مختارات من الصحف العبرية

مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
إسرائيل تتخوف من تنازلات أميركية في اللحظة الأخيرة وتوضح عدم التزامها بأي اتفاق نووي جديد مع إيران
الأولاد الفلسطينيون الخمسة الذين قتلوا في اليوم الأخير من العملية العسكرية في غزة أصيبوا بنيران الجيش الإسرائيلي
الجيش الإسرائيلي يعلن إغلاق نفق هجومي تابع لـ"حماس" شمال القطاع
مقتل جندي إسرائيلي بنيران رفيقه بالقرب من طولكرم
أخبار انتخابية: بن غفير يعلن خوضه الانتخابات منفرداً، وأيزنكوت يعلن انضمامه إلى المعسكر الرسمي المناوىء لنتنياهو
مقالات وتحليلات
عملية "مطلع الفجر" – معركة للمحافظة على حرية تحرك الجيش الإسرائيلي
السعودية وإسرائيل: تطبيع بوتيرة بطيئة جداً
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"يديعوت أحرونوت"، 16/8/2022
إسرائيل تتخوف من تنازلات أميركية في اللحظة الأخيرة وتوضح عدم التزامها بأي اتفاق نووي جديد مع إيران

بعد مرور أسبوع على "الاقتراح النهائي" الذي قدمه الاتحاد الأوروبي إلى الإيرانيين بشأن العودة إلى الاتفاق النووي الأصلي، جاء الرد الإيراني كالعادة إذ لم يكن إيجاباً ولا سلباً. وكان الاتحاد الأوروبي قد قدم في الجولة الأخيرة للمفاوضات في فيينا إلى الإيرانيين اقتراحاً اعتبره "نهائياً" وغير قابل للتفاوض. وفي الأمس رد الإيرانيون على المقترح بـ"نعم ولكن"، مع التركيز على الضمانات التي ستحصل عليها الشركات الغربية التي ستعمل في إيران في حال عودة العقوبات.

في هذه الأثناء تتابع إسرائيل عن كثب وبقلق الاتصالات التي تدور بين إيران والدول الكبرى قبيل التوصل إلى اتفاق محتمل بالعودة إلى الاتفاق النووي. ويتخوفون في إسرائيل من أن يقدم الأميركيون في اللحظة الأخيرة تنازلات تتيح عودة إيران إلى الاتفاق. وفي الأيام الأخيرة جرت محادثات بين الدولتين حاولت فيها إسرائيل منع تقديم تنازلات وأصرت على عدم تراجع الولايات المتحدة عن تعهداتها لها بعدم تقديم تنازلات إلى الإيرانيين.

وكان رئيس مجلس الأمن القومي إيل حولتا قد أجرى مع نظيره الأميركي جايك سولفيان حديثاً عن الموضوع، والتخوف الأساسي في إسرائيل يتعلق بـ"الملفات المفتوحة" التي تحقق فيها الوكالة الدولية للطاقة الذرية والتي تريد إيران إغلاقها.

وقال مسؤولون إسرائيليون إنه إذا عادت إيران إلى الاتفاق فإن إسرائيل لن تلتزم به وستفعل كل ما في وسعها لإحباط المشروع النووي الإيراني. ومن وراء الكواليس برز استياء إسرائيلي من السلوك الأميركي، وهناك شعور في القدس بأن الأميركيين خدعوا إسرائيل وجعلوها تعتقد بأنه لن تكون هناك عودة إلى الاتفاق.

وتستعد إسرائيل لثلاثة سيناريوهات: مماطلة في الاتصالات مع إيران؛ التوصل إلى اتفاق؛ أزمة وتداعياتها العملانية. إذا وافق الإيرانيون على الاتفاق فإن الأميركيين سيوقعونه فوراً. لكن التقدير أنه ستحدث مماطلة في المحادثات. وعموماً يمتاز الأسلوب الإيراني في المفاوضات بعدم الرد بسلبية كاملة، بل القول إنهم يرغبون في استمرار الاتصالات انطلاقاً من رغبتهم في تحسين الشروط.

"هآرتس"، 16/8/2022
الأولاد الفلسطينيون الخمسة الذين قتلوا في اليوم الأخير من العملية العسكرية في غزة أصيبوا بنيران الجيش الإسرائيلي

ذكرت مصادر في المؤسسة الأمنية أن الأولاد الفلسطينيين الخمسة الذين قتلوا في منطقة جباليا في اليوم الأخير من عملية "مطلع الفجر" أصيبوا بهجوم شنّه سلاح الجو الإسرائيلي وليس بسبب صاروخ أطلقه الجهاد الإسلامي وأصابهم عن طريق الخطـأ كما ادعى الجيش الإسرائيلي سابقاً.

والأطفال الفلسطينيون هم: جميل نجم الدين نجم (3 أعوام) وجميل إيهاب نجم (13 عاماً) ومحمد صلاح نجم (16 عاماً) وحامد حيدر نجم (16 عاماً)، ونظمي أبو كرش (15 عاماً). وقد قتلوا في 7 آب/أغسطس بالقرب من المقبرة في جباليا. وبحسب التحقيق العسكري لم يُعثر على دليل على إطلاق الجهاد صاروخاً في المكان في ذلك الوقت، بينما تشير معطيات سلاح الجو إلى هجمات شنّها ضد أهداف في المكان في ذلك الوقت.

وكان الجيش الإسرائيلي قرر عدم التطرق علناً أو نشر أدلة عن الحادثة. ومع ذلك ففي أحاديث مغلقة جرت بمشاركة مسؤولين رفيعي المستوى من المؤسسة الأمنية جرت في الأيام الأخيرة ظهر التقدير أن الأولاد الخمسة قتلوا بإطلاق فاشل لصاروخ من الجهاد. وأن ما جرى يشبه ما حدث في 6 آب/أغسطس في مخيم اللاجئين في جباليا عندما قُتل 8 مدنيين فلسطينيين بينهم أطفال، يومها اتهم الفلسطينيون الجيش الإسرائيلي لكن هذا الأخير رد على الاتهام بنشر أدلة تدل على أنه ليس المسؤول عن الحادثة بل المسؤول عنها إطلاق صاروخ فاشل للجهاد الإسلامي.

وذكر الجيش الإسرائيلي أنه خلال عملياته ضد أهداف عسكرية تابعة للجهاد الإسلامي بذل كل جهد من أجل تقليل الضرر الذي يمكن أن يلحق بالمدنيين وبالممتلكات، وأن التحقيق في حادثة المقبرة في جباليا لا يزال مستمراً.

"هآرتس"، 15/8/2022
الجيش الإسرائيلي يعلن إغلاق نفق هجومي تابع لـ"حماس" شمال القطاع

أعلن الجيش الإسرائيلي صباح الاثنين إغلاقه نفقاً هجومياً حفرته "حماس" شمال القطاع في اتجاه الأراضي الإسرائيلية. وبحسب الجيش وصل النفق إلى داخل الأراضي لكنه اصطدم بالحاجز الأمني على طول الحدود الذي استكمل بناؤه في كانون الأول/ديسمبر، وهو لا يشكل خطراً على سكان غلاف غزة. وقال قائد فرقة غزة المنتهية ولايته نمرود ألوني إن النفق هوجم خلال عملية "حارس الأسوار" في السنة الماضية، وبدأ حفره من جديد في السنة الحالية. وأضاف أن النفق يبدأ من مدينة غزة ويصل إلى كيبوتس عالوميم في غلاف غزة ويتفرع بالقرب من الحدود إلى نفق آخر. وتابع: "خلال عملية مطلع الفجر اضطررنا إلى وقف العمل ضد النفق، وفي الأمس أنجزت قواتنا إغلاقه"، وأشار ألوني إلى أن إسرائيل تعرف أنفاقاً أُخرى حفرتها "حماس" لكنها لا تتخطى الحاجز الأمني الذي يفصل إسرائيل عن غزة.

"هآرتس"، 16/8/2022
مقتل جندي إسرائيلي بنيران رفيقه بالقرب من طولكرم

قتل الجندي من كتيبة كفير نتان بيطوسي (20عاماً) بنيران رفيقه في موقع للجيش بالقرب من جدار الفصل بين طولكرم وقرية الشويخات في الضفة الغربية. وقد وقعت الحادثة في الساعة العاشرة والنصف مساء عندما غادر الجندي موقعه وذهب للصلاة بعد أن أبلغ رفيقه. عند انتهائه توجه نحو الموقع لكن رفيقه خشي أن يكون مشتبهاً فيه وبدأ بإجراءات اعتقال مشتبه. في هذه الأثناء افترض بيطوسي أن رفيقه بصدد اعتقال مشتبه به آخر ووجه سلاحه فاعتبر رفيقه هذه الحركة محاولة هجوم فأطلق عليه رصاصتين أصابتاه بجروح بليغة توفي على أثرها في المستشفى. وقد بدأت الشرطة العسكرية التحقيق في الحادثة ومن المفترض أن يصل رئيس الأركان أفيف كوخافي إلى المكان للاطلاع على الحادثة عن قرب.

في البداية أعلن الجيش في بيان أولي وقوع هجوم بإطلاق النار، لكنه تراجع عن ذلك. وذكر الناطق بلسان الجيش أنه يجري التحقيق مع الجندي مطلق النار لمعرفة ما إذا كان سلوكه صحيحاً.

وأعرب وزير الدفاع عن أسفه لمقتل الجندي وقال إن الجيش يتعهد بالتحقيق واستخلاص الدروس كي لا يتكرر مثل هذه الحوادث.

"هآرتس"، 16/8/2022
أخبار انتخابية: بن غفير يعلن خوضه الانتخابات منفرداً، وأيزنكوت يعلن انضمامه إلى المعسكر الرسمي المناوىء لنتنياهو

أعلن رئيس حزب "قوة يهودية" عضو الكنيست إيتمار بن غفير مساء أمس (الاثنين) أنه سيخوض الانتخابات منفرداً، لكنه لم يستبعد الانضمام إلى حزب آخر خلال المعركة الانتخابية. وبن غفير هو حالياً عضو في قائمة الصهيونية الدينية التي يرأسها عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش. وبرر بن غفير قراره بأنه يعود إلى الخلاف مع سموتريتش على تركيية القائمة للانتخابات، وقال إنه بذل في الشهرين الأخيرين كل ما في وسعه لخوض الانتخابات معاً، لكن سموتريتش يريد ستة مقاعد لنفسه. وأضاف بن غفير في مؤتمر صحافي عقده: "في كل استطلاعات الرأي نحن أقوى منه بأضعاف ومع ذلك يريد لنفسه ثلاثة أرباع القائمة، تركنا له المقعد الأول بحسب الأكثرية والمساواة في القائمة لكن هذا لا يكفيه."

وبحسب استطلاع نشرته القناة 12 في الأمس فإن القائمة المشتركة بين بن غفير وسموتريتش ستحصل على 10 مقاعد، أمّا إذا خاضا الانتخابات بصورة مستقلة فإن قائمة بن غفير ستحصل على 8 مقاعد وسموتريتش على خمسة. وفي سيناريو كهذا سيحصل الليكود على ثلاثة مقاعد أقل مما سيحصل عليه إذا خاضا الانتخابات في قائمة مشتركة. 

يوم الأحد أعلن رئيس الأركان السابق غادي أيزنكوت بأنه سيكون الحجر الثالث "للمعسكر الرسمي" الذي جرى الإعلان عنه والذي يجمع بين بني غانتس وجدعون ساعر. لكن أظهرت استطلاعات الرأي التي أُجريت في الأمس أن رئيس الأركان السابق يوازي مقعدين، أحدهما سيكون على حساب حزب يوجد مستقبل. وتتوقع الاستطلاعات حصول "المعسكر الرسمي" في الانتخابات المقبلة على 12-14 مقعداً. 

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"N12"، 15/8/2022
عملية "مطلع الفجر" – معركة للمحافظة على حرية تحرك الجيش الإسرائيلي
غرشون هاكوهين - لواء في الاحتياط وعضو في حركة القادة الأمنيين
  • أصاب وزير الدفاع بني غانتس في وصف عملية "مطلع الفجر" عندما ركز على هدف المحافظة على حرية عمل الجيش الإسرائيلي في كل الساحات. هذا هدف نظري من الصعب تقدير حجم تحقيقه فوراً. التهديد الذي شكله تنظيم الجهاد الإسلامي كان من خلال محاولته فرض معادلة ردع جديدة على الزعامة الإسرائيلية تحد وتكبح حرية تحرك الجيش الإسرائيلي في عملياته الهجومية في كل الجبهات، مع التشديد على العمليات في العمق الفلسطيني في الضفة الغربية.
  • معادلة الردع هذه حققها حزب الله و"حماس" في ساحتي لبنان وغزة - بواسطة إطلاق الصواريخ والقذائف في اتجاه عمق دولة إسرائيل، رداً على أي عملية إسرائيلية هجومية في أراضيهما والتهديد بالتصعيد إلى حد التدهور إلى حرب - لقد أرادت قيادة الجهاد الإسلامي الفلسطيني توسيع معادلة الردع هذه بحيث تشمل أيضاً عمليات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، ولهذا التهديد أهمية استراتيجية تتجاوز الأبعاد التكتيكية. هذا التهديد الذي سعى للربط بين عمليات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية وبين رد "إرهابي" من قطاع غزة، هو الذي سعت القيادة السياسية لإزالته وإحباطه.
  • في البعد التكتيكي - المادي، يتركز تهديد الجهاد الإسلامي ضد مستوطنات غلاف غزة من خلال إطلاق الصواريخ المضادة للدبابات على خط القطار في سديروت. من الناحية المادية العملية، فإنه على الرغم من نجاح الجيش الإسرائيلي في اغتيال قائدين في الجهاد، بالإضافة إلى سائر إنجازات الجيش في مهاجمة أهداف، والإنجازات الدفاعية للقبة الحديدية، فإنه لم يقضِ بصورة نهائية على تهديد خلايا الجهاد المسؤولة عن تشغيل الصواريخ المضادة للدبابات ضد الأراضي الإسرائيلية. ولا يزال لدى الجهاد الإسلامي في قطاع غزة صواريخ مضادة للدبابات وخلايا قادرة على العمل. ما حققه الجيش الإسرائيلي خلال القتال لا يقتصر على الإنجاز المادي المثير للإعجاب في دقته، والإنجاز على صعيد الوعي، بل في قضائه على معادلة الردع الجديدة التي حاول الجهاد الإسلامي فرضها.
  • وللمقارنة، في صباح 9 حزيران/يونيو 1967 عندما وصلت قوات الجيش الإسرائيلي إلى هضبة الجولان، كان الإنجاز المباشر لاحتلال الهضبة المشرفة هو إبعاد تهديد المدافع السورية عن سيطرتها على موقع مشرف وإبعاد نيرانها عن مستوطنات سهل الحولة، لكن عملية "مطلع الفجر" في أساسها المنطقي والتنظيمي لم تكن موجهة لتحقيق هدف من هذا النوع. وتجدر الإشارة إلى أن رئيس الأركان وقائد المنطقة الجنوبية يستحقان الثناء لأن الهدف الخاص للعملية كان واضحاً لهما منذ بداية العملية وهو الذي وجّه إطار العملية وصولاً إلى الاختيار الصحيح لنقطة الخروج من جولة القتال. المهمة الدائمة للدفاع عن المستوطنات مع التشديد على ناحل عوز وكرم سالم، كانت مطروحة بالتأكيد في أساس التخطيط للعملية، لكن الجزء الأساسي من العمليات لتحقيق هذه المهمة لم يتحقق بصورة مادية مباشرة. هذا هو التحدي الجوهري البنيوي في عمليات من هذا النوع وهو الربط بين هدف نظري وبين إنجاز تكتيكي ملموس وعملي.
  • في عالم الجريمة حيث يدور صراع يومي للسيطرة على منظمات الجريمة من السهل شرح المنطق الإسرائيلي الذي أدى إلى عملية "مطلع الفجر". الدينامية التي تحدث في لعبة الرعب المعروفة بـ"لعبة الدجاج" تشبه كثيراً طريقة اتخاذ القرارات في أوضاع صراع تواجه فيها دولة عقلانية تهديدات تنظيمات "إرهابية". في "لعبة الدجاج" هناك سائقان يقودان سيارتيهما بسرعة فائقة جنباً إلى جنب ويقتربان من نقطة في الطريق تكفي لعبور سيارة واحدة. ولمنع وقوع اصطدام، على إحدى السيارتين أن تميل جانباً، إذ لا يريد السائقان حدوث اصطدام وعلى أحدهما التنحي جانباً، لكن من يتنحى جانباً هو الخاسر في اللعبة. إن التهديد الذي فرضته قيادة الجهاد الإسلامي الفلسطيني على دولة إسرائيل ناجم على ما يبدو عن الافتراض أن القيادة الإسرائيلية في سعيها للحؤول دون حدوث تصعيد وجولة قتال ستتنحى جانباً. لكن القيادة الإسرائيلية، في الواقع، من خلال المبادرة الهجومية اختارت في اللحظة الحاسمة الصدام بدلاً من التنحي جانباً، واختارت الاصطدام معتمدة على تفوق "السيارة الإسرائيلية" في مواجهة "سيارة الجهاد الإسلامي". ويكمن الإنجاز الإسرائيلي قبل كل شيء في إظهار الاستعداد للاصطدام والمس بسائق السيارة المواجهة ومن بعدها فوراً تحقيق السيطرة وإنهاء المواجهة.
  • لو جرى الحؤول دون حدوث جولة قتال بوساطة مصرية أو قطرية، لكان في ذلك قدر من الإذلال لإسرائيل التي كانت ستبدو عالقة في سلوكها الاستعطافي من أجل تحقيق الهدوء، وعودة صورة اليهودي كإنسان بحاجة إلى حماية. إن الاستعانة بالوساطة المصرية لإنهاء هذا الفصل من الاشتباك، واستخدام القوة وإظهار التفوق العملاني والاستخباراتي هو قصة مختلفة تظهر قوة وسيادة. ومن هذه النواحي تبدو جولة القتال الأخيرة مختلفة عن الجولات السابقة، وتفتح أفقاً لنشوء معادلة استراتيجية جديدة لا تقتصر على قطاع غزة.

 

"مباط عال"، العدد 1633، 14/8/2022
السعودية وإسرائيل: تطبيع بوتيرة بطيئة جداً
يوآل غوزانسكي - باحث في معهد دراسات الأمن القومي
  • في أعقاب زيارة الرئيس بايدن إلى إسرائيل والسعودية في تموز/يوليو 2022، عاد موضوع تطبيع العلاقات بين الدولتين إلى الأضواء من جديد. فمنذ سنة 2020، كان يبدو أن الرياض تدفع باتجاه "التطبيع الزاحف"، بهدف تحضير الرأي العام للمسار، الذي سينجم عنه انفتاح من جانبها على إسرائيل. ومع مرور الوقت، تبدّلت الإدارة في الولايات المتحدة، وتم تجديد المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران بهدف العودة إلى الاتفاق النووي، وتبدّلت الحكومة الإسرائيلية وتم تعميق العلاقات بينها وبين دول مركزية في المنطقة في إطار "اتفاقيات أبراهام" - وهي تطورات كان لها تأثيرها في موقف السعودية فيما يتعلق بالعلاقات مع إسرائيل.
  • منذ تولي محمد بن سلمان منصبه كولي للعهد، لوحظ التغيير التدريجي والبطيء في المملكة فيما يتعلق بمسألة العلاقات مع إسرائيل، وهناك إشارات إلى تنازلات ممكنة في الموضوع. ومن بين عدة أمور، أشارت تقارير إلى زيادة مشاركة القطاع الخاص الإسرائيلي في صفقات بمجال التكنولوجيا والزراعة في المملكة، بالإضافة إلى تزايد اللقاءات بين شخصيات أمنية إسرائيلية وسعودية بهدف توطيد التعاون الاستخباراتي- العملياتي بين الدولتين. ومع ذلك، فإن الوصول إلى علاقات علنية وتطويرها، يحتم على العائلة المالكة في السعودية أن تتخطّى الحساسيات الداخلية والخارجية، المرتبطة جزئياً بالمكانة الخاصة للمملكة، والتأثير في مكانتها، بصفتها حامية الأماكن المقدسة للإسلام، واستقرارها أيضاً. لقد أيدت السعودية "اتفاقيات أبراهام" من الخارج، كما أن قياداتها وعلى رأسهم ولي العهد بن سلمان، باتت تصريحاتهم أكثر اعتدالاً من السابق فيما يتعلق بإسرائيل. لكن، لا يزال هناك العديد من العوائق التي تمنع حدوث تغيير جوهري في موقف الرياض من التطبيع:
  • العلاقات مع الولايات المتحدة: إن تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة مصلحة عليا سعودية، مرتبطة أيضاً بمكانة بن سلمان داخلياً. في الأعوام الأخيرة كان هناك شكوك في أوساط النخبة السعودية بشأن استعداد الولايات المتحدة للوقوف إلى جانب السعودية في حال تعرض مصالحها للخطر، وخصوصاً من إيران. ربما يحتفظ السعوديون ببعض التنازلات لإسرائيل للمساومة في مقابل تغيير سياسة واشنطن تجاه المملكة، ومن ضمنها ضمانات أمام إيران وفتح صفحة جديدة مع بن سلمان، الذي من المتوقع أن يعزز شرعية حكمه. لذلك، يجب الانتظار ومتابعة تطبيق التفاهمات التي وصلت إليها الولايات المتحدة والسعودية خلال زيارة بايدن إلى المملكة. كانت الرسالة الأساسية التي أراد الرئيس بايدن تمريرها خلال قمة مجلس التعاون الخليجي [بحضور مصر والعراق والأردن] (GCC+3) في تموز/يوليو 2022، خلال زيارته للسعودية، أن الولايات المتحدة تعود لتتولى دوراً قيادياً والقيام بوساطة إقليمية، على حساب الصين وروسيا اللتين عملتا خلال السنوات الماضية بهدف تقوية سيطرتهما على المنطقة. وقد قوبلت هذه الرسالة بشكوك من زعماء الأنظمة العربية الذين لم يقتنعوا بأن واشنطن تدرك حجم أزمتهم الاستراتيجية، حيال إيران بصورة خاصة، وأنها مستعدة للاستثمار بهدف الحفاظ على مصالحهم. من وجهة نظرهم، الرسالة التي مررها بايدن تعكس مصلحة أميركية آنية - تعديل سعر النفط. ومع ذلك، فقد سعى السعوديون لتسوية العلاقات مع الولايات المتحدة، وتعزيز التعاون الأمني، والحصول على ضمانات أميركية بشأن إيران، كشرط لتعاونهم من أجل كبح جماح الصين التي تسعى لتوسيع سيطرتها في المنطقة. ولإسرائيل، مصلحة في تطور العلاقات العربية الداعمة لأميركا، إذ إن العلاقات بين الدول العربية وواشنطن تنعكس مباشرة على قدرتهم/جاهزيتهم للمضي قدماً في عملية التطبيع مع إسرائيل.
  • القضية الفلسطينية: في آذار/مارس قال بن سلمان إن "إسرائيل لا تعتبر عدواً، بل حليفاً محتملاً... وعليها أولاً حل المشاكل مع الفلسطينيين". وعلى عكسه، يتمسّك والده، الملك سلمان، بمواقف أكثر تقليدية بالنسبة إلى إسرائيل والصراع، ويربط التطبيع مع إسرائيل بالتزام الأخيرة بشروط مبادرة السلام العربية. وعشية زيارة بايدن للمملكة، شدّد وزير الخارجية، عادل الجبير، على التزام القيادة السعودية بمبادرة السلام العربية وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية: "أوضحنا أن السلام يأتي في نهاية المسار، وليس بدايته". ومن المهم الإشارة إلى أن هذا الموقف يترك للسعودية هامش مناورة في الخطوات التطبيعية البطيئة وحجمها، قبل الحل مع الفلسطينيين. ربما تريد السعودية أن ترى، كشرط للعلاقات الرسمية مع إسرائيل، حواراً إسرائيلياً - فلسطينياً على الأقل - كمبرّر للتقرّب الحذر من إسرائيل. وقد تكون هذه الاختلافات في التصريحات تعبيراً عن رغبة بحفظ هامش مناورة، حيث تكون أقوال بن سلمان موجّهة أكثر للرأي العام الأميركي. وفي جميع الأحوال، سترتفع احتمالات السلام مع إسرائيل بعد موت سلمان، وفي الوقت ذاته سيتأثر موقف بن سلمان بفهمه لتداعيات التقارب مع إسرائيل على شرعيته الداخلية.
  • تغيير داخلي مطلوب: بصرف النظر عن السياسة الداخلية السعودية، يُطرح سؤال بشأن مدى انفتاح المجتمع السعودي، المحافظ بأغلبيته، على التطبيع مع إسرائيل. في الأعوام الأخيرة، باستثناء بعض الانتقادات، استطاع المجتمع السعودي احتواء تغييرات اجتماعية واقتصادية كبيرة. لكن هذا لا يعني أن العلاقات العلنية مع إسرائيل، وخصوصاً توقيع اتفاقية تطبيع معها، ستلاقي هذا الدعم، ولا سيما في أوساط التيارات السلفية، التي تتمتع بمكانة كبيرة. صحيح أنه لوحظ بروز خطاب أكثر تسامحاً تجاه اليهودية، الهدف منه جس نبض الشارع وبث رسائل التعايش في المجتمع، لكن هذه الجهود واجهت انتقادات صدرت في معظمها عن سعوديين في المنفى، معظمهم معارض للنظام، ولم تكن من المواطنين الذين يخشون التعبير عن مواقف متعارضة مع مواقف العائلة المالكة. الرأي العام في أغلبيته لا يزال يعارض التطبيع مع إسرائيل: بحسب استطلاعات الرأي التي تم نشرها مؤخراً، فإن نحو 80% من المواطنين في المملكة يعارضون "اتفاقيات أبراهام"، على الرغم من بعض الانفتاح على العلاقات التجارية مع إسرائيل. وفي جميع الأحوال، ربما كلما شعر بن سلمان بقدرته على الحكم والسيطرة على الرأي العام، سيكون أكثر ثقة لاتخاذ خطوات تقارب مع إسرائيل.
  • المكانة في العالم الإسلامي: هذا الموضوع هو مصلحة عليا سعودية، إذ يمكن أن يلحق الضرر بها بسبب الانتقادات التي ستوجه إليها من عدة جهات، كإيران، التي تحاول احتواء القضية الفلسطينية واستغلالها لمناكفة السعودية. وقد يؤدي تحسين العلاقات مع قطر وتركيا إلى تخفيف هذه الانتقادات الخارجية ويحسّن العلاقات مع إسرائيل؛ وبسبب مكانة السعودية في العالم الإسلامي، فإن الاتفاق معها سيمنح "شرعية دينية" للعلاقات مع إسرائيل، ومن الممكن أن يسمح بتطوير العلاقات مع العالم الإسلامي برمّته.
  • إيران: شكّل التهديد الإيراني لدول المنطقة طوال سنوات أساساً للتقارب الصامت بين إسرائيل والسعودية، على الرغم من أن إسرائيل تشدّد على التهديد النووي الإيراني، بينما تعتبر السعودية أن إيران قوة تحاول فرض سيطرتها الإقليمية، وأن الصواريخ والمسيّرات الإيرانية وأذرعها تشكّل التهديد الأكبر في المرحلة الحالية. العلاقة مع إسرائيل تحمل الكثير من الإيجابية للمملكة: التنسيق على المستوى السياسي - الاستراتيجي أمام التهديدات المشتركة؛ إحباط تهديدات على المستوى الاستخباراتي- العملياتي وضمنها الوصول إلى التكنولوجيا الإسرائيلية، المهمة في مجال مواجهة الصواريخ. وعلى الرغم من أن العلاقة مع إسرائيل من شأنها أن تقوي صورة الردع السعودي أمام إيران، فإن هناك تخوّفاً لدى الدول العربية "البراغماتية" من أن يتم التعامل معها على أنها "قاعدة متقدمة" إسرائيلية. والسعودية، التي تدير حواراً مستمراً مع إيران، ليست استثناءً في هذا السياق.
  • يبدو أن السعودية ستستمر بعملية التحضير البطيء للأرضية بهدف الانفتاح أكثر في العلاقات مع إسرائيل، حتّى لو كان هذا النموذج مختلفاً عن "اتفاقيات أبراهام"، بالعمق والوتيرة. وفي إطار السياسة السعودية، وخلال زيارة بايدن للشرق الأوسط أعلنت هيئة الطيران السعودية، استناداً إلى اتفاقية شيكاغو لسنة 1944، أنها ستسمح للطائرات الإسرائيلية بالمرور عبر مجالها الجوي. تمت صياغة البيان بصورة عامة، وطرح الموضوع كأنه حاجة قومية - اقتصادية لتحسين عملية الربط الجوي للمملكة. فعلياً، لقد سمح التصريح بتوسيع المدى الممنوح للطائرات الإسرائيلية للطيران فوق الأجواء السعودية والإماراتية والبحرينية. ومع ذلك، شدّد نائب السفير السعودي في الأمم المتحدة، محمد العتيق، خلال نقاش في الأمم المتحدة بشأن الموضوع الفلسطيني، على أن السماح للطائرات الإسرائيلية بالتحليق فوق الأجواء السعودية ليس خطوة في اتجاه التطبيع. خطوة أُخرى يتم التعامل معها في إطار التطبيع هي الاتفاق السعودي - الأميركي بشأن انسحاب القوة المراقبة الدولية في سيناء (MFO) من جزيرتي تيران وصنافير (اللتين أعادتهما مصر إلى السيادة السعودية في سنة 2017)، ووضع أنظمة مراقبة تقوم بعمل القوة وتضمن استمرار حرية الملاحة في مضيق تيران.
  • الاستنتاج من "اتفاقيات أبراهام" هو أنه في حال توفرت الحوافز والضغط الملائمين، فمن الممكن أن تتخذ دول الخليج خطوات استثنائية خارجة عن الإجماع العربي وعن مواقفها من الموضوع الفلسطيني. لذلك، من الممكن أن تدفع الرياض قدماً بعلاقاتها مع إسرائيل بغض النظر عما يدور في السياق الإسرائيلي - الفلسطيني، لكن هذا سيتعلّق في المقابل بما ستحصل عليه من الولايات المتحدة. وفعلاً، فإن العلاقات بين واشنطن والرياض، وأكثر من ذلك - الاهتمام الأميركي والقيادة الأميركية بعملية التطبيع في الشرق الأوسط، لها أهمية حاسمة. إنْ رأت القيادة السعودية أن التقارب مع إسرائيل سيساعدها على توطيد علاقاتها بالولايات المتحدة، وتحسين الصورة المتطرّفة التي التصقت بها، وتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية، فقد تتخذ خطوة إضافية تجاه إسرائيل.
  • استمرار اتفاقيات التطبيع القائمة اليوم وتوسيعها مهم للعلاقة بين القدس والسعودية، وذلك لأن هذه الاتفاقيات معنية بضمان الشرعية في توسعها اللاحق. لكن، البقاء وراء الكواليس والمساعدة في تحصين العلاقات بين دول عربية وإسلامية بإسرائيل، هو ما تفضله الرياض في هذه المرحلة. إن التعامل مع الموضوع من باب العلاقات العامة، وتحويله إلى قضية داخلية سياسية إسرائيلية، كما جرى خلال زيارة بايدن للشرق الأوسط، سيؤدي إلى توقعات غير واقعية، وإلى ضغوط على السعودية ستضر بالمسار. وعلى الرغم من أن السعودية تمر بتغييرات اجتماعية - ثقافية ليست بسيطة، فإن مسألة العلاقات مع إسرائيل لا تزال مرتبطة بمكانتها واستقرارها. لذلك، في الوقت الحالي، يُنظر في المملكة إلى اتفاق تطبيع كامل على أنه خطوة مبكرة جداً.