مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
ذكر بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أن شاباً فلسطينياً قُتل برصاص جنود إسرائيليين في مدينة نابلس أمس (الأربعاء).
وأضاف البيان أن الشاب قُتل خلال قيام قوات من الجيش الإسرائيلي وعناصر من جهاز الأمن العام ["الشاباك"] بحملة عسكرية في نابلس وغيرها من مدن وبلدات يهودا والسامرة [الضفة الغربية] لمكافحة "الإرهاب".
ووفقاً للبيان، استمر الجيش الإسرائيلي لليوم الخامس على التوالي في تنفيذ حملة "كاسر الأمواج" ضد العناصر "الإرهابية" في شمال الضفة الغربية، وخصوصاً في منطقة جنين التي نفّذ فلسطينيان منها هجومين في إسرائيل مؤخراً. وقال البيان إن قوات الجيش تعمل في منطقة جنين وفي مدينتي طولكرم ونابلس وبلدات عوريف وقباطية والجبعة.
وقالت مصادر فلسطينية إن الشاب الذي قُتل برصاص الجيش الإسرائيلي في نابلس هو محمد حسن عساف (34 عاماً)، وقد توفي متأثراً بجروح خطِرة بعد إصابته برصاصة في الصدر أطلقها عليه الجيش الإسرائيلي خلال حملة مداهمة نابلس صباح أمس.
وأكدت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني تسجيل 31 إصابة في نابلس، منها 10 إصابات بالرصاص الحي. بينما أعلن نادي الأسير الفلسطيني اعتقال الجيش الإسرائيلي أمس 14 شخصاً على الأقل، معظمهم من مدن وقرى شمال الضفة الغربية.
قال بيان صادر عن وزارة الصحة الفلسطينية مساء أمس (الأربعاء) إن الفتى الفلسطيني قصي حمامرة (16 عاماً) قُتل برصاص الجيش الإسرائيلي في بلدة حوسان بالقرب من بيت لحم.
وأفادت مصادر عسكرية إسرائيلية رفيعة المستوى أن جنود الجيش الإسرائيلي أطلقوا النار على الفتى في أثناء محاولته إلقاء زجاجة حارقة في اتجاه قوة عسكرية إسرائيلية.
وأشار بيان وزارة الصحة الفلسطينية إلى أنه بمقتل هذا الفتى ارتفع عدد الفلسطينيين الذين قُتلوا برصاص الجيش الإسرائيلي منذ 22 آذار/مارس الفائت إلى 17 قتيلاً، بينهم منفّذو العمليات داخل الأراضي الإسرائيلية، في حين قُتل 14 إسرائيلياً في تلك العمليات.
أظهر استطلاع للرأي العام أجرته قناة التلفزة الإسرائيلية 13 مساء أمس (الأربعاء)، وهدف إلى استجلاء آراء المواطنين العرب في إسرائيل حيال دعوة رئيس القائمة المشتركة عضو الكنيست أيمن عودة العرب الذين يخدمون في صفوف قوات الأمن الإسرائيلية إلى إلقاء السلاح والتراجع عن هذه الخدمة، بالإضافة إلى استجلاء موقفهم من بقاء راعم [القائمة العربية الموحدة] في الحكومة الإسرائيلية، أن 53% من المستطلَعة آراؤهم لا يتفقون مع دعوة عودة، في حين قال 39% منهم إنهم يؤيدون دعوته، و8% منهم امتنعوا من إبداء آرائهم بهذا الشأن.
وأكد 53% من المستطلَعة آراؤهم أنهم يؤيدون بقاء راعم في الائتلاف، في حين أكد 44% منهم أن بقاءها خطأ، وامتنع 3% منهم من الإدلاء بآرائهم في هذا الموضوع.
ورداً على سؤال عمّا إذا كان يتوجب على القائمة المشتركة الدفع قدماً باتجاه حل الكنيست وإجراء انتخابات مبكرة جديدة، قال 58% من المشتركين في الاستطلاع إنهم يعارضون ذلك، في حين أكد 37% منهم أنهم يدعمون ذلك.
وشمل الاستطلاع عينة نموذجية مؤلفة من 250 شخصاً يمثلون جميع فئات السكان العرب البالغين في إسرائيل، مع نسبة خطأ حدّها الأقصى 6.3%.
عقدت الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة أمس (الأربعاء) اجتماعاً أصدرت في ختامه بياناً دعا الفلسطينيين في الضفة الغربية وإسرائيل إلى الخروج في مسيرة للدفاع عن المسجد الأقصى غداً (الجمعة).
وأعلن البيان أن الفصائل الفلسطينية ستبقى إلى جانب غرفة عمليات خاصة في حالة انعقاد دائم لمتابعة التطورات واتخاذ ما يلزم لحماية الشعب الفلسطيني ومقدساته.
وأشار البيان إلى أن الفصائل الفلسطينية كافة عقدت هذا الاجتماع الطارئ في مكتب قائد حركة "حماس" في غزة يحيى السنوار لمناقشة آخر التطورات الأمنية، ولا سيما مداهمة الجيش الإسرائيلي عدداً من البلدات والمدن في الضفة الغربية، وقيامه بحملة اعتقالات واسعة النطاق تخللتها مواجهات.
ووجهت قيادة الفصائل نداء إلى الشعوب العربية والإسلامية للخروج بتحركات شعبية للاحتجاج ضد السياسات الإسرائيلية، بما في ذلك التظاهر أمام سفارات إسرائيل وحليفاتها.
وكانت حركة "حماس" حذرت في بيان صادر عنها، في وقت سابق أمس، إسرائيل وتنظيمات استيطانية من تنفيذ مخطط "ذبح القرابين" في ساحات المسجد الأقصى خلال عيد الفصح اليهودي، مشيرةً إلى أن ذلك يمثل تصعيداً خطِراً يتجاوز كل الخطوط الحمر.
وأضاف البيان أن الشعب الفلسطيني، بكل مكوناته وكل أماكن تواجده، لن يسمح بتنفيذ هذا المخطط، وسيقف بكل قوة وبسالة لإحباطه والتصدي له. ودعت "حماس" الفلسطينيين إلى شدّ الرحال والرباط في المسجد الأقصى والوقوف سداً منيعاً لردع المستوطنين وكبحهم، ولحماية القدس والأقصى. كما دعت الدول العربية والإسلامية إلى التحرك العاجل ومنع هذا الانتهاك الخطِر لحُرمة الأقصى ومشاعر المسلمين قاطبة، وطالبت الهيئات والمنظمات الدولية باتخاذ كل الخطوات لمنع هذا الخطر الذي يمكن أن يؤدي إلى اشتعال المنطقة بكاملها.
وجاء تحذير "حماس" في إثر دعوات أطلقتها منظمة "أمناء جبل الهيكل" في الأيام القليلة الماضية ودعت فيها المستوطنين إلى تقديم القرابين في باحات الحرم القدسي.
قرر القائد العام للشرطة الإسرائيلية الجنرال يعقوب شبتاي منح تسهيلات لأفراد الشرطة المتورطين في أعمال عنف ضد سكان مدنيين، بالإضافة إلى إقرار مزيد من الحوافز المالية لعناصر الشرطة، وذلك في ظل حالة التأهب القصوى في صفوف قوات الشرطة وقيامها بنشر تعزيزات في العديد من المدن والبلدات الإسرائيلية.
ووفقاً لخطة شبتاي، ستسمح قيادة الشرطة لضباط متورطين في أعمال عنف ضد سكان مدنيين بالحصول على ترقيات ومواصلة العمل في صفوف الجهاز إلى حين صدور لائحة اتهام من النيابة الإسرائيلية العامة بحقهم، وذلك في حال المضي في المسار القانوني ضدهم حتى النهاية. وتشمل هذه التسهيلات الامتناع من تخفيض راتب ضابط شرطة تم نقله من منصبه، في إثر تورُّطه في أعمال عنف ضد مدنيين، بالإضافة إلى ترقية ضابط شرطة تتم تبرئته من أعمال عنف ضد مدنيين بأثر رجعي، والقيام بمكافأته كما لو أنه بقي في منصبه طوال هذه الفترة.
وإلى جانب ذلك، ستقوم قيادة الشرطة بمنح عناصرها حوافز مالية، بمن فيهم المحققون والضباط والعناصر السرية والعناصر الميدانية وعناصر وحدة الدراجات النارية بدءاً من السنة الحالية 2022، ويصل كل حافز من هذه الحوافز إلى 12.000 شيكل سنوياً.
وعُلم من مصادر مسؤولة في قيادة الشرطة بأن قسماً كبيراً من هذه الحوافز سيُخصَّص لعناصر الشرطة العاملين في المدن والبلدات العربية، بالإضافة إلى القدس الشرقية، شريطة التزام الشرطي بالعمل عامين إضافيين في صفوف الجهاز. وسيتم توزيع الحوافز كجزء من برنامج مدته عامان، ويتم تحديدها وفقاً لمعايير الأقدمية والمهنة والتخصص داخل الجهاز والمكان الذي يخدم فيه الشرطي.
وقال شبتاي إنه يعتبر دعم عناصر الشرطة من الأمور الأساسية، وأهم بكثير من الحوافز المالية. وأكد أنه من الآن فصاعداً سيمنح ضباط الشرطة الحق في البراءة، مثلهم مثل أي مواطن مدني آخر في البلد، مشيراً إلى أن أي متهم بريء حتى تثبت إدانته.
- العرب في إسرائيل الذين يخدمون في المناطق، في الشرطة وحرس الحدود، أو في الجيش، يبيعون أرواحهم لشيطان الاحتلال. هم أسوأ من المتعاونين الفلسطينيين. فهؤلاء لا خيار أمامهم سوى الخضوع لابتزاز الشاباك المهين لإنقاذ قريب من عائلتهم، أو لإخفاء سرّ رهيب.
- العرب الذين ينضمون إلى الخدمة في المناطق يختارون القيام بذلك، من دون أن يمارَس عليهم أي ضغط. هم يبيعون أرواحهم لأنهم يصبحون جزءاً من الاحتلال الذي لا يوجد فيه شيء أخلاقي، أو قانوني، أو شرعي؛ وهم يتحولون إلى جزء من آلية تنكيل سادية لدولتهم ضد أبناء شعبهم وأخوتهم، وأحياناً أفراد عائلتهم. ومن أجل إثبات إخلاصهم، يتحولون إلى الجزء الأكثر شراسة في آلية التنكيل. اسألوا أي فلسطيني، يخبركم عن الدروز، وعن الآخرين الذين يتحدثون بالعربية في حرس الحدود. هم أحياناً الأسوأ، ولكن ليسوا كلهم.
- تخيلوا غزواً روسياً لإسرائيل. تخيلوا جنوداً يهوداً كرأس حربة روسية. كيف كنا سنفكر في أخوتنا الخونة؟ تخيلوا دروزاً يضطهدون السكان الدروز في هضبة الجولان المحتلة؟ هل يوجد درزي واحد يمكن أن يوافق على ذلك؟ بالنسبة إلى أغلبية العرب في إسرائيل، بمن فيهم الدروز، الخدمة في المناطق [المحتلة] هي خدمة ضد أبناء شعبهم؛ لذلك هي خيانة. المطلوب بنية شخصية مشوّهه للموافقة على الخدمة في المناطق، وبنية شخصية لا تقل تشوّهاً لفهم ذلك.
- الخدمة في المناطق تهدف في الأساس إلى هدفين: الدفاع عن المشروع الاستيطاني، والمحافظة على التفوق اليهودي في أرض إسرائيل. وما علاقة العرب في إسرائيل بكل هذا؟ هناك يهود شجعان ليسوا مستعدين للخدمة في المناطق ويُدعون إلى ذلك، على الرغم من أن اليهودي يمكن أن يجد لنفسه عدة مبررات للخدمة في المناطق. هذا ما كتبه أوري مسغاف في 29 سيفان [نيسان] 5741 [2014 ميلادية] (هو يحرص مؤخراً على استخدام التقويم العبري): "أعتقد أنه حان زمن الرفض، المنهجي، الجماهيري، العلني. كل الأساليب الأُخرى استنفدت نفسها - بعد 47 عاماً، لا توجد طريقة أُخرى لوقف الاحتلال..."
- ... من الصعب الاعتقاد أن مسغاف لا يزال يفكر في هذه الطريقة، أو يكتب مثل هذا الكلام. لقد كانت هذه هي الحال قبل التوصل إلى الاستنتاج بأن تكون يسارياً لم يعد على الموضة، وكما تعلمون، الموضة تتغير، ويجب أن تكون مطّلعاً على المستجدات دائماً. أن تكون يسارياً صهيونياً، أي يمينياً قومياً مقنّعاً هو أكثر جاذبية في تل أبيب.
- من الممكن، ويجب مناقشة الرفض اليهودي للخدمة العسكرية في المناطق. لكن لا يمكن مناقشة الرفض العربي: فهو مفهوم من تلقاء نفسه. عربي يرتدي الزي العسكري في البلدة القديمة في القدس، ويضطهد سكانها، ويدافع عن المستوطنين الغزاة، ويركض وراء الأولاد، ويطلق النار على ظهورهم، أو يقتل نساء مسنّات لأنهن يحملن سكيناً، يجب أن يخجل من عمله على المستوى الشخصي والوطني: فهؤلاء أخوة له.
- لكن القمة في الوقاحة سجلتها المنظومة السياسية ووسائل الإعلام في الأيام الأخيرة، من خلال الخطابات المتغطرسة ضد أيمن عودة. لقد قال عودة أمراً بديهياً بالنسبة إلى كل عربي في إسرائيل مخلص لشعبه. وإذا وضعنا جانباً المناورة السياسية التي ربما تقف وراء تصريحاته، يمكن التقدير أنه حتى أحمد الطيبي، الذي كانت خطوة عودة موجهة ضده، كان سيوافق من كل قلبه على كلامه. هل هناك مَن يعتقد حقاً أنه يوجد زعيم عربي جدي يريد أن يرى ابنه يقف على الحواجز التي تهين أبناء شعبه؟ أو أن يرى أخوته يقتحمون غرف الأطفال في الليل مع كلاب بوليسية، فقط من أجل بثّ الذعر؟ وأن يلاحق أولاداً صغاراً ويكبّلهم عدة ساعات؟ هذه إهانة لليهودي وإهانة أكبر للعربي.
- يمكن أن تكون مخلصاً للدولة من دون أن تكون مخلصاً للاحتلال. وينطبق هذا على اليهود وأضعاف الأضعاف على العرب. مَن لا يفهم ذلك ويجرؤ على إلقاء المواعظ عليهم، فقد خسر ضميره بصورة نهائية.
- تم التعامل مع العمليتين اللتين حدثتا في بئر السبع (22 آذار/مارس) والخضيرة (27 آذار/مارس)، كعمليات لـ"داعش"، وذلك بسبب ميول وتوجهات المنفّذين ومحاولاتهم الانضمام إلى صفوف التنظيم. هذه العمليات القاتلة، أعادت إلى النقاش العام أسئلة عن وجود التنظيم، التهديد الذي يشكله، هو ومَن يدعمه، في أوساط الجمهور العربي في إسرائيل، بالإضافة إلى حجم هذا التأييد للتنظيم، وللـ"إرهاب" بصورة عامة.
- على الرغم من أن العمليتين في بئر السبع والخضيرة نُفِّذتا على يد مهاجمين لهم علاقة بـ"داعش - تنظيم الدولة الإسلامية"، وجزء منهم أيضاً أمضى عقوبة في السجن بسبب هذه العلاقة، فإن هناك اختلافات بين العمليتين. فالعملية في بئر السبع نفّذها مهاجم منفرد، مسلح بسكين ومركبة، وعمل بصورة فردية من دون أي مساعدة من المحيط، ومن دون أي إنذار مسبق. المهاجم محمود أبو القيعان، بدوي من حورة، تحرك لدقائق طويلة قبل أن يتم تحييده على يد مواطنين، ونجح في قتل أربعة مدنيين. وفي وقت سابق، أمضى في السجن أربعة أعوام في سنة 2016، بسبب محاولاته الانضمام إلى صفوف التنظيم، كآخرين من حمولة القيعان التي تُعد أكثر من 8 آلاف نسمة، وخرج منها بعض المقاتلين في التنظيم، أو دعموا أفكاره. أمّا العملية في الخضيرة، فتم تنفيذها على يد اثنين من العرب الإسرائيليين، أبناء عمّ من سكان أم الفحم. أحدهما دخل السجن في وقت سابق، بسبب محاولته العبور إلى سورية والقتال في صفوف "الدولة الإسلامية". هذه العملية، وعلى عكس العملية الأولى، كانت منظمة ومخطَّطاً لها، وتم تنفيذها باستعمال السلاح، بالإضافة إلى كميات كبيرة من الذخيرة، كما تم خلالها استعمال السلاح الخاص بشرطة "حرس الحدود" التي قُتل من أفرادها خلال العملية. الاستجابة السريعة لقوات الأمن منعت عملية أوسع بكثير.
- في هذه المرحلة، لا توجد أي معلومات عن وجود علاقة بين العمليتين، باستثناء المحاكاة الممكنة التي حدثت ما بعد العملية الأولى وتأثر بها منفّذو العملية الثانية، الذين لم يكن لديهم أي علاقة بجهات خارجية، وضمنها "داعش". بدوره، "داعش" لم يتبنَّ أياً من العمليات إلّا بعد عملية الخضيرة. ويبدو تصرّفه مشابهاً لما قام به خلال العمليات التي تم تنفيذها باسمه في الغرب، فاستغل العمليات التي حدثت في إسرائيل بهدف الدعاية الذاتية، على الرغم من عدم وجود أي علم مسبق بها، أو بنيّات وتخطيطات مَن نفّذها.
- فحص تدخلات سابقة لـ"الدولة الإسلامية" في نشاطات داخل إسرائيل يدلل على أن التنظيم لا يحظى بتأييد واسع في أوساط العرب من مواطني الدولة. فمنذ تأسيس "الدولة الإسلامية" في سنة 2014، لم يزِد عدد المعتقلين، بسبب التأييد أو محاولة الانضمام إليها، عن المئة، وضمنهم هؤلاء الذين اعتُقلوا ما بعد العمليات الأخيرة. وعلى الرغم من محاولات الإعلام المقرب من التنظيم، وعلى رأسه النشرة الناطقة باسم التنظيم، النبأ، لاستغلال "نجاح" العمليات من أجل نسب نشاطات واسعة للتنظيم في إسرائيل، فإن الحقائق تثبت أنه، وباستثناء الخطاب الحاد، لم يقم بتحويل أي موارد لنشاطات "إرهابية" واسعة في إسرائيل. وحتى بصورة نسبية، لما قام به هو والمقربون منه في مناطق أخرى في العالم.
- حتى بعد العمليتين الأخيرتين، لا يبدو أنه يوجد أي تغيير في الاستراتيجيا العامة وسلّم أولويات التنظيم إزاء إسرائيل. وفي النقاش الإعلامي الحالي للتنظيم، تظهر مجدداً علاقته السلبية المتطرفة بالفصائل الفلسطينية، كـ"حماس" والجهاد الإسلامي، وحتى حزب الله. هذا على الرغم من أنهم وجّهوا التحية إلى منفّذي العمليات الأخيرة التي تم نسبها إلى "داعش"، وكذلك المهاجم من جنين الذي نفّذ عملية بني براك في 29 آذار/مارس. بصورة عامة، يدين "داعش" بحدة هذه التنظيمات ويتهمها بأنها شريكة لأعداء الإسلام، ويرى أن أفرادها كَفَرة، ويتهمهم بالمساعدة في ردع الجهاد الذي أراد القيام به ضد إسرائيل خلال القرن الأخير.
رد المجتمع العربي في إسرائيل
- تمت إدانة موجة العمليات الحالية بشكل مباشر وواضح منذ البداية من الأحزاب العربية، والقيادة القُطرية للمجتمع العربي (لجنة المتابعة العليا)، ومجلس رؤساء السلطات المحلية، ومؤسسات المجتمع المدني. جهات عربية متطرفة امتنعت من الرد. التفسير الأولي للرد الواسع من جميع الأطراف تقريباً، هو التخوف من العودة إلى أحداث أيار/مايو 2021 - العنف بين العرب واليهود في المدن المختلطة خلال الحرب على غزة - ومن الضرر الذي سيحدث لروتين الحياة - والتوجهات نحو ترميم الوضع الاقتصادي الاجتماعي، وخصوصاً بعد فترة كورونا. المقاومة الحادة للعمليات التي نفّذها مَن لهم علاقة بـ"داعش"، والتعامل معها على أنها عمليات "إرهابية"، تعود إلى حقيقة أن المجتمع العربي في إسرائيل، كأغلبية المجتمع الفلسطيني في مناطق السلطة الفلسطينية، وضمنه كوادر "حماس" و"الجهاد الإسلامي الفلسطيني"، يعارض بشدة أيديولوجيا "داعش" وأي علاقة ما بين النضال الفلسطيني القومي والتنظيم.
- يمكن القول إن المجتمع العربي في إسرائيل هو أقلية إثنية - قومية معتدلة وبراغماتية من ناحية سياسية واجتماعية. فعلى الرغم من التهميش على مدار أعوام طويلة، واستمرار الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، من دون أفق لحلّه في المدى المنظور، فإن المجتمع العربي لا يزال يمتنع من تبنّي أي توجه إلى احتجاج عنيف، أو انتفاضة شعبية مسلحة شاملة، أو عمليات "إرهابية" ضد الدولة. تاريخياً، حدث بعض الاحتجاجات الواسعة، التي كان بعضها عنيفاً، لكنها ليست كثيرة نسبياً، نذكر منها يوم الأرض في آذار/مارس 1976، وأحداث تشرين الأول/أكتوبر 2000، بعد اندلاع الانتفاضة الثانية، وانتفاضة الأفراد في سنة 2015، ومؤخراً أحداث أيار/مايو 2021، التي اندلعت في أعقاب التوتر الذي شهده المسجد الأقصى والقدس الشرقية. وإحدى أهم مظاهر العنف التي حدثت في أيار/مايو 2021، كانت الضرر الذي لحق برموز الدولة وتشويش حركة السير. وهو ما قام به بعض الشبان الذين لا ينتمون إلى أي تيار سياسي، وهم عاطلون من العمل، بعضهم له علاقة بالإجرام المنظم، وكانت الهبّة فرصة بالنسبة إليهم لتنظيف سمعتهم كمجرمين، من خلال الاندماج في عمل قومي.
- امتناع المجتمع العربي من المشاركة في أي أعمال "إرهابية" تبدو أوضح عند الأخذ بعين الاعتبار أن أبناءه يشكلون أهدافاً مغرية جداً للتجنيد على يد الفصائل الفلسطينية وحزب الله. بسبب العلاقات العائلية والاجتماعية والاقتصادية بسكان مناطق السلطة الفلسطينية وحيازتهم بطاقة هوية إسرائيلية، تساعدهم على الحركة بحُرية ومعرفتهم لمناطق محددة لتنفيذ عمليات. وعلى الرغم من احتمال هذا الخطر، فإنه لم يشارك إلاّ قلة من العرب الإسرائيليين في هذه العمليات.
- تعريف المجتمع العربي في إسرائيل كأقلية غير عنيفة، مرتبط بصورة أساسية بالمسار الطويل الذي مر فيه هذا المجتمع وتأثره بفكرة الحياة المشتركة مع المجتمع اليهودي الذي ربطه بالدولة والمجتمع اليهودي في مجالات كثيرة. والأغلبية في المجتمع العربي ترى في الدولة دولتها، وهي معنية بالحفاظ على جنسيتها والحقوق فيها، وتحاول تعميق هذا التعاون. وهذا كله، من دون التنازل عن هويتها الخاصة، كأقلية سكان أصليين وجزء من الشعب الفلسطيني. ويمكن القول تقريباً أنه لم يكن هناك أي فترة كهذه الفترة، تدفع الظروف الموضوعية (الربيع العربي واتفاقيات أبراهام) المواطنين العرب إلى تقوية ارتباطهم بإسرائيل. انضمام القائمة الموحدة إلى الائتلاف الحالي، واستعداد أغلبية الأحزاب اليهودية للتعاون مع القائمة المشتركة، ودعمها لاندماج العرب، هي المؤشر الأوضح لهذا الاندماج، وانعكاسه على المجتمع اليهودي.
- ومن المهم التشديد على أنه في مقابل هذا التوجه المعتدل لأغلبية المجتمع العربي، هناك أيضاً مجموعات متطرفة في أوساط هذا المجتمع، تنظر إلى هذا التوجه نحو الاندماج بسلبية مطلقة، وتعمل على إحباطه. وعلى الرغم من أن الحديث يدور عن أقلية قليلة جداً، فإنه يتمتع بشعبية وتقدير عالٍ، في الأساس في أوساط الشباب ووسائل التواصل الاجتماعي. فبحسب استطلاع للرأي أجراه معهد "إكورد/ الجامعة العبرية في أيار/مايو 2022، فإن 87% من المستطلعين العرب رأوا أن منفّذي العمليات مواطني الدولة لا يمثلون المجتمع العربي، و8% فقط قالوا إنهم يمثلونهم بصورة قليلة، وفقط 5% قالوا إنهم يمثلونهم بشكل كامل. ومن بين الفئة الأخيرة، يبدو أن هناك أشخاصاً على استعداد للمشاركة في عمليات "إرهابية"، بهدف إحباط مسار الاندماج هذا أيضاً.
- وفي الخلاصة، يبدو أنه، فقط ظروف استثنائية جداً، وتحولات عميقة يصعب تقديرها، يمكن أن تساعد أيديولوجيات عنيفة ومتطرفة، كداعش وغيرها، في الحصول على تأييد المجتمع العربي في إسرائيل. وهذا ليس الوضع القائم اليوم. لكن وظيفة الدولة هي العمل بإصرار لتقوية الأغلبية البراغماتية، وكذلك العمل على ردع الفئات المتطرفة العنيفة بكل الطرق القانونية الممكنة.
- في الأسابيع الأخيرة، حصدت الحكومة مجموعة إنجازات في الساحة السياسية الشرق الأوسطية: من قمة شرم الشيخ، مروراً بقمة سديه بوكير، وصولاً إلى توقيع اتفاق التجارة الحرة مع الإمارات. الدولة التي تتابع هذه التطورات عن كثب، هي الصين تحديداً، ليس من باب الإعجاب، بل انطلاقاً من خوف عميق على مصالحها. على هذه الخلفية بالتحديد، لدى إسرائيل فرصة في الاستفادة من موقعها الإقليمي من أجل التأثير أيضاً في الصين فيما يتعلق بقضيتين إقليميتين: إيران والفلسطينيون.
- في العامين الأخيرين، تحول الشرق الأوسط إلى ساحة دبلوماسية مهمة بالنسبة إلى الصين، إلى جانب اعتمادها على موارد الطاقة في المنطقة. إذ ترى الصين في تراجُع نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة فرصة للدفع قدماً بصورتها، كدولة عظمى عالمية مسؤولة، ومن أجل زيادة نفوذها. بالإضافة إلى ذلك، فإن الدعم العلني من الدول العربية لموقف الصين في كل ما له علاقة بأقلية الإيغور المسلمة في مقاطعة شيانغ له أهمية كبيرة بالنسبة إلى بيجين.
- ومن أجل الدفع قدماً بأهدافها، يشير بعض الباحثين إلى أن الصين تسعى لدقّ إسفين بين الولايات المتحدة وبين شركائها العرب، من خلال بيع الإمارات مسيّرات وتقديم مساعدة إلى السعودية من أجل إنتاج صواريخ. ثمة محور صيني آخر، هو فتح "طريق حرير رقمي"، أي بنية تكنولوجية للمعلومات والاتصالات بدأت تأخذ مكاناً مهماً في كل أنحاء الشرق الأوسط- من مصر، مروراً بالسعودية والخليج، وصولاً إلى لبنان وسورية.
- رأت الصين في عملية "حارس الأسوار" والتأييد الأميركي لإسرائيل فرصة لإظهار زعامتها الدولية. وبهدف تقويض مكانة الولايات المتحدة الأخلاقية، شنّت الصين حملة حادة ضدها لتأييدها إسرائيل في العملية، ووصفت الموقف الأميركي بأنه "ضد الضمير والأخلاق الإنسانية". وإلى جانب اللغة الإنشائية الواضحة العداء لأميركا وإسرائيل، استغلت الصين رئاستها الدورية لمجلس الأمن لمحاولة فرض وقف إطلاق نار مبكر بين إسرائيل و"حماس"، كان سيُلحق ضرراً بتحقيق الأهداف العملانية لإسرائيل.
- الولايات المتحدة وإسرائيل بذلتا جهوداً دبلوماسية لإحباط خطوة الصين في الأمم المتحدة. لم تقف إسرائيل مكتوفة الأيدي، وللمرة الأولى انضمت إلى الإعلان الذي قدمته 44 دولة إلى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، عبّرت فيه عن "قلقها" حيال وضع حقوق الإنسان في مقاطعة شيانغ.
- منذ البداية، اتخذت الصين موقفاً سلبياً من اتفاقات أبراهام، ورأت فيها تعزيزاً لمكانة الولايات المتحدة في المنطقة. لكن في الأشهر الأخيرة، وعلى ما يبدو بتأثير من شركاء عرب، برز تغيُّر ملحوظ في الموقف الصيني، وبصورة استثنائية، ظهر تقدير لمكانة إسرائيل في الشرق الأوسط. مع ذلك، يمكن أن تثير قمة النقب قلق الصين، على الرغم من اختلاف الآراء، فإنها أثبتت أن الولايات المتحدة ما زالت الحليفة المهمة لشركائها في الشرق الأوسط.
- الصين تراقب كيف تستغل إسرائيل مكانتها الإقليمية من أجل زيادة نفوذ الولايات المتحدة والدفع قدماً بالمصالح الأميركية، وذلك على حساب الصين. وبالنسبة إليها، فإن قمة النقب والحديث عن "هندسة إقليمية جديدة"، هي حدث إضافي في الائتلاف الإقليمي بقيادة أميركية، يسعى لإلحاق الضرر بالصين.
- عودة المواجهة بين إسرائيل والصين ليست حتمية. الصين تحترم اللاعبين الأقوياء وإنجازاتهم السياسية ومصالحهم الاستراتيجية. بالتنسيق مع شركائها الإقليميين، تستطيع إسرائيل استغلال الوضع الجديد إزاء الصين واستغلال تأثير هذا في السياقين الإيراني والفلسطيني. ثمة شك في أن الصين ستسارع إلى تجديد الاتفاق النووي مع إيران الذي يمكن أن يُضعف الاعتماد الإيراني عليها، وبالتالي، يرتفع السعر المنخفض للنفط الإيراني الذي تشتريه. كما أنه ليس هناك أي مصلحة لبيجين في تسهيل عمل الولايات المتحدة لتوقيع الاتفاق النووي والسماح لها بتركيز اهتمامها أكثر على آسيا والصين.
- بالإضافة إلى ذلك، ثمة مصلحة واضحة لإسرائيل في منع الصين من تكرار شنّها حملة شرسة ضد إسرائيل في الأمم المتحدة خلال جولة عنف مستقبلية ضد الفلسطينيين، أو حزب الله. وكونها عضواً دائماً في مجلس الأمن في الأمم المتحدة، تشغل الصين مركز الرئاسة الدورية كل عام تقريباً. وستكون هذه السنة رئيسة دورية خلال آب/أغسطس الذي تحول في الأعوام الأخيرة إلى موعد للكوارث في الشرق الأوسط. لدى إسرائيل عدد غير قليل من الأوراق الآن، فهل ستستخدمها بحكمة؟