مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" عن مصدر عسكري سوري أن جندياً سورياً قتل وأصيب 3 جنود آخرين بجروح جراء قصف إسرائيلي استهدف موقعاً عسكرياً بالقرب من العاصمة دمشق فجر اليوم (الأربعاء)، تسبب أيضاً بوقوع خسائر مادية.
وأضاف هذا المصدر نفسه أنه في تمام الساعة الواحدة والنصف من فجر اليوم قامت إسرائيل بشن عدوان جوي بواسطة رشقات من الصواريخ من شمال الجليل استهدف وحدة من قوات الدفاع الجوي في منطقة النبي هابيل في ريف دمشق. وأشار إلى أن وسائط الدفاع الجوية السورية تصدّت لبعض هذه الصواريخ وأسقطتها.
وصل الجاسوس اليهودي الأميركي جونثان بولارد في وقت مبكر من صباح اليوم (الأربعاء) إلى مطار بن غوريون الدولي قادماً من الولايات المتحدة التي أمضى فيها 35 سنة في السجن جراء إدانته بالتجسس لصالح إسرائيل.
وتم إطلاق سراح بولارد من السجن الأميركي قبل نحو 5 سنوات، لكن فقط في الشهر الفائت رفعت القيود المشددة التي منعته من مغادرة الولايات المتحدة.
ووصل بولارد وزوجته إستير إلى إسرائيل على متن طائرة خاصة للثري اليهودي الأميركي شيلدون إدلسون.
شهد قطاع غزة أمس (الثلاثاء) مناورات عسكرية واسعة النطاق هي الأولى من نوعها بمشاركة كافة الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها "حماس" والجهاد الإسلامي، أطلق عليها "مناورات الركن الشديد" وأدارتها غرفة عمليات مشتركة للفصائل.
وأعلن في القطاع أن الجناح العسكري لحركة "حماس" [جناح عز الدين القسام] هو الذي سيقود هذه المناورات تحت رعاية الغرفة المشتركة، وسيتم في إطارها إطلاق قذائف في اتجاه البحر وستجري تدريبات برية وبحرية.
كما أقيمت غرفة علاقات عامة بغرض تغطية النشاطات والقيام بإصدار بيانات الغرفة المشتركة وفيديوهات التدريبات، كذلك سمح بشكل استثنائي لعدد من الصحافيين بالدخول إلى عدد من المواقع العسكرية لتوثيق التدريبات.
وأعلن أيضاً أنه خلال المناورات ستقوم "حماس" بمنع الصيادين من التوجه إلى الصيد ومنع الحركة في شوارع رئيسية وسيتم سماع الانفجارات في كل أنحاء القطاع.
أعلن رئيس بلدية تل أبيب رون خولدائي (76 عاماً) في مؤتمر صحافي عقده مساء أمس (الثلاثاء)، إقامة حزب جديد أطلق عليه اسم "الإسرائيليون" لخوض انتخابات الكنيست في آذار/مارس المقبل ضمن قائمة تضم وزير العدل الإسرائيلي آفي نيسانكورن الذي انشق حديثاً عن حزب أزرق أبيض برئاسة وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس.
وقال خولدائي في المؤتمر الصحافي إن المشكلة التي تواجهها إسرائيل في الآونة الأخيرة هي أنها أصبحت معتادة على الخراب والانقسام، والكذب والتآمر والشلل وعلى حكومة فاسدة لا تعرف كيف تدير أي شيء وجعلت منها أزمة فيروس كورونا أضحوكة.
وأضاف خولدائي: "أنا أرفض التعود على ذلك وبصفتي موظفاً في القطاع العام لأكثر من 50 سنة أقول إننا لن نعتاد على رئيس حكومة متهم بقضايا فساد ولا على إلحاق الضرر بالمحكمة والجهاز القضائي ولا على مليون عاطل عن العمل وعشرات الآلاف من الشركات والمصالح المفلسة. لقد استنتجت أنني لم أعد أستطيع التنحي جانباً وجئت إلى هنا لأعلن إقامة حزب جديد. أنم تعرفون عملي في القطاع العام، فقد قاتلت كطيار، واخترت الانخراط في التعليم وحولت المدارس التي أدرتها من مدارس ثانوية للعنف والمخدرات إلى مؤسسات مرغوبة ومطلوبة، ومنذ 22 سنة أتولى رئاسة بلدية تل أبيب - يافا وحولت مدينة مهملة إلى مدينة مزدهرة، واحدة من أفضل وأعلى مدن العالم جودة، حيث يعيش الجميع معاً والجميع شريك في تحالف سياسي واسع وفعال يثبت أنه من الممكن العمل معاً من دون تحريض وخوف. إن إسرائيل يجب ويمكن أن تدار بشكل مختلف".
وشدد خولدائي على أن الانتخابات المقبلة تجري على موضوع أسلوب الإدارة ولكن بدرجة أولى على القيم، مشيراً إلى أن كلاً من جدعون ساعر وزئيف إلكين ونفتالي بينت لا يمثلون منظومة القيم التي يؤمن بها.
وأوضح خولدائي أن حزبه يعتقد بضرورة إقامة ائتلاف عريض يمثل الشعب الإسرائيلي كله ويقوم بالحفاظ على الديمقراطية وضمان المساواة وبرفض محاولات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الرامية إلى تجاوز صلاحيات المحكمة الإسرائيلية العليا، وشدّد على ضرورة ضمان أغلبية يهودية واضحة في دولة إسرائيل وضمان قوتها الأمنية وعلى ضرورة رفض مخطط الضم الإسرائيلي لمناطق في الضفة الغربية.
ذكر بيان صادر عن وزارة الخارجية الإسرائيلية أمس (الثلاثاء) أن إسرائيل والمغرب وقعتا أول اتفاقية اقتصادية بينهما في مجالي الاستثمار والتمويل واتفقتا على إقامة فريق خاص للعمل الاقتصادي المشترك.
وأضاف البيان أن الاتفاقية تم توقيعها بين وزارة المال الإسرائيلية ووزارة الاقتصاد المغربية، وأشار إلى من شأن الاتفاقية الوصول بحجم التبادل التجاري بين البلدين إلى نصف مليار دولار سنوياً.
ولم يشر البيان فيما ما إذا كانت الاتفاقية وقعت في المغرب أم في إسرائيل.
من ناحية أخرى واصل الوفد المغربي أمس زيارته إلى إسرائيل التي وصل إليها أول أمس (الاثنين) من أجل الدفع قدماً بتطبيع العلاقات بين البلدين.
وقالت مصادر سياسية إسرائيلية رفيعة المستوى إن المهمة الرئيسية للوفد هي درس إمكانية إعادة استخدام المبنى الذي كانت فيه الممثلية الدبلوماسية للمغرب في تل أبيب حتى سنة 2000. وأضافت هذه المصادر أنه على الرغم من إغلاق الممثلية المذكورة احتفظت الحكومة المغربية بملكية المبنى مما يسمح بإعادة افتتاحه بسرعة في إثر إعلان تجديد العلاقات بين البلدين يوم 10 كانون الأول/ديسمبر الحالي برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
كما أجرى وزير الاقتصاد والصناعة الإسرائيلي عمير بيرتس أول أمس مباحثات عن بُعد مع نظيره المغربي مولاي حفيظ العَلَمي تناولت آفاق التعاون الصناعي بين البلدين. ودار الحديث حول قطاعات النسيج، والأغذية، والبحث التطبيقي في الصناعة، والتكنولوجيات الخضراء، وصناعة الطاقات المتجددة.
وقالت وزارة الاقتصاد المغربية في بيان صادر عنها أمس إن المحادثات بين الوزيرين ركزت على آفاق تعاون مثمر بين البلدين يرتكز أساساً على إنجازاتهما الاقتصادية ويستجيب لأولوياتهما واستراتيجياتهما في مجال التنمية.
- على نحو غير مفاجئ طلب وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي أمير أوحانا [الليكود] عدم تطعيم السجناء الأمنيين الفلسطينيين بلقاحات ضد فيروس كورونا. وكما نشر جوش براينر هنا، أول أمس، جاء في البيان الذي وزعه مكتب الوزير أوحانا إنه "يجب عدم تطعيم السجناء الأمنيين بدون مصادقة ووفقاً لتقدم عملية التطعيم بين الجمهور بشكل عام". وقام مدير الوزارة، الذي ترجم بيان الوزير إلى أمر رسمي لسلطة السجون، بإسقاط كلمة "الأمنيين" منه.
- هل جرت عملية الشطب هذه عن وعي وانطلاقاً من الفهم بأنه حتى المحكمة الإسرائيلية سيكون من الصعب عليها الدفاع عن هذا الأمر الوحشي الصادر عن الوزير؟ لا نعرف. لكن الأمر القاضي بـ"عدم التطعيم من دون مصادقة" يبقي الباب مفتوحاً أمام التمييز ضد السجناء الفلسطينيين، ولكن من دون التلويح به.
- تشكل خطوة أوحانا هذه تطويراً للتوجه الإسرائيلي الشائع الذي يدعو إلى معاقبة السجناء الفلسطينيين وعائلاتهم بصورة مستمرة ودائمة، فيما يتجاوز سلب حريتهم ويزيد عنه كثيراً. حين يُقدَّم الفلسطينيون إلى المحاكمات، تجري محاكمة كل منهم على حدة وبمعزل عن السياق العام لحياته في ظل العنف المنهجي، المؤسساتي، الذي يمارسه النظام الإسرائيلي. في السجن وخارج السجن يُنظر إلى الفلسطينيين باعتبارهم مجموعاً ينبغي الاستمرار في قمعه وتحطيمه. فليُصابوا بعدوى الفيروس، ليعانوا أكثر، ليموتوا قبل أن يُفرَج عنهم: هذا هو معنى الأمر الذي أصدره الوزير أوحانا.
- باستثنائه الفلسطينيين من مجموعة السجناء التي تحتاج إلى تلقي التطعيم والتي تستحق تلقيه، يخطو أوحانا في المسار الذي رسمته اتفاقيات أوسلو، كما طبقتها إسرائيل منذ البداية. المبدأ الموجِّه لدى إسرائيل - ليس المعلَن عنه وإنما المتجسد فعلياً، ماضياً وحاضراً، في ممارساتها الميدانية ـ واضح تماماً: من الجهة الأولى تكرّس سيطرتها على الأرض والموارد الطبيعية (المياه والمحاجر) لدى الفلسطينيين وتستغلها لمنفعتها هي، كما يحلو لها. تسيطر على حدود الفلسطينيين وحيّزهم العام، على حريتهم في التنقل، على أموالهم واقتصادهم. هي ومواطنوها يكسبون من عمل الفلسطينيين، من ممتلكاتهم ومن أرضهم. من الجهة الثانية، تفرض إسرائيل على السلطة الفلسطينية عبء مواجهة الإسقاطات الكارثية الناجمة عن هذه السيطرة ـ بما في ذلك الإفلاس المالي والعجز المالي المزمن ـ وكذلك المشاكل العادية التي تنشأ في أي مجتمع، مثل الأزمة الحادة التي تسببها الجائحة العالمية.
- بموجب هذا المنطق الأعوج، لكن المثابر، يتلقى مستوطنو "معاليه أدوميم"، التي أقيمت على أراضي بلدتي العيزرية وأبو ديس، التطعيمات، بينما أهالي البلدتين الذين فقدوا أراضيهم ومصادر الدخل الأخرى لصالح إسرائيل واليهود، مشطوبون من اللائحة مسبقاً. هذه هي الحال في أي مستوطنة أو بؤرة استيطانية. سكانها ـ مواطنون إسرائيليون يعيشون خارج دولتهم ـ مشمولون، بالطبع، في لوائح متلقي التطعيمات. أما أصحاب الأرض التي سرقها المستوطنون ويعيشون في الجهة المقابلة من الشارع، فهم ليسوا في الحساب.
- على هذا النحو، أيضاً، الفلسطينيون غير مشمولين في معطيات المكتب المركزي الإسرائيلي للإحصاء، ما يعني إسقاط احتياجاتهم ومستقبلهم من اعتبارات التخطيط الإسرائيلية لدى توسيع شوارع في الضفة الغربية أو شق أخرى جديدة، ولدى تخصيص الأراضي لتوسيع مسطحات المستوطنات أو لدى تطوير وتوسيع بناها التحتية المائية حتى حدود الأقفاص الفلسطينية.
- هذا القفص الكبير والمغلق بالصورة الأكثر إحكاماً هو قطاع غزة الذي فصلته إسرائيل عن الضفة الغربية، قبل أن تفوز حركة "حماس" بالانتخابات التشريعية هناك بوقت طويل، بغية تحويله إلى كيان منفصل ومعزول. وبكونه كذلك، لا يستطيع قطاع غزة ولن يستطيع الصمود بقواه الذاتية. ليست حركة "حماس" وقوتها أو سياساتها هي السبب في فصل قطاع غزة وعزله عن العالم، وإنما هي ردة الفعل على سياسة عمرها 30 سنة وعلى نتائجها.
- إن السيطرة الإسرائيلية في قطاع غزة وفي الضفة الغربية، سواء كانت مباشرة أو بجهاز تحكم عن بُعد، هي التي تحد من قدرة السكان على ضمان مداخيلهم ومن إمكانيات التطوير الجماعي. فقد دفعت السلطة الفلسطينية إلى تسول الصدقات التي بواسطتها، فقط، يمكنها شراء معدات طبية ولقاحات. إسرائيل تجني الفوائد من العقارات، من دون أن تتحمل أي مسؤولية عن صحة ورفاهية الفلسطينيين الذين يعيشون في الحيز الخاضع لسيطرتها. كم هو مريح وتوفيريّ ومُربح هذا الوضع.
- يثير توقيع اتفاقات السلام بين إسرائيل وبعض الدول العربية حديثاً نقاشاً في العالم العربي حول السؤال عمّا إذا كانت هذه الاتفاقيات مباحة وفق الشريعة الإسلامية. فقد حلّل أحد الفقهاء الكبار في دولة الإمارات العربية المتحدة، على سبيل المثال، "اتفاقات أبراهام"، مؤكداً أن الشريعة الإسلامية تخوّل الحاكم صلاحية عقد الاتفاقات الدولية، وفق ما يرتئيه، بينما استنجدت شخصية دينية أخرى بفتوى كان أصدرها مفتي المملكة العربية السعودية السابق، الشيخ عبد العزيز بن باز، في التسعينيات، على خلفية توقيع اتفاقيات أوسلو، حلّل فيها التصالح مع اليهود، إن كان الأمر في صالح المسلمين.
- في المقابل صدرت فتاوى مضادة عن المؤسسة الدينية في ليبيا وعن رابطة علماء فلسطين في قطاع غزة، اعتبرت "اتفاقات أبراهام" خيانة للأمة ومقدساتها، وخدمة مجانية للعدو، وخروجاً عن الشرائع الإسلامية. وفي السودان، التي أعلنت هي الأُخرى إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، نُشرت فتاوى متضاربة من جانب هيئتين دينيتين متنافستين، الأولى تحلل بينما الثانية تحرّم. وفي سلطنة عُمان، الداعمة للتطبيع بالذات، أصدر المفتي مؤخراً فتوى شرعية تعارض الاتفاقات.
- في العربية السعودية، التي لم يتضح بعد ما إذا كانت ستنضم إلى الاتفاقات مع إسرائيل أم لا، لم يتفوه فقهاء الدين بشأن التطبيع، لا مدحاً ولا ذمّاً، لكنهم أصدروا سلسلة من التصريحات الأُخرى التي تدل على تغيير ما في الموقف حيال إسرائيل. أبرز تلك التصريحات هو الذي صدر عن المفتي السعودي الذي كان قد حرّم، قبل ثلاث سنوات، أي مسّ بالإسرائيليين في "الحرم القدسي الشريف" وأعلن أن تظاهرات التأييد للفلسطينيين التي تجري في العالم العربي "لا فائدة منها" وأن حركة "حماس" هي تنظيم إرهابي.
- كان شطب تعابير معادية للسامية ولإسرائيل من منهاج التدريس في العربية السعودية خلال السنة الفائتة بمثابة علامة إضافية على التحول الحاصل في الموقف من إسرائيل. كما انضم إلى هذا التوجه خلال الأسابيع الأخيرة إمام الحرم المكّي الذي نوّه، في خطبة الجمعة، بمعاملة النبي محمد الحسنة لجاره اليهودي. هذه كلها وغيرها قد تشكل مؤشرات إلى تهيئة الأرضية والأجواء لإقامة علاقات مع إسرائيل، أو لتقبل الاتفاقات المعقودة بينها وبين دول أخرى في المنطقة على الأقل.
- ثمة مؤشر إضافي آخر قد يدل على التقارب مع إسرائيل هو الفتوى التي صدرت عن مجلس علماء الدين السعوديين والتي تقرّ بأن حركة "الإخوان المسلمين"، المعروفة بمواقفها المعادية للسامية وبمعارضتها لاتفاقية السلام مع إسرائيل، هي "تنظيم إرهابي".
- صعد "الإخوان المسلمون" إلى سدة الحكم في مصر سنة 2012 من خلال انتخابات ديمقراطية في إثر سقوط الرئيس حسني مبارك، ثم تم إقصاؤهم عن الحكم بانقلاب عسكري بعد سنة واحدة فقط. منذ ذلك الوقت، يعاني "الإخوان" قمعاً غير مسبوق من جانب نظام السيسي، بالرغم من أن التيار المركزي في هذه الحركة يدعو إلى نبذ العنف.
- تجاوز الانقسام السياسي بين مؤيدي "الإخوان" ومعارضيهم حدود الدولة المصرية وخلق استقطاباً إقليمياً. في الطرف الأول، معسكر المؤيدين، الذي يضم تركيا وقطر، بينما تقود السعودية المعسكر المناوئ، الذي يضم مصر والإمارات والبحرين، علماً بأن هذه الدول الأربع أعلنت حركة "الإخوان المسلمين" تنظيماً إرهابياً منذ بضع سنوات. بناء عليه، فإن التأييد الذي تسبغه المؤسسة الدينية السعودية، ثم الإماراتية في إثرها، على هذا الإعلان في هذه الأيام بالذات قد يرجح الاعتقاد بأنها خطوة مؤيدة لإسرائيل.
السعوديون يخشون
- لكنّ اختيار هذا التوقيت تحديداً لا يرتبط بموجة التطبيع الجديدة وبرغبة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في رسم صورة معتدلة له فقط، وإنما الدافع الأساسي هو محاولة منع حركة "الإخوان المسلمين" من رفع رأسها ثانية على ضوء التبديل الرئاسي في الولايات المتحدة، ذلك أن السعوديين يخشون كثيراً من إقدام الرئيس المنتخَب جو بايدن على إعادة إحياء "الإخوان" من جديد.
- من المحتمل، أيضاً، أن يكون إعلان المؤسستين الدينيتين السعودية والإماراتية الآن معداً لتشجيع الرئيس المنتهية ولايته، دونالد ترامب، على الإعلان بنفسه أن "الإخوان المسلمين" هو تنظيم إرهابي أجنبي، قبل أن يسلّم مفاتيح البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير 2021، وهو الإجراء الذي يدفع ترامب نحوه منذ زيارة السيسي إلى واشنطن سنة 2019.
- مع ذلك تعارض أوساط مختلفة في الإدارة الأميركية هذا الإجراء بادعاء أنه سيضرّ بعلاقات الولايات المتحدة مع الدول التي تشارك فيها حركة "الإخوان المسلمين" في الحكم بصورة شرعية مثل تونس، وسيعمق من الإسلاموفوبيا في الولايات المتحدة ذاتها. ومن شأن خطوة كهذه أن تقضي على جميع أنشطة "الإخوان" في الولايات المتحدة وأن تشجع دولاً أُخرى على اتخاذ هذا الإجراء، في مقدمها دول الاتحاد الأوروبي.
- ينبع اختيار التوقيت الحالي أيضاً، من الرغبة في استغلال موجة الاعتقالات والتحقيقات الجارية خلال الأسابيع الأخيرة في كل من فرنسا والنمسا ضد عناصر الإسلام السياسي، وفي مقدمها حركة "الإخوان المسلمين"، منذ العمليات الإرهابية الأخيرة في مدينتي فيينا ونيس. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن عدداً من العمليات الإرهابية وقعت في السعودية مؤخراً ضد أهداف مختلفة مرتبطة بفرنسا.
- خلال زيارته الأخيرة إلى باريس، في منتصف كانون الأول/ديسمبر الحالي، تحدث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن وحدة المصير بين مصر وفرنسا في الحرب ضد إرهاب "الإخوان المسلمين". من جانبه أبدى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تعاطفاً مع المشاعر المعادية للإسلامويين ومنح السيسي وسام شرف. وقد تجاهل ماكرون تماماً دعوة البرلمان الأوروبي دول الاتحاد إلى إعادة النظر في علاقاتها مع مصر في ضوء التدهور الخطر الحاصل في موقف السلطات من حقوق الإنسان.
- تحت ضغط السيسي وبن سلمان ومحمد بن زايد انضم، الأسبوع الماضي، "الأزهر"، مؤسسة الإفتاء الأكبر في مصر خصوصاً والعالم السنّي عموماً، إلى الحملة ضد "الإخوان المسلمين". فبعد أن كان وزير الأوقاف والمفتي المصريان قد عبّرا عن تأييدهما للفتوى السعودية، أعلن "الأزهر"، في ما يشكل سابقة إفتائية، أن الانضمام إلى عضوية "الإخوان المسلمين" والحركات المتطرفة الأخرى محرّم دينياً. هذه الفتوى هي المرة الأولى التي ينزع فيها "الأزهر" الشرعية الدينية عن حركة "الإخوان المسلمين"، ومن هنا تنبع أهميتها. فقد كانت دار الإفتاء التابعة لـ "الأزهر"، ورغم أن السيسي قد كلفها منذ بداية ولايته الرئاسية باستئناف الحوار الديني من خلال شجب التطرف الإسلامي وتشجيع التسامح والاعتدال، قد امتنعت بصورة حازمة ومثابرة عن وصم "الإخوان" كتنظيم إرهابي، مثلما أحجمت عن وصم تنظيم "داعش" بأنه تنظيم كافر.
"نعم للتطبيع مع إسرائيل، لا للتصالح مع الإخوان المسلمين"
- بالرغم من وقوف "الأزهر" إلى جانب السيسي وتأييد الانقلاب العسكري ضد "الإخوان المسلمين"، إلاّ إن الفجوة بينهما تتسع باستمرار ويحاول السيسي على الدوام قصقصة جناحيّ "الأزهر" في مقابل تعزيز قوة ومكانة مؤسسات دينية أُخرى. ولهذا تثير الفتوى الأخيرة أصداء واسعة، نظراً لكونها أيضاً المرة الأولى التي يخضع فيها "الأزهر" لضغوط السيسي وينحو نحو تشويه صورة "الإخوان" والحركات الأصولية بوجه عام.
- مع ذلك، لم يذهب "الأزهر" في هذا المنحى حتى نهايته ولم يعلن عن "الإخوان المسلمين" تنظيماً إرهابياً، كما فعلت المؤسسات الدينية في السعودية والإمارات، وهو ما يمكن أن يدل على أن "الأزهر" لم يكن راضياً تماماً عن القرار الذي ربما يكون قد فُرض عليه عنوة.
- على أي حال، يبدو أن موجة الفتاوى الصادرة عن المؤسسات الدينية في السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومصر ضد "الإخوان المسلمين" لا تنبع من محبة إسرائيل، وإنما من كراهية "الإخوان" ورغبة زعماء هذه الدول في دق مسمار آخر في نعش هذه الحركة. وقد أعلن فقهاء شريعة بارزون في العالم الإسلامي السني: نعم لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، لا للتصالح مع "الإخوان المسلمين".