مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في ذكرى إحياء المحرقة النازية التي أُقيمت في متحف ياد فشام في القدس: "العالم تغير، لكن الدعوات إلى إبادتنا لم تتوقف، وهي اليوم تأتي من النظام ’الإرهابي‘ في طهران. الرسالة الأساسية التي تعلمناها من المحرقة هي أن علينا كبح قوى الشر في أسرع وقت ممكن." وتابع: "يجب على دولة اليهود أن يكون لديها القدرة على الدفاع عن نفسها بقواها الذاتية في مواجهة أي عدو وأي تهديد." وشدد على أن "الانتصار في الماضي لا يضمن الانتصار في المستقبل"، وقال إن إسرائيل ستحارب بشدة "أي اتفاق نووي مع إيران يعبِّد لها الطريق نحو سلاح نووي، كما نحارب بشدة وكلاء "الإرهاب" من إيران من حولنا." وتابع: "يعتقد هؤلاء أنه ليس لدينا القوة والوحدة الداخلية لمواجهتهم لكنهم يرتبكون خطأ كبيراً" وختم قائلاً: "فقط من خلال القوة والوحدة الداخلية سنهزم الذين يسعون لتدميرنا، وبذلك فقط نضمن انتصار إسرائيل."
حدث في الأمس إطلاق نار من منطقة جنين في اتجاه كيبوتس ميراف الواقع في جلبواع، وهو ما أدى إلى إصابة أحد منازل الكيبوتس. وذكر الناطق بلسان الجيش أن إطلاق النار لم ينجم عنه إصابات بين المواطنين أو وسط الجنود، وأن قوات الجيش تقوم بتمشيط المنطقة.
ويأتي إطلاق النار هذا بعد أسبوعين من إطلاق النار على كيبوتس معاليه جلبواع القريب. يومها فتح مسلحون النار في القرب من جدار الفصل، وأصابوا منازل تقع جنوب الكيبوتس، ومن بعدها لاذوا بالفرار. وأعلنت مجموعتان تنتميان إلى "فتح" والجهاد الإسلامي – كتائب القدس وشهداء الأقصى مسؤوليتهما المشتركة عن الهجوم، ونشرتا فيديو يصور إطلاق النار على المنازل.
وفي الأمس أُصيب رجل يبلغ من العمر 36 عاماً بجروح بسيطة جرّاء تعرضه لهجوم طعن حدث على تقاطع غوش عتسيون. وأطلق الجنود، الذين يقومون بحماية المكان، النار على المنفِذة التي تبين أنها تُدعى فاطمة شاهين (33 عاماً) من مخيم الدهيشة للاجئين، وجرى نقلها إلى المستشفى بعد إصابتها بجروح متوسطة.
وعند الساعة السابعة والنصف من صباح اليوم، أطلقت النار على سيارة كانت تمر في حي الشيخ جراح وفيها طالبان من المدرسة الحسيدية بريسلوف [للمتدينين المتشددين]، وهو ما أدى إلى إصابة أحدهما إصابة متوسطة، والآخر بجروح بسيطة. وفي شريط صور الهجوم شوهد "مخرب" يقترب من السيارة ويطلق النار عليها من مسافة قريبة، ثم لاذ بالفرار في اتجاه حي الشيخ جراح، وبدأت أعمال البحث عنه جواً وبراً.
اعترف مسؤول إسرائيلي بمشاركة إسرائيل في المساعي الدولية من أجل التوصل إلى التهدئة في السودان. وكان مندوبون من وزارة الخارجية الإسرائيلية على اتصال مع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع التي هي في أساس المواجهات التي اندلعت في السودان. وعلى خلفية اتفاق السلام الآخذ في التبلور مع السودان، فإن إسرائيل على صلة بزعيمَي الفصائل المتنازعة؛ رئيس المجلس العسكري عبد الفتاح البرهان من جهة، ومحمد دقلو (حميدتي) زعيم قوات الدعم السريع من جهة أُخرى.
وقال المسؤول الكبير إن إسرائيل تحاول التوصل إلى خفض التوترات والمضي قدماً نحو حكومة مدنية في السودان، ودعوة الطرفين إلى ترك السلاح جانباً وتهدئة النفوس.
الوضع في السودان معقد للغاية، إذ يوجد قرابة 130 حزباً. وفي الأشهر الأخيرة، برزت مؤشرات تدل على التوصل إلى اتفاق لتشكيل حكومة مدنية، على الرغم من اقتناع جميع الأطراف بأنه حتى بعد تشكيل حكومة مدنية، سيبقى الجيش هو المسيطر كما هو الحال في مصر وباكستان.
وكانت إسرائيل شبه متأكدة من توقيع الاتفاقات لتشكيل حكومة قبل عيد الفطر في 20 نيسان/أبريل، وتشكيل الحكومة المدنية في نهاية أيار/ مايو، لكنها فوجئت بالمواجهات العنيفة في نهاية الأسبوع. وكان الأميركيون قد اشترطوا للتطبيع بين السودان وإسرائيل قيام حكومة مدنية، لكن أطرافاً إسرائيلية نقلت رسالة إلى الأميركيين تقول إن المطالبة بحكومة مدنية أمر محق، لكن من المهم العمل على الدفع قدماً باتفاق التطبيع مع إسرائيل بمعزل عن التطورات السياسية في السودان.
رأت إسرائيل أن اتفاق التطبيع بين إسرائيل والسودان يمكنه أن يدفع بالسودان في اتجاه الغرب، وحذرت من نشوء فراغ في السودان ومن دخول لاعبين كإيران والصين وروسيا، وهي تعتقد أنه حتى من دون حكومة مدنية، يمكن الدفع قدماً باتفاق التطبيع مع السودان.
هناك طرفان إسرائيليان على صلة بالاتصالات مع السودان، هما وزارة الخارجية من خلال المدير العام للوزارة رونين ليفي، والموساد. وتجري زيارات متبادلة بين وفود البلدين، وإسرائيل نشيطة جداً هناك، وقد وعدت السودان بمساعدة اقتصادية وبتشجيع الاستثمار في السودان.
وكان وفد رفيع المستوى قد وصل في مطلع شباط/فبراير إلى إسرائيل بعد مرور أسبوع على زيارة وزير الخارجية إيلي كوهين للخرطوم ولقائه الجنرال عبد الفتاح البرهان ووزير الخارجية السوداني ومسؤولين آخرين، وبحث الوفد السوداني تفصيلات اتفاق السلام وكيفية الدفع قدماً بالعلاقات بين الدولتين.
يصل اليوم إلى إسرائيل رضا علي بهلوي، الابن البكر لشاه إيران محمد رضا بهلوي، في زيارة تاريخية يشارك خلالها في مراسم إحياء ذكرى المحرقة النازية إلى جانب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والرئيس يتسحاق هرتسوغ. ويقيم ابن الشاه حالياً بالولايات المتحدة، وجاء تلبية لدعوة تلقاها من وزيرة الاستخبارات غاليا غملئيل التي أبدت سرورها بالزيارة، وقالت: "نحن اليوم نقوم بالخطوة الأولى لإعادة بناء العلاقات بين الشعوب"، واعتبرت القرار الجريء الذي اتخذه بهلوي من خلال زيارته إسرائيل دليلاً "على زعامة مختلفة عن نظام الملالي، وهو يحمل قيم السلام والتسامح على عكس المتطرفين الذين يحكمون اليوم إيران."
اتفق وزير الخارجية الإسرائيلي مع نظيره الصيني خلال محادثة هاتفية جرت في الأمس على استئناف العلاقات بين الدولتين، وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل جائحة كورونا. وكانت الصين قد فتحت أبوابها أمام العالم، لكن علاقاتها السياحية والاقتصادية مع إسرائيل لم تعد إلى المستوى الذي كانت عليه قبل الجائحة.
وعلمت الصحيفة أن قسماً كبيراً من المحادثة الهاتفية خُصِّص للموضوعات السياسية، وأن الجانب الصيني هو الذي بادر إلى إجراء المحادثة التي جرى خلالها استعراض القضية الفلسطينية بسرعة. وفيما يتعلق بالخطر الذي يشكّله البرنامج النووي الإيراني، فإن الموقف الصيني هو العودة إلى الاتفاق بين الدول الكبرى وإيران. وفي رأي إسرائيل، ليس من مصلحة الصين حصول إيران على قدرة نووية عسكرية.
وتبحث إسرائيل في كيفية صوغ سياستها إزاء الصين في ضوء صعود تدخّلها العالمي، وخصوصاً نشاطها في الشرق الأوسط. وفي اعتقاد القدس، إن الصينين يلاحظون الفراغ الذي تركته الولايات المتحدة التي تركز الآن على الحرب في أوكرانيا وفي الدفاع عن تايوان، وقاموا بملء هذا الفراغ.
- إن السبب الذي أدى إلى التصعيد في الساحة الفلسطينية خلال عيد الفصح وشهر رمضان 2023 كان الاشتباكات العنيفة التي حدثت في 5 نيسان/ أبريل بين الشرطة الإسرائيلية وشبان فلسطينيين في المسجد الأقصى، والصور القاسية التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي لإخلاء الشبان بالقوة (وأغلبيتهم من الحركة الطلابية في "حماس"، وقد نجحوا في التسلل إلى داخل الحرم من دون تصاريح من أجل ممارسة فريضة "الاعتكاف"، وهو عادة رمضانية في شهر الصوم تقضي بالبقاء في المسجد طوال الليل من أجل الصلاة). ردت المقاومة الفلسطينية بإطلاق 34 صاروخاً في اليوم التالي من جنوب لبنان على إسرائيل في أعنف قصف منذ حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006]. في المقابل، جرى إطلاق صواريخ من قطاع غزة، ونُفِّذت هجمات "إرهابية" على محاور الطرق في الضفة الغربية. ولقد أثنت "حماس" على إطلاق الصواريخ من مناطق سيطرة حزب الله في جنوب لبنان، بينما قال حزب الله إن إطلاق الصواريخ جرى من دون علمه، لكنه أعرب عن تأييده له.
- حذّر نائب رئيس المكتب السياسي في "حماس" المسؤول عن الضفة الغربية صلاح العاروري في منتصف آذار/مارس الماضي إسرائيل من وقوع حوادث في رمضان، ولمّح إلى أن تصعيداً سيحدث وسيشمل لبنان. وقد جرى إعداد منظومة "حماس" لإطلاق الصواريخ من جنوب لبنان مسبقاً في انتظار الساعة المناسبة. إن صعود اليهود إلى حرم المسجد الأقصى، والحوادث بين الشرطة الإسرائيلية والمصلين في المسجد الأقصى، كانا دائماً سبباً للتحرك ولرص صفوف المسلمين كافة ضد سياسة إسرائيل في هذا المكان الشديد الحساسية دينياً وقومياً.
- وعلى عكس الحجة القائلة إن حزب الله لم يكن شريكاً في قرار "حماس" إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان، تبرز بعض الوقائع وهي: لا يمكن للحزب ألاّ يكون على علم بوضع منصات إطلاق صواريخ في جنوب لبنان وإخفائهم، وفي هذا السياق، من الصعب افتراض أن "حماس" تحركت بصورة مستقلة في المنطقة من دون موافقة حزب الله ومعرفة إيران. أيضاً، كانت وكالات الأنباء المختصة بإيران قد نشرت أن إيران وحزب الله كانا على علم مسبق بإمكان إطلاق الصواريخ إذا "انتهكت" إسرائيل المسجد الأقصى. بالإضافة إلى ذلك، كشفت إحدى قنوات الأخبار اللبنانية أن قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قآاني التقى رئيس المكتب السياسي في "حماس" إسماعيل هنية، ونائبه صلاح العاروري، ومسؤولين كباراً في الجهاد الإسلامي، وأطرافاً لبنانية قريبة من حزب الله في السفارة الإيرانية في بيروت في 6 نيسان/أبريل، عشية إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان. كما ذكر أن المجتمعين تناولوا الإفطار معاً، وأن "هذا الإفطار تحول إلى غرفة عمليات مشتركة لتنسيق عمليات أخرى." بعد يومين، التقى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وفداً من قيادة "حماس" برئاسة إسماعيل هنية، وذكر موقع الحزب الرسمي أن الطرفين بحثا التطورات الأخيرة المتعلقة بالساحة الفلسطينية وأحداث المسجد الأقصى. ومن الصعب التقدير أن هذا الاجتماع كان سيُعقد لو أن "حماس" خرقت قواعد اللعبة التي جرى تنسيقها بينها وبين حزب الله.
- إن المنطق وراء تطورات الحدث المتعدد الساحات الذي شمل "إرهاباً" وعنفاً في القدس، و"إرهاباً" ضد إسرائيليين ومستوطنين على الطرقات في الضفة الغربية، وإطلاق صواريخ كتف مضادة للطائرات من قطاع غزة، وصواريخ من جنوب لبنان ومن هضبة الجولان، هو توحيد المحورين؛ محور المقاومة الفلسطينية الذي تقوده "حماس" والجهاد الإسلامي من جهة، ومحور إيران- حزب الله من جهة أُخرى. ويرتكز هذا التوحيد إلى عدة أمور:
- تقدير حزب الله أن في إمكانه توسيع معادلة القوة في مواجهة إسرائيل بواسطة وضع قواعد لعبة جديدة على الحدود الشمالية من دون الوصول إلى تصعيد يؤدي إلى حرب ما دام يشغل وكلاء عنه من الفلسطينيين.
- تقدير حزب الله وإيران أنه من الممكن التحرك في هذا الاتجاه انطلاقاً من فكرة أن إسرائيل غير مؤهلة لخوض حرب على كل الساحات في آن معاً بسبب سوء تقدير قوة إسرائيل، وخصوصاً في ضوء ما يحدث في الساحة الداخلية؛ انقسام الشعب، وظاهرة رفض الخدمة (عدم التطوع)، وتآكل صورة رئيس الحكومة كزعيم قوي وثابت وتحوله إلى زعيم ضعيف غير قادر على السيطرة على حكومته.
- الرغبة في أن تدفع إسرائيل ثمن استمرار هجماتها ضمن إطار المعركة بين الحروب التي تخوضها ضد أهداف محور إيران - حزب الله في سورية (وخصوصاً بعد مقتل ضابطين في الحرس الثوري الإيراني وعنصرين من حزب الله واغتيال مسؤول كبير في الجهاد الإسلامي الفلسطيني في سورية).
- وقف مسار التطبيع بين إسرائيل والعالم العربي، وفي المقابل، تقدم التطبيع بين إيران وسورية وبين العالم العربي.
- حذر الإدارة الأميركية من نشوب مواجهة في الشرق الأوسط، وخصوصاً مع استمرار الحرب في أوكرانيا، وتزايد التوترات بينها وبين حكومة اليمين في إسرائيل.
- إن إنجازات "حماس" من جولة التصعيد حتى الآن لا بأس بها، فالحركة تستغل الأحداث في الحرم لزيادة حجم الهجمات، وللسيطرة على جدول الأعمال الفلسطيني والإقليمي سيطرة مطلقة، وفي الوقت عينه، لتؤكد أن السلطة الفلسطينية لم تعُد ذات صلة. وذلك على الرغم من الاجتماعات التي جرت مؤخراً في قمة العقبة في الأردن وشرم الشيخ في مصر بهدف تنسيق الخطوات لمنع التصعيد. إن نجاح "حماس" في إطلاق صواريخ من لبنان على إسرائيل يزيد في تأييد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان لها بالمقارنة مع التآكل المستمر في مكانة التيار المركزي في حركة "فتح" الذي لا يزال وفياً لرئيس السلطة محمود عباس. وبهذه الطريقة، تقوم "حماس"، برعاية حزب الله، بالتمركز في ساحة أُخرى غير قطاع غزة.
- صلاح العاروري هو المبادر والقائد لتصعيد النضال المسلح ضد إسرائيل في الأشهر الأخيرة، وهو المرتبط والمتماهي مع محور إيران - حزب الله في لبنان. وترتفع مكانة العاروري مع تعاظم قوة المعسكر في "حماس" المؤيد للتوجه الإيراني في مواجهة معسكر يحيى السنوار زعيم "حماس" في القطاع المؤيد لتوطيد العلاقات مع مصر، وفي مواجهة القيادة الخارجية للحركة ذات التوجهات القطرية. يأخذ تقارب "حماس" والجهاد الإسلامي من محور إيران - حزب الله أهمية كبيرة في ضوء التوجهات الإقليمية؛ مثل التقارب بين إيران والسعودية بوساطة صينية، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى نهاية الحرب ضد الحوثيين في اليمن، والتحسن في العلاقات بين السعودية ومصر وبين نظام الأسد الذي من المنتظر أن يؤدي إلى عودة سورية إلى مقاعد الجامعة العربية التي تعقد مؤتمرها المقبل في أيار/مايو في الرياض، بالإضافة إلى التحديات التي تواجهها إسرائيل في علاقاتها مع الأردن ومصر نتيجة سياسة الحكومة الإسرائيلية في الساحة الفلسطينية.
خلاصة وتوصيات
- إن التصعيد المتعدد الساحات يؤكد ويوحد محور المقاومة الفلسطينية الذي يعتمد على "حماس" والجهاد الإسلامي مع محور إيران - حزب الله، الذي يحاول السيطرة على الكفاح الفلسطيني ضد إسرائيل بما يتلاءم مع حاجاته، وفي الوقت عينه يزيد ردوده على الهجمات الإسرائيلية ضد أهداف في سورية تابعة لإيران وحزب الله من خلال تشجيع "الإرهاب" الفلسطيني وزيادته (توحيد الساحات وتهريب السلاح والمال) للعمل ضد إسرائيل. وبالنسبة إلى توقيت التصعيد، فإن له علاقة وثيقة بالأزمة الداخلية في إسرائيل، ويكشف جرأة أكبر من جانب أعدائنا لاختبار ضعف حصانتها، وهل الفرصة ملائمة لتغيير قواعد اللعبة في مواجهتها.
- إن لِتوحيد الساحات عدة أهداف مشتركة:
- الضغط على إسرائيل داخل حدودها من خلال زيادة عدم الاستقرار الأمني و"الإرهاب" في أراضيها، والسماح لمحور إيران - حزب الله بمواصلة تمركزه في الساحة الشمالية، وإزالة العقبات من طريق إيران للحصول على سلاح نووي من دون تخوف حقيقي من محاولة إسرائيل إحباطها.
- تعزيز الذراع المتشدد في "حماس" الموجود في لبنان والذي يقيم بنية تحتية "إرهابية" تحت مظلة الردع لحزب الله، والتشجيع على "الإرهاب" في القدس وإسرائيل والضفة الغربية وأيضاً في جنوب لبنان، والتغلب على زعامة "حماس" في الضفة الغربية برئاسة يحيى السنوار التي تركز عملها على إعادة إعمار غزة والخاضعة للتأثير المصري.
- تسريع نهاية عهد السلطة الفلسطينية في صيغتها الحالية.
- تحريض العرب من سكان إسرائيل بشأن سلوك الحكومة الإسرائيلية في المسجد الأقصى بهدف تأجيج الشارع العربي في إسرائيل.
- إلحاق الضرر بمسارات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية وتصديع اتفاقات السلام مع الأردن ومصر.
- بناء على ذلك، يتعين على حكومة إسرائيل تخفيف الاستقطاب والتوترات في المجتمع الإسرائيلي والتي يرى فيها أعداء إسرائيل زعزعة لقدرتها على مواجهتهم في كل الساحات. وفي الوقت عينه، يجب على إسرائيل تخفيف التوترات في الساحة الفلسطينية والتمسك بالوضع القائم في حرم المسجد الأقصى، كالقرار الذي اتخذ في الأيام العشرة الأخيرة من رمضان [منع اليهود من دخول الحرم] والاستمرار في تعزيز السلطة الفلسطينية والتنسيق الأمني معها.
- بهذه الطريقة تستطيع إسرائيل التركيز على ثلاثة مجالات؛ ترميم قواعد اللعبة في مواجهة حزب الله في لبنان، وإعادة فحص معادلة الردع المتبادل التي تمنع إسرائيل من العمل ضد البنية التحتية لـ"حماس" في لبنان، بالإضافة إلى وقف تقدم إيران في طريقها إلى النووي، والتمركز في الساحة الشمالية وكبح مساعيها للسيطرة على الساحة الفلسطينية، كما يجب العمل على تقويض مكانة "حماس" الآخذة في الازدياد في الساحة الفلسطينية.
- القذائف الصاروخية التي أُطلقت على إسرائيل من لبنان في الفصح هي من عمل المحور الإيراني، على الرغم من أن حزب الله لم يتحمل المسؤولية عن الحادث. لا شك في أن حزب الله يريد تعويد إسرائيل على "سقوط صواريخ" من جانب التنظيمات الفلسطينية في جنوب لبنان، مما يسمح له بهامش من الإنكار ويمنع تصعيداً لا ترغب إيران فيه في هذا الوقت - في الوقت الذي تتقدم فيه بسرعة نحو القنبلة النووية.
- إطلاق الصواريخ يدخل في إطار الاستراتيجيا الإيرانية التي تهدف إلى إحاطة إسرائيل بـ"حلقة من نيران الصواريخ" من أجل تنغيص حياة مواطنيها. وفي طهران يعتقدون أن نقطة الضعف الإسرائيلية هي الجبهة المدنية والضغط الدائم عليها سيؤدي إلى انهيار الدولة الصهيونية. والهدف من تهديد الصواريخ أيضاَ ردع إسرائيل عن التحرك ضد البرنامج النووي الإيراني. ومن المحتمل أن الخلاف في إسرائيل بشأن الإصلاحات القضائية أدى إلى تآكل الردع الإسرائيلي وأثر في التقدير الاستراتيجي لأعدائنا المتعلق بتصميم إسرائيل، وفي التوقيت الأخير لإطلاق الصواريخ من لبنان ومن غزة.
- زوّدت إيران حزب الله بأكثر من 100 ألف صاروخ يغطي كل الأراضي الإسرائيلية. ومن الواضح للجميع أن هذه "الصواريخ لن تصدأ"، ومن المعقول الافتراض بأن مساعي إيران لتحسين هذا المخزون من الصواريخ حقق نجاحاً جزئياً (أيضاً مخزون الصواريخ في غزة كبر وتطور مع مرور الوقت).
- إحدى العقبات التي يجب إزالتها قبل معالجة الموضوع النووي الإيراني هو تهديد الصواريخ التي يملكها حزب الله والقادرة على إلحاق ضرر هائل بإسرائيل. وبعكس الوضع في غزة، الرد على ضخامة التهديد الذي يشكله حزب الله ليس من خلال المبارزة بين هذه الصواريخ وبين منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية. ومن الواضح للجميع أن معالجة مخزون الصواريخ في لبنان يتطلب أيضاً عملية برية واسعة النطاق.
- ومن أجل هذا الغرض يتعين على الجيش الإسرائيلي الإعداد لحرب وقائية في الشمال للقضاء على التهديد الذي تشكله هذه الصواريخ على المنشآت الاستراتيجية في الدولة قبل معالجة النووي الإيراني. ويجب أن يتوجه النشاط العسكري والدبلوماسي الإسرائيلي اليوم نحو القضاء على تهديد الصواريخ في الشمال. وهذا هو الهدف الموقت على طريق القضاء على البرنامج النووي الإيراني.
- غزو لبنان من أجل تنظيف جارتنا في الشمال من الصواريخ يتطلب إعداداً دقيقاً. تدريبات الجيش في الشمال وكذلك التدريبات التي قام بها الجيش الإسرائيلي في جبال قبرص تدل على وجود تحضير لسيناريو لبناني. ولقد أشار وزير الدفاع السابق بني غانتس إلى ذلك في الأيام الأخيرة. ويجب على الجيش التركيز على هذه المهمة.
- إسرائيل التي خاضت حروباً في الماضي (في 1956، و1967، و1982، و2006) ونفذت عمليات واسعة النطاق تعرف أن كل حرب تتطلب مصادر للشرعية من الداخل ومن المجتمع الدولي (بالأساس من الولايات المتحدة). يجب أن نبني أجواء مريحة لعملية إسرائيلية في لبنان في أقرب وقت. انزلاق لبنان إلى الفوضى والهجمات الصاروخية من جنوبه فرصة لخلق فهم لحاجة إسرائيل للقيام بعمل ما. يجب أن نربط بصورة وثيقة لبنان وحزب الله في الوعي الدولي والإسرائيلي بالعدائية الإيرانية.
- إن تقدم إيران السريع نحو القنبلة وصورتها كحليفة لروسيا التي تحارب في أوكرانيا يمكن أن يسمحا لها بحرية عمل أكبر إزاء إسرائيل.
- وإذا بالفعل حدث تآكل في الردع الإسرائيلي (من الصعب قياس الردع) فإن السبيل المضمون لتعزيزه هو من خلال استخدام القوة بصورة فعالة. والذي يبني الردع هو إظهار الاستعداد لاستخدام قوة الجيش الإسرائيلي والاستعداد لتحمل الخسائر.
- المحافظة على مكانة إسرائيل الإقليمية تفرض استخدام القوة العسكرية ضد ذراع إيران. إن الدول العربية "المعتدلة" خصوصاً تلك التي وقعت اتفاقات أبراهام تتابع باهتمام السلوك الإسرائيلي. وفي غياب تحرك إسرائيلي حازم وناجع فإن حلفاء إسرائيل في المنطقة الذين يتخوفون من انسحاب أميركي من المنطقة ويخافون من العدائية الإيرانية سيعتقدون أن إسرائيل هي دعامة من قصب لا يمكن الاعتماد عليها، وحينها سيتقربون من إيران. ولقد ألمحت السعودية إلى هذا التوجه عندما استأنفت علاقاتها الدبلوماسية مع إيران.
- الوقت الذي ستقرر فيه إسرائيل العمل لوحدها دفاعاً عن أمنها بقواها الذاتية يقترب. ويبدو أن الطريق لمنع إيران نووية ومنع الانتشار النووي الخطير في المنطقة يمر على ما يبدو عبر القضاء على تهديد الصواريخ من لبنان.