مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
مسؤول إسرائيلي: لن يكون هناك وقف لإطلاق النار قبل يوم الخميس
إطلاق 6 صواريخ من لبنان والجيش الإسرائيلي يرد بقصف مدفعي
تقرير: في اليوم التاسع للقتال المعركة دخلت مرحلة تخبُّط واستمرار القتال ينطوي على مخاطر ارتكاب أخطاء
مقالات وتحليلات
نجاح العملية في غزة مرتبط بالقوة التي تُظهرها إسرائيل
الرابح الأكبر من عملية "حارس الأسوار" هو نتنياهو
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"يديعوت أحرونوت"، 17/5/2021
مسؤول إسرائيلي: لن يكون هناك وقف لإطلاق النار قبل يوم الخميس

صرّح مصدر إسرائيلي رفيع المستوى مساء الاثنين بأن عملية "حارس الأسوار" ستستمر ولن يكون هناك وقف لإطلاق النار قبل يوم الخميس. يأتي هذا الكلام على خلفية الضغوطات المتزايدة من جانب الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة الأميركية، وفي انتظار انعقاد الجمعية العمومية للأمم المتحدة يوم الخميس المقبل لمناقشة الوضع في غزة، والتي من المنتظر أن تدين إسرائيل. وكان الرئيس بايدن تحدث هذا المساء مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو للمرة الثالثة.

في المقابل، لم يأت رئيس الأركان أفيف كوخافي، الذي تحدث مع رؤساء السلطات المحلية، على ذكر نهاية العملية. ومما قاله كوخافي: "سنصعّد هجماتنا ونواصل المضي قدماً ولن نتوقف." وتابع: "أخطأت "حماس" عندما أطلقت النار قبل 8 أيام في اتجاه القدس، ولم تفكر في أن هذا ما سيحدث. لقد فوجئت "حماس" من القوة، ومن الأساليب، ومن الإنجازات، وهي تلقت الآن ضربة قاسية جداً. العملية ستستمر بقدر الحاجة إليها."

وقال مسؤول رفيع المستوى في القدس: "سنواصل العملية حتى يصبح واضحاً أن التوازن قد تغير، و"حماس" ستندم وتفكر مرتين قبل أن تتحرك ضدنا." يأتي هذا الكلام على الرغم من تبلُّغ القدس إشارات تدل على أن صبر المجتمع الدولي بدأ ينفد، وكذلك واشنطن. وعلى الرغم من اعتراف إسرائيل بذلك فإنها مصرة على أن القتال سيستمر بضعة أيام.

من جهته قال نتنياهو إن العملية مستمرة، وأضاف: "انتهيت من  تقدير الوضع، ووافقت على خطط عملانية مع وزير الدفاع ورئيس الأركان ورئيس الشاباك ورئيس الموساد ورئيس مجلس الأمن القومي. والأوامر هي الاستمرار في ضرب أهداف الإرهاب. لقد قام الجيش الإسرائيلي بهذه المهمة بصورة جيدة، واليوم اغتال قائداً كبيراً في الجهاد الإسلامي، وهاجم فرقة بحرية تابعة لـ"حماس"، ونواصل ضرب الأنفاق تحت الأرض "مترو حماس"، وهناك أهداف أُخرى. سنواصل العمل حتى نعيد الهدوء والأمن إلى جميع سكان إسرائيل."

وعلى صعيد الدعم الدولي لإسرائيل قال مصدر رفيع المستوى في القدس: "ما زال هناك دعم دولي لمواصلة القتال عدة أيام. لكن الضغط بدأ. هناك ضغط متزايد على بايدن من جانب الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي، وهم يريدون منه أن يطلب من إسرائيل وقفاً فورياً لإطلاق النار. حتى هذه اللحظة لم يستجب بايدن لطلبهم." وفي تقدير المصدر أن الأميركيين سيحاولون في مفاوضات وقف إطلاق النار إدخال مكونات أُخرى بالإضافة إلى غزة، مثل الوضع في حرم المسجد الأقصى والمحافظة على الوضع القائم، وكذلك الوضع في حي الشيخ جرّاح. إسرائيل ستعارض ذلك وستطالب من جهتها باستعادة الأسرى والمفقودين في أي تسوية لوقف إطلاق النار في غزة.

"هآرتس"، 18/5/2021
إطلاق 6 صواريخ من لبنان والجيش الإسرائيلي يرد بقصف مدفعي

ذكر الجيش الإسرائيلي أنه قرابة الساعة الحادية عشرة والربع مساء الاثنين/ الثلاثاء أُطلقت 6 صواريخ من لبنان سقطت في الأراضي اللبنانية بالقرب من الحدود. في أعقاب ذلك أُطلقت صفارات الإنذار في منطقة الحدود وأُعطيت الأوامر بفتح الملاجىء في الجليل. وردّ الجيش بقصف مدفعي على مصادر إطلاق الصواريخ. وحتى الآن لم يعلن أي تنظيم مسؤوليته عن القصف.

سبق ذلك إطلاق صفارات الإنذار في كيبوتس مسغاف عام القريب من المطلة، وطُلب من سكان الكيبوتس البقاء في منازلهم. وتحدث سكان المنطقة عن سماعهم أصوات انفجارات لم يُعرف مصدرها، وأعلن الناطق بلسان الجيش أنه يجري التحقق من الأمر.

وتجدر الإشارة إلى أن هذا هو ثالث إطلاق نار تتعرض له إسرائيل من لبنان وسورية في الأسبوع الأخير. في يوم الجمعة أُطلقت 3 صواريخ من الأراضي السورية في اتجاه الأراضي الإسرائيلية. إثنان انفجرا في أرض مفتوحة جنوبي هضبة الجولان، والثالث انفجر في داخل الأراضي السورية.

قبلها بيوم أُطلقت 3 صواريخ من لبنان في اتجاه الجليل الغربي وسقطت في البحر، ولم تتسبب بوقوع إصابات أو أضرار. جهات فلسطينية ذكرت أن تنظيمات فلسطينية هي وراء القصف.

"هآرتس"، 18/5/2021
تقرير: في اليوم التاسع للقتال المعركة دخلت مرحلة تخبُّط واستمرار القتال ينطوي على مخاطر ارتكاب أخطاء

[كتب المحلل العسكري للصحيفة عاموس هرئيل]: في بداية اليوم التاسع، دخلت المعركة بين إسرائيل و"حماس" في مرحلة تخبُّط. رسمياً يقدمون لنا الصورة التالية: الجيش سيواصل هجومه بقدر الحاجة ولديه قائمة طويلة من الأهداف التي ينوي قصفها في قطاع غزة، "حماس" تتوسل للحصول على وقف لإطلاق النار، وإسرائيل ترفض البحث في ذلك لأن لديها ما تفعله في غزة.

في الواقع الظروف مختلفة تماماً. هناك دائماً أهداف إضافية لمهاجمتها، لكن في الجيش يرون أنهم وصلوا إلى مرحلة انخفاض في الحصيلة، وأن الإنجاز التكتيكي المتراكم لا يفيد بالضرورة في تغيير نتائج المعركة. وإسرائيل ستكون سعيدة بإنهاء القتال لأن العمليات العملانية حققت معظم ما طُلب منها إنجازه، وهي غير معنية بالدخول براً إلى أراضي القطاع. المجهول الأساسي هو "حماس" لأنه ليس من الواضح بتاتاً ما إذا كان زعماؤها بلوروا موقفاً موحداً من مسألة وقف إطلاق النار.

لقد حقق الجيش بضعة نجاحات ضد "حماس". التحول الأبرز هو ضرب الثقة بالنفس التي استمدتها الحركة من قادتها، وصولاً إلى نشطائها العاديين، من شبكة الأنفاق تحت الأرض المحفورة تحت المباني والطرقات في غزة. الاستخبارات الدقيقة والقدرة التي طورها سلاح الجو الإسرائيلي في استخدام قنابل ثقيلة تقدر على الوصول إلى ما تحت الأرض، زعزعت إحساس "حماس" بأن الأنفاق مكان آمن.

إنجازات أُخرى سُجّلت في ضرب خلايا مُطلقي الصواريخ، ومواقع إنتاج السلاح، واغتيال مسؤولين كبار في "حماس" والجهاد الإسلامي. وأسبوع من القتال هذه المرة يوازي 7 أسابيع من القتال في عملية الجرف الصامد في سنة 2014.

لكن هذا كله لا يغير الصورة الأساسية. إسرائيل ذهبت (أو انجرت وراء "حماس") إلى معركة هدفها الردع وليس الحسم. والأمل بأن المزيد من الهجمات المفاجئة والاغتيالات المؤلمة ستحسن بصورة جوهرية ميزان الردع وستطيل الفترة الزمنية التي ستحتاج إليها غزة حتى المعركة المقبلةـ لكن هذا لا يلغي المخاطر التي ينطوي عليها استمرار القتال.

عاجلاً أم آجلاً سيحدث خطأ ما. إمّا أن تسجل "حماس" إنجازاً هجومياً مفاجئاً يزعزع معنويات الجمهور الإسرائيلي، وإمّا يجري خطف جندي إسرائيلي، أو يرتكب الجيش خطأ يؤدي إلى قتل العديد من المواطنين الفلسطينيين ويثير انتقاداً دولياً. حتى الآن عدد المدنيين الذين قُتلوا يرتفع بشدة. في بداية القصف كانت نسبة القتلى بين النشطاء مقارنة بالمدنيين أربعة نشطاء مقابل مدني واحد. الآن، وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية التي تنشر قائمة القتلى من النساء والأطفال، أصبحت النسبة واحد مقابل واحد.

وهذه نتيجة منتظرة لأن القتال مع التنظيمات المسلحة يجري داخل تجمعات سكانية مدنية. ومن المتوقع أن ترتفع نسبة الإصابات بين المدنيين كلما تواصل القتال. وهذه الأرقام تثير عدم الارتياح لدى عدد من الدول الأوروبية، وأيضاً في وسائل الإعلام، وفي الإدارة الأميركية، وفي الكونغرس في الولايات المتحدة.

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"مكور ريشون"، 14/5/2021
نجاح العملية في غزة مرتبط بالقوة التي تُظهرها إسرائيل
عمير رابوبورت - محلل عسكري
  • في منتصف كانون الثاني/يناير 2009 كان الجيش الإسرائيلي على بعد خطوات من انهيار سلطة "حماس" في قطاع غزة. حينها كانت عملية الرصاص المصبوب في ذروتها. قطاع غزة الذي يبلغ مساحته 45 كيلومتراً وعرضه يتراوح بين 5 إلى 15 كيلومتراً قُسّم إلى ثلاثة أجزاء. في القطاع المركزي تحركت الفرقة 162، تقريباً من دون إزعاج. اللواء 104 المدرع ولواء غفعاتي كانا على بعد 4 كيلومترات فقط من مدينة غزة. والمظليون كانوا إلى الشمال منهم. الطريق إلى الساحل كانت مفتوحة. حينها أُعطي الجيش أمراً أحادي الجانب بوقف إطلاق النار والانسحاب.
  • يقول مصدر أمني رفيع المستوى كان على علاقة وثيقة بالقتال: "عامان فقط بعد سيطرة "حماس" على قطاع غزة كانت محاصرة. كنا قادرين على إسقاطها بثمن غير باهظ، لكن غابي أشكنازي (رئيس الأركان في تلك الفترة) لم يشأ ذلك، ويوآف غالانت (قائد فرقة غزة) عارض قرار أشكنازي. المستوى السياسي لم يحاول الدخول في جدال مع الجيش، لكن التوصية بعدم احتلال كل غزة كان ملائماً له."
  • هكذا كانت تبدو الأمور في أعين العسكريين يومها. وجهة النظر هذه استكملتها وزيرة الخارجية خلال فترة الرصاص المصبوب تسيبي ليفني، التي ادّعت أن وزير الدفاع إيهود باراك هو الذي سعى لوقف العملية من جانب واحد، بالتنسيق مع مصر، ومن وراء ظهر رئيس الحكومة إيهود أولمرت.
  • على أي حال السياسة غير الواضحة لإسرائيل إزاء "حماس" في سنة 2009 تحولت مع السنوات إلى استراتيجيا إسرائيلية غير رسمية: تقوية الحركة على حساب السلطة الفلسطينية في القطاع. الأساس الاستراتيجي هو أنه طالما بقي الفلسطينيون منقسمين بين غزة وبين الضفة الغربية- فإن هذا أفضل بالنسبة إلى إسرائيل. والموضوع الفلسطيني سيصبح على هامش جدول الأعمال الإقليمي كما جرى في "اتفاقات أبراهام" مع مجموعة من الدول العربية.
  • هل "تحالف" إسرائيل مع "حماس" وإدمانها على الصمت كانا مبالَغاً فيهما؟ كثيرون في المؤسسة الأمنية لم يحبّوا ذلك. الخلافات في الرأي مع نتنياهو بشأن العلاقة مع "حماس" كانت السبب الأساسي لاستقالة أفيغدور ليبرمان من منصب وزير الدفاع. مع ذلك، كان الهدوء الوهمي في غزة قادراً على الاستمرار في مقابل وصول الدولارات من قطر إلى القطاع، لولا سلسلة أخطاء "أجبرت" حركة "حماس" على استغلال فرصة ذهبية في مواجهة إسرائيل.
  • بعد أربع معارك انتخابية المجتمع الإسرائيلي اليوم منقسم تقريباً مثل المجتمع الفلسطيني. الأزمة المستمرة تمس بالعمل اليومي وبقدرتنا على الردع. في غزة، وليس فيها فقط، شعروا بالضعف الإسرائيلي، وخلال الشهر الأخير وقعت مجموعة أخطاء ارتكبها وزير الأمن الداخلي وقيادة الشرطة غير الناضجة، مثل الإصرار على إغلاق بوابة نابلس في شهر رمضان، ثم التراجع عنه؛ الإصرار على مسيرة الأعلام ثم تغيير مسارها في اللحظة الأخيرة؛ أحداث حي الشيخ جرّاح على أنواعها، وعدم ملاحظة الجيش الإسرائيلي نيات "حماس"، على الرغم من أن قائد الذراع العسكرية محمد ضيف أعلن صراحة أن غزة ستهاجم بسبب أحداث القدس. كل ما كان ينبغي فعله أخْذ كلام ضيف على محمل الجد. وهذا لم يحدث.
  • ربما بسبب نظرية أن "حماس" يمكن أن تُشترى بالدولارات لم تر إسرائيل أن الحركة أصبحت ناضجة لتحقيق إنجاز استراتيجي ألا وهو تسلّم زمام النضال في مواجهة إسرائيل داخل المجتمع الفلسطيني، وتحويل "موضوع القدس" إلى مواجهة بين العالم الإسلامي كله وبين إسرائيل. أولئك الذين روعتهم أحداث الشغب وسط العرب في إسرائيل فاتتهم الصورة الواسعة - في كل العالم العربي اعتُبر هذا الأسبوع إطلاق الصواريخ على إسرائيل بمثابة "دفاع عن الأقصى"، حتى أن الإمارات استضافت مؤتمراً عربياً افتراضياً بشأن هذا الموضوع.

الآن إلى أين؟

  • لقد نجحت "حماس" في خداع الجيش الإسرائيلي والمستوى السياسي في الفترة الأخيرة. وبخلاف حرب لبنان الثانية، وعملية الرصاص المصبوب، وعمود سحاب، والجرف الصامد، لم تكن الخطوة الاستهلالية في يدنا. ولهذه الخطوة أهمية تكتيكية كبيرة، وكذلك صلية الصواريخ الكثيفة التي استهدفت القدس يوم الاثنين، هي أيضاً تسببت بصدمة.
  • في الجانب الإسرائيلي الحكومة المتخاصمة، والتي تعمل بصعوبة، أُخذت على حين غرة ولم تكن مستعدة. الفراغ السياسي ملأته شخصيات تقنية على رأسها 4 شخصيات أساسية في حرب 2021، رئيس الأركان أفيف كوخافي، قائد المنطقة الجنوبية اللواء أليعازر توليدانو، قائد فرقة غزة العميد نمرود ألوني، ورئيس الشاباك نداف أرغمان الذي من المفترض أن ينهي خدمته هذا الشهر لكن ليس هناك حكومة لتعين خلفاً له.
  • على خلفية المفاجأة التكتيكية التي بدأت "حماس" المعركة في إطارها بأعلى درجة ممكنة، الأيام الثلاثة الأولى للقتال كانت نجاحاً غزاوياً بلغ حدود النشوة: الاضطرابات في المدن المختلطة؛ الدعم العربي والإسلامي؛ إغلاق مطار بن غوريون (لأول مرة في التاريخ بسبب تهديد عسكري)، كل هذا تخطى التوقعات في غزة. في المقابل حاولت "حماس" تحدي القبة الحديدية بواسطة إطلاق مئات الصواريخ دفعة واحدة، لكن إنجازات المنظومة الاعتراضية بقيت نحو 85% (وذلك بفضل التحسينات التي أُدخلت على القبة الحديدية في السنوات الأخيرة).
  • كان هناك أيضاً بعض الإنجازات التكتيكية لإسرائيل، مثل القضاء على خلية مقاتلين داخل الأنفاق، واغتيال قادة عسكريين من رتب متوسطة وعالية، وكذلك المعلومات الاستخباراتية التي أدت إلى إصابة المسيّرة التابعة لـ"حماس" في اليوم الرابع.
  • ماذا الآن؟ الذروة بالنسبة إلى "حماس" أصبحت وراءها. التفوق التكنولوجي الكبير لإسرائيل عليها يجب أن يؤتي نتائجه... من المتوقع أن تكتشف "حماس" أنها نجحت كثيراً في البداية، لكنها أيضاً تعرضت لهزيمة قاسية. هل ستعمل إسرائيل هذه المرة على إسقاط سلطتها؟ ثمة شك كبير. على الأرجح ستعمل مصر مجدداً للتوصل إلى تسوية، ربما ليس بسرعة، لكن بعد أن تتلقى "حماس" جرعة كافية من الضربات "لتعزيز الردع"، كما يرى الإسرائيليون الموضوع - هذا هو الهدف المعلن لهذه الحرب حتى الآن. مع ذلك، الحرب هي الحرب وليس من المؤكد إلى أين قد تتدهور الأمور، وفي الأساس يحوم خطر فتح جبهات إضافية في الشمال في مواجهة حزب الله، وربما أيضاً في مواجهة إيران. الكثير يتعلق بالقوة (أو بالضعف) اللذين تُظهرهما إسرائيل.

 

"هآرتس"، 18/5/2021
الرابح الأكبر من عملية "حارس الأسوار" هو نتنياهو
نحميا شطرسلر - محلل سياسي
  • يوم الجمعة الماضية تعرّفنا للمرة الأولى إلى "مترو حماس"، شبكة الأنفاق المتشعبة في شمالي القطاع، التي استخدمتها "حماس" للتحرك وتنظيم القتال. منذ ذلك الوقت قُصفت الأنفاق عدة مرات بواسطة مئات الطائرات الحربية التي أمطرتها بمئات الأطنان من القذائف.
  • مساء يوم السبت الماضي أرسل الجيش إلى كل القنوات التلفزيونية قادة من القواعد في سلاح الجو من الذين شاركوا في القصف. تحدث هؤلاء عن تخطيط بارع وتنفيذ محكم وإنجاز غير مسبوق في تدمير أنفاق "المترو". رووا كيف أُرسلت 149 طائرة دفعة واحدة من عدة قواعد، محمّلة بـ450 قنبلة ذكية ودقيقة، كل منها تحمل طناً من المواد الناسفة وقادرة على اختراق باطن الأرض والانفجار في داخله. ووصف كبار الضباط كيف دمرت القنابل وأغلقت فتحات الخروج في الأنفاق، وتسببت بموت كل مَن كان موجوداً في داخلها.
  • كُتب في سفر الأمثال: "لا تفرح بسقوط عدوك"، والمقصود أن علينا أن نتصرف بطريقة أخلاقية عندما يسقط العدو. ينطبق هذا خصوصاً عندما نتذكر أنه بالإضافة إلى مقاتلي "حماس" الذين قُتلوا، خسر حياته في غزة أيضاً- وحتى كتابة هذه السطور- 174 من المدنيين الأبرياء، بينهم 47 طفلاً. طبعاً القلب يبكي على القتلى الإسرائيليين، بينهم طفلان.
  • ليس واضحاً أيضاً أن "حماس" خسرت المعركة. صحيح أن كثيرين يتحدثون في وسائل الإعلام، بينهم ألوية سابقون، ومن دون توقف عن إنجازات كبيرة: ضرب مخزون الصواريخ، والمعامل، وقادة كبار، وأبراج سكنية. لكن هذا ما قالوه أيضاً بعد عملية الجرف الصامد في سنة 2014، والتي استمرت بعدها "حماس" في إطلاق الصواريخ كلما شاءت، وتسلحت بـ14 ألف صاروخ جديد استخدمت جزءاً منها فقط هذه المرة.
  • أكثر من ذلك، لم يسبق لقلب إسرائيل أن تعرّض لهذا العدد الكبير من الصواريخ، الأمر الذي أدى إلى شلّ الحركة الاقتصادية في نصف الدولة. كذلك تحولت "حماس" إلى "حارس الأسوار" في القدس والأقصى. لقد نجحت أيضاً في تحريك المواطنين العرب، وإذا جرت الانتخابات الآن في الضفة الغربية لكانت حققت فيها فوزاً كبيراً ومحت السلطة الفلسطينية .
  • في جميع الأحوال الرابح الأكبر من عملية "حارس الأسوار" هو بنيامين نتنياهو. قبل انتخابات نيسان/أبريل 2019 قال: "نصحوني بالقيام بخطوة تشعل الشرق الأوسط كي أفوز، لكنني رفضت." يومها رفض لأنه كان واثقاً بفوزه. لكن الآن، بينما محاكمته في ذروتها، كل شيء أصبح مشروعاً. لو أراد لكان في إمكانه وقف عربدة اليهود المسيانيين في الشيخ جرّاح، ومنع دخول الشرطة إلى الحرم القدسي ورمي القنابل الصوتية في داخل المسجد الأقصى. على الأرجح هذا هو الذي دفع "حماس" إلى البدء بإطلاق النار ودفع جزءاً من المواطنين العرب إلى الاحتجاج. ومن هنا كانت الطريق قصيرة لتراجع نفتالي بينت الذي أعلن تخلّيه عن يائير لبيد وعودته إلى نتنياهو.
  • في الخلاصة، يبدو أن ما يجري هنا ليس عملية عسكرية مع اتفاق سياسي في نهايتها، بل عملية سياسية لنتنياهو الذي استطاع أن يحقق هدفه: تفجير حكومة التغيير، والذهاب إلى معركة انتخابية خامسة.