مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان [رئيس "إسرائيل بيتنا"] إن إسرائيل قريبة جداً الآن وأكثر من أي وقت سابق، من التوصل إلى تسوية إقليمية مع العالم العربي، وأكد أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يبذل قصارى جهوده من أجل التوصل إلى تسوية كهذه مع الدول العربية المعتدلة تُمهّد أيضاً لتسوية مع الفلسطينيين.
وجاءت أقوال ليبرمان هذه في سياق مقابلة أجرتها معه قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية الليلة الماضية وأعرب فيها أيضاً عن تفاؤله حيال إمكان التوصل إلى تسوية مع الدول العربية المعتدلة في ظل آخر المستجدات الإقليمية وشدّد على أن هذه التسوية من شأنها أن تنهي النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني.
وتطرق ليبرمان إلى الزيارة التي قام بها الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الفائت إلى إسرائيل ومنطقة الشرق الأوسط وإلى الأزمة الخليجية التي نشبت في إثر قرار السعودية محاصرة قطر، فقال إن ترامب وعدة دول عربية باتوا مقتنعين أكثر فأكثر أن إسرائيل ليست عدواً وأنها يمكن أن تشكل مفتاحاً لحل المشاكل الإقليمية وتسوية النزاع مع الفلسطينيين.
وأكد وزير الدفاع أنه في حال عرض أي تسوية إقليمية مع الدول العربية المعتدلة تشمل فتح سفارات وتبادل بعثات دبلوماسية وتطوير علاقات تبادل تجاري واقتصادي على جدول أعمال الحكومة الإسرائيلية، فسيحظى ذلك بتأييد الأغلبية داخل الكنيست وفي صفوف المجتمع الإسرائيلي
شارك وزراء وأعضاء كنيست من حزب الليكود الليلة قبل الماضية في أمسية عُقدت في تل أبيب في مناسبة إطلاق كتاب بعنوان "الظاهر والخفي في عرب إسرائيل" من تأليف المستشرق الإسرائيلي رافائيل يسرائيلي الذي يصف السكان العرب في كتابه بأنهم كائنات طفيلية ترضع من ثدي الدولة.
وحضر الأمسية نحو 400 شخص جميعهم من أعضاء حزب الليكود في مقدمهم وزير المواصلات يسرائيل كاتس، ورئيس كتل الائتلاف الحكومي عضو الكنيست دافيد بيتان، وعضوا الكنيست ميكي زوهر وأورن حزان. وألقى الثلاثة الأوائل كلمات خلال الأمسية أشادوا فيها بالكتاب وبمؤلفه.
ويدعو الكتاب إلى معالجة التهديدات وحملات المقاطعة ضد السكان العرب الذين يخدمون في قوات الأمن الإسرائيلية، وإلى كبح ظاهرة تعدد الزوجات اللاتي يتم جلب بعضهن من قطاع غزة والأردن، وإلى الوقوف في وجه مظاهر الاستيلاء على أراضي الدولة والتحريض ضد الدولة اليهودية.
وتعالت خلال الأمسية هتافات من صفوف الجمهور تصف أعضاء الكنيست العرب بأنهم خونة وطابور خامس وتطالب بإقصائهم من الكنيست وبإعادة فرض الحكم العسكري على السكان العرب.
واعتبر يسرائيلي في الكتاب أن المُركبين القومي والإسلامي في هوية السكان العرب يمنعانهم من الاندماج الكليّ في الدولة، وأكد أنه بمساعدة اليسار الإسرائيلي الذي وصفه بأنه ساذج، بات معظم السكان العرب يشكلون خطراً على وجود الدولة اليهودية، ولفت إلى أن أغلبية الجمهور الإسرائيلي لا تعي التهديد المترتب على هذا الخطر.
كما أشار يسرائيلي إلى أن السكان العرب يستثمرون أموالهم وقدراتهم في إنتاج الحُمّص وشراء السيارات الفاخرة ويتذمرون طوال الوقت من أن الدولة لم تبادر إلى إقامة مصانع لديهم. وأضاف أن السكان العرب متفوقون في التهرب من خدمة الدولة ونسبة الجريمة في صفوفهم تعادل ضعفي معدلها في إسرائيل بشكل عام فضلاً عن أنهم يستهلكون أكثر مما ينتجون. وأكد أنه إذا لم يكن السكان العرب راضين من وتيرة رضاعتهم من ثدي الدولة، فليس من خيار أمامهم سوى البحث عن دولة أخرى تدللهم أكثر وتمنحهم ما لا يحصل عليه أي مواطن في دولة عربية أو إسلامية. كما أكد أن السكان العرب يشكلون عبئاً ثقيلاً على الدولة اليهودية من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.
ووصف هذا المستشرق السكان العرب بأنهم كائنات طفيلية، وأكد أنهم لو لم يكونوا هنا ولو لم يكن هنا يهود طفيليون مثلهم، لكان دخل الفرد في إسرائيل مرتفعاً أكثر وأعلى من المستوى الحالي في دول أوروبا.
سمحت الرقابة العسكرية الإسرائيلية أمس (الخميس) بنشر نبأ قيام جهاز الأمن الإسرائيلي العام ["الشاباك"] قبل عدة أسابيع بإحباط مخطط لحركة "حماس" استهدف تجنيد شبان عرب من إسرائيل لتنفيذ عملية اغتيال ضابط من الجيش الإسرائيلي انتقاماً لاغتيال القيادي في الحركة مازن فقها في قطاع غزة في آذار/ مارس الفائت.
وقال بيان صادر عن جهاز "الشاباك" إنه ألقى القبض على 7 شبان من قرية جلجولية في المثلث بشبهة التواصل مع ناشط من حركة "حماس" في غزة حثّهم على اقتناء أسلحة ورسم خطة لاغتيال ضابط إسرائيلي.
وأضاف البيان أن أحد هؤلاء الشبان وهو آدم إسماعيل محمد فقي (25 عاماً) التقى أخاً غير شقيق له في غزة يدعى محمد خلال زيارة له إلى القطاع سنة 2014 لحضور حفل زفاف قريب له، وقام هذا الأخير بنقل توجيهات إلى فقي من أحد نشطاء "حماس" تقضي بأن يقتني أسلحة وأن يجند شاباً آخر ليساعده في تنفيذ الخطة حال صدور الأوامر بتنفيذها. كما شارك آدم خلال هذه الزيارة في تدريبات عسكرية شملت التدرب على إطلاق النار.
ووفقًا للبيان عمل آدم بموجب هذه التوجيهات وقام بعد عودته إلى قريته بتجنيد أخ آخر له يدعى فراس (27 عاماً). وأشار البيان أن لفراس سوابق لدى جهاز "الشاباك" وإلى أنه يدعم تنظيم "داعش". وفي نيسان/ أبريل 2017 طلب محمد من أخيه غير الشقيق آدم ارتكاب عملية اغتيال ضابط إسرائيلي انتقاماً لمقتل فقها.
كما أشار البيان إلى أن "الشاباك" اعتقل 5 أشخاص آخرين من جلجولية بشبهة أنهم تجار سلاح. وكان أحد هؤلاء المعتقلين محمود محمد عبد الكريم داود (21 عاماً) وهو من سكان جلجولية وأصل والده من قلقيلية، وتبيّن خلال التحقيق معه أنه ضالع في تجارة السلاح وأنه كان يعلم كل التفاصيل المتعلقة بارتكاب العملية التي خطط الشقيقان فقي لارتكابها. وذكر البيان أنه تم اعتقال الشقيقين فقي في إثر كشف تلك التفاصيل خلال التحقيق مع داود.
وكان اغتيال فقها في غزة أدخل قادة حركة "حماس" في حالة ارتباك شديدة. وقامت الحركة الشهر الفائت بتنفيذ أحكام الإعدام بحق 3 فلسطينيين أدانتهم باغتيال فقها. ونشرت الحركة بياناً ذكرت فيه أن الثلاثة اعترفوا بالتهم المنسوبة إليهم وبأنهم عملوا لحساب إسرائيل.
•في السنوات الأخيرة تحولت الكلمتان "رؤيا المليون" إلى عبارة شائعة ليس على لسان قادة المستوطنين فقط. ويوجد بين السياسيين الذين يتجولون في أروقة الكنيست أيضاً من يتحدث عن وهم إسكان مليون إسرائيلي في الضفة الغربية كخطة واقعية، حتى في المستقبل القريب. وهم يعتقدون أنه عندما يحدث ذلك، فلن يكون في الإمكان بعد ذلك رسم خريطة فيها دولتان، دولة إسرائيلية إلى جانب دولة فلسطينية، وسيتحول إخلاء واسع النطاق [لمستوطنات] إلى حلم بعيد المنال، حتى لو أصبح اليسار في الحكم.
•وعملياً، يظهر الواقع أنه اليوم أيضاً من الصعب رسم مثل هذه الخريطة، لأن السنوات الخمسين الأخيرة أحدثت تغييرات بعيدة المدى في حجم المستوطنات في الأراضي المحتلة. ويظهر الفحص الذي قامت به "هآرتس" بالاستناد إلى أرقام المكتب المركزي للإحصاءات أنه في سنة 2015 بلغ عدد سكان المستوطنات أكثر من 380 ألف مستوطن. لكن هذه الأرقام هي أرقام جزئية لأنها لا تشمل الذين يسكنون في الأحياء اليهودية في القدس الشرقية، ويقدر عددهم بنحو 210 آلاف شخص وفقاً لـ"معهد القدس لدراسات إسرائيل". أما بشأن كل ما يتعلق بإخلاء مستقبلي محتمل للمستوطنين الذين يعيشون "خارج الكتل" [الاستيطانية] (كما جاء في مبادرة جنيف [الوثيقة التي وضعها ياسر عبد ربه ويوسي بيلين سنة 2003] من دون مستوطنة أريئيل)، فإن الصورة هنا أيضاً معقدة لأن ما يجري الحديث عنه هو نحو 44% من مستوطني الضفة الغربية.
•كي نفهم تطور الواقع في المناطق [المحتلة] يجب العودة إلى الأيام التي تلت حرب الأيام الستة، والتي بشرت بقيام مشروع جديد – مشروع المستوطنات. ولدى النظر إلى خريطة تعود إلى 1968 تظهر خمس نقاط جديدة، لا يقطن فيها سكان كثيرون، خارج الخط الأخضر. وكان حزب العمل هو الذي وقف وراءها عندما قرر استيطان أراضي الضفة، وهناك من قال إن هذا الاستيطان هو لأسباب أمنية. وعلى أي حال يعتقد بنحاس فيلرشتاين، وهو رئيس سابق للمجلس الإقليمي ومن زعماء مجلس يهودا والسامرة وغوش إيمونيم [حركة دينية استيطانية]، أن المستوطنين يدينون بالكثير لليسار. ويذكّر بأن مستوطنة "أريئيل مرت بجميع الإجراءات على يد حزب العمل الذي كان مسؤولاً عن تخطيط المستوطنات قبل انقلاب 1977". ويتابع: "قصة العبور إلى السامرة [منطقة نابلس]، وتكثيف السكن في القدس، وغفعات زئيفي، ومعاليه أدوميم، وبيت حورون - جميعها من إنجاز حزب العمل".
•قد يكون حزب العمل هو الذي بدأ بالبناء في المناطق، لكن الزيادة الدراماتيكية في عدد المستوطنين بدأت فقط بعد سيطرة الليكود برئاسة مناحيم بيغن على السلطة. بعد انتخابات 1977 مباشرة، كانت هناك 38 مستوطنة يعيش فيها 1900 مستوطن. وبعد مرور عشرة أعوام، خلال الثمانينات، قفز عدد المستوطنين إلى قرابة الـ50 ألفاً، يعيشون في أكثر من 100 مستوطنة مختلفة.
•ليس عدد المستوطنات فقط هو الذي كبر بصورة ملحوظة في ظل حكم اليمين، بل طرأت أيضاً تغييرات على طابع هذه المستوطنات وحجمها. "قبل وصول الليكود إلى الحكم كان هناك مستوطنة مدينية واحدة هي - كريات أربع"، هذا ما قاله لـ"هآرتس" البروفسور هيلل كوهن، رئيس "مركز تشيرك لدراسة الصهيونية" في الجامعة العبرية. ويتابع كوهن أنه في السنوات التي تلت بدأت تنشأ مدن في أنحاء الضفة: "لقد كانت هذه سياسة حكومية - زيادة عدد اليهود في المناطق. وهم وضعوا خططاً خمسية وخططاً عشرية، وتحدثوا عن كيفية الوصول إلى 100 ألف وإلى 200 ألف وكيف نصل إلى نصف مليون".
•يشدد كوهن على الدور المهم الذي قام به أريئيل شارون في المشروع الاستيطاني في الضفة الغربية: "من ناحيته، فإن المنطق الذي يكمن وراء انتشار المستوطنات في المناطق هو الحؤول دون إمكانية قيام دولة فلسطينية".
•في السنوات التي امتدت من حين وصول بيغن إلى الحكم وحتى 1984، دفعت الحكومة قدماً بمشروع الاستيطان بكل قواها. هذا ما كتبته البروفسورة مريام بيلجي من جامعة أريئيل في مقال لها بعنوان "إيديولوجيا وتصميم حيّز الوجود في يهودا والسامرة [الصفة الغربية]" نشرته سنة 2008. ووفقاً لكلامها فإن "التباطؤ" حدث مع تشكيل حكومة الوحدة الوطنية في أواسط الثمانينيات، وعندما تشكلت حكومة رابين في 1992 تقرر كبح البناء ووقف إقامة مستوطنات جديدة. لكن في تلك الفترة لم يكن عدد المستوطنات قليلاً، واستمر تدفق الإسرائيليين إليها. وفي سنة 1997 بعد مرور سنة على الولاية الأولى لبنيامين نتنياهو رئيساً للحكومة، بلغ عدد المستوطنين في الضفة نحو 150 ألفاً.
•مرت 20 عاماً على ذلك، وإذا كان عدد المستوطنين كبيراً في ذلك الحين، فإنه يقترب اليوم من 400 ألف، ولايشمل ذلك سكان الأحياء المقدسية الواقعة خارج الخط الأخضر، كما لا تشمل هذه الأرقام سكان البؤر الاستيطانية غير القانونية. ووفقاً لأرقام منظمة "السلام الآن" يوجد في أنحاء الضفة الغربية 97 بؤرة استيطانية غير قانونية. وتشير حاغيت عوفرون، رئيس طاقم متابعة المستوطنات في المنظمة إلى أن هناك بضعة آلاف من السكان يقطنون هذه البؤر. وعلى الرغم من ذلك، ونظراً إلى أن أغلبية هذه البؤر متاخمة لمستوطنات، فمن المحتمل أن إحصاء سكان هذه البؤر يتم ضمن سكان المستوطنة الأم.
طابع مختلف
•مستوطنون، سكان البؤر الاستيطانية، أو "شبان التلال"، صورة هؤلاء في أذهان الجمهور هي غالباً واحدة: هم أبناء المعسكر الديني - القومي. لكن فعلياً فإن الذين يسكنون خارج الخط الأخضر هم أكثر تنوعاً. وتظهر الأرقام أن 100 ألف فقط من مستوطني الضفة في 2015 سكنوا في مستوطنات دينية قومية واضحة، بينما سكن 164 ألفاً في مستوطنات علمانية أو مختلطة.
•لكن التزايد الكبير في عدد المستوطنين يعود بدرجة كبيرة إلى الطائفة الحريدية، التي في أغلبيتها لا تتخطى الخط الأخضر لأسباب أيديولوجية بالضرورة. يقول البروفسور كوهن: "إنه مزيج من ضرورة يفرضها الواقع وقرار من جانب زعماء الطائفة. فقد أدت أزمة السكن في بني براك وفي القدس أيضاً، إلى إقامة الأحياء الحسيدية [فرقة من الفرق الدينية المتشددة]."
•يضيف فيلرشتاين: "بدأ الحريديم في عمانؤيل الصغيرة، لكن عمانؤيل لم تحل لهم أزمة السكن. والاعتبار الذي يلعب دوره بالنسبة للسكان الحريديم هو قرب المستوطنة من المدينة التي يأتون منها". وبهذه الطريقة، مع مرور السنين، أقيمت مستوطنات حريدية ضخمة مثل بيتار (للذين أصلهم من القدس)، ومستوطنة موديعين عيليت (للذين أصلهم من بني براك)، وفي الإجمال كان يسكن في سنة 2015، 118 ألف مستوطن في مستوطنات حريدية واضحة في الضفة.
•على وجه العموم، فإن الاستيطان المديني ليس أمراً خاصاً بالحريديم فقط. وفي2015، كان يسكن نحو 65% من المستوطنين في مستوطنات ذات طابع مديني، والجزء الأكبر من الزيادة في هذا النوع من السكن حدث في التسعينيات وفي سنة 2000. وبالإضافة إلى السياسة الحكومية في تكثيف السكن في المدن، ساهم في ذلك أيضاً الهجرة، وبخاصة من دول الاتحاد السوفياتي سابقاً. يقول كوهن: "في أريئيل وفي معاليه أدوميم، جرى استيعاب مهاجرين، وكذلك يوجد في كريات أربع حضور روسي. وهناك أيضاً الذين جاؤوا إلى المناطق [المحتلة]في فترة متأخرة أكثر وليس كجزء من استيعاب الهجرة، وهؤلاء أشخاص ينتمون إلى الطبقة الوسطى".
•في هذا السياق، برزت مع السنوات ادعاءات ليست قليلة تقول إن كثيراً من المستوطنين في الضفة لم يأتوا إلى هناك لأسباب أيديولوجية، بل فقط للحصول على مساكن أفضل بسعر أرخص. وتعتقد البروفسورة عديت زرتال، مؤرخة وباحثة اجتماعية، أن هذا الوصف ينطبق بصورة خاصة على السنوات 1987- 1997. "لقد كانت هذه فترة استيطان اقتصادي وبصورة أقل كان الاستيطان أيديولوجياً". وتقول: "وهذا يفسر أيضاً الزيادة في المدن- فالمدن يقصدها من يبحث عن شقق". وبحسب كلامها، فإن المدن الاستيطانية التي قامت جرى بناؤها على أراض قريبة من المراكز المدينية الموجودة داخل الخط الأخضر. وتتابع: "على سبيل المثال معاليه أدوميم - هي استمرار للقدس. إن الشخص الذي يملك شقة مساحتها 50 أو 60 متراً مربعاً في القدس، يستطيع الحصول على شقة مساحتها ثلاثة أضعافها والحصول على مبلغ مالي. في رأيي هذا هو العامل المركزي الذي يفسر مثل هذه الزيادة الكبيرة".
•في رأي بيلجي، إن هذا التفسير تبسيطي جداً. تقول: "أعرف أن هناك ميلاً إلى القول إن كثيرين كانوا يرغبون في مسكن أفضل. يوجد من هذا ومن ذاك. هناك حتماً الذين سكنوا في منزل صغير وانتقلوا إلى منازل أكبر بكثير، لكن هناك نسبة كبيرة جداً جرى العكس معهم". وهي ترى أن البناء في المناطق تغير عما كان عليه في الماضي. وتشرح "اليوم هناك ميل إلى بناء منازل أصغر، وهناك طلب على هذا النوع من المساكن".
•ثمة مسألة أخرى مطروحة هي المتعلقة بطابع المستوطنات والذين يسكنون فيها. تقول زرتال: "إن النواة المتشددة والقديمة للأيديولوجيين (وسط المستوطنين حالياً، ي.ب) صغيرة للغاية، وهي في اعتقادي لا تتجاوز الـ5%. وفي مقابل هؤلاء، نشأت نواة أيديولوجية من نوع مختلف - الأبناء والأحفاد، والأصح الأحفاد المتحدرين من النواة المتشددة القديمة. وهم اليوم رأس الحربة، وعددهم كبير جداً، وضررهم أكبر بكثير من حجمهم وسط السكان". ووفقاً لكلامها "القدماء لم يستخدموا قط اللغة التي يستخدمها شبان التلال – وهم يعنون كل كلمة يقولونها. لقد عرف القدماء كيف يلعبون اللعبة السياسية والتلاعب بالمؤسسة السياسية، بينما لا يوجد حوار بين شبان التلال وهذه المؤسسة، وليس هناك منطق سياسي في كلامهم. هم يعيشون داخل فقاعتهم الخلاصية".
ما وراء الجدار
•إن أحد التغيرات المهمة في الضفة الغربية خلال الـ15 سنة الأخيرة هي إقامة جدار الفصل. وفقاً لكلام بيلجي، كان هناك قبل بناء الجدار تخوف بين المستوطنين من أنه قد يبعد سكاناً جدداً عن المنطقة، ولكن يبدو أن هذا لم يرد. وتتابع: "لقد أدى الجدار إلى انخفاض الأسعار خلال زمن معين لكنها ارتفعت بعد ذلك. وفي نظرة بعيدة الأمد لا أرى أن شيئاً مهماً سيحدث." وتوافق عوفرون على هذا الكلام فتقول: "شعوري أنه حدث ارتفاع في عدد السكان ما وراء الجدار أيضاً بعد بنائه، لكن هذا لا علاقة له بالجدار". وفي رأيها أن السبب هو "الهدوء الذي أتاح لأشخاص البدء بالعودة إلى هذه الأماكن"، وكذلك سياسة نتنياهو السماح بالبدء في البناء ما وراء الخط الأخضر.
•وإذا كان الجدار لم يغيّر من الطلب على السكن ما وراء الخط الأخضر، فإنه ربما أثر إلى حد ما على التقسيم، إذا كان ذلك ما يزال ممكناً - فهو يحيط من الناحية الإسرائيلية ما يسمى بـ"الكتل". والمقصود بذلك مستوطنات لن يكون هناك حاجة إلى إخلائها وفقاً لمبادرة جنيف، وتلك المستوطنات بلغ عدد سكانها في 2015 نحو 214 ألف مستوطن. وعلى سبيل المقارنة، يسكن في 106 مستوطنات يجب إخلاؤها وفقاً للخطة التي يجري الحديث عنها، نحو 170 ألف شخص.
•إن إحدى المستوطنات التي لا تدخل بتاتاً في مبادرة جنيف هي مستوطنة موديعين التي تقع كلها ضمن حدود الخط الأخضر، لكنها تحولت مع مرور السنوات إلى نوع من "مركز كتلة" جديدة من مستوطنات في الضفة مثل نيلي وحشمونئيم.
•لقد مرت فترة المئة يوم الأولى لولاية دونالد ترامب، ويمكن الآن تقدير استراتيجيته الأساسية في الساحة الدولية. ومع أنه للوهلة الأولى يمكن أن يتكون انطباع بأن ما يجري هو خطوات مرتجلة من دون تخطيط دقيق، فإن الأمور تتبدل عندما نجمع مع بعضها البعض جملة مبادرات وقرارات وخطوات سياسية اتخذها البيت الأبيض منذ 20 كانون الثاني/يناير.
•يرسم هذا المزيج صورة واضحة لإدارة مصممة على المضي قدماً في رؤياها النيو - انفصالية، التي تسمح بالتقوقع داخل الفضاء الأميركي من دون الخوف من التورط في مغامرة عسكرية ما وراء البحار. ومن أجل التحرك على هذا المسار، وتوظيف الجزء الأكبر من الموارد في الساحة الداخلية، ينشط ترامب بصورة منهجية وحازمة كي يضعف الأطر الدولية القائمة، مثل حلف شمال الأطلسي، الذي في نظره يستولي على الجزء الأكبر من القوة الأميركية وتوجهها مباشرة نحو مراكز أزمات ونزاعات لا علاقة لها بمصالح الولايات المتحدة الأمنية المباشرة.
•على نحو مشابه يجب أن ننظر إلى تدخل الرئيس ترامب في ما يجري على الصعيد الإسرائيلي - الفلسطيني. ففي ضوء امكانية التصعيد ونمو الراديكالية التي ينطوي عليها هذا النزاع المستمر، فإن ترامب معني بتحقيق "صفقة نهائية"، تسّهل عليه عملية الانفصال المتبادلة والعودة إلى بيته. ومن هذه الزاوية، لا يمكن الخطأ في فهم أهمية التزاماته الجازمة بمحاربة الارهاب الإسلامي صنيعة داعش والقاعدة. لأن ذلك لا يتعلق فقط بارسال مقاتلين بحجم كبير إلى ساحة المعركة، بل لأن الانتصار في المعركة يقلل في النهاية من التهديدات على الاستقرار الإقليمي، وعلى الأمن الشخصي للمواطنين الأميركيين.
•في ضوء هذا التطلع الشامل لتأمين الشروط التي تسمح للولايات المتحدة بانسحاب آمن ومن دون مخاطر من الشرق الأوسط، يمكن أن نفسر- ولو جزئياً- محاولة احياء رؤيا الرئيس روزفلت الداعية إلى التعاون الأميركي-السوفياتي في نهاية الحرب العالمية الثانية. فإذا قام الكرملين بما هو مطلوب منه، ووافق على استخدام نفوذه لدى دول وحركات مارقة مثل إيران، فإن هذا الأمر سيمنح هامشاً اضافياً من الثقة لإدارة ترامب في عملية الابتعاد عن قلب هذا الظلام. ولكن ليس واضحاً إلى أي حد هذا الحلم يمكن أن يتحقق.
•من الواضح الآن الجهد الدؤوب ليس فقط من أجل تقليص التدخل العسكري الأميركي ما وراء البحار، بل وأيضاً من أجل تقليص حجم الاستثمارات المالية لصالح مجموعة واسعة من الأمور (مثل اتفاق باريس) التي لا يعتبرها ترامب ذات علاقة بصورة مباشرة بالأمن القومي وبرفاهية بلاد العم سام.