومن التي لن تتجاوز نسبة الحسم
غانتس: منظومة الدفاع الإقليمية أحبطت محاولات إيرانية لضرب إسرائيل ودول أُخرى
مقالات وتحليلات
خطوة رائعة من بينت ولبيد
"السقف الزجاجي" الإسرائيلي في المعركة ضد إيران
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"يديعوت أحرونوت"، 21/6/2022
بينت ولبيد يدعوان إلى حل الكنيست والذهاب إلى انتخابات مبكرة

دعا رئيس الحكومة نفتالي بينت ورئيس الحكومة المناوب يائير لبيد مساء أمس (الاثنين) إلى حل الكنيست وتقديم موعد الانتخابات. وجاء في بيان مشترك صدر عنهما أن المناوبة بينهما ستجري بعد الموافقة على اقتراح قانون حل الكنيست الأسبوع المقبل، ومعنى ذلك أن لبيد سيصبح رئيساً للحكومة الانتقالية.

حتى الآن ليس واضحاً متى سيكون موعد الانتخابات، وهي الانتخابات الخامسة في فترة لا تزيد على ثلاث سنوات ونصف السنة، وهناك موعدان مفترضان لإجرائها: 25 تشرين الأول/أكتوبر والأول من تشرين الثاني/نوفمبر. وبحسب البيان المشترك اتُخذ القرار بعد أن استُنفدت كل المحاولات للمحافظة على استقرار الائتلاف، وبعد أكثر من شهرين من بدء الاضطرابات في إثر إعلان رئيسة الائتلاف من حزب يمينا عيديت سيلمان استقالتها في نيسان/أبريل الماضي.

وعلى الرغم من البيان المشترك لبينت ولبيد، فإن القرار اتخذه بينت وحده، إذ فهم في الأيام الأخيرة أنه لا يوجد وسيلة لتمديد العمل بقوانين الطوارىء في الضفة الغربية باستثناء حل الكنيست، وتخوف من الفوضى في حال انتهى العمل بقوانين الطوارىء نهاية الشهر، إذ يصبح من الصعب تطبيق القانون الإسرائيلي على المستوطنات.

وكان بينت دعا بعد ظهر أمس رؤساء أحزاب الائتلاف لبيد وغانتس وميراف ميخائيلي [حزب العمل] ونيتسان هوروفيتس [زعيم ميرتس] ومنصور عباس إلى الاجتماع. ولم يشارك في هذا الاجتماع رئيس حزب إسرائيل بيتنا أفيغدور ليبرمان ورئيس حزب أمل جديد جدعون ساعر.

وقال بينت في بيانه المشترك مع لبيد: "هذه لحظة ليست سهلة لكنني مقتنع بأننا اتخذنا القرار الصحيح بالنسبة إلى إسرائيل". وهاجم المعارضة قائلاً: "لقد حولوا قدس الأقداس في إسرائيل إلى أدوات في لعبة سياسية"، وأضاف: "لم أقبل في أي مرحلة من مراحل ولايتي أن يؤثر الاعتبار السياسي بأي طريقة من الطرق في أمن إسرائيل".

وعلّق رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو على القرار ("هآرتس"، 22/6/2022) بالقول: "هذا المساء حمل بشرى كبيرة إلى ملايين المواطنين الإسرائيليين. بعد صراع شرس خاضته المعارضة في الكنيست ومعاناة الجمهور في إسرائيل من الواضح للجميع أن أكثر الحكومات فشلاً في تاريخ الدولة قد وصلت إلى نهايتها. هذه الحكومة كانت تعتمد على مؤيدي الإرهاب، وتخلت عن الأمن الشخصي للمواطن الإسرائيلي، ورفعت كلفة الحياة اليومية إلى مستويات لم نعرفها، وفرضت ضرائب لا ضرورة لها، وعرضت للخطر الطابع اليهودي للدولة". وتابع: "زملائي وأنا سنشكل حكومة وطنية واسعة النطاق بزعامة الليكود، حكومة تحرص عليكم وعلى كل مواطن إسرائيلي، وتقود إسرائيل نحو تحقيق إنجازات كبيرة، بينها توسيع دائرة السلام الذي حققناه، وقبل كل شيء استرجاع الكرامة الوطنية للمواطن الإسرائيلي كي يسير في الشارع مرفوع الرأس".

واتهم رئيس حزب إسرائيل بيتنا ووزير المال أفيغدور ليبرمان زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو بأنه سبب هذه المأساة السياسية، وأنه هو الذي دفع نحو الانتخابات، وقال: "هذه نتيجة مكائد وأكاذيب ومؤامرات شخص واحد اسمه بنيامين نتنياهو"، وأضاف: "الخطة المتعددة السنوات للميزانية الأمنية توقفت مجدداً، وفي تقديري منذ أكثر من خمس سنوات المؤسسة الأمنية تعمل من دونها". ورأى ليبرمان أن قانون انتخابات الكنيست يجب أن يتغير لأن "الأحزاب الصغيرة والهامشية تعرف كيف تبتز الأحزاب الكبيرة وتعطل أي مبادرة تضمن الاستقرار السياسي". وأوضح ليبرمان أن هدف حزبه في الانتخابات المقبلة واضح وهو منع عودة نتنياهو إلى الحكم، وقال إن الائتلاف سيطرح بالإضافة إلى اقتراح قانون حل الكنيست قانوناً يمنع متهماً بجرائم جنائية تشكيل حكومة.

"هآرتس"، 21/6/2022
هوروفيتس ينفي أن يكون لميرتس دور في تفكيك الحكومة

نفى رئيس حركة ميرتس نيتسان هوروفيتس هذا الصباح أن يكون للحركة دور في تفكيك الحكومة وفي قرار بينت حل الكنيست، واتهم بذلك أعضاء الكنيست من حزب يمينا. وفي مقابلة أجرتها معه إذاعة الجيش الإسرائيلي قال هوروفيتس: "ميرتس ليست المسؤولة عن تفكيك الحكومة، فمَنْ دفع في هذا الاتجاه في الأيام الأخيرة أعضاء في الكنيست من حزب يمينا لم يتحملوا مشاركتنا ومشاركة العرب في الحكومة". وأضاف: "ليس هناك عضو واحد من ميرتس، بمن فيهم غيدا ريناوي– زعبي، هدد بتفكيك الحكومة أو بالتصويت مع حل الكنيست".

من جهة أُخرى، صرّح منصور عباس هذا الصباح في مقابلة أجراها معه راديو شمس أن تأثير كتلته في اتخاذ القرارات كان كبيراً وغير مسبوق في الساحة السياسية الإسرائيلية. وقال "الانتخابات المقبلة هي تحد واضح للجمهور العربي، وأيضاَ بالنسبة إلى راعام، وبالنسبة إلي شخصياً. سأناضل من أجل دفع الجمهور العربي إلى المشاركة في الاقتراع كي يتبنى الأجندة التي اقترحناها". ولم يستبعد منصور إمكان المشاركة في حكومة برئاسة بنيامين نتنياهو، لكنه أوضح أن راعام لا يمكن أن تكون جزءاً من ائتلاف يشارك فيه إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش من حزب الصهيونية الدينية اللذان في رأيه "يتبنيان وجهة نظر عنصرية فاشية، ولن نشارك معهما في أي حكومة أو ائتلاف".

"يديعوت أحرونوت"، 20/6/2022
سفير الولايات المتحدة في إسرائيل: زيارة بايدن لا تزال قائمة وهو يتفهم الحساسيات

قال سفير الولايات المتحدة في إسرائيل طوم نيدس في حديث مع الصحيفة تعليقاً على قرار حل الكنيست وتقديم موعد الانتخابات إن زيارة الرئيس بايدن إلى إسرائيل الشهر المقبل ستجري كما هو مخطط لها. وأضاف: "هذه ستكون الزيارة العاشرة لبايدن إلى إسرائيل، وهو يحب البلد ويتفهم جيداً الحساسيات". وفيما يتعلق بالانتخابات المقبلة في إسرائيل قال نيدس: "إسرائيل هي شريكة استراتيجية ودولة ديمقراطية. نحن نحترم الخطوات الديمقراطية في إسرائيل. وشراكتنا الاستراتيجية تتخطى الحكومات والرئيس سيأتي الشهر المقبل".

ومن المنتظر أن تبدأ جولة بايدن إلى الشرق الأوسط مساء الأربعاء في 13 تموز/ يوليو حيث من المتوقع أن يقضي في إسرائيل نحو 40 ساعة. وسيزور بايدن لاحقاً الضفة الغربية وسيلتقي في بيت لحم محمود عباس. وبحسب بيان صادر عن البيت الأبيض فإن الرئيس الأميركي سيعبّر عن تأييده القوي لحل الدولتين، وسيبحث مع كل الأطراف في سبل إيجاد أفق سياسي يؤمن الحرية والأمن والازدهار والاحترام للإسرائيليين والفلسطينيين. ومن المنتظر أن ينتقل بايدن من مطار بن غوريون إلى جدة في زيارة تستمر يومين يلتقي خلالها العاهل السعودي الملك سلمان وولي العهد محمد بن سلمان.

 

"معاريف"، 21/6/2022
بعد إعلان حل الكنيست: من هي الأحزاب التي ازدادت قوة ومن التي لن تتجاوز نسبة الحسم

توقع استطلاع للرأي أجرته هذا الصباح قناة FM-103 عدم تمكن أي من الكتل من الحصول على الأغلبية التي تمكنها من تشكيل حكومة. وأظهرت نتائج الاستطلاع أن الليكود سيحصل على 36 مقعداً، يأتي بعده حزب يوجد مستقبل برئاسة يائير لبيد مع 20 مقعداً. وبين الأحزاب التي ستشهد صعوداً حزب الصهيونية الدينية لبتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، والذي يمكن أن يحصد 10 مقاعد. أمّا حزب أزرق أبيض فسيحصل على 8 مقاعد، وشاس ويهودت هتوراه سيتراجع تمثيلهما ليحصلا على 7 أو 6 مقاعد، وستخسر القائمة المشتركة مقعداً ويتراجع تمثيلها إلى 5 مقاعد. أمّا حزب يمينا فسيحصل على 7 مقاعد، بينما ستحصل كل من القائمة العربية الموحدة وحزب أمل جديد على 4 مقاعد. وحتى الآن لا تزال حركة ميرتس دون نسبة الحسم، وسيحصل تكتل نتنياهو على 59 مقعداً، بينما سيحصل تكتل بينت - لبيد على 55 مقعداً.

"يديعوت أحرونوت"، 20/6/2022
غانتس: منظومة الدفاع الإقليمية أحبطت محاولات إيرانية لضرب إسرائيل ودول أُخرى

قال وزير الدفاع بني غانتس صباح الاثنين أمام لجنة الخارجية والأمن إن إسرائيل والولايات المتحدة ودولاً أُخرى في الشرق الأوسط بصدد بناء منظومة جوية إقليمية تحمل اسم "Middle East Air Defense" هدفها التصدي للمحاولات الإيرانية للاعتداء على الدول الأعضاء بواسطة صواريخ ومسيرات وصواريخ باتريوت. وأضاف: "هذا المشروع هو قيد الاستخدام ونجح في إحباط محاولات إيرانية لتحدي إسرائيل ودول أُخرى في منطقة الشرق الأوسط"، وأشار غانتس إلى أن المشروع يقوده مع نظرائه في وزارة الدفاع الأميركية. وأعرب عن أمله بأن تؤدي زيارة الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط في تموز/يوليو المقبل إلى إحراز تقدم في بناء هذه المنظومة. وقال غانتس إن "عدم تعاون إيران يثبت أنها ليست شريكاً، ومن أجل التوصل إلى اتفاق نووي يبعد إيران عن تحقيق تطلعاتها يتعين على العالم كله بقيادة صديقتنا الولايات المتحدة استخدام قوة سياسية واقتصادية وأيضاً عسكرية".

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"هآرتس"، 21/6/2022
خطوة رائعة من بينت ولبيد
أوري مسغاف - محلل سياسي
  • قال منصور عباس [زعيم راعام] في مؤتمر "هآرتس" الأسبوع الماضي: "من المحتمل أن يضطر هذا الائتلاف في مرحلة معينة إلى أن يقرر الذهاب إلى انتخابات، عندها سنحاول العودة إلى النقطة عينها". يا له من زعيم، فمن الأفضل الموت واقفاً على قدميك على العيش راكعاً. لذا فإن خطوة نفتالي بينت ويائير لبيد حل الكنيست هي خطوة رائعة، لأنه لم يعد من الممكن الاستمرار على هذا الشكل، والأكيد لم يكن مجدياً الاستمرار. ولا يقتصر الأمر على استعادة زمام الأمور من يدي نير أورباخ [من حزب يمينا الذي جمد عضويته احتجاجاً على عدم التصويت على تمديد قوانين الطوارىء]، وغيدا ريناوي - زعبي [من حركة ميرتس التي صوتت ضد التمديد بخلاف قرار الكتلة] وميخائيل بيطون [من حزب أزرق- أبيض]. لقد انتهى مجد هؤلاء وغيرهم من اللحظة التي بادر فيها رئيس الحكومة الحالي ورئيس الحكومة المناوب بنفسيهما إلى تقديم الانتخابات، فلا أحد سيهتم بعد اليوم بالتخبط النفسي لغيدا ريناوي - زعبي بشأن قوانين الطوارىء، وللجروح النفسية لميخائيل بيطون بسبب أسعار الباصات، ولمعاناة أورباخ في الكنيست.
  • وهذا لا يعني فقط نقل الثقل والضغط والصداع إلى أعضاء الكنيست من المعارضة - بدءاً من أبطال القائمة المشتركة الذين يشرحون من على صفحات "هآرتس" في كل ثانية ودقيقة أهمية إسقاط هذه الحكومة السيئة، مروراً بأنصار حزب شاس ويهدوت هتوراه الذين ينظرون بهلع إلى الصعود الكبير في استطلاعات الرأي لبن غفير والكهانيين وسموتريتش والحردلين [المستوطنون من الحريديم] (انظروا إلى الهجوم المنظم للحاخام الرئيسي يتسحاق يوسف واتهامه بن غفير بـ"الكفر"، أي بسرقة الأصوات)، وصولاً إلى عدد غير قليل من أعضاء الكنيست من الليكود الذين يتطلعون إلى مقاعد الكنيست المقبل، ويكافحون من أجل الدخول إلى استوديوهات البث المباشر لقناة الكنيست يومياً للدعوة إلى اسقاط الحكومة.
  • فمن شأن حل الكنيست وتقديم موعد الانتخابات، إذا حدثا، أن يسمحا للمعسكر البهلواني "فقط لا لبيبي" أن ينظم نفسه من جديد على حساب إطفاء الحرائق التي لا نهاية لها، والمعاناة المستمرة، والشعور بالذنب الذي يعتري كل أجزائه تقريباً: في اليسار بسبب الإحساس الدائم بالذنب والطهارة الخبيثة، وفي اليمين بسبب الهمس عنهم في المستوطنات بأنهم باعوا الدولة لليساريين والعلمانيين والعرب.
  • ما سيحدث الآن بالنسبة إلى هذا المعسكر هو سلسلة خطوات مرحب بها: لبيد من الوسط - اليسار سيعيَّن رئيسا للحكومة الانتقالية، وهذا المنصب في إسرائيل المجنونة ليس قصير الأجل. وسيعترف الجميع ببينت كرجل محترم يفضل حد السيف واحترام الاتفاقات، وفي إمكان أييليت شاكيد أن تقرر ما الذي يناسبها أكثر بصفتها "محافظة - علمانية – من تل أبيب". كما يمكن لليمين الرسمي المؤلف من بينت وساعر وهندل وهاوزر أن يتوحد في حزب واحد، وأن ينفصل عن كل المنشقين الحاليين والمحتملين الذين لا نهاية لهم في القوائم الحالية. وسيكون على حزب العمل التوحد مع حركة ميرتس، وحتى غانتس وبيطون عليهما أن يحسما أمرهما.
  • في إسرائيل المشرذمة والمتعارضة، ومع غلاء معيشة مجنون وخطر تصعيد أمني دائم، ليس هناك يقين على الإطلاق. فانتخابات جديدة بعد ولاية حكومية لمدة سنة هي كارثة واضحة من ناحية الاستقرار الديمقراطي، لكن إذا حدثت الانتخابات فعلاً سيكون من المهم أن نعرف ما إذا كان في النهاية منصور عباس، الشخص الطيب والحكيم، على حق مرة أُخرى.

 

"N12"، 20/6/2022
"السقف الزجاجي" الإسرائيلي في المعركة ضد إيران
عاموس غلعاد - باحث وجنرال بالاحتياط - ود. ميخائيل ميلشتاين - باحث
  • ارتفعت درجة التوتر الأساسي، ووتيرة المناوشات خلال الأسابيع الأخيرة بين إسرائيل وإيران، والقائمة منذ أعوام في الإقليم. ويدور الحديث عن معركة متعددة الجبهات في الوقت نفسه (بشكل خاص إيران وسورية وتركيا)، وعلى عدة مستويات عملياتية؛ إحباط عمليات ومهاجمة أهداف عسكرية بالإضافة إلى المعارك في المجال السيبراني وعلى مستوى الوعي.
  • ويزيد من حدة التوتر الشجاعة الإيرانية المتزايدة بسبب تقديرات طهران أن الولايات المتحدة تعيش حالة ضعف عميقة ومشغولة بالحرب في أوكرانيا، يقابلها ردات الفعل الحادة من جانب إسرائيل التي ترد على كل تهديد من طرف إيران، وخصوصاً في كل ما له علاقة بتسريع بناء قوة حزب الله والدفع قدماً بـ"الإرهاب" في أكثر من جبهة إقليمية ودولية.
  • ومن شأن هذه الديناميكية في حال استمرت أن تتطور في المنظور القريب إلى مواجهة متصاعدة بين القدس وطهران يمكن أن تتجلى في خطوات إيرانية حادة تتمثل في استهداف إسرائيليين بمناصب رفيعة، أو في جهود لإطلاق مسيرات، أو في قذائف تجاه إسرائيل.
  • في أعقاب ضرب مطار دمشق قبل حوالي أسبوع، والذي وُصف بأنه محاولة لزرع الفرقة بين الأسد والإيرانيين، اندلع نقاش واسع في إسرائيل بشأن الطريقة الأمثل لطرد إيران من سورية، أو على الأقل كبح تأثيرها في الدولة. لكن عدم الاستقرار الأساسي الذي يميز حياتنا في إسرائيل، يجعل من الصعب تشخيص ظواهر استراتيجية في العمق، وفي هذه الحالة يجب الاعتراف أن الحديث يدور عن نقاش عمره أكثر من عشرة أعوام، ولم يؤد إلى النتائج المرجوة.
  • هناك فرضية أساسية في أوساط متخذي القرار وأجهزة الاستخبارات في إسرائيل، وبحسبها فإن سورية هي "الحلقة الأضعف" أو الاستثنائية فيما يسمى "محور المقاومة" في الشرق الأوسط بقيادة إيران. وهذا يعود إلى حقيقة أنها ليست دولة دينية، ولا تستبعد نهائياً حواراً أو تسوية مع إسرائيل، حتى إنها خاضت عدة مرات سابقاً مفاوضات سياسية. ولذلك، يتطور دائماً النقاش حول الطريقة الأمثل التي يمكن من خلالها قطع العلاقة بين دمشق ومعسكر المقاومة، وفي المقابل تقليل التأثير الذي تتمتع فيه إيران في سورية.
  • منذ أكثر من عشرة أعوام – أي قبل سنوات معدودة من اندلاع الحرب الأهلية في سورية – كان ثمة ادعاء يقول إن الدفع بالمفاوضات السياسية لإعادة هضبة الجولان إلى سورية سيعزلها عن معسكر المقاومة. أمّا في الأعوام الأخيرة فتم طرح العديد من الأفكار التي اقترحت مثلاً أن اغتيال قاسم سليماني، قائد قوة القدس في الحرس الثوري الإيراني، يشكل فرصة لكبح إيران في سورية، وأن الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها إيران بسبب العقوبات الدولية المفروضة عليها ستساعد في تحقيق الهدف، أو يمكن تحقيقه من خلال الضغط الروسي على إيران، أو من خلال تغيير علاقات العالم العربي بالأسد، حيث تكون مصحوبة بمساعدات اقتصادية تشكل البديل من الدعم الإيراني، وبذلك يمكن طرد طهران من سورية.
  • نقطة الذروة في هذا النقاش كانت في الفترة 2019-2020، حينها شددت القيادة الإسرائيلية على أن طرد إيران من سورية هو هدف استراتيجي ومركزي وممكن. وفي إطار هذا النقاش جرى تداول تصريحات رئيسية وعلنية تقول إن "سورية تحولت إلى فيتنام بالنسبة إلى الإيرانيين الذين يدرسون مساراتهم من جديد بشأن وجودهم فيها".
  • عملياً، على الرغم من كل التصريحات والضربات العسكرية، فإن سيطرة إيران في سورية تتعزز. ولا يقتصر الحديث على الدعم العسكري الذي يقدمه كل من حزب الله وطهران لنظام الأسد، من خلال تأسيس ميليشيات شيعية في سورية، واستعمال أراضيها بهدف تطوير وتمرير أسلحة متطورة إلى لبنان، بل إن التأثير الإيراني في سورية يتحقق اليوم عبر مساعدة واسعة وشاملة من خلال نشاط مسياني ديني (وخصوصاً في أوساط الطائفة العلوية)، ومشاريع في مجالات التعليم والثقافة، وبنقل سكان شيعة إلى بلدات مهجورة في سورية، بشكل سيغير تدريجياً الميزان الديمغرافي في الدولة.
  • ويستند الحلف غير الطبيعي، منذ 40 عاماً، بين النظام الإسلامي في إيران ونظام البعث الاشتراكي في دمشق، في الأساس، إلى مصالح استراتيجية مشتركة تبين أنها صامدة في مواجهة خطوات إسرائيل العسكرية والضغوط العربية والدولية. فمنذ اندلاع الحرب الأهلية في سورية يرى الأسد في إيران سنداً وجودياً لا بديل منه، كما ويتعزز الفهم الإيراني بخصوص سورية كمنطقة استراتيجية تسمح بتشكيل ممر إقليمي (هلال شيعي من الخليج حتى البحر المتوسط)، وجبهة عمل مهمة جداً ضد إسرائيل.
  • يشعر الإيرانيون بأن هامش العمل في سورية توسع في أعقاب تقليص الوجود الأميركي في الشرق الأوسط، وتوجه إدارة بايدن إلى المفاوضات مع إيران، كما التركيز الدولي على المعركة في أوكرانيا. ولذلك فإنهم يسرّعون جهودهم لتهريب السلاح إلى سورية، ومن خلالها إلى حزب الله، ويعملون على مأسسة البنى التابعة لحزب الله والميليشيات السورية، والدفع بنشاطات ضد إسرائيل.
  • وتبرز بين الحين والآخر توترات بين الأسد وإيران، ولا سيما حين تدفع إيران قدماً بخطوات عسكرية ترى فيها دمشق وروسيا، حليفتها الدولية، اختراقاً كبيراً لسيادة النظام السوري، ومغامرات من الممكن أن تؤدي إلى مواجهة حادة مع إسرائيل. وعلى الرغم من ذلك، فإن الإيرانيين، المزودين بحساسية وحذر أساسي، يعرفون كيفية تشخيص الأزمات المحتملة، وكيف يمكن الانسحاب بشكل تكتيكي، كانسحاب أغلبية الميليشيات الشيعية من جنوب سورية، أو كبح التأثير داخل الجيش السوري.
  • على إسرائيل الاعتراف أن لـ"المعركة بين الحروب"، التي تديرها بنجاح في الجبهة الشمالية منذ أكثر من عشرة أعوام، سقفاً زجاجياً سميكاً جداً. وهذه الجهود التي يُفضَّل إدارتها بضبابية، تضر بتعاظم قوة طهران وحلفائها، ولا سيما حزب الله، لكنها غير قادرة على زعزعة الحلف الاستراتيجي القديم بين طهران ودمشق. ولتحقيق هذا الأمر، ولو بشكل جزئي، يجب الدمج بين العمل العسكري والسياسي- وخصوصاً الدولي الجاد من طرف روسيا والولايات المتحدة، لكن هذين اللاعبين الأساسيين يعيشان اليوم مواجهة فيما بينهما وينحصر تركيزهما فيما يجري في أوكرانيا. وفي المدى المنظور، يبدو أن الهدف الذي وضعته إسرائيل لذاتها في كل ما يخص العلاقات بين إيران وروسيا غير قابل للتطبيق، والأكيد ليس بأدوات عسكرية.

العيون على تركيا

  • صحيح أن سورية تعتبر الجبهة المركزية في المواجهة بين إسرائيل وإيران، لكنها ليست الوحيدة. في الأسبوع الأخير برز التحذير من عمليات متوقعة تدفع بها إيران ضد أهداف إسرائيلية في تركيا، كانتقام لسلسلة اغتيالات لمسؤولين في أجهزة الأمن الإيرانية تُنسب إلى إسرائيل. فالتحذيرات الخطرة التي أرسلتها إسرائيل إلى مواطنيها الذين يزورون تركيا غير مسبوقة، وتم دمجها بجهود عملياتية واستخباراتية إلى جانب خطوات تؤثر في المعركة على الوعي (حملة إعلامية تتطرق إلى الخطط الإيرانية بهدف إحراج إيران أمام الرأي العالمي وخلق توتر بينها وبين السلطات في أنقرة).
  • وكما الحالة السورية، كذلك التركية، حققت الجهود المشتركة حتى الآن إنجازات أخذت شكل إحباط عملية مخططة وتقوية العلاقة مع جهات استخباراتية تركية. وعلى الرغم من ذلك، فإن هذا لا يشكل الحل للطموح الإيراني بالانتقام، والذي يمكن أن يتم التعبير عنه في جبهات أُخرى غير تركيا، وحتى اللحظة لا يوجد ضغط دولي كبير على طهران، أو إضرار بصورتها، أو مواجهة جدية بينها وبين تركيا.
  • على إسرائيل في الوقت القريب أن تستمر في جهوزيتها الخاصة في مقابل جهود إيران، إذ من المتوقع أن تزداد بسبب التقديرات الإيرانية أن إسرائيل تعيش حالة بلبلة سياسية ستحتد وتجعل من الصعب عليها إدارة استراتيجيا واحدة منظمة، ولا سيما فيما يتعلق بالمعركة المستمرة ضد إيران. وينطوي هذا الواقع على احتمالات تطور وتصعيد واسع بين الدولتين من المحتمل أيضاَ في المدى القريب.