مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
أعلنت البحرين وإسرائيل أمس (الثلاثاء) تعيين خالد يوسف الجلاهمة أول سفير للمنامة لدى إسرائيل.
ونشرت وكالة الأنباء البحرينية الرسمية بياناً أعلنت فيه اسم السفير الجديد.
وأكدت إسرائيل في بيان صادر عن وزارة الخارجية، أنه تمت الموافقة على الجلاهمة بعد أن طرح وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني اسمه يوم (الأحد) الفائت في محادثة مع نظيره الإسرائيلي غابي أشكنازي وتم القيام بإجراءات التحقق ذات الصلة.
وقال أشكنازي للزياني إن قرار الحكومة البحرينية تعيين سفير لدى إسرائيل هو خطوة مهمة أُخرى في تنفيذ اتفاق السلام وفي تعزيز العلاقات بين البلدين.
ورحب أشكنازي بالقرار البحريني وشكر نظيره على صداقته القوية وكذلك على شجاعة وقيادة ملك البحرين.
وأضاف البيان أنه سيصل في الأسابيع المقبلة فريق من البحرين إلى إسرائيل من أجل القيام بالترتيبات الضرورية. ولم يتضح حتى الآن أين سيكون موقع السفارة البحرينية.
وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إن السفير المعيّن كان مدير عمليات وزارة الخارجية البحرينية منذ سنة 2017 وشغل منصب نائب السفير البحريني لدى الولايات المتحدة بين السنوات 2009-2013.
أفادت قناة التلفزة الإسرائيلية 12 مساء أمس (الثلاثاء) أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو معني جداً بالتعاون مع راعم [القائمة العربية الموحدة] برئاسة عضو الكنيست منصور عباس وينوي إقناع شركاءه بالموافقة على ذلك. وأضافت أن عباس سيلقي كلمة يوم الخميس المقبل يعلن خلالها نيات قائمته التي أصبحت "بيضة القبان" فيما يتعلق بتأليف الحكومة الإسرائيلية المقبلة.
كما أشارت قناة التلفزة إلى أن نتنياهو مصمم على تأليف حكومة ويأمل بأن يعتمد أساساً على منشقين يأتون إليه من حزب "أمل جديد" أو من حزب أزرق أبيض وهو يستعد لهذا الاحتمال. وأشارت إلى أن نتنياهو ذكر في محادثات مغلقة مؤخراً أن هناك إمكانيات لأن تعتمد الحكومة التي سيؤلفها على قائمة راعم موقتاً من خلال امتناع أعضائها أو غيابهم وليس من خلال الدعم المباشر.
ونقلت قناة التلفزة "كان" [تابعة لهيئة البث الرسمية الجديدة] مساء أمس عن مسؤول في راعم قوله إن القائمة تميل في الوقت الحالي إلى دعم بنيامين نتنياهو لرئاسة الحكومة من الخارج بشرط ألّا يكون عضو الكنيست إيتمار بن غفير ["عوتسما يهوديت"] وزيراً فيها، لكنه في الوقت عينه أكد أن هذا الموقف قد يتغير في حال الحصول على عروض أفضل.
علمت صحيفة "يسرائيل هيوم" بأن تركيا نقلت مؤخراً رسالة إلى إسرائيل أكدت فيها أنها مستعدة لإرسال سفير لها إلى إسرائيل في حال التزام هذه الأخيرة بإرسال سفير لها إلى تركيا. ولم تتطرق الرسالة إلى الخلاف الرئيسي الذي لا يزال قائماً بين الدولتين والمتعلق بوجود قادة حركة "حماس" في إسطنبول.
يُذكر أن العلاقات الإسرائيلية - التركية مرت منذ 10 سنوات بتقلبات وتراجعات في العلاقات، وخصوصاً بعد قضية "سفينة مافي مرمرة" سنة 2010 حين قامت أنقرة بخفض تمثيلها الدبلوماسي في إسرائيل وطردت السفير الإسرائيلي، لكن في 22 آذار/مارس 2013 اتصل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان واعتذر عن حادثة "مافي مرمرة" واتفقا على إعادة تطبيع العلاقات، وعينت إسرائيل إيتان نائيه سفيراً في تركيا وفي المقابل عينت تركيا كمال أوكام سفيراً في إسرائيل وبقيت العلاقات مستقرة حتى سنة 2018، عندما قامت تركيا باستدعاء سفيريها في إسرائيل والولايات المتحدة على خلفية "مسيرات العودة" في قطاع غزة كما قامت بطرد السفير الإسرائيلي لديها.
ومؤخراً غيرت تركيا سياستها الخارجية في الشرق الأوسط عموماً وبالنسبة إلى إسرائيل خصوصاً، وأعلن الرئيس التركي في تشرين الثاني/نوفمبر الفائت أن تركيا تريد تحسين علاقاتها مع إسرائيل وأشار إلى أن علاقات بلاده الاستخباراتية مع إسرائيل مستمرة. وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية في مؤتمر انتخابي في 10 آذار/مارس إن إسرائيل تُجري مباحثات مع تركيا وذلك خلال إشارته إلى علاقات إسرائيل الممتازة مع دول في الشرق الأوسط.
وقالت مصادر سياسية رفيعة المستوى في القدس للصحيفة إنه على الرغم من كل الحوادث التي تسببت بتوتر العلاقات بين تركيا وإسرائيل فإن البلدين لم يقطعا العلاقات الدبلوماسية بينهما ونجحا في الفصل بين الاقتصاد والسياسة، وساعدا بعضهما بعضاً في قضايا إنسانية وبقيت قنوات الحوار مفتوحة دائماً. وأضافت هذه المصادر نفسها أن تلك العلاقات كانت دائماً حساسة في كل ما يرتبط بالفلسطينيين، وأشارت إلى أن العزلة المتزايدة لتركيا في المنطقة والعلاقات المتوترة مع واشنطن تدفعها إلى تقديم عروضها لتطبيع العلاقات مع دول المنطقة، بما في ذلك إسرائيل. وقالت إن إسرائيل لن تمانع في تحسين علاقاتها مع تركيا، لكنها تريد التأكد من نياتها وستتعامل مع الأمر بحذر بالغ.
قالت مصادر مسؤولة في قيادة الشرطة الإسرائيلية إن الشرطي الذي قتل الشاب العربي منير عنبتاوي (33 عاماً) الذي يعاني اضطرابات نفسية في حيفا أول أمس (الاثنين) يحظى بدعم المسؤولين في الشرطة الذين ادّعوا أن اللقطات التي صورتها كاميرا الشرطي تثبت أنه خاف على حياته.
وأضافت هذه المصادر أنها تعتقد أن التحقيق الداخلي سيقوم بتبرئته، وأشارت إلى أن منير ركض وهو يحمل سكيناً وهاجم الشرطي الذي رد بإطلاق نيران حية خوفاً على حياته.
وقال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي أمير أوحانا [الليكود] إنه تحدث مع الشرطي. وأكد أوحانا أنه لا يدعم الشرطي فحسب بل إنه أيضاً يحظى بتقديره الكامل لأنه تصرف كما كان متوقعاً منه.
وقال شقيق الشاب المقتول أمير عنبتاوي إن والدته حاولت استدعاء سيارة إسعاف لمساعدة شقيقه بسبب تعرضه كما يبدو لنوبة ذهانية، لكنها وصلت عن طريق الخطأ إلى الشرطة.
وأضاف عنبتاوي أن الشرطة الإسرائيلية ليست مهنية بتاتاً وهي تنظيم إجرامي.
نشر مركز المعلومات الخاص بحملة التصدي لفيروس كورونا في وزارة الصحة الإسرائيلية أمس (الثلاثاء) بياناً بشأن حالة الوباء في إسرائيل يُظهر أنه تم رصد 356 إصابة جديدة بالفيروس من أصل 40.522 فحصاً أُجريت خلال الساعات الـ24 الماضية. وبلغت نسبة النتائج الإيجابية 0.9% من بين مجمل الفحوصات، وبذا تراجعت دالة انتشار الإصابات إلى 0.53، وهذا يعني تراجُع انتشار الوباء.
ووفقاً للبيان، يبلغ عدد الإصابات النشطة حالياً 8335 مصاباً، أي إنه تراجع إلى ما يقرب من نصف العدد من الأسبوع الفائت حين كان عدد الإصابات 14.953. ويرقد في المستشفيات حالياً 676 مصاباً بفيروس كورونا، 467 منهم في حالة حرجة، و235 في حالة خطرة، و201 يستعينون بأجهزة تنفس اصطناعي.
وذكر البيان أن 75% من المصابين الذين تم تعريفهم بأنهم في حالة حرجة لم يتلقوا اللقاح المضاد لفيروس كورونا.
وأوضح البيان أن 5.221.482 مواطناً إسرائيلياً تلقوا الجرعة الأولى من اللقاح المضاد لفيروس كورونا بينما تلقى 4.712.877 مواطناً الجرعة الثانية. وقلصت صناديق المرضى نشاط مراكز التطعيم في ظل تراجُع الطلب على اللقاح.
وعلى الرغم من المؤشرات العديدة المشجعة أكد مركز المعلومات الخاص بحملة التصدي لفيروس كورونا أنه لا يمكن في هذه المرحلة التصريح بأن الوباء أصبح وراءنا وبالتالي يجب تجنّب التراخي والاستمرار في اتباع الإرشادات والحذر الشديد عند مواصلة تخفيف القيود المفروضة على الاقتصاد.
- احتمال تقديم مروان البرغوثي عضو اللجنة المركزية في "فتح" قائمة مستقلة في الانتخابات المقبلة للبرلمان الفلسطيني هو بمثابة تحدٍّ لزعامة رئيس الحركة وللرئيس الفلسطيني محمود عباس ولكبار المسؤولين في فتح من المقرّبين منه. هذه الإمكانية تحدث عنها مقرّبون من البرغوثي، ولم يكذّبها أنصاره ولا زوجته فدوى البرغوثي.
- يختلف البرغوثي عن ابن أخت ياسر عرفات وعضو اللجنة المركزية في "فتح" ناصر القدوة، الذي أعلن مؤخراً نيته الترشح للانتخابات في قائمة مستقلة، وجرت معاقبته فوراً بإبعاده عن الحركة. بخلاف القدوة، يتمتع البرغوثي بتأييد شعبي لا يستطيع عباس وقيادة "فتح" في رام الله تجاهله. على هذه الخلفية قال مسؤول رفيع المستوى في الحركة لـ"هآرتس" إن إعلان القدوة اعتُبر خطوة فردية لم تؤثر في قاعدة "فتح" في الشارع الفلسطيني. بينما "خطوة البرغوثي سيكون لها أهمية أكبر"، أوضح المصدر، "إنها فعلاً انشقاق".
- يُعتبر البرغوثي منذ وقت طويل معارضاً لعباس في داخل "فتح". وكان انتقده وانتقد سلوكه في الساحة الداخلية وطريقة تصرفه مع إسرائيل عدة مرات. كما دعا البرغوثي إلى تبنّي استراتيجية النضال الشعبي وتعزيز "فتح" كحركة شعبية مرتبطة بالأرض وليس كحركة نخبة منقطعة عنها. مع ذلك، وعلى الرغم من الانتقادات إلا إن البرغوثي حرص على المحافظة على الحركة واعتبر نفسه جزءاً لا يتجزأ من "فتح"، وشدد على الحاجة إلى الوحدة.
- رام الله مشغولة منذ الأمس بالخطوة وتداعياتها، وتتساءل ما إذا كان البرغوثي سيقدم فعلاً قائمة مستقلة مع الذين خاب أملهم بـ "فتح"، بينهم ناصر القدوة نفسه. ثمة إمكانية أُخرى أن يتراجع البرغوثي ويدّعي أنه يجب المحافظة على الوحدة، في مقابل وعود بتمثيل أشخاص بالنيابة عنه وإصلاحات مستقبلية.
- مصادر رفيعة المستوى في "فتح" قالت إن البرغوثي نقل مؤخراً رسائل تتعلق بالحركة عبر مقرّبين منه تدل على أن هدفه المركزي هو الانتخابات الرئاسية التي من المفترض أن تجري في تموز/يوليو. وبالاستناد إلى كلامهم، تدل الرسائل على أنه ينوي تقديم قائمة مستقلة للبرلمان تكون أساساً لإعلانه ترشحه للرئاسة.
- يدل هذا الترشح على أن البرغوثي يعتقد مثل كثيرين في "فتح" أن الزعامة الحالية لا تستطيع أن تحظى بثقة الجمهور الفلسطيني. الانقسام بين "فتح" في الضفة الغربية و"حماس" في قطاع غزة، وصراع القوة بينهما زاد الإحساس باليأس لدى الجمهور الفلسطيني الذي يتطلع إلى الخروج من الأزمة.
- قسم من المقرّبين من البرغوثي طلب منه أن ينتظر حتى اللحظة الأخيرة قبل إعلان قائمة مستقلة لخوض الانتخابات البرلمانية. وحذّروه من ضغط داخلي في "فتح" بحجة أن الانقسام سيخدم تنظيمات أُخرى، وعلى رأسها "حماس"، وأن في إمكان عباس وأنصاره ممارسة ضغوط كبيرة لمنع تأييد البرغوثي بسبب سيطرتهم على مراكز القوى السياسية الداخلية. اعتبار آخر لتأجيل الإعلان هو حاجة البرغوثي إلى أن يضمن أن تمثّل قائمته كل طبقات المجتمع الفلسطيني، بمن فيهم الأسرى.
- لكن حتى لو قدم البرغوثي قائمة مستقلة في نهاية الأمر، في رام الله ينظرون إلى سلوك "فتح" في الساحة السياسية الداخلية - الفلسطينية كاستعداد لليوم التالي بعد عباس. وهم يرون في الانتخابات المقبلة مقدمة واختباراً للسلوك على الأرض، ومحاولة لتحضير زعامة جديدة. لكنهم مع ذلك يعترفون بأن هذه القضية تشغل في الأساس المستوى السياسي، بينما الشارع الفلسطيني لا يزال يشكك عموماً فيما إذا كانت الانتخابات ستجري أصلاً.
- من المقرر أن يُجري الجيش الإسرائيلي في الصيف المقبل تدريباً عسكرياً ضخماً في قبرص سيكون أكبر تدريب عسكري يجري خارج إسرائيل. وسيستمر التدريب أسبوعاً، وهو جزء من مناورات "شهر الحرب" وستشارك فيه قوات خاصة وسلاحا الجو والبحر الإسرائيليان.
- وهذه هي أول مرة يقيم فيها الجيش الإسرائيلي تدريباً متواصلاً يستغرق 4 أسابيع، ويأتي بناءً على قرار صادر عن رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي بهدف مضاعفة مؤهلات الجيش الإسرائيلي لمواجهة الحرب.
- وسيتضمن التدريب مواجهة سيناريو لحرب متعددة الجبهات في الشمال والجنوب وفي الضفة الغربية بالتناسب مع أشد السيناريوهات في نظر الجيش، وسيشمل تمريناً واسع النطاق يحاكي حرباً في عمق العدو.
- ويخطط الجيش الإسرائيلي لأن يحضر معه إلى قبرص مركبات عسكرية برية ستُستخدم لاختراق عمق العدو. وبالإضافة إلى التدريب البري، ستجري عمليات عسكرية جوية وبحرية سيقوم خلالها سلاح الجو الإسرائيلي بإرسال مقاتلات ومروحيات وطائرات نقل إلى قبرص وسيرسل سلاح البحر الإسرائيلي سفناً تحمل صواريخ وعناصر من القوات البحرية.
وبموازاة هذا التدريب العسكري الضخم في قبرص سيُجري الجيش الإسرائيلي تدريباً للوحدات في البلد يحاكي حلبة قتال أُخرى وستُختبر فيه قدرات القيادة والسيطرة لدى هيئة الأركان العامة وأيضاً القدرات الاستخباراتية واللوجستية للجيش الإسرائيلي ومن المقرر أن يتم اختبارها حتى الحد الأقصى في إدارة حرب متعددة الجبهات.
- أكثر من الأهمية المعلنة ومن التداعيات الجيو - سياسية المحتملة، لاتفاق "التعاون الاستراتيجي" الذي وقّعته الصين وإيران يوم السبت هناك أهمية أُخرى لهذا الاتفاق. فهو يشكل دليلاً على فشل السياسة الأميركية - الإسرائيلية حيال إيران، على الأقل خلال السنوات الثلاث الأخيرة. "الضغط الأقصى" أثمر نتائج إيجابية ضئيلة. إذا أضفنا إلى ذلك التحرك الأميركي لتقديم مخطط وصيغة لاستئناف المفاوضات مع إيران على اتفاق نووي، على أساس "متزامن" وتدريجي من جانب الطرفين، يبدو أن السياسة الإسرائيلية استنفدت نفسها وتتطلب إعادة نظر كاملة.
- انسحبت الولايات المتحدة بصورة أحادية الجانب من الاتفاق النووي في سنة 2018. وهي لم تقدم قط خطة بديلة، ولم تجنّد حلفاءها، وأعلنت تطبيق استراتيجية "الضغط الأقصى" - استئناف وتشديد العقوبات على افتراض أن اقتصاد إيران سينهار، وبذلك ستعزلها وتجبرها على العودة إلى المفاوضات بشروط أُخرى محسّنة؛ ومع ازدياد الضغط من المحتمل حدوث اضطرابات داخلية، وربما تغيير للنظام.
- باستثناء إسرائيل التي دفعت وضغطت في سنتيْ 2017-2018 من أجل انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق - وابتهجت للقرار الجريء الذي اتخذه الرئيس السابق دونالد ترامب - فإن أياً من الدول الأُخرى الموقّعة على الاتفاق: الصين، روسيا، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، لم تؤيد الخطوة الأميركية. عندما بدأت إيران بتخصيب اليوارنيوم منتهكة بصورة فاضحة وجوهرية الاتفاق الذي بقيت ملتزمة به رسمياً - أعلنت إسرائيل، التي عارضت الاتفاق منذ لحظة توقيعه، والولايات المتحدة التي انتهكته عندما انسحبت منه، أن هذا دليلاً على أن إيران تخرق الاتفاقات.
- سجل الإنجازات في السنوات الثلاث الأخيرة يتضمن البنود التالية: لدى إيران اليوم نحو 12 ضعفاً مما كان لديها من اليورانيوم المخصب عشية الاتفاق في صيف 2015؛ وهي تحتفظ بوجود عسكري من خلال وكلائها وتنظيمات ترعاها في الجولان ولبنان، بالقرب من حدود إسرائيل؛ كما وقّعت اتفاقاً استراتيجياً مع الصين، وبغض النظر عن حجمه ونوعية مكوناته، فإنها ليست معزولة عن العالم. تُجري الولايات المتحدة مفاوضات غير مباشرة مع إيران لاستئناف الاتفاق النووي بتأييد من الأوروبيين، مع زيادة محتملة ممكنة: تعاون مع الصين في هذه المسألة. وبحسب كل المقاييس، إنه نجاح استراتيجي وسياسي.
- الاتفاق بين بيجين وطهران لا علاقة له مباشرة بالاتفاق النووي، لكنه يؤثر في البنية الاستراتيجية للمربع المعقد المؤلف من الولايات المتحدة والصين وإيران وإسرائيل. إلى أي حد هو معقد؟ هذه هي الخطوط العريضة للمربع: الولايات المتحدة وإسرائيل هما حليفتان مقربتان. الصين تتحول بصورة تدريجية إلى شريكة تجارية مركزية لإسرائيل وتستثمر كثيراً في البنى التحتية. تعتبر الولايات المتحدة الصين خصماً استراتيجياً، وتحدياً سياسياً يمكن أن يتحول إلى عدو. الصين توقّع اتفاقاً شاملاً مع إيران- التي تعتبرها إسرائيل مصدر قلق إقليمي، وراعية للإرهاب، وخطراً وجودياً إذا حصلت على سلاح نووي.
- هناك وجهتا نظر أساسيتان لتحليل الاتفاق الصيني - الإيراني، وكلتاهما متساويتان في الصلاحية والجدوى. وجهة النظر الأولى تقدم واقعاً بسيطاً- لا يمكن الاستخفاف بتوقيع اتفاق استراتيجي لمدة 25 عاماً، تبلغ قيمته 400 مليار دولار، ويتضمن مكونات طاقة وتكنولوجيا وبنى تحتية وتعاوناً عسكرياً، كما يجب عدم التقليل من أهميته أو القول إنه لن تكون له أهمية جيو-سياسية وتداعيات سياسية على إسرائيل في المستقبل القريب. ويدل الاتفاق رغم أنه لن يدخل في حيّز التنفيذ قبل عامين، على أن إيران لم تنهَر وليست على حافة الانهيار نتيجة العقوبات الأميركية القاسية. ثانياً؛ عثرت إيران على مظلة قوية ولو محدودة، وكسرت الحصار الذي أمِلت واشنطن والقدس أن تظل فيه. للصين وإيران المصلحة نفسها، وإن بدرجات متفاوتة، في إضعاف الولايات المتحدة. ولإسرائيل مصلحة أساسية وواضحة في أن تكون قوية وموثوقاً بها ومنخرطة. لذا فإن للاتفاق أهمية كبيرة.
- وجهة النظر الثانية، تضع الاتفاق في اطار نسبي وترى فيه جزءاً لا يتجزأ، من السياسة الخارجية للصين من دون أن يكون مركزياً فيها. وهو لا ينطوي على هدف أو منطق استراتيجي يسعى لتقويض النظام في الشرق الأوسط. كما أن الصين غير معنية بتحويل المنطقة إلى منطقة عنف وتوتر، وليس لديها نيات للوساطة، ولا تطلعات إلى صنع السلام، وتتجنب عموماً التدخل في نزاعات إقليمية. من الناحية الاقتصادية تُظهر الصين قوة كبيرة، وتريد من الناحية السياسية عرض عضلاتها، لكنها عسكرياً تتجنب أي منطقة تعرّض استثماراتها المالية للخطر وتستنزف رأس مالها السياسي.
- يوجد أيضاً تضارب في المصالح بين الصين وإيران. بيجين مهتمة بأسعار نفط منخفضة، ولطهران مصلحة حيوية في أسعار مرتفعة. تعطي الصين أهمية لعلاقاتها التكنولوجية مع إسرائيل - الأمر الذي لا ترضى عنه الولايات المتحدة - وثمة شك في أن الاتفاق مع إيران يعرّض هذه العلاقات للخطر من زاوية التكلفة - الفائدة. تستهلك الصين 14.5مليون برميل نفط يومياً. وللمقارنة تستهلك الولايات المتحدة قرابة 21 مليون برميل. مصدر 44% من استيراد الصين هو الشرق الأوسط، في الأساس من السعودية. حتى السنة الأخيرة كان الاستيراد من إيران نحو 3%. لكن اليوم ارتفعت حصة إيران إلى 7% - نحو مليون برميل يومياً - وهو ما يشكل نصف صادرات طهران في هذا القطاع. وكما ذكرنا، الصين تتجنب بؤر النزاع، وثمة شك في أن تقوم بتزويد إيران بتكنولوجيا صواريخ بحرية متطورة أو منظومات صواريخ كاملة تشكل تهديداً لإسرائيل.
- للاتفاق دلالة سياسية واقتصادية خاصة. للصين اتفاقات تفاهم مع 140 دولة، بينها إيران، تجعل من هذه الدول أعضاء في مبادرة "الحزام والطريق" - الأساس المركزي للسياسة الخارجية الصينية التي أعلنها الرئيس شي جي بينغ في سنة 2013. المقصود سياسة خارجية وتجارة هدفها الاستراتيجي الربط بين آسيا وأفريقيا، والشرق الأوسط وأوروبا، بواسطة شبكة من الطرق البرية والبحرية المؤدية إلى مدن صناعية وموانىء. أهدافها المعلنة تحقيق اندماج اقتصادي إقليمي واقامة خطوط وسلاسل توريد ناجعة. وبغض النظر عن التضامن الإنساني وحب مساعدة الغير، فإن للصين مصلحة أساسية أكبر - توسيع مجال نفوذها وقوتها السياسية، وخلق تبعية مالية، وبناء مخزون من الرافعات وأدوات الضغط.
- هذه الخطة التي تعتمد على "طريق الحرير"، هي خطة ثنائية البعد. "طريق حرير اقتصادية" تربط الصين بجنوب شرق آسيا وغربها، وبروسيا وأوروبا بوسائل برية. "طريق حرير بحرية" تربط موانىء الصين بموانىء جنوب آسيا، وجنوب المحيط الهادىء، والشرق الأوسط، والحوض الشرقي للبحر المتوسط، وشمال أفريقيا وجنوب أوروبا.
- تقوم الصين ببناء البنى التحتية للمواصلات والاتصالات. الاستثمارات التي تقدمها الصين هي ذات "جودة عالية"، أي تقليص المخاطر المالية مع درجة مرتفعة نسبياً من اليقين - تشمل بناء مرافىء، طرقات، سكك حديدية، مطارات، اتصالات، محطات طاقة وكل ما هو مطلوب تقنياً ومالياً لدعمها. إذا ألقينا نظرة على الخريطة وجدنا أن إيران تشكل حلقة في البعدين البري والبحري.
المفارقة أن الاتفاق بين الصين وإيران، وفي المقابل المحاولة الأميركية لاستئناف المفاوضات على الاتفاق النووي، يمكن أن يضعا إسرائيل في وضع جديد - ومن المحتمل في ما يتعلق بالمسألة الإيرانية تحديداً يمكن أن يجد بايدن والرئيس الصيني سبيلاً للتعاون وتبديد التوترات. وثمة احتمال كبير جداً أن النهج المتطرف لإسرائيل إزاء إيران وإزاء الاتفاق النووي أن يجعلها على خلاف مع واشنطن وبيجين في آن معاً. الأمر الذي يتطلب تفاهمات جديدة مع الولايات المتحدة.