مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
غانتس: "سنستغل الضغط على غزة للتوصل إلى صفقة جيدة بشأن الأسرى"
منذ نشوب الحرب الأوكرانية أصبح عدد المهاجرين من روسيا أكبر من عدد المهاجرين من أوكرانيا
أخبار انتخابية: بعد تعداد 80 % من الأصوات في الانتخابات التمهيدية في الليكود، المقربون من نتنياهو في الصدارة
تقرير: إبراهيم النابلسي نجم وسائل التواصل والمؤثر في الجيل الجديد من الفلسطينيين الذين يقاتلون ضد الجيش الإسرائيلي
مقالات وتحليلات
واو، انظروا، لبيد أيضاً يعرف كيف يقتل
عملية "طلوع الفجر" إنجاز عسكري كبير إلى جانب فجوة استراتيجية خطِرة
إسرائيل تتقبل فكرة خطرة: عدم تحميل "حماس" مسؤولية ما يحدث في غزة
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"يديعوت أحرونوت"، 9/8/2022
غانتس: "سنستغل الضغط على غزة للتوصل إلى صفقة جيدة بشأن الأسرى"

قال وزير الدفاع بني غانتس في مقابلة أجرتها معه صحيفة "يديعوت أحرونوت" مساء الثلاثاء، بعد يوم ونصف اليوم على انتهاء العملية في غزة، إن إسرائيل عززت ردعها حيال "حماس"، بعد العملية التي خاضتها ضد الجهاد الإسلامي. ولم يستبعد إمكانية إطلاق سراح المعتقلين اللذين يطالب بهما الجهاد الإسلامي، وقال: "يجب استغلال الضغط الناشىء في القطاع والمصالح التي نشأت هناك للعمل على استعادة أبنائنا. سنواصل العمل على ذلك، استخباراتياً وعملانياً وسياسياً."

وعن العملية العسكرية قال غانتس: العملية كانت ناجحة، في نظري، ونُفّذت بصورة جيدة، واعتمدت على بنية استراتيجية مريحة، عملنا على إنشائها خلال العامين الأخيرين في مواجهة غزة، هذه البنية يمكن أن تتسبب بخسائر مهمة جداً لـ"حماس". وهي تعتمد على عمل استخباراتي وعملاني بعيد الأجل، وعلى تنفيذ ناجح جداً، هجومياً ودفاعياً. يجب عدم الاستخفاف بالجهاد الإسلامي، فالتنظيم يملك قرابة 6000-7000 صاروخ وهذا كثير جداً."

وتابع: "لم نعفِ "حماس" من تحمُّل المسؤولية عما يحدث في القطاع. وسنواصل مواجهة ما يحدث بوسائل عسكرية، وعند الحاجة بضغط مدني. سمحنا للآلاف من المواطنين في قطاع غزة بالعمل وكسب لقمة العيش، وربحنا من السياسة التي قمنا بها في المؤسسة الأمنية في العامين الأخيرين."

وتطرّق غانتس إلى حادثة اغتيال إبراهيم النابلسي، فقال إن دولة إسرائيل عززت الردع، وحافظت على حرية عملها في كل الساحات التي تريدها.

وسُئل غانتس: لماذا لم يجتمع المجلس الوزاري المصغر قبل العملية ضد الجهاد، فردّ بالقول إن أعضاء المجلس كانوا على علم بكل التفاصيل والمستجدات. وأن عدم دعوة المجلس إلى الاجتماع كان أمراً صحيحاً. وعندما سُئل: هل كان هناك تخوف من حدوث تسريبات، ردّ غانتس: إن مجرد عقد اجتماع للمجلس الوزاري المصغر هو مؤشر، وفي الحالات الحساسة هناك وسائل أُخرى لإطلاع المجلس على ما يحدث.

"يديعوت أحرونوت"، 10/8/2022
منذ نشوب الحرب الأوكرانية أصبح عدد المهاجرين من روسيا أكبر من عدد المهاجرين من أوكرانيا

أظهرت أرقام وزارة الهجرة والاستيعاب التي نشرها مكتب الإحصاء المركزي، يوم الأربعاء، أنه منذ نشوب الحرب في أوكرانيا وحتى نهاية تموز/يوليو 2022، وصل إلى إسرائيل 31.066 مهاجراً من أوكرانيا وروسيا، مقابل 9.744 مهاجراً في سنة 2019. وأظهرت الأرقام أن عدد المهاجرين من أوكرانيا بلغ 12.175 في هذه الفترة، مقابل 2.651 في سنة 2019. ومن روسيا، وصل 18.891 مهاجراً، مقابل 7.123 مهاجراً في سنة 2019. وصل نصف المهاجرين من أوكرانيا ما بين مطلع آذار/مارس وحتى بداية نيسان/أبريل. وتُظهر الأرقام أنه بدءاً من منتصف نيسان/أبريل، ازداد عدد المهاجرين من روسيا، مقارنةً بعددهم من أوكرانيا.

أغلبية المهاجرين من أوكرانيا من النساء (63%)، بينما تبلغ نسبة النساء بين المهاجرين من روسيا 50.8%، وهي قريبة من نسبة الرجال (49.2%). وجاء في التقرير أن تفسير تدنّي نسبة الرجال ما بين 18-60 بين المهاجرين من أوكرانيا يعود إلى منع الحكومة الأوكرانية خروج الرجال في هذه الأعمار من البلد خلال الحرب.

كما نشر المكتب أرقام الهجرة في سنة 2021. فقد وصل إلى إسرائيل في تلك السنة 25.497 مهاجراً، أي بزيادة تقدَّر بـ29.6%، مقارنةً بسنة 2020. وتُظهر الأرقام أن العدد الأكبر من المهاجرين في سنة 2021 جاء من روسيا، 7.640 مهاجراً، ومن فرنسا 3.594، ومن الولايات المتحدة 3480، ومن أوكرانيا 3059، ومن بيلاروسيا 1014.

"معاريف"، 11/8/2022
أخبار انتخابية: بعد تعداد 80 % من الأصوات في الانتخابات التمهيدية في الليكود، المقربون من نتنياهو في الصدارة

بعد تعداد 80% من الأصوات في الانتخابات التمهيدية في حزب الليكود، تبوأ ياريف ليفين صدارة القائمة، بحصوله على أكثر من 35 ألف صوت، وجاء بعده الوزراء السابقون إيلي كوهين ويوآف غالنت ودافيد أمسالم. ويبدو واضحاً في كل القائمة تصدُّر المقربين من نتنياهو، من الذين دعموه طوال فترة ولايته الأخيرة. وعلى ما يبدو، فإن أعضاء كنيست، مثل غيلا غملئيل وتسحي هنغبي ويولي إدلشتاين، الذين حاولوا منافسة نتنياهو، يمكن أن يدفعوا ثمناً باهظاً، ويجدوا أن لا حظوظ لهم في الفوز.

"معاريف"، 10/8/2022
تقرير: إبراهيم النابلسي نجم وسائل التواصل والمؤثر في الجيل الجديد من الفلسطينيين الذين يقاتلون ضد الجيش الإسرائيلي

إبراهيم النابلسي الذي اغتيل في القصبة في الأمس، يؤثر كثيراً في الجيل الجديد من الذين يقاتلون ضد القوات الإسرائيلية، وخصوصاً في مخيمات اللاجئين في جنين ونابلس. في المصطلح المهني العسكري، من الصعب وصف النابلسي بأنه مطلوب رفيع المستوى، لكن في واقع اليوم، إذ تصعد الرموز بسرعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويكون لهؤلاء تأثير سريع. لذلك، أرادت المؤسسة الأمنية تصفية حسابها بسرعة مع النابلسي الذي نجح في الفرار منها أكثر من مرة.

في هذه الأيام، أصبح الانتماء التنظيمي للمسلحين الفلسطينيين أكثر ضبابية مما كان عليه في الماضي. على سبيل المثال، النابلسي كبر في حضن كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة "فتح"، وعلى الرغم من أن كتائب الأقصى اعتبرته عنصراً لديها، فإنه كان ينشط على الأرض بصورة مستقلة. وفي الواقع الحالي في مخيمات اللاجئين، يمكن أن تضم الخلية الواحدة عناصر تنتمي إلى أكثر من تنظيم، أو عناصر لا تنتمي إلى أي تنظيم معروف.

في نابلس وجنين، سيطرة السلطة الفلسطينية محدودة، الأمر الذي أدى إلى تمدُّد الظواهر "الإرهابية". لذلك، في الأشهر المقبلة، ستركز المؤسسة الأمنية الإسرائيلية جهودها على هذه الأماكن، في محاولة لمنع انزلاق الأحداث في هذه المناطق إلى مناطق أُخرى في الضفة الغربية وغزة.

 

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"هآرتس"، 10/8/2022
واو، انظروا، لبيد أيضاً يعرف كيف يقتل
يوسي كلاين - صحافي
  • لا ثقة لدي بالحكومة، ولا بالجيش، ومن المؤكد أنني لا أثق بالمحللين في الاستوديوهات. عندما يقصفون لـ"منع التصعيد" ويقتلون لـ"الوصول إلى تهدئة"، أعتقد أنهم يسخرون مني. كنا في هذا الفيلم سابقاً. مرة أُخرى "بنية الإرهاب تفككت"؟ مرة أُخرى يقتل الأطفال أنفسهم، ومرة أُخرى تنفجر البيوت من تلقاء نفسها؟ لماذا قتلوا الناس في غزة؟ آه، الإجابة معقدة، لا نستطيع أن نقول لكم كل شيء، اعتمدوا علينا. ألم تكن حملة مميزة؟
  • لقد قلنا حقيقة أن الجيش يشارك في الطقوس الانتخابية. لم نعد نسأل لماذا الآن، قبل الانتخابات بشهرين. ومَن نسأل؟ نمتعض، ندخل إلى الملجأ، نقول إن الأمور هكذا، ونمضي قدماً. من الواضح أنهم لا يأخذونا بعين الاعتبار، وأننا الجزء الأقل أهمية. مَن يصيب "مخرّباً" من جنين، يعلم بأن الثمن سيُدفع في عسقلان وهل هذا يفرق عنده؟
  • الجنود أوراق في لعبة انتخابية. الجيش ينصاع للحكومة، وهكذا يجب أن يكون. الحكومة تريد أن تقتل؟ الجيش سيُريها كيف. لبيد يريد أن يحصل على شهادة في المعارك؟ حسناً، حصل عليها. الجيش سيمشي أيضاً، حتى ولو علم بأنه ليس أكثر من طُعم في منافسة "مَن يملك أكبر شيء". والجميع يشارك، انظروا إلى الردود على الشبكة: علّم بيبي درساً! لبيد أيضاً يعرف كيف يقتل!
  • الجمهور قومي ومتدين أكثر، وكذلك القيادة العسكرية. تأثير الحاخامات في الجيش يأخذ بالارتفاع. للحاخامات أجندات سياسية، وهي منع إقامة دولة فلسطينية في غزة والضفة. جميع الحكومات، منذ رابين، تخدم هذه الأجندة، وكذلك "طلوع الفجر"، وكذلك يخدمها أبناؤنا. إذاً، لماذا نقف وأيدينا في جيوبنا، ونستمر في إرسالهم إلى الجيش؟ بحكم العادة، وبحكم وطنية زائفة، أو بسبب رغبة الأبناء أنفسهم في القتل. نحن مرغَمون على الثقة بالجيش، أي بديل يوجد لدينا؟ أن يكونوا مسؤولين عن مصيرهم في مؤسسة لا نثق بها أصلاً؟
  • الجيش هو الأزعر في الحارة. يمنح الجيران الحماية مقابل الخدمات. نحن و"حماس" لسنا أصدقاء، العلاقات صحيحة، والوظائف واضحة: عدم السماح لمحمود عباس بإقامة دولة في قطاع غزة، ونحن نقدم خدمات القتل.
  • وفي المقابل. الجهاد يزعجك؟ فقط قل لنا. قلت؟ انظر إليه وهو مقتول. بالأمس كانت "حماس" ضدنا، اليوم معنا. بالأمس عدو، والآن حبيب.
  • ولكن ليست "حماس" مَن دفع بنا إلى غزة. الخوف من "البيبية"[نسبة إلى بنيامين نتنياهو] وعنفهم هو مَن أرسلنا إلى هناك. هل نخاف من أمسالم المهرج، من ريغيف الغوغائية؟ نعم. خوف منكر ومخفي، لكنه خوف يخترق. هذه ليست تهديدات فارغة. فهم ليسوا وحيدين، الشارع أيضاً يدعم تدمير المحكمة العليا، والإعلام، واليسار؛ الشارع هو مَن يريد وضعهم على الحائط، الشارع هو مَن سيضع شروطه للحكومة القادمة.
  • نحن نخاف منه، ونريد أن نعجبه. ولا يوجد هدية ستعجبه أكثر من القنابل. القنابل هي التصريح المثالي لحب البلاد، هم الإثبات الأفضل لخضوع أصحاب الروح الجميلة للخوف واليأس. يقولون: انظروا، نحن نعمل ولا نكتفي بالحديث. بيبي، امنحنا الدعم.
  • الحروب تحولنا إلى مراهقين نشجع مَن يقول الشيء ذاته الذي قاموا به قبله، وسيقومون به بعده: قتل أطفال ونساء، فقط بهدف الخروج بصورة "رجال". لا أحد يملك الجرأة على القيام والقول: جميعكم على خطأ. في تموز/يوليو 1982 كان ليوسي ساريد الشجاعة للوقوف ضد حرب لبنان. قبله، وقف الجنرالان موتي بيليد ومائير باعيل. اليوم لا يقف أحد.
  • مع بدء الحملة العسكرية، مات إيلي أمينوف، الذي وقّع في تموز/يوليو 1967 بياناً صيغَ بدقة متناهية: "الاحتلال يأتي بحكم أجنبي/ الحكم الأجنبي يدفع إلى المقاومة/ المقاومة تدفع بالقمع/ القمع يدفع بـ'الإرهاب' والإرهاب العكسي/ ضحايا 'الإرهاب' هم بصورة عامة أبرياء." واسمحوا لي أن أخبركم: "الإرهاب" و"الإرهاب العكسي" يدفعان إلى التفكك. في البداية، سيغادر الجيدون، ومَن سيبقى، سيقتل الواحد الآخر.

 

"معهد السياسات والاستراتيجيا" في جامعة ريخمان، 10/8/2022
عملية "طلوع الفجر" إنجاز عسكري كبير إلى جانب فجوة استراتيجية خطِرة
ميخائيل ميلشتاين - باحث
  • عملية "طلوع الفجر" (5-7 آب/أغسطس) كانت المواجهة العسكرية الأكثر حدة في قطاع غزة منذ عملية "حارس الأسوار". لقد أنهت الأحداث فترة من الهدوء استمرت قرابة عام، لم نشهد مثلها في هذه المنطقة منذ عشرات الأعوام. لقد حققت إسرائيل إنجازات كبيرة في المعركة: فجأة، هاجمت الجهاد الإسلامي الذي كان نشطاؤه يخططون للقيام بهجوم بصاروخ مضاد للدبابات في منطقة الحدود مع غزة؛ وجّهت ضربة شديدة إلى قيادة الذراع العسكرية للتنظيم؛ أحبطت أغلبية القصف الصاروخي بواسطة القبة الحديدية، وهو ما قلص الأضرار كثيراً، ومنع وقوع إصابات في الأرواح.
  • مع ذلك، طرحت العملية فجوة استراتيجية حادة تتعلق بالسياسة التي دفعت بها إسرائيل قدماً، ولا تزال تدفع بها إزاء قطاع غزة. منذ عملية "حارس الأسوار" (أيار/مايو 2021) اتخذت إسرائيل خطوات اقتصادية غير مسبوقة إزاء المنطقة، تعتمد على 3 افتراضات أساسية: الافتراض الأول - تحسين الوضع المدني سيقلص احتمال نشوب تصعيد، ولا سيما في ضوء قيام رصيد مهم تتخوف "حماس" من خسارته، وفي ظل الضغط الشعبي الذي سينشأ ضد أي طرف سيزعزع الوضع الأمني؛ الافتراض الثاني - أن "حماس" هي المسؤولة الحصرية في جميع المجالات في قطاع غزة؛ والافتراض الثالث - أيّ خرق أمني سيواجَه بردّ عسكري شديد القوة، سيكون موجهاً قبل كل شيء ضد "حماس".
  • عملياً، تصرفت إسرائيل في العملية الأخيرة بصورةٍ تناقضُ هذه الاستراتيجيا التي وضعتها، وهو ما أظهر فجوات عميقة فيها. خاضت إسرائيل مواجهة مركزة ضد الجهاد الإسلامي، بينما وقفت "حماس" موقف "المراقب"، ولم تقُم بدورها في "اتفاق" التهدئة: فهي لم تتحرك ضد الجهاد عشية العملية، وعملياً، سمحت بنشوب المعركة، ولم تمارس ضغطاً كبيراً على التنظيم لوقف القتال. لم تكن سياسة "حماس" نتيجة إكراه، بل كانت خياراً. يبدو أن دافع السنوار هو عدم الرغبة في الإساءة إلى صورة "حماس"، بصفتها "أم المقاومة" في المنظومة الفلسطينية، والتقدير أن إسرائيل لا تريد ضرب الحركة، وأن القيود المدنية التي فرضتها على القطاع ستُرفع خلال وقت قصير (وهذا ما حدث فعلاً).
  • من جهتها، إسرائيل اعتبرت وقوف "حماس" خارج المواجهة من إنجازات العملية، وأغدقت الثناء على الحركة بسبب الخط الذي انتهجته، وسارعت إلى إعادة السياسة المدنية إلى مسارها (وخصوصاً دخول عمال من غزة إلى إسرائيل)، وفي الحديث الإعلامي والسياسي في إسرائيل، جرى الكلام عن "مصالح مشتركة" بين إسرائيل و"حماس"، وطُرحت أفكار تحدثت عن توسيع الخطوات الاقتصادية حيال القطاع. هذه السياسة يمكن أن يعتبرها الجانب الفلسطيني دليلاً على تخوّف إسرائيلي من الدخول في مواجهة مباشرة مع "حماس"، بكلمات أُخرى، هي تشعر بالردع حيال "حماس".
  • بالإضافة إلى ذلك، طُرحت في إسرائيل أفكار بشأن استغلال المعركة الأخيرة من أجل التوصل إلى تهدئة واسعة النطاق في القطاع، مع الاعتماد على نمو اقتصادي متسارع، وربما حدوث اختراق في موضوع الأسرى والمفقودين؛ بينما يتمسك الجانب الفلسطيني بسردية "القصة مفتوحة"، أي أن المعركة لم تنتهِ، بالإضافة إلى الحاجة إلى الانتقام من إسرائيل على الأذى الذي تسببت به، يبرز هذا الصوت من الجهاد الإسلامي. علاوة على ذلك، انتهت المعركة برسالة مقلقة بالنسبة إلى إسرائيل: "حماس" لا تعتبر نفسها مسؤولة عن كل ما يحدث في القطاع، أو أنها لا تعتبر نفسها مضطرة إلى التحرك، مستقبلاً، ضد أطراف في غزة تريد مهاجمة إسرائيل. هذه الأطراف تشعر بأن "الضوء الأحمر" الذي وضعته "حماس" لها في السنة الماضية يتحول، بالتدريج، إلى ضوء "أصفر"، ثم "أخضر".

......

  • الخطاب الإسرائيلي بعد العملية يشير إلى تعلُّم محدود من أحداث الماضي. في أيار/مايو 2021، بادرت "حماس"، للمرة الأولى في تاريخها، إلى القيام بعملية ضد إسرائيل ("حارس الأسوار")، وخرقت التفاهمات التي كانت قائمة في القطاع حتى ذلك الحين، والتي ترافقت مع تحسُّن تدريجي للواقع المدني، ومن دون أن يسبق ذلك احتكاك أمني في قطاع غزة. كان الدافع إلى العملية أيديولوجياً واستراتيجياً، وهي لم تكن تسعى لتحسين الواقع الاقتصادي.
  • بعد هذه المواجهة، أعلنت إسرائيل "أن ما كان قبل العملية، لن يكون بعدها"، وخصوصاً من خلال الربط بين الخطوات الاقتصادية وبين التقدم في مسألة الأسرى والمفقودين، لكن إسرائيل، عملياً، سرّعت سياستها المدنية، انطلاقاً من الافتراض أن هذا سيقلص من فرص تصعيد جديد في المستقبل، أي بكلمات أُخرى: قامت بالمزيد من الخطوات التي سبق أن فشلت في الماضي. لقد أثبتت عملية "طلوع الفجر" مرة أُخرى الفجوة العميقة التي تنطوي عليها استراتيجية إسرائيل، لكن يبدو أن هذا الأمر لا يلقي بظلاله على نية الاستمرار فيها.
  • ... على إسرائيل الاعتراف بأن التسوية الحالية في القطاع محدودة في الأساس، وهي تتعلق بقوات "حماس" في قطاع غزة فقط، ولا تشمل سائر اللاعبين الذين يمكن أن يجروا إسرائيل إلى المزيد من الاشتباكات مستقبلاً. بهذه الطريقة، يمكن أن تواجه إسرائيل مشكلة تتعلق بردودها المستقبلية على حوادث أمنية في القطاع.
  • في ضوء العواصف السياسية المتكررة والحكومات القصيرة العمر، من الصعب على إسرائيل صوغ استراتيجيا منتظمة حيال قطاع غزة، يُضاف إلى ذلك مشكلة الذاكرة الجماعية القصيرة في إسرائيل، كما تجسدت في العملية الأخيرة التي اعتُبرت عملية إسرائيلية استباقية غير مسبوقة، بينما عملياً، خاضت إسرائيل عملية مشابهة قبل 3 أعوام ("الحزام الأسود") وكل العمليات العسكرية في العقد الأخير بدأت بمبادرة إسرائيلية...
  • إنهاء المعركة يفرض على إسرائيل تفكيراً نقدياً حيال سياستها في قطاع غزة. أولاً، ممنوع أن تسود أجواء النشوة في إسرائيل: فالمعركة جرت ضد طرف "إرهابي" محدود القوة العسكرية، بينما المواجهة المستقبلية ضد "حماس"، ولا سمح الله، ضد حزب الله، ستترافق مع تعرُّض إسرائيل لإصابات أشد بكثير، وستضع إسرائيل في مواجهة تحديات أكبر. علاوة على ذلك، هذه العملية ليست بمثابة "حدث مؤثر" كالمعارك السابقة، مثلاً حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006]، أو عملية "الرصاص المسبوك" [2008-2009] التي رافقتها تغييرات عميقة في الواقع، وعلى صعيد الوعي لدى الخصم.
  • ثانياً، المطلوب تفكير متحرر من الهواجس التي لها علاقة بالسياسات المدنية. فهذه السياسات يجري الدفع بها قدماً من أجل المحافظة على الهدوء، وقد ثبت وجود فجوات جوهرية فيها. يتعين على إسرائيل فحص إمكانية تعليق هذه السياسات واشتراط استئنافها بقيام "حماس" بفرض إرادتها على فصائل "الإرهاب" في القطاع. هذا الأمر يمكن أن يولد توترات أمنية، لكن على الرغم من ذلك، كما أثبتت المعركة الأخيرة، فإن هذا يمكن أن يحدث عندما تقدّم إسرائيل مبادرات مدنية واسعة النطاق. يجب على إسرائيل أن تكون هي التي تحدد قواعد اللعبة في القطاع، والطلب من "حماس" بصورة قاطعة القيام بدورها، بصفتها المسؤولة عن كل قطاع غزة.

 

"مركز القدس للشؤون العامة والسياسة"، 7/8/2022
إسرائيل تتقبل فكرة خطرة: عدم تحميل "حماس" مسؤولية ما يحدث في غزة
يوسي كوفرفاسر - محلل عسكري
  • كان الغرض من عملية "مطلع الفجر" أن توضح إسرائيل للجهاد الإسلامي الفلسطيني، ومن خلاله لسائر القوى في المحور الإيراني، مثل "حماس" وحزب الله، أن إسرائيل لن تقبل محاولاته فرض قواعد لعبة جديدة عليها، تُلحق ضرراً بقدرتها على الدفاع عن أمنها، وعن مصالحها الحيوية.
  • الجهاد الإسلامي حاول تغيير قواعد اللعبة في غزة بصورة تسمح للتنظيم بالتأثير في حرية عمل إسرائيل في حربها على "الإرهاب" في الضفة الغربية. وهدد بتنفيذ هجوم من غزة، إذا لم توقف إسرائيل اعتقال كبار مسؤوليه في الضفة، وأنه يستعد، عملياً، للقيام بهجوم. جهود إسرائيل لإقناع التنظيم بالتنازل عن مطالبه، وعن نيته تنفيذ هجوم، من خلال فرض قيود على حركة المواطنين القريبين من غزة، لم تنجح. ولم يبقَ أمام إسرائيل خيار سوى مهاجمة كبار المسؤولين في الجهاد، الذين كانوا وراء الهجوم الذي يجري التخطيط له، والنشطاء الذين من المفترض أن يقوموا به.
  • الرد المتوقع من الجهاد، من خلال إطلاق الصواريخ في اتجاه إسرائيل على نطاق واسع، ردت عليه إسرائيل بهجمات مركزة ضد أهداف تتعلق بالبنية التحتية للجهاد. حالياً، استمرار العملية يعود إلى الجهاد الإسلامي - كلما استمر في إطلاق الصواريخ من أجل تكبيد إسرائيل ثمناً بالأرواح، ستضطر إسرائيل إلى الاستمرار في تدفيع التنظيم ثمناً باهظاً، دفاعاً عن مواطنيها.
  • يجب ألّا ننسى أن القواعد المتبعة في مواجهة غزة "التهدئة"، هدفها ضمان أطول فترة ممكنة من الهدوء، وهي مريحة جداً للفلسطينيين، ما داموا لا يخرقون الهدوء، ولا يقومون بهجمات من غزة ضد إسرائيل. وبالاستناد إلى هذه القواعد، امتنعت إسرائيل من المبادرة إلى ضرب البنى التحتية "للإرهاب" في غزة، والرد على الهجمات التي تجري في الضفة الغربية، أو لبنان. وتعمل إسرائيل على تحسين نوعية الحياة في القطاع، ولا تفرض عقوبات اقتصادية لفترة طويلة، وتردّ بصورة مركزة على عمليات خرق الهدوء من جانب الفلسطينيين، وامتنعت من القيام بعملية برية في القطاع، ولا تهاجم كبار المسؤولين في التنظيمات الفلسطينية، ولا ترد على التحريض المستمر على الكراهية، وعلى "الإرهاب"، أو على بناء التنظيمات الفلسطينية لقوتها، وتحرص على استخدام القوة وفق القوانين الدولية المتعلقة بالحرب والقانون الإنساني.
  • هذه القواعد تشكل ضمانة بعدم تهديد سلطة "حماس" في القطاع، وتتيح لها ولسائر التنظيمات في غزة الاستمرار في زيادة قوتها العسكرية من دون إزعاج، بين جولة وأُخرى. بهذه الطريقة، تحاول إسرائيل إبقاء "حماس" مرتدعة، لكن مع احتفاظها بالقدرة على السيطرة على سائر التنظيمات في القطاع.
  • على هذه الخلفية، يتضح أن إسرائيل نفسها خرقت في الجولة الحالية القاعدة التي تعتبر أن "حماس" هي الجهة المسيطرة على القطاع، والمسؤولة عن استخدام الأطراف الأُخرى للقوة. هذه المرة، كما في عملية "الحزام الأسود" (التي اغتيل فيها بهاء أبو العطا في سنة 2019)، إسرائيل لم تحمّل "حماس" المسؤولية، وقررت معالجة المشكلة بقواها الذاتية. وذلك انطلاقاً من الفهم أن "حماس"، الواقعة في اعتبارات متشابكة، لن تحل المشكلة. حسنة ذلك أن "حماس" لن تشارك في القتال، لكن السيئة هي قبولنا واقع عدم تحميل "حماس" المسؤولية، وهو ما سيجبرنا على الدخول في مواجهة، المرة تلو الأُخرى، ضد مجموعة من التنظيمات الصغيرة في غزة. في جميع الأحوال، إذا قررت "حماس" في نهاية الأمر الانضمام إلى القتال، فسنجد أنفسنا أمام واقع شديد التعقيد.
  • تهديدات الجهاد الإسلامي هي صدى لتهديدات نصر الله بشأن منصة الغاز "كاريش" وتهديدات إيران في الشأن النووي. وهي تعكس شعور المحور الإيراني بضعف إسرائيل، سواء بسبب ضعف حليفتها الأساسية الولايات المتحدة، أو بسبب الأزمة السياسية في إسرائيل، أو بسبب ما تعتبره هذه الأطراف تآكلاً وفقداناً للروح القتالية الإسرائيلية. ويجب الإشارة إلى أن الأمين العام للجهاد الإسلامي زياد النخالة، الموجود في طهران في هذه الأيام، والتقى رئيس الحرس الثوري الإيراني، وبالتالي، فإن رسالة "مطلع الفجر" تتجاوز إطارها الغزّي. في ضوء هذا تحديداً، يجب على إسرائيل ألّا تُظهر أي تردد، وألّا تلغي أي مناسبة جرى التخطيط لها مسبقاً في القدس، بمناسبة التاسع من آب/أغسطس.
  • الأحداث الأخيرة تزيد الحاجة إلى التفكير مرة أُخرى في الاستراتيجيا إزاء غزة. هل هناك حاجة إلى وضع أهداف أُخرى، مثلاً إزالة التهديد من غزة، وهل من الممكن إحداث تغيير جوهري في الواقع الإشكالي، من دون السيطرة مجدداً على القطاع. عشية الانتخابات، ليس الوقت الملائم لمثل هذا التفكير، لكن بعد انتهاء الانتخابات، يجب العودة إلى الموضوع، ليس فقط فيما يتعلق بالاستراتيجيا إزاء "حماس" والجهاد الإسلامي في غزة، بل أيضاً إزاء حزب الله وإيران اللذين يستغلان الاستراتيجيا الحالية للاستمرار في زيادة قوتهما، وذلك على الرغم من جهود إسرائيل في ضرب تسليحهما، وامتلاكهما قدرات استراتيجية أكثر خطراً بكثير من تلك التي لدى الجهاد الإسلامي.