مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
سجل عضو الكنيست السابق جدعون ساعر صباح أمس (الخميس) حزبه الجديد لدى مسجل الأحزاب استعداداً لخوض الانتخابات العامة المقبلة، وأطلق عليه اسم "أمل جديد- وحدة لإسرائيل". وكان ساعر انشق عن حزب الليكود، وانضمت إليه عضو الكنيست يفعات شاشا- بيتون من الليكود، وعضوا الكنيست يوعز هندل وتسفي هاوزر من حزب "ديرخ إيرتس".
ونشر الحزب الجديد مبادئ برنامجه الانتخابي التي تشمل "العمل على إحقاق الحقوق الطبيعية والتاريخية للشعب اليهودي في أرض إسرائيل، وتثبيت هوية إسرائيل كدولة للشعب اليهودي ذات نظام ديمقراطي، والدفاع عن قيمها كدولة قومية للشعب اليهودي تحافظ على حقوق الإنسان وتتبع المساواة في الحقوق للأفراد، وتطوير البلد وتشجيع الاستيطان والزراعة في الجليل، والنقب، والضفة الغربية، والجهة الشرقية من الجولان، وعلى طول غور الأردن حتى إيلات [جنوب إسرائيل]".
ومن الأهداف الأُخرى التي وضعها الحزب "تشجيع الإصلاحات في كل سلطات الدولة، بما في ذلك أنظمة تطبيق القانون وطريقة الحكم، ودفع اقتصاد حرّ مع توفير فرص عادلة للجميع، والالتزام بضمان متبادل، ودعم نظام التعليم وجعله من الأنظمة الرائدة في العالم مع التشديد على التفوق، وتقليص الفجوات وإعطاء فرص متساوية لكل طفل، وتعزيز مكانة المعلم والمربي في المجتمع الإسرائيلي".
دعا رئيس الحكومة البديل وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس [رئيس أزرق أبيض] القيادة الفلسطينية ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى الانضمام إلى المسيرة السلمية وعدم البقاء في الصفوف الخلفية، وأشار إلى أن الفلسطينيين يريدون ويستحقون كياناً يعيشون فيه بصورة مستقلة، وأكد أن السلام في منطقة الشرق الأوسط سيبقى ناقصاً من دون الفلسطينيين.
وجاءت مواقف غانتس هذه في سياق مقابلة أجرتها معه صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية أمس (الخميس)، أكد فيها أيضاً أن من حق الفلسطينيين أن يشعروا بالاستقلال، وأن تكون لهم عاصمة، وشدّد على أن القدس يجب أن تبقى موحدة ولكن سيكون فيها مكان لعاصمة فلسطينية فهي مدينة رحبة جداً، ومليئة بالمقدسات للجميع.
وتطرّق غانتس إلى مطالبة السلطة الفلسطينية بحدود 1967 مع تبادل أراض، وإلى خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ["صفقة القرن"] التي تتحدث عن ضم 30% من أراضي الضفة الغربية من جهة غور الأردن، فقال: "نحن بحاجة إلى نقاط مراقبة استراتيجية حقيقية لأجل الأمن. طبعاً، يمكن الحديث عن تبادل أراض، مع أنني لا أرى كيف وأين. نحن نقول إن حدود 1967 لن تعود ولكن يوجد دائماً إمكانات للتوصل إلى حلول وسط. المهم أن نبقي المسار حياً وألّا يتخلف الموضوع الفلسطيني عن ركب رياح السلام القائم حالياً."
وأضاف غانتس: "نحن بحاجة إلى غور الأردن ضمن الإجراءات الأمنية. لكن مسألة المساحة ليس بالضرورة أن تكون 30%. يمكن تقليص هذه المساحة كثيراً. لقد عارضنا مخطط الضم من البداية وذلك قبل طرح مطلب الإمارات العربية المتحدة، وقبل موافقة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على التجميد. ووقفنا ضد إضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية غير القانونية."
وأشار غانتس إلى أنه يريد للكيان الفلسطيني أن يكون ذا امتداد جغرافي مناسب يجعله قابلاً للحياة المريحة. وعندما ضغط المحاور على غانتس بشأن ما إذا كان الكيان الفلسطيني الذي يدعو إلى إقامته سيشكل دولة تجنب الرد على السؤال وقال: "دولة أو إمبراطورية، يسمونها كما يشاؤون. من حقهم أن يشعروا بالاستقلال، وأن تكون لهم عاصمة. نحن نريد للكيان الفلسطيني أن يكون ذا امتداد جغرافي مناسب يجعله قابلاً للحياة المريحة بلا عوائق وعراقيل. ما نطلبه بإصرار هو الأمن. نحن بحاجة إلى نقاط مراقبة استراتيجية حقيقية من أجل الأمن."
وكشف غانتس في المقابلة أنه زار كل الدول العربية بالخفاء ضمن أداء مهمات عسكرية، مضيفاً: "أرغب جداً في أن أزورها علناً بصورة رسمية، ودية وسلمية." وأضاف أنه يريد أن يكون الفلسطينيون جزءاً من مسيرة السلام، فهذه المسيرة مع العالم العربي هي فرصة كبيرة وحقيقية.
وشدّد غانتس على أن ما يسمى بـ"المحور الإيراني" في المنطقة يشكل تهديداً لإسرائيل وللدول العربية أيضاً. وأضاف: "نتمنى أن يتوصل المحور الإيراني إلى الاستنتاج اللازم من رياح السلام ويبدأ بالتغيير وإلّا سيواجه ما لا تحمد عقباه. انظر كيف تعيش سورية اليوم، أو لبنان، أو العراق، أو ليبيا، أو اليمن. هذا المحور الإيراني يتعرض للتدمير ونحن نسعى للسلام والازدهار لشعوبنا."
وشن وزراء وأعضاء كنيست من الليكود واليمين هجوماً حاداً على غانتس، ولا سيما على تصريحه بشأن وجود متسع في مدينة القدس لعاصمة فلسطينية.
وقال وزير شؤون القدس رافي بيرتس ["البيت اليهودي"] إن القدس الموحدة هي العاصمة الأبدية للشعب اليهودي وليست عاصمة لأي جهة أُخرى.
وقال وزير التعليم العالي زئيف إلكين [الليكود] إن لا مكان لعاصمة فلسطينية في القدس الموحدة.
وقال عضو الكنيست نير بركات [الليكود] إن القدس هي العاصمة الأبدية للشعب اليهودي وعاصمة إسرائيل فقط.
ذكر بيان صادر عن وزارة الصحة الإسرائيلية أمس (الخميس) أنه تم تسجيل 2802 إصابة بفيروس كورونا خلال الساعات الـ24 الماضية وأن نسبة الفحوصات الإيجابية بلغت 3.5% وجاءت بعد إجراء 80.000 فحص، وأشار إلى أنه لليوم الثاني على التوالي يتجاوز عدد الإصابات 2800 إصابة.
وأضاف البيان أن عدد المصابين الذين يتلقون العلاج في المستشفيات بلغ 705 حالات، بينها 400 حالة خطرة تم ربط 150 حالة منها بأجهزة التنفس الاصطناعي، كما ارتفعت حصيلة الوفيات إلى 3033 حالة وفاة.
وتأتي هذه المعطيات على خلفية تقديرات أن إسرائيل ستصل خلال الأيام القليلة المقبلة إلى الحاجز الذي أقره المجلس الوزاري المصغر لشؤون كورونا لفرض قيود مشددة وهو 2500 إصابة يومية بالمعدل على مدار أسبوع، الأمر الذي سيؤدي إلى إغلاق كل القطاع التجاري والدكاكين الواقعة في الشوارع والأسواق، والمدارس في البلدات الحمراء والبرتقالية، وتقليص عدد المسافرين في المواصلات العامة إلى 50% من سعتها الحالية.
أظهر استطلاع للرأي العام أجرته صحيفة "معاريف" بواسطة معهد "بانلز بوليتيكس" المتخصص في شؤون الاستطلاعات أمس (الخميس) أنه في حال إجراء الانتخابات العامة للكنيست الـ24 الآن ستحصل قائمة الحزب الجديد بقيادة جدعون ساعر المنشق عن حزب الليكود والذي انضمت إليه عضو الكنيست يفعات شاشا- بيتون من الليكود، على 19 مقعداً، وتحصل قائمة حزب الليكود برئاسة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على 29 مقعداً، وقائمة تحالف "يوجد مستقبل- تلم" بزعامة عضو الكنيست يائير لبيد على 13 مقعداً، بينما تتراجع قائمة "يمينا" بزعامة عضو الكنيست نفتالي بينت المكونة من حزب اليمين الجديد برئاسة بينت، وحزب الاتحاد القومي برئاسة بتسلئيل سموتريش، إلى 13 مقعداً بعد أن كانت حصلت على 22 مقعداً في الاستطلاعات السابقة.
وتحصل القائمة المشتركة على 11 مقعداً، ويحصل كل من قائمة حزب شاس وقائمة حزب يهدوت هتوراه لليهود الحريديم [المتشددون دينياً] على 8 مقاعد، ويحصل كل من قائمة أزرق أبيض بزعامة وزير الدفاع ورئيس الحكومة البديل بني غانتس، وقائمة حزب "إسرائيل بيتنا" بزعامة أفيغدور ليبرمان على 7 مقاعد، وتحصل قائمة حزب ميرتس على 5 مقاعد.
ولن تتمكن قوائم أحزاب العمل و"البيت اليهودي" و"غيشر" و"عوتسما يهوديت" [قوة يهودية] من أتباع الحاخام مئير كهانا من تجاوز نسبة الحسم (3.25%).
من ناحية أُخرى أظهر الاستطلاع أن 37% من الإسرائيليين ما زالوا يعتقدون أن نتنياهو هو الشخص الأنسب لشغل منصب رئيس الحكومة، وقال 16% منهم إن ساعر هو الأنسب، وقال 10% إن بينت ولبيد هما الأنسب.
وشمل الاستطلاع عينة مؤلفة من 541 شخصاً يمثلون جميع فئات السكان البالغين في إسرائيل مع نسبة خطأ حدّها الأقصى 4.3%.
- بعد بيتاح تكفا وإيلات ونتانيا يتبين أن بلدية تل أبيب، التي تتظاهر بأنها متنورة وتعددية وليبرالية، تقوم بالفصل [العنصري] بين أولاد طالبي اللجوء ومهاجري العمل والأولاد الإسرائيليين في المدارس. وأظهر التحقيق الذي نُشر في "هآرتس" أمس، استناداً إلى المعطيات الرسمية لدى البلدية، صورة واضحة لهذا الفصل، وأنه من بين 2433 ولداً من أبناء طالبي اللجوء ومهاجري العمل في المدارس الابتدائية يتعلم 2228 ولداً (91.5%) في مدارس مخصصة للأولاد الغرباء. وهذا يعني أن أولاد أشخاص لا مكانة لهم من الأحياء الفقيرة في المدينة لا مكان لهم في المدارس القريبة من أماكن سكناهم ويتم إرسالهم إلى مدارس تقع في مناطق نائية، وهو ما لا يحدث مع أولاد الإسرائيليين.
- في حالة كل من بيتاح تكفا وإيلات ونتانيا حيث كان الفصل فظاً أكثر، طلبت المحكمة من البلديات تغيير هذا النهج. ومن الغريب أن تل أبيب لم تتعلم الدرس واستمرت في ممارسة سياسة "منفصل ولكن متساو" السيئة الصيت التي جرى إلغاؤها في الولايات المتحدة في منتصف القرن الفائت.
- رد المسؤولون في بلدية تل أبيب على هذه الاتهامات بصوتين: صوت رسمي تضمن تكذيباً وادعاء بأن توزيع التلامذة يُحدّد وفقاً لمبدأ جغرافي فقط. وفعلاً طالما أن سياسة البلدية لا تتعرض للتغيير وتتيح إمكان تعديل أماكن تسجيل التلامذة فإن النتيجة ستبقى إرسال هؤلاء التلامذة إلى مدارس الغرباء فقط. لكن في التسجيلات التي كُشف النقاب عنها اعترف مندوبو البلدية بأنهم أقاموا مدارس خاصة منفردة لأن سكان المدينة عارضوا الاندماج. وسواء كان السبب معارضة السكان أو عدم وجود أماكن في المؤسسات التعليمية القائمة، فإن النتيجة المرفوضة هي وجود مدارس خاصة للغرباء فقط. ولا تشكل إجابة مديرة قسم التربية والتعليم في بلدية تل أبيب، والتي قالت فيها إن الاندماج يواجَه دائماً بمعارضة السكان، مبرراً لذلك.
- لا شك في أن الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو تتحمل المسؤولية الرئيسية عن ذلك، جرّاء سياسة الملاحقة التي تنتهجها حيال طالبي اللجوء الذين هربوا من إريتريا والسودان للنجاة بأرواحهم، لكن هذا لا يعفي بلدية تل أبيب من المسؤولية. ونظراً إلى أن رئيس بلدية تل أبيب رون خولدائي الذي شغل منصب مدير مدرسة في الماضي، هو المسؤول عن ملف التربية والتعليم في البلدية فإنه يتحمل المسؤولية الأكبر عن هذا الفصل. وبناء على ذلك يمكن القول إن خولدائي الذي يسعى هذه الأيام لأن يكون ممثلاً على المستوى القطري للجمهور العريض الذي يتطلع إلى العدالة والمساواة [على خلفية الحديث عن نيته خوض الانتخابات العامة للكنيست المقبل] ينكشف كونه يدير سياسة تربوية لا تختلف من ناحية جوهرية عن سياسة أشخاص يمينيين من أمثال أييلت شاكيد وأمير أوحانا وآرييه درعي.
- لا ينبغي لبلدية تل أبيب أن تنتظر إلى حين وصول هذه القضية إلى أروقة المحكمة، بل يتعين عليها أن تضع بمبادرتها حداً لهذا الفصل وبصورة فورية.
- آلاف الإسرائيليين ينتظرون اليوم زيارة دبي والمغرب، بعضهم كسياح وبعضهم كرجال أعمال. ألا تستحق اتفاقات أبراهام ما هو أفضل من مقاربة استهلاكية؟ الأمر الذي من شأنه أن يضع الحدث في مستواه الاستراتيجي الحقيقي، مستوى حاسم بالنسبة إلى بقاء إسرائيل القومي. أريد أن أطرح خمسة تحديات لم يفكر فيها أحد.
- كيف يمكن أن نتعامل، من الناحية العسكرية والروحانية، مع حقيقة أن إسرائيل تعقد تحالفات مع دول عربية-إسلامية هي في مواجهة مع دول عربية-إسلامية أُخرى، مواجهة ليست فقط سياسية وعسكرية، بل أيضاً دينية، سنّة ضد شيعة؟ ما هو تأثير ذلك في استراتيجيا الوجود اليهودي القومي؟
- ما أن تصبح إسرائيل في حالة سلم مع هذه الدول، فإن المسجد الأقصى سيتحول حتماً إلى محطة للحج الإسلامي، ليس بعيداً كثيراً عن مكة. ويمكن أن تتحول القدس إلى هدف لزيارة مجموعات كبيرة من المسلمين، كيف ستتعامل إسرائيل مع تدفق هذا العدد الكبير من الناس كثير منهم ليسوا من "أصدقائها"؟
- علاوة على ذلك، الحرم القدسي الشريف هو مكان تتواجه فيه جهات مختلفة: تركيا التي توظف هنا، سواء بالمال أو بالحجاج، همّشت الأردن "الحامي للأماكن المقدسة" رسمياً. إسرائيل تتطلع إلى دخول السعودية إلى الأوقاف الإسلامية لموازنة تركيا الإسلامية. هناك مَن يقول إن هذا هو الثمن الذي يجب أن تدفعه إسرائيل لقاء الاعتراف من السعودية. بهذه الطريقة ستجد إسرائيل نفسها متورطة، ليس فقط في نزاعات داخلية-إسلامية بشأن الصلاحيات الدينية العليا، بل ستتنازل نظرياً وعملياً عن أي وجود لها في الحرم القدسي، وعن سعيها للعودة إليه.
- هل هذه هي معركتها؟ مكانة القدس كعاصمة لإسرائيل ستتزعزع بصورة عميقة. ماذا سيفعل ملك المغرب رئيس لجنة القدس المنبثقة من المؤتمر الإسلامي الذي يعتبر أن مهمته تحرير القدس؟
- مصير أراضي الضفة الغربية هو المجهول الثالث في هذه الاتفاقات. إذا كانت صحيحة الوعود التي حصلت عليها الإمارات بالالتزام بإقامة دولة فلسطينية والتنازل عن أي عملية ضم، كيف سيؤثر ذلك في مستقبل إسرائيل الاستراتيجي، وفي هويتها التي تتضمن هذه الأراضي، وأساس شرعيتها السيادية؟ هذه التحديات ستضع إسرائيل على الدوام في ظل خطر داهم.
- الذي لا يزال حتى الآن غير ظاهر للعيان وغير واضح هو التأثير في السكان العرب في إسرائيل. نحن نعلم أن القائمة العربية المشتركة رفضت السلام مع الإمارات ووصفته بالخيانة. لكن حركة تبادل سكان و استثمارات دول الخليج في الاقتصاد الإسرائيلي، وعلى ما يبدو في القطاع العربي، يمكن بالتأكيد أن يغيّرا أموراً كثيرة. وهذا سيوّلد تغلغلاً أكبرللتأثيرات الآتية من العالم العربي في هذا القطاع من السكان. مثل التغلغل الذي تعمل عليه تركيا أيضاً.
- أخيراً، بقي مجهول كبير. هل اعتراف كهذا بإسرائيل من قبل دول إسلامية دينية ليست فقط "قومية"، من يتولى زمام الحكم فيها له دور ديني، سيؤدي إلى ثورة فكرية وفقهية في الإسلام بشأن كل ما له علاقة بموقف الشريعة الإسلامية من مكانة أهل الذمة ومن شريعة دار الإسلام؟ وهل ستعترف الدول الإسلامية بدولة يهودية مستقلة عاصمتها القدس.
- استئناف التطبيع علناً مع المغرب، والذي بدأ غداة توقيع اتفاقات أوسلو وتوقف بعد بضعة أعوام، أعادني 42 عاماً إلى الوراء، إلى الزيارة الأولى من زيارات كثيرة جداً قمت بها إلى هذه الدولة المميزة. حدث هذا في تموز/يوليو 1978 عندما كنت مستشاراً سياسياً لشمعون بيرس، الذي كان حينها رئيس حزب العمل في المعارضة. سافرنا إلى باريس، ومن هناك إلى المغرب في طائرة ملك المغرب الحسن الثاني. كانت هذه أول مرة استقل طائرة الملك مع جواز سفر بهوية مختلفة إلى المغرب.
- لكن المفاجأة الكبيرة كانت في انتظارنا لدى وصولنا. على درج الطائرة كان في انتظارنا إسرائيلي استقبلنا بسرور كبير، ووجدنا أنفسنا نتحدث بالعبرية. كان رئيس فرع الموساد في المغرب، وفي تلك اللحظة أدركت عمق العلاقة. على الأرض كانت في انتظارنا قافلة من السيارات السوداء، بين ركابها رجال أمن.
- أخذونا إلى قصر الملك في العاصمة، وتوجّه كلٌّ منا إلى غرفته. كان القصر مكيفاً والحجرات ضخمة: وجدت في غرفتي هرماً من حبات الشوكولا. وكان الحمام أشبه بمتجر لمساحيق التجميل. أدركت أن مصطلح "كرم ملك" معناه اقتراح خيارات لا علاقة بينها وبين قدرة الضيف على الاستيعاب. بعد جولة في الدار البيضاء التقينا الملك. كان حكيماً للغاية، فرنسياً جداً، وشديد الاطلاع، معتدلاً، يؤمن بالسلام في الشرق الأوسط، وتحدث عن يهود المغرب بعطف حقيقي.
- اللقاء الثاني مع الملك كان في مراكش في كانون الثاني/يناير 1981. قصر آخر، مدينة أُخرى، سياحية للغاية. مرة أُخرى بيرس وأنا انتظرنا لقاء الملك. سأل بيرس أحد مرافقينا عن إمكان المشاركة في مناسبة ثقافية ما. فوجىء المرافق ولم يرد. لكن بعد مرور ساعة طلب منا الانتقال إلى غرفة أكبر.
- كان هذا أشبه بفيلم من أفلام المخرج فيليني: غرفة كبيرة في قصر ملكي، فرقة فولكلورية مغربية مع نحو عشرين راقصاً يرقصون أمام جمهور مؤلف من شخصين يرتديان بدلتين. لقاء الملك كان رائعاً ، مثل لقاء بين أصدقاء حميمين.
- في أيلول/سبتمبر 1993، بعد توقيع اتفاقات أوسلو، سافرنا، رابين وبيرس وأنا، إلى إسرائيل عبر المغرب، وكان على متن الطائرة رجال الإعلام الذين كانوا برفقتنا. الملك انتظرنا في الرباط، ولأول مرة عرّفنا إلى ولي العهد، وهنّأنا بالاتفاق مع الفلسطينيين وكان متأثراً جداً. وطلب منا الانضمام إليه لمشاهدة ثاني أكبر مسجد في العالم، الذي افتُتح في الدار البيضاء قبل أسبوعين.
- المسجد الفخم نال انتقادات غير قليلة في العالم. شعرت بأنني أستطيع أن أسأل الملك عمّا يقوله عن الانتقادات. نظر إليّ وقال: مشكلتنا الكبيرة ومشكلتكم هي الإسلام المتشدد. لن نقاتلهم بالسيف، لكن لا يستطيع أحد أن يقول إنني لست مسلماً مخلصاً، إذا شيدت أكبر مسجد في العالم.
- بعد عام عُقد في الدار البيضاء المؤتمر الاقتصادي الشرق- الأوسطي الأول. شعر الملك بأنه يستطيع الكشف عن العلاقة الوثيقة بإسرائيل، وكان هذا احتفالاً (ربما مبالَغاً فيه) شارك فيه زعماء عرب كبار، وزعماء واقتصاديون إسرائيليون، مع الشعور بأن فصلاً جديداً بدأ في تاريخ المنطقة. في موازاة ذلك جرى الاتفاق على فتح مكاتب في الرباط وتل أبيب، لم تجرِ تسميتها سفارات، لكن سيترأسها سفراء.
- لكن كما جرى مع دول عربية أُخرى، فإن جمود المفاوضات مع الفلسطينيين، منذ إقامة حكومة نتنياهو، والمواجهات العنيفة، أديا إلى إلغاء العلاقات الدبلوماسية الجزئية، والمؤتمرات الاقتصادية والمحادثات المتعددة الأطراف (في موضوعات اقتصادية وغيرها بمشاركة إسرائيل و13 دولة عربية). سنوات من التطبيع ومن الأجواء المفتوحة انتهت. ممنوع أن يتكرر هذا مرة أُخرى.