مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال رئيس الحكومة نفتالي بينت اليوم إن إسرائيل "تواجه فترة معقدة من المحتمل أن نكون فيها على خلاف مع أفضل أصدقائنا. وحتى لو حدثت العودة إلى الاتفاق النووي، فإن إسرائيل ليست طرفاً فيه وليست ملزمة به". وأضاف: "لقد حرصت إيران على إحاطة إسرائيل بالميليشيات والصواريخ من كل اتجاه، وبرنامجها النووي أصبح في مرحلة متقدمة جداً".
وأضاف بينت: "على الرغم من ذلك، فإن إيران عرضة للأذى أكثر مما نعتقد، والنظام الإيراني في حالة تآكل، فهو غير قادر على تأمين المياه لمواطنيه، واقتصاده ضعيف، وحكمه فاسد، ويسيطر بالقوة والترهيب. وجاء كلام بينت هذا في خطاب ألقاه في مؤتمر أمني عُقد في جامعة ريخمان في هرتسليا.
وانتقد رئيس الحكومة سلوك الحكومة السابقة برئاسة بنيامين نتنياهو بعد توقيع الاتفاق النووي في سنة 2015، قائلاً: "الأخطاء التي ارتكبناها بعد توقيع الاتفاق النووي الأول لن تتكرر... لقد كان تأثير التوقيع فينا مثل تأثير حبة المنوم. دولة إسرائيل، ببساطة، نامت خلال نوبة الحراسة". وشدد بينت على أن إسرائيل ستتعلم من أخطائها، وستحافظ على حرية عملها.
وأضاف: "في العقد الأخير كنا نشاهد إيران من كل نافذه في دولة إسرائيل؛ في الشمال الشرقي، الميليشيات الشيعية في سورية؛ في الشمال، حزب الله؛ في الجنوب "حماس" والجهاد الإسلامي". وقال إنه عندما استلم منصبه قبل نصف سنة دُهش من الفجوة القائمة بين الخطابات وبين الأفعال. وأشار إلى أنه "وجد فجوة مقلقة بين أقوال من نوع لن نسمح لإيران قط بأن تكون نووية وبين الإرث الذي حصلت عليه".
تجدر الإشارة إلى أن تقريراً نشرته "النيويورك تايمز" أمس ذكر أن موظفي الإدارة الأميركية حذروا إسرائيل من أن مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية ليست مفيدة في المدى البعيد. وبحسب التقرير، قال الأميركيون لنظرائهم الإسرائيليين إنه على الرغم من أن هذه الهجمات كانت "مرضية تكتيكياً"، فإنها أضرت بمساعي كبح البرنامج النووي الإيراني. ورد عليهم الإسرائيليون بأنهم لا ينوون وقف عملياتهم.
وجاء في التقرير أنه في الأعوام الأخيرة نُسبت إلى إسرائيل هجمات ضد البرنامج النووي الإيراني، وعملت إسرائيل مع الولايات المتحدة قبل أكثر من عقد لإحباط إنتاج أجهزة الطرد في منشأة نتانز بواسطة هجمات سيبرانية. لكن مصادر إسرائيلية وأميركية قالت إن إيران حسنت في الأعوام الماضية من قدراتها على التصدي لمثل هذه الهجمات. ولدى طهران اليوم قدرة هجومية في المجال السيبراني واستخدمت هذا المجال أكثر من مرة ضد أهداف أميركية.
قال وزير الدفاع بني غانتس في كلمة ألقاها في المؤتمر الأمني في جامعة ريخمان إن "إسرائيل ليست شعباً يعيش وحيداً، وليست وحدها مَن يواجه التهديد الإيراني." وأضاف: "تحاول إيران أن تتحول إلى دولة ذات هيمنة إقليمية ثم دولية، وفرض أيديولوجيا متطرفة تدوس على حقوق الإنسان وتشنق المثليين وتُقصي النساء، وتخصص الموارد لمصلحة النظام. يمتاز الأسلوب الإيراني بالسيطرة على دول ضعيفة، مثل اليمن الذي يحتل المركز الأخير بين الدول الهشة، وسورية التي تحتل المرتبة ما قبل الأخيرة، والعراق ولبنان. والأسلوب واضح: first we take Damascus than we take Berlin" [في البداية نسيطر على دمشق، ثم نسيطر على برلين].
وكشف غانتس أن "الإيرانيين يستخدمون قواعد في مدينتيْ أبهر وقشم جنوب إيران للقيام بهجمات بحرية بواسطة المسيّرات. كما حاولت إيران تهريب مسيّرات ومواد ناسفة من سورية إلى أطراف في الضفة الغربية." وأشار غانتس إلى أن إيران تحاول تهريب السلاح إلى خارج المنطقة، فهي تنقل النفط والسلاح إلى ڤنزويلا، وتستخدم فيلق القدس في جنوب أميركا، وتحاول التغلغل في أفغانستان. ويُستخدَم الإرهاب الإيراني بموافقة المرشد الأعلى خامنئي وتحت إشراف قيادة النظام. ومن أدواته المركزية الطائرات من دون طيار، والسلاح الدقيق القادر على الوصول إلى أهداف استراتيجية على بُعد آلاف الكيلومترات، وإيران تهدد اليوم الدول السنية والقوات الدولية في الشرق الأوسط، وأيضاً أوروبا وأفريقيا".
في ختام كلمته تطرّق غانتس إلى أهمية التعاون الدولي ضد إيران، فقال: "في مواجهة التهديد، لدى العالم أدوات كثيرة للتحرك، ويتعين عليه إعداد الخطة ب بالإضافة إلى الخيار الدبلوماسي. سنواصل التعاون الكامل مع أصدقائنا الأميركيين ومع دول أُخرى. العالم لديه الوسائل والمصلحة لكبح إيران التي تضر بالاقتصاد والسياسة الخارجية والأمن والقيم الأخلاقية"، وخلص إلى القول: "لا شك في أنه من الأفضل التوصل إلى حل دبلوماسي، لكن يجب أن يُطرح إلى جانبه أيضاً استخدام القوة التي تشكل استمراراً للدبلوماسية بوسائل أُخرى. فأحياناً يمكن لاستخدام القوة وإظهارها منع استخدام قوة شديدة جداً."
من جهة أُخرى، تحدث قائد سلاح الجو اللواء عميرام نوركين في المؤتمر وتطرّق إلى موضوع إيران، قائلاً: "لن أدخل في تفاصيل الخطط العملانية، لكن هناك شيئاً يتفق عليه الجميع، وهو ضرورة طرح خيار عسكري على الطاولة. الجيش يبني هذه الخطة بالتعاون مع المستوى السياسي. أفترض أن علينا التسريع في جزء من خططنا في المشتريات العسكرية، والتوصل إلى وضع تكون لدينا قدرة على التزود بالوقود في المسافات البعيدة وخطط أُخرى". فيما يتعلق بالهجمات في سورية، والتي تُنسب إلى إسرائيل، قال نوركين: "لا أعتقد أن الإيرانيين سيغادرون سورية بسرعة، لكن هناك حديثاً على المستوى السياسي مع الروس بأن لا مصلحة لنا في إلحاق الأذى بالنظام السوري، بل بالأطراف التي تتحرك تحته، وعلى النظام السوري أن يبذل جهده لإخراج هؤلاء."
قال رئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ في أثناء لقاء مع أعضاء من البرلمان البريطاني من الحزبين الكبيرين، خلال الزيارة التي يقوم بها إلى بريطانيا، إن على جميع الأطراف أن يكونوا صارمين مع إيران بقدر الممكن لدى استئناف المحادثات النووية في ڤيينا. وأضاف هرتسوغ: "من واجب الدول الكبرى أن تكون قوية، وأن توضح أن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة." وعندما سُئل عن الوضع في قطاع غزة قال: "غزة مخطوفة من 'حماس' التي تتلقى الأوامر من ائتلاف الكراهية بقيادة إيران. مصر تلعب دوراً استراتيجياً مهماً، لكن للأسف ما دامت 'حماس' تسيطر على غزة، فإن هذا لن يقودنا إلى شيء. هناك محاولة للتفريق بين الشعب في غزة وبين 'حماس' ، وبهذه الطريقة تعمل آلية تحويل الأموال."
وقال هرتسوغ إن العلاقات بين إسرائيل وبريطانيا جيدة على الرغم من الاختلافات، وأشار إلى أنه سيلتقي غداً رئيس الحكومة بوريس جونسون. وتحدث هرتسوغ عن حدوث تغيير جذري في المنطقة، قائلاً: "في الماضي كانت مصر والأردن تتعاملان معنا كأعداء، واليوم نحن شركاء استراتيجيون. إسرائيل هي جزء من ائتلاف لديه مصلحة في الدفع قدماً بالسلام والحوار البنّاء بهدف تطوير التعاون على كل الجبهات، ومواجهة الكراهية والإرهاب والعداء للسامية من أبشع الأنواع." وفي رأيه، في مواجهة هذا الائتلاف يقف "ائتلاف الكراهية لإيران" الذي يرسل أذرعته إلى دول أُخرى. وادّعى أن العدوانية الإيرانية هي التي أدت إلى انهيار لبنان وغزة.
أظهر استطلاع أجراه المعهد الإسرائيلي للديمقراطية أن أغلبية الإسرائيليين تؤيد تحويل الجيش إلى نموذج جيش احترافي بدلاً من الجيش الإسرائيلي كما هو اليوم. نحو 47% من الذين شملهم الاستطلاع في القطاع اليهودي يؤيدون الجيش الاحترافي مقابل 42 يعارضون الفكرة. وعلى الرغم من وجود أكثرية تقدّر القدرة المهنية للجيش الإسرائيلي وعقيدته القتالية، فإن هناك مَن ينتقد السلوك الاقتصادي للجيش.
رئيس المعهد يوحنان بلسنر قال: "تكشف نتائج الاستطلاع إلى أي حد أصبح النموذج التاريخي لجيش الشعب مصطلحاً هشاً في الواقع"، وحذّر بلسنر من هذا التوجه، فقال إن خيار جيش احترافي يجب ألاّ يُطرح، لأنه من دون نموذج جيش الشعب لا يمكن ضمان أمن إسرائيل.
- نهاية جيدة وكل شيء جيد. الزوجان أوكنين أُطلِق سراحهما من السجن التركي وعادا إلى منزلهما بعد 8 أيام صعبة عاشاها وعاشها أفراد عائلتيهما. من حسن الحظ انتهت القضية قبل أن تحول وسائل الإعلام الإسرائيلية "العاصفة في فنجان" إلى تسونامي كان يمكن أن يُبقي الزوجين في السجن فترة طويلة، وربما يؤدي إلى انهيار العلاقات الإسرائيلية - التركية.
- الآن انتقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية من حالة الكآبة إلى النشوة، وحلت محل التقديرات بشأن أزمة عميقة في العلاقات بين أنقرة والقدس توقعات وردية لا علاقة لها بالواقع تتحدث عن عودة متوقعة للحرارة في العلاقات بين الدولتين.
- الحقيقة البسيطة هي أن لهذه العلاقات سقفاً من زجاج لا يمكن ومن غير المفيد كسره. تحت هذا السقف توجد شبكة علاقات معقولة ومقبولة وهي أفضل من علاقات إسرائيل مع دول أُخرى في المنطقة. فمتى زار سياح إسرائيليون، مؤخراً، القاهرة أو عمّان بأعداد كبيرة؟ شبكة العلاقات هذه يجب المحافظة عليها ودفعها إلى الأمام، لكن يجب ألّا نتوقع أن في استطاعتنا تحقيق أكثر من ذلك.
- في الحقيقة، تحولت إسرائيل وتركيا في تسعينيات القرن الماضي إلى حليفين قريبين، وكان بينهما تعاون وثيق، في الأساس في المجال العسكري والأمني. بالإضافة إلى ذلك، ازدهرت العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وتحولت تركيا إلى هدف مفضّل للسياح الإسرائيليين.
- لكن منذ صعود أردوغان إلى الحكم في أنقرة في مطلع الألفية الثانية واجهت العلاقات بين الدولتين أزمة مستمرة، وتحولت إلى رهينة الصعود والهبوط في العلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين، وكل حادث يجري في الضفة الغربية والقدس، أو في قطاع غزة، كان يقود أردوغان إلى الهجوم على إسرائيل، والوصول أحياناً إلى حدود العداء للسامية، وإلحاق الضرر بدرجة تمثيلها الدبلوماسي في أنقرة وإستانبول.
- لكن في الوقت عينه لم يتجاوز أردوغان الحدود وامتنع من المس بالعلاقات الاقتصادية بين الدولتين، التي استمرت في النمو والازدهار. وهذا الأسلوب يكرره أردوغان في علاقاته مع الدول الأُخرى في العالم، وعلى رأسها الدول الأوروبية والولايات المتحدة التي يهاجمها بشدة، لكنه في المقابل يحرص على عدم المس بالعلاقات الاقتصادية معها.
- لكن لهذه السياسة ثمن أيضاً. الاقتصاد التركي في حالة انهيار ومنظومة العلاقات مع الولايات المتحدة في أزمة، وهو يعمل على تحسين علاقاته مع مصر تحت حكم الجنرال عبد الفتاح السيسي، ومستعد من أجل هذه الغاية لطرد الإخوان المسلمين الذين قدم لهم ملجأً في تركيا. كما أنه مستعد لأن يستقبل ولي عهد دولة الإمارات استقبال الملوك، وهو الذي استدعى قبل عام فقط سفيره من أبو ظبي، احتجاجاً على اتفاقات أبراهام.
- لكن يبقى أردوغان سياسياً من الصعب توقُّع ردات فعله، ويمكن الافتراض أنه عندما تنشب الأزمة المقبلة في العلاقة بين إسرائيل والفلسطينيين فإن "أردوغان سيقفز مرة أُخرى".
- هذا لا يعني أنه يجب التخلي عن تركيا. فوجود حوار بشأن مسائل أمنية إقليمية هو أفضل دائماً من القطيعة. يجب أن نبذل كثيراً من أجل الدفع قدماً بالعلاقات الاقتصادية بين الدولتين. يجب فقط أن نعرف حدود الموضوع، وبالتأكيد يجب ألّا نتنازل، في مقابل الحوار مع أنقرة، عن شبكة العلاقات والتحالفات في مجالات الاقتصاد والطاقة والأمن، التي أقامتها إسرائيل مع قبرص واليونان ومصر. بدلاً من ذلك، فلتتفضل أنقرة وتصبح شريكة مرغوباً فيها إلى جانب كل هؤلاء.
- من المفترض أن تُستأنف المحادثات للعودة إلى الاتفاق النووي في ڤيينا في 29 تشرين الثاني/نوفمبر بعد توقُّف استمر خمسة أشهر، وبعد مرور أربعة أشهر على تولّي إبراهيم رئيسي منصب رئيس الجمهورية في إيران. تشدد مصادر أوروبية على أنه، حتى بعد جولة محادثات مع الرئيس الجديد لطاقم المفاوضين الإيرانيين علي باقري، ليس واضحاً بالنسبة إليهم موقف القيادة الإيرانية الجديدة، سواء فيما يتعلق بسير المحادثات؛ هل ستُستأنف من النقطة التي توقفت عندها، أم ستطالب إيران بإعادة طرح قضايا نوقشت واتُّفق عليها؛ أو فيما يتعلق برغبتها في العودة إلى الاتفاق. الإيرانيون، من جهتهم، يصرّحون بأنهم مهتمون بالعودة إلى الاتفاق، لكن بحسب التسريبات إلى وسائل الإعلام، يبدو أن إيران ستركز في الجولة المقبلة على مسألة الرفع الكامل للعقوبات عنها - بما فيها تلك التي فرضتها في الماضي إدارتا أوباما وترامب، والتي لا علاقة لها بالمسألة النووية مباشرة، من دون التطرق بتاتاً إلى موضوع البرنامج النووي. بالإضافة إلى ذلك، تحدثت وسائل الإعلام الإيرانية عن مطالبة إيران التأكد من رفع العقوبات عنها قبل الطلب منها القيام بخطوات تعيد تقدُّمها في برنامجها النووي إلى الوراء، كما ستطالب بتعهدات من الإدارة الأميركية بأن الولايات المتحدة لن تنسحب مجدداً من الاتفاق.
- في المقابل، عشية المحادثات وقبل اجتماع مجلس المحافظين (24-26 تشرين الثاني/نوفمبر)، نشرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرين؛ تقرير حالي يفصّل انتهاكات إيران للاتفاق النووي، ويشدد على الاستمرار في تكديس مواد مخصّبة على درجة عالية، واستمرار منع الرقابة والتدقيق بالصور التي جُمعت؛ وتقرير يفصّل القضايا الخلافية مع إيران بشأن ما يُعتبر انتهاكاً لقانون منع انتشار الأسلحة النووية NPT، ويشمل ذلك عدم تقديم توضيحات تتعلق بمواد وأنشطة كُشف عنها في أربع منشآت لم تعلم الوكالة بها.
- على هذه الخلفية، دُعي الأمين العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رفائيل غروسي إلى محادثات مع القيادة الإيرانية في محاولة للتوصل مجدداً إلى اتفاقات للتعاون الذي توقّف أغلبه منذ شباط/فبراير الماضي. حتى اليوم، معظم الاتفاقات التي توصل إليها غروسي مع الإيرانيين لم تُنفّذ، وساعدت، مرة تلو الأُخرى، في تأجيل صدور قرار إدانة عن مجلس المحافظين في الوكالة، والذي يمكن أن يشكل أساساً لتحويل الموضوع إلى مجلس الأمن ونسف إمكان استئناف المحادثات.
- تبذل الإدارة الأميركية جهداً دبلوماسياً مكثفاً قبيل استئناف المحادثات، وتسعى بقدر الممكن لإظهار موقف موحد بينها وبين شركائها في المفاوضات وبين أطراف في الشرق الأوسط. ضمن هذا الإطار، التقى الرئيس بايدن زعماء فرنسا وبريطانيا وألمانيا على هامش قمة الدول العشرين، هذه اللقاءات خُصصت بصورة استثنائية لمناقشة المسائل المتعلقة بإيران. كما طُرحت المسألة الإيرانية في المحادثات بين الرئيس بايدن والرئيس الصيني، وكذلك في المحادثات بين المدير الأميركي للمفاوضات روبرت مالي وبين جهات روسية. هذا النشاط الدبلوماسي المكثف دفع بشركاء واشنطن في الاتفاق النووي، وبينهم روسيا، إلى دعوة إيران إلى العودة إلى الاتفاق النووي، كما دفع بوزير الخارجية الألماني إلى دعوة إيران إلى مواصلة المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها. في هذا السياق، حذّر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إيران من الذهاب إلى المفاوضات مع "موقف مخيب للأمل". في المقابل، زار روبرت مالي إسرائيل والسعودية والإمارات. وفي السعودية عُقد اجتماع غير مسبوق في 18 تشرين الثاني/نوفمبر بين ممثلين للولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وممثلين لدول الخليج ومصر والأردن. تجدر الإشارة إلى أن الإدارة الأميركية تحرص على التعامل بحذر مع إيران، وفي أواسط تشرين الأول/ أكتوبر امتنعت من الرد العسكري على هجوم نفّذته الأخيرة ضد قاعدة أميركية في منطقة التنف في سورية.
- أيضاً، توظف إيران جهوداً دبلوماسية عشية البدء بالمحادثات: نائب وزير الخارجية الإيراني ورئيس وفد المحادثات في ڤيينا أجرى جولة محادثات في دول أوروبية؛ كما تبذل إيران جهداً خاصاً للتأكد من أن روسيا والصين ستؤيدان مواقفها. ومنذ أشهر يجري حوار بين إيران ودول الخليج، وفي الأيام المقبلة سيقوم شقيق ولي عهد الإمارات ومستشار الأمن القومي بزيارة إلى طهران هي الأولى من نوعها.
- لا تزال المصلحة الأميركية تكمن في التوصل إلى حل دبلوماسي يكبح تقدُّم إيران في برنامجها النووي. يأتي هذا بعد أن أدّت جهود طهران في مجال تخصيب اليورانيوم على درجة عالية إلى تقصير الجدول الزمني الذي وضعه الاتفاق النووي بصورة كبيرة - إبقاء إيران على مسافة عام من قرار إنتاج كميات كافية من المواد في منشأة نووية. وبحسب مجمل المواقف الصادرة عن الإيرانيين، لا يمكن التقدير ما إذا كان النظام قرر العودة إلى محادثات ڤيينا مع نية حقيقية لإجراء محادثات والتوصل في نهايتها إلى اتفاق يعيد الوضع إلى ما كان عليه سابقاً، بحسب الاتفاق النووي العائد إلى سنة 2015، أم أن طهران قررت عدم العودة إلى الاتفاق الأصلي، وذهابها إلى ڤيينا هو استجابة للضغوط التي مورست عليها، وهدفها أن تثبت في نهايتها أن الولايات المتحدة هي المتهمة بفشل المحادثات (المتوقع سلفاً). في كل الأحوال، تذهب إيران إلى المحادثات مع شعور قوي بأنها نجحت في تحريك أدوات الضغط، وأن الزمن يعمل لمصلحتها. وبعكس الماضي، تذهب الولايات المتحدة إلى المحادثات بعد نجاحها في التوصل إلى تفاهم في الساحة الدولية ووسط دول الخليج على أن العودة إلى الاتفاق هي الحل الأفضل، وهي تُظهر نفاذ صبر واضح وتريد بشدة إزالة الموضوع الإيراني من جدول الأعمال كي تتفرغ لمعالجة مشكلات أكثر إلحاحاً بالنسبة إليها.
- في مثل هذه الظروف، السيناريو الأكثر معقولية في الأشهر القادمة هو عدم الحسم، مع المحافظة على الغطاء الدبلوماسي لمحادثات ڤيينا. فبعد جولة المحادثات المقبلة، وعندما يعرض الوفد الإيراني مطالبه القصوى ويقوض جزءاً من الاتفاقات التي جرى التوصل إليها في جولات المحادثات السابقة، سيعود الأطراف إلى دولهم للتشاور، ومواصلة الاتصالات ستكون في سنة 2022. والتقدير أنه سيمر نصف سنة قبل أن يُقرَّر ما إذا كان هناك جدوى من استمرار المحادثات.
- يطغى على الإدارة الأميركية، وعلى شركاء آخرين في الحوار مع إيران، الفهم بأن فرص فشل المحادثات في الظروف الحالية أكبر بكثير من إمكان التوصل إلى تفاهمات للعودة الكاملة إلى الاتفاق النووي، كما تُطرح أفكار مختلفة ليس واضحاً احتمال تحقيقها للحؤول دون الحاجة إلى انتهاج خطوات يمكن أن تؤدي إلى تصعيد، ثمة شك في فائدتها. وذُكر، من بين أمور أُخرى، أن واشنطن تبحث مع إسرائيل فكرة اتفاق موقت (less for less) توقِف إيران، في إطاره، كل انتهاكاتها للاتفاق النووي (تخصيب اليورانيوم على درجة عالية، معالجة اليورانيوم المعدني، تخصيب في أجهزة طرد مركزية متطورة)، مقابل أن تسمح الولايات المتحدة بتصدير النفط الإيراني، وتحرير جزء من الأموال الإيرانية المجمدة في الخارج. في هذه المرحلة، إيران تعارض الفكرة علناً.
- يتعين على إسرائيل، في أثناء بلورة سياستها إزاء استئناف المحادثات النووية، أن تأخذ في حسابها المصلحة الأميركية في التوصل إلى حل، أو ملاءمة خط دول الخليج وفق موقف واشنطن، التي تدفع هي نفسها بحوار مع إيران. إصرار إسرائيل على الرفض المطلق للحلول الدبلوماسية سيضر بدورها في التحركات الدولية، وسيجعل من الصعب عليها إحباط اتخاذ خطوات تتعارض مع مصالحها. امتناع إسرائيل من الدخول في جدل علني مع الإدارة الأميركية يسمح لها بإجراء حوار استراتيجي تستطيع، في إطاره، تسوية حججها والتأثير في السياسة الأميركية. في الوقت عينه، تلويح إسرائيل بخيار عسكري في الظروف الحالية يؤكد هامشيتها في العملية الحالية، أي استئناف محادثات ڤيينا، ويُلحق الضرر بأهمية هذا الخيار وفعاليته، في ضوء الفهم أن هذا الخيار ليس هو الخيار العملي في الظروف الحالية، وهو بالتأكيد لا يحظى بدعم أميركي.