مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال مصدر سياسي رفيع المستوى في إسرائيل أمس (الثلاثاء) إن الولايات المتحدة تتوسط بين إسرائيل ولبنان من أجل حل الخلاف بشأن مزارع شبعا. فالرئيس الأميركي جورج بوش ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس معنيان بتسريع المفاوضات بشأن المزارع من أجل تعزيز قوة الحكومة اللبنانية المعتدلة، ودفع مسألة التفاوض على السلام بين البلدين قدماً. ووافق رئيس الحكومة إيهود أولمرت، الذي اجتمع بهما خلال الأسابيع القليلة الفائتة، على التباحث في قضية المزارع في إطار مفاوضات سلمية شاملة ومباشرة، ونقلت رايس شروطه إلى لبنان خلال الأسبوع الجاري.
وذكرت صحيفة "الحياة" أمس، أن رايس قالت خلال زيارتها للبنان إن الولايات المتحدة تعمل على دفع الانسحاب الإسرائيلي من مزارع شبعا قدماً. وأكد مصدر سياسي رفيع المستوى في القدس ما نشرته "الحياة"، وأشار إلى أن بوش ورايس شددا خلال اجتماعاتهما بأولمرت على أن الولايات المتحدة تريد مصلحة رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة والمعسكر المعتدل في لبنان. والهدف الأساسي للأميركيين هو إضعاف حزب الله بحيث لا يتحول في نظر اللبنانيين إلى "محرر مزارع شبعا". وعلى حد قول رايس، فإن الوضع في لبنان مقلق، ولذا فهم يريدون التقريب بينه وبين إسرائيل، ويعتبرون دفع المفاوضات بشأن شبعا أمراً حيوياً لهذه الغاية. وقال بوش ورايس أنه إذا حدث تقدم في قضية شبعا فمن شأن ذلك أن يؤدي، بحسب رأي الإدارة الأميركية، إلى بدء مفاوضات بين إسرائيل ولبنان.
وكان أولمرت اجتمع ببوش ورايس في واشنطن قبل أسبوعين، ثم اجتمع برايس مرة أخرى خلال الأسبوع الجاري. وفي أثناء المحادثات معهما، وافق رئيس الحكومة على التباحث في شأن المزارع، لكنه وضع عدداً من التحفظات، وقال: "لا يوجد لدي مشكلة في التباحث في هذه القضية، لكنني أريد حلها في إطار مفاوضات شاملة ومباشرة تؤدي إلى تنفيذ القرار 1701". كما ذكر أنه يوجد بين لبنان وإسرائيل عدد من القضايا "غير المعقدة، وحلّها أسهل من تلك القائمة بين إسرائيل وسورية". وأضاف قائلاً: "إنني مستعد لإجراء مفاوضات مباشرة مع لبنان من أجل حل الأمور كلها بما في ذلك قضية مزارع شبعا. وإذا كانت سورية تجري مفاوضات مع إسرائيل الآن، فيجب ألا يكون هناك مشكلة مع لبنان".
وبالإضافة إلى حل مشكلة المزارع، تطالب إسرائيل بتنفيذ باقي بنود القرار 1701، التي تقضي بوقف تهريب الأسلحة من سورية، وتجريد الميليشيات المسلحة، بما في ذلك حزب الله، من أسلحتها، وتوقف هذا الأخير عن العمل جنوبي الليطاني.
أكدت إسرائيل صباح اليوم (الأربعاء) موافقتها على التهدئة مع حركة "حماس"، بحسب ما جرى التوصل إليه عبر وساطة مصر، ومن المفترض أن تدخل التهدئة حيز التنفيذ في السادسة من صباح الغد. وقال الناطق بلسان الحكومة الإسرائيلية مارك ريغف: "إذا توقف القتال فعلاً غداً بحسب ما هو مخطط له، فستخفف إسرائيل الحصار المفروض على قطاع غزة خلال الأسبوع المقبل. وفي موازاة ذلك، سيتم تسريع وتيرة المحادثات بشأن إطلاق الجندي المختطف غلعاد شاليط الذي تحتجزه 'حماس'".
ومساء أمس غادر رئيس المكتب السياسي - الأمني في وزارة الدفاع، اللواء احتياط عاموس غلعاد، إلى القاهرة من أجل إتمام الاتفاق بشأن تفصيلات التسوية، وعاد الليلة إلى إسرائيل بالاتفاق النهائي، ومن المفترض أن ينقله إلى وزير الدفاع إيهود باراك. وقال غلعاد في مقابلة مع إذاعة "صوت إسرائيل"، إن المحادثات مع مصر هي الطريقة الوحيدة الآن للتوصل إلى إطلاق شاليط. وأكد أن التهدئة ملزمة لجميع المنظمات المتواجدة في قطاع غزة، وأن أي إطلاق للنار على إسرائيل سيعتبر انتهاكاً للاتفاق. وقال غلعاد إن التهدئة ستُختبر ميدانياً، وإن الجيش الإسرائيلي لن يوقف استعداداته لعملية عسكرية كبيرة ضد القطاع.
وستتضمن التهدئة التزام الجيش الإسرائيلي الامتناع من القيام بعمليات هجومية ضد القطاع، والتزام "حماس" منع أي هجوم من القطاع ضد الأراضي الإسرائيلية، من جانب عناصرها ومن جانب الفصائل الفلسطينية الأخرى. والتزمت إسرائيل أن تخفف، بعد ثلاثة أيام من الهدوء، الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع، وأن تسمح تدريجياً بنقل كميات كبيرة من المواد الخام والسلع إلى القطاع عبر المعابر. وبعد ذلك ببضعة أيام، بحسب الوعد المصري، ستُستأنف مفاوضات مكثفة لإطلاق شاليط. وبالتوازي مع ذلك سيختبر رئيس جهاز الأمن العام يوفال ديسكين ما إذا كان التعهد [المصري] في التسوية بتقليص تهريب الأسلحة من سيناء إلى القطاع يجري تنفيذه بدرجة مهمة. وإذا ما شعرت إسرائيل بأنه تم تحقيق تقدم في هاتين المسألتين، فإنها ستسحب معارضتها لفتح معبر رفح. وأعلنت "حماس" أن التهدئة ستسري لستة أشهر. ولا تضع التسوية قيوداً على أنشطة الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية.
وخلال الأيام القليلة الفائتة جرى الإعراب في أوساط الجيش الإسرائيلي عن تحفظات على صيغة اتفاق التهدئة الجارية بلورته، والذي سيسري على ما يبدو اعتباراً من صباح الغد. من الناحية المبدئية، لا يعارض الجيش التهدئة، كما أن كبار المسؤولين فيه يدركون أنه لا يوجد الآن، في الأوضاع السياسية التي تمر بها حكومة أولمرت، فرصة حقيقية للقيام بخطوة عسكرية كبيرة ضد قطاع غزة. غير أن بعض كبار الضباط وجهوا في مناقشات داخلية انتقاداً لجوانب معينة من الاتفاق، صيغت، بحسب رأيهم، بصورة عمومية جداً، وتتضمن ثغرات مضرة قد تستغلها "حماس" ضد إسرائيل. وتتعلق تلك التحفظات، بالدرجة الأولى، بالأوضاع على طول السياج الحدودي المحيط بالقطاع. فعلى حد ما هو معلوم، لا يتضمن الاتفاق أي قيود على نشاط "حماس" في المنطقة التي يصفها الجيش الإسرائيلي بـ "منطقة أمنية خاصة"، وهي الشريط الذي يصل عرضه إلى كيلومتر داخل القطاع غربي الحدود. ويُخشى أن تستغل الحركة فترة التهدئة لزرع عبوات ناسفة بالقرب من السياج، ولإقامة مواقع قد تستخدمها لاحقاً لشن هجمات على الأراضي الإسرائيلية في المستقبل.
· تشكل مبادئ اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حماس" إنجازاً سياسياً ستستغله الحركة كرافعة في حوار المصالحة الوطنية مع "فتح"، الذي يتوقع أن يبدأ في نهاية هذا الأسبوع. وبحسب هذه المبادئ لن يكون في إمكان إسرائيل، من الآن فصاعداً، أن تشرف على معبر رفح عندما يُفتح، وسيجري التداول بشأن صفقة [الإفراج عن الجندي المختطف] غلعاد شاليط بصورة منفصلة عن وقف إطلاق النار، كما طالبت "حماس".
· إن إسرائيل ستحصل على الهدوء في النقب الغربي، وعلى تعهد مصري بالإشراف الصارم على الحدود، غير أن "حماس" ستكون العنصر المركزي المسيطر على المعبر، وسيعمل إلى جانبها مندوبو السلطة الفلسطينية، ومراقبون أوروبيون ذوو صلاحيات محدودة.
· علاوة على ذلك، فإن التهدئة تمنح القوة لـ"حماس"، لا لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن)، من أجل فرض وقف إطلاق النار في الضفة الغربية أيضاً. وإذا ما تم الحفاظ على الهدوء في الحدود الجنوبية فإن إسرائيل ستضطر، بعد نصف عام، إلى تطبيق وقف إطلاق النار في الضفة، وبذا تستكمل "حماس" تحقيق مطالبها.
· يوجد لدى "حماس" مصلحة في تطبيق مبادئ التهدئة، ولا تقتصر مصلحتها على تحرير غزة من وطأة الحصار الذي فرضته إسرائيل عليها. فمن المتوقع أن يصل محمود عباس، في نهاية هذا الأسبوع، إلى غزة، في أول زيارة له في إطار محاولة التوصل إلى مصالحة وطنية بين الحركة و "فتح". صحيح أن الطريق إلى هذه المصالحة لا تزال طويلة، لكنها ستؤدي، في حال نجاحها، إلى انتخابات برلمانية ورئاسية، و"حماس" ترغب في أن تصل إلى هذه المرحلة وهي في كامل قوتها السياسية، ولهذا الغرض ستضطر إلى أن تفرض سيطرتها على سائر الفصائل الفلسطينية، التي يمكن أن تهدد التهدئة. وبذا ستستكمل، بواسطة التهدئة، بناء الجبهة السياسية الداخلية، والأهم من ذلك أنها ستعزز الاعتراف العربي بمكانتها.
· ابتداء من الساعة السادسة من صباح يوم الخميس المقبل ستعترف إسرائيل بأن "حماس" هي لاعب شرعي في السياسة الفلسطينية والإقليمية، وفي مقابل ذلك، ستحصل على تهدئة لفترة زمنية محدودة في المستوطنات المحاذية لغزة. هذه هي، في المحصلة، ماهية الصفقة التي أبرمناها مع مصر.
· لقد أُنجزت هذه الصفقة لسبب واحد، هو وجود مصلحة في نجاحها لدى الحكومتين الضعيفتين في غزة وإسرائيل. هناك طرف واحد لديه مصلحة في عرقلتها، هو إيران، التي ستبذل كل ما في وسعها من أجل إجهاضها، بواسطة الجهاد الإسلامي. وإزاء ذلك ستكون "حماس" على المحك: هل هي مجرد ذراع إيرانية، أو أنها تستغل إيران لأغراضها الخاصة؟
· طلبت إسرائيل الإفراج عن غلعاد شاليط في إطار الصفقة، لكن طلبها جوبه بالرفض. غير أنها نجحت في أن تحصل على تعهد مصري في موضوع كبح عمليات تهريب الأسلحة، كما نجح المصريون في إقناع "حماس" بأن تجري مفاوضات مكثفة في القاهرة، بعد أسبوع من بدء التهدئة، من أجل التوصل إلى صفقة بشأن شاليط. وتأمل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، الآن، بأن ينجح المصريون في إقناع "حماس" بتليين مطالبها فيما يتعلق بقائمة الأسرى، الذين تطالب بالإفراج عنهم.
· لا يبقى في الوقت الحالي سوى أن نطرح السؤال التالي: إذا كان اتفاق التهدئة حيوياً للغاية لمصالح دولة إسرائيل، فلماذا رُفض طوال الوقت، وخصوصاً أن صيغته كانت مدرجة في جدول الأعمال منذ أشهر طويلة؟ ما الذي تغيّر؟.
· إن الإنجاز الأكبر لإسرائيل في اتفاق التهدئة، الذي يفترض أن يدخل غداً حيز التنفيذ، يتعلق بيهودا والسامرة [الضفة الغربية]. فموافقة "حماس" على أن تنحصر التهدئة في القطاع هي تنازل عن إصرار قديم بالرد على عمليات يقوم بها الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام في مناطق بعيدة، بإطلاق صواريخ على النقب الغربي. ومن هذه الناحية، فقد أدى الحصار الإسرائيلي على غزة إلى نتيجة مهمة.
· إن المشكلة الكبرى هي أن شروط التهدئة تعتبر إنجازاً لـ "حماس"، من النواحي الأخرى كافة. فقد نجحت هذه الحركة عن طريق استنزاف إسرائيل، في أن ترفع الحصار الاقتصادي عن غزة، وأن تبقى محتفظة بـ "ورقة" غلعاد شاليط. وها هي تسير في طريق فتح المعبر الحدودي بين غزة ومصر، والذي سيمنحها، بصورة غير مباشرة، مكانة دولة، على المستوى الدولي.
· هناك مشكلة أكبر هي واقع أن "حماس" ستستغل فترة الهدوء من أجل القيام بعمليات تهريب أسلحة أخرى، وأساساً من أجل تدريب مقاتليها، الذين أصبح عددهم أكثر من عشرة آلاف مقاتل. وبناء عليه، فإن كل شهر آخر من أشهر تعزيز قوة "حماس" سيزيد الثمن الدموي الذي سيدفعه الجيش الإسرائيلي، في حالة اضطراره إلى شن عملية عسكرية برية في عمق غزة في المستقبل.
· إن نظرة العالم العربي إلى التهدئة تعزز قوة العناصر المتطرفة، كما تعزز الادعاء أن إسرائيل تتراجع عن مطالبها الأولية عندما تلحق بها أضرار بشرية، أو تتعرض جبهتها الداخلية للضرر. وبكلمات أخرى، إن إسرائيل لا تفهم إلا لغة القوة.
· بناء على ذلك يصعب العثور على شخص في المؤسسة الأمنية والمؤسسة السياسية يشعر بالأسف إذا ما استنفد اتفاق وقف إطلاق النار نفسه. إن التوقعات هي أن تصمد "التهدئة" أشهراً قليلة فقط.