مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إن سلاح الجو قام فجر اليوم (الخميس) بشنّ غارتين منفصلتين ضد مواقع تابعة لحركة "حماس" في قطاع غزة، وذلك رداً على إطلاق قذيفة صاروخية من القطاع في اتجاه مدينة سديروت في جنوب إسرائيل الليلة الماضية.
وأضاف البيان أن الغارتين استهدفتا معملاً عسكرياً للدفاعات الجوية ومنصات إطلاق صواريخ كتف مضادة للطيران.
وقالت مصادر فلسطينية إن الطائرات الإسرائيلية استهدفت موقعاً تابعاً لـ"حماس" في المحافظة الوسطى في غزة، كما أن الجيش الإسرائيلي قام بإطلاق النار من دبابة في اتجاه نقاط شرقي مخيم البريج، وبعد ذلك استهدفت الطائرات الإسرائيلية في غارة أُخرى موقعاً لـ"حماس" جنوب غربي مدينة غزة. ووفقاً لهذه المصادر نفسها، ردت المقاومة مرتين على الأقل وأطلقت في إحداهما صاروخاً مضاداً للطائرات في اتجاه الطائرات الإسرائيلية المغيرة.
وكان بيان سابق صادر عن الناطق العسكري الإسرائيلي أعلن أن صافرات الإنذار انطلقت في سديروت وعدد من المستوطنات في منطقة غلاف غزة قبيل منتصف الليلة الماضية، وأشار إلى أنه تم رصد إطلاق صاروخ واحد من قطاع غزة في اتجاه الأراضي الإسرائيلية، ولم يتم تفعيل منظومة "القبة الحديدية"، على الرغم من انطلاق صافرات الإنذار.
وأضاف البيان أن شظايا الصاروخ سقطت في ساحة أحد المنازل في سديروت وألحقت أضراراً بمركبة كانت مركونة فيها.
منعت شرطة القدس مساء أمس (الأربعاء) مسيرة الأعلام الاستثنائية، التي نظمتها جهات يمينية، من الوصول إلى منطقة باب العامود في القدس الشرقية.
واندلعت مواجهات مع أفراد الشرطة بعد أن حاول عدد من المشاركين في هذه المسيرة اقتحام حواجز الشرطة.
وانطلقت المسيرة من وسط القدس الغربية، وقدِّر عدد المشاركين فيها بعدة مئات. وسبق للشرطة أن أعلنت أنها ستمنع المشاركين في هذه المسيرة من الوصول إلى منطقة باب العامود، وأنها عززت انتشارها ووضعت حواجز.
وأكد رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت أن مسيرة الأعلام التقليدية ستُجرى في موعدها الأصلي، وهو يوم توحيد شطريْ القدس. وقال إنه قرر منع النائب إيتمار بن غفير [الصهيونية الدينية] من الوصول إلى محيط باب العامود، لئلا تتعرض حياة جنود الجيش الإسرائيلي وأفراد الشرطة للخطر.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام أمس، إنه لا توجد نية لدى الحكومة لتغيير الوضع القائم في الحرم القدسي، واعتبر أن مسيرة الأعلام هي خطوة غير مسؤولة، مشيراً إلى أن هناك أيضاً متطرفين في صفوف الإسرائيليين.
وتعقيباً على مشاركة عضو الكنيست بن غفير في المسيرة، قال لبيد: "إن هدف بن غفير هو اندلاع العنف. هم يريدون أن تحرق النار القدس، ولن نسمح لهم بذلك. إنهم يُلحقون أضراراً جسيمة بإسرائيل لأنهم بأعمالهم هذه يضعون أنفسهم في المنصة نفسها إلى جانب مثيري الشغب".
من ناحية أُخرى، أعلن بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أن الجيش قرر فرض إغلاق شامل على مناطق يهودا والسامرة [الضفة الغربية] بالإضافة إلى إغلاق المعابر مع قطاع غزة، بدءاً من الساعة الخامسة من مساء اليوم (الخميس) بمناسبة نهاية عيد الفصح العبري.
ذكر بيان صادر عن وزارة الدفاع الإسرائيلية أن وزير الدفاع بني غانتس تعهد خلال مكالمة هاتفية أجراها مع وزير الدفاع الأوكراني، بناءً على طلب هذا الأخير أمس (الأربعاء)، أن تزوّد إسرائيل أوكرانيا بمعدات وقائية لمنظمات الطوارئ والإنقاذ.
وقال البيان: "هذا جزء من جهود إسرائيل المكثفة لتقديم المساعدة الإنسانية التي تشمل إنشاء مستشفى ميداني، واستيعاب اللاجئين والمهاجرين، وتوفير الغذاء والمساعدات الطبية، وأكثر من ذلك".
وأشار البيان إلى أن الوزيرين ناقشا الدور الدبلوماسي لإسرائيل بقيادة رئيس الحكومة نفتالي بينت والجهود الدولية لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
وكانت إسرائيل واجهت انتقادات لعدم قيامها بما يكفي لدعم أوكرانيا في أعقاب الغزو العسكري الروسي، وردّ المسؤولون الإسرائيليون بالإشارة إلى الجهود الإنسانية وجهود الإجلاء التي تقوم بها.
أعلن بيان صادر عن وزارة الصحة الإسرائيلية أمس (الأربعاء) أن رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت اتفق مع وزير الصحة نيتسان هوروفيتس على إلغاء واجب وضع الكمامات في الأماكن المغلقة.
وأضاف البيان أن هذا القرار سيدخل حيّز التنفيذ اعتباراً من مساء يوم السبت 23 نيسان/أبريل الحالي عند الساعة الثامنة مساءً، مشيراً إلى أنه تم اتخاذه نظراً إلى انخفاض معدل الإصابات بفيروس كورونا في إسرائيل.
وأكد البيان أنه بمقتضى هذا القرار سيتم إلغاء واجب وضع الكمامات في الأماكن المغلقة، ما عدا الأماكن التي يكون فيها احتمال مرتفع للإصابة بالفيروس، مثل المستشفيات ودور المسنين والرحلات الجوية.
تسعى إسرائيل، على خلفية تعثُّر المفاوضات الرامية إلى إعادة إحياء الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني المبرم سنة 2015 بين إيران والقوى العظمى، لحثّ البيت الأبيض على الامتناع من شطب الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات "الإرهابية"، وبالتالي إحباط إمكانية توقيع اتفاق مع إيران.
وعلمت صحيفة "هآرتس" أن حملة الضغط المكثفة، التي أطلقتها الحكومة الإسرائيلية في الولايات المتحدة ضد إزالة الحرس الثوري الإيراني من قائمة "الإرهاب" الأميركية، بدأت تؤتي ثمارها، وأن الرئيس الأميركي جو بايدن بات يدعم الموقف الإسرائيلي بهذا الشأن، بخلاف كبار المسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية. غير أن مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى ومطّلعين على الاتصالات الجارية مع واشنطن أكدوا للصحيفة أنه قبل إعلان بايدن موقف الولايات المتحدة الرسمي بهذا الخصوص، بوضوح، لا يمكن معرفة قراره النهائي.
وتستعد إسرائيل في الوقت الحالي لسيناريوهين:
الأول، أن تقرر إيران التخلّي عن هذا المطلب في جدول أعمال المفاوضات المعلقة حالياً، وذلك بغية تسريع احتمال التوصل إلى اتفاق والاستفادة من ارتفاع أسعار النفط العالمية، في إثر الحرب الروسية على أوكرانيا، وفي هذه الحالة، ستواجه إسرائيل صعوبة بالغة في إحباط توقيع الاتفاق النووي خلال فترة قصيرة.
والسيناريو الثاني، أن تصرّ إيران على شطب الحرس الثوري من القائمة الأميركية، الأمر الذي قد يؤدي إلى تأخير الاتفاق على إحياء الاتفاق النووي، وهو ما يقود الأطراف المتفاوضة إلى مزيد من الاختلافات بشأن مسائل أُخرى.
وتشير التقديرات السائدة في إسرائيل إلى أن الإدارة الأميركية عازمة على توقيع الاتفاق، وبناءً على ذلك، فإن إصرار إيران على مواقفها قد يؤدي إلى تحقيق طهران مزيداً من الإنجازات على طول مسار المفاوضات. كما تشير إلى أن واشنطن تُظهر مرونة كبيرة في تمديد المحادثات، على الرغم من التحذيرات الإسرائيلية المتواصلة من أن إيران تعمد إلى تمديد أمد المفاوضات، وهو ما سيسمح لها بالتقدم في برنامجها النووي بالتوازي مع المفاوضات. وأكدت مصادر إسرائيلية رفيعة المستوى أن إدارة بايدن أرجأت مراراً المواعيد التي كانت حددتها لإنهاء المفاوضات ورفعت سقفها الزمني.
وتؤكد التقديرات الإسرائيلية أن إيران استغلت الفترة التي حافظت فيها على اتصالات مع القوى العظمى من أجل مواصلة تعزيز قدراتها النووية، وهذا ما أكده وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس مؤخراً، حين أوضح أن إيران أتمّت تخصيب نحو 50 كيلوغراماً من اليورانيوم بمستوى 60%، وأنها تواصل الدفع قدماً ببرنامجها النووي العسكري بالتوازي مع المفاوضات.
ومع ذلك، وعلى عكس التحذيرات التي أطلقها عدد من المسؤولين الإسرائيليين عشية استئناف المفاوضات بين إيران والدول العظمى، ففي القدس هناك مَن يرى أن تعثُّر المفاوضات في الوقت الراهن يمثل نقطة ضوء بالنسبة إلى إسرائيل، ومن وجهة نظر هؤلاء، يشكل هذا التعثُّر دليلاً على صعوبة التوصل إلى تفاهمات بين أطراف المفاوضات، وقد يؤدي بالمفاوضات إلى طريق مسدود في نهاية المطاف، كما يأمل المسؤولون في إسرائيل.
- جميعنا، جميع الإسرائيليين، صعدنا إلى "حومش". جميعنا، جميع الإسرائيليين، حاولنا السير في مسيرة الأعلام في القدس. جميعنا، جميع الإسرائيليين، مستوطنون. ولا توجد طريقة ثانية لوصف الواقع غير هذه الطريقة. مَن يعتقد أن الحديث يدور عن قلة من المستوطنين، عنيفة ومجنونة، لا علاقة للأغلبية بها؛ مَن يعتقد أن الحديث يدور عن منطقة بعيدة ومعزولة، ساحة خلفية لا علاقة لها بالواجهة الكبيرة، يضلل نفسه.
- كم هو جميل وكاذب الاعتقاد أن هذا بعيد عنا، إنهم هم؛ كم هو جميل وكاذب أن نعتقد، نحن المتنورين، أن لا علاقة لنا بهذا، الدولة خضعت لحماقاتهم ليس إلّا. فحتى في عملية الابتزاز، هناك مَن يبتز ومن يُبتز. هؤلاء اصحاب الكيبا الكبيرة والمعاطف الطويلة، والباروكة والسوالف، ليس نحن. ما لنا ولـ"حومش"، ما لنا وللمسجد الأقصى؟ صحيح أن أقدام أغلبية الإسرائيليين لم تطأ كلا المكانين، وأشك في عدد الذين يعرفون أين تقع "حومش"، لكن الحقيقة أننا جميعاً هناك، جميعنا نتحمل المسؤولية.
- كل علَم يستفز في "حومش"، وجميع الأعلام المحمولة في القدس تُرفع باسمنا. لا يمكن الجلوس في تل أبيب، وشرب القهوة بحليب الصويا، واللعب باللسان والقول: ماذا سيحدث مع هؤلاء المستوطنين. يخربون "دولتنا". ولا يمكن أيضاً الجلوس في الحكومة التي تقوم بهذا كله، والقول إنها حكومة تغيير. ومَن يريد أن يثبت عدم وجود فارق بين هذه الحكومة والحكومات السابقة، فإن "حومش" هي الإثبات. كان على بني غانتس إغلاق "حومش". من الجيد على الأقل أن عومر بار ليف قام بمنع الأعلام. يائير لبيد أيضاً سار إلى "حومش"، كما أن نيتسان هوروفيتش سار في مسيرة الأعلام، وحملت ميراف ميخائيلي العصي لطرد العجزة من المسجد الأقصى. هم شركاء. فعيديت سيلمان وإيتمار بن غفير لا يسيران وحدهما في ساحات المساجد. هناك جيش يدافع عن هؤلاء، شرطة إسرائيل التي لا تمنعهم وحكومة لا تقوم بأي شيء. لذلك، كلنا "حومش".
- الحديث يدور عن مشاركة في الجريمة. ليس فقط عدم منع الجريمة الذي يُعدّ بحد ذاته جريمة، إنما المساعدة. ورد في بند من قانون العقوبات: "مَن صادق قبل الجريمة، أو خلالها، أو قام بفعل للسماح بارتكاب الجريمة، أو تسهيلها، أو تأمينها، أو منع اكتشافها، أو إحباطها، أو المساعدة بطريقة ما لخلق الظروف الملائمة لارتكاب الجريمة، هو مساعد. يجب إضافة شيء ما؟ التظاهرة الاستفزازية في "حومش" جريمة. إنها أبرتهايد مركّز، وبصقة في وجه المحكمة العليا. إنها إذلال للقانون أكثر بكثير من الاتهامات بحق بنيامين نتنياهو.
- إنها أبرتهايد، لأن الفلسطينيين، أصحاب "حومش"، لا يستطيعون أن يحلموا حتى بزيارة مشابهة إلى أراضيهم، حتى ولو كانت خاطفة. وهي استهتار بسلطة القانون، لأن المحكمة العليا قررت قبل عدة أعوام أنه يجب إعادة هذه الأرض إلى أصحابها. وماذا يعني الحكم. تخيلوا أن تحكم المحكمة على مجرم بالسجن، ثم يقول: لا تهمني المحكمة. هذا ما تقوله المسيرة إلى "حومش". هذا ما تقوله الحكومة والجيش والشرطة الذين سمحوا بالمسيرة.
- أول أمس، وقفت أرملة المستوطن الذي قُتل في العملية الأخيرة في "حومش"، وطالبت بإعادة احتلال سيناء. بدلاً من أن تطالب إيتيا ديمنتمن المقتحمين بترك الجبل المجبول بدم زوجها حالاً، وبإحلال العدالة وإعادة الحق إلى أصحابه، تريد هذه الأرملة المزيد من الدم والمزيد من الأرامل مثلها. وماذا تبقى لأصحاب الأرض من بُرقة القيام به لاستعادة أراضيهم، وما هو شعورهم حين يتم سجن القرية برمتها، للسماح للصوص بالاحتفال بسرقتهم بحماية الجيش والشرطة؟ بدلاً من سجن اللصوص وحماية المحتفلين من بُرقة بالعودة إلى أراضيهم، تقوم دولة "اللا- أبرتهايد" بالعكس تماماً.
- ماذا سنقول لسكان بُرقة؟ وماذا سنقول لأنفسنا؟ المهم ألاّ تقولوا: هؤلاء هم المستوطنون.
- في هذه الأيام التي تركز فيها المؤسسة الأمنية على موجة "الإرهاب" الفلسطينية الجديدة، تبدو حدود لبنان هادئة كمشهد طبيعي. طبعاً، هذا هو موسم النزهات في شمال البلد، لكن يجب ألّا نخطىء فيما يتعلق بجدول الأعمال العسكري الحقيقي. نقل القوات إلى المناطق [المحتلة] هو نتيجة ضغط محدد - فقدان الجمهور الشعور بالأمان جرّاء الهجمات. الأجواء السائدة في الجيش الإسرائيلي لم تتغير منذ أكثر من عقد: يتحدثون عن إيران ويستعدون للحرب في لبنان، وفي النهاية، يقاتلون مرة كل بضعة أعوام في قطاع غزة.
- في الأسبوع المقبل، سيتغير الضابط المسؤول عن قطاع الحدود. إنه قائد الفرقة 91 (فرقة الخليل) العميد شلومي بيندر، الذي تولى منصبه مدة عامين و8 أشهر. هذه الفترة كانت متوترة في ساحة عسكرية حساسة جداً. لكن على الرغم من الحوادث المتفرقة التي أدت إلى فترات طويلة من حالة التأهب، فإن بيندر يأمل بإنهاء مهمته، مثل أغلبية الذين سبقوه، من دون حدوث تحوُّل حاد في المشهد. تحديداً، حرب لبنان الثانية التي جرت في صيف 2006، والتي كان أداء الجيش والمستوى السياسي فيها مخيباً ومقلقاً، هي التي أدت إلى فترة هدوء غير مسبوق، من حيث مدته. يبدو أن الحروق المتبادلة التي لحقت بإسرائيل وحزب الله خلقت بعدها توازُن ردع لا يزال صامداً حتى الآن. الكل يُكثر من التهديدات، لكن الأغلبية تسير على رؤوس أصابعها. في هذه الأيام، وحتى إشعار آخر (وهذا يمكن أن يحدث في أي لحظة)، يبدو الجليل المنطقة الأكثر أماناً في البلد.
- ... قبل تولّي بيندر منصبه، وقعت في كانون الأول/ديسمبر حادثة مركزية دراماتيكية في الشمال، عملية "الدرع الشمالي"، التي كشف الجيش في إطارها ستة أنفاق حفرها حزب الله من تحت الحدود إلى داخل الأراضي الإسرائيلية، تحضيراً لهجوم مباغت مستقبلاً. بعدها، في كل صيف من الأعوام الثلاثة الماضية، حدثت فترات طويلة من التوتر الذي فرض، أحياناً، إبقاء كل القوات في حالة تأهُّب قصوى لأسابيع طويلة. نجم التوتر عن محاولات حزب الله الانتقام لمقتل عناصره في هجمات على سورية نُسبت إلى إسرائيل (ومرة واحدة للرد على هجوم جوي استهدف بيروت). الهجمات الإسرائيلية كانت موجهة في الأساس ضد محاولات تهريب السلاح والتمركز العسكري الإيراني في سورية. وحاول الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وضع قواعد لعبة جديدة. ففي حادثة شديدة الخطورة في أيلول/سبتمبر 2019، أطلق الحزب صواريخ مضادة للدبابات على سيارة إسعاف عسكرية بالقرب من الحدود اللبنانية. الصواريخ أخطأت إصابة الهدف بأمتار قليلة، وهذا ما وفّر على الطرفين اشتباكاً كبيراً.
- حدث هذا كله، بينما لبنان غارق في أزمة اقتصادية حادة نتيجة التعثر الاقتصادي وصعوبة تأمين الحاجات الأساسية لمواطنيه، مثل الكهرباء والدواء، وحتى الغذاء. بيندر على ثقة بأن إصرار حزب الله على التشاجر مع إسرائيل في هذه الأوقات أضرّ بتأييد الموطنين اللبنانيين له. يقول: "أعتقد أن أغلبية الناس لم تعد تتأثر بمحاولات حزب الله تقديم نفسه كدرع للبنان. لقد تلقت هذه السردية ضربة. حزب الله لم يعد يحتفظ بالإجماع، حتى وسط الشيعة، هناك معارضة داخلية له. هناك العديد من الأشخاص الذين يرغبون في الحرية ويتحفظون عن الأصولية. الدليل على ذلك قتل الحزب معارضين له من أبناء طائفته عندما ينتقدونه علناً...
- وفقاً لكلام بيندر، "خلال الأزمة، عمل حزب الله على ترسيخ موطئ قدم لإيران. ففي الوقت الذي يحتاج المواطن العادي إلى الطعام والوقود، فإن المواد الغذائية ومحطات الوقود الممولة من إيران تساعد الطائفة الشيعية. السيطرة الإيرانية تؤثر في لبنان مثل ضفدع يُطبخ على نار هادئة. عندما فُرضت العقوبات الدولية على إيران، تأثرت مساعدتها للحزب، لكنها لم تتوقف. الجندي في الجيش اللبناني يقبض أقل بكثير من ناشط في حزب الله. الجنرال اللبناني يقبض 500 دولار في الشهر، مثلما يقبض عنصر من حزب الله. التأثير الإيراني خطِر لأنه يجعلهم أكثر جرأة على اللعب بالنار في مواجهتنا.
- "هل الدولة تتفكك؟ تحديداتهم تختلف عن تحديداتنا. مستوى الأداء منخفض، التزود بالكهرباء يصعد وينخفض، هناك اقتصاد السوق السوداء". في الشهر المقبل ستجري الانتخابات البرلمانية في لبنان، لكن في تقدير بيندر "لن يتغير الكثير. حزب الله يسيطر جيداً على ما يحدث من وراء الكواليس. هو الذي يُدخل ويُخرج مَن يشاء من الساحة السياسية، وفي النهاية سينجح في تحقيق التوازن الذي يسعى له. عندما يطالب البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بإصلاحات، يدّعي الحزب بأنها تحدث، لكنه غارق في نظام فاسد ولا يمكن تغيير ذلك. الحزب هو كيان سياسي بصورة لا تقل عن كونه كياناً عسكرياً، ولديه مصالح اقتصادية في الدولة. نصر الله سيفعل كل ما في وسعه لوقف أي تأثير غربي معتدل في لبنان".
- ... التغيير الأساسي الذي طرأ على الحدود في الأعوام الأخيرة يتعلق بوصول عناصر الرضوان، قوة النخبة في حزب الله، وانتشارها في الجنوب اللبناني، بعد سنوات راكمت فيها خبرة في الحرب الأهلية في سورية. ويتابع بيندر: "لديهم وسائل لم تكن موجودة في سنة 2006، وعلى رأسها خطة وقدرة هجومية في داخل أراضينا. لقد زادوا منظومة النار الموجهة نحو الجبهة الداخلية، وحسّنوا قدراتهم الدفاعية في مواجهة مناورات الجيش الإسرائيلي. رئيس الأركان يعتبرهم جيش "إرهاب". ومن السمات البارزة لانتقال الحزب من حرب عصابات إلى جيش هو تطوير تشكيلات هجومية واسعة النطاق، وليست محدودة أو دفاعية فقط. وهذا ليس سيئاً بالضرورة بالنسبة إلينا. فكلما تحول حزب الله، أكثر فأكثر، إلى جيش وأوجد أنماطاً ثابتة، كلما كان يقدم أهدافاً لهجماتنا".
- في نهاية الحرب الأخيرة في لبنان، كان الجيش الإسرائيلي يميل إلى تعظيم القدرات القتالية لحزب الله، في الأساس الروح القتالية لعناصره. يقترح بيندر عدم التضخيم "في نظري هم بعيدون عن القدرة التي لدينا. هم يعرفون كيف يتحركون بغطاء استخباراتي ونيران ووسائل أُخرى، كما فعلوا عندما قاتلوا إلى جانب الروس والإيرانيين في الحرب السورية. لكن هذه المعركة أقل تعقيداً من المعركة معنا. التهديد الأساسي بالنسبة إلينا منذ أعوام كثيرة هو حزب الله. نحن نخطط ونتدرب ونفكر في ذلك. لدينا قدرة أقوى على الربط بين الاستخبارات والنيران والمناورة البرية"...
دروس حرب أوكرانيا
- الحرب الأوكرانية التي يتابعها الجيش الإسرائيلي عن كثب ويستخلص الدروس المهنية منها، تؤكد مرة أُخرى كم هو صعب على الجيش احتلال مناطق كثيفة السكان. فمنذ أكثر من شهر، لا يزال الروس يلاقون صعوبة في احتلال مدينة ماريوبول الواقعة جنوب - شرق البلد [أعلن الروس اليوم استكمال احتلال ماريوبول]، على الرغم من العملية الضخمة بالمقاتلين والسلاح. والمفارقة أن الدمار الهائل في المدينة يساعد، إلى حد ما، القوة المُدافعة عن المدينة"...
- الفارق الواضح بين إسرائيل وروسيا يعود إلى قدرة الأخيرة على مواصلة القتال شهراً ونصف الشهر، على الرغم من الاحتجاج الدولي العارم والإدانات والعقوبات. في حروب إسرائيل، الساعة الدولية تدق أسرع وتضغط أكثر. يعتقد بيندر أنه إذا نشبت حرب في الشمال، فإن الدمار الذي ستتسبب به قذائف وصواريخ حزب الله سيمنح الجيش الإسرائيلي هامشاً من الوقت كي يتحرك، وستعطي عملياته شرعية داخلية قوية.
- ... طوال أعوام، أخطأت إسرائيل عندما صورت أعداءها، ليس فقط كمتطرفين طافحين بالكراهية والأيديولوجيا الدينية إزاءها، بل أيضاً بأنهم غير عقلانيين. سادت هذه المقاربة إزاء حزب الله وإيران، وجرى الاعتماد عليها حتى حيال القرارات التي اتخذها زعيم "حماس" في غزة يحيى السنوار. يقول بيندر إن نصر الله "عقلاني، لكنه ليس عقلانياً، بالضرورة، كما نرى نحن ذلك. هل هو عاقل ومتزن في اتخاذ قراراته؟ في رأيي، نعم. السؤال هو هل يمكن أن يؤدي هذا إلى القرارات التي ننتظرها - الجواب هو لا دائماً. لدي صعوبة معرفية معينة عندما أحاول أن أفهمه: أنا إسرائيلي ولست شيعياً - لبنانياً".