مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت إن إسرائيل ستحاسب كل من له علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالاعتداءات والعمليات المسلحة الأخيرة، وأكد أن قوات الجيش الإسرائيلي تعمل ليلاً نهاراً في منطقة جنين من أجل استهداف جذور هذا التطرف.
وأضاف بينت في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في مستهل الاجتماع الذي عقدته الحكومة الإسرائيلية أمس (الأحد): "إن دولة إسرائيل انتقلت إلى وضع الهجوم في إثر تقييمات للأوضاع الأمنية أجريناها خلال الساعات الـ24 الماضية، حيث تعمل قوات الجيش وجهاز الأمن العام ["الشاباك"] والشرطة على مدار الساعة من أجل استعادة الأمن وقطع دابر هذه الهجمات. وأؤكد مجدداً أنه لا توجد أي قيود مفروضة على الجيش وجهاز ʾالشاباكʿ وغيرهما من الأجهزة الأمنية في سياق الحرب على التطرف".
وأشار بينت إلى أنه خلال الليلة قبل الماضية قام فلسطينيون بتخريب قبر يوسف في نابلس وحطموا الحجارة الموضوعة على القبر وأضرموا النار في المقام، وقال: "لن نقبل بمثل هذا الاعتداء على مكان مقدس لنا عشية حلول عيد الفصح اليهودي، وسنلقي القبض على المشاغبين. وبطبيعة الحال سنحرص على إعادة بناء ما خربوه على غرار ما نقوم به دائماً".
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس أكد في بيان صادر عنه أن حادث انتهاك حرمة قبر يوسف أمر خطر للغاية، حيث يدور الحديث حول اعتداء فاحش على حرية العبادة في أحد الأماكن الأكثر قدسية بالنسبة إلى كل يهودي، وحول المساس بمشاعر الشعب اليهودي كله، وذلك في أوج شهر مقدس لدى المسلمين.
ذكر بيان صادر عن الناطق بلسان الشرطة الإسرائيلية أن شابة فلسطينية قُتلت أمس (الأحد) برصاص أحد جنود حرس الحدود بعد محاولتها طعنه عند حاجز عسكري بالقرب من الحرم الإبراهيمي في الخليل.
وأشار البيان إلى أن الجندي الإسرائيلي أصيب بجروح طفيفة لكنه تمكن من الرد وإطلاق النار مرتين مما أسفر عن مقتل منفذة الهجوم.
وقالت مصادر فلسطينية إن الشابة القتيلة هي مها كاظم عوض الزعتري (24 عاماً) من سكان منطقة أبو دعجان في مدينة الخليل.
وجاءت هذه الحادثة بعد عدة ساعات من مقتل امرأة فلسطينية بنيران جنود إسرائيليين في بلدة حوسان في الضفة الغربية.
وقال بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إن المرأة اقتربت من الجنود الإسرائيليين بطريقة مريبة ما دفع الجنود إلى إطلاق النار في اتجاهها. وأكد البيان أنها لم تكن مسلحة.
وقالت مصادر فلسطينية إن المرأة القتيلة هي غادة إبراهيم علي سباتين (47 عاماً)، وأشار إلى أنها توفيت متأثرة بفقدان الدم من شريان في فخذها.
وتصاعد التوتر في المناطق [المحتلة] بشكل حاد في الأسابيع الأخيرة على خلفية هجمات متكررة في المدن الإسرائيلية أسفرت عن سقوط 14 قتيلاً إسرائيلياً. وصعّد الجيش الإسرائيلي من نشاطه في الضفة الغربية في محاولة لكبح جماح العنف المتصاعد.
وقالت مصادر عسكرية إسرائيلية رفيعة المستوى إن الجيش الإسرائيلي قام أمس والليلة قبل الماضية بعدة مداهمات في المدن الفلسطينية في أنحاء الضفة الغربية في محاولة لوقف العنف واعتقل عشرات الفلسطينيين. وأشارت المصادر نفسها إلى أن شباناً فلسطينيين اشتبكوا مع قوات الأمن الإسرائيلية خلال المداهمات، ولا سيما في طولكرم وجنين وأريحا، حيث قام مسلحون فلسطينيون بإطلاق النار على القوات الإسرائيلية في جنين، في حين قام فلسطينيون في أريحا برشق الجنود الإسرائيليين بالحجارة والزجاجات الحارقة، وأسفرت هذه الاشتباكات عن سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف الفلسطينيين، وعن إصابة عدة جنود إسرائيليين بجروح متفاوتة.
قال بيان صادر عن الناطق بلسان الشرطة الإسرائيلية إن الشرطة توجهت أمس (الأحد) إلى النيابة الإسرائيلية العامة بطلب فحص إمكان أن تكون تصريحات أدلى بها رئيس القائمة المشتركة عضو الكنيست أيمن عودة تنطوي على تحريض ضد أفرادها، ما يبرر فتح ملف تحقيق جنائي معه.
وجاء هذا التوجه على خلفية دعوة عودة الشبان العرب المنخرطين في صفوف قوات الأمن الإسرائيلية إلى إلقاء السلاح وترك الخدمة.
وكان عودة قال في شريط فيديو نشره من باب العامود في القدس الشرقية في نهاية الأسبوع الفائت، إن سكاناً عرب اشتكوا له من قيام هؤلاء الشبان بالاعتداء عليهم والإساءة إليهم، ورأى أنه من العار أن يقبل أي شاب عربي الانخراط في قوات الأمن الإسرائيلية التي وصفها بأنها قوات احتلال.
قالت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" إن أهدافاً في منطقة مصياف في ريف حماة الغربي في سورية تعرضت بعد ظهر أمس (السبت) إلى غارة جوية شنتها طائرات تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي.
ونقلت وكالة الأنباء عن مصدر سوري عسكري رفيع المستوى قوله إنه في حوالي الساعة السابعة إلاّ ربعاً مساء أطلقت صواريخ من شمال لبنان مستهدفة بعض النقاط في المنطقة الوسطى، وأشار إلى أن الدفاعات الجوية السورية أسقطت عدداً من هذه الصواريخ.
وقالت مصادر في المعارضة السورية إن الغارة استهدفت مركزاً لتطوير الصواريخ في مصياف، وأكدت أن هذا الهجوم كان غير عادي وقوي وقبل حلول الظلام التام واستخدمت فيه العديد من الأسلحة.
وكانت آخر مرة تم فيها الإبلاغ عن هجوم إسرائيلي في سورية قبل شهر عندما أفادت وسائل إعلام أجنبية بمقتل عنصرين من الحرس الثوري الإيراني في هجوم في دمشق نُسب إلى الجيش الإسرائيلي. وقالت شبكة التلفزيون الحكومية الإيرانية إن الحرس الثوري وعد بالانتقام لمقتل أي من عناصره.
فرضت السلطات الإسرائيلية ابتداء من يوم أول أمس (السبت) قيوداً جديدة على محافظة جنين في الضفة الغربية التي شهدت اشتباكات متكررة بين جنود إسرائيليين ومسلحين فلسطينيين، وخرج منها منفذا هجومين كبيرين وقعا مؤخراً.
وقال منسق شؤون الحكومة الإسرائيلية في المناطق [المحتلة] إنه في إطار هذه القيود سيتم إغلاق حاجزي الجلمة وريحان في منطقة جنين أمام مواطني إسرائيل العرب، ولن يُسمح لهم بالدخول إلى جنين أو الخروج منها. ويُعتبر هذان الحاجزان شرياناً اقتصادياً رئيسياً للمدينة، ويدخل مواطنو إسرائيل العرب بانتظام للتسوق في جنين، ويعتبر شهر رمضان فترة مهمة جداً بالنسبة إلى الأعمال التجارية والحياة الاقتصادية.
وبالإضافة إلى إغلاق الحاجزين سيُمنع رجال الأعمال الفلسطينيون من جنين الذين يحملون تصاريح يصدرها الجيش الإسرائيلي من الدخول إلى إسرائيل، لكن سيتم السماح لعمال المياومة بالدخول عبر المعبر كالمعتاد. كما سيتم منع الفلسطينيين من سكان جنين من زيارة أقاربهم من الدرجة الأولى في إسرائيل.
وتأتي هذه القيود بعد مقتل 14 إسرائيلياً في أربع عمليات شهدتها إسرائيل في الأسابيع الأخيرة في أكبر موجة هجمات دامية تضرب إسرائيل منذ عدة أعوام. وقد تبين أن اثنين من منفذي العمليات انطلقا من مدينة جنين وضواحيها، وهما رعد حازم الذي قتل 3 إسرائيليين في تل أبيب يوم الخميس الماضي، وضياء حمارشة الذي أسفر هجوم إطلاق النار الذي نفذه في مدينة بني براك [وسط إسرائيل] عن مقتل 5 أشخاص.
كما أن القوات الإسرائيلية التي اقتحمت جنين والقرى المجاورة لها في الأشهر الأخيرة وجدت نفسها عالقة في معارك دامية بالأسلحة النارية.
وقال رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي يوم الجمعة الماضي إن الجيش سيكثف نشاطاته في شمال الضفة الغربية بعد عدة هجمات دامية تورط فيها فلسطينيون من منطقة جنين.
في الوقت نفسه أشار وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس إلى أن إسرائيل ستواصل سياستها في كل ما يتعلق بتخفيف بعض القيود المفروضة على فلسطينيي الضفة الغربية خلال شهر رمضان، بعد أن كان حذّر في السابق من أن هذه الخطوة يمكن أن يهددها "الإرهاب". وكانت إسرائيل خففت بعض القيود المفروضة على حرية التنقل للفلسطينيين الراغبين في أداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، بما في ذلك السماح للأطفال والنساء وبعض الرجال بالدخول من دون تصاريح.
وقال غانتس في بيان صادر عنه في نهاية الأسبوع الفائت، إن الجيش الإسرائيلي سيواصل ويكثف عملياته إلى جانب استمرار السياسة المدنية كما تم الاتفاق عليها، في إشارة إلى تخفيف القيود.
وذكر البيان أن غانتس سيطرح على المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية - الأمنية خطة لاستثمار 360 مليون شيكل من أجل إغلاق ثغرات في الجدار الفاصل بعد الهجومين الأخيرين اللذين ارتكبهما فلسطينيان تسللا عبر هذه الثغرات.
وفعلاً أقرّ هذا المجلس الوزاري بالإجماع أمس خطة غانتس.
وأعلنت مصادر سياسية رفيعة المستوى في القدس أن الخطة تنص على إقامة مقاطع إضافية من العائق الفاصل بين الضفة الغربية وإسرائيل بطول 40 كيلومتراً. وستمتد هذه المقاطع من قرية سالم في شمال السامرة حتى قرية بات حيفر في منطقة هشارون، وستحل محل السياج الذي تم بناؤه قبل عشرين عاماً. وسيتكون العائق الجديد من سور باطون ضخم يحتوي على وسائل تكنولوجية متقدمة ووسائل دفاعية متنوعة، ومن المتوقع أن تبدأ أعمال بنائه في غضون عدة أسابيع.
وانتقد محافظ جنين أكرم الرجوب القيود الإسرائيلية معتبراً إياها عقاباً جماعياً، وحذر من أنها ستؤدي إلى مزيد من العنف.
وقال الرجوب: "عندما تعاقب كل جنين وتمنع التجارة والعمال فأنت تدفع بالناس إلى الزاوية. وبناء على ذلك ينبغي أن تتوقع منهم القيام بأي شيء".
ورفض الرجوب إدانة منفذي الهجومين الأخيرين اللذين خرجا من المنطقة، وقال: "الفلسطينيون ليسوا 'إرهابيين'، بل يريدون تحرير أنفسهم من الاحتلال. في الوقت الحالي لا يوجد أفق سياسي ولا أفق اقتصادي، ولا يوجد أمل في إنهاء الاحتلال، فما الذي تتوقعونه من الشعب الفلسطيني؟"
- بكاء ونحيب الحكومة الإسرائيلية والمؤسسة الأمنية على موت الردع الإسرائيلي ضد إيران، على يد خلايا الاغتيال في الإدارة الأميركية كان سابقاً لأوانه. فعلى عكس التقديرات الإسرائيلية وردات الفعل الحكومية المذعورة، يبدو أن الرئيس جو بايدن لا ينوي إزالة العقوبات المفروضة على الحرس الثوري، حتى لو كان ثمن ذلك عدم توقيع الاتفاق النووي. وهذا ما أشار إليه يوم السبت المحلل والخبير دافيد إيغناتيوس من صحيفة "واشنطن بوست"، والذي تربطه علاقات بأجهزة الاستخبارات الأميركية، إذ توصل، استناداً إلى مصادر سياسية إسرائيلية، إلى الخلاصة نفسها. وكان القائد العام لهيئة الأركان الأميركية الجنرال مارك ميلي، أعلن منذ البداية أنه يعارض رفع العقوبات ضد فيلق القدس – الذراع الخارجية للهجمات "الإرهابية" في الشرق الأوسط.
- في المقابل فإن الموقف الرسمي للحكومة الإيرانية برئاسة الرئيس المحافظ إبراهيم رئيسي، والبرلمان الإيراني، والحرس الثوري هو أن شرط العودة إلى الاتفاق رفع العقوبات عن الحرس الثوري. ويبدو أن موقف بايدن يضع إيران أمام معضلة صعبة في وقت حرج.
- تريد إيران العودة إلى الاتفاق النووي الذي انسحبت منه إدارة دونالد ترامب بمساعدة رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو ورئيس الموساد السابق يوسي كوهين وبتشجيع منهما. فمنذ الانسحاب من الاتفاق، قبل ثلاث سنوات، تعاني إيران جرّاء عقوبات قاسية جداً يحاول النظام الإيراني الالتفاف عليها من طريق إقامة شركات وهمية في عدة مناطق في العالم، ولا سيما في الإمارات، وبمساعدة الصين والهند، حتى أنه وصل إلى روسيا خلال الحرب في أوكرانيا، في محاولة لدفع واشنطن والدول الغربية إلى استيراد سلع وخدمات من إيران وتصديرها إليها. وبالاحتيال، ينجح هذا النظام في بيع النفط - المستهلك الأساسي هو الصين - إذ ساهم ارتفاع سعر النفط خلال أواسط العام الماضي، في إدخال نحو 5 مليارات دولار إضافية إلى الخزنة الإيرانية.
- لكن لا تغير كل هذه التطورات جذرياً من حقيقة أن السوق الإيرانية متعثرة، وأن الجمهور في إيران يعاني في أغلبيته جراء أزمة اقتصادية مستمرة، وحتى لو حاول النظام بث الثقة في النفس والصمود بقوة، فإن قياداته تعرف الحقيقة. التحدي الأميركي يضع إيران في موقف لا تُحسد عليه، إذ إن كل الخيارات التي أمامها هي خيارات سيئة. إن رفع العقوبات حتى لو صار من دون أن يتضمن الحرس الثوري، فإنه سيسمح لإيران بترميم اقتصادها ومساعدة المواطنين، وعلى الرغم من أن النظام الإيراني هو نظام دكتاتوري في جوهره، فإنه أثبت، مرة تلو أُخرى، أنه يخاف الغضب الشعبي ويأخذه في الحسبان.
- من ناحية أُخرى، فإن الإبقاء على العقوبات الموجهة ضد الحرس الثوري سيضر في صورة النظام، وسيفسَّر على أنه ضعف وخضوع لواشنطن، والأهم أن الحرس الثوري الإيراني هو أكبر من مجرد ذراع عسكرية يستند إليها نظام الملالي الديني، بل هو إمبراطورية اقتصادية تسيطر على نصف السوق الإيرانية. إذ ثمة قيادات في الحرس متوسطة وعليا تعمل على تفعيل نظام فاسد يعمل على قاعدة الباب الدوار، وتتنقل هذه القيادات في أروقة النظام وتحافظ على قوتها الاقتصادية وتأثيرها السياسي حتى بعد تقاعدها.
- لقد رمى كل من بايدن ووزير الخارجية أنطوني بلينكن، من خلال عدم خضوعهما، الكرة في ملعب الإيرانيين، وبالتالي فإن مهمة إثبات النوايا باتت على عاتق طهران. وبهذه الطريقة، أثبتا أنهما مختلفان عن إدارة أوباما، وغير معنيَّين بالعودة إلى الاتفاق النووي، وبالاستجابة إلى مطالب طهران بأي ثمن. وبلغة أقل دبلوماسية: ليسوا حمقى، ذلك بأنهم مستعدون لتحمّل مسؤولية عدم التوصل إلى اتفاق في حال عدم الذهاب حتى النهاية في الاستجابة للمطالب الإيرانية، وهو اتفاق يريدونه حتى الآن.
- مضى 15 شهراً على ولاية بايدن، وعلى الرغم من السيناريوهات المرعبة الصادرة خصوصاً عن اليمين الإسرائيلي، والتي تصور أن بايدن سيبيع إسرائيل، حتى الآن لا يوجد اتفاق.
- وتنبع هذه التطورات، أساساً، من فهم الإدارة لمصالحها القومية، تساندها فيها الأطراف المعارضة للدور المركزي الذي يقوم به روبرت مالي، المسؤول عن الملف الإيراني، والذي يدفع في اتجاه اتفاق بأي ثمن، والتي تتمثل في أعضاء كونغرس جمهوريين، والأهم ديمقراطيين، بالإضافة إلى دول أوروبية في مقدمها بريطانيا، ودول عربية بقيادة السعودية والإمارات، وتركيا أيضاً. عملياً، ثمة ائتلاف داخلي أميركي - دولي، يستغل ضعف روسيا في أعقاب اجتياح أوكرانيا لوضع إيران أمام صفقة: Take it or leave it.
- إن لم يجر التوصل إلى اتفاق، فإن إسرائيل ستكون سعيدة كأن المشكلة حُلَّت، لكن من دون اتفاق ستواصل إيران جهودها للوصول إلى عتبة دولة نووية من دون تركيب سلاح نووي، وسيكون على الموساد أن يعمل بجدية أكبر بهدف تأخير وتعطيل وإحباط البرنامج النووي الإيراني.
- إن الخلاصة المهمة والمؤسفة من هذه التطورات في الساحة الإيرانية هي أن حكومات إسرائيل، وعلى الرغم من العلاقات الاستراتيجية الوطيدة مع أميركا، لا تزال تجد صعوبة في فهم الولايات المتحدة، وتفشل مرة تلو أُخرى في قراءة الخريطة. وهذا كله ينبع في الأساس من أن قيادات إسرائيل ورؤساء الأجهزة الأمنية فيها يعتقدون أن إسرائيل هي مركز الكون.
- سنبدأ بالأخبار الجيدة: بعد مرور شهر على موجة "الإرهاب" التي شهدنا خلالها أربع هجمات قاتلة أدت إلى مقتل 14 إسرائيلياً (أكثر من عدد القتلى الإسرائيليين جراء سقوط 4360 صاروخاَ على إسرائيل في عملية حارس الأسوار)، فإن قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية لم تنضم إلى حلقة "الإرهاب"، والفلسطينيون هناك يفضلون الهدوء. هل هناك أعمال شغب؟ هل ثمة مواجهات عنيفة يشارك فيها كثيرون؟ أو تظاهرات ضخمة؟ فعلاً لا. الفلسطينيون لا يشاركون. حتى لو أن هذه الهجمات تثير فرح كثيرين في المناطق، إلاّ إنهم يبتهجون في منازلهم لمدة 24 ساعة ثم يعودون إلى عملهم في إسرائيل "كأن شيئاً لم يكن"، كما قال لي هذا الأسبوع أحد سكان المناطق.
- والآن حان وقت الأخبار السيئة: بعكس الماضي، لم يكن ثمة حاجة إلى شبكة "إرهابية" منظمة لبث جو من الخوف الحقيقي، وكي يأخذ النزاع هذا المسار الخطر؛ فمصانع المتفجرات التابعة لـ"حماس" في نابلس متوقفة عن العمل منذ أعوام، ومَنْ يحاول رفع رأسه من مهندسي الجهاد الإسلامي في الخليل، أو من المنظومة الواسعة التابعة لكتائب الأقصى في مخيمات اللاجئين، يُلقى القبض عليه فوراً بفضل قدرة الاحتواء للشاباك في المناطق. لكن يبدو أن لا حاجة إلى هذا كله لتحقيق ما يسعى "الإرهاب" له، وهو بث الخوف وسط جمهور الخصم ومتخذي القرارات منهم.
- صحيح أنه حتى اليوم لا وجود لآلاف المتطوعين الفلسطينيين على لائحة الانتظار لتنفيذ هجمات انتحارية (كما في ذروة الانتفاضة الثانية)، وثمة شك حتى في وجود العشرات، لكن هناك أفراداً مزودين بالسلاح (من السهل العثور عليهم في المناطق) يصرون على الدخول إلى إسرائيل (حالياً من السهل القيام بذلك عبر الفجوات في الجدار)، ويمكن أن يخلقوا شعوراً مشابهاً، وأن تتسبب رصاصاتهم بتصعيد كبير.
- وهناك أخبار سيئة أكثر: السلطة الفلسطينية فقدت سيطرتها وسيادتها على شمال الضفة، وخصوصاً في مخيم جنين، فلا يستطيع عناصرها الدخول إلى المخيم وفرض إرادتهم وسيطرتهم. كما أن الذين يدخلون إلى المناطق الخطرة، ويتحدثون عن فكرة مواجهة عنيفة مع إسرائيل ليسوا الأشد تطرفاً، أي أنصار الجهاد الإسلامي من الضواحي البعيدة في شمال الضفة، بل هذه المرة هم عناصر من حركة "فتح"، أي من لحم ودم السلطة الفلسطينية، الشريكة الكبرى لإسرائيل في كل ما له علاقة بإحباط "الإرهاب". هناك عناصر من "فتح"، وبالتحديد في منطقة جنين، أصبحوا في السنوات الأخيرة راديكاليين، ولا تترك تصريحاتهم مجالاً للشك في موقفهم من النزاع. وبالتالي نشأ هذا الوضع الراهن، إذ نفذ شخص يتماهى مع حركة "فتح" هجوماً قاسياً، ولاقى تأييداً من عناصر في الحركة في منطقة جنين، ومنفذ الهجوم هو ابن ضابط رفيع المستوى في الأمن الوطني (برتبة عميد). وفي جميع الأحوال هو من النواة الصلبة في أجهزة الأمن الفلسطينية، وبذلك نشأت منطقة رمادية التقى فيها "الإرهاب" بالسلطة الفلسطينية القائمة.
- وتعكس الصور التي وردت الليلة من مخيم جنين هذه الرواية المعقدة: مسؤولون كبار في السلطة، بعضهم برتب عسكرية، قدموا التعازي لرفيقهم من "فتح"، الذي هو شخص رفيع المستوى في الأجهزة، بابنه الذي قُتل في هجوم في إسرائيل. في وضع كهذا تختفي الخطوط ويلتقي عالمان متناقضان ظاهرياً.
- لا نستطيع أن نقول شيئاً عن الإدانة العلنية للهجوم من جانب مسؤولين رفيعي المستوى في السلطة، فالوحيد الذي فعل ذلك، وعلى رؤوس الأشهاد، هو الرئيس أبو مازن، وما دام في منصبه فإن خيار السلطة واضح، وهو محاربة "الإرهاب" بلا هوادة. فهذه هي عقيدة الرجل الذي حرصت إسرائيل طوال أعوام على تحجيمه وتجاهله وإضعافه وجعله غير ذي قيمة. لكن ماذا سيجري عندما يختفي فعلاً عن الساحة؟ في ذلك اليوم لا شيء سيكون بديهياً، إذ سيكون علينا إعادة النظر في نظريتنا وفرضيات عملنا وبلورتها من جديد. ماذا سيكون موقف "فتح" من إسرائيل؟ وكيف ستتصرف كل منطقة؟ وماذا بشأن العسكريين الفلسطينيين؟ كل عامل من هذه العوامل سيحتاج إلى إعادة تقييم لمعرفة موقفه من المسألة التي كانت وستبقى الأكثر سخونة في المناطق، أي إسرائيل.