مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إنه تمّ بعد ظهر أمس (الأربعاء) رصد إطلاق 4 صواريخ من لبنان في اتجاه إسرائيل، وهو ما تسبب بدويّ صافرات الإنذار في عدد من المدن في شمال إسرائيل، بينها عكا وشفاعمرو. وأشار البيان إلى أن منظومة "القبة الحديدية" اعترضت صاروخاً واحداً بينما سقط صاروخ آخر في منطقة مفتوحة وسقط اثنان في البحر.
وأضاف البيان أنه رداً على ذلك قامت مدفعية الجيش الإسرائيلي بقصف عدد من الأهداف في أراضي الجنوب اللبناني.
ورجّحت مصادر أمنية إسرائيلية رفيعة المستوى أن يكون تنظيم فلسطيني مارق هو من قام بإطلاق الصواريخ. وقالت مصادر في منظمة التحرير الفلسطينية لصحيفة "النهار" اللبنانية إن أياً من التنظيمات المنضوية تحت لواء المنظمة لم يقم بإطلاق الصواريخ.
وأُفيدَ بأن العديد من المدن والبلدات في شمال إسرائيل بدأت بفتح الملاجئ وأصدرت تعليمات إلى السكان بضرورة اتخاذ إجراءات الحيطة والحذر.
وقالت مصادر في قيادة قوات حفظ السلام الدولية [اليونيفيل] التابعة للأمم المتحدة في الجنوب اللبناني إن قيادة القوات على اتصال بالطرفين الإسرائيلي واللبناني لحثهما على ممارسة أقصى درجة من ضبط النفس سعياً لمنع تصعيد الأوضاع على الحدود بين البلدين بعد حادث إطلاق الصواريخ من لبنان.
أكد الجيش الإسرائيلي استمرار قيام قواته وطائرات سلاح الجو طوال يوم أمس (الأربعاء) بتسديد الضربات العسكرية ضد مواقع تابعة للفصائل [الإرهابية] في قطاع غزة في إطار عملية "حارس الأسوار" العسكرية التي يقوم الجيش بشنها في القطاع منذ يوم 10 أيار/مايو الحالي، وذلك رداً على القصف الصاروخي الكثيف من قطاع غزة في اتجاه المدن والمستوطنات الإسرائيلية في المنطقة الجنوبية.
وذكرت مصادر عسكرية إسرائيلية رفيعة المستوى أن كلاً من أشكلون وبئر السبع وأسدود وكريات ملآخي ومناطق في السهل الداخلي وتجمعات سكانية في النقب الغربي تعرضت في معظم ساعات أمس لرشقات صاروخية مكثفة من قطاع غزة واقتصرت الأضرار على الماديات. وأُشيرَ إلى أن عشرات القذائف أُطلقت في اتجاه بئر السبع.
قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إنه عاقد العزم على أن تستمر إسرائيل في عملية "حارس الأسوار" العسكرية ضد المنظمات الإرهابية في قطاع غزة إلى أن يتم تحقيق هدفها الرئيسي وهو إعادة الهدوء والأمن إلى البلد وسكانه.
وجاءت أقوال نتنياهو هذه في ختام جلسة لتقييم الأوضاع الأمنية ترأسها مساء أمس (الأربعاء)، وذلك على خلفية مكالمة هاتفية أجراها مع الرئيس الأميركي جو بايدن قال خلالها الأخير إنه يتوقع من إسرائيل تخفيض مستوى العنف في قطاع غزة بشكل ملحوظ سعياً للتوصل إلى وقف إطلاق نار على وجه السرعة.
وقالت مصادر سياسية رفيعة المستوى في القدس إن المكالمة بين بايدن ونتنياهو جاءت في إطار ازدياد الضغوط التي تمارسها الإدارة الأميركية على إسرائيل كي تنهي عمليتها العسكرية في قطاع غزة.
وقبل ذلك أصدر ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية بياناً جاء فيه أن نتنياهو يثمن دعم بعض دول العالم حقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها، ولا سيما التأييد الذي عبّر عنه الرئيس الأميركي جو بايدن في هذا الصدد. وأشار البيان إلى أن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستين اتصل بوزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس ونقل إليه رسالة شبيهة.
وفي واشنطن قال بيان صادر عن البيت الأبيض بعد ظهر أمس إن الرئيس الأميركي جو بايدن بلّغ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أنه يتوقع خفض التصعيد بصورة كبيرة فوراً. وأضاف أن بايدن بلّغ نتنياهو كذلك أنه يريد إيجاد طريق لوقف إطلاق النار.
أكد وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس أنه لن يكون هناك مأمن لأي [إرهابي] في قطاع غزة.
وأضاف غانتس في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام خلال جولة في إحدى قواعد سلاح الجو الإسرائيلي قام بها أمس (الأربعاء)، أنه خلال عملية "حارس الأسوار" العسكرية التي يقوم الجيش الإسرائيلي بشنها في قطاع غزة منذ 10 أيام تمت تصفية مسؤولين كبار من حركة "حماس" في باطن الأرض وفوقها.
وشدّد غانتس على أن إسرائيل ستصرّ على تحقيق هدوء طويل المدى يتيح المجال أمام تغيير الوضع في منطقة الحدود مع قطاع غزة ويعزز نفوذ الجهات المعتدلة.
ذكر بيان صادر عن وزارة الخارجية الإسرائيلية أمس (الأربعاء) أنه من المتوقع أن يصل إلى إسرائيل اليوم (الخميس) وزراء خارجية ألمانيا والتشيك وسلوفاكيا، وذلك تلبية لدعوة من وزير الخارجية غابي أشكنازي.
وأضاف البيان أن هذه الزيارة تهدف إلى تعبير هذه الدول عن تضامنها مع إسرائيل في
ظل الاعتداءات الصاروخية المنطلقة من قطاع غزة ودعمها لحقّها في الدفاع عن نفسها.
وأشار البيان إلى أن الوزراء سيقومون خلال زيارتهم بتفقد مواقع تعرضت لرشقات صاروخية من غزة. كما أشار إلى أنه من المتوقع أن يصل إلى إسرائيل الأسبوع المقبل وزراء خارجية وشخصيات سياسية من دول أُخرى، وذلك في إطار المساعي التي تقوم بها وزارة الخارجية لحشد مزيد من التأييد في العالم للعملية العسكرية التي تقوم بها ضد المنظمات [الإرهابية] في قطاع غزة منذ يوم 10 أيار/مايو الحالي [عملية "حارس الأسوار"].
- الجيش الإسرائيلي يحارب هذه الأيام في المنطقة الجنوبية، لكن الأنظار تتجه في الوقت عينه نحو الشمال، فضلاً عن أن الضغط الأميركي وصل أبكر مما كان عليه في عمليات عسكرية إسرائيلية سابقة.
- وعلى خلفية الحديث عن وقف إطلاق النار، من المتوقع أن تكون الساعات القريبة المقبلة متوترة وعنيفة على نحو خاص، الأمر الذي من شأنه أن يتسبب بتأجيل التهدئة عدة أيام قتالية على الأقل.
- يمكن القول إن تتابُع الأحداث في الشمال لم يكن من قبيل الصدفة. ولا شك في أن 3 حوادث إطلاق صواريخ من لبنان، ومحاولة القيام بعملية مسلحة في منطقة السياج الحدودي، ومحاولة تسلل طائرة مسيّرة من دون طيار في مثلث الحدود بين إسرائيل والأردن وسورية، هي أحداث متراكمة مثيرة للقلق. صحيح أنه خلال عملية "الجرف الصامد" العسكرية ضد قطاع غزة [2014] أُطلقت صواريخ من لبنان، لكن منذ حرب لبنان الثانية [2006] لم تُطلَق صواريخ في اتجاه حيفا ومنطقتها.
- تشير التقديرات السائدة في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية إلى أن تنظيماً فلسطينياً مارقاً هو مَن يقف وراء إطلاق الصواريخ من لبنان، لكن مثل هذا الإطلاق الطويل المدى لا يمكن أن يتم من دون أن يحصل الواقفون وراءه على ضوء أخضر من حزب الله على الأقل.
- يمكن الافتراض أن التصعيد في الشمال غير مطروح على جدول الأعمال، لكن ما زال هناك في الجانب الآخر مَن هو معني بأن تكون إسرائيل ماثلة أمام معضلة، وأن تأخذ في الاعتبار إمكان قيام إيران وحزب الله بالتدخل.
- إن الوقت الحالي هو وقت الكلام عن وقف إطلاق النار. وبالاستناد إلى ما يحدث عادة في مثل هذه الأوضاع، يمكن ألّا يتحقق وقف إطلاق النار إلّا بعد عدة أيام، كما كانت عليه الحال في إبان عملية "الجرف الصامد". في الوقت عينه يجب على المسؤولين في القدس أن يكونوا قلقين للغاية من العلنية التي قرر الرئيس الأميركي جو بايدن أن يضفيها على قراره القاضي بأن مفعول الاعتماد الذي منحته الولايات المتحدة لإسرائيل من أجل الاستمرار في عمليتها العسكرية في قطاع غزة انتهى. هناك فارق بين محادثات تجري من وراء الكواليس وبين بيان رسمي تعلن فيه الولايات المتحدة أن الساعة الرملية للعملية العسكرية آخذة بالنفاد.
- غير أنه مع هذا الموقف الأميركي ومن دونه لا بد من القول إنه في اللحظة التي اتُّخذ فيها قرار بعدم شن عملية برية في القطاع، فإن أغلب الإنجازات التي يمكن أن تجنيها إسرائيل من العملية العسكرية جنتها في أيامها الأولى. والأيام الأخيرة تحولت إلى أيام أكثر تعقيداً. والتقديرات المتداولة تشير إلى أن العملية العسكرية نجحت حتى الآن في تجريد حركة "حماس" من قدراتها على التسلل إلى الأراضي الإسرائيلية وخوض قتال فيها، ومع ذلك بقيت في حيازة الحركة ترسانة صواريخ وقذائف صاروخية وهي تُحسن استخدامها.
- يمكننا الاتفاق على الثناء على القدرة العسكرية المدهشة التي أظهرها الجيش الإسرائيلي في عملية "حارس الأسوار" دفاعاً وهجوماً. التفكير الاستراتيجي كان ممتازاً وسيؤدي إلى ردع "حماس" عن شن هجمات على إسرائيل في المستقبل المنظور. لكن على الصعيد السياسي الاستراتيجي من الواضح أن السياسة حيال "حماس" أصبحت موضع علامات استفهام وتتطلب التفكير في مسار جديد.
- من المهم الإشارة إلى أن "حماس" تنظيم مسلح تحركه أيديولوجيا دينية هدفها تدمير إسرائيل وإقامة الخلافة الإسلامية، بحسب مفهوم حركة الإخوان المسلمين التي تنتمي إليها. هذا هو سبب قيام الدول العربية بملاحقة الإخوان المسلمين وحظر نشاطهم في أراضيها (باستثناء قطر).
- لدى "حماس" رؤية واستراتيجيا واضحتان، وفي رأيها، أنها حققت في إطار المواجهة الحالية إنجازات مهمة كانت تحلم بها: وضع القدس في مركز الاهتمام الدولي والفلسطيني؛ تصوير نفسها كدرع للإسلام؛ المواجهات بين العرب الإسرائيليين وبين اليهود داخل إسرائيل؛ زعزعة إضافية لمكانة السلطة الفلسطينية وإعداد الأرضية للسيطرة على الضفة الغربية؛ هجمات واسعة النطاق بالصواريخ على إسرائيل - على الرغم من الضربات التي تلقتها (تدمير الأنفاق الهجومية وضرب المسيّرات، وضرب مهندسي إنتاج الصواريخ والمنظومة تحت الأرض). كل هذا يغذي الانطباع داخل قيادة "حماس" أن دربها الاستراتيجي التاريخي هو الصحيح، وعلى الرغم من الضربات العسكرية التي تلقتها فعليها الاستمرار في هذه الطريق.
- ماذا يمكن أن نستخلص من ذلك؟ على الأرجح ستتوصل دولة إسرائيل إلى خلق ردع قوي سيمنع "حماس" من الهجوم على إسرائيل فترة من الوقت قصيرة أو طويلة، بحسب النتائج التي ستسفر عنها المعركة الحالية.
- في المقابل ستواصل "حماس" بذل كل ما في وسعها لتحقيق رؤيتها بكل مكوناتها على أساس يحاكي نجاحها قبل المواجهة الحالية وخلالها.
- بناءً على ذلك، المطلوب اعتبار "حماس" عدواً يجب التعامل معه كما يجري التعامل مع دول عربية، والعمل على إسقاطها التدريجي أو السريع، بحسب ما وعد به رئيس الحكومة قبل 12 عاماً. على هذه الخلفية من المهم أن نقيس تأثير المواجهات في كل من إيران وحزب الله - اللذين يحاولان توسيع المواجهة إلى مناطق الحدود مع لبنان وسورية. من الضروري ألّا يعكس التصور أن "حماس" حققت إنجازات صورة ضعف في أعين إيران وحزب الله.
- يمكن القول إن الافتراض أن "حماس" قابلة للاحتواء والاقتلاع لم يعد صالحاً بعد الآن. هل من الممكن توقّع تغيير السياسة؟ الجواب هو كلا. لماذا؟ لأن المطلوب تغيير جذري في السياسة حيال السلطة الفلسطينية التي تتعاون مع إسرائيل في حربها ضد الإرهاب والعنف، بخلاف كلام الدعاية الإسرائيلية. وهذا يتطلب تغييراً للتوجه وليس هناك فرصة لحدوث ذلك. إذا أردنا إخضاع "حماس" في غزة فستُطرح مسألة مَن سيسيطر هناك بعد طردها؟ الخيار سيكون قاسياً - الجيش الإسرائيلي أو السلطة الفلسطينية؟ هذا لن يحدث من دون تسوية سياسية. وسيكون لذلك تداعيات أيضاً على جوهر السلام مع الدول العربية، وبينما التعاون الأمني البعيد عن الأنظار سيتواصل، فإن التطبيع سيبتعد.
- ما المطلوب الآن؟ الجيش الإسرائيلي سيستخلص الدروس بطريقة مدهشة، لكن المطلوب من المستوى السياسي القيام فوراً بالخطوات التالية: اعتبار "حماس" عدواً يجب إخضاعه وفق نموذج الدول العربية. كما يجب القيام بتغيير جذري للمقاربة إزاء السلطة الفلسطينية بهدف تقويتها في مواجهة "حماس"، وتجنيد تأييد دولي وخلق قاسم مشترك مع الولايات المتحدة والعالم من أجل مساعي التهدئة والتسوية السياسية. علاوة على ذلك، على رئيس الحكومة لدى فحصه سياسته أن يعالج مسألة كيف تحولت "حماس" إلى عنصر خطر، وكيف أصبحت إيران تشكل تهديداً نووياً ضد إسرائيل على الرغم من كل الجهود الجبارة والمدهشة التي قام بها في الأساس الموساد.
- في الخلاصة، المطلوب استخلاص الدروس وإعادة تقدير الوضع على أساس الإخفاقات على المستوى الاستراتيجي والحاجة إلى تعزيز مكانة إسرائيل وقدراتها في مواجهة مجموعة التهديدات الواسعة التي تنتظرنا.
- تطوران دراماتيكيان حدثا أمس في اليوم العاشر للعملية الإسرائيلية على قطاع غزة. إطلاق 4 صواريخ من لبنان في اتجاه عكا ومنطقة الكرايوت. وإصدار البيت الأبيض بياناً رسمياً عن مضمون المحادثة الهاتفية الرابعة منذ بدء العملية بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. هذه المرة صعّد بايدن لهجته وبلّغ محاوره أنه يتوقع تهدئة كبيرة للوضع على الأرض بدءاً من يوم أمس (الأربعاء). هذه الأحداث تقرّبنا من نهاية العملية، لكن القدرة على التدمير لم تُستنفَد بعد.
- إطلاق الصواريخ في الشمال تقف وراءه تنظيمات فلسطينية. فمنذ سنة 2014 تحدثت تقارير عن رغبة "حماس" في إقامة شبكة لها في مخيمات اللاجئين في الجنوب اللبناني يمكن أن تستخدمها لإطلاق الصواريخ وفتح جبهة ثانية ضد إسرائيل في حال حدوث مواجهة في القطاع. منذ بدء العملية سُجّلت ثلاث عمليات إطلاق صواريخ من لبنان وواحدة من سورية. من المحتمل أن مثل هذا الإطلاق لم يكن ليحدث من دون موافقة صامتة على الأقل من جانب حزب الله. الآن إسرائيل أمام معضلة - بأي قوة ستردّ من دون الانجرار إلى مواجهة أيضاً مع حزب الله. بحسب الرد الرسمي لإسرائيل من خلال إطلاق قذائف مدفعية، يبدو أن إسرائيل لا تريد تصعيد التوتر في الشمال.
- الآن لدى نتنياهو موضوع أكثر إلحاحاً يجب الإجابة عنه - الطلب غير المسبوق من بايدن لوقف إطلاق النار. لم يسمع رئيس الحكومة مثل هذه اللغة من الرئيس السابق دونالد ترامب. فعلياً يبدو هذا الطلب الأكثر حدة الذي سبق أن وجهته إدارة أميركية إلى إسرائيل منذ طلب وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس في حرب لبنان الثانية 2006 بعد اتهام إسرائيل بقتل مدنيين في قرية قانا. يومها استجابت إسرائيل لطلب رايس بوقف إطلاق نار إنساني مدة يومين، بعده استمر القتال بين إسرائيل وحزب الله عدة أسابيع. هذه المرة يريد بايدن وقفاً كاملاً لإطلاق النار.
- هناك عدة أسباب لعدم استجابة نتنياهو لبايدن فوراً. حتى الآن أثمرت العملية العسكرية ضد "حماس" إنجازات محدودة من دون حسم واضح لمصلحة إسرائيل؛ كما أنه من الصعب عليه الظهور كمن يخضع للضغط الأميركي لأنه سيُهاجَم من اليمين لظهوره في مظهر ضعف؛ ولأن ذلك يترك فرصة صغيرة لخصمه يائير لبيد لتشكيل ائتلاف مع انتهاء فترة التكليف في 2 حزيران/يونيو. مع ذلك، فإن الخطوة المطلوبة هي الاستجابة لبايدن ومحاولة تحسين الثقة بينهما.
- إلى أن يتضح الرد الإسرائيلي، ستحاول "حماس" تجميع إنجازات إضافية على صعيد الوعي. ازدياد إطلاق الصواريخ من الشمال يدل على قدرتها على مضايقة إسرائيل في ساحات أُخرى، يُضاف إلى ذلك أعمال العنف الواسعة التي نشبت داخل الخط الأخضر، والمواجهات في القدس، وازدياد محاولات الهجوم في الضفة الغربية. إذا جرى التوصل إلى وقف إطلاق نار فقد تحاول "حماس"، كما في الماضي، إنهاء المعركة بقصف عنيف كخطوة أخيرة تتوج فيها انتصارها. أيضاً إسرائيل من جهتها يمكن أن تزيد حدة القصف ضد أهداف تابعة لـ"حماس" والجهاد الإسلامي.
- يعمل على محاولات وقف إطلاق النار في الأساس رجال وزير الاستخبارات المصري الجنرال عباس كامل. الأمم المتحدة تشارك أيضاً، لكن مساهمة قطر على ما يبدو ثانوية. الاتفاقات السابقة بعد عملية عمود سحاب (2012) والجرف الصامد (2014) لم تكن مفصلة بصورة خاصة ولم تطبَّق بكاملها. الهدف الأساسي لإسرائيل سيكون إعادة الهدوء. بعدها سترى ما إذا كان في إمكانها ترجمة الثمن العملاني الذي دفعته لـ"حماس" بمطالبة أكثر صرامة بتقييد صناعة السلاح المحلية في القطاع. وستطلب إسرائيل مراقبة دخول مواد ثنائية الاستخدام، يمكن أن تُستخدَم في إنتاج وسائل قتالية، إلى غزة.
- الجو الظاهر كأننا في الأيام الأخيرة للعملية يزيد من تمارين التضليل التي يقوم بها اللاعبون إزاء بعضهم البعض. يجري هذا أيضاً في الساحة الداخلية، حيث يحافظ المستوى السياسي والعسكري على الغموض ويحاول كلّ منهما إبعاد نفسه عن مسؤولية إنهاء العملية.
- مساء الثلاثاء بثت القنوات التلفزيونية خبراً غريباً مفاده أن الجيش يريد مواصلة العملية لأن في تقديره هناك فرصاً لاغتيال رئيس الذراع العسكرية في "حماس" محمد ضيف. أولاً، من الواضح للجميع (وأيضاً لـ"حماس") أن ضيف والسنوار مستهدفان من جانب إسرائيل، فإذا كان هناك فرصة فعلية للمسّ بضيف، لماذا يعلن الجيش ذلك في وسائل الإعلام؟
- نتنياهو نفسه ذهب إلى أبعد من ذلك عندما التقى 70 دبلوماسياً أجنبياً وقال إن إسرائيل لا تستبعد إمكان عملية برية في غزة. على الأرض لم تظهر أي استعدادات حقيقية لعملية برية للجيش الإسرائيلي في أراضي القطاع. عملية "حارس الأسوار" تتركز على استخدام النار من الجو ومن الأرض عن بعد خارج القطاع، ولقد استُقدم إلى الجنوب لواءان قتاليان.
- في حال حدوث تدهور شديد لا يمكن استبعاد مثل هذا السيناريو، لكن من الواضح أن أطراف القوة في إسرائيل تريد الامتناع من ذلك. أكثر من ذلك، بخلاف العمليات السابقة في غزة، هذه المرة لم تُسمع في الساحة السياسية أي مطالبة باحتلال القطاع.
- لذلك، كلام نتنياهو ليس جزءاً من لعبة الحرب النفسية إزاء "حماس"، بل مناورة إزاء قيادة الأركان العامة. فرئيس الحكومة يلمّح من جهته إلى أن الخيار البري مطروح على الطاولة. وإذا لم يتحقق (ومن المحتمل ألّا يتحقق) فإنه كالعادة سيحمّل طرفاً آخر المسؤولية. مَن لديه ذاكرة قوية سيتذكر بالتأكيد قضية التسريبات السرية التي قدمها الجيش في نهاية عملية الجرف الصامد قبل وقت قصير من دخول وقف إطلاق النار في حيز التنفيذ. يومها جرى الحديث عن عرض توقّع عسكري بأن احتلال غزة سيؤدي إلى سقوط مئات القتلى- ولم يُعرف قط مَن سرّب ذلك.
- على خلفية الإحساس بالاستنفاد في الجيش وعلى المستوى السياسي، هناك أمل لدى الجمهور بألّا ننجر إلى عملية جرف صامد 2 طويلة ودموية في قطاع غزة. لكن يجب أن نأخذ في الحسبان خطراً جديداً. وفي ضوء المواجهات المتزايدة في الضفة الغربية وضعف السلطة الفلسطينية، أليس من الممكن أن نتدهور إلى انتفاضة ثالثة في المناطق الفلسطينية؟