مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
بلّغت وزارة العدل الأميركية أمس (الاثنين) وزارة العدل الإسرائيلية أن الـFBI سيحقق في ظروف مقتل الصحافية شيرين أبو عاقلة. تأتي هذه الخطوة بعد تقدُّم 57 عضواً في الكونغرس الأميركي في أيار/مايو الماضي بطلب إلى رئيس الـFBI كريستوفر راي، طلبوا منه التحقيق في مقتل أبو عاقلة. إسرائيل حاولت إقناع الأميركيين بعدم فتح تحقيق، لكنها فشلت.
رئاسة الحكومة ووزارة الخارجية ووزارة العدل رفضوا التعليق على الموضوع، رغبةً منهم في رؤية كيفية تطوُّر التحقيق، وفهم ما إذا كان هناك نية جدية في الوصول إلى المسؤول عن إطلاق النار على الصحافية، أم أن الأمر هو مجرد "ضريبة كلامية" من جانب المشرّعين في واشنطن.
مع ذلك، بعد مرور ساعة على صدور البيان بشأن التحقيق، أصدر وزير الدفاع بني غانتس بياناً حاد اللهجة، أعلن فيه أن إسرائيل لن تتعاون مع التحقيق. ومما جاء فيه: "قرار وزارة العدل الأميركية التحقيق في الموت المؤسف لشيرين أبو عاقلة هو خطأ كبير. الجيش الإسرائيلي قام بتحقيق مستقل ومهني عُرِض على الأميركيين الذين كانوا على اطّلاع على تفاصيله. وأوضحت للأميركيين أننا نقف وراء جنود الجيش الإسرائيلي، ولن نتعاون مع أي تحقيق خارجي، ولن نسمح لأحد بالتدخل في الشؤون الداخلية لإسرائيل."
وكان الأميركيون بلّغوا المدعي العام الإسرائيلي قرارهم وأخبروه أنه قريباً سيصله طلب رسمي للحصول على مواد التحقيق. وعلّقت جهات إسرائيلية على ذلك بأن ما يجري هو أمر "نادر جداً".
وتجدر الإشارة إلى أن الأميركيين كانوا على اطّلاع على التحقيق الذي جرى من خلال المنسق الأمني الأميركي الجنرال مايك بنزل الذي قاد عملية الفحص الباليستي للرصاصة التي أدت إلى مقتل أبو عاقلة، وبالتالي، فإن لدى الأميركيين كل المواد التي يطالبون بها.
ونقلت صحيفة "هآرتس" (15/11/2022) عن شقيق أبو عاقلة، أن عائلته متفائلة حيال القرار الأميركي، وأنه "يأمل بأن يكون التحقيق مستقلاً وشفافاً، وأن يجري وفق المعايير المهنية، من دون أي تأثير خارجي أو داخلي من أجل التوصل إلى الحقيقة." وأضاف "هذه الخطوة في الاتجاه الصحيح، ليس فقط من أجل تحقيق العدالة لشيرين، بل من أجل أبناء الشعب الفلسطيني."
وذكرت "هآرتس" أن أعضاء الكونغرس الـ57 وجّهوا رسالتهم إلى كلٍّ من وزير الخارجية أنتوني بلينكن ورئيس الـFBI، عبّروا فيها عن قلقهم الشديد حيال مقتل شيرين أبو عاقلة، وأشاروا الى التناقض بين تقارير الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي وبين شهادات شهود عيان على الحادثة. وجاء في الرسالة: "بصفتها أميركية، من حق أبو عاقلة الحصول على الحماية التي تؤمَّن لأي مواطن أميركي يعيش خارج الولايات المتحدة"، وطالبوا بلينكن بـ"المحافظة على القيم التي ائتُمن عليها، وبينها حقوق الإنسان والمساواة وحرية التعبير"، ورأى أعضاء الكونغرس أن على الإدارة الأميركية الالتزام بالدفاع عن الأميركيين الذين يعملون في مجال الصحافة في كل أنحاء العالم.
سقط 3 قتلى من الإسرائيليين وعدد من الجرحى هذا الصباح جرّاء هجوم وقع في المنطقة الصناعية في أريئيل. الهجوم وقع في مكانين مختلفين، الأول على مدخل المنطقة الصناعية، حين قام المهاجم بطعن رجل الأمن، ومن هناك توجّه إلى محطة للوقود، حيث طعن رجلين، وهو ما أدى إلى مقتلهما. بعدها فرّ بسيارة مسروقة وصدم شخصاً على الطريق، الأمر الذي أدى إلى مقتله، ولدى توقُّف سيارة لمساعدة الشخص الذي تعرّض للدهس، استولى المهاجم على سيارته وتوجّه بها نحو موقع عسكري، ثم قاد السيارة بعكس اتجاه السير وصدم سيارة أُخرى، مما تسبب بزحمة سير خانقة، خرج بعدها من السيارة محاولاً الفرار، فأُطلقت عليه النار، وهو ما أدى إلى مقتله. المهاجم يدعى محمد مراد صوف (18 عاماً) من سكان قرية حارس القريبة من منطقة أريئيل، ويحمل تصريح عمل من المنطقة الصناعية، وليس لديه سِجلّ أمني.
امتنعت إسرائيل يوم الاثنين من التصويت على قرار الأمم المتحدة تقديم تعويضات إلى أوكرانيا جرّاء الأضرار التي لحقت بها من الغزو الروسي. وعلى الرغم من نفي المسؤولين الإسرائيليين، فإن توقيت الامتناع من التصويت يطرح تساؤلات: هل هو نوع من الانتقام من كييف بسبب دعمها القرار الذي أصدرته الأمم المتحدة في نهاية هذا الأسبوع بشأن اللجوء إلى محكمة العدل العليا في لاهاي لفحص "الاحتلال الإسرائيلي". وما يؤكد ذلك أن التصويت جرى في اللجنة الرابعة للأمم المتحدة التي تهتم بموضوع "السياسة ومحاربة الاستعمار". وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية استدعت السفير الأوكراني في إسرائيل للتعبير عن استيائها من تصويت أوكرانيا، إلى جانب التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي.
وكانت إسرائيل الدولة الغربية الوحيدة التي امتنعت من التصويت في الأمس، بينما أيّدت الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي تقديم تعويضات إلى أوكرانيا ولبنان والهند. ويتحدث القرار عن تشكيل هيئة خارجية للأمم المتحدة للقيام بإحصاء عدد اللاجئين الأوكرانيين والأضرار الروسية من أجل مطالبة موسكو بالتعويضات مستقبلاً.
ومع عدم وجود ردّ رسمي من الجانب الإسرائيلي، فسّرت جهات في إسرائيل امتناع إسرائيل من التصويت على تقديم تعويضات إلى أوكرانيا جرّاء الحرب الروسية بالتخوف من أن يشكل هذا النوع من القرارات سابقةً بالنسبة إلى الفلسطينيين. لكن على الرغم من ذلك، فإن هناك مَن يرى في الامتناع من التصويت انتقاماً من كييف، ووصف دبلوماسي إسرائيلي ما جرى بـ"السلوك الولّادي".
وكانت أوكرانيا أيّدت يوم الجمعة الاقتراح الفلسطيني الذي يطلب من محكمة العدل العليا في لاهاي إبداء رأيها في "الدلالات القانونية للاحتلال الإسرائيلي المتواصل". ومعنى هذا القرار الذي اتُخذ بأغلبية 98 صوتاً ومعارضة 18 وامتناع 52 دولة من التصويت، هو أن المحكمة في لاهاي هي التي ستحكم على إسرائيل وتقرر ما إذا كانت السيطرة على الضفة الغربية هي ضمّ فعلي.
وفي خلفية التوترات بشأن التصويت في الأمم المتحدة، هناك خيبة الأمل الأوكرانية بإسرائيل التي رفضت تزويد كييف بالسلاح، وخصوصاً بمنظومات دفاع جوي، الخطوة التي حذرت منها روسيا إسرائيل بالقول إنها ستؤدي إلى تدمير العلاقات بين موسكو والقدس.
أعلن مكتب الرئيس المكلف تأليف الحكومة بنيامين نتنياهو أن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني اتصل هاتفياً بنتنياهو وهنّأه بفوزه في الانتخابات. ويأتي هذا الاتصال بعد فترة طويلة من التوترات بين الجانبين وصلت إلى حد القطيعة، وفي ظل القلق الأردني من الحكومة الجديدة التي من المتوقع أن يؤلفها نتنياهو.
وكانت حكومة بينت - لبيد نجحت في ترميم العلاقات مع الأردن في العام ونصف العام الأخيرين، لكن في أحاديث مع مسؤولين أردنيين، أعرب هؤلاء عن خشيتهم من تبدُّد الإنجازات التي تحققت في الفترة الماضية.
وكانت العلاقات مع الأردن شهدت صعوداً وهبوطاً خلال فترة تولّي نتنياهو رئاسة الحكومة، ووصلت الأزمة بين البلدين إلى ذروتها، بعد أن اضطر نتنياهو إلى إلغاء زيارته إلى الإمارات في آذار/مارس 2021، بعد رفض عمّان مرور طائرته في مجالها الجوي، وذلك رداً على إلغاء زيارة ولي العهد الأردني إلى الحرم القدس، بعد خلافات على الترتيبات الأمنية في المكان. رد نتنياهو بعنف، وأعلن إغلاق المجال الجوي الإسرائيلي في وجه الطائرات الأردنية.
بعد الهزيمة التي مُنيَ بها حزب العمل في انتخابات الكنيست الأخيرة، بدأ الحزب بالعمل على إجراء انتخابات تمهيدية وفحص إمكانية استبدال رئيسة الحزب ميراف ميخائيلي. وتوجّه بعض السياسيين في الحزب إلى عضو الكنيست السابق أريئيل مرغليت، وطلبوا منه ترك عمله الخاص والعودة إلى الحياة السياسية. كما طُرح اسم إيتسيك شمولي. لكن حتى الآن، من غير الواضح متى ستجري الانتخابات التمهيدية لرئاسة حزب العمل.
في المقابل، وبعد إعلان نتائج الانتخابات، اتهمت ميخائيلي لبيد بأنه هو المسؤول عن الخسارة، وأنه وراء عدم تمكُّن ميرتس من اجتياز نسبة الحسم وحصول حزب العمل على 4 مقاعد فقط.
- الادّعاء أن إرادة الشعب اختارت حكومة "يمينية بالكامل" هو ادّعاء خاطئ. المقصود عدم فهم لنتائج الانتخابات. الأرقام تتحدث بوضوح: 32 مندوباً عن الليكود، و23 عن "يوجد مستقبل"، الذين يشكلون معاً تقريباً نصف مقاعد الكنيست، وهم الذي يعبّرون، أكثر من أي شيء آخر، عن "إرادة الشعب" – حكومة يمين - وسط، لا حكومة يمينية متطرفة ولا يسارية. في مرمى اليمين - الوسط، يوجد أيضاً المعسكر الرسمي مع 12 مقعداً، وحزب "إسرائيل بيتنا" مع 6 مقاعد. أي أغلبية 74 عضو كنيست ينتمون إلى اليمين- الوسط المعتدل والمسؤول. ويمكن أن نضيف إليهم ممثلين عن قطاعات مختلفة، مثل الحريديم الذين سيجعلون الائتلاف يصل إلى أكثر من 90 نائباً.
- الميزة الكبيرة لمثل هذه الحكومة هي أن أياً من أعضائها لا يملك القدرة على فرض معاييره، أو فرض حاجاته على ميزانية الدولة، ولا يستطيع إسقاطها، أو أن يقرر الاستقالة منها. ومثل هذه الحكومة ليست بحاجة إلى أطراف هامشية من اليمين واليسار لمعالجة القضايا الملتهبة في الدولة، من دون أن يكون لديها أيّ حس سياسي واقتصادي واجتماعي.
- من البديهي أنه من الصعب تحقيق مثل هذه الوحدة التي تجمع بين أحزاب مختلفة أعلنت أنها لن تجلس مع الليكود، أو تلك التي نزعت الشرعية عن بنيامين نتنياهو شخصياً، سواء على خلفية محاكمته، أو على خلفية العلاقات السيئة به. والعلاقات السيئة موجودة أيضاً بين زعماء كتلة الوسط، وستجعل من الصعب القيام بعملية الانضمام كما يجب. من جهته، نتنياهو يريد المحافظة على التحالف مع الأحزاب الحريدية التي ستطلب منه منع دخول يائير لبيد وأفيغدور ليبرمان، اللذين تعتبرهما ضدها أيديولوجياً. لكن في ضوء التفوق العددي لأحزاب الوسط، ستضطر هذه الأحزاب إلى السكوت عن ذلك.
- في الأيام المقبلة، سيواصل نتنياهو والأحزاب الحريدية وأحزاب اليمين محاولات التغلب على الخلافات فيما بينهم وتقديم حكومة. وهذه الفترة القصيرة من الوقت هي الفرصة الأخيرة لزعماء أحزاب الوسط لإعلان استعدادهم للانضمام إلى الحكومة وتأليف حكومة وحدة تمثل فعلاً "إرادة الشعب".
- إذا لم يحدث ذلك، فستؤلَّف أمام أعيننا حكومة "يمين بالكامل"، ستسمح لليهود بالصلاة في الحرم القدسي، الأمر الذي سيشعل المنطقة، وستفرض هيبة الدولة في النقب بيد من حديد (وهو أمر مطلوب، إن مثيري الشغب في النقب هم الذين جاؤوا بإيتمار بن غفير – لكن تحت زعامته، ثمة شك في أن يحدث ذلك بالتشاور مع القادة المعتدلين، ومن دون إشعال نيران كبيرة)، وسموتريتش سيقودنا نحو دولة الشريعة اليهودية الهالاخاه، التي تطبّق تعاليم التوراة.
- وتحت زعامة الحريديم، سنشهد إلغاء الإصلاحات المتعلقة بالطعام الكاشير والتهود وقانون الخدمة العسكرية الإلزامية والخدمة الوطنية، وإلغاء التعليم الأساسي ومباريات كرة القدم والرحلات في يوم السبت، ومضاعفة ميزانية الشبان المتدينين، وتوزيع بطاقات التموين والمساعدات. وإذا جرى عرض بعض هذه الخطوات أمام المحكمة العليا، كونها "غير متساوية"، فإن قانون التغلب سيضمن تحييد قوة المحكمة.
- إن التصويت الكثيف لنتنياهو يجب أن يوضح لزعماء الوسط الذين نزعوا عنه الشرعية، على خلفية محاكمته، أن أجزاءً كبيرة من الجمهور لا تقبل كتب الاتهام الموجهة ضده كذريعة لعدم انتخابه. في المقابل، عليهم تجاوُز نزع الشرعية عن نتنياهو بسبب علاقتهم به: وهذا يتطلب زعامة مسؤولة وراشدة تضع مصلحة الدولة نصب أعينها.
- إن انضمام زعماء الوسط - اليمين إلى كتلة نتنياهو وحده يُبعد مشعّلي الحرائق من "الصهيونية الدينية" و"قوة يهودية" عن مواقع القوة، وسيمنع إشعال حرب بين القطاعات المختلفة، وسيوجه الحريديم إلى الاندماج في الدولة (من خلال الالتزام بالتعليم الأساسي والخدمة الإلزامية العسكرية والوطنية وتقييد التقديمات إلى تلامذة المدارس الدينية). نتنياهو، ولبيد وأفيغدور ليبرمان – كوزيرين للمال - عملوا على فرض قيود على المخصصات التي تُقدَّم للأولاد، والتي تشجع على نمو قطاعات لا تتحمل جزءاً من الأمن والعمل في دولة هي من أكثر الدول كثافةً سكانية في العالم. معاً يستطيعون النجاح. ومن دون ذلك، سيتحملون المسؤولية عن الكارثة التي ستقع. هذا هو النداء الأخير من أجل الوحدة، لمنع حدوث ذلك.
- الهدف من وراء سلسلة الأخبار خلال الأسبوع الماضي، هو تطبيع تدريجي ما لا يمكن تصديقه. توزيع حقائب وزارية كان يبدو حتى موعد الانتخابات هذياناً - إيتمار بن غفير للأمن الداخلي، بتسلئيل سموتريتش لوزارة الدفاع- مر بمسار شرعنة سريع من خلال تسريبات محسوبة للإعلام. تنصيب مجرم مُدان، بن غفير، مسؤولاً عن كل نشاط الشرطة، لم يعد يؤدي إلى الاستغراب. أما المحللون السياسيون فإنهم مشغولون جداً بتفاصيل عمليات البيع والشراء بين رئيس الحكومة المنتخب بنيامين نتنياهو وشركائه في الائتلاف.
- إمكانية حصول سموتريتش على وزارة الدفاع، بالإضافة إلى وزارة الداخلية وعضوية في الكابينيت لصديقه بن غفير، تُطرح الآن كسيناريو واقعي جداً. وإن لم يحدث هذا في نهاية المطاف، سيكون السبب، على ما يبدو، صراعات القوة بين "الصهيونية الدينية" والأحزاب الحريدية، أو طلبات المسؤولين الكبار في "الليكود". ولن يكون السبب الأكثر بساطة ومنطقية: إن تنصيب سياسيين أصحاب أيديولوجيا متطرفة، لديهم خلفية استثنائية ومشاكل مع أجهزة الأمن نفسها - من الممكن أن يقصّر الوقت المتبقي لاشتعال الساحة الفلسطينية مرة أُخرى، وأن يضع الحكومة على مسار صدام مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي.
- نتنياهو لا يلعب وحيداً في ملعب فارغ. فمنذ انتصاره في الانتخابات قبل أسبوعين، حدث تطوران مهمان في الساحة الدولية. الأول، هو أن الموجة الحمراء التي توقعتها الاستطلاعات الأميركية لم تتحقق، والديمقراطيون لم يفقدوا الأغلبية في مجلس الشيوخ. وعلى عكس التوقعات، فإن إدارة بايدن لن تُشَل نهائياً خلال العامين المقبلين. وإذا بدا الرئيس بايدن كالطاووس الجريح، فالسبب هو السن وتراجُع قدراته، وليس لأسباب سياسية. وفي هذه الظروف، من الصعب رؤية الأميركيين يطبّعون العلاقات مع وزارات مركزية يقف على رأسها كلٌّ من إيتمار بن غفير وسموتريتش. وأكثر من ذلك، من الصعب رؤيتهم يتصالحون، من دون احتجاج، مع خطوات إسرائيلية أحادية الجانب، كانت قد تجمدت مدة عامين، كـ"شرعنة" البؤر الاستيطانية "غير القانونية".
- ثانياً، قرار لجنة في الأمم المتحدة قبول مقترح قرار بادرت إليه السلطة الفلسطينية، وبحسبه، ستطلب الأمم المتحدة من محكمة الجنايات الدولية في لاهاي طرح وجهة نظرها بشأن تداعيات الاحتلال في الضفة الغربية. وفي غياب مفاوضات سياسية، وبينما تسيطر على إسرائيل حكومة متطرفة أكثر من سابقاتها، لن يكون من الصعب التوقُّع أن يتوجه الفلسطينيون بمبادرات أُخرى كهذه في الساحة الدولية. النتيجة ستكون معركة دفاعية مستمرة، يرافقها تشديد الخطوات القانونية ضد إسرائيل. ليس من المتوقع بالضرورة حدوث "تسونامي سياسياً"، كما توقّع إيهود براك، من دون أن ينجح، في سنة 2011. العالم لديه الآن ما يكفي من المشاكل، وعلى رأسها الحرب الأوكرانية وأزمة الطاقة في أوروبا. وعلى الرغم من ذلك، فإن نتنياهو من المتوقع أن يواجه جبهة عدائية أكثر من السابق.
- هذه التوقعات ستتقاطع مستقبلاً مع الوضع المتوتر أصلاً في الميدان. خلال آذار/مارس تجددت موجة العمليات الفلسطينية، وبدورها، إسرائيل ردت بخطوات عسكرية واسعة أكثر، وبصورة خاصة في شمال الضفة. بعد سقوط أكثر من 130 "قتيلاً" فلسطينياً، و26 قتيلاً إسرائيلياً، لا توجد مؤشرات بالهدوء. محاولات تنفيذ العمليات، وتعزيز قوات الجيش في الضفة وخط التماس، وحملات الاعتقال في جنين ونابلس - كل هذا جزء من الروتين اليومي الجديد الذي يحدث بكثافة أكثر مما كان عليه منذ سنة 2016.
- وفي الخلفية، تتراجع سيطرة الحاكم الفلسطيني القديم محمود عباس على ما يحدث. الورثة المتوقعون بدأوا يتحضرون لمعركة الخلافة على منصب رئيس السلطة، والتي يمكن أن تكون عنيفة. اليوم سيحتفل الفلسطينيون بالذكرى الـ87 لميلاد الرئيس أبو مازن. ويبدو أنه الرئيس الناشط الأكثر تقدماً في السن في العالم العربي اليوم (الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز أصغر منه بشهر ونصف، وولي العهد محمد هو مَن يحكم فعلياً في الدولة).
- ... نتنياهو يعلم بأن رؤية شركائه بعيدة كل البعد عن رؤية قادة أجهزة الأمن - رئيس هيئة الأركان الحالي ووريثه، ورئيس الشاباك، ومنسق أعمال الحكومة في الضفة، ومفتش عام الشرطة - حيال كل ما يخص الظروف في الساحة الفلسطينية. وإن منحهم ما يريدون سيحدث لأن نتنياهو يعتقد أنه لا يملك بديلاً. لإزالة التهديد الجنائي الذي يحلّق فوقه، فإنه يحتاج إلى دعم الحريديم واليمين المتطرف لاستكمال سلسلة التشريعات السريعة. ستتم التضحية باحتمالات الهدوء الأمني لمصلحة ثورة قضائية.
- في هذه الحالة، سنكون للمرة الأولى أمام وضع، حيث نصف أعضاء الكابينيت لم يؤدوا الخدمة العسكرية، أو أنهم أدّوا خدمة قصيرة فقط. عدد كبير من أولادهم وأحفادهم أيضاً لم يخدموا في الجيش، ولا ينوون الخدمة (وهو موضوع يأمل الحريديم بالمصادقة عليه نهائياً، عبر قانون التجنيد الجديد). جزء كبير من هؤلاء الوزراء سيتخذ قرارات مصيرية بالقيام بعمليات عسكرية، وحتى حروب، من دون أن يكون أبناء عائلاتهم، أو ناخبوهم، في الخط الأول على الجبهة، أو الثاني.
- ولهذا، سيُضاف عامل عدم وجود الخبرة النسبي لدى أعضاء الكابينيت في القضايا العسكرية والأمنية. فباستثناء السيرة العسكرية للجنرال يوآف غالانت (الليكود) وعضوية أرييه درعي الطويلة في الكابينيت (شاس)، فإن هذا الجسم سيكون خفيفاً جداً. في حكومات اليمين السابقة كان الوضع عكسياً. قبل عشرة أعوام، أعضاء الكابينيت أصحاب الخبرة، مثل موشيه يعالون ودان مريدور وبيني بيغن، كبحوا خطة نتنياهو وباراك لضرب إيران. وفي سنة 1982 طرح الوزير دافيد ليفي مواقف محسوبة ومكبوحة في حكومة بيغن الثانية، استناداً إلى ما ورد إليه من أولاده في جبهة بيروت، وعارضوا خط وزير الأمن شارون، حينها، المضلل.
- بعد أن يجلس كلٌّ من سموتريتش وبن غفير على كراسي الوزارات، سيتوجب علينا الانتظار لرؤية كم سيكونون براغماتيين؛ إلى أي حد سيوافقون على وضع مبادئهم جانباً وتأجيل تحقيق طموحاتهم، مقابل للقوة الجديدة التي يملكونها. في سنة 1998، أسقط ممثلو المستوطنين حكومة نتنياهو الأولى، بادّعاء أنها ليست يمينية بما يكفي. بعد نصف عام، انتصر إيهود باراك على نتنياهو في الانتخابات، وفُتحت الطريق إلى كامب ديفيد مع الفلسطينيين.
- بحكومته الجديدة كما تبدو الآن، من الممكن أن يجد نتنياهو نفسه أمام أزمة أمنية صعبة في الضفة خلال بضعة أشهر، وإلى جانبه توتُّر عالٍ في العلاقات مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي (وهذا من دون قدرة على التوقُّع كيف سيتصرف مع إيران، وإن كان حلفها الجديد مع روسيا سيدفعها إلى الخروج إلى رهان آخر في الطريق إلى القنبلة النووية الأولى). في هذه الظروف، التي لا تُعَدّ سيناريو متطرفاً، يمكن أن يبحث تشكيلة الحكومة مرة أُخرى. ينتظر سموتريتش وبن غفير مناصب كبيرة في الحكومة كما يبدو؛ السؤال هو إلى متى سيستمران في هذه المناصب، وفي أيّ ظروف.