مختارات من الصحف العبرية

مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
مقتل شاب فلسطيني برصاص الجيش الإسرائيلي في جنين واندلاع مواجهات في مختلف أنحاء الضفة الغربية
غانتس سيقوم الأسبوع المقبل بزيارة إلى تركيا هي الأولى لوزير دفاع إسرائيلي منذ عقد
تقديم لائحة اتهام ضد ثلاثة مواطنين من سكان الشمال تُنسب إليهم جرائم أمنية خطرة تتعلق بنقل معلومات حساسة إلى حركة "حماس"
أخبار انتخابية: قبل 10 أيام من الانتخابات العامة، استطلاع "معاريف" يُظهر حصول "معسكر نتنياهو" على 60 مقعداً
تقرير: رئيسة المحكمة العليا: لا يوجد قانون يلزم الحكومة الإسرائيلية بإجراء تصويت في الكنيست على اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان
مقالات وتحليلات
الاتفاق مع لبنان: الإخفاقات السابقة
أخلاقياً وعملياً، يمكن مساعدة أوكرانيا سراً
الكراهية في وسائل التواصل الاجتماعي هي أعراض أمراض عميقة في المجتمع الإسرائيلي
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
موقع Ynet، 21/10/2022
مقتل شاب فلسطيني برصاص الجيش الإسرائيلي في جنين واندلاع مواجهات في مختلف أنحاء الضفة الغربية

قالت مصادر فلسطينية إن شاباً فلسطينياً لقي مصرعه وأصيب 3 شبان آخرون بجروح خلال عملية تبادل إطلاق نار مع قوات من الجيش الإسرائيلي في جنين الليلة الماضية.

وأضافت هذه المصادر أن الشاب القتيل هو صلاح بريكي (19 عاماً). 

وذكر بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أن قوات الجيش تعرضت لإلقاء عبوات ناسفة وإطلاق النار خلال قيامها باقتحام جنين، بحثاً عن مطلوبين.

وقرر وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس مساء أمس (الخميس) إغلاق معبر سالم حتى إشعار آخر أمام مواطنين عرب من إسرائيل يقصدون الدخول إلى منطقة جنين. وقال بيان صادر عن وزارة الدفاع إن ذلك يأتي على خلفية حوادث إطلاق النار بالقرب من المعبر في المدة الأخيرة. وأضاف البيان أنه من المحتمل أن يعاد النظر الأسبوع المقبل في فتح المعبر، بناءً على تقييم الوضع الأمني.

في غضون ذلك، استمرت في منطقة القدس الليلة الماضية أعمال العنف الفلسطينية. وأصيب سائق حافلة باص إسرائيلية بجروح طفيفة جرّاء رشقها بالحجارة في عتاروت شمالي المدينة، وكانت الحافلة خالية من الركاب. وفي حادث آخر، اعتقل رجال الشرطة أحد سكان بيت حنينا بشبهة إلقاء الحجارة في اتجاه سيارات إسرائيلية. كما اعتقلت الشرطة شباناً في أحياء فلسطينية أُخرى ألقوا الحجارة وأشعلوا النار في حاويات وأغلقوا محاور طرقات.

واندلعت طوال يوم أمس مواجهات بين الفلسطينيين وقوات الجيش الإسرائيلي في مختلف أنحاء الضفة الغربية.

واستخدمت قوات الجيش الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الشبان الفلسطينيين.

وعمّ الإضراب العام والتجاري أمس كافة مدن الضفة الغربية، بما في ذلك مدينة القدس الشرقية، تنديداً بمقتل الشاب عدي التميمي، منفّذ عملية إطلاق النار في مخيم شعفاط، والتي أسفرت عن مقتل جندية إسرائيلية. وقُتل التميمي في اشتباك مسلح مع حراس أمن إسرائيليين عند مدخل مستوطنة "معاليه أدوميم"، شرقي القدس الشرقية.

"معاريف"، 21/10/2022
غانتس سيقوم الأسبوع المقبل بزيارة إلى تركيا هي الأولى لوزير دفاع إسرائيلي منذ عقد

ذكر بيان صادر عن ديوان وزارة الدفاع الإسرائيلية أمس (الخميس) أن وزير الدفاع بني غانتس سيقوم يوم الأربعاء المقبل بزيارة رسمية أمنية-سياسية إلى تركيا من المتوقع أن يلتقي خلالها وزير الدفاع التركي خلوصي آكار. كما سيلتقي رئيس جهاز الاستخبارات التركي هاكان فيدان.

وهذه هي أول زيارة يقوم بها وزير دفاع إسرائيلي إلى تركيا منذ أكثر من عقد من الأعوام، وكانت آخر مرة زار فيها وزير دفاع إسرائيلي أنقرة في سنة 2012.

وأضاف البيان أنه تمهيداً لزيارة غانتس هذه، قام رئيس القسم الأمني-السياسي في وزارة الدفاع العميد درور شالوم قبل نحو شهرين بزيارة إلى تركيا استهدفت تجديد محور العلاقات الأمنية بين البلدين، وتم خلال الاجتماعات التي عقدها الاتفاق على الموضوعات التي سيتم بحثها على مستوى الوزيرين.

وقامت وزيرة الاقتصاد والصناعة الإسرائيلية أورنا باربيفاي يوم الثلاثاء الماضي بزيارة إلى تركيا التقت خلالها كلاً من وزير الصناعة والتكنولوجيا مصطفى ورانك، ووزير التجارة محمد موش.

وكان ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية أعلن قبل شهرين أن تركيا وإسرائيل تستأنفان العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل، وتستعيدان السفيرين والقنصلين العامَّين في كلا البلدين، وذلك في إثر الاتصال الهاتفي الذي جرى بين رئيس الحكومة يائير لبيد والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

"يديعوت أحرونوت"، 21/10/2022
تقديم لائحة اتهام ضد ثلاثة مواطنين من سكان الشمال تُنسب إليهم جرائم أمنية خطرة تتعلق بنقل معلومات حساسة إلى حركة "حماس"

سمحت الرقابة العسكرية الإسرائيلية أمس (الخميس) بنشر نبأ قيام دائرة الأمن السيبراني في مكتب المدعي العام للدولة في نهاية تحقيق أجراه جهاز الأمن العام ["الشاباك"]، بتقديم لائحة اتهام ضد ثلاثة مواطنين [عرب] من سكان الشمال تُنسب إليهم جرائم أمنية خطرة تتعلق بنقل معلومات حساسة على نطاق واسع إلى حركة "حماس" في تركيا، والتخطيط لتعريض شركة الاتصالات الخليوية "سيلكوم" لهجمة سايبر في أثناء معركة عسكرية مستقبلية.

وجاء في لائحة الاتهام أن أحد المتهمين الثلاثة هو مهندس برمجة عمل في شركة "سيلكوم"، وبموجب منصبه، تمكن من الدخول إلى أجهزة حاسوب رئيسية فيها وسرقة معلومات منها. وقبل 5 أعوام اجتمع في تركيا بجهات من "حماس" بوساطة مواطن آخر من إسرائيل يدعى أشرف حسن، ونقل إليها هذه المعلومات بهدف مساعدتها على المساس بالبنية التحتية لـ "سيلكوم" وقت الحرب. كما نقل عامل سابق آخر في الشركة معلومات حساسة عنها إليه كي ينقلها إلى "حماس"، وتتعلق هذه المعلومات بسبل الالتفاف على نظام تأمين المعلومات. أما المتهم الثالث فهو شقيق المتهم الأول، وأجرى هو الآخر اتصالات بجهات من "حماس".

وقالت مصادر مسؤولة في جهاز "الشاباك" إن تصرفات المتهمين كانت تهدد أمن الدولة بشكل حقيقي وخطر للغاية. وأضافت أن اعتقالهم واستجوابهم من طرف "الشاباك" أدى إلى إحباط جهود "حماس" في جمع مزيد من المعلومات، بغية إلحاق الضرر ببنية الاتصالات التحتية الإسرائيلية.

وكُشفت في وقت لاحق أمس تفاصيل جديدة لهذه القضية الأمنية أشيرَ فيها إلى أن المتهمين أجروا تجربة فعلية في أثناء إحدى المعارك لاختبار ما إذا كان بإمكانهم تعطيل البنى التحتية لشركة الاتصالات الخليوية المذكورة أم لا.

وقال مصدر رفيع المستوى في الشرطة الإسرائيلية مطّلع على التحقيق: "لقد كنا قاب قوسين أو أدنى من وقوع كارثة." 

وأوعزت وزارة الاتصالات أمس إلى شركات الاتصالات برفع مستواها الدفاعي في وجه تهديدات السايبر، وقالت إن الموظفين الكبار في منظومات المعلومات سيخضعون لفحص أمني يشرف عليه جهاز "الشاباك".

"معاريف"، 21/10/2022
أخبار انتخابية: قبل 10 أيام من الانتخابات العامة، استطلاع "معاريف" يُظهر حصول "معسكر نتنياهو" على 60 مقعداً

قبل 10 أيام من الانتخابات الإسرائيلية العامة التي ستجري يوم 1 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، أظهر استطلاع للرأي العام أجرته صحيفة "معاريف" أمس (الخميس) أنه في حال إجراء هذه الانتخابات الآن، سيحصل معسكر الأحزاب في المعارضة بقيادة رئيس الليكود ورئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو على 60 مقعداً، ولن تتمكن قائمة "البيت اليهودي" برئاسة وزيرة الداخلية أييلت شاكيد، وقائمة بلد [التجمع الوطني الديمقراطي] برئاسة عضو الكنيست سامي أبو شحادة، من اجتياز نسبة الحسم (3.25%).

وأظهر الاستطلاع أن المقاعد الـ 60 التي يحصل عليها "معسكر نتنياهو" ستكون موزعة على النحو التالي: حزب الليكود 31 مقعداً، وحزب الصهيونية الدينية برئاسة عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش الذي يضم حزب "قوة يهودية (عوتسما يهوديت)" برئاسة عضو الكنيست إيتمار بن غفير 14 مقعداً، وحزب شاس لليهود الحريديم [المتشددون دينياً] 8 مقاعد، وحزب يهدوت هتوراه الحريدي 7 مقاعد.

 في المقابل، يحصل المعسكر المناوئ لنتنياهو على 56 مقعداً موزعة على النحو التالي: حزب "يوجد مستقبل" برئاسة رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد 23 مقعداً، وتحالف "المعسكر الرسمي" الذي يضم كلاً من حزبيْ "أزرق أبيض" برئاسة وزير الدفاع بني غانتس، و"أمل جديد" برئاسة وزير العدل جدعون ساعر، والرئيس السابق لهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال احتياط غادي أيزنكوت 12 مقعداً، وحزب "إسرائيل بيتنا" برئاسة وزير المال أفيغدور ليبرمان 7 مقاعد، وحزب العمل برئاسة وزيرة المواصلات ميراف ميخائيلي 5 مقاعد، وحزب ميرتس 5 مقاعد، وحزب راعام [القائمة العربية الموحدة] برئاسة عضو الكنيست منصور عباس 4 مقاعد.

 وتحصل القائمة المشتركة، التي باتت مقتصرة على تحالف حزبيْ حداش [الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة] وتعل [الحركة العربية للتغيير]، على 4 مقاعد في الكنيست.

وشمل الاستطلاع عينة مؤلفة من 712 شخصاً يمثلون جميع فئات السكان البالغين في إسرائيل، مع نسبة خطأ حدّها الأقصى 3.7%.

"هآرتس"، 21/10/2022
تقرير: رئيسة المحكمة العليا: لا يوجد قانون يلزم الحكومة الإسرائيلية بإجراء تصويت في الكنيست على اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان

أكدت رئيسة المحكمة الإسرائيلية العليا القاضية إستير حيوت، خلال جلسة استماع عقدتها هذه المحكمة أمس (الخميس) للنظر في طلبات التماس قُدمت إليها ضد اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، أنه لا يوجد أي قانون يُلزم الحكومة الإسرائيلية بإجراء تصويت في الكنيست على الاتفاقيات السياسية التي تبرمها.

وقالت حيوت: "وفقاً لأنظمة عمل الحكومة، هناك حالات لا تكون فيها ملزمة على الإطلاق بتقديم الاتفاقيات إلى الكنيست. وفيما يتعلق بإبرام الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، فالوثيقة الرسمية الملزمة هي اللوائح والأنظمة الحكومية. ولم يسنّ الكنيست قانوناً يتطلب التصويت على مثل هذه الاتفاقيات في هيئته العامة."

وشددت حيوت على أن للحكومة سلطة تقديرية، وأشارت إلى أنه نظراً إلى كون الاتفاقية سرية، فإن للحكومة حرية التصرف.

وأشارت حيوت إلى أن الحكومة مسؤولة أيضاً عن منع وقوع أي تصعيد، وقد أكدت الحكومة أن هناك دوافع مركزية إلى ضرورة إبرام هذا الاتفاق بشكل عاجل، وهذا موضح في رسائل سرية لا يمكن عرضها بالكامل على الكنيست بكامل هيئتها.

ونظرت المحكمة الإسرائيلية العليا أمس في 4 طلبات التماس قدمتها جهات يمينية إسرائيلية ضد اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان. وقالت النيابة الإسرائيلية العامة في ردها على هذه الطلبات إن اعتبارات أمنية وسياسية واقتصادية تبرر توقيع الاتفاق قبل موعد الانتخابات من دون مصادقة الكنيست عليه. وفي مرحلة معينة من جلسة المحكمة، انتقل القضاة إلى قاعة أُخرى، حيث استمعوا إلى إحاطة أمنية من خلف أبواب مغلقة قدمها رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي ["أمان"] اللواء أهارون حاليفا ومسؤولون كبار آخرون في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وعرضوا مواد سرية، وعُقد هذا الجزء السري من جلسة الاستماع بحضور ممثلي الدولة فقط.

وكانت الحكومة الإسرائيلية صادقت على الاتفاق، لكنها أرجأت التصويت النهائي عليه إلى الأسبوع المقبل. كما عرضت الحكومة الأسبوع الماضي الاتفاق على الكنيست، لكن من دون أن تطلب التصويت عليه.

بموازاة ذلك، أكد رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي إيال حولاتا أنه إذا لم توقّع إسرائيل اتفاق ترسيم الحدود مع لبنان حتى نهاية الشهر الحالي، فمن المحتمل أن يتعذر عليها التوقيع في المستقبل المنظور.

وجاء تأكيد حولاتا هذا في سياق كلمة ألقاها خلال اشتراكه في الاجتماع الذي عقدته لجنة الخارجية والأمن في الكنيست لمناقشة الاتفاق أول أمس (الأربعاء)، وأشار فيها أيضاً إلى أنه من الصواب استغلال الفرصة السانحة الآن لتوقيع الاتفاق، بهدف قطع الطريق أمام احتمال تدهور الوضع الأمني.

وأضاف حولاتا أن الاتفاق يثبت خط الحدود السياسية بين لبنان وإسرائيل، وأن حكومة لبنان الرسمية تعترف بهذه الحدود.

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"يسرائيل هَيوم"، 18/10/2022
الاتفاق مع لبنان: الإخفاقات السابقة
البروفسور أودي لابيل - محاضر في جامعة بار-إيلان

 

  • الاتفاق مع لبنان لم يوقَّع في فراغ. توجد حربان في رؤوس موقعيه: الأولى حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006]، أما الثانية فهي الحرب الروسية-الأوكرانية الحالية. ما المشترك بينهما؟ في كلتيهما الدولة التي بادرت إلى الحرب منيت بفشل استخباراتي. والأمر لا يشبه الفشل الاستخباراتي في حرب الغفران [حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973]، يوم فشلنا في معرفة قدرات العدو ونياته، وهذا ما ندعوه "فشل استخباراتي ذاتي"، أي الفشل في قراءة قدرات العدو العسكرية.
  • لدى أولمرت وبوتين نظرة مشوهه للذات، قوة عسكرية كبيرة على وشك أن تقهر خلال أيام (في الحالة الأولى)، أو أسابيع (في الحالة الثانية)، تنظيماً عسكرياً أدنى منهما. لقد كانا مخطئين. في نهاية المطاف، خاب أمل الاثنين، وتآكلت صورة جيشيهما لسنوات لاحقة. الجيش الإسرائيلي اكتشف تدنّي مستواه أمام حزب الله، والجيش الروسي يُهان أمام الأوكرانيين.
  • وفي كلتا الحالتين، اتضح أن الأموال الضخمة التي "ابتلعها" الجيش أنفِقت في الأماكن الخطأ – على الأرجح كرواتب، وليس للتدريب والعتاد – في الوقت الذي كانت فيه جهوزية المعدات في وضع كارثي (وحدة الطوارئ للتخزين، أتذكرون؟) وقدرة الجنرالات على شن حرب حقيقية (أو مناورة) متعثرة.
  • يصعب التصديق أن الحكومة الإسرائيلية سنة 2006 وبوتين في سنة 2022، كانا سيتخذان قراراً بشن عملية عسكرية لو كانا على اطّلاع مسبق على قدرات ونوعية جيشيهما.
  • خلال حقبة نتنياهو (أبرز ما حدث خلالها كان استلام كوخافي رئاسة هيئة أركان الجيش)، أصبح الجيش الإسرائيلي جيشاً من المناورين. بقيادة نتنياهو، تراجعت قدرات الجيش على الردع، كي لا نقول على الحسم في مواجهة حزب الله. في كل العمليات التي خاضها نتنياهو ضد غزة، أظهر لـ "حماس" وحزب الله أنه لا ينوي تحريك كتيبة مدرعات واحدة خارج الحدود. "مواجهات نتنياهو" ضد الإرهاب كانت وستكون جوية ومدفعية حصراً. إرث نتنياهو العسكري هو أن قادة حزب الله سيستمرون في السكن بأمان في ضاحية بيروت، وقادة "حماس" في مترو غزة. الطلعات الجوية على المناطق الفارغة واستهدافها يرمي بشكل أساسي إلى تشكيل الوعي الإسرائيلي تحت القبة الحديدية.
  • والآن، يتذمر نتنياهو من سوء الاتفاق. سنأخذ هذا النقد كأمر بديهي ونمضي قدماً: لنفرض أن لبيد-بينت-غانتس وحكومتهم كانوا سعداء بتوقيع اتفاق لتقديم إسرائيل بصورة "ذكورية" ومحقة، ومن دون شك هم يعلمون بأن ما يراه نتنياهو، يراه الناخبون كذلك. ما الذي يعرفونه ولا نعرفه نحن؟ على ما يبدو، هو أنه في الجولة المقبلة مع حزب الله، إسرائيل ليست جاهزة. ما لم يفعله بينت-لبيد خلال حقبتهما القصيرة، فعله نتنياهو على مدى 12 عاماً سابقة. يوجد هنا جيش، ببساطة حُرِم من قدراته على الحسم وردع "حماس" وحزب الله.
  • لكي تتمكن إسرائيل من إبرام اتفاقيات دولية من موقع أفضل، يجب على جدول الأعمال العام ألا يتعامل مع الاتفاق بحد ذاته بل مع السلوك الأمني الحالي وتداعياته. إذ إن قدرة الدولة على إبرام اتفاق تأتي من مكانتها في المنطقة ومن سلوكها المستمر. اتفاق الغاز هو انعكاس مقلق لصورة مكانتنا خلال العقود الماضية.
"يديعوت أحرونوت"، 21/10/2022
أخلاقياً وعملياً، يمكن مساعدة أوكرانيا سراً
رون بن يشاي - محلل عسكري

 

  • يمكن تلخيص "المعضلة الأوكرانية" بذلك: من جهة، لدينا واجب أخلاقي ومصلحة واضحة في تزويد الأوكرانيين بمنظومات سلاح طوّرناها، يمكنها إنقاذ حياة المدنيين. ومن جهة أُخرى، من شبه المؤكد إذا فعلنا ذلك، فسيردّ علينا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتقليص، أو عرقلة حرية عمل سلاح الجو الإسرائيلي في سورية ولبنان. وستكون النتيجة تصاعُد التهديد الاستراتيجي على الجبهة الداخلية الإسرائيلية (صواريخ ومسيّرات دقيقة وعتاد عسكري هائل، تنجح إيران في نقله إلى سورية)، وربما نتورط في مواجهة مع قوة عالمية. كما يشكل الخوف على مصير اليهود الروس اعتباراً مهماً.
  • ويبدو أن الاختيار حدث. فقد علمنا من تصريحات وزير الدفاع بني غانتس هذا الأسبوع أن إسرائيل ستكتفي بتقديم مساعدة إنسانية وأجهزة إنذار. وعلى جدول الأولويات، تأتي في الدرجة الأولى حرية عمل الجيش الإسرائيلي، وبعدها الرغبة في مساعدة أوكرانيا. وهذه ليست نزوة من غانتس، بل عبارة عن قرار وُلد بعد نقاشات معمقة في المؤسسة الأمنية، واتُّخذ بموافقة رئيس الحكومة يائير لبيد والمجلس الوزاري المصغر، وربما رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو.
  • لكن مع ذلك، ثمة شك في أن هذا القرار هو الأمثل، الذي يمكن ويجب أن يُتّخذ. أولاً، لأن على إسرائيل تبنّي موقف ضد الغزو الروسي لأوكرانيا، ليس شفهياً فقط، بل لديها واجب أخلاقي. عندما كانت إسرائيل في وضع أوكرانيا مثلاً في سنة 1948، لم تحصل دائماً على المساعدة التي أرادتها من العالم. وإزاء جرائم الحرب التي يرتكبها الروس، حان دورنا لنثبت أننا عند الحاجة، لا نقف موقف المتفرج.
  • ثانياً، ثمة مصلحة لإسرائيل في أن يكون لها دور في الدفاع عن المدنيين في أوكرانيا، ولكي تتعرف من المصدر الأول على نقاط القوة والضعف في المسيّرات والصواريخ الإيرانية التي ستُستخدَم مستقبلاً ضد جبهتنا الداخلية. وأداء هذا العتاد سيجري تحسينه نتيجة المساعدة العلمية والتقنية الروسية، وأوكرانيا تشكل حقل تجارب كبير.
  • لا يعني هذا أنه يجب أن نتحدى الدب الروسي؛ فهو لا يزال خطراً، على الرغم من أن أسنانه لم تعد حادة وهو ينزف. لا تزال روسيا قادرة على إيذائنا، اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، ومع ذلك، يمكننا السعي لأن يكون لدى أوكرانيا منظومات اعتراضية لحماية مواطنيها من دون أن نتورط في مواجهة مباشرة مع الروس. لقد عرفت دولة إسرائيل في الماضي، وتعرف اليوم أيضاً كيف تقدم، سراً، مساعدة تشمل منظومات سلاح وتدريبات إلى دول وتنظيمات، لها مصلحة في تقويتها.
  • بصمت، وطوال أكثر من عشرة أعوام، وبمساعدة من الشاه في إيران، ساعدنا الأكراد الذين ثاروا ضد نظام البعث في العراق. ولم تكن النتائج سيئة، والقصة لم تنكشف. أحياناً، تحركت دولة إسرائيل بصورة مستقلة، مثلاً عندما أعلنت ألمانيا الغربية حيادها، باعتنا، سراً، في الستينيات مدافع مضادة للطائرات من إنتاجها ـ ونحن بذرائع اقتصادية وغيرها، بعنا سلاحاً لنظام الأبرتهايد في جنوب أفريقيا وتعاوننا معه في المجال النووي.
  • هناك عشرات الأمثلة لتزويد دول أجنبية بالسلاح، حتى في أوقات الحرب، من دون العثور على بصمة إسرائيلية، ومن دون إعلان ذلك. هذه القضايا بعضها مشين لإسرائيل. لكن على الرغم من ذلك، فإن كل الأطراف المعنية حافظت على الصمت والتمويه والغموض، يمكن أن يحدث هذا أيضاً مع أوكرانيا، لو أن الرئيس الأوكراني وبعض رجاله يضبطون أنفسهم، وبدلاً من إدانة إسرائيل بسبب رفضها تزويدهم بمنظومة "القبة الحديدية"، يتصرفون بتكتّم، ويجرون حواراً هادئاً ومهنياً مع المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.
  • بهذه الطريقة، كانت تجنّبت أوكرانيا الإهانة والمطالبة بعتاد لا تستطيع إسرائيل تأمينه (مثلاً منظومة الليزر "درع النور" التي لم ينتهِ تطويرها بعد). كما كان في إمكان إسرائيل أن توفر على نفسها الإحراج، لو أنها بادرت إلى إجراء لقاء سري ومهني بين أطراف أمنية رفيعة المستوى، بدلاً من دبلوماسية التيك-توك.
  • لا نستطيع قول كل شيء، لكن يمكننا التلميح إلى وجود منظومات اعتراضية جرى تطويرها في إسرائيل، وتُصنع بمشاركة وتمويل من الولايات المتحدة. على سبيل المثال، المنظومة التي طُورت من أجل سلاح المظليين الأميركي، واستخدمت مكونات إسرائيلية، وجرت تجربتها هذا الأسبوع بنجاح، ولا يوجد سبب جدّي يمنع وصولها إلى أوكرانيا كمنظومة أميركية تجريبية.
  • نموذج آخر هو منظومة الإنذار التي اقترحتها إسرائيل، والتي يمكن أن تمنع وقوع ضحايا كثيرة بين المواطنين الأوكرانيين. بعض المقربين من زيلينسكي رفضوها باحتقار من دون أن يعرفوا ما المقصود. من المفيد أن يعيدوا النظر. المهم أن يوقف نظام زيلينسكي حرب مكبرات الصوت العقيمة التي يخوضها ضدنا، وينتقل إلى حوار متعدد وسرّي ورصين بين كييف والقدس، بالتعاون مع واشنطن، وبوساطتها.
"معاريف"، 20/10/2022
الكراهية في وسائل التواصل الاجتماعي هي أعراض أمراض عميقة في المجتمع الإسرائيلي
د. إستر لوتساتو - مديرة جمعية "إسرائيل لأجل النقب"

 

  • الكراهية والاستقطاب السياسي الحاد بين المعسكرات يصل إلى ذروته عشية الانتخابات واقترابها. ويتم التعبير عنهما على كافة الصعد والقنوات-قنوات التلفزيون، وعلى صفحات الصحف المكتوبة ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث توجد اليوم ساحة المدينة الحقيقية. الرياح تهدر ووصلت على عتبة انفجار خطر.
  • الاستقطاب السياسي لا يُعد شعورياً ذاتياً. فبحسب استطلاع للرأي أجراه معهد الحريات والمسؤوليات في أيار/مايو الماضي في جامعة رايخمن، تبين أن أغلبية الجمهور، ليس أقل من 80%، تعتقد أن الاستقطاب السياسي بين اليمين واليسار في إسرائيل ازداد خلال الأعوام الثلاثة الماضية. معطى آخر يشير إلى أن الكراهية العالية ما بين اليساريين واليمينيين في إسرائيل ازدادت، وباتت أكثر، قياساً إلى الاستطلاعات السابقة للمعهد ذاته، والتي تم إجراؤها في أيلول/ سبتمبر 2021.
  • وهذا ما تؤكده أبحاث أُخرى جرت خلال الأعوام الماضية. وتشير النتائج إلى أنه وإلى جانب الاستقطاب السياسي-ويمكن أيضاً بسببه-حدث تراجُع في وحدة المجتمع الإسرائيلي. ويتم التعبير عنه من خلال الفروق الاجتماعية-الطبقية الآخذة بالتوسع بين الأغنياء والفقراء، وبين المركز ومدن التطوير. وهو ما يؤكده مؤشر الأمن القومي الذي يصدر عن معهد أبحاث الأمن، إذ يوافق 70% من المستطلعين على مقولة أنه "حدث تراجع في شعور التضامن داخل المجتمع الإسرائيلي".

الألاعيب السياسية تزيد في حدة الاستقطاب

  • المعسكران السياسيان الرئيسيان مسؤولان عن استمرار الاستقطاب وتعاظمه، إذ يتم تركيز كل النقاش على السؤال الأبدي: "نعم بيبي؛ لا بيبي". وكل طرف يشد باتجاه، من دون التقاء الأطراف.
  • وفي الوقت الذي بات من الواضح وجود أغلبية للمواقف اليمينية داخل المجتمع الإسرائيلي-اليهودي (يمكن النقاش في حجمها، لكن الحديث يدور عن أغلبية واضحة)، فإن كل خطوة برلمانية تهدف إلى إحباط هذه الأغلبية من خلال أدوات قامعة-أشك في قانونيتها وطبيعتها، كمنع التمثيل العادل في لجان المعارضة، واستعمال القانون النرويجي، وتكبير الحكومة-لها أبعاد مدمرة.
  • أحد الأسباب التي تؤدي وتبني هذا الواقع الخطِر هو أن جزءاً كبيراً من ممثلي الأحزاب في معسكر اليسار-الوسط في الكنيست غير منتخب من الناخبين داخل الحزب (انتخابات تمهيدية داخلية)، إنما من طريق رئيس الحزب، "الحاكم الوحيد". وهو ما يخلق حالة لا يتم فيها انتخاب الممثلين على يد جمهور المصوتين للحزب، وهم غير ملزمين تجاههم وتجاه الجمهور الواسع بشيء.
  • يؤدي استعمال الألاعيب السياسية والاستناد إلى ظروف برلمانية إلى عدم تمثيل إرادة الناخب، وعدم تمثيل الأغلبية في مواقع القوة والتأثير. والأسوأ من هذا-أنها تعمق الشعور لدى الناخبين بأن الديمقراطية غير فعالة ولا تعمل لخدمتهم، كما يزعزع الثقة بالنظام السياسي. الطريق من هنا إلى الفوضى قريبة، ويتم تسريعها على يد الموظفين والإعلام، الذين يقومون بدور غير محايد في النظام السياسي. وعملياً، عندما لا يكون لدى أعضاء الكنيست المختارين من طرف "الحاكم الوحيد" أي قوة برلمانية كممثلين للشعب، ولا يوجد تمثيل ديمقراطي حقيقي في الكنيست، فإن كل ما تبقى لهم هو الخضوع للرئيس، والتفاخر به في الساحات والاستوديوهات، والإيمان بأن الشعب مضلَّل وأعمى. أنا أعتقد أن الجمهور في اليمين واليسار أيضاً محبَط من هذه الطريقة السطحية.

الاستقطاب السياسي يتسرب إلى النسيج الاجتماعي

  • الاستقطاب السياسي يتسرب إلى النسيج الاجتماعي، وخصوصاً أن خطوط الانقسام-تتماشى بشكل جزئي مع خطوط الانقسامات الأُخرى: الإثنية، الاقتصادية، الديموغرافية والثقافية-مما يدفع كل مجموعة إلى تعمبق الفوراق بينها وبين المجموعات المختلفة، وتحصنها في مواقفها وتعميق الفجوة التي تمنع الحوار مع الطرف الآخر.
  • من الممكن أيضاً القول إن الاستقطاب السياسي هو نوع من أنواع الموجة الحاملة، Carrier، التي تحمل الاستقطاب السياسي إلى أبعد من حدوده السياسية، وتوسّعه إلى مجالات اجتماعية وشخصية. عامل محفّز يقوي مشاعر الكراهية في ساحات أُخرى بسبب المشاعر الجياشة التي تميز النقاش السياسي، إلى جانب أفكار مسبقة، وأساطير ومعتقدات ثابتة. الحديث هنا يدور عن مسار يغذي نفسه، وقاتل للمجتمع الإسرائيلي بكونه رجعياً جداً. وفي النهاية، فإن الكراهية لا تسمم فقط، إنما تمنع الاهتمام بقضايا مهمة فعلاً.

عندما تقل الخلافات السياسية، ترتفع التوترات الاجتماعية

  • المثير للاهتمام في هذا التطور هو أنه يحدث بصورة خاصة في الوقت الذي تقلصت الخلافات التاريخية بين اليمين واليسار على الموضوع السياسي. فأغلبية المجتمع اليوم موجودة في الوسط السياسي والخلافات على قضايا الأمن والخارجية تقلصت. وبالمناسبة، تشير نتائج الاستطلاع الذي ذكرته إلى أن العدائية للوسط من جانب المعسكرات السياسية أقل نسبياً من مشاعر الكراهية بين المعسكرين ذاتهما.
  • إذاً، كيف يمكن تفسير هذا الاستقطاب السياسي الواضح جداً؟ يبدو أنه وعلى مدار السنوات تم طمس الخلافات السياسية، أو نجحوا في إبراز قضايا أكثر الحاحاً، كالفجوات الطبقية الاجتماعية. الآن، ومع تحول القضايا السياسية إلى قضايا أقل خلافية في المجتمع الإسرائيلي، ترتفع وتبرز القضايا الملحة الخلافية في المجالات الاجتماعية، وفي الخلفية، حالة عدم المساواة التي تميز المجتمع الإسرائيلي.
  • ففي الوقت الذي لا يزال الجيل الثالث من سكان مناطق التطوير اجتماعياً وجغرافياً يعاني جرّاء فروقات جذرية في مجالات التعليم والصحة والعمل، تكون لديه الأسباب العادلة والكافية للغضب. وعندما يكون وصولهم إلى التعليم العالي، وظروف الحياة الجيدة والتنقل الاجتماعي، كلها أمور ممتلئة بالتحديات، يكون لديهم أسباب كافية للإحباط.
  • وهكذا، تطفو على السطح الذكريات التاريخية المؤلمة عن التمييز والعنصرية في جيل الآباء، والأزمات الاجتماعية في مدن التطوير والأحياء الفقيرة، إلى جانب عدم المبالاة من طرف النظام الذي استقبلهم كمهاجرين في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي. وبذلك، لا يغذي الاستقطاب السياسي الاستقطاب الاجتماعي فقط، بل إن الاستقطاب الاجتماعي يغذي الاستقطاب السياسي أيضاً. مصيدة يعيش فيها المجتمع الإسرائيلي.

تعزيز الاستقطاب خطر على المجتمع الإسرائيلي

  • لطالما تميز المجتمع اليهودي بالاستقطاب الاجتماعي والفكري، وتاريخنا ممتلئ بالخلافات والانقسامات-من أيام الهيكل الأول والثاني وفترة الشتات، وصولاً إلى الاستيطان العبري، الذي تميز بخلافات حادة بشأن العلاقات مع الانتداب البريطاني والتمرد المسلح. الشارع اليهودي في الشتات كان ممتلئاً بالخلافات والنقاشات، بين معارضة الحكماء، بين صهاينة وغير صهاينة، بين محافظين وثوريين، وبين متزمتين وأحرار، إذ اعتقد كل منهم أن بيده مفتاح الخلاص اليهودي.
  • كذلك الصهيونية، منذ تأسيسها كانت ساحة للخلافات الصعبة-بين التصحيحيين والعمال، بين حكماء الصهيونية السياسية ومن يدعم الصهيونية العملية وغيرها. لذلك، فإن الاستقطاب ليس جديداً علينا، لكن الاستقطاب الحالي له مميزات أُخرى-فهو متعدد الأبعاد، شامل وقابل للانفجار. وعلى عكس الماضي، حين احتاج مسار بناء الأمة إلى قوة وموارد طغت على الخلافات (بناء، واستيطان، وهجرة)، فإن الوضع اليوم مختلف جوهرياً، وكل الطاقات موجهة إلى الخلاف الداخلي ذاته.
  • تعزيز الاستقطاب خطر على المجتمع الإسرائيلي، وله تداعيات عميقة. فمقابل مشاكل الأمن، من السهل نسبياً التكتل، ومن الصعب أكثر التكتل أمام الاستقطاب السياسي والفجوات الاجتماعية. هذا بالإضافة إلى أن الاستقطاب السياسي والاجتماعي يلتقي الأزمات البنيوية في إسرائيل، ولذلك، فإنه يهدد وجود الدولة برمته-عدم الاستقرار السياسي المستمر، وانعدام السيادة في كافة مناطق الدولة، وانعدام الأمان الشخصي، وموجة قومية تجتاح المجتمع العربي، إلى جانب تعاظُم قوة الطبقة الاقتصادية المتحكمة وغيرها.

الصراعات بين المعسكرات تؤدي إلى شلل نظامي

  • حالة عدم الاستقرار السياسي أدت إلى خلق فراغ على صعيد النظام دخلت إليه قوى قوية غير منتخبة في المجتمع الإسرائيلي بسعادة-كبار الموظفين، البيروقراطية، النظام القضائي، الإعلام، ومجموعات المصالح الكبيرة إلى جانب النخب الاقتصادية. جميعهم ينظرون إلى عدم الاستقرار في النظام، وضعف القوى المنتخبة، والتبدل السريع للوزراء، ويقومون ببناء قوة حُكم خاصة بهم، قوية، ومستقرة، وقادرة على الصمود، تعيش زمناً أطول، وتبدو اليوم أكبر من النظام المنتخب.
  • كبار الموظفين هم الأبرز. أحياناً تشعر بأنها مجموعة مغلقة مقتنعة بأحقيتها، تستعلي على النخب المنتخبة وواثقة بقدرتها على اتخاذ القرارات التي تكون محصورة بالمنتخبين بصورة عامة. كبار الموظفين عموماً لا يتبدلون مع تبدّل الحكم، هم أكثر استقراراً ويميلون إلى استنساخ أنفسهم، عبر تمرير الوظائف الكبيرة باليد، كما يحدث في سباق المجموعات المغلقة، وأحياناً بين أفراد العائلة الواحدة. يأتون من العائلات نفسها، يتعلمون في المؤسسات نفسها (مثلاً، خريجو صندوق فاكسنر)، ويتشاركون التجارب. كما أنهم لا يشعرون بأي مشاعر سلبية لأنهم غير منتخَبين، على العكس-يشعرون بـ"تفوق ثقافي" على العامة، ويصادقون على ما يقومون به بادعاء أنهم "حراس" الدولة.
  • وبسبب الظروف والجو السياسي المسموم، فإن كل محاولة تهدف إلى استعادة التوازن ما بين المستوى المنتخب والموظفين غير المنتخبين، تفشل. وكنتيجة لصراع القوى ما بين النخب السياسية المنتخبة وبين النخب غير المنتخبة، التي تعزز قوتها وتشل قدرة النخب المنتخبة (إلا إذا كانت تنفّذ ما يريدونه)، حدثت حالة شلل نظامي أكثر من مرة.
  • والأسوأ من ذلك، أن التحالف ما بين الأحزاب غير الديمقراطية التابعة لـ"الحاكم الواحد"، والنخب غير المنتخبة، يؤدي إلى تحالف غير معلن، الهدف منه تقوية الطرفين اللذين يعانيان جرّاء نقص انتخابي ويدركون ضعفهم. الالتصاق بمراكز القوة والتأثير باتجاه واحد لا يؤدي فقط إلى حفظ القوة والعظمة بيد قلة بشكل غير ديمقراطي، إنما إلى تسييس المجتمع والاقتصاد أيضاً.
  • لكل هذا يوجد معنى واحد-الاستقطاب الداخلي يعمق المشكلات الداخلية ويشكل خطراً على التكاتف الاجتماعي، كما يهدد مصير الدولة. هذا صحيح بصورة خاصة حين يتم أخذ التهديدات الخارجية بعين الاعتبار.

مطالبة القيادة بنقاش القضايا الجوهرية للمجتمع الإسرائيلي

  • المجتمع الإسرائيلي على مفترق طرق تاريخي، فعليه أن يقرر مستقبله وطريقه في عالم غير مستقر. لكن ما هو الدواء للمرض المستمر في المجتمع الإسرائيلي؟ مفتاح الخروج من هذا المأزق يرتبط إلى حد بعيد بجمهور المصوتين.
  • عليه التصرف كشخص راشد ومسؤول حيال حالة الفوضى السياسية والاستقطاب الاجتماعي. عليه التصميم على المطالبة بقيادة سياسية تتوقف عن الانشغال بالموضوع التافه "بيبي، ليس بيبي" وتعود للتعامل مع القضايا المهمة حقاً. عليه أن يطالب القيادات السياسية بطرح رؤيتها إزاء القضايا المختلفة والمجالات المختلفة. عليه أن يطالب السياسيين والقيادات بالتطرق إلى القضايا الجدية. وعليه أن يطالب بحوار جدي في القضايا المهمة في المجتمع الإسرائيلي، أبعد من النقاش السطحي والشعبوي الذي يُعرض فقط على الشاشة. حوار يتطرق إلى القضايا المهمة التي تساعد على بناء وصوغ المجتمع الإسرائيلي لأجيال مقبلة.

...

  • يجب اختيار القائد القادر على الموازنة ما بين التحديات الخارجية والداخلية، ويجنّد المجتمع الإسرائيلي لتحقيق أهدافه البعيدة المدى، ويخلق مساحة مشتركة واسعة، كمعالجة مشكلات المجتمع الجدية في مجال التعليم، والصحة، والأمن الشخصي، والسكن، وغيرها. وهذا بروح ما قاله الرئيس الأميركي أبراهام لنكولن خلال خطاب التنصيب الثاني له-الذي اقتبسه مناحيم بيغن في خطاب النصر يوم 17 أيار/مايو 1977: "من دون استثناء أحد ومع عدالة للجميع ومع ثقتنا بعدالة الرب الذي يسمح لنا برؤية الحقيقة، هيا لنمضي إلى الأمام وننهي العمل الذي بدأنا به، نعالج جروح الأمة، ونساعد مَن خاض المعركة كما نساعد أرملته وأيتامه، نقوم بالمطلوب بهدف الوصول إلى السلام العادل في داخلينا، ومع جميع الأمم."
  • ليتنا نبدأ بمسار البناء من جديد لمجتمع صحي، عادل وديمقراطي. هذا بيدنا، جميع مواطني دولة إسرائيل، هذا لأجل أبنائنا وأحفادنا والأجيال القادمة. تاريخ شعبنا أثبت المرة تلو الأُخرى أن لدينا الإمكانيات للتدمير الذاتي، وخاصة لدى القيادات. الشعب الكبير الواعي يمكن أن يجعل الأمور مختلفة.