مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
أعلن رئيس الحكومة نفتالي بينت في خطاب ألقاه أمس في القمة المناخية في غلاسكو أمام الأمين العام للأمم المتحدة وزعماء العالم، خطة إسرائيلية بعيدة الأجل لمعالجة الأزمة المناخية، وتعهد أن إسرائيل ستقلص انبعاثات الغازات الدفيئة إلى الصفر حتى سنة 2050، وستوقف تدريجياً استخدام الفحم حتى سنة 2025. ودعا بينت رجال الأعمال الإسرائيليين إلى أن يكونوا رواداً في الاختراعات التكنولوجية لمواجهة الأزمة العالمية للمناخ.
خطة الـ"100 مرحلة"، التي أعلنها بينت في قمة المناخ في غلاسكو، سبق أن عُرضت على الحكومة يوم الأحد الماضي بعد فشل وزارات الحكومة في التوصل إلى اتفاقات بشأن قانون المناخ أو إعلان حالة طوارىء قبل ذهاب رئيس الحكومة إلى غلاسكو. حتى الآن لم يُقَر قانون المناخ بسبب معارضة وزارتيْ المال والطاقة. يمكن أن نضيف إلى ذلك أن الهدف السابق الذي وضعته إسرائيل، وهو خفض الانبعاثات بنسبة 85% حتى سنة 2050، لا ينسجم مع الهدف الجديد صفر الذي أعلنه بينت. وفي رأي خبراء مطّلعين على الموضوع، فإن هذا الإعلان ليس مصحوباً بخطة عمل تفصيلية.
تجدر الإشارة إلى أن حكومات إسرائيل تجاهلت أزمة المناخ على مر العقود. وعود بينت وتحديد أهداف للتخفيف من الانبعاثات في تموز/يوليو الماضي من أجل احترام اتفاق باريس تشكل تقدماً في السياسة الإسرائيلية. لكن مقارنة بالخطوات التي اتخذتها دول أُخرى فإن ما يجري هنا، في رأي العديد من الخبراء في الموضوع، هو استفاقة متأخرة وخطوات متواضعة.
من جهة أُخرى تحدثت صحيفة "يديعوت أحرونوت" (2/11/2021) عن المحادثات التي أجراها بينت مع زعماء العالم خلال حفل الاستقبال الذي أقامه الأمير تشارلز على شرف المشاركين في القمة، وتطرّق خلالها إلى المشكلة الإيرانية، قائلاً إن طهران تتقدم بوتيرة كبيرة في تخصيب اليورانيوم، ولذلك يجب تصعيد الهجمات ضدها على الصعيد العالمي. من جهة أُخرى لم يُطرح الموضوع الفلسطيني في المحادثات.
وذكر مصدر في الوفد المرافق لبينت أن رئيس الحكومة تحدث مع الرئيس الأميركي جو بايدن، ومع رئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون عن الإمكانات العملية للنجاح في محاربة التهديد المناخي. كما أعرب الزعيمان، البريطاني والأميركي، عن حرصهما على الاستقرار السياسي في إسرائيل. والتقى بينت أيضاً الرئيس الهندي، والمستشارة الألمانية، والرئيسين القبرصي والسويسري. كما أجرى محادثات مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تم خلالها حل مشكلة شركة NSO الإسرائيلية وبرنامجها التجسسي الذي استهدف مراقبة الرئيس الفرنسي وشخصيات فرنسية أُخرى. وبحسب مصادر مطلعة، قدم بينت إلى ماكرون التوضيحات المطلوبة واتفق الاثنان على إغلاق الملف.
قام وفد إسرائيلي ضم ممثلين للموساد الأسبوع الماضي بزيارة إلى السودان بعد وقت قصير من الانقلاب العسكري الذي وقع في وقت سابق. وكان موقع إنترنت "السوداني" تحدث عن هذه الزيارة يوم الاثنين من دون أن يذكر تفاصيل أو هدف الزيارة وسبب توقيتها.
في إسرائيل يحافظون على الصمت إزاء كل ما له علاقة بالانقلاب العسكري في السودان، ولم يصدر بيان رسمي حتى الآن بشأن التطورات التي تجري في السودان، الذي انضم قبل عام إلى اتفاقات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل في إطار "اتفاقات أبراهام". وكانت الأسابيع الماضية شهدت اتصالات بين جهات إسرائيلية وجهات سودانية رسمية. لكن مصدراً إسرائيلياً كذّب بشدة تورُّط إسرائيل في الانقلاب.
خلال العام الماضي سعت إسرائيل للدفع قدماً بعلاقاتها مع السودان التي بقيت في مراحلها الأولى مقارنة بالعلاقات الدبلوماسية مع سائر الدول الموقّعة للاتفاقات، مثل الإمارات والبحرين. وذكر مصدر مطّلع للصحيفة أن الوضع الداخلي الصعب في السودان جعل من الصعب الدفع قدماً بالاتصالات مع إسرائيل كما فعلت الدول الأُخرى.
قال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في مقابلة أُجريت معه وتحدث فيها عن التغيرات التي يراها في الكونغرس الآن مقارنة بالكونغرس خلال ولايته: "التغيير الأكبر الذي رأيته هو الأشخاص الذين يسيطرون عليه. فقبل 10-15 عاماً كان يوجد مشرّعون مؤيدون لإسرائيل واليوم هناك توجّه معاكس تماماً. اليوم يوجد ألكسندريا أوكسيو كورتيز وإلهام عمر. الأشخاص الموجودون اليوم في الكونغرس يكرهون إسرائيل بشدة." وأعرب عن دهشته من أن إسرائيل لم يعد لها نفوذ في الكونغرس.
عثرت سلطة نزع الألغام في وزارة الدفاع في هضبة الجولان على ملجأ سوري ضخم مليء بالذخيرة يعود إلى فترة حرب الأيام الستة [حرب حزيران/يونيو 1967] كان الجنود السوريون يطلقون النار منه على وادي الحولة.
والموقع السوري الذي يقع في مكان يسمى "المرتفع" كان أحد المواقع الشديدة التحصين للجيش السوري قبل حرب الأيام الستة، ولا يزال هذا الموقع محاطاً بآلاف الألغام التي تعود إلى فترة حرب حزيران/يونيو. واحتوى الملجأ على قنابل مدفعية وصواعق وأسلحة نارية ومتفجرات وطلقات رصاص بكميات كبيرة. وجرى جمع الذخيرة بهدف تدميرها لاحقاً.
- في 24 تشرين الأول/أكتوبر نقل موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن وكالة الأنباء الفرنسية ما قاله المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي في خطاب ألقاه في طهران وبثه التلفزيون الإيراني: "الدول العربية التي طبّعت علاقاتها مع إسرائيل في السنة الماضية يجب أن تعود عن قراراتها." وأضاف: "للأسف الشديد بعض هذه الحكومات أخطأ أخطاء كبيرة، كما أخطأ بتطبيع علاقاته مع النظام الصهيوني الوحشي. ما جرى هو ضد الوحدة الإسلامية ويجب على هذه الدول التكفير عن الأخطاء الكبيرة التي اقترفتها."
- هذه الأخبار لم تُثِر لدينا ردوداً أو تغطية كبيرة، على الرغم من أنه كان يجب أن تهز الدولة في إسرائيل، شعباً وحكومة وإعلاماً، وكل الذين يحتفلون بـ"اتفاقات أبراهام" منذ أكثر من عام كأنها محفورة في الصخر ولا شيء في العالم يمكنه أن يعيدها إلى الوراء، أو يحدّ منها، أو يلغيها.
- وفي الواقع هناك طرفان قادران، وأخطر من ذلك، هما يريدان تقليص "اتفاقات أبراهام"، وحتى إبطالها، إلى جانب الفلسطينيين، أي السلطة الفلسطينية و"حماس" معاً. هذان الطرفان هما إيران ومسؤولون رفيعو المستوى في إدارة بايدن يستمدون الوحي من بعض الإسرائيليين الذين ما زالوا يؤمنون بوهم "شرق أوسط جديد".
- إيران لم تبارك قط "اتفاقات أبراهام"، والكلام الذي أوردناه أعلاه ليس صادراً عن مسؤول صغير، بل عن المرشد الأعلى الذي تتحول كل فكرة من أفكاره إلى خطوات حقيقية بالنسبة إلى أتباعه. ولأنه قال إن على "الدول العربية التي طبّعت علاقاتها مع إسرائيل العودة عن قراراتها"، يمكن أن يترجم أنصاره هذا الكلام إلى خطوات على الأرض. حتى كتابة هذه السطور، أي بعد أسبوع من صدور هذا الكلام، لم نسمع عن خطوات حقيقية اتخذتها إيران ضد الإمارات والبحرين، لكن ما يفكر فيه المرشد الأعلى بشأن هذه الدول واضح وعلني ومعروف وثابت.
- في المقالات التي كتبتها على هذا المنبر المحترم خلال السنة الماضية حذّرت كل المحتفلين من نشوة الاحتفال، لأن هذه الاتفاقات يمكن أن تتعرض لانعطافة سلبية في اللحظة التي تلمّح فيها إيران إلى الإماراتيين بأن "الاحتفال انتهى"، وإذا لم يفهموا التلميح الكلامي فيكفي سقوط صاروخ في صحراء أبو ظبي كي يقتنع أبناء الإمارات بأن الصاروخ المقبل سيسقط على منشأة نفط. وهم ليسوا مستعدين للتضحية بمصدر حياتهم على مذبح علاقاتهم مع إسرائيل.
- متى ستفعل إيران ذلك؟ عندما يشعر زعماؤها بالثقة الكافية، وفي الأساس إذا نجحوا في جذب الإدارة الأميركية إلى مفاوضات لرفع العقوبات والعودة إلى الاتفاق النووي. بعد مرور لحظات على توقيع الاتفاق، وعلى التقاط صورة المشاركين الأميركيين والإيرانيين مع ابتساماتهم العريضة، سيشعر الإيرانيون بأنهم وضعوا الأميركيين في جيبهم، وبأنهم أحرار الآن ويستطيعون أن يفعلوا في الشرق الأوسط ما امتنعوا من القيام به طوال الأعوام الخمسة الأخيرة، منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض.
- يعلم الإيرانيون جيداً بأنه يوجد أشخاص ضد "اتفاقات أبراهام" في الإدارة الأميركية، وبين ممثلي الحزب الديمقراطي في الكونغرس، وفي مجلس الشيوخ، لأن هذه الاتفاقات همّشت الموضوع الفلسطيني والتفّت عليه. بالنسبة إلى أعضاء في الكونغرس، مثل إلهام عمر ورشيدة طالب وألكسندريا كورتيز وبرني سندرز، في إمكان إسرائيل أن تذهب إلى الجحيم. هناك أشخاص في وزارة الخارجية الأميركية أيضاً تجري المشكلة الفلسطينية في دمهم: هادي عمرو، روبرت مالي، ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، بالنسبة إليهم، "اتفاقات أبراهام" أضرّت بالدفع قدماً بـ"المشكلة الفلسطينية" على طريق الدولة، على الرغم من أن ليس لديهم أي إمكان لمنع تحوُّل هذه الدولة الفلسطينية إلى "حماستان" ثانية، سواء من خلال انتخابات مثل تلك التي جرت في سنة 2006، أو من خلال السيطرة العنيفة، مثل التي حدثت في غزة في حزيران/يونيو 2007.
- النهج السلبي لوزارة الخارجية الأميركية حيال "اتفاقات أبراهام" برز هذا الأسبوع في 25 تشرين الأول/أكتوبر، عندما قال الناطق بلسان وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس إن الانقلاب العسكري في السودان يستدعي إعادة فحص تقدُّم التطبيع بين السودان وبين إسرائيل، والموقّع قبل عام ضمن إطار "اتفاقات أبراهام". لكن ما هي العلاقة بين الانقلاب العسكري في السودان وبين التطبيع بينه وبين إسرائيل؟ وهل إسرائيل مسؤولة عمّا يجري في السودان؟ التفسير هو أن الإدارة الأميركية تعتبر الديمقراطية وحقوق الإنسان من أهم المبادىء، وإذا استولى الجيش في دولة معينة على السلطة، فعندئذ يجب على كل دول العالم تجميد علاقاتها مع هذه الدولة، وهذا هو سبب الضغط على إسرائيل لتجميد الفصل السوداني من "اتفاقات أبراهام".
سوء فهم أساسي
- في 28 تشرين الأول/أكتوبر تحدثت المراسلة السياسية لقناة "كان" عن عمليات جس نبض إسرائيلية تجري مع الإمارات بهدف إشراكها في دفع رواتب قادة "حماس" بدلاً من قطر. بعد عملية "حارس الأسوار" توجّه عدد من كبار المسؤولين الإسرائيليين إلى الإمارات لفحص ما إذا كانت الإمارات مستعدة لتمويل الرواتب التي تحوَّل إلى "حماس".
- هذا الكلام لا يوضح ما إذا كان هذا التوجه جرى في أثناء وجود حكومة بنيامين نتنياهو أو خلال ولاية حكومة بينت. في جميع الأحوال، مَن قرر التوجه إلى الإمارات يعاني عدم فهم أساسي للشرق الأوسط. في الإمارات كما في السعودية يعتبرون تنظيمات الإخوان المسلمين، وعلى رأسها "حماس"، عدواً أكثر خطراً من العدو الإيراني...
- إذا شعرت إيران في المستقبل بأنها ارتاحت من الضغوط الاقتصادية والعسكرية، وخصوصاً إذا كان لديها "بطاقة تأمين" على صورة اتفاق نووي وقنبلة نووية، حينها ستبدأ بالضغط على الإمارات والبحرين لتقليص "اتفاقات أبراهام"، وربما الضغط عليهما لتقديم المال رغماً عنهما إلى سلطة "حماس" في غزة.
- تصاعُد العنف في المناطق ضد الفلسطينيين هو من سِمات الحكومة الحالية، وما من طريقة أُخرى لقول ذلك. هذه الحقيقة يجب أن تطرد النوم من أعين أعضاء الائتلاف الحالي، أو على الأقل من أعين الذين يعتبرون أنهم ينتمون إلى معسكر الوسط - اليسار. اقتحام القرى في جنوبي الخليل، والوقوف ضد قوات الجيش الإسرائيلي، وإقامة بؤر استيطانية جديدة وشرعنة بؤر قديمة، والإعلان الأخير لبناء آلاف الوحدات السكنية ما وراء الخط الأخضر - كل هذا يجري خلال وجودهم في الحكم.
- عندما نبّهت عدداً من أعضاء الائتلاف من ذلك استُقبلت بالتجاهل. هم يقولون نحن بالتأكيد نؤيد حل الدولتين، لكن في الظروف السياسية الحالية هذا غير ممكن، ولا نستطيع أن نفعل شيئاً. كما لو أن هذا الواقع ظاهرة طبيعية وليس له علاقة بقرارات سياسية تتخذها القدس. لقد سمعت ردوداً مشابهة من شخصيات رفيعة المستوى تحتل مناصب عالية في "حكومة التغيير". تعكس هذه الردود نهجاً ونمط تفكير يميز جزءاً من هذا المعسكر. في أساس هذه الردود الافتراض أن موقفهم المعلن يتلخص في دعمهم المبدئي للعملية السياسية. كل النواحي الأُخرى لواقع الاحتلال: العنف، والانتهاكات، وعدم احترام حقوق الإنسان، والتعطيل المنهجي لحياة الفلسطينيين، هي "ظواهر ثانوية" أو "ظواهر طبيعية"، من الخطر سياسياً الوقوف ضدها.
- هذا خطأ مزدوج. أولاً، إسرائيل مسؤولة عن مصير الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال. والجمود السياسي يجب ألا يكون ذريعة للاستمرار في انتهاك حقوق الإنسان، والعنف والنهب من طرف المستوطنين والدولة والجيش الإسرائيلي. إن المحافظة على سلطة القانون واحترام حقوق الإنسان يجب أن يكونا في مركز اهتمام ممثلي اليسار والوسط - اليسار في الكنيست وفي الحكومة. ثانياً، العالم لم يعد يتأثر بمشهد العملية السياسية. الوعود باستئناف المفاوضات، والمؤتمرات ولقاءات القمة الاحتفالية لا يمكنها أن تشكل بعد الآن ذريعة لاستمرار الواقع الذي لا يطاق في المناطق. ما كان يصح في أيام أوسلو وكامب ديفيد وأنا بوليس لم يعد يصح الآن.
- نهج نتنياهو المستهتر إزاء العملية السلمية خلال الأعوام الـ 12 الأخيرة أدى إلى توقفها الكامل، وجعل المجتمع الدولي أكثر ذكاء وأقل سذاجة. اليمين الذي يبتهج لإزالة القضية الفلسطينية من جدول الأعمال هو على حق إلى حد ما: إذ يبدو أن الرئيس الأميركي جو بايدن لا يعلق آمالاً كبيرة على الموضوع، والدليل أن تصريح رئيس الحكومة نفتالي بينت في آب/ أغسطس، والذي قال فيه إن الدولة الفلسطينية لن تقوم خلال ولايته، استُقبل بلا مبالاة أميركية لافتة. لكن هذا الانتصار باهظ الثمن لليمين: عدم الدفع قدماً بكل ما له علاقة بالعملية السياسية لا يعني إزالة الموضوع الفلسطيني من جدول الأعمال، بل معناه استبدال مسألة الاستقلال الفلسطيني بنقاش متزايد لانتهاكات حقوق الإنسان وسوء معاملة الفلسطينيين. ومن أجل تغيير هذا الواقع لسنا بحاجة إلى شريك، بل ببساطة إلى قرار إسرائيلي.
- العمى المزمن لليمين ومعارضته الصارمة لأي حوار مع الفلسطينيين دفعا حكومات إسرائيل إلى تفضيل "حماس" على السلطة الفلسطينية، والعودة فقط إلى حضنها عندما تصبح غير ذات دلالة ولا تحظى بتأييد شعبي. هؤلاء الذين يتبجحون اليوم بتراجُع أهمية حل الدولتين يمكن أن يكتشفوا أنه حل محله ضغط لتحقيق مساواة الجميع في الحقوق ما بين النهر والبحر. الوسط - اليسار لم ينتهج بعد المعادلة المضادة: إذا كان العالم في الماضي وافق على غض النظر عن بعض المظاهر القبيحة للاحتلال ما دام هناك أفق سياسي يؤدي إلى انتهاء الاحتلال في تاريخ ما، فإن فرضية العمل البراغماتية اليوم هي: إذا كانت إسرائيل تتصرف كأن الاحتلال غير موقت فسيكون من الصعب بعد اليوم السكوت عن انتهاكات حقوق الإنسان المنهجية ونهب الفلسطينيين.
- بالاستناد إلى منظمة "يش دين"، وقع ما لا يقل عن 26 هجوماً على الفلسطينيين من طرف مستوطنين خلال موسم الحصاد هذا الشهر. تمدُّد عنف سكان البؤر الاستيطانية إلى قرى جبل الخليل بات أمراً روتينياً، وحتى الأطفال من ذوي الثلاثة أعوام ليسوا بمنأى عنها. يتواصل بناء البؤر الاستيطانية وشرعنتها على يد الحكومة، ولا يزال السيف مسلطاً فوق رؤوس سكان حي الشيخ جرّاح وبطن الواد وخان الأحمر. إذا كان تصريح بينت بمثابة ضربة خفيفة بالنسبة إلى الإدارة الأميركية، فلا يمكن قول ذلك عن إعلان وزير الدفاع بني غانتس تصنيف ست منظمات اجتماعية فلسطينية مدنية كتنظيمات إرهابية.
- هذه الأحداث تثير في العالم غضباً أكبر مما يثيره تصريح مصدر حكومي عن العملية السياسية. الانطباع السائد هو أن حكومة إسرائيل، سواء كانت حكومة يسارية أو يمينية أو حكومة وسط، تستخف بوضع حقوق الإنسان للسكان الواقعين تحت سيطرتها. من الصعب القول إن هذا الاستنتاج خاطئ. وما لا يقل أهمية هو رد الجالية اليهودية، ليس هناك من سبيل للتوفيق بين وجهة النظر الليبرالية ليهود الولايات المتحدة، الذين يصبحون تقدميين أكثر فأكثر مع مرور الزمن، وبين الأفعال التي تجري أمام أنظارهم في الدولة التي يؤيدونها. والنتيجة التي لا مفر منها هي البعد والاغتراب.
- لا يمكن تجاهُل ذلك أكثر. بحماية اعتبارات سياسية من جميع الأطراف، تكشف الحكومة الحالية ضعفاً غير مسبوق وتتجرأ على تجاوز خطوط حمراء حتى نتنياهو تردد في اجتيازها. هذه الاعتبارات التي كان مصدرها الرغبة في الحؤول دون وقوع مواجهات داخلية والمحافظة على استقرار الحكومة حتى إقرار الميزانية - لا يمكن أن تبرر ما يجري على الأرض. القضاء على إرهاب المستوطنين المتطرفين واحترام حقوق كل مَن يعيش تحت السيطرة الإسرائيلية هما المهمتان الأساسيتان والأكثر إلحاحاً للحكومة الحالية. ورقة التين السياسية لا يمكنها بعد الآن ستر إخفاقات الاحتلال.