مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
أكد رئيس الحكومة ووزير الدفاع بنيامين نتنياهو أن إسرائيل تريد أن يعود الهدوء إلى المنطقة المحيطة بقطاع غزة، لكن بموازاة ذلك تستعد لشنّ عملية عسكرية واسعة النطاق إذا ما لزم الأمر.
وجاء تأكيد نتنياهو هذا في ختام اجتماع عقده المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية - الأمنية في مقر قيادة فرقة غزة في المنطقة المحيطة بالقطاع أمس (الأربعاء) بحضور قائد المنطقة العسكرية الجنوبية وقائد فرقة غزة.
وقال نتنياهو في تغريدة نشرها في حسابه الخاص على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" في إثر الاجتماع، إن سياسة الحكومة تهدف إلى إعادة التهدئة إلى ما كانت عليه، لكن بموازاة ذلك يجري الاستعداد لشن عملية عسكرية واسعة النطاق إذا اقتضت الضرورة.
وردّ عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي نافذ عزام على نتنياهو فقال إن التهديدات بشن عملية عسكرية واسعة النطاق في غزة لم تتوقف، وأكد أن الفلسطينيين طوال المرحلة السابقة لم يسعوا لمواجهة شاملة على الرغم من كونهم محرومين من كافة حقوقهم.
كما أعلنت حركة "حماس" جهوزيتها الكاملة لمواجهة أي عدوان قد يتعرض له قطاع غزة من جانب الجيش الإسرائيلي.
قال مستشار الرئيس الأميركي وصهره جاريد كوشنير إن البيت الأبيض سيعلن الأسبوع المقبل تفاصيل إضافية من خطة السلام الأميركية لتسوية النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني المعروفة باسم "صفقة القرن".
وانتقد كوشنير في سياق مؤتمر صحافي عقده أمس (الأربعاء)، السلطة الفلسطينية وأكد أنها تصرفت بهستيريا حين قاطعت مؤتمر البحرين. وأضاف أن العديد من الفلسطينيين باتوا يدركون أن إسرائيل ليست المسؤولة عن المشاكل الحالية.
وأشار كوشنير إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يستلطف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وهو مستعد لمناقشة "صفقة القرن" معه في الوقت المناسب. كما أشار إلى أن مؤتمر البحرين حقق نجاحاً هائلاً، وأن جميع المشاركين فيه أجمعوا على أن التحوّل الاقتصادي في الضفة الغربية وقطاع غزة بات ممكناً، لكنه مرهون بالاستقرار السياسي.
أعلن جهاز الأمن الإسرائيلي العام ["الشاباك"] أمس (الأربعاء) أنه اعتقل ناشطاً من حركة "حماس" بشبهة محاولة إنشاء مختبر لصناعة المتفجرات في الضفة الغربية بهدف تنفيذ هجمات مسلحة في إسرائيل.
وقال بيان صادر عن جهاز "الشاباك" إن هذا الناشط يدعى فادي الصباح (35 عاماً) وهو من سكان مخيم النصيرات في قطاع غزة وقام بالدخول إلى إسرائيل بتصريح إنساني لتلقّي العلاج الطبي، وتم اعتقاله في مدينة الطيبة [المثلث] في أيار/مايو الفائت.
وأضاف البيان أن تجنيد هذا الناشط جرى من طرف أحد أقربائه وهو أشرف الصباح (37 عاماً) الذي أُطلق سراحه في إسرائيل سنة 2015، بعد أن قضى 12 سنة في السجن لمشاركته في هجمات ضد قوات الجيش الإسرائيلي على طول منطقة الحدود مع قطاع غزة والتخطيط لهجمات أُخرى.
وأكد البيان أن هذه الحادثة تثبت أن حركة "حماس" تستخدم التصاريح الإنسانية التي تقدمها إسرائيل من أجل القيام بنشاطات عدائية في أراضي إسرائيل والضفة الغربية.
وأشار البيان إلى أن جهاز "الشاباك" أحبط في الأشهر الأخيرة عدة محاولات لـ"حماس" لتشكيل خلايا "إرهابية" في جميع أنحاء الضفة الغربية.
استمرت أمس (الأربعاء) لليوم الثالث على التوالي تظاهرات الإسرائيليين من أصول أثيوبية في شتى أنحاء إسرائيل احتجاجاً على العنف التي تتبعه الشرطة، والتي بدأت بعد مقتل شاب يهودي أثيوبي برصاص شرطي إسرائيلي يوم الاثنين الفائت.
وقال بيان صادر عن الناطق بلسان الشرطة الإسرائيلية إن هذه التظاهرات أدت إلى إصابة أكثر من 110 من عناصر الشرطة بجروح في المواجهات التي تخللتها وتضمنت رشقهم بالحجارة والزجاجات، وتم اعتقال 136 متظاهراً بشبهة الضلوع في أعمال شغب.
وناشد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ومسؤولون كبار آخرون المتظاهرين التزام الهدوء وتعهدوا بالقضاء على العنف الذي تمارسه الشرطة ضد اليهود الأثيوبيين.
وأصدر نتنياهو أمس بيانا أقر فيه بوجود مشاكل يجب حلها، لكنه حذّر من أن السلطات لن تقبل إغلاق الطرقات.
كما حذّر القائد العام للشرطة بالوكالة موتي كوهين من أن الشرطة لن تقبل مزيداً من العنف.
تجدر الإشارة إلى أن نحو 140.000 يهودي من أصول إثيوبية يعيشون في إسرائيل ووصلوا إليها في موجتي هجرة رئيسيتين سنة 1984 وسنة 1991، لكن كثيرين منهم يجدون صعوبة في الاندماج في المجتمع الإسرائيلي. ويقول قادتهم إن هناك نمطاً من العنصرية وإساءة المعاملة من جانب الشرطة تجاههم.
وفي حين أن تظاهرات يوم الاثنين الفائت شارك فيها متظاهرون من أصول إثيوبية فقط انضمت فئات أُخرى إلى التظاهرات التي جرت أمس وأول أمس (الثلاثاء).
شن عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" هجوماً حاداً على التيار القومي - الديني [تيار الصهيونية الدينية] في إسرائيل قبل نحو شهرين من الانتخابات العامة للكنيست التي ستجري يوم 17 أيلول/سبتمبر المقبل.
وقال ليبرمان في سياق كلمة ألقاها أمام "مؤتمر المناعة والأمن القومي الإسرائيلي" المنعقد في هيرتسليا [وسط إسرائيل] الليلة قبل الماضية، إن المدارس الدينية اليهودية المحسوبة على تيار الصهيونية الدينية [ييشيفوت] التي تعد الشبان اليهود للخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي تتجه نحو إعداد ميليشيات دينية خاصة، وأكد أن حزبه سيطالب الحكومة المقبلة بسحب صلاحية وزارة التربية والتعليم من هذه المدارس وحصر المسؤولية عنها بيد الجيش الإسرائيلي ووزارة الدفاع فقط.
وأشار ليبرمان إلى أن تبعية هذه المدارس لوزارتيْ التربية والتعليم والدفاع بعيداً عن أعين الجيش الإسرائيلي لا يمكن أن تستمر. واتهم هذه المدارس بإعداد جنود يكون ولاؤهم الأول للحاخامين وليس لقادتهم في الجيش الإسرائيلي.
وأثارت تصريحات ليبرمان استياء واسعاً في صفوف أحزاب اليمين.
وعقّب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على هذه التصريحات، فكتب في تغريدة نشرها في حسابه الخاص على موقع "تويتر" أن الصهيونية الدينية هي ملح الأرض وقدمت مساهمات هائلة للجيش الإسرائيلي وللدولة.
وأضاف نتنياهو أن هناك العديد من القادة والمقاتلين من خريجي المدارس الدينية ومدارس الصهيونية الدينية الذين ضحوا بحياتهم من أجل أمن إسرائيل، وأكد أن أي شخص يهاجم أبطالاً إسرائيليين من أجل جمع الأصوات فقط عليه أن يخجل من نفسه.
وسارع ليبرمان إلى الرد على رئيس الحكومة فأشار إلى أن نتنياهو اتخذ خلال العقدين الأخيرين عدة قرارات اعترض عليها تيار الصهيونية الدينية، ومنها قرار تسليم الخليل للفلسطينيين وإجراء مفاوضات مع الرئيس السابق للسلطة الفلسطينية ياسر عرفات. كما أشار إلى أن نتنياهو صوّت مع خطة الانفصال عن غزة في الكنيست ولا يزال يسمح بتمرير الأموال القطرية إلى حركة "حماس".
وهاجم وزير التربية والتعليم رافي بيرتس [رئيس حزب "البيت اليهودي" في تحالف "اتحاد أحزاب اليمين"] ليبرمان واتهمه بإثارة مزيد من الانقسام في المجتمع الإسرائيلي.
ورداً على الانتقادات، أكد ليبرمان أن تصريحاته كانت موجهة إلى الحاخامين الذين يترأسون هذه المدارس وليس إلى الطلاب أنفسهم.
-
- إطلاق النار على يهودي إثيوبي، عمل غير لائق؛ إطلاق النار على عربي إسرائيلي لائق أكثر؛ إطلاق النار على فلسطيني من المناطق هو ذروة اللياقة الإسرائيلية. توهم إسرائيل نفسها أن في إمكانها أن تكون عنصرية دورياً، أو عنيفة دورياً. تستطيع أن تدعم، وحتى تشجع، نوعاً معيناً من العنصرية وتتحفظ عن عنصرية أُخرى. مسموح إطلاق النار على شخص معين فقط بسبب جنسيته، وممنوع إطلاق النار على آخر بسبب لون بشرته فقط. التثاؤب أو حتى التصفيق، إزاء قتل متظاهرين فلسطينيين، والإحساس بالقليل من عدم الارتباك إزاء مقتل إثيوبيين من نفس العمر.
- لقد طورت إسرائيل لنفسها خريطة معايير تُظهر أن هناك نوعاً من العنصرية والعنف المسموح بهما وهناك نوع ممنوع. سوف يتم تبليغ الشرطة ذلك في الأيام القليلة المقبلة. ستكون هناك تعليمات جديدة: أوقفوا العنصرية ضد الإثيوبيين. لكن بالنسبة إلى الباقين استمروا من دون إزعاج. وسيشرحوا لرجال الشرطة أنه يجب التوقف عن ضرب الإثيوبيين وإهانتهم، لكن مسموح الاستمرار في ذلك ضد السود الآخرين، من طالبي اللجوء، وأيضاً ضد العرب في إسرائيل، وبالطبع يجب الاستمرار في فعل ذلك تجاه الفلسطينيين في المناطق [المحتلة].
- لقد بدأت مجموعة حلقات تعليمية تتعلق بعنصرية محددة. وهذا مضيعة لوقت الشرطة. ليس هناك ما نشرحه لهم وليس هناك سبب لوضع حدود للأنظمة المعمول بها: لا يوجد شيء كهذا. إمّا أن تكون عنصرياً أو لا تكون. إما أن تطلق النار من دون سبب، أو لا. لا يوجد حل وسط.
- محاولة إسرائيل السخيفة خلق جزر من الأخلاق والمساواة في بحر من العنصرية والعنف انفجرت في وجهها مرة أُخرى. الإسرائيليون موحّدون في تفاخرهم بتقديم بلدهم كديمقراطية غربية، وكمجتمع مثالي مع لطخة صغيرة وغير مرئية من احتلال إلى جانبها. أغلبية الإسرائيليين مقتنعة بوجود مثل هذا الشيء. هذه حقيقة. ومن أجل هذه الحملة من التبرير الذاتي جرى تجنيد كل منظومات القيم والمعتقدات: عبادة الأمن، الشعب المختار، المحرقة، والتهديد "الوجودي"، والترهيب من أجل تغطية الفجوة غير القابلة للتجسير بين الادعاء الكاذب وبين الواقع. لكن من حين إلى آخر يتمزق غطاء هذا المشهد المضلل وتظهر الحقيقة المزعجة. هذا ما جرى في الأيام الأخيرة، مع احتجاج الإثيوبيين.
- ليس هناك من يعتقد أن الاحتجاج غير محق. يدينون بصورة مخجلة "العنف" - "الفوضى"، الأعراس التي أُجّلت بسبب زحمة الطرق التي تسبب بها المحتجون، الفتاة التي كانت تعاني جرّاء الحرارة المرتفعة وعلقت في الزحمة، السيارة التي أُحرقت - كأنهم حقاً يفهمون ما الذي يعانيه الإثيوبيون.
- يعبّرون عن تعاطفهم مثل: العنصرية المؤسساتية والعنف الرسمي تجاوزا حدودهما وهذا أمر غير مقبول. يجب التخفيف من اللهيب وتحويل الأمور فقط نحو الأهداف المسموح بها. ليس لطيفاً منكم أيها الإثيوبيون أن تقولوا لنا أننا عنصريون. لكن أنتم وحدكم يمكنكم فعل ذلك. كل ضحايا العنصرية الإسرائيلية الآخرين، "المتسللون" غير "الشرعيين" و"الإرهابيون" - هم غير شرعيين. استمروا في إطلاق النار على المتظاهرين من غزة، واطلقوا النار مرة أُخرى على المتظاهرين من العرب في إسرائيل. لكن اتركوا اليهود جانباً.
- كالعادة، القوى الأمنية هي التي تقوم بالمهمة. هي التي تقوم بتنفيذ العنصرية الإسرائيلية المتدرّجة. المستوطنون يشاغبون، ويشعلون الحرائق ويلقون الحجارة، ويطلقون النيران، وهم خطرون في احتجاجهم أكثر من أي قطاع آخر، لكن الجندي أو الشرطي الذي يخطر في باله أن يطلق النار عليهم لم يولد بعد. في مواجهة احتجاج الحريديم يمكن ضبط النفس أقل، لكن طبعاً بطريقة مدروسة. فهم يهود. يمكن إطلاق النار على العرب في إسرائيل مثل الإثيوبيين. بينما يجب إطلاق النار على فلسطينيي المناطق.
- ليس هناك حدود للعنصرية. السياسة العنصرية هي سياسة عنصرية. ليس الاحتلال هو المسؤول عن كل شيء - العنصرية هي التي ترسل أتباعها في كل الاتجاهات، تارة نحو المناطق وتارة نحو كريات حاييم. لقد كشف عنها الإثيوبيون بكل بشاعتها. لا وجود هنا للأمن ولا للخوف. إنها قضية لون البشرة، ولا شيء آخر. لكن من الخطأ الاعتقاد أنه اذا جرى اجتثاث العنصرية ضد الإثيوبيين، إسرائيل لن تعود عنصرية.
- نادراً ما يلقي رئيس الموساد خطاباً علنياً ويتحدث فيه عن الأمور بإسهاب وانفتاح، وبالقدر الذي فعله رئيس الموساد الحالي يوسي كوهين في الأمس في مؤتمر هرتسليا.
- من الواضح تماماً أن هذا الخطاب كُتب وصيغ ليس فقط بموافقة رئيس كوهين بنيامين نتنياهو، بل يمكن الافتراض أن رئيس الحكومة تدخّل في وضع مضمون الخطاب وحجم التفصيلات والمعلومات التي قدمها رئيس الموساد في كلامه.
- أشار كوهين إلى أننا مسؤولون عن منع إيران من الحصول على سلاح نووي - تصريح اعتاد بصورة عامة أفرادالمستوى العملاني تركه للمستوى السياسي.
- لذلك من المفيد تفحص الجمهور الذي يستهدفه هذا الخطاب والغرض الذي يهدف إلى تحقيقه. من الواضح تماماً أن الهدف الأول والمركزي للخطاب هو ردع إيران. صحيح أن توقيت الخطاب حدده مؤتمر هرتسليا الذي يرأسه اللواء في الاحتياط عاموس جلعاد، لكن يمكن الافتراض أن هناك علاقة بين الخطاب والهجوم في سورية المنسوب إلى إسرائيل قبل ساعات منه، وأيضاً علاقة بتاريخ 1 تموز/يوليو، الموعد الذي أعلنه الإيرانيون مسبقاً للبدء بتخصيب كميات من اليورانيوم أكبر من تلك التي يُسمح لهم بالاحتفاظ بها بحسب الاتفاق النووي.
- إيران لم تتخل عن جهودها لإقامة جبهة إضافية ضد إسرائيل في سورية، ولم تتخل عن تطوير مشروعها النووي العسكري، ولا عن الإرهاب. ولقد تجلى هذا كله في الأيام الأخيرة، وخطاب رئيس الموساد هو فعلياً الرد الإسرائيلي الاستراتيجي الذي يستهدف ردع طهران من خلال تذكيرها بحقيقة أن الاستخبارات الإسرائيلية تعرف ماذا تفعل إيران خفية في الماضي، وتعرف أكاذيبها، وماذا تفعل اليوم.
- العنصر الثاني في الخطاب الذي يهدف إلى ردع الإيرانيين كان الجملة البسيطة التي قالها رئيس الموساد إن إسرائيل لن تسمح لإيران بالحصول على سلاح نووي. ولقد فعل ذلك بواسطة صيغة لمّح فيها إلى أنه حتى إذا لم تشارك الولايات المتحدة إسرائيل في عملية عسكرية ضد إيران، فإن إسرائيل ستتحرك ضد النووي الإيراني بقواها الذاتية وبوسائل متعددة.
- في الإمكان أن نشعر بأن كوهين حاول في خطابه، بصورة غير مباشرة لكن واضحة، تعديل الانطباع المائع الذي تركه سلوك ترامب الضعيف حيال الاستفزازات الإيرانية في الخليج الفارسي. ما شجع الإيرانيين هو إلغاء الهجوم الأميركي رداً على إسقاط الطائرة الأميركية الموجهة للتجسس، ويرون في الخطوة دليلاً على ضعف. يوسي كوهين، كما قلنا، حاول أن يعدّل ذلك. وأوضح أيضاً ما حاول الأميركيون طمسه، وهو أن الإيرانيين هم الذين هاجموا ناقلات النفط التي كانت تعبر بالقرب من مضيق هرمز.
- المعلومات التي قدمها بشأن سرقة الأرشيف النووي الإيراني من تحت أنف الحرس الثوري غرضها تذكير النظام الإيراني بأن لإسرائيل أرصدة في طهران يمكن استخدامها عند الحاجة من أجل زعزعة نظام آيات الله. لم يُخفِ كوهين تفاخره بهذه العملية، وكان واضحاً أنه يعتبرها، وعن حق، من أكبر إنجازات الموساد وأي جهاز آخر يمكن أن يحققه.
- إعلان الإيرانيين اليوم تجاوز كميات اليورانيوم المخصب على درجة منخفضة المسموح بها لا يُعتبر خرقاً مهماً. وهو يهدف إلى التهديد والتلميح إلى الأوروبيين وتشجيعهم على مساعدة إيران على التغلب على العقوبات الأميركية. هم أعلنوا أنهم ينوون تخصيب اليورانيوم على مستوى 20%، وإذا فعلوا ذلك، فإن هذا يمكن أن يُعتبر خرقاَ مهماً للاتفاق النووي. تخصيب على درجة منخفضة 3.65 % لأكثر من 300 كيلوغرام ليس شيئاً مهماً. وهو خطوة استفزازية ليس أكثر.
- ثمة هدف آخر لخطاب كوهين هو الرفع من مستوى إنجازات رئيس الحكومة ووزير الدفاع نتنياهو في مجاليْ الأمن والعلاقات الخارجية. بصفته رئيساً للموساد يتحدث عن "أطراف أُخرى في المنطقة مستعدة للتعاون"، وعن القدرة على أن نكون حليفاً وفياً للولايات المتحدة، وفي الوقت عينه إجراء حوار مع الكرملين، هو فعلياً يقول ما يريد نتنياهو أن يقوله، لكنه قد يُتهم باستغلال المعلومات ومكانته في موضوعات الأمن من أجل أغراض المعركة الانتخابية.
- يمكن التقدير أيضاً أنه من الأفضل لرئيس الحكومة أن يعرض كوهين الإنجازات التي يعرف الجميع أن لنتنياهو دوراً كبيراً في تحقيقها، أي أن يترك الآخرين يقولون الأمور كي لا يظهر أنه يتفاخر بنفسه.
- الهدف الثالث لخطاب كوهين هو الكشف أمام الجمهور الإسرائيلي بعضاً من العمل الضخم للموساد - ليس فقط على المستوى الاستخباراتي والعمليات الخاصة، لكن أيضاً على المستوى الاجتماعي، مثل الدفع قدماً بمكانة المرأة والمساواة في الفرص بين أصحاب القدرات المحدودة.
- لقد بدا ذلك كحملة علاقات عامة للموساد ولرئيسه، لكن هذا مشروع. يمكن بالتأكيد تصديق كوهين عندما يقول إنه فخور بعمل النساء والرجال الذين يعملون تحت إمرته وبعمله هو نفسه. هذا العمل الذي لا يركز فقط على تحقيق أكبر قدر من الأمن لمواطني إسرائيل، بل ايضاً على العمل الأخلاقي والجماعي الذي يجعل المجتمع الإسرائيلي يستحق الجهود التي يوظفها نساء ورجال مجهولون من أجل ضمان وجوده وقيمه.
- لا شك في أن هذا الجزء من الخطاب يهدف إلى مساعدة الموساد في تجنيد ألمع وأفضل العناصر التي يحتاج إليها في العصر السيبراني والذكاء الاصطناعي. لدى سماع خطاب رئيس الموساد لا يمكن التحرر من الشعور بأنه ذات يوم سيدخل الحلبة السياسية. وهذا أيضاً مشروع.