مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
تحطم طائرة مسيّرة صغيرة تابعة للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة بعد يوم واحد من وقوع حادثة مماثلة في الجنوب اللبناني
تظاهرات في طمرة والناصرة وعدة بلدات عربية احتجاجاً على تفشي الجريمة والعنف في المجتمع العربي
استطلاع القناة 13: 56 مقعداً لمعسكر الأحزاب المناهضة لاستمرار حكم نتنياهو وفي حال انضمام "يمينا" يمكنه تأليف حكومة يؤيدها 66 عضو كنيست
أول اتصال بين مسؤولين في السلطة الفلسطينية ومسؤول في وزارة الخارجية الأميركية
وزارة الصحة: كانون الثاني/يناير الفائت الشهر الأكثر فتكاً منذ بدء تفشي فيروس كورونا
مقالات وتحليلات
اليساريون لا يتعلمون
انتخابات فلسطينية: رهان، فرصة، أم يا ترى مناورة سياسية؟
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"يسرائيل هيوم"، 3/2/2021
تحطم طائرة مسيّرة صغيرة تابعة للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة بعد يوم واحد من وقوع حادثة مماثلة في الجنوب اللبناني

قال بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إن طائرة مسيّرة صغيرة تابعة له تحطمت في قطاع غزة صباح أمس (الثلاثاء) بعد يوم واحد من وقوع حادثة مماثلة في الجنوب اللبناني.

وأضاف البيان أن الطائرة المسيّرة تحطمت خلال نشاط عملاني لقوات الجيش في جنوب قطاع غزة، وأنه لا يوجد خطر من الحصول على معلومات استخباراتية من الطائرة التي كانت نموذجاً صغيراً وتُستخدم في مهمات استطلاع بسيطة.

وكان الناطق العسكري الإسرائيلي أعلن أن طائرة مسيّرة مماثلة تحطمت في الجنوب اللبناني خلال نشاطات عملانية لقوات الجيش في منطقة الحدود مع لبنان أول أمس (الاثنين)، وأكد أنه لا يوجد خطر من استخراج معلومات استخباراتية منها. وأعلن حزب الله أنه يقف وراء إسقاطها. وأشارت مصادر في حزب الله إلى أن الطائرة تحطمت بالقرب من قرية بليدا وقام أعضاء من الحزب بأخذها.

 

"هآرتس"، 3/2/2021
تظاهرات في طمرة والناصرة وعدة بلدات عربية احتجاجاً على تفشي الجريمة والعنف في المجتمع العربي

شارك آلاف المواطنين العرب في مدينة طمرة العربية مساء أمس (الثلاثاء) في تظاهرة احتجاجية منددة بتفشي الجريمة والعنف في المجتمع العربي بالتزامن مع مراسم تشييع جثمان الشاب أحمد حجازي الذي قُتل برصاص الشرطة الإسرائيلية الليلة قبل الماضية.

وردد المتظاهرون هتافات منددة بالجريمة والعنف وأغلقوا الشارع الرئيسي أمام البلدة من كلا الاتجاهين أمام حركة السير تعبيراً عن غضبهم واستنكارهم للجريمة. وتواجدت في المكان قوات معززة من الشرطة.

وجاءت هذه التظاهرة بعد قيام عناصر من الشرطة الإسرائيلية الليلة قبل الماضية بإطلاق النار على مشتبه بهم بإطلاق نار على أحد المنازل في المدينة، وعلى شابين آخرين لا علاقة لهما بما حدث، الأمر الذي أسفر عن مقتل أحد مطلقي النار والشاب أحمد حجازي، وهو لا علاقة له بإطلاق النار على المنزل، وإصابة شاب ثالث بجروح.

كما شارك عشرات المواطنين العرب في مدينة الناصرة مساء أمس في تظاهرة أقيمت عند مفرق البلدية احتجاجاً على تصاعد العنف وتفشي الجريمة، وذلك بعد أن شهدت المدينة أول أمس (الاثنين) جريمة قتل راح ضحيتها شاب في الثلاثين من عمره بعد تعرضه لإطلاق النار.

وهتف المتظاهرون عدة شعارات منها "يا حكومة ويا بوليس الدم العربي مش رخيص"، و"في دليل وفي شاهد والشرطة ما بتساعد"، و"وحدة وحدة وطنية ضد الشرطة الفاشية"، و"ما بنهاب وما بنهاب والشرطة أم الإرهاب".

وشهدت عدة بلدات عربية أُخرى في إسرائيل وقفات وتظاهرات في شوارعها الرئيسية احتجاجاً على جرائم العنف التي وقعت خلال اليومين الفائتين، وعلى تفشي الجريمة والعنف في المجتمع العربي بصورة عامة.

"هآرتس"، 3/2/2021
استطلاع القناة 13: 56 مقعداً لمعسكر الأحزاب المناهضة لاستمرار حكم نتنياهو وفي حال انضمام "يمينا" يمكنه تأليف حكومة يؤيدها 66 عضو كنيست

أظهر استطلاع للرأي العام أجرته قناة التلفزة الإسرائيلية 13 أمس (الثلاثاء)، أنه في حال إجراء الانتخابات العامة للكنيست الـ24 الآن سيحصل معسكر الأحزاب المناهضة لاستمرار حُكم رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، والمؤلف من أحزاب "أمل جديد"، و"يوجد مستقبل"، والعمل، و"إسرائيل بيتنا"، وميرتس، و"أزرق أبيض"، من دون القائمة المشتركة على 56 مقعداً، وإذا انضم إليه تحالف "يمينا" هناك إمكانية لتأليف حكومة تستند إلى تأييد 66 عضو كنيست، في حين أن معسكر الأحزاب الذي يدعم إقامة حكومة برئاسة نتنياهو، والمؤلف من أحزاب الليكود، واليهود الحريديم [المتشددون دينياً]، سيحصل على 44 مقعداً، وإذا انضم إليه تحالف "يمينا" سيصبح لديه 54 مقعداً، لكنها غير كافية لتأليف حكومة.

ووفقاً للاستطلاع، ستضاعف قائمة حزب العمل برئاسة عضو الكنيست ميراف ميخائيلي عدد مقاعدها من الاستطلاعات السابقة وتحصل على 8 مقاعد، ويحصل كل من قائمة الحزب الجديد "أمل جديد" برئاسة جدعون ساعر المنشق عن حزب الليكود، وقائمة "يوجد مستقبل" برئاسة عضو الكنيست يائير لبيد على 16 مقعداً، وتحصل قائمة حزب الليكود برئاسة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على 29 مقعداً، وقائمة "يمينا" برئاسة عضو الكنيست نفتالي بينت على 10 مقاعد.

وتحصل القائمة المشتركة على 10 مقاعد، وقائمة حزب يهدوت هتوراه الحريدي على 8 مقاعد، ويحصل كل من قائمة حزب شاس الحريدي، وقائمة حزب "إسرائيل بيتنا" برئاسة أفيغدور ليبرمان على 7 مقاعد، وتحصل قائمة حزب ميرتس على 5 مقاعد، وقائمة "أزرق أبيض" برئاسة وزير الدفاع ورئيس الحكومة البديل بني غانتس على 4 مقاعد.

ولن تتمكن قوائم أحزاب "الإسرائيليون" برئاسة رئيس بلدية تل أبيب رون خولدائي، والصهيونية الدينية برئاسة عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش، والبيت اليهودي برئاسة حجيت موشيه، و"غيشر" برئاسة عضو الكنيست أورلي ليفي- أبكسيس، و"الحزب الاقتصادي" برئاسة المحاسب العام السابق لوزارة المال يارون زليخا، و"تنوفا" [انطلاقة] برئاسة عضو الكنيست السابق عوفر شيلح الذي انشق عن حزب "يوجد مستقبل"، و"قدامى إسرائيل" برئاسة رئيس جهاز الموساد السابق داني ياتوم، و"عوتسما يهوديت" [قوة يهودية] من أتباع الحاخام مئير كهانا، من تجاوز نسبة الحسم (3.25%).

 

"معاريف"، 3/2/2021
أول اتصال بين مسؤولين في السلطة الفلسطينية ومسؤول في وزارة الخارجية الأميركية

قال بيان صادر عن هيئة الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية أمس (الثلاثاء) إن رئيس الهيئة حسين الشيخ تحادث هاتفياً الليلة قبل الماضية مع نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الإسرائيلية والفلسطينية هادي عمرو، فيما يبدو أنه أول اتصال رسمي بين واشنطن ورام الله في ظل الإدارة الجديدة للرئيس الأميركي جو بايدن.

وأشار الشيخ في تغريدة نشرها في حسابه الخاص على موقع "تويتر"، إلى أنه تم التباحث خلال المحادثة في العلاقات الثنائية والوضع السياسي وآخر التطورات الراهنة. وأكد أن المحادثة كانت إيجابية وتم الاتفاق على استمرار التواصل.

وذكرت إذاعة "صوت فلسطين" أن رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية أجرى أيضاً محادثة هاتفية مع عمرو.

ولم تُصدر وزارة الخارجية الأميركية أي بيان رسمي بهذا الشأن.

"يديعوت أحرونوت"، 3/2/2021
وزارة الصحة: كانون الثاني/يناير الفائت الشهر الأكثر فتكاً منذ بدء تفشي فيروس كورونا

كشف بيان صادر عن وزارة الصحة الإسرائيلية أمس (الثلاثاء) أن نحو ثلث إجمالي حالات الوفاة الناجمة عن فيروس كورونا في إسرائيل حدث في شهر كانون الثاني/يناير الفائت وحده، وهذا ما يجعله الشهر الأكثر فتكاً حتى الآن منذ بدء تفشي الوباء.

وأشار البيان إلى أن حصيلة حالات الوفاة بلغت 4796 حالة، وأن 1433 حالة منها، أي نحو 30%، سُجلت في كانون الثاني/يناير. كما أشار إلى أن معدل نتائج الفحوصات الإيجابية استقر عند نحو 10%. وبلغ إجمالي حالات الإصابة منذ بدء الوباء 646.277 حالة، منها 68.331 حالة نشطة، بينها 1140 حالة خطرة تم ربط 315 حالة منها بأجهزة التنفس الاصطناعي.

وصدرت المعطيات بعد أن صادقت الحكومة الإسرائيلية في مطلع الأسبوع الحالي على تمديد الإغلاق على مستوى البلد، والذي شمل إغلاق أماكن العمل غير الضرورية ومعظم المدارس خلال الشهر الفائت، حتى صباح يوم الجمعة المقبل. كما تقرّر أن يظل مطار بن غوريون الدولي مغلقاً حتى يوم الأحد، وأن تتم إعادة فرض حجر صحي إلزامي في فنادق الحجر الصحي الحكومية على من يُسمح لهم بدخول البلد.

ومن المقرر أن تعقد الحكومة اجتماعاً اليوم (الأربعاء) لتقرر ما إذا كان سيتم تمديد القيود لفترة أطول. ويقوم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بممارسة الضغط من أجل تمديد الإغلاق أسبوعاً آخر على الأقل بينما يصر وزير الدفاع بني غانتس على إنهاء الإغلاق في موعد لا يتجاوز يوم الجمعة القريب.

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"يديعوت أحرونوت"، 2/2/2021
اليساريون لا يتعلمون
أوري زكي - رئيس مجلس إدارة حركة ميرتس
  • الاندماجات في معسكر الوسط - اليسار في المعارك الانتخابية الثلاث الأخيرة كانت فشلاً ذريعاً. في المعركة الانتخابية في آذار/مارس 2021 يبدو أن ناخبي الوسط - اليسار سيعودون إلى الأحزاب القديمة (نسبياً)، وإلى التصويت الأيديولوجي، لكن هناك مَن يصر على العرقلة.
  • في العامين الأخيرين استجاب معسكر الوسط - اليسار إلى دعوة الجمهور وعمل بحزم على الاندماج. كان هذا هو الرد على عقد من حكم استفزازي ومشرذم لبنيامين نتنياهو، وعلى هجومه الواضح على سلطة القانون والمنظومة القضائية بسبب لوائح الاتهام الموجهة ضده. من الجمهور العربي، مروراً بالمستوطنات العمالية حتى المدن الكبرى، كلهم تجندوا من أجل خطوة سياسية مشتركة مؤلفة من عنصرين: الأول التصويت الكثيف لإنهاء ما يبدو أنه خطر حقيقي على إسرائيل. والثاني - وقوف الأحزاب القديمة في المعسكر معاً وتوحدها كي لا يضيع صوت واحد من أجل هذه المهمة المشتركة.
  • الاندماج الأول كان اندماج حزب يوجد مستقبل مع قائمتي بني غانتس وموشيه يعلون. وُضع غانتس على رأس "أزرق أبيض" ووقف كل المعسكر وراءه كمرشح لاستبدال نتنياهو. أيضاً تصرفت حركة ميرتس بمسؤولية وعملت على توحيد القوائم في المعارك الانتخابية الثلاث، وكذلك فعلت القائمة المشتركة التي توحدت من جديد وحققت نسبة تصويت غير مسبوقة للجمهور العربي.
  • لكن بمقدار ما كبر التوقع بمقدار ما كبرت خيبة الأمل. على الرغم من فوز أزرق أبيض في معركتين انتخابيتين في الكنيست فإنه لم ينجح في المهمة التي أقيم من أجلها - تغيير السلطة. بدلاً من ذلك تشظى وتفكك؛ الشخص الذي حصل على أصوات ناخبي اليسار - الوسط خلال 3 معارك انتخابية أدار ظهره لهم ودخل في حكومة نتنياهو. وكانت النتيجة عدداً غير مسبوق من الوظائف السخيفة ووعداً من أكبر محتال في السياسة الإسرائيلية بـ"المناوبة".
  • أيضاً التوحيد بين ميرتس وحزب العمل فشل فشلاً ذريعاً. أورلي ليفي أباكسيس قفزت ببساطة مع المقعد الذي منحها إياه الناخبون إلى كتلة نتنياهو، وتبعها حزب العمل برئاسة عمير بيريتس وإيتسيك شمولي اللذين اهتما بمنصب وزير.
  • في هذه الجولة [2021] الشعور بخيبة الأمل كبير لدى ناخبي اليسار - الوسط من الأحزاب التي خدعتهم، سيعيدهم إلى أحزاب الكتل قبل شباط/فبراير 2019: يوجد مستقبل، والعمل، وميرتس.
  • يوجد مستقبل هو حزب وسط ليبرالي بارز، ويشكل المرساة في مركز كتلة الوسط- اليسار. حزب العمل يتعافى ويعبر في استطلاعات نسبة الحسم، بعد أن دفع به عمير بيرتس إلى خسارة مطلقة. يجب الترحيب بذلك ولو بحذر، لأن الحزب أثبت مرات عديدة في العقود الأخيرة ضعفاً في القيم.
  • في أي حال هو لا يستطيع أن يقوم بدور ميرتس - أن يكون الرمز اليساري في المنظومة السياسية. تشكل ميرتس مرساة اليسار في الكتلة بفضل مواقفها وتحركاتها على مدى سنوات في الدفاع عن النساء، وعن المثليين، وعن الإسكان الشعبي، وعن التطلع لإنهاء السيطرة العسكرية على الفلسطينيين وغيرها. في المعارك الانتخابية الثلاث السابقة أيدت ميرتس التوحيدات، لكن هذا أضر بها وتراجعت إلى أقل تمثيل لها في تاريخها.
  • الخلاصة واضحة. في الخريطة السياسية الحالية، وعندما يصبح الناخبون ناضجين للعودة إلى تصويت أيديولوجي، يتعين على كتلة الوسط - اليسار الاكتفاء بالأحزاب الثلاثة التالية: يوجد مستقبل، وحزب العمل، وميرتس. لكن هذه الخلاصة لا يدركها بعض الأشخاص الذين لا يزالون يصرون على الاستمرار في طرح أحزاب شخصانية من الواضح أنها لن تعبر نسبة الحسم، وتعرّض للخطر أصواتاً غالية في معركة كل مقعد فيها يمكن أن يمنح نتنياهو الأغلبية المطلوبة له في حكومة الحصانات.
  • بقي يومان على إغلاق القوائم للانتخابات في سنة 2021، ونأمل في هذا الوقت بأن يتعقل رون خولدائي وعوفر شيلح ويارون زليخا، وطبعاً بني غانتس، وألا ّ يعرّضوا هذه الكتلة للخطر.

 

"مباط عال"، العدد 1435، 2/2/2021
انتخابات فلسطينية: رهان، فرصة، أم يا ترى مناورة سياسية؟
يوحنان تسوريف، وكوبي ميخائيل - باحثان في معهد دراسات الأمن القومي
  • أصدر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في 16 كانون الثاني/يناير 2021 أمراً رئاسياً بإجراء انتخابات في ثلاث مؤسسات وطنية فلسطينية: الرئاسة، والمجلس التشريعي، والمجلس الوطني الفلسطيني. حدد الأمر بإجراء الانتخابات بالتدريج، بدءاً من أيار/مايو 2021 حتى آب/أغسطس 2021. الأمر السابق لإجراء انتخابات صدر في سنة 2009، وأُلغي بعد مرور أقل من 120 يوماً جرّاء الانشقاق بين "حماس" و"فتح". هذه المرة ما يجري محاولة أولى لإجراء انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني الذي كانت أغلبية أعضائه منذ تأسيسه مُعيَّنة وليست مُنتَخبة.
  • صدر الأمر في وقت تواجه المنظومة الفلسطينية أزمة داخلية وخارجية حادة، بعد سنوات من إدارة ترامب التي همّشت الموضوع الفلسطيني، وعلى خلفية وباء الكورونا، والقيادتان في "حماس" و"فتح" على حد سواء تتعرضان لانتقادات عامة حادة. عباس الذي أوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل في فترة ترامب سارع إلى استئنافه بعد فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية في الولايات الأميركية، وتسبب بذلك بتوقف جهود المصالحة بين الفصائل الفلسطينية. تخلّي "حماس" عن مطالبتها بإجراء الانتخابات للمؤسسات الثلاث في موعد واحد، والتي طرحتها في محادثات المصالحة كشرط للانتخابات، أزال العقبة التي تعترض إجراءها.
  • إصدار الأمر يولد دينامية في الساحة الفلسطينية السياسية والعامة. تُعتبر الانتخابات خطوة يبدو أنها تدل على معقولية أكثر من الماضي لمصالحة داخلية- فلسطينية. منظمات ومجموعات أعلنت نيتها الترشح، آخرون من بينهم حركة الجهاد الإسلامي، خلافاً لرفضهم إجراء انتخابات في السابق، هم الآن يتخبطون. كثيرون يريدون أن يروا في القيادة وجوهاً جديدة، شابة، لا تتماهى مع المؤسسة القائمة، أيضاً في "فتح" هناك مَن يتوقع عدم ترشيح عباس، لكن ثمة شك في أن هذه الآمال ستتحقق. سيتنافس في الساحة مرة أُخرى اللاعبان الكبيران، "فتح" و"حماس"، اللتان تتصارعان فيما بينهما منذ سنوات من دون حسم. هناك تحدٍّ كبير مطروح، وخصوصاً أمام "فتح" التي تشهد انقسامات إلى معسكرين على خلفية خصومات شخصية. الانقسام يمكن أن يؤدي إلى انتصار "حماس" كما حدث في الانتخابات التي جرت في سنة 2006، لكن ثمة شك في أن "حماس"، التي تؤمن بطريق المقاومة المسلحة الذي يشكل هدفاً لانتقادات عامة، وخصوصاً بعد المواجهة العسكرية الأخيرة مع إسرائيل في سنة 2014، مهتمة فعلاً بالانتصار. وبعد الشرعية الدولية المحدودة التي حصلت عليها، والتي أفرغت فوزها السابق من مضمونه. تسعى الحركة في هذه المرحلة للاندماج في قيادة السلطة الفلسطينية ومؤسساتها الوطنية، بما فيها منظمة التحرير الفلسطينية، وأن تبني لنفسها شرعية داخلية وفي الساحة الدولية.
  • إصدار أمر الانتخابات يمكن أن يبدو في الوقت الحالي إنجازاً مشتركاً لكلٍّ من جبريل الرجوب، من كبار مسؤولي "فتح"، وصالح العاروري، من كبار "حماس"، اللذين عملا على الدفع قدماً بمصالحة الحركتين مع معرفتهما أن ليس هناك ما يضمن إجراء هذه الانتخابات بسبب العقبات التالية:
    • مشاركة القدس الشرقية في الانتخابات المذكورة في الأمر الرئاسي، مشروطة بموافقة إسرائيل. يمكن التغلب على عدم موافقة الجانب الإسرائيلي بواسطة الاقتراع الإلكتروني أو الخروج خارج حدود القدس الشرقية، لكن ستكون هناك صعوبات الوصول وتدنّي أعداد الناخبين.
    • تخوُّف فصائل المعارضة من نيّات "فتح" و"حماس" واحتمالات خوضهما الانتخابات في قوائم مشتركة، أو اتفاقهما على تقاسم المقاعد بينهما. ناطقون بلسان الحركتين لا ينكران مثل هذا الاحتمال ويطرحونه كمسألة مشروعة للنقاش في محادثات الإعداد للانتخابات التي ستجري في القاهرة.
    • اغتراب عميق من جهة الجمهور الواسع، وخصوصاً وسط الشباب الذي يعتبر الانتخابات آلية لضمان مكانة القيادتين الفاشلتين اللتين خسرتا حيويتهما وشرعيتهما. على هذه الخلفية سُمعت دعوات إلى إقامة أطر سياسية جديدة.
    • غضب شعبي جرّاء الضائقة الاقتصادية الواسعة بسبب قرار عباس عدم الحصول على أموال الضرائب التي تجبيها إسرائيل على المعابر. هذا الغضب واضح أيضاً وسط موظفين كُثُر في قطاع غزة الذين يعتمدون على السلطة، والذين جرى تقليص رواتبهم في السنوات الأخيرة. كل هذا يمكن أن يؤثر في مدى ثقتهم بهذه الانتخابات، وأن يؤدي إلى محاسبة في يوم الانتخابات إذا شاركوا فيها. عضو اللجنة المركزية في "فتح" في غزة أحمد حلس يَعِد باسم عباس بإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل التقليصات.
    • رغبة محمد دحلان في خوض الانتخابات، وخصوصاً احتمال تحالفه مع مروان البرغوثي الذي يتمتع بشعبية، وأيضاً انتقادات ناصر القدوة الذي تقرّب من دحلان، بشأن إجراء الانتخابات قبل المصالحة تزيد تخوف عباس والمقربين منه. ممثلو دحلان يقترحون الترشح على قوائم مشتركة مع "فتح"، ويحذّرون من انقسام يمكن أن يؤدي إلى خسارة المكانة التاريخية للحركة.
  • من أجل تأمين رد على كل التطورات المحتملة، قام عباس بخطوتين بعيدتي المدى قبل أيام قليلة من إصدار الأمر بالانتخابات. الأولى تنفيذ إصلاح في المنظومة القضائية أعلن في إطاره إقامة محكمة إدارية مستقلة خاضعة له مباشرة، الأمر الذي يتيح له على ما يبدو اتخاذ مجموعة واسعة من الخطوات، من بينها حلّ البرلمان، وتأجيل الانتخابات وحتى إلغائها، كما فرض قيوداً على موظفي الدولة المعنيين بأن ينتخبوا. الخطوة الثانية هي تغيير القانون الذي يحدد أن المقصود ليس انتخابات للسلطة الفلسطينية بل لدولة فلسطين. وبصفته رئيساً للمجلس التشريعي لدولة فلسطين ألغى الشرط الذي حدده القانون في سنة 2007 بعد فوز "حماس" في سنة 2006، الذي يلزم من كل مرشح في الانتخابات قبول التعهدات التي تلتزم بها منظمة التحرير الفلسطينية. الخطوة الأولى أثارت غضباً كبيراً من طرف قضاة وسياسيين فلسطينيين بسبب الضرر الذي تلحقه بالمحاكم والصلاحيات الكثيرة التي أعطاها لنفسه، والثانية معناها عملياً انتهاء صلاحية اتفاقات أوسلو، وإعطاء الخيار لتمثيل مواقف تنظيمات لا تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية، وتعارض سياستها وترفض وجود إسرائيل، وهذه لم تثِر ردود قوية.
  • يُطرح هنا سؤال بشأن نيّات عباس. ما الذي يحركه في عمره المتقدم لأن يجري عشية الانتخابات إصلاحاً مهماً في المنظومة القضائية، وأن يغير قانون الانتخابات بصورة يمكن أن تورطه مع إدارة بايدن، بينما يهدف قرار إجراء الانتخابات فعلاً إلى إرضاء هذه الإدارة؟ لماذا سار على طريق الانتخابات بعد تأجيل كل محاولات المصالحة الداخلية في السنوات الأخيرة؟ هل هو لا يتخوف من انعكاسات الانقسام والانشقاق في صفوف "فتح" نفسها؟
  • الجواب يكمن في طريقة سلوكه في الفترة الأخيرة كحاكم مطلق. على المستوى السياسي قام مؤخراً بخطوتين متناقضتين. من جهة استأنف التنسيق الأمني مع إسرائيل وأعرب عن استعداده علناً للعودة إلى المفاوضات السياسية في إطار دولي وعدم رفض الولايات المتحدة كوسيط حصري (كما في فترة الرئيس ترامب)، ومن جهة ثانية استأنف عملية المصالحة مع "حماس"، وصولاً إلى إعلان إجراء انتخابات. لكن العملية السياسية مع إسرائيل لن تُستأنف من دون ثلاثة مطالب وضعتها اللجنة الرباعية لـ"حماس" كشروط لمشاركتها في المفاوضات (الاعتراف بإسرائيل، التخلي عن الإرهاب، واحترام الاتفاقات التي وقّعتها منظمة التحرير الفلسطينية). حتى الآن ترفض "حماس" هذه الشروط، وليس واضحاً كيف سينجح عباس في تجنيد شرعية دولية لحكومة تشارك فيها "حماس"، والتعهد بالتعاون مع إسرائيل واستئناف العملية السياسية.
  • إزاء هذه الصعوبات والعقبات، هل من الممكن الافتراض أن أمر إجراء الانتخابات هو فعلاً مناورة سياسية؟ هل من المحتمل أن عباس وقيادة "فتح" يعتقدان أنهما قادران على إقناع إدارة بايدن وأوروبا، من خلال الاعتماد على عدائهما المشترك لإدارة ترامب، بمنحهما شرعية لمشاركة "حماس" في السلطة؟ أم أن ما يجري هو محاولة للتصدي للضغط الداخلي والخارجي لإجراء انتخابات ديمقراطية، والتوضيح للأميركيين والأوروبيين أن انتخابات حرة تتطلب مشاركة "حماس". من المحتمل أيضاً أن ما يجري هو محاولة للتقرب من الولايات المتحدة للضغط على إسرائيل للموافقة على استئناف العملية السياسية بشروط مريحة أكثر للفلسطينيين - احتمال يبدو الأفضل مقارنة بالخطر الذي تنطوي عليه مشاركة "حماس" في الانتخابات.
  • يحاول عباس المناورة بين هذه القيود وليس من المستبعد أن يكون اختار إصدار أمر الانتخابات لتحريك العملية التي لن تؤدي بالضرورة إلى إجرائها. بعد أن تخلت "حماس" عن مطالبتها بإجراء انتخابات لكل المؤسسات في موعد واحد، لم يبق أمام عباس سوى إصدار أمر الانتخابات - وذلك بعد أن نقل لشخصه معظم الصلاحيات التي تمنحه سيطرة على الساحة الفلسطينية قبل المعركة الانتخابية وأثناءها وبعدها.
  • يبدو أن عباس يقدّر أن الخطوات التي اتخذها، وفشل خطة ترامب الذي نسبته الساحة الفلسطينية إليه، سيسمح له ببناء منظومة العلاقات مع الولايات المتحدة من جديد، وربما أيضاً الدفع قدماً بخطوات سياسية تكون منسجمة مع استراتيجية بايدن، وبذلك يضمن مكانة "فتح" وانتظام العمل في الأجهزة التي بناها في السنوات الـ15 من حكمه. طبعاً لا أحد ينسب إلى عباس صفة المقامر مقارنة بياسر عرفات، لكن يبدو أنه في نهاية أيامه يشعر بثقة كافية لاتخاذ القرارات في ظروف عدم اليقين وعلى الرغم من المخاطر التي تنطوي عليها. من المحتمل أنه يرى مرونة معينة في موقف "حماس" التي تبذل جهدها منذ تقديم خطة ترامب للتشديد على أنها تريد الاندماج في المنظومة السياسية الفلسطينية، وتواصل السعي للمصالحة بين الحركتين، وحتى أنها امتنعت من مهاجمة عودة التنسيق الأمني مع إسرائيل علناً.
  • في كل الأحوال إذا كان عباس يفضل فعلاً عدم إجراء انتخابات على الرغم من إصدار الأمر بذلك، فإن هذا التفضيل يتطابق مع تفضيل إسرائيل عدم إجرائها. لأنها يمكن أن تؤدي إلى فشل عباس نفسه وفشل "فتح". على الرغم من مصاعبها تجد "حماس" نفسها في موقع أفضل من "فتح". أي مسّ باستقرار السلطة الفلسطينية وتهديد بقائها ونزول عباس عن المنصة لا يخدم المصلحة الأمنية الإسرائيلية. مع ذلك يتعين على إسرائيل الامتناع من أن تصور وكأنها تمسّ بخطوات الديمقراطية في الساحة الفلسطينية. في المقابل، عليها أن تفحص في القنوات الأمنية وكذلك في قنوات التنسيق مع الإدارة الأميركية، وأيضاً لدى فرنسا وألمانيا اللتين تتمتعان بنفوذ معين لدى عباس، وكذلك مع دول عربية ذات صلة، وخصوصاً مصر والأردن، ما هي نيّات عباس، وإلى أين يريد أن يقود الساحة الفلسطينية. هل فعلاً انتهى عهد أوسلو في نظره، أم أن المقصود إعادة المشكلة الفلسطينية إلى جدول الأعمال الدولي، أو أنه يريد المصلحتين معاً.
  • على أية حال، حسناً تفعل إسرائيل لو ترسم أفقاً جديداً يثير أملاً يمكن أن يعزز مكانة السلطة الفلسطينية من خلال استئناف عملية سياسية بتنسيق وثيق مع الإدارة الأميركية وشركائها الإقليميين، وأن تعمل على تحسين اقتصادي في الساحة الفلسطينية من خلال ضمها إلى الأطر الاقتصادية لاتفاقات أبراهام، وفي الوقت عينه يتعين عليها الحرص على تطبيق القانون والنظام في أراضي الضفة الغربية لتقليص التوتر بين سكان المنطقة من الإسرائيليين وبين الفلسطينيين.