مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
أعرب الموفد الأميركي الخاص لشؤون إيران إليوت أبرامز عن اعتقاده أن الرئيس المنتخب جو بايدن سيواصل سياسة فرض العقوبات على إيران، لأنها سياسة الولايات المتحدة ولا علاقة لها بالانتخابات. جاء كلام أبرامز خلال الزيارة التي يقوم بها حالياً إلى إسرائيل ضمن إطار الجهود التي تبذلها إدارة ترامب لتشديد العقوبات على إيران قبل تنصيب الرئيس الجديد، وكان أبرامز التقى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع بني غانتس، ووزير الخارجية غابي أشكنازي، وضباطاً كباراً في شعبة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي، وسوف ينتقل من هنا إلى الرياض وأبو ظبي.
في بيان وُزع على المراسلين قال أبرامز إن بايدن سيواصل انتهاج سياسة صارمة ضد نظام آيات الله في إيران، ولن يكون للإيرانيين خيار سوى تغيير سلوكهم. ومما قاله الموفد الأميركي: "عندما نفرض عقوبات على سفير إيران في العراق بسبب عمليات إرهابية، فإن هذا لا علاقة له بالسياسة. لدينا عملية قانونية نتبعها والعقوبات لا تدخل في حيز التنفيذ من يوم إلى آخر. نحن لا ننوي تغيير خطتنا، العقوبات ستستمر ونحن مصرّون على الاستمرار في حملة الضغط الأقصى على إيران."
وسُئل أبرامز إذا كان يحق لبايدن التراجع عن هذه العقوبات فأجاب: "قانونياً أعتقد أنه من حق أي رئيس التراجع عن أي موضوع جرت الموافقة عليه في ولاية سابقة"، لكنه أوضح: "جزء من العقوبات المفروضة على إيران لا يتعلق بالاتفاق النووي الإيراني. هناك عقوبات لها علاقة بحقوق الإنسان وعمليات إرهابية. نظرياً، يمكن التراجع عنها، لكن من الصعب أن يفعل الرئيس المنتخَب ذلك. إيران لا تزال من أكبر الدول الداعمة للإرهاب في العالم، ولا جدال بشأن دورها السلبي في لبنان، واليمن، والعراق، ودعمها للميليشيات الشيعية."
واعترف الموفد الأميركي بوجود خلافات في الرأي بين إدارة ترامب وبين الإدارة المقبلة لبايدن بشأن ما له علاقة بالاتفاق النووي، لكنه أعرب عن اعتقاده أنه لن يكون هناك عودة في سنة 2021 إلى الاتفاق الأساسي النووي. ورأى أن الشرق الأوسط اليوم أصبح مختلفاً بسبب العقوبات الأميركية. وأضاف: "خمسة رؤساء أميركيين قالوا إنهم لن يسمحوا لإيران بالحصول على سلاح نووي. هذا هو موقف إسرائيل أيضاً. وهذا ليس موقف الرئيس المنتخَب فقط بل سيكون أيضاً موقف الرئيس الذي سيُنتخب في سنة 2024."
وأوضح أبرامز أن العقوبات المخطط لها للأشهر المقبلة ستكون أكثر فعالية على الرغم من أنها ستكون من طرف واحد. وقال: "اذا اتخذت الولايات المتحدة موقفاً صارماً لن يكون للإيرانيين من خيار، وكلما زاد الضغط الاقتصادي سيفهم النظام أنه سيكون لذلك تداعياته على الحياة السياسية في إيران."
وتحدث أبرامز عن تأثير العقوبات المفروضة على إيران على الصعيد الاقتصادي من خلال انخفاض قيمة العملة المحلية، والتضخم، وانخفاض تصدير الوقود. وأشار إلى أن ذلك انعكس أيضاً في تراجع الدعم المالي لـ"حماس" وحزب الله.
من جهة أُخرى أشار المعلق العسكري في "هآرتس" (10/11/2020)، تعليقاً على المواقف التي أطلقها أبرامز، إلى أن الرئيس المنتخَب جو بايدن لديه أفكار أُخرى. ورجع إلى مقال نشره بايدن في محطة السي أن أن، في أيلول/سبتمبر، عرض فيه بايدن عدداً من المبادىء في سياسته حيال إيران منها: التعهد المطلق للولايات المتحدة بمنع سلاح نووي إيراني؛ عودة الولايات المتحدة إلى اتفاق نووي في مقابل التزام إيراني كامل بشروط الاتفاق الحالي؛ بدء المفاوضات على اتفاق جديد أكثر صرامة في المطالب من طهران؛ المطالبة بوقف انتهاكات حقوق الإنسان؛ وتقليص التوترات الإقليمية، وعلى رأسها "الحرب في اليمن."
توفي المسؤول الكبير في السلطة الفلسطينية صائب عريقات (65 عاماً) في مستشفى هداسا عين كرم التي نُقل إليها في الشهر الماضي بعد إصابته بفيروس الكورونا، وذلك بناء على طلب من السلطة الفلسطينية، وبعد تدهور وضعه الصحي.
ونشرت الصحيفة أجزاء من مقابلة خاصة أجرتها مع صائب عريقات في تموز/يوليو الماضي تحدث فيها عن السنوات الطويلة التي قضاها في العمل على إيجاد حل للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني. انتقد عريقات في المقابلة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بشدة لتعمّده إهمال التفاوض مع الفلسطينيين، وحذّر من تداعيات ذلك. وذكر عريقات أن إيهود أولمرت كان قريباً جداً من التوصل إلى اتفاق سلام، وقال" "لو بقي في منصبه بضعة أشهر أُخرى كرئيس للحكومة لكنا نتحدث اليوم أنا وأنت عن موضوعات أُخرى. دولتان على أساس حدود 1967." وأعرب عريقات عن شعوره بالإحباط إزاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقال: "اجتمعت والرئيس عباس بالرئيس ترامب وطاقمه 37 مرة في سنة 2017. أربع مرات مع الرئيس، و33 مرة مع جاريد كوشنير وطاقمه. استخدمنا كل الوسائل كي نوضح موقفنا، وقدمنا خرائط، وتعهد ترامب في أيار/مايو في تلك السنة عدم القيام بأي خطوة من دون إعطاء مهلة سنة ونصف السنة للمفاوضات بين الطرفين." وذكر عريقات أن الرئيس ترامب كان وعدهم بعدم نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وأعلن استعداده للتوقيع على تعهد بهذا الصدد. لكن عندما سأل عريقات كوشنير عن موعد توقيع ترامب التعهد أجابه: إن الولايات المتحدة تتخذ قراراتها وفقاً لمصالحها وسياستها. وأضاف عريقات: منذ ذلك الحين اتخذت إدارة ترامب 48 قراراً ضد الفلسطينيين، فقامت بإغلاق ممثلية منظمة التحرير في واشنطن التي يحتاج إلى خدماتها 700 ألف فلسطيني – أميركي، وأوقفت تقديم المساعدة إلى الأونروا المسؤولة عن تعليم 500 ألف تلميذ فلسطيني في مخيمات اللاجئين، وأوقفت المساعدة المقدمة إلى مستشفى أوغوسطا فيكتوريا في القدس الشرقية، المستشفى الوحيد الذي لديه مركز لمعالجة مرضى السرطان.
وعندما سألته الصحيفة عن المسؤول عن هذا الموقف الأميركي أجاب عريقات: "شلدون أدلسون الشخص الذي يوزع صحيفة "يسرائيل هَيوم" مجاناً. أدلسون أخذ تحت رعايته ديفيد فريدمان وكوشنير، ولهؤلاء الأشخاص أيديولوجيا تعتبر أن هذه الموضوعات تقررها قوة إلهية." وعن صفقة القرن قال: "لا يوجد شيء جيد في الصفقة. قرأت كل كلمة فيها. المشكلة المركزية أن المستوطنين لا يريدون أن يروا الفلسطينيين. وهم يرغبون في إضافة بند آخر إليها، هو كيف يقومون بترحيلنا. إذا انتُخب ترامب في تشرين الثاني/نوفمبر، ربما سيضيف هذا البند. المستوطنون لا يريدون وجود فلسطينيين من حولهم." وقال عريقات أنه بذل كل ما في وسعه من أجل تحقيق السلام، وهو لا يندم على شيء. وشدد في نهاية المقابلة على أنه إذا لم يتحقق السلام والأمن للفلسطينيين فإن إسرائيل لن تعيش بأمان.
أعلن الشاباك أمس أنه اعتقل في تشرين الأول/أكتوبر شابين فلسطينيين لم يتجاوز عمرهما الـ16 عاماً من سكان الضفة الغربية للتحقيق معهما بتهمة تجنيدهما بواسطة شبكة الإنترنت من جانب أطراف تابعة لحركة "حماس"، للقيام بعمليات إرهابية في الضفة الغربية.
وكشف التحقيق أن المسؤول عن تجنيد الشابين هو بلال كردي من سكان قطاع غزة والمسؤول عن الوحدة السيبرانية في الذراع العسكرية لـ"حماس"، والذي طلب منهما جمع معلومات استخباراتية عن مستوطنات يهودية قريبة، والتخطيط لخطف مواطن إسرائيلي يسكن بالقرب من مكان إقامتهما.
- هناك من يقلقه تغيّر الرؤساء في الولايات المتحدة. وكما هو معروف، الولايات المتحدة هي الحليف رقم واحد لإسرائيل، ومساهمتها في تحصين إسرائيل وأمنها أساسية.
- منذ إقامتها كان التأييد الأميركي لدولة إسرائيل من الحزبين الكبيرين. رؤساء جمهوريون مثل رؤساء ديمقراطيين دعمونا سياسياً وأمنياً من دون أي تحفّظ. للأسف سلوك رئيس الحكومة في الساحة الأميركية في السنوات الأخيرة خلق الانطباع أن إسرائيل تفضّل أحد الحزبين على الآخر. نتنياهو، ولأسباب اعتبرها محقة، تحدى أكثر من مرة كبار مسؤولي الحزب الديمقراطي، وعلى رأسهم الرئيس أوباما، الذي كان أيضاً من الأكثر صداقة لإسرائيل، مع أن مواقفه لم تتلاءم دائماً مع مواقف حكومة إسرائيل. أوباما هو الذي فتح أمامنا الاستخبارات والتكنولوجيا العسكرية الأميركية كما لم يفعل أحد من الذين سبقوه، وساعد في تمويل وتطوير منظومات الدفاع الإسرائيلية ضد الصواريخ، مثل القبة الحديدية ومقلاع داود وحيتس.
- على خلفية سياسة نتنياهو في مواجهة الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة، يوجد لدى كثيرين تخوّف من برودة من جانب الإدارة الأميركية الجديدة. لكن تجربة الماضي تثبت أن الحلف بين إسرائيل والولايات المتحدة أقوى من أي نزوة رئيس ورئيس حكومة. صحيح أن الإدارة الأميركية لا تميل إلى نسيان الذين يعترضون عليها، لكن يبدو لي أن هناك أسباباً غير قليلة تمنع سياسة معادية ضدنا من الساكن الجديد في البيت الأبيض: أولاً، جو بايدن كان على الدوام صديقاً لإسرائيل. وخلال عشرات السنوات من عضويته في مجلس الشيوخ وقف دائماً إلى جانب إسرائيل. تنبع صداقة بايدن من إيمانه بالقيم المشتركة للديمقراطية والسلام والمساواة. بايدن كان نائباً لأوباما، وكنائب للرئيس أظهر أكثر من مرة خلال ولايته التزامه بأمن إسرائيل.
- الوضع السياسي في إسرائيل أيضاً له أهمية إزاء الإدارة الجديدة. حقيقة وجود حكومة إسرائيلية ذات رأسين مؤلفة من كتلة الليكود برئاسة نتنياهو الذي أعلن تأييده لترامب، ومن كتلة أبيض أزرق القريبة في مواقفها من الحزب الديمقراطي يمكن أن تؤثر في العلاقات مع الإدارة الجديدة. وفي الواقع، إن جزءاً من كبار مسؤولي كتلة أبيض أزرق تعاون تعاوناً وثيقاً مع الإدارة الديمقراطية، ومع بايدن نفسه، وهو يعرفهم جيداً. يعرفه جيداً عمير بيرتس عندما كان وزيراً للدفاع وكان بايدن من كبار مسؤولي لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ التي وافقت على تخصيص موارد أميركية كبيرة لتسليح الجيش الإسرائيلي في أيام حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006]؛ كذلك غابي أشكنازي كمدير لوزارة الدفاع في تلك الفترة، وبعدها كرئيس للأركان في الفترة التي كان فيها بايدن نائباً للرئيس أوباما؛ كما يعرفه بني غانتس عندما عمل ملحقاً للجيش الإسرائيلي في الولايات المتحدة وركّز الاتصالات الأمنية مع القيادة الأميركية. لا شك في أن لهذا الثلاثي شبكة علاقات جيدة مع كبار الديمقراطيين الجدد - القدامى. هذه العلاقات الشخصية ستساعد كثيراً إسرائيل في التغلب على عدائية محتملة لنتنياهو.
- مع ذلك، مقاربة الديمقراطيين لحل النزاع في منطقتنا تختلف عن وجهة نظر الليكود والكتلة التي يقودها في الحكومة، وهي قريبة أكثر من مواقف حزب العمل وحزب أزرق أبيض - مقاربة "الفلسطينيون أولاً" وحل الدولتين. لذا يبدو أن السياسة الشرق الأوسطية للإدارة الجديدة ستتغير، وسيُبذل جهد من الحزب الديمقراطي لإعادة إسرائيل والفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات على أساس مخطط دولتين لشعبين.
- بعد أن قال الشعب الأميركي كلمته، يجب علينا أن نحترم قراره؛ الاعتراف لإدارة ترامب بكل الفضل الذي أغدقته علينا، واحتضان الإدارة الجديدة والتحاور معها على أمل أن يوصل العمل المشترك إسرائيل إلى شاطىء الأمان.
- ملاحظة أخيرة في الختام. المعركة الانتخابية في الولايات المتحدة أظهرت الاستقطاب في هذه الدولة وكان العداء للسامية علنياً وواضحاً، ووصل أحياناً إلى هجمات عنيفة ضد اليهود. أنا مقتنع بأن تركيبة الحزب الديمقراطي والشخصية التصالحية للرئيس الجديد سيؤديان إلى انخفاض المستوى العلني لكراهية اليهود، وبسرعة جداً سيثبت أن بايدن "جيد لليهود".
- نائب الرئيس جو بايدن أُعلن فائزاً في الانتخابات الأميركية بعد حصوله على الـ270 ناخباً كبيراً المطلوبين. على الرغم من الإعلان يدّعي ترامب حدوث تزوير وينوي اللجوء إلى إجراءات قضائية، من بين خطوات أُخرى، من أجل إعادة فرز الأصوات. محاولات ترامب تقويض العملية الديمقراطية، وكذلك فشل الديمقراطيين البادي في تحقيق "موجة زرقاء" تجعلهم يحصلون على الأغلبية في مجلس الشيوخ، يجسّدان شدة الاستقطاب في المجتمع الأميركي.
- بعد فترة ولاية عاصفة للرئيس ترامب من المتوقع أن تتصرف إدارة بايدن بصورة هادئة أكثر. حتى الآن، وفي ضوء عدم اليقين العالمي جرّاء وباء الكورونا، ليس من الواضح إلى أي حد سيتغير جدول أولويات الإدارة الأميركية. مع ذلك، من المعروف أن إدارة بايدن ستوظف اهتماماً وموارد أكثر "لمعالجة النفس الأميركية" بحسب المعايير التي حددها برنامج الحزب. وذلك على خلفية 4 سنوات وصل فيها الانقسام والتوتر العنصري إلى الذروة، وأيضاً استمرار تفشّي وباء الكورونا الذي قتل نحو 220 ألف أميركي، وأسفر عن أضرار اقتصادية وصحية هائلة.
- محاولة تقدير طريقة تصرّف إدارة بايدن يجب أن تتطرق، من بين أمور أُخرى، إلى 3 تطورات: خلافات داخلية في صفوف الحزب الديمقراطي نفسه، اختيار بايدن السيناتور كامالا هاريس لمنصب نائب الرئيس، والنظرة التقليدية – التي تقوضت خلال فترة ترامب - التي أساسها تبنّي الحزب الديمقراطي التقليدي للتعددية واستخدام وسائل دبلوماسية كأداة لزيادة القوة الناعمة للولايات المتحدة في الساحة الدولية. في هذا المجال من المتوقع أن تعزز إدارة بايدن - بعكس سابقاتها - التعاون مع حلفاء الولايات المتحدة في الساحة الدولية.
- اختيار بايدن هاريس نائباً له - ناهيك عن أن تعيين امرأة سوداء في المنصب أشعل حماسة الناخبين - دل أيضاً على التوجه السياسي للإدارة المقبلة. وذلك بسبب انتماء هاريس إلى الجناح المعتدل في الحزب. يجب التشديد على أن اختيار هاريس مهم لمستقبل سياسة الحزب الديمقراطي على الرغم من أن نائب الرئيس، تقليدياً لا يتمتع بنفوذ كبير، لأن بايدن الذي يبلغ الـ78 من عمره لن يترشح على ما يبدو لولاية إضافية - الأمر الذي سيؤدي إلى تموضع كامالا كمرشحة للرئاسة في سنة 2024.
- فيما يتعلق بالتوترات الداخلية الحزبية، يمكن توقع أن يعيّن الرئيس المنتخب قدامى إدارة أوباما من ممثلي الجناح المعتدل في الحزب الديمقراطي في المناصب الرفيعة المستوى. مع ذلك من المتوقع أن يواجه الرئيس وسائر مندوبي الجناح المعتدل ضغوطاً حادة من الجناح التقدمي - في موضوعات سياسية داخلية وخارجية في آن معاً. دروس في هذا المجال يمكن أن نستنتجها من تقارير بشأن عملية صوغ برنامج الحزب الديمقراطي، ومن مضمون الحصيلة النهائية. فيما يتعلق بإسرائيل يدل البرنامج على قوة المعتدلين: فهو لا يتضمن كلمة "احتلال" لدى التطرق إلى النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، ويشير إلى معارضة قاطعة لحملة الـBDS التي تعمل على الدفع قدماً بمقاطعة إسرائيل في الساحة الدولية. مع ذلك، بالإضافة إلى معارضة الـBDS، يبرز أيضاً في المفاوضات الداخلية الحزبية التزام الحزب عدم انتهاك حق حرية التعبير وكذلك حق القيام بالمقاطعة. تغيير إضافي في برنامج الحزب له علاقة بإسرائيل من سنة 2016 هو المعارضة القاطعة لضم إسرائيلي لمناطق فلسطينية، مع أن هذه النظرة تحظى بدعم تام في الحزب ولا تُعتبر نتيجة مفاوضات بين الأجنحة، من المحتمل أن التقارب في النتائج (في الأساس إذا لم يحظ الديمقراطيون بأغلبية في مجلس الشيوخ) سيفرض على بايدن التعاون مع جمهوريين معتدلين من أجل الدفع قدماً بجدول أعمال قانوني.
- بالإضافة إلى ذلك، إسرائيل هي أحياناً موضوع خلافي وسط مندوبي الجمهور الديمقراطي، لكن الرئيس المنتخب بايدن وأيضاً نائبه هاريس يوليان أهمية استراتيجية لمنظومة العلاقات الثنائية معها وأثبتا في الماضي، نظرياً وعملياً ـ أنهما صديقان كبيران لها. من كلامه العلني في الحملة يبدو أن بايدن سيبقى ملتزماً بالمحافظة على التفوق النوعي العسكري لإسرائيل، ولم يشترط استمرار المساعدة الأمنية بتغيّر في السياسة الإسرائيلية. ولن ينقل السفارة الأميركية من مقرها في القدس. في مسألة التسوية مع الفلسطينيين، كما يبدو، لن يسارع بايدن إلى تقديم مقترحاته - طبعاً ما دام لم يطرأ تغيير على القيادة الفلسطينية. من المتوقع ان يواصل بايدن تأييد عملية تشجيع التطبيع مع الدول العربية، مع أنه من المحتمل أن تكون إدارته أقل سخاء في دفع "مقابل" أميركي للاتفاقات. تجدر الإشارة إلى أن موقف بايدن من السعودية التي تُعتبر اللاعبة المركزية والأكثر أهمية لاستكمال العملية هو نقدي أكثر من الذي تبناه ترامب. من ناحية ثانية من المحتمل أن يكون السعوديون أكثر اهتماماً بمنح الرئيس الجديد "هدية" التطبيع من أجل تهدئة الأمور مع الإدارة بعد الانتقادات الحادة من الديمقراطيين لخطوات قاموا بها.
- في المقابل، من المتوقع أن تشدد إدارة بايدن على مبادىء وجهت إدارات ديمقراطية في الماضي: مخطط حل الدولتين لشعبين كحل مفضل لإنهاء النزاع، وإعادة فتح مكاتب الممثلية الدبلوماسية لمنظمة التحرير في واشنطن، ومعارضة أي مبادرة إسرائيلية لضم مناطق فلسطينية، وعلى ما يبدو أيضاً إدانة علنية لخطوات إسرائيلية أحادية الجانب في المناطق (لم تتطرق إليها إدارة ترامب). وهذه تشمل توسيع المستوطنات واستمرار سياسة هدم مبان (كرد إسرائيل على الإرهاب أو البناء الفلسطيني في المنطقة ج). من المحتمل أن معارضة خطوات كهذه من إسرائيل ستؤدي إلى عودة الولايات المتحدة إلى لعب دور وسيط يحظى بشرعية فلسطينية.
- من المتوقع أن تحتل مشكلة إيران مركزاً أساسياً في سياسة الإدارة في الشرق الأوسط. في مقال رأي نُشر خلال الحملة (في نيسان/أبريل في السي أن أن) عرض بايدن سياسته في هذا الإطار، وتعهد العمل على منع حصول إيران على سلاح نووي، وقال: إذا عادت إيران إلى الاتفاق فإن الولايات المتحدة ستفعل ذلك أيضاً - كنقطة للدخول في مفاوضات لتمديد زمن القيود التي سيتضمنها الاتفاق المحدث بمشاركة الأوروبيين، وأيضاً لكي يتضمن تطرقاً إلى توترات إقليمية.
- أبقى بايدن موقفه غامضاً تجاه المطالبة الإيرانية المقدمة كشرط مسبق للدخول في مفاوضات – رفع كل العقوبات والتعويض عن تداعيات العقوبات الأميركية منذ فرضها مجدداً. في أي سيناريو، سواء استئناف المفاوضات أو استمرار خطوات التصعيد من جانب إيران، يتعين على إسرائيل أن تأخذ في حسابها وجود فجوات بين مصالحها وبين مصالح الولايات المتحدة.
- في الساحة الدولية، من المتوقع أن يجدد بايدن مشاركة الولايات المتحدة في اتفاقية المناخ في باريس، وتعزيز التحالف مع حلفائها التقليديين في العالم الغربي عموماً، وفي أوروبا الغربية خصوصاً.
- في ساحة الأمم المتحدة يمكن توقُّع عملية سريعة نسبياً فيما يتعلق بهيئتين: وقف الخروج من منظمة الصحة الدولية (WHO)، والعودة إلى مجلس حقوق الإنسان (UNHRC)- مثلما أعاد أوباما الولايات المتحدة إلى المجلس بعد أن أخرجها منه سلفه جورج بوش الابن . في مؤسسات الأمم المتحدة وخارجها، سيتأثر سلوك إدارة بايدن بالمنافسة والخصومة مع الصين. مع ذلك، لا يوجد فارق مهم بين الحزب الديمقراطي والجمهوري إزاء النظرة إلى التهديد الذي تمثله الصين. وفي برنامج عمل الحزب الديمقراطي مذكور علناً أنه في ظروف معنية يجب القيام بـ"إجراءات صارمة" ضد بيجين.
- في الخلاصة، نهاية ولاية ترامب وانتخاب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة يتطلبان ملاءمات إسرائيلية. أولاً، المطلوب استراتيجيا تواصُل مع الإدارة الجديدة، تجدّد مكانة إسرائيل كإجماع بين الحزبين الكبيرين في الولايات المتحدة المنقسمة. في هذا الإطار، على إسرائيل أن تبادر فوراً إلى عمل دؤوب يشمل ترسيخ خطوط تواصُل مفتوحة مع نواب الحزب الديمقراطي، وأيضاً مع الجاليات اليهودية في الولايات المتحدة. بالنسبة إلى قضايا استراتيجية، المطلوب عمل وثيق وتنسيق التوقعات بين طواقم أميركية وإسرائيلية في كل ما له علاقة بالسياسة الإقليمية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط - بدءاً من التهديد الذي تشكله إيران إزاء إسرائيل، مروراً بمواصلة اتجاه التطبيع مع الدول العربية، وصولاً إلى النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني. ثالثاً، في الساحة الدولية - يجب حل مسألة التجارة والتعاون بين إسرائيل والصين. بالإضافة إلى ذلك، نقترح محاولة تنسيق إعادة دخول الولايات المتحدة إلى هيئات الأمم المتحدة بصورة تدريجية، بحسب جدول مالي يكون مشروطاً بتغييرات في وظيفة هذه الهيئات وإصلاح الخلل الذي يؤدي إلى انحياز تلقائي ضد إسرائيل.
- ختاماً ، إذا لم تتطابق سياسة الولايات المتحدة مع سياسة حكومة إسرائيل، من المهم أن يأخذ الرد الإسرائيلي في الاعتبار متغيرَيْن أساسيين: الأول- العلاقة الثنائية مع الولايات المتحدة التي هي الرصيد الأكثر أهمية لإسرائيل في المنطقة وفي الساحة الدولية. الولايات المتحدة مع إدارة بايدن أيضاً ستعتبر إسرائيل حليفاً مهماً في الشرق الأوسط، وبناء على ذلك، تقتضي المصلحة الإسرائيلية تطوير العلاقات مع الإدارة وتقويتها - حتى مع وجود خلافات في الرأي معها. ثانياً- أي نقد علني وتحدٍّ إسرائيلي للإدارة الديمقراطية سيوسعان الفجوة معها، وأيضاً مع جزء من الجالية اليهودية الأميركية التي تشكل مدماكاً مهماً في العلاقة التاريخية والقيم بين البلدين.