مختارات من الصحف العبرية

مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
طائرات سلاح الجو تشنّ غارات على قطاع غزة رداً على إطلاق قذائف صاروخية في اتجاه الأراضي الإسرائيلية
على خلفية العملية العسكرية في جنين، نتنياهو: وجهة إسرائيل ليست للتصعيد، ولكن قوات الجيش الإسرائيلي جاهزة لأي سيناريو
السلطة الفلسطينية تعلن وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل عقب العملية العسكرية في جنين
تقرير: شخصيات قانونية رفيعة في المؤسسة الأمنية: نقل مسؤوليات الإدارة المدنية في الضفة إلى سموتريتش ينطوي على تداعيات قانونية سلبية على إسرائيل في الساحة الدولية
مقالات وتحليلات
العملية في جنين أثبتت أن الشبان الفلسطينيين لا يخافون من الموت في مواجهات مع إسرائيل
تصاعُد التوتر في المنظومة الفلسطينية، تحليل التحديات وتوصيات
تغيير سياسات أسر الأسرى "الأمنيين" - بين الصحيح والممكن
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
موقع Ynet، 27/1/2023
طائرات سلاح الجو تشنّ غارات على قطاع غزة رداً على إطلاق قذائف صاروخية في اتجاه الأراضي الإسرائيلية

قال بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إن طائرات تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي قامت فجر اليوم (الجمعة) بشنّ غارات على مواقع تابعة لحركة "حماس" في مخيم المغازي وسط قطاع غزة وفي جنوب القطاع وشماله.

وأضاف البيان أن هذه الغارات جاءت ردّاً على إطلاق 3 قذائف صاروخية من قطاع غزة في اتجاه الأراضي الإسرائيلية الليلة الماضية، وقد اعترضت منظومة "القبة الحديدية" إحداها، في حين سقطت الثانية في منطقة مفتوحة والثالثة داخل أراضي القطاع.

وذكر بيان صادر عن كتائب القسّام، الجناح العسكري لحركة "حماس"، أن الدفاعات الجوية التابعة للكتائب تصدت للطائرات الإسرائيلية بصواريخ أرض جو، وبمضادات أرضية.

وتأتي هذه التطورات بعد أن شنّت قوات الجيش الإسرائيلي صباح أمس (الخميس) عملية عسكرية كبيرة داخل مدينة جنين ومخيمها، أسفرت بحسب بيان وزارة الصحة الفلسطينية، عن مقتل 10 فلسطينيين، بينهم سيدة مسنة، وإصابة عشرات، بعضهم في حالة خطرة.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي أن هذه العملية العسكرية استهدفت 3 مطلوبين من حركة الجهاد الإسلامي.

"معاريف"، 27/1/2023
على خلفية العملية العسكرية في جنين، نتنياهو: وجهة إسرائيل ليست للتصعيد، ولكن قوات الجيش الإسرائيلي جاهزة لأي سيناريو

قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إن وجهة إسرائيل ليست للتصعيد، غير أنه في الوقت عينه، أكد أنه أوعز إلى قوات الأمن بالاستعداد لأي سيناريو على الجبهات المختلفة لضمان أمن سكان إسرائيل.

وجاءت أقوال نتنياهو هذه في سياق بيان صادر عن ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية أمس (الخميس)، وذلك على خلفية العملية العسكرية التي قام الجيش الإسرائيلي بشنّها في مدينة جنين ومخيمها لاعتقال مطلوبين، وأسفرت وفقاً لمصادر فلسطينية، عن مقتل 10 فلسطينيين برصاص الجنود الإسرائيليين.

وأشار البيان إلى أن نتنياهو اطّلع على آخر التطورات، وأعرب عن تقديره لبسالة وحُسن تصرُّف الجنود الإسرائيليين الذين يقومون بإحباط اعتداءات من شأنها أن تودي بحياة كثيرين من سكان إسرائيل.

وكان رئيس الحكومة أجرى نقاشاً عبر الهاتف لتقييم الأوضاع، بمشاركة رؤساء الأجهزة الأمنية، بينهم وزير الدفاع يوآف غالانت، ورئيس هيئة الأركان العامة للجيش الجنرال هرتسي هليفي، ورئيس جهاز الأمن العام ["الشاباك"] رونين بار، ورئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي.

في سياق متصل، قال بيان صادر عن وزارة الدفاع الإسرائيلية إنه في أعقاب جلسة لتقييم الأوضاع، على خلفية العملية في جنين، أمر وزير الدفاع يوآف غالانت الأجهزة الأمنية بتكثيف النشاطات الدفاعية على خط التماس، وفي التجمعات السكانية في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] وتلك المحاذية لقطاع غزة. وأمر بتعزيز قوات الجيش الإسرائيلي في المناطق [المحتلة] بكتيبة مظليين.

ونقل البيان عن الوزير غالانت قوله إن قوات الأمن مستعدة للتعامل مع أي سيناريو على الجبهات المختلفة.  

وأكد غالانت أن إسرائيل تواصل التحرك في كل مكان وزمان ضد مَن يسعى للمساس بمواطني الدولة، مشدّداً على أن قوات الأمن على أهبة الاستعداد لأي تطور في مختلف الجبهات.

"يديعوت أحرونوت"، 27/1/2023
السلطة الفلسطينية تعلن وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل عقب العملية العسكرية في جنين

في ظل تصعيد الأوضاع في المناطق [المحتلة]، على خلفية العملية العسكرية في جنين ومخيمها، أعلنت السلطة الفلسطينية وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل.

وجاء هذا الإعلان في بيان صدر مساء أمس (الخميس)، بعد اجتماع عقدته القيادة الفلسطينية في رام الله، برئاسة رئيس السلطة محمود عباس.

وقال الناطق بلسان رئاسة السلطة الفلسطينية نبيل أبو ردينة في مؤتمر صحافي عُقد في مقر رئاسة السلطة مساء أمس، بمشاركة مندوبين من جميع الفصائل الفلسطينية في منظمة التحرير، إن هذا التنسيق لم يعد قائماً، بدءاً من الآن. وأضاف أن القيادة الفلسطينية قررت أيضاً التوجه بشكل عاجل إلى المحكمة الجنائية الدولة، وإضافة ملف مجزرة جنين إلى الملفات التي تم تقديمها سابقاً إليها ضد إسرائيل. كما قررت استكمال الانضمام إلى بقية المنظمات الأممية والدولية والتحرك على كل المستويات من أجل الشعب الفلسطيني.

وانتقدت الولايات المتحدة قرار السلطة الفلسطينية وقف التنسيق الأمني، واصفةً إياه بأنه خطوة غير صحيحة في هذا الوقت.

وقالت مساعدة وزير الخارجية الأميركية بربارة ليف في تصريحات أدلت بها إلى وسائل إعلام الليلة الماضية، إن واشنطن قلقة من سقوط قتلى في صفوف المدنيين، وهي تعمل على خفض التصعيد.

 

"هآرتس"، 27/1/2023
تقرير: شخصيات قانونية رفيعة في المؤسسة الأمنية: نقل مسؤوليات الإدارة المدنية في الضفة إلى سموتريتش ينطوي على تداعيات قانونية سلبية على إسرائيل في الساحة الدولية

علمت صحيفة "هآرتس" بأن شخصيات قانونية رفيعة المستوى داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية حذّرت رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، خلال اجتماع عُقد في بحر الأسبوع الحالي، من مغبة نقل السلطات المدنية في الضفة الغربية، الواقعة ضمن مسؤوليات الإدارة المدنية، إلى وزير المال بتسلئيل سموتريتش [رئيس "الصهيونية الدينية"]، وأكدت أن هذه الخطوة قد تكون لها تداعيات قانونية سلبية على إسرائيل في الساحة الدولية.

وقد عُقد الاجتماع المذكور بحضور سموتريتش، وخلاله بلّغ كلٌّ من وزير الدفاع يوآف غالانت، ووزير العدل ياريف ليفين، والمدعية العسكرية العامة يفعات تومر يروشالمي، والمستشار القانوني في وزارة الدفاع إيتاي أوفير، نتنياهو بأن نقل بعض الصلاحيات إلى سموتريتش يمكن أن تنظر إليه الهيئات الدولية، مثل محكمة العدل الدولية، كضمّ فعلي لأراضي الضفة الغربية من جانب إسرائيل.

كما علمت "هآرتس" بأن هذا الاجتماع، الذي عُقد من أجل حلّ الخلافات بشأن المسؤولية الوزارية عن الإدارة المدنية في الضفة الغربية، انتهى من دون اتفاق، وبرز فيه أيضاً أن نتنياهو منحاز إلى سموتريتش، وسيأمر بنقل الصلاحيات المدنية التابعة للإدارة المدنية إليه، وفقاً للاتفاقية الائتلافية، على أن تظل الصلاحيات الأمنية داخل الإدارة المدنية تحت إشراف غالانت.

وجاء هذا الاجتماع بعد أيام من وقوع صدام بين سموتريتش وغالانت بشأن تفكيك البؤرة الاستيطانية غير القانونية "أور حاييم" في الضفة الغربية بأمرٍ من هذا الأخير. وقال سموتريتش إنه طلب من الإدارة المدنية وقف إخلاء البؤرة، لكن غالانت سمح بإخلائها. واحتجاجاً على هذه الخطوة، قاطع وزراء "الصهيونية الدينية" الاجتماع الأسبوعي للحكومة يوم الأحد الماضي.

يُذكر أنه في إطار الاتفاقيات الائتلافية الأخيرة، تم تكليف سموتريتش بمسؤولية وزارية عن بعض جوانب الجيش الإسرائيلي، إذ يسمح دوره الثاني كوزير في وزارة الدفاع بتعيين الضباط العسكريين الذين يقودون وحدة التنسيق المدني والعسكري لشؤون الحكومة في المناطق [المحتلة] ومكتبها الذي يشرف على العديد من قضايا المستوطنات والإدارة المدنية، وذلك بعد الحصول على موافقة نتنياهو. وفي الوقت الحالي، يتم تعيين الضابط المسؤول عن مكتب تنسيق شؤون الحكومة من طرف وزير الدفاع، بناءً على توصية من رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، ويتم تعيين الضابط المشرف على الإدارة المدنية من قبل رئيس هيئة أركان الجيش. والإدارة المدنية مسؤولة بشكل أساسي عن التخطيط والبناء في مناطق ج من الضفة الغربية، فضلاً عن تطبيق القانون ضد البناء غير المصرّح به، سواء أكان ذلك من جانب المستوطنين الإسرائيليين أو الفلسطينيين. بالإضافة إلى ذلك، فإنها مسؤولة عن البنية التحتية المدنية، مثل تعبيد الطرق وتوفير المياه والكهرباء. وتضم مناطق ج 60% من أراضي الضفة الغربية التي تقع فيها المستوطنات الإسرائيلية، والخاضعة بسكانها الإسرائيليين والفلسطينيين للسيطرة العسكرية والإدارية الإسرائيلية. يرى سموتريتش أن السيطرة على الإدارة المدنية تشكّل وسيلة لبسط السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، واستبدال الإدارة العسكرية للمنطقة بالسيطرة المباشرة من الحكومة المركزية ووزاراتها. ويمنحه هذا المنصب سلطة كبح إنفاذ القانون ضد البناء الإسرائيلي غير القانوني في الضفة الغربية بما يتماشى مع دعمه الأيديولوجي للحركة الاستيطانية، كما يمنحه الصلاحية لزيادة إنفاذ القانون ضد البناء الفلسطيني غير القانوني بما ينسجم مع معارضته الشديدة لإنشاء دولة فلسطينية.

وبحسب الاتفاقيات الائتلافية، يظل غالانت مسؤولاً عن تأشيرات الدخول للعمال الفلسطينيين في الضفة الغربية، بالإضافة إلى عدة صلاحيات أُخرى.

وندّد منتقدو هذه الاتفاقية الائتلافية بشدة بخطوة نقل الصلاحيات الإضافية إلى سموتريتش، وأكد عدد منهم أنها ترقى إلى مستوى الضم الفعلي لمناطق ج لأنها ستسمح بأن يكون المستوطنون الإسرائيليون في الضفة الغربية تحت إدارة هيئة مدنية وليس عسكرية، كما هي الحال بالنسبة إلى الفلسطينيين.

ومن بين المنتقدين وزير الدفاع السابق والرئيس السابق لهيئة الأركان العامة بني غانتس الذي كتب في تغريدة نشرها في حسابه الخاص على موقع "تويتر" هذا الأسبوع، أنه بعد 75 عاماً من قيام رئيس الحكومة المؤسس دافيد بن غوريون بحلّ جميع الميليشيات السرية وجلب جميع المنظمات إلى الجيش الإسرائيلي، يقوم نتنياهو بتفكيك الجيش بسبب دوافعه السياسية، ويقوّض بشكل مباشر وحدة القيادة.

وأكد غانتس أن نقل السلطات إلى سموتريتش سيكون بمثابة تهديد مباشر للأمن، ولذا يجب معارضته على رؤوس الأشهاد.

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"يديعوت أحرونوت"، 27/1/2023
العملية في جنين أثبتت أن الشبان الفلسطينيين لا يخافون من الموت في مواجهات مع إسرائيل
آفي يسسخاروف - محلل عسكري
  • لقد كان من المفترض أن تكون عملية محدودة جداًـ وبالفعل بدأت كذلك. قوة من المستعربين تخفّت في شاحنة لمنتوجات الألبان، بحسب تقارير فلسطينية، ووصلت إلى وسط مخيم اللاجئين في جنين، حيث كانت تختبىء خلية من "المخربين" وتخطط لهجوم في وقت قريب. اصطدمت قوة المستعربين بمسلحين، وتطوّر الحادث إلى عملية واسعة جداً في وضح النهار في وسط المخيم.
  • في المرحلة الأولى من العملية، أصيب مسلحان وسلّم ثالث نفسه. المسلحون في المخيم يعرفون أنه في حوادث من هذا النوع يمكنهم، ببساطة، الانسحاب قليلاً والمكوث في منازلهم والسماح للقوة الإسرائيلية بالخروج. لكن العشرات منهم فضلوا مواجهة القوة الإسرائيلية، مع استعدادهم للموت، أو للإصابة بجروح. وخلال وقت قصير من العملية، أُعلن مقتل 9 فلسطينيين وامرأة لا علاقة لها بما يحدث.
  • على الصعيد العسكري، هذه العملية كانت ناجحة، وأدت إلى إحباط هجوم. لكن العملية في جنين أثبتت ما لاحظه الجانب الإسرائيلي منذ وقت طويل، وهو أن المئات أو الآلاف من الشبان الفلسطينيين لا يخافون من الموت، أو الإصابة بجروح، خلال مواجهاتهم مع إسرائيل. كُتبت على عدد كبير من نُصب القتلى من المسلحين، وعلى جدران مخيمات اللاجئين، عبارة "احذروا الموت الطبيعي. لا تموتوا إلاّ تحت زخات الرصاص" (عبارة مأخوذة من الكاتب غسان كنفاني، من الجبهة الشعبية). يبدو أن العديد من الشبان في الضفة الغربية يجعلون هذه العبارة شعاراً لهم في الحياة، أو بالأحرى في الموت.
  • في الأمس، قُتل 9 فلسطينيين في جنين وآخر في رام الله، وبلغ عدد القتلى منذ بداية هذه السنة 30 قتيلاً خلال 26 يوماً فقط. في السنة الماضية، بلغ عدد القتلى من الفلسطينيين 155قتيلاً، وفي سنة 2021، 80 قتيلاً. وهذا يعني أن وتيرة الحوادث والمعارك ترتفع بصورة لم نعرفها في الأعوام الأخيرة. والحافز لدى الشباب الفلسطيني على محاربة الجانب الإسرائيلي يرتفع أيضاً، ولا يبدو أن شيئاً في الأفق السياسي أو الأمني يمكنه أن يغيّر هذا التوجه.
  • يمكن التقدير أن الهجوم الذي أُحبط في الأمس جرى تمويله من جهات خارجية، لكن الحافز المحلي موجود من دون مساعدة خارجية. كل العناصر التي يمكن أن تدل على استمرار التصعيد موجودة وتزداد: الدين - أي الحرم القدسي قبيل شهر رمضان الذي سيبدأ بعد شهر ونصف الشهر، الوضع على الأرض - المواجهات المتواصلة والمتزايدة بين فلسطينيين ومستوطنين في شتى أنحاء الضفة الغربية، الدم- أي العدد الكبير من الإصابات. كل هذه العناصر تشكل برميلاً من البارود الذي نجلس فوقه في هذه الأيام، من دون أفق للتهدئة. وبالطبع، فإن تركيبة الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل لا تساعد على تهدئة الأجواء وإيجاد شريك حقيقي في الجانب الفلسطيني.
  • وكما هو متوقع، قررت السلطة الفلسطينية في الأمس وقف التنسيق الأمني "بكل صُوَره" بعد العملية في جنين. يمكن عدم الأخذ بجدية بهذه الخطوة، لكن من الواضح أنه سيكون لها أثمان. ومع ذلك، يجب القول إن السلطة الفلسطينية غير موجودة في جنين، وبالتأكيد ليس في مخيم اللاجئين. ولقد توقفت عن محاولة فرض حكمها على المكان. وليس المقصود فقط مسائل أمنية لها علاقة بإسرائيل، بل المقصود أمور بسيطة، مثل حركة المرور، أو أي مظهر من مظاهر القانون والنظام. وهكذا سمحت السلطة بتحويل مخيم اللاجئين في المدينة إلى مركز للفوضى المحلية. فالشبان المحليون الذين لا ينتمون، في أغلبيتهم، إلى تنظيم معين، على الرغم من الصعود الكبير في قوة الجهاد الإسلامي في المدينة، فإن معظمهم يتحرك وفق الهوية المحلية، أي "ابن المخيم". وهم يتوحدون تحت تنظيم يسمي نفسه "كتيبة جنين"، وليس لديهم بالفعل مصدر سلطة واضح.
  • في أماكن أُخرى من الضفة، مثل الخليل، يوجد نوع من "الانتماء" العشائري، بيْد أن زعماء العشائر في مخيم اللاجئين في جنين لا يريدون، ولا يستطيعون فرض سيطرتهم على المكان. ومع ذلك، يجب التشديد على أنه على الرغم من خصوصية جنين، فإن دوافع الشباب الفلسطيني إلى محاربة إسرائيل لا تنحصر فقط في شمال الضفة (جنين ونابلس)، إذ إن إطلاق النار على الجنود الإسرائيليين في أثناء عملهم في شرق الضفة تحول إلى ظاهرة منتشرة في الضفة كلها، وأيضاً في بيت لحم (وبدرجة أقل في الخليل)، وعلى خط قلنديا وشمالها.
  • السؤال الكبير الذي لا يزال مفتوحاً: كيف سيكون ردّ "حماس" والجهاد الإسلامي في غزة. من السهل جداً على التنظيمين ترك الضفة تشتعل من دون تدخُّل قطاع غزة. فالأحداث التي وقعت في أيار/مايو 2021، خلال عملية حارس الأسوار، تسببت بمشكلات لـ"حماس". لكنها الآن تشعر بأن عليها الرد على أحداث الضفة (أو القدس الشرقية)، ولا سيما في ضوء توقعات الجمهور الفلسطيني بالرد على مقتل 10 فلسطينيين. لكن على الرغم من أنها لا تريد جولة قتال إضافية، فإنها أطلقت صواريخ خلال الليل. في جميع الأحوال، يمكن التقدير أن حادثة من نوع الحادثة التي وقعت في جنين لن تكون الأخيرة، ومن الصعب الرهان على استمرار الهدوء في غزة.

 

معهد السياسات والاستراتيجيا في جامعة ريخمان، 26/1/2023
تصاعُد التوتر في المنظومة الفلسطينية، تحليل التحديات وتوصيات
د. ميخائيل ميليشتاين - باحث
  • في الأسابيع الأخيرة، برز ارتفاع كبير في التوترات في المنظومة الفلسطينية، ناجم عن تضافُر 3 أزمات متشابكة ومرتبطة ببعضها البعض، وتؤثر في بعضها البعض:
  • ازدياد الاشتباكات على الأرض، المترافقة مع ازدياد عدد الإصابات في الجانب الفلسطيني (أغلبيتهم من المسلحين المتورطين في مواجهات مع الجيش الإسرائيلي)، مع جهد تبذله "حماس" والجهاد الإسلامي للدفع قدماً بتنفيذ عمليات في مناطق السلطة الفلسطينية العاجزة عن السيطرة عليها، وخصوصاً في شمال الضفة.
  • القطيعة العميقة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، على خلفية التحرك الفلسطيني في اتجاه المحكمة الجنائية الدولية بشأن وضع السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية، الأمر الذي تسبب بعقوبة اقتصادية (خصم الأموال التي تدفعها السلطة لعائلات المخربين" من الضرائب التي تجبيها إسرائيل)، مع تلميحات من مسؤولين إسرائيليين كبار - بالأساس الوزير سموتريتش - إلى "عدم ضرورة" استمرار وجود السلطة. وفي الخلفية، قرار الحكومة نقل جزء من صلاحيات منسّق أنشطة الحكومة في المناطق إلى سموتريتش، الأمر الذي يثير مخاوف فلسطينية ودولية من بدء فرض السيادة الإسرائيلية تدريجياً على الضفة تحت ستار تغيير تنظيمي.
  • إشارات القلق المتزايد من جانب المنظومة الدولية، وخصوصاً من جانب الإدارة الأميركية، بشأن قيام إسرائيل بتغيير الواقع في الضفة العربية من نوع "ضم زاحف"، وزعزعة مكانة السلطة...
  • من المتوقع أن يؤدي استمرار التوجهات الحالية إلى تقويض الواقع القائم بصورة تفاقم حدة التحديات التي تواجهها إسرائيل. إن فرض قيود على الدعم المالي للسلطة يمكن أن يؤدي إلى تقويضها، ويفرض على إسرائيل القيام، بدلاً منها، بالتزاماتها المدنية التي من الصعب على السلطة القيام بها، وهو ما سيقرّب إسرائيل من واقع الدولة الواحدة؛ بالإضافة إلى هذه القيود، هناك التداعيات المحتملة لعدم استقرار الوضع الاقتصادي في إسرائيل (الناجم، من بين أمور أُخرى، عن الأزمة الحادة في موضوع الإصلاحات القضائية)، والتي يمكن أن تؤذي المواطن الفلسطيني، وتزيد في إمكانية تطوُّر احتجاج شعبي واسع؛ كما أن الأزمة الحادة بين إسرائيل والسلطة يمكن أن تتطور إلى وقف التنسيق الأمني [وهذا ما حدث مؤخراً] الذي يمكن أن يترافق مع انزلاق عناصر الأجهزة الأمنية إلى "الإرهاب"؛ بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تفرض دول وشركات اقتصادية عقوبات ضد إسرائيل، وخصوصاً مع بروز حجة أن إسرائيل تعمل على إحداث  تغيير تدريجي للواقع في الضفة الغربية.
  • إن التحدي المركزي المتوقع تطوُّره هو في منتصف آذار/مارس مع حلول شهر رمضان. في الأعوام الأخيرة ترافق شهر رمضان مع عيد الفصح ومع يوم استقلال إسرائيل، وهو ما يشكل خلفية لزيادة التوترات الأمنية... وضمن هذا الإطار، من المتوقع إن يزداد التحدي الأمني، سواء في القدس الشرقية أو في الضفة الغربية، وفي المجتمع العربي داخل إسرائيل، وفي قطاع غزة. وفي الخلفية، هناك العاصفة الداخلية في إسرائيل جرّاء الخطوات التي اتخذتها الحكومة في مجال القضاء والثقافة والاقتصاد، الأمر الذي سيجعل من الصعب بلورة إجماع وشرعية داخلية لسيناريو مواجهات خارجية...
  • لذا، نوصي الحكومة باتخاذ الخطوات التالية:
  • العمل على استقرار الوضع المدني في الضفة، وتجنُّب خلق صلة مباشرة بين إسرائيل والجمهور الفلسطيني خارج السلطة الفلسطينية. وهذا يفرض على إسرائيل حالياً الامتناع (أو الحد) بقدر المستطاع من فرض عقوبات اقتصادية كارثية يمكن أن تقوّض مكانة السلطة وتمسّ بنسيج الحياة المدنية في الضفة.

2- الامتناع من خطوات يعتبرها المجتمع الدولي تغييراً في الواقع في الضفة.

  • تجنيد لاعبين خارجيين من أجل المحافظة على الهدوء النسبي في المنظومة الفلسطينية. وفي هذا الإطار، يبرز دور الأردن فيما يتعلق بالحرم القدسي (والذي كان في خلفية زيارة رئيس الحكومة إلى عمّان، حيث تعهّد عدم المسّ بالوضع القائم في الحرم) ودور مصر حيال السلطة، وقطر حيال "حماس" في قطاع غزة.
  • كبح مسعى "حماس" لإشعال الضفة. جزء كبير من هذا المسعى يقوم على التمييز بين القطاع، حيث يسود هدوء غير مسبوق، وبين الضفة التي تسجل تصعيداً لم نشهده منذ عشرات الأعوام...
  • إذا انتهجت إسرائيل هذه الخطوات، فيمكنها تحقيق تهدئة نسبية خلال شهر رمضان القريب. لكن التهدئة في الضفة أو غزة ليست إنجازاً استراتيجياً يؤمّن استقراراً لوقت طويل، بل هي هدف تكتيكي وموقت. يتعين على إسرائيل توجيه جهدها واهتمامها نحو نقاش معمّق لاستراتيجيا بعيدة الأمد لها تتعلق بالمنظومة الفلسطينية، وهو أمر لم تفعله منذ أعوام كثيرة. ومثل هذا النقاش سيسمح لإسرائيل بأن ترى أنها أمام خيارين استراتيجيين يجب أن تختار بينهما في وقت قريب: "الارتقاء" إلى واقع الدولة الواحدة (من دون تخطيط أو إرادة)؛ أو قرار الانفصال من جانب واحد، حيث يتضاءل الأمل بتحقيق رؤيا الدولتين وسائر الأفكار الأُخرى لإدارة النزاع، لهما أمل ضئيل. هذا النقاش سيسمح لإسرائيل بأن ترى أنها تقف أمام الاختيار بين السيئ والأسوأ، بحيث يبدو أحياناً أنه من الأفضل لها قبول السيئ الموجود، على الرغم من مساوئه، كي لا تكون في مواجهة خيارات أكثر سوءاً بكثير...

 

"مباط- عال"، العدد 1685، 25/1/2022
تغيير سياسات أسر الأسرى "الأمنيين" - بين الصحيح والممكن
كوبي ميخائيل - باحث كبير في مركز أبحاث الأمن القومي
  • إعلان وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير فيما يتعلق بـ "وقف المخيم الصيفي" للأسرى "الأمنيين" الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وكذلك زيارته، المضخّمة إعلامياً، إلى سجن "نفحة" في مطلع كانون الثاني/يناير 2023، بعد أيام على تولّيه المنصب، أدّيا إلى رصّ الصفوف في الساحة الفلسطينية، وبشكل فوري.
  • بالعودة إلى نيات الوزير بن غفير المعلنة بشأن التضييق على الأسرى "الأمنيين"، أو أقوال الناطق باسمه: "وصل الوزير بن غفير إلى المكان ليتأكد من أن ظروف الأسرى لا تتحسن"، تظهر عدة أسئلة أساسية:
  • هل من الصواب تشديد سياسات الأسر الخاصة بالأسرى الأمنيين؟
  • ما هي احتمالات ردّة فعل الأسرى في السجون، وردّة فعل الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، والعرب في إسرائيل؟
  • هل يمكن القيام بالتغييرات في الوقت الحالي؟ وهل مصلحة السجون جاهزة للقيام بالتغييرات المطلوبة بكل ما يخص السجون، ولديها حجم القوات المطلوب للتعامل مع النتائج الممكنة لهذه التغييرات؟ هل الشرطة جاهزة للتعامل مع مواجهات متوقعة في المجتمع العربي، أو في المدن المختلطة، والتي ستندلع نتيجةً لتشديد ظروف الأسرى؟ هل الجيش جاهز للتعامل مع تصعيد حاد في الضفة الغربية وقطاع غزة؟
  • هل هناك بدائل من ظروف الأسر الحالية، بما معناه صوغ خطة تدريجية لتقليص الفجوة ما بين الوضع القائم والتغيير الذي يريده الوزير؟
  • صحيح، الوضع القائم في السجون الأمنية في إسرائيل يحتاج إلى تغيير، لكن ليس بالضرورة أن تكون كل خطوة محقة هي أيضاً ذكية في كل وقت وكل ظرف. من الواضح أن الأسرى الأمنيين في إسرائيل لديهم حكم ذاتي إداري، والكثير من الامتيازات، أكثر مما يسمح به القانون الإسرائيلي والقانون الدولي. ومن المؤكد أن ظروفهم مريحة أكثر من تلك الموجودة في دول غربية أُخرى - حتى لو أخذنا بعين الاعتبار عدد الاسرى وسِماتهم. الحديث يدور عن ظروف تبلورت خلال سنوات، انطلاقاً من الحاجة إلى الهدوء والاحتواء، وكان هذا كله بدعم من المستوى السياسي الذي بحث وأجرى حساباته وفهم الإسقاطات الممكنة لقضية الأسرى، كقضية مركزية لدى الفلسطينيين، بغض النظر عن أي فلسطينيين.
  • الأسرى هم محط إجماع داخل المجتمع الفلسطيني، وقضية توحد بين التيارات المختلفة، وهم بالأساس قضية قادرة على استقطاب المجتمع الواسع للنضال، حتى لو كان عنيفاً. السلطة الفلسطينية لم تعبّر أبداً عن أي موقف يتعارض مع الموقف الجماهيري بشأن قضية الأسرى، ومن غير المتوقع أن تقوم بهذا الآن. وأكثر من ذلك، السلطة الفلسطينية تمجّد الأسرى، تدفع لهم ولعائلاتهم مبالغ مرتفعة، تصل إلى 7% من موازنتها السنوية. كل تغيير في هذه السياسة سيضرّ بشرعيتها الشعبية، الآخذة بالتراجع أصلاً. إذاً، الحديث يدور عن قضية وطنية، لها أساسات أيديولوجية، قادرة على التجنيد من حولها بمجرد وجودها.
  • فرضية العمل على المستوى السياسي يجب أن تنطلق من أن تصعيداً حاداً سيحدث على ثلاث جبهات (الضفة، وقطاع غزة، والمواطنون العرب في إسرائيل - المدن المختلطة)، في حال أصبحت ظروف الأسرى الأمنيين أكثر سوءاً. وإن كانت هذه هي نقطة الانطلاق، فيجب التحضير لها مسبقاً وعلى جميع الصعد - التنظيمات، قوات الأمن، الموارد، وليس بدرجة أقل - المجتمع الإسرائيلي. للمستويات المهنية أهمية عالية في تحضير المستوى السياسي، الذي يجب عليه إيجاد طريقة للتغلب على عدم الثقة بالمستويات المهنية. وفي هذا الإطار، على المستوى السياسي، التغلب على عدم ثقته الكافية بالشرطة ومصلحة السجون، وإشراكهما بمسار التغيير. كما عليه أن يطلب وجهة نظر مهنية بشأن التضييق على الأسرى والتحضيرات للتطبيق، بحسب الأهداف والسياسات التي ستُقر.
  • قبل المضي في تغيير السياسات، يجب البحث في فرز مجتمع الأسرى، والتفريق ما بين أسرى خطيرين أيديهم ملطخة بالدم، وبين آخرين قاموا بـمخالفات أقل خطورة. كذلك يجب التفريق ما بين شبان صغار السن وما بين الكبار، بين مرضى وأصحاء. ويمكن أن يكون من الأفضل القيام بتغييرات تدريجية إزاء قسم من الأسرى، وفي الوقت نفسه، تقديم تسهيلات إلى فئة أُخرى. والفصل ما بين الأسرى، يجب أن يكون هناك سجون إضافية، بهدف عزل أسرى خطيرين. وهذا، كي تظهر صورة رحمة ومسؤولية تجاه الخارج. هذا بالإضافة إلى أنه يجب بحث البدء بنموذج يتم في إطاره تخصيص سجن واحد من السجون، يتم التضييق فيه على أسرى خطيرين، أو عمّن يخلّ بالنظام، ويجب أن يتم تخطيط كيفية تطبيق السياسة الجديدة ضمن إطار نظري وسلسلة بدائل.
  • والأهم، سيكون من الخطأ فصل قضية الأسرى عن بقية مكونات القضية الفلسطينية. بما معناه: يجب أن يكون التغيير في سياسات الأسر جزءاً من منظومة شاملة ومن عدة أهداف استراتيجية واضحة تتعلق بالساحة الفلسطينية. يجب القيام بالتغييرات كجزء من خطوة استراتيجية شاملة، على الرغم من أنه من المستبعد أن تكون حكومة إسرائيل قد حددت ما هو هدف التغييرات التي ينوي الوزير بن غفير القيام بها. لذلك، فإن توقيت التغيير في سياسات الأسر مهم جداً.
  • التغيير في ظروف الأسرى الأمنيين مطلوب، لكن وبسبب التداعيات الواسعة والخطِرة لهذا التغيير، يجب أن ينصبّ التفكير على الأهداف الاستراتيجية بشأن الساحة الفلسطينية، وكذلك بناء منظومة شاملة من الخطوات والسياسات، وتكون سياسة الأسر جزءاً منها. وفي حال لم يكن الأمر كذلك، فإن تطبيق نيات بن غفير المعلنة يمكن أن يؤدي إلى مواجهة حادة، قد تتدحرج إلى انتفاضة ثالثة لم تكن إسرائيل معنية بها، وبالتالي لم تستعد لها أيضاً. وبالإضافة إلى اشراك المنظومات المختلفة ذات الصلة بالتفكير المسبق والتحضير، يجب اعداد المجتمع الإسرائيلي على مستوى الوعي، الذي من غير المستبعد أن يضطر إلى مواجهة التصعيد في ساحة الصراع. ومن الأسهل على المجتمع أن يفهم ويوافق على خطوة لها جدوى استراتيجية واضحة، بدلاً من التعامل مع خطوة هدفها الاستغلال السياسي غير المسؤول تستند إلى افتراض - ليس بالضرورة صحيحاً - أن دعم هذه الخطوة مضمون سلفاً، من دون البحث بعمق في عواقبها.