مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
أقال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أمس (الأحد) زعيم حزب شاس أرييه درعي من منصبه كوزير للصحة وللداخلية.
وقال نتنياهو مخاطباً درعي في الاجتماع الذي عقدته الحكومة الإسرائيلية أمس: "أنا مضطر، بقلب مثقل وبأسى شديد وبأسوأ شعور ممكن، إلى إقصائك من منصبك كوزير في الحكومة."
وأضاف نتنياهو أنه يعتزم البحث عن أي طريقة قانونية يمكن من خلالها أن يستمر درعي في المساهمة في قيادة دولة إسرائيل بخبرته ومواهبه، بما يتماشى مع إرادة الشعب.
ويأتي هذا القرار عقب حُكم المحكمة الإسرائيلية العليا يوم الأربعاء الماضي، والقاضي بمنع درعي من تولّي منصب وزاري بسبب إداناته الجنائية السابقة وتعهّده اعتزال الحياة السياسية، في إطار صفقة ادّعاء وقّعها العام الماضي، بعد إدانته بارتكاب جرائم ضريبية.
وتدخل إقالة درعي حيّز التنفيذ في غضون 48 ساعة، وبحلول ذلك الوقت، سيتعين على نتنياهو إيجاد وزيرين جديدين لتولّي مسؤوليات الوزير المُقال.
أعادت مجموعة من المستوطنين الإسرائيليين أمس (الأحد) إنشاء عدد من المباني الموقتة على أراضي قرية جوريش الفلسطينية في شمال الضفة الغربية، في محاولة جديدة لإقامة البؤرة الاستيطانية "أور حاييم" ["ضوء الحياة"] التي كان الجيش الإسرائيلي فكّكها يوم الجمعة الماضي، بعد أقل من 24 ساعة على إقامتها، وذلك بناءً على أوامر صادرة عن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت [الليكود]، وبدعم من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وسط معارضة قوية من مندوبي تيار "الصهيونية الدينية" في الحكومة، ولا سيما من الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير.
وذكر بيان صادر عن الناطق بلسان الشرطة الإسرائيلية أن قوة من حرس الحدود هرعت إلى المكان واعتقلت 7 من المستوطنين على ذمة التحقيق.
وكان وزير المال الإسرائيلي سموتريتش وجّه اتهامات إلى وزير الدفاع غالانت ادّعى فيها أن هذا الأخير أصدر أوامر بتفكيك تلك البؤرة الاستيطانية غداة إقامتها، على الرغم من أن "الإدارة المدنية" في الضفة تقع ضمن مسؤوليات سموتريتش، وفقاً للاتفاقية الائتلافية مع الليكود.
ويشغل سموتريتش منصب وزير المال إلى جانب منصب وزير في مكتب وزير الدفاع يكون مسؤولاً، بموجب الاتفاقيات التي قادت إلى تشكيل الائتلاف، عن "الإدارة المدنية" التي كانت تابعة للجيش في السابق، وهو ما يمنحه سلطات واسعة على المستوطنات الإسرائيلية وأعمال البناء الفلسطينية في الضفة الغربية.
وقاطع وزراء حزب "الصهيونية الدينية"، الذي يترأسه سموتريتش، الاجتماع الأسبوعي للحكومة أمس، احتجاجاً على تفكيك هذه البؤرة الاستيطانية العشوائية.
وبالإضافة إلى سموتريتش، لدى حزب "الصهيونية الدينية" وزيران آخران في الحكومة هما أوفير سوفير وزير الهجرة والاستيعاب، وأوريت ستروك وزيرة الاستيطان والمهمات القومية.
وقالت مصادر مسؤولة في حزب "الصهيونية الدينية" إن غالانت يؤخر إقامة الإدارة التي من المفترض أن تسيطر على "الإدارة المدنية" ونقل الصلاحيات الجديدة من الجيش إلى سموتريتش. وأضافت هذه المصادر أنه إذا لم تُحل الأزمة، أو لم يكن هناك تقدُّم على الأقل، فإن احتمال تغيُّب نواب الحزب عن التصويت في الكنيست سيكون قائماً.
ودعت وزيرة الاستيطان والمهمات القومية ستروك إلى التحرك لتطبيق القانون بشكل متساوٍ، عبر هدم مئات البيوت الفلسطينية التي تم تشييدها في الأعوام الأخيرة في مناطق مختلفة من الضفة الغربية المصنفة كمناطق ج وتُعتبر أراضي دولة، وادّعت أن الفلسطينيين يقومون بعملية بناء غير قانونية من دون تراخيص، وسط محاولة للاستيلاء على أراضي الدولة.
وشدّدت ستروك على أن الحكومة الإسرائيلية ستسعى لتسريع الاعتراف بعشرات البؤر الاستيطانية التي أقامها المستوطنون وتسهيل عمليات البناء الاستيطاني في الضفة الغربية، وذلك بناءً على الاتفاقيات الائتلافية الموقّعة، والتي على أساسها تم تأليف الحكومة الحالية.
في سياق متصل، شهد اجتماع الحكومة أمس مشادة بين نتنياهو ووزير الأمن القومي ورئيس حزب "عوتسما يهوديت" ["قوة يهودية"] إيتمار بن غفير، أعلن خلالها هذا الأخير اعتراضه على إخلاء البؤرة الاستيطانية، وطالب بهدم المزيد من المنازل الفلسطينية في الضفة الغربية، بحجة أنها أقيمت من دون ترخيص، وردّ نتنياهو على بن غفير قائلاً: "إننا نطبّق القانون بشكل متوازن، وقد قمنا اليوم بهدم 3 منازل فلسطينية مخالفة." وأخرج بن غفير قائمة كان أعدّها مسبقاً، تظهر فيها منازل يزعم أن الفلسطينيين بنوها بشكل غير قانوني، مطالباً بهدمها، وفي الوقت ذاته بإخلاء سكان قرية "الخان الأحمر" البدوية شرقي القدس.
وكان مكتب الوزير سموتريتش أصدر بياناً بالتزامن مع قيام قوات الجيش بتفكيك البؤرة الاستيطانية يوم الجمعة الماضي قال فيه: "أصدر الوزير سموتريتش أمراً هذا الصباح، وفقاً لصلاحياته، لرئيس الإدارة المدنية بوقف الإخلاء وعدم اتخاذ أي إجراء حتى يتمكن من إجراء مناقشة بشأن الموضوع في بداية الأسبوع، إلا إن وزير الدفاع غالانت أمر بالمضي قدماً في عملية الإخلاء، على الرغم من الأمر، ومن دون التشاور مع الوزير سموتريتش، وبما يتعارض تماماً مع الاتفاقيات الائتلافية التي تشكل أساس وجود الحكومة."
وقد مُنح سموتريتش بعض السيطرة على الإدارة المدنية، وهي هيئة وزارة الدفاع التي تصرّح بالبناء في الضفة الغربية. ومع ذلك، في حالات مثل حالة يوم الجمعة، والتي يتم فيها إنشاء بؤرة استيطانية غير قانونية بين عشية وضحاها، فإن المستوى العسكري، وليس المدني، هو الذي يملك صلاحية إصدار الأوامر بتفكيك البؤرة الاستيطانية. والشخصيات العسكرية ذات الصلة في هذه الحالة هي قائد قيادة المنطقة العسكرية الوسطى للجيش الإسرائيلي ورئيس هيئة الأركان العامة، وهما تابعان لغالانت، وليس لسموتريتش. ويتغير تسلسُل القيادة فقط، بعد أن يُسمح للبؤرة الاستيطانية بالبقاء في موقعها لفترة طويلة من الزمن.
كما دعا وزير الأمن القومي بن غفير غالانت إلى وقف عملية الإخلاء. وقال: "ليس من الصواب أنه عندما يبني العرب بشكل غير قانوني في يهودا والسامرة، فإن الإدارة المدنية لا تلتزم بالقانون، ولكن عندما يتعلق الأمر باليهود يأتون في غضون ساعات لتدمير البؤرة الاستيطانية."
في المقابل، أفاد بيان صادر عن مكتب وزير الدفاع غالانت بهذا الشأن بأن "الحكومة تدعم المستوطنات، لكن فقط عندما يتم ذلك بطريقة قانونية، وبالتنسيق مع رئيس الحكومة وجهاز الدفاع، وهذا لم يحدث."
من ناحية أُخرى، أشادت حركة "السلام الآن" المناهضة للاستيطان بقوات الجيش لتنفيذها عملية تفكيك البؤرة الاستيطانية المذكورة، لكنها في الوقت عينه أشارت إلى أن ما تمّ هدمه هو مجرد نقطة في بحر، بالنظر إلى أن هناك نحو 150 بؤرة استيطانية غير قانونية منتشرة في أنحاء الضفة الغربية.
شارك أكثر من 100.000 إسرائيلي، بينهم رئيس الحكومة السابق يائير لبيد، الليلة الماضية في تظاهرتين أقيمتا في تل أبيب، احتجاجاً على سياسة الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو، وعلى خطة الإصلاح القضائي التي تقودها.
كما جرت تظاهرات مماثلة في القدس وحيفا وبئر السبع.
وقال لبيد في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام: "هذه التظاهرة لمصلحة دولة إسرائيل ودفاعاً عنها. أتى إلى هنا اليوم أناس يحبّون الدولة، بهدف الدفاع عن الديمقراطية ومحاكمها، والدفاع عن فكرة الحياة المشتركة والصالح العام. يوجد هنا محبّون لإسرائيل جاؤوا للتظاهر من أجل دولة يهودية ديمقراطية، وفق قيم إعلان الاستقلال. لن نستسلم حتى نفوز."
وقال وزير الدفاع السابق موشيه يعلون الذي اشترك في التظاهرة: "إن الدولة التي يطالب فيها الوزير المعروف بوزير الأمن القومي [إيتمار بن غفير] الشرطة بالوقوف في وجه المتظاهرين هي ديكتاتورية. وعندما يكون هذا الوزير أيضاً مجرماً تمت إدانته، تسلسلياً، بالاعتداء على متظاهرين وضباط شرطة، ودعم منظمة إرهابية، ستكون هذه ديكتاتورية مجرمة."
كما شارك في التظاهرة وزير الدفاع السابق بني غانتس [رئيس تحالُف "المعسكر الرسمي"]، وأكد أن التظاهرات تؤدي دوراً مهماً وحاسماً في تغيير القرارات الحكومية، وستتواصل حتى يتم إيقاف مخططات تدمير الديمقراطية.
وفي القدس، تظاهر نحو 2000 شخص قبالة منزل رئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ. وفي حيفا، تظاهر 7000 شخص ضد حكومة نتنياهو في أحد مفترقات جبل الكرمل، حيث رفعوا لافتات مندّدةً بالحكومة وسياساتها. وفي بئر السبع، تظاهر نحو 1000 شخص قبالة مبنى البلدية. كما تظاهر نحو 2000 شخص ممن لم يتمكنوا من الوصول إلى تل أبيب في مدينة هرتسليا قبالة مبنى البلدية.
يُذكَر أن خطة الإصلاح القضائي التي أعلنها وزير العدل في حكومة نتنياهو ياريف ليفين [الليكود]، تهدف إلى تقليص صلاحيات المحكمة الإسرائيلية العليا، من خلال منعها من إلغاء قوانين يسنّها الكنيست وتتناقض مع قوانين أساس تُعتبر دستورية، وإلغاء ذريعة عدم المعقولية لدى نظر المحكمة في قرارات تتخذها الحكومة.
تعتزم شركات للتقنية العالية وشركات ناشئة في قطاع الهاي تك الإسرائيلي الانضمام إلى الحركة الاحتجاجية ضد حكومة بنيامين نتنياهو الجديدة، وذلك عبر السماح لموظفيها بالمشاركة غداً (الثلاثاء) في إضراب جزئي وتظاهرة، تعبيراً عن معارضتهم لخطة إضعاف جهاز القضاء.
وأعلنت مجموعة من شركات الهاي تك أنها ستسمح لموظفيها بالمشاركة في الإضراب الذي سيبدأ الساعة 11:00 صباحاً ويستمر لمدة ساعة، وذلك بالتزامن مع تظاهرة ستُقام في مجمع "شارونا" التجاري في تل أبيب، بمشاركة عدد من منظمات المجتمع المدني وشركات القطاع الخاص.
وعلمت صحيفة "هآرتس" بأن عدداً من الناشطين في صفوف العاملين في قطاع الهاي تك بدأوا ينظمون صفوفهم لتصعيد مشاركتهم في الاحتجاجات على خطة حكومة نتنياهو للحدّ من سلطات القضاء، وأن عاملين في قطاع الهاي تك شاركوا في تظاهرة يوم السبت، بعد انضمامهم رسمياً إلى الهيئة التي تنظم تظاهرات الاحتجاج الأسبوعية.
كما علمت الصحيفة بأن عدد شركات الهاي تك وشركات القطاع الخاص التي ستشارك في النشاط الاحتجاجي والإضراب التحذيري غداً، يصل إلى 130 شركة.
وكان مبادرون ورجال أعمال إسرائيليون من شركات الهاي تك انضموا إلى الجهات التي حذرت من مغبة المساس بسلطة المحكمة الإسرائيلية العليا، والتدخل في الجهاز القضائي، وتداعيات ذلك على مستقبل صناعات الهاي تك ومستقبل الاستثمار الأجنبي في هذا المجال في إسرائيل. ووجّهت مجموعة كبيرة من هؤلاء رسالة إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، قبل إعلان تأليف الحكومة، حذروا فيها من أن أي مسّ بالجهاز القضائي في إسرائيل سيُضعف ثقة المستثمرين الأجانب بإسرائيل وبجهازها القضائي، وهو ما قد يهدد قطاع الهاي تك الإسرائيلي، الذي بات يشكل أحد أبرز محركات الاقتصاد الإسرائيلي وصادراته، بما فيها الصادرات الأمنية المرتبطة بالسايبر.
وقال موقّعو الرسالة، وهم أكثر من 100 شخص من كبار رجال صناعة الهاي تك، إن قلقاً يساورهم في ضوء التداعيات الهدامة على الاقتصاد الإسرائيلي عموماً وصناعات الهاي تك تحديداً جرّاء عمليات التشريع الجارية حالياً في الكنيست.
وجاء في الرسالة كذلك أن المساس بالمحكمة الإسرائيلية العليا، أو بحقوق الأقليات، على أساس الدين أو الجنس، قد يشكل تهديداً حقيقياً لصناعة الهاي تك المزدهرة، والتي بُنيت في إسرائيل بجهد كبير على مدار العقود الثلاثة الأخيرة.
وأضافوا أنه في إثر التشريعات الجارية قد تجري حركة خروج لشركات تكنولوجية دولية من إسرائيل، ومعها تذهب عائدات الضرائب، وهو ما سيؤدي إلى تبعات هدّامة على الاقتصاد والمجتمع في إسرائيل.
بينما يسرّع الجيش الإسرائيلي وتيرة الأعمال لإقامة سياج محصّن على الحدود مع لبنان، يردّ حزب الله عليها ويشيّد في مقابلها أبراج مراقبة. وفي الأيام الأخيرة، لاحظ سكان موشاف شتولا في الجليل الغربي أعمالاً يقوم بها حزب الله لبناء أبراج مراقبة ومواقع حراسة على بُعد أمتار قليلة منهم. وكان الجيش الإسرائيلي بدأ قبل شهر ببناء سياج حدودي على طول الحدود بالقرب من شتولا، وردّ حزب الله على ذلك بإقامة أبراج يمكنه من خلالها المراقبة وتخطّي العائق الأسمنتي العالي.
أكثر من 20 برجاً وموقعاً للمراقبة أقيم في السنة الماضية في مقابل التقدم في مشروع تحصين خط الحدود البالغ 140 كيلومتراً، من رأس الناقورة إلى هار دوف [مزارع شبعا]. وحيث يقيم الجيش السياج الحدودي، يقيم حزب الله أبراجاً، الأمر الذي يتعارض مع قرار الأمم المتحدة 1701 الذي اتُّخذ في نهاية حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006]، والذي يمنع حزب الله من القيام بأي نشاط بالقرب من منطقة السياج.
في كل أنحاء موشاف شتولا كان في الإمكان سماع أصوات المطارق وصرخات العناصر الأربعة لحزب الله الذين كانوا يقومون ببناء الجدار. وكان هؤلاء يعملون على تثبيت سقف البرج على ارتفاع 18 متراً، ويتوقفون في استراحة قصيرة من وقت إلى آخر. في الجانب الإسرائيلي، كانت الشاحنات الضخمة تفرّغ المزيد من أعمدة الأسمنت التي يبلغ ارتفاعها 8 أمتار، والتي من شأنها أن تحجب المشهد، وستحل محل السياج القديم.
الجيش الإسرائيلي يراقب، عن كثب، أعمال حزب الله على طول الحدود، ولقد تعهد أمام سكان مستوطنات السياج أنه سيدمّر هذه الأبراج في المواجهة المقبلة مع حزب الله. في الفترة الأخيرة عقد قائد اللواء في المنطقة اجتماعاً، وطمأن السكان وشرح لهم بأن هذه هي الأيام الأخيرة التي يمكن أن يضايقهم فيها حزب الله، وبعد الانتهاء من بناء السياج، لن يروه بعد الآن، ولن يتعرضوا للشتم والاستفزاز.
- في حال تنازلنا مسبقاً عن العناوين التاريخية والتمنيات وسيناريوهات الرعب في كل ما يخص العلاقات الأميركية - الإسرائيلية، ونظرنا إلى مسار وديناميكية هذه العلاقات خلال الأعوام الماضية، فسنصل إلى استنتاج مفاده بأنها تقترب من نقطة تحوُّل. وهذا لا يحدث بسبب إيران، ولا السياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، إنما بسبب حجر الأساس الذي حافظ على العلاقات منذ انهيار الاتحاد السوفياتي وهو - "القيم المشتركة ذاتها".
- تاريخ علاقات الولايات المتحدة وإسرائيل، كما تحالُف الـ50 عاماً بينهما، هو إلى حدّ ما قصة هندسة عكسية. في البداية، جرى تحديد الإطار الاستراتيجي للعلاقات ووضعت المضامين فيه في الفترة ما بين أواخر الستينيات إلى ما بعد "حرب الغفران" [حرب أكتوبر/تشرين 1973]، فيما يتعلق بالحرب الباردة، وكبح الاتحاد السوفياتي، وإقامة علاقات أمنية أشبه بالعلاقات بين رب العمل والزبون بعدها فقط، وبمفعول رجعي، تم صوغ سردية كاملة للبنية القيَمية والأيديولوجية.
- الرئيسان هاري ترومان ودوايت آيزنهاور، اللذان كانا في المنصب منذ "إقامة الدولة" حتى سنة 1961، رفضا لقاء رئيس حكومة إسرائيلي. اللقاء الأول ما بين جون كينيدي ودافيد بن غوريون في أيار/مايو 1961، عُقد في فندق في نيويورك، وليس في البيت الأبيض في واشنطن. وفقط خلال ولاية ليندون جونسون (1963-1969)، بدأت العلاقات بالاستقرار، وسلكت مساراً سيؤدي إلى حلف.
- بعد حرب "الأيام الستة"، وبصورة خاصة مع تثبيت المساعدات العسكرية لإسرائيل التي بدأها ريتشارد نيكسون بعد "حرب الغفران"، تمت كتابة الفصل التمهيدي الأول. الولايات المتحدة وإسرائيل هما ديمقراطيتان - شقيقتان. دولتان قامتا بتحدي التاريخ وضد مساره. مجتمعان كان طموحهما أن يكونا نموذجاً لمجتمع جديد: الولايات المتحدة هي "المدينة المشرقة على التلة"، وإسرائيل هي "الضوء للأغيار". مجتمعان من المهاجرين أقاما دولتين بهدف تصحيح "الغبن التاريخي"، واستندا إلى قيَم توراتية مشتركة. وفي مقابل الاستقطاب بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي في الشرق الأوسط، بدأ يهود الولايات المتحدة في السبعينيات بالاقتراب من إسرائيل والتدخل في السياسة الأميركية. هذه المسارات التي اندمجت على المحور الزمني صاغت الحلف الأميركي - الإسرائيلي.
- وبهدف تعميق وتقوية الحلف، تطورت رؤية "القيم المشتركة" بالتدريج. من المؤكد أن هناك مصالح جيوسياسية مشتركة، وتعاوناً استخباراتياً وتكنولوجياً ضد "الإرهاب"، والتزاماً أميركياً صلباً بأمن إسرائيل، ومنع أي تهديد وجودي لها. ولكن هذا كله ليس مجرد حلف، إنما بناء رائع يستند إلى أساسات قيَمية قوية.
- قضية الأراضي المحتلة ومسألة الدين والدولة شكلتا التصدعات الأولى في العلاقة، لكن الولايات المتحدة وإسرائيل استطاعتا إغلاقهما حتى بعد أن توسعتا. الوضع تغيّر بعد قيام رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بسلسلة من الخطوات المقصودة خرج فيها عن المبدأ القائل إن "دعم إسرائيل هو مكان إجماع بين الحزبين"، وإن إسرائيل لن تكون أبداً مكان خلاف سياسي. بدأ هذا من خلال غزله مع الإنجيليين أثناء ولاية كلينتون، واستمر في ابتعاده الوقح عن الحزب الديمقراطي في الوقت الذي يصوّت له نحو 75% من يهود أميركا، وسجّل رقماً قياسياً إضافياً خلال خطابه في سنة 2015 أمام الكونغرس ضد الاتفاق النووي مع إيران، خطاب تم ترتيبه من دون عِلم الرئيس باراك أوباما ونائبه جو بايدن، ووصل ختاماً إلى تصريحات الحب لدونالد ترامب. وعلى الرغم من التهذيب الذي تبديه الإدارة منذ تأليف الحكومة الجديدة، فإن تركيبتها وتوجهاتها تُقلق الولايات المتحدة كثيراً.
- في نظر واشنطن، إسرائيل الآن هي في مسار الانسحاب من ديمقراطية ليبرالية إلى نظام سلطوي يتم فيه خرق - وليس إصلاح - مبدأ الفصل ما بين السلطات. ففي الوقت الذي تحاول أميركا تصحيح المسار بعد سنوات حُكم ترامب و"الترامبية" - إسرائيل اختارت المسار العكسي. القصة ليست قصة "فقرة التغلب"، أو مسار تعيين القضاة، أو توازناً جديداً ما بين المؤسسات. ففي هذه الأمور أميركا لم ولن تتدخل. الحديث يدور عن مسار كامل تنظر إليه واشنطن مصدومة، ويتضمن تركيبة الائتلاف لحكومة نتنياهو، والخطوط العريضة للحكومة، والتصريحات بخصوص السياسة الاستيطانية والتفوق الإثني اليهودي، إلى جانب تقليص الرقابة القضائية للمحكمة العليا بشكل كبير. "الديمقراطية الإسرائيلية لن تنجو من حكومة نتنياهو"، هذا ما بشّر به عنوان الصحيفة الأسبوعية "التايم"، قبل أسبوعين.
- وبافتتاحية غريبة من شدة إهمالها، تساءلت صحيفة "وول ستريت جورنال": مَن يهدد الديمقراطية الإسرائيلية؟ وأجابت بنفسها بأن أحكام المحكمة العليا في إسرائيل بحد ذاتها تبرر "الإصلاحات"، وذلك لأنها "تلغي قوانين غير معقولة". وهذا أمر غير صحيح، وفي كل الأحوال، لم تكلّف الصحيفة نفسها الفحص، أو التشاور مع خبراء قانونيين إسرائيليين، قبل نشر هذه التفاهة. المهم أنه بالنسبة إلى أحدهم، ومن دون أهمية لموقعه من المحيط، كان من المهم أن يحاول تبرير خطة ليفين وخطة نتنياهو لتغيير النظام في نظر الأميركيين، لدرجة أنه أقنع "الوول ستريت جورنال" بنشر افتتاحية كهذه.
- هذا المقال جاء بالأساس في أعقاب مقال نقدي حادّ كتبه توماس فريدمان في "نيويورك تايمز" قبل ذلك بثلاثة أيام. وبحسب فريدمان، فإن الرئيس بايدن هو "الوحيد القادر على إيقاف نتنياهو وحكومته المتطرفة عن تحويل إسرائيل إلى قلعة حاقدة غير ليبرالية"، حيث "وزراء كثُر في الحكومة يعادون قيَم الولايات المتحدة."
- إسرائيل ليست موضوعاً تريد إدارة بايدن الانشغال به. بالنسبة إليهم الوضع المثالي هو ألّا يسمعوا عن إسرائيل حتى الانتخابات المقبلة في تشرين الثاني/نوفمبر 2024، إلاّ إن حكومة نتنياهو تفرض نفسها على جدول أعمالهم، إن كان في الساحة الدبلوماسية القضائية الدولية، أو في سيناريوهات التصعيد في الضفة، وحتى مع إيران. السؤال الآن هو هل ستستمر أميركا في التجاهل، أم ستضع إشارات حمراء واضحة لنتنياهو.
- كردة فعل لا إرادية، وقبل مرور شهر على تأليف حكومة نتنياهو الجديدة، تجري ضدها تظاهرات لا تُحصى، يافطات دعائية ضخمة تدينها (مَن يمولها؟) وتحليلات سلبية وكلام تحريضي. مبالغات كثيرة ظهرت خلال هذا الزمن القصير. يصورون إسرائيل كدولة فاشية، بوتينية، إيرانية. لا غرابة والحال هذه أن تلقى هذه الأعمال غير المسؤولة صدى في الخارج، وأن تُلحق ضرراً كبيراً بإسرائيل في الساحة الدولية.
- هناك مَن تساءل: ماذا فعلت الحكومة الجديدة لمعالجة الفقر؟ وماذا فعلت للحد من زحمة السير؟ هذه الحكومة ورثت عن الحكومة التي سبقتها غلاء معيشة غير مسبوق، وموجات عنف في شتى أنحاء الدولة، وهناك مَن ينسب هذه الإخفاقات إلى حكومة نتنياهو. لم تعطِ الحكومة يوم سماح واحداً، والناطقون بلسان المعارضة الجديدة يحظون بمقابلات سخية على كل القنوات الإخبارية.
......
- بسبب كثرة تبادُل الضربات بين الحكومة والمعارضة، وبين القضاة والمشرّعين، وبين المتظاهرين والشرطة، لم يجرِ الاهتمام بأخبار أُخرى لا تقل أهمية. على سبيل المثال، جرى الحديث، عرَضاً، عن تظاهرة كبيرة جرت أمام السفارة الإسرائيلية في عمّان. طبعاً، لم تكن ضد ياريف ليفين، بل ضد "الاعتداء الإسرائيلي على القدس". ويبدو أن التظاهرات لم تجرِ فقط في تل أبيب، بل أيضاً في العاصمة الأردنية، وقريباً يمكن أن نرى تظاهرات معادية لإسرائيل في عواصم أوروبية، بتشجيع من صحيفة "هآرتس".
- لم تكن تظاهرة عمّان صدفة، بل جاءت لتنضم إلى سلسلة حوادث وقعت في الشهر الماضي، يحاول الملك من خلالها تحويل الاهتمام الداخلي عن مشكلاته وتوجيهها نحو إسرائيل، وهو يسمح بخطاب مُعادٍ لإسرائيل في البرلمان الأردني، وفي شوارع عاصمته. في الأسبوع الماضي، سارع الأردنيون إلى استدعاء السفير الإسرائيلي إلى محادثة توضيحية "بعد منع دخول السفير الأردني في إسرائيل من الدخول إلى المسجد الأقصى". وحولوا حادثة بسيطة إلى حادثة دبلوماسية. أيضاً صعود الوزير إيتمار بن غفير إلى الحرم القدسي استُخدم كذريعة لاستدعاء السفير الإسرائيلي إلى وزارة الخارجية الأردنية. وهكذا تجري مضايقة سفيرنا المسكين، المرة تلو الأُخرى، تعبيراً عن الاحتجاج والغضب.
- يُعتبر البرلمان الأردني ساحة للتحريض الدائم ضد إسرائيل، ولنشر الأكاذيب، مثل تغيير الوضع القائم في الحرم القدسي، وخطابات معادية للسامية، وللتعبير عن التأييد الكبير "للإرهاب" الفلسطيني. أحد النواب طالب بقطع العلاقات مع إسرائيل وطرد سفيرها من الأردن. وعدد من النواب الآخرين طالب بفتح الحدود والسماح بالجهاد ضد إسرائيل، معربين عن رغبتهم في الاستشهاد. وكان هناك مَن طالب بالسماح بتهريب السلاح إلى تنظيم "عرين الأسود" و"كتائب عز الدين القسّام".
- هل تم استدعاء السفير الأردني من أجل محادثة توضيحية وجرى تأنيبه في وزارة الخارجية في القدس؟ هل سمعنا احتجاجاً إسرائيلياً على المقالات المتطرفة التي تنشرها الصحف الأردنية، مثل ما نشرته صحيفة الدستور مؤخراً: "يجب علينا مواجهة إسرائيل حتى النصر، والطريق الصحيح لتحرير الأرض الفلسطينية والأماكن المقدسة من رجس الاحتلال النازي البغيض هو من خلال الدم والتضحية بالنفس."
- يجب أن نشعر بالقلق حيال الأردن. فالمملكة الهاشمية تعاني جرّاء أزمة اقتصادية عميقة. فهي من جهة مهددة مثلنا من إيران ومن القومية الفلسطينية. ومن جهة ثانية، فإن سلامة أراضيها ومصادر مياهها تابعة تحديداً إلى إسرائيل المكروهة. لهذا السبب يوجّه الأردن الغضب المتزايد نحو إسرائيل، لأنه يعلم بأنها ستسكت عن ذلك. وما دام اتفاق السلام يشكل ضرورة استراتيجية - أطول حدود لدينا هي مع الأردن - يجب عدم طرح الانتقادات ضدنا على جدول الأعمال. لكن يتعين على وزير الخارجية الجديد إيلي كوهين ألا يجعل التظاهرات ضد الحكومة الجديدة تشغله عن التظاهرات ضد إسرائيل لدى جيراننا.