مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
أكد رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال غادي أيزنكوت أن حزب الله يشكل التهديد المركزي لإسرائيل، وأن الجيش الإسرائيلي سيواصل منع وصول أي أسلحة متطورة إليه.
وأضاف أيزنكوت في سياق كلمة ألقاها أمام مؤتمر هرتسليا حول ميزان المناعة والأمن القومي الإسرائيلي الذي بدأ أعماله في المركز المتعدّد المجالات في هرتسليا [وسط إسرائيل] أمس (الثلاثاء)، أن حزب الله بات يمتلك قدرات قتالية هائلة ويقوم بخرق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 بصورة فظة. وأشار إلى أنه يمكن ملاحظة أن مقاتلي حزب الله منتشرون في 200 قرية وبلدة في جنوب لبنان، كما أشار إلى أن الحزب يمتلك ترسانة صاروخية مؤلفة من عشرات آلاف الصواريخ.
وأكد أيزنكوت أن لدى إسرائيل مصلحة عليا في منع وصول أسلحة متطورة إلى حزب الله وأنه في هذا الإطار كانت هناك في السنوات الأخيرة عمليات لمنع وصول مثل هذه الأسلحة المتطورة، وشدّد على أن هذه العمليات ستستمر في المستقبل.
وقال رئيس هيئة الأركان العامة إن التعاون القائم بين إسرائيل والدول العربية المعتدلة آخذ في التعمق، مشيراً إلى أن جزءاً منه يجري في الوقت الحالي بصورة علنية.
وتطرّق أيزنكوت إلى نفوذ إيران في منطقة الشرق الأوسط، فقال إن وقف تطور الصناعات العسكرية الإيرانية يجب أن يكون هدفاً أمنياً لكل دول المنطقة حتى لا تصبح إيران مثل كوريا الشمالية.
وأوضح أن قيام إيران قبل يومين بإطلاق صواريخ بالستية باتجاه سورية ينطوي على دلالات خطرة، وأن الجهود الإقليمية التي تبذلها طهران يمكن رؤيتها أيضاً في لبنان وفي مواقع أخرى وتشكل دليلاً على أنها تعتبر نفسها قوة إقليمية، وأشار إلى أن حزب الله يحصل سنوياً على 800 مليون دولار منها. وقال إن إسرائيل تتابع هذه الجهود الإيرانية المتواصلة وخصوصاً في سورية، وكذلك في قطاع غزة حيث تمارس طهران تأثيرها على حركتي الجهاد الإسلامي و"حماس".
وأشاد أيزنكوت بالهدوء الذي يسود منطقة الحدود مع سورية منذ 44 عاماً. وأكد أنه بالرغم من الأوضاع غير المستقرة في هذا البلد، فإن الواقع الأمني في الجولان ما يزال جيداً. كما أكد أن منطقة الحدود مع قطاع غزة هادئة منذ عملية "الجرف الصامد" العسكرية التي قام الجيش الإسرائيلي بشنها في قطاع غزة في صيف 2014، لكنه في الوقت عينه أكد أن الواقع الأمني في القطاع معقد وقابل للانفجار في أي لحظة. وأضاف أن لدى إسرائيل مصلحة في توفير الكهرباء لقطاع غزة لمدة 24 ساعة يومياً لكنه شدّد على أن إسرائيل لا يمكنها تمويل تزويد الكهرباء للقطاع في الوقت الذي تُستغل مئات آلاف الدولارات الموجودة هناك لحفر الأنفاق.
وقال أيزنكوت إن الساحة الفلسطينية تشغل الجيش الإسرائيلي كثيراً، وأشار إلى أن الجيش واجه في الآونة الأخيرة في مناطق يهودا والسامرة [الضفة الغربية] نهجاً جديداً لم يعرفه من قبل بمثل هذا الزخم ناجماً عن قيام مئات الشبان والشابات الفلسطينيين بالمشاركة في محاولات تنفيذ عمليات هجومية. وأشار إلى أن الجيش يبذل جهوداً في الضفة الغربية وقطاع غزة لإتاحة المجال أمام نشوء واقع مدني جيد انطلاقاً من أن ذلك سيكون لمصلحة إسرائيل.
وأكد أيزنكوت أن الميزان الإستراتيجي لإسرائيل تحسن بشكل ملموس وأن قدرات إسرائيل والجيش وسلاح الجو ذات قوة كبيرة جداً ليس لها مثيل في الشرق الأوسط كله.
أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو انطلاق أعمال بناء أول مستوطنة إسرائيلية جديدة في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] منذ 25 عاماً.
وكتب نتنياهو في تغريدة نشرها على موقعه الخاص في شبكة التواصل الاجتماعي "تويتر" أمس (الثلاثاء)، "اليوم [أمس] بدأت عمليات حفر لإقامة مستوطنة جديدة لمستوطني عمونه كما تعهدت. ولدي الشرف بأن أكون رئيس للحكومة يبني مستوطنة جديدة في يهودا والسامرة بعد عقود".
وستُخصّص المستوطنة الجديدة التي أطلق عليها اسم "عميحاي" لمستوطني بؤرة "عمونه" الاستيطانية غير القانونية التي أقيمت على أراض فلسطينية خاصة بالقرب من رام الله وتم إخلاؤها قبل عدة أشهر بناء على أمر صادر عن المحكمة الإسرائيلية العليا.
وستُقام المستوطنة الجديدة بالقرب من مستوطنتي "شيلواح" و"عيلي" شمالي رام الله وستكون أول مستوطنة جديدة يتم بناؤها منذ توقيع اتفاقيات أوسلو سنة 1993.
واحتفل وزير التربية والتعليم الإسرائيلي نفتالي بينت [رئيس "البيت اليهودي"] ببدء العمل في بناء المستوطنة برفع الأنخاب مع قادة المستوطنين.
قال بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إن جنوداً إسرائيليين أطلقوا النار أمس (الثلاثاء) على شاب فلسطيني فأردوه قتيلاً بعد أن حاول مهاجمتهم بواسطة سكين بالقرب من حاجز عسكري شمالي القدس الشرقية.
وأضاف البيان أن الشاب الفلسطيني اقترب من الجنود خلال تعرضه إلى تفتيش أمني على الطريق بين مستوطنة "آدم" ومخيم قلنديا وحاول طعنهم فردّ الجنود بإطلاق النار عليه. ولم تقع إصابات في صفوف الجنود.
من المتوقع أن يصل جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب وصهره إلى القدس اليوم (الأربعاء) في زيارة إلى إسرائيل ومناطق السلطة الفلسطينية تهدف إلى الدفع قدماً بالعملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين.
وسينضم كوشنر إلى جيسون غرينبلات المبعوث الخاص لرئيس الولايات المتحدة إلى مفاوضات السلام الإسرائيلية - الفلسطينية الذي وصل إلى القدس أول من أمس (الاثنين) للغرض نفسه.
وقالت مصادر رفيعة في البيت الأبيض إن كوشنر وغرينبلات سيعقدان اجتماعات مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تهدف إلى مناقشة أولوياتهما والخطوات المقبلة الممكنة.
وأضافت هذه المصادر أن ترامب كلّف كوشنر وغرينبلات باستئناف مفاوضات السلام التي يعتبرها الرئيس الأميركي أولوية.
واتهم نتنياهو عباس بالكذب بشأن إرادته حول تحقيق السلام وبتسميم عقول الشباب الفلسطينيين.
بيّنت معطيات جديدة نشرها المكتب المركزي للإحصاء في إسرائيل هذا الأسبوع، أن عدد الوحدات السكنية الجديدة التي بدأ العمل في إقامتها في مستوطنات يهودا والسامرة [الضفة الغربية] خلال الفترة الممتدة بين نيسان/ أبريل 2016 وآذار/ مارس 2017 ارتفع بنسبة 70,4% مقارنة بعدد الوحدات التي بدأ العمل في إقامتها خلال الفترة الموازية من سنتي 2015 و2016.
ووفقاً لهذه المعطيات فإنه في الفترة المذكورة بدأ العمل في إقامة 2758 وحدة سكنية جديدة، في حين أن عدد الوحدات السكنية الجديدة التي بدأ العمل في إقامتها خلال الفترة ما بين نيسان/ أبريل 2015 وآذار/ مارس 2016 بلغ 1619 وحدة.
وأشارت المعطيات أيضاً إلى أنه منذ مطلع سنة 2017 الحالية بدأ العمل في إقامة 344 وحدة سكنية في مستوطنات الضفة الغربية، تُضاف إلى 839 وحدة سكنية أقيمت خلال الفترة الممتدة بين تشرين الأول/ أكتوبر وكانون الأول/ ديسمبر 2016، و478 وحدة سكنية بدأ العمل في إقامتها بين تموز/ يوليو وأيلول/ سبتمبر 2016، و1097 وحدة سكنية بدأ العمل في إقامتها بين نيسان/ أبريل وتموز/ يوليو 2016.
كما أشارت المعطيات إلى أنه منذ مطلع السنة الحالية أنجزت عمليات إقامة 403 وحدات سكنية في مستوطنات الضفة الغربية.
في المقابل أكدت معطيات المكتب المركزي للإحصاء أنه باستثناء منطقة حيفا تم خلال الفترة نفسها تسجيل تراجع في عدد الوحدات السكنية الجديدة التي أقيمت داخل مناطق "الخط الأخضر". وبلغت نسبة التراجع في منطقتي الوسط والشمال 6,5%، وفي منطقة القدس 4%، وفي منطقة الجنوب 1%.
•في الفترة الأخيرة كثف كل من إسرائيل والأردن التنسيق السياسي بينهما بسبب الأحداث في جنوب سورية. فالدولتان قلقتان من التمركز المتجدد لنظام بشار الأسد في الجزء الجنوبي من الدولة، وبصورة خاصة من تصاعد النفوذ الإيراني في العراق وسورية. والتخوف هو من أن تستغل إيران سيطرة النظام السوري على الأراضي من أجل نشر الحرس الثوري وميليشيات شيعية على رأسها حزب الله، بالقرب من الحدود السورية مع الأردن وإسرائيل.
•خلال السنوات الأخيرة توثقت العلاقة بين القدس وعمان على خلفية الاضطرابات الإقليمية في الشرق الأوسط. ووفقاً لتقارير نشرتها صحف أميركية وعربية، قدمت إسرائيل أيضاً إلى المملكة الهاشمية مساعدة استخباراتية وأمنية لتدعيم الاستقرار في مواجهة تهديد مزدوج - هجمات من جانب تنظيمات سنية متطرفة على رأسها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وصعود الهيمنة الإيرانية في المنطقة.
•وأعرب مسؤولون كبار في إسرائيل في الماضي، في مناسبات مختلفة، عن تخوفهم من احتمال أن يؤثر عدم استقرار الأردن سلباً على الوضع الأمني في إسرائيل. ونشرت "هآرتس" في آذار/مارس الماضي، أن رئيس الأركان غادي أيزنكوت عبّر في نقاش مغلق السنة الماضية عن قلقه جرّاء تقدير متشائم سمعه من سفيرة إسرائيل في الأردن، عينات شالين، فيما يتعلق بالوضع في المملكة، وقال إنه عند الحاجة يتعيّن على إسرائيل أن تقدم المساعدة للأردنيين. وكان الملك عبد الله حذّر في العام 2004 من خطر نشوء "هلال شيعي" بزعامة إيران من شأنه أن يزيد من الانقسام في العالم العربي.
•وفي سلسلة مقالات في الأسابيع الأخيرة للصحافي الأردني بسام البدارين الذي يعتبر من المقربين من العائلة المالكة نشرها في صحيفة "القدس العربي"، وصف الكاتب قلقاً مشتركاً أردنياً - إسرائيلياً حيال التطورات في جنوب سورية. ووفقاً للبدارين، حصل في الفترة الأخيرة لقاء بين وزيري الخارجية الروسي والأردني، أوضحت فيه عمّان للروس عدم موافقتها على تمركز الحرس الثوري الإيراني وميليشيات شيعية على حدودها الشمالية.
•وادّعى الروس في محادثاتهم مع الأردن أن نشر قوات موالية لنظام الأسد على الحدود يبعد خطر داعش، لكن الأردنيين أوضحوا لهم أن دخول الإيرانيين إلى المنطقة، في نظرهم، ليس أقل خطراً. وأفاد البدارين أيضاً أن إسرائيل تزوّد الأردنيين بصور تلتقطها أقمار صناعية لما يحدث على طول حدود المملكة مع العراق وسورية، من أجل تحسين قدرتها الدفاعية. وكانت مجلة "وول ستريت جورنال" تحدثت قبل عامين عن تزويد إسرائيل الأردن بطوافات هجومية قديمة من طراز كوبرا.
•استأثرت التطورات في جنوب سورية وفي شرقها - وهي منطقة صحراوية في جزئها الأكبر وتمتد مئات آلاف الكيلومترات المربعة - في الفترة الأخيرة بالاهتمام الإقليمي. والولايات المتحدة منزعجة من التقاء ميليشيات شيعية عراقية مدعومة من إيران وتتقدم في الجهة العراقية من الحدود، مع القوات المرتبطة بنظام الأسد وتنشط في الجهة السورية من الحدود.
•وشهدت الأسابيع الأخيرة عدة حوادث عنيفة بين الولايات المتحدة والجيش السوري وقوات أخرى، على خلفية التخوف الأميركي من أن يقوم النظام السوري بضرب تنظيمات سنية متمردة تحظى بدعم الولايات المتحدة. ونشر الجيش الأميركي في منطقة التنف، حيث وقعت معظم الحوادث، بطاريات مدفعية بعيدة المدى. ويوم الأحد الماضي أسقط الأميركيون للمرة الأولى طائرة حربية سورية، زعموا أنها هددت قوات تابعة لتنظيمات المتمردين.
•في هذا الوقت صعّد نظام الأسد هجماته على تنظيمات المتمردين في منطقة درعا في جنوب سورية، القريبة من حدود الأردن، حيث تقوم طائرات روسية وسورية بهجمات جوية عليهم، لكن القتال البري تقوم به ميليشيات شيعية. وتتحدث الصحف العربية عن وجود كثيف لعناصر من حزب الله والحرس الثوري الإيراني، وتثير هذه التطورات أيضاً قلقاً في إسرائيل والأردن. ليس من الواضح بعد ما إذا كان نظام الأسد ينوي محاولة استعادة السيطرة بمساعدة روسية وإيرانية، على منطقة الحدود مع إسرائيل في هضبة الجولان الواقعة في معظمها في قبضة المتمردين، أم لا.
•بعد سلسلة الهزائم التي مني بها تنظيم الدولة الإسلامية في الأشهر الأخيرة، تزداد المؤشرات الدالة على سقوطه القريب في سورية. وتشكل المنطقة الشرقية التي ستخلو من سيطرة الكيان السلفي الجهادي، ساحة الصراع الأساسي بين الجهد الأميركي والجهد الإيراني من أجل السيطرة عليها. في مطلع حزيران/ يونيو بدأت المرحلة الأخيرة من الهجوم لاحتلال مدينة الرقة، عاصمة الخلافة الإسلامية في سورية، على يد الائتلاف الذي تقوده الولايات المتحدة، والذي يضم قوة برية مشتركة كردية (في أغلبيتها) وعربية- قوات سورية الديمقراطية (SDF)- وذلك بمساعدة جوية من الائتلاف الدولي توفّرها طائرات من الولايات المتحدة ودول غربية وعربية. في المقابل أقدمت إيران ووكلاؤها (Proxies) أيضاً وبسرعة على القيام بخطوة هدفها بلورة سورية في اليوم التالي لسقوط "الدولة الإسلامية". وتحاول القوات الموالية للأسد توسيع سيطرتها على منطقة دير الزور، وتحسين وصولها إلى مدينة الرقة وضواحيها، وفي الوقت نفسه السيطرة على نقاط أخرى أساسية على طول الحدود السورية- العراقية.
•يتضمن التسابق على بلورة الساحة السورية، والذي يتمحور في هذه الأيام حول معركة احتلال الرقة والانتصار على تنظيم الدولة الإسلامية، مجهودين استراتيجيين أساسيين:
•الأول تقوده إيران، وهدفه تهيئة الأساس لجسر بري يخضع لسيطرة شيعية يمتد من الشرق إلى الغرب، من إيران مروراً بالعراق ويصل إلى سورية ولبنان، وذلك من خلال سيطرة الأذرعة الإيرانية على نقاط عبور أساسية بين العراق وسورية- ميليشيات شيعية عراقية (الحشد الشعبي) في الجانب العراقي، وقوات التحالف المؤيد للأسد التي تتضمن ما بقي من الجيش السوري الخاضع لإمرة الرئيس السوري بشار الأسد وحزب الله وميليشيات شيعية، في الجانب السوري من الحدود. قال مستشار المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي للشؤون الاستراتيجية، علي أكبر ولايتي، "لقد نشأ ارتباط بين قوات الحشد الشعبي وقوات تابعة للحكومة العراقية وجيشها وبين القوات الموحدة في سورية، وعملياً فإن هذا يشكل نصراً استراتيجياً لحلفاء إيران، ولمحور المقاومة الذي يبدأ في طهران ويصل إلى العراق وسورية ولبنان في مواجهة الصهيونيين".
•في المقابل، يعمل الائتلاف الذي تقوده الولايات المتحدة من أجل إنشاء منطقة فاصلة في قلب الشرق الأوسط تمتد من الشمال إلى الجنوب، وتقطع الجسر البري الإيراني والنفوذ الإيراني في سورية ولبنان والأردن وغربي الخليج الفارسي. وهدف هذا الجهد إنشاء فاصل أمني واقع تحت سيطرة حلفاء الولايات المتحدة يمتد من تركيا شمالاً مروراً بالمنطقة الشرقية من سورية، ويمتد جنوباً نحو الأردن ويصل إلى السعودية. وفي الأسابيع الأخيرة وقعت عدة هجمات قامت بها القوات الجوية الأميركية ضد قوات الائتلاف المؤيد للأسد في الجزء الجنوبي- الشرقي من الحدود العراقية- السورية في منطقة التنف السورية التي تبعد نحو 18 كيلومتراً عن الحدود الأردنية. وأعلنت الولايات المتحدة أن هذه المنطقة ممنوع فيها الاشتباك (De –confliction) وأنها خاضعة لسيطرتها، ولن تقبل بانتشار قوات الأسد ومقاتلين إيرانيين فيها. في 18 حزيران/يونيو جرى إسقاط طائرة حربية سورية في منطقة الرقة شرقي سورية، ضمن إطار الغطاء الجوي الذي تمنحه الولايات المتحدة لقوات سوريا الديمقراطية التي تقاتل من أجل تحرير الرقة.
•وأوضحت مصادر إيرانية أن انتشار القـوات المواليـة لإيران فـي الحــدود العراقية – السورية هدفه منع خطة الولايات المتحدة لتقسيم سورية. ووفقاً لكلامهم تسعى أميركا إلى ربط الجزء الشمالي الشرقي من سورية الواقع تحت سيطرة الأكراد بالجزء الجنوبي الشرقي في اتجاه الأردن، ولهذا السبب زادت من عملياتها وهجماتها في منطقة التنف. وبحسب الأصوات التي تتردد في إيران يجري الحديث عن عدد من المهمات: 1- الدفاع عن الهيمنة الإيرانية في العراق، وعن صمود نظام الأسد، وعن عمق استراتيجي إيراني، وجسر بري يمتد من طهران حتى بيروت؛ 2- القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية على الحدود العراقية- السورية؛ 3- تحييد الخطة الأميركية لتقسيم سورية؛ 4- منع القوات المدعومة من الولايات المتحدة من السيطرة على شرق سورية. ولم يكن مصادفة اختيار إيران الرد على هجمات داعش في طهران من خلال إطلاق صواريخ أرض- أرض من أراضيها نحو أهداف تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في منطقة دير الزور في شرق سورية. وهي بذلك تثبت قدرتها في مجال الصواريخ الباليستية، وتنشر رسائل بأنها تحارب داعش، وأنها لا تخاف العمل في منطقة تسعى الولايات المتحدة إلى ترسيخ نفوذها فيها.
•لا يبدو الموقف الروسي في هذا الشان واضحاً البتة. فمن جهة، يتحدث نظام الأسد ومصادر في موسكو عن مشاركة روسيا في تحرك نظام الأسد بمساعدة إيران وحزب الله في شرقي سورية ضد الخطة الأميركية. لكن من جهة أخرى، يجري الحديث عن تنسيق بين جهات أميركية وروسية جرى في الأردن، وأن روسيا تعمل على منع الاحتكاك بين قوات النظام وحلفائه وبين القوات الأميركية وتسعى للتفاهم مع الولايات المتحدة ومع الأردن فيما يتعلق بمنطقة منع الاحتكاك والهجمات المتبادلة في جنوب سورية. ورداً على إسقاط الطائرة السورية في منطقة دير الزور أعلنت روسية أن "كل طائرة سواء كانت مع طيار أو من دون طيار تابعة للائتلاف تنشط غربي نهر الفرات، ستعتبر هدفاً من جانب منظومة الدفاع الروسية"، ومعنى ذلك إنشاء منطقة حظر للطيران تحت سيطرة روسية غربي الفرات.
•ومع استمرار الصراع للسيطرة على جنوب شرق سورية، نشرت الولايات المتحدة بطاريات منصات إطلاق للصواريخ المتحركة من نوع HIMARS في قاعدة القوات الخاصة الأميركية بالقرب من مدينة التنف. ورداً على ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن كل محاولة لإدخال سلاح أجنبي إلى سورية يجب أن تحصل على موافقة الحكم المركزي في دمشق، وأن نشر هذا السلاح لا يدل على أن الولايات المتحدة تركز على محاربة تنظيم الدولة الإسلامية، كما تدعي. كما اتُهمت الولايات المتحدة بتسهيل فرار مقاتلي داعش من الرقة في اتجاه دير الزور.
•يبدو أن الائتلاف المؤيد للأسد بقيادة روسيا وإيران يتابع بقلق النشاط الأميركي في جنوب وشرق سورية، الذي بالإضافة إلى إنشاء منطقة أمنية في شمال الحدود الأردنية – السورية، ومهاجمة القوات المؤيدة لنظام الأسد، يشمل أيضاً استخدام بنية تحتية لتدريب وإعداد قوات معارضة لنظام الأسد، ونشر قوات خاصة أميركية مجهزة بسلاح مدفعي، بالإضافة إلى مظلة جوية من جانب الائتلاف الغربي. ومن وجهة نظر إيرانية، وربما روسية أيضاً، فإن هذا يشكل مرحلة جديدة في معركة بلورة سورية قبيل اليوم التالي لسقوط تنظيم الدولة الإسلامية، ويهدف إلى تحييد النفوذ الإيراني في سورية.
•يوجد في إدارة ترامب جهات معادية جداً لإيران تضغط باتجاه توسيع الحرب في سورية، واعتبار ذلك فرصة للدخول في مواجهة مع إيران في منطقة "مريحة". وقد طرحت هذه الجهات فكرة إنشاء منطقة فاصلة تكون خاضعة للنفوذ الأميركي في شمال شرق سورية والاحتفاظ بها، من أجل قطع واحتواء المطامع الإقليمية لإيران. من جهة أخرى، يعارض وزير الدفاع جيمس ماتيس ورؤساء الجيش الأميركي فتح جبهة واسعة ضد إيران وفروعها في سورية، ويرون في هذه الخطوة خطراً يحول دون تركيز مسعى المضي قدماً في تحقيق الهدف الأساسي- تفكيك الدولة الإسلامية والانتصار عليها. ولذا يطالب قادة الجيش الأميركي، في هذه الفترة على الأقل، بالامتناع عن الاحتكاك مع الروس.
•يبدو التسابق على السيطرة على مناطق في سورية كأنه سباق بين إيران والولايات المتحدة من أجل إنشاء مسارين عمودي وأفقي الجهد العمودي الأميركي (من الشمال وحتى الجنوب) والجهد الأفقي الإيراني (من الشرق إلى الغرب). وما يجري الحديث عنه هو مرحلة أخرى في عملية بلورة سورية في اليوم التالي لسقوط تنظيم الدولة الإسلامية. حتى الآن، يمكن أن نرى في سورية لوحة ألعاب متعددة الزوايا وأي تحرك في زاوية معينة سينعكس على وضع الزوايا الأخرى. في البداية "رتبت" روسيا أدواتها في الزاوية الوسطية الغربية من اللوح، من حلب إلى دمشق بما في ذلك منطقة الساحل. بعدها بلورت تركيا قواتها في الزاوية الشمالية، على طول الحدود التركية- السورية، وتضمن ذلك مسعى للمحافظة على مصالحها في الجيب الكردي. من ناحيتها، ركزت الولايات المتحدة على محاربة داعش خاصة في شمال شرق سورية، وتحاول حالياً إعادة تنظيم أدواتها في الزاوية الشرقية - الجنوبية لسورية.
•ونظراً لأن المنطقة الجنوبية - الغربية في سورية، والممتدة من درعا إلى هضبة الجولان بقيت مفتوحة أمام تحرك ونفوذ إسرائيل والأردن، يتعين على الدولتين المضي قدماً والتحرك قبل فوات الأوان. ويبدو أن هناك اتصالات من أجل بلورة استراتيجية مشتركة بين إسرائيل والأردن والولايات المتحدة هدفها منع نفوذ إيران وانتشار فروعها- خاصة حزب الله وميليشيات شيعية- في الزاوية الجنوبية من "لوحة الألعاب السورية". وبالإضافة إلى ذلك يتعيّن على إسرائيل والأردن الاستعداد لمواجهة احتمال فرار مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية من شمال شرق سورية وانزلاقهم نحو الجنوب وتوحدهم مع مقاتلي داعش في مثلث الحدود جنوبي هضبة الجولان. بالإضافة إلى ذلك، يجب ألا تنسى إسرائيل النفوذ الروسي في سورية والحاجة إلى التوصل إلى تفاهمات، على الأقل سرية، مع موسكو بشأن كل خطوة في هذا الاتجاه. من المحتمل أن تكون روسيا فهمت ذلك، ولهذا زاد الائتلاف المؤيد للأسد من قوة الهجمات الجوية في منطقة درعا خلال الأسبوعين الأخيرين. وعلى الرغم من ذلك، تدرك روسيا أن إسرائيل تستطيع أن تؤذي سورية بشدة، ولهذا فهي تفضل إقامة منظومة تفاهمات مع إسرائيل، تعالج مخاوفها جدياً.