مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال رئيس شعبة العمليات في الجيش الإسرائيلي اللواء أهارون حليفا إن العمليات العسكرية الإسرائيلية خارج الحدود متواصلة، بما في ذلك خلال اليوم الأخير، فيما يُعتبر إشارة إلى الغارات التي تم شنها ضد أهداف في الأراضي السورية الليلة قبل الماضية، وأكدت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" أن طائرات تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي قامت بها من الأجواء اللبنانية.
وجاءت أقوال حليفا هذه خلال مراسم إنهاء مهمات منصبه بعد تعيينه رئيساً لشعبة الاستخبارات العسكرية ["أمان"] أقيمت أمس (الأربعاء).
وامتنع حليفا من الإشارة إلى أهداف هذه العمليات.
بموازاة ذلك نشرت قناة التلفزة الإسرائيلية 12 أمس صوراً من العمليات العسكرية الإسرائيلية التي تجري ضمن ما يُعرف باسم "المعارك بين الحروب" وتنطلق من قاعدة "حتسور" الجوية [الجليل].
وقال قائد سلاح الجو الإسرائيلي اللواء عميكام نوركين للقناة إن هدف هذه العمليات هو منع إيران من تطوير قدرات عسكرية في مناطق الحدود مع إسرائيل، وأشار إلى أن بطاريات المضادات الجوية السورية تعيق هذه العمليات، ولذا يضطر الجيش الإسرائيلي إلى استهدافها بين الفينة والأُخرى.
وأضاف نوركين أن المضادات الجوية السورية تُعتبر من الأكثر كثافة وتقدماً في العالم، وأكد أن إسرائيل استهدفت العشرات من بطارياتها في الأعوام الأخيرة.
وأقرّ نوركين بأن العمليات العسكرية الإسرائيلية لا تغيّر الاستراتيجيا الإيرانية الرامية إلى التموضع العسكري في سورية ومنطقة الشرق الأوسط إنما تعرقلها وتؤخرها وتسلب عدة قدرات من الإيرانيين.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان ذكر أمس أن الغارات الإسرائيلية الأخيرة في الأراضي السورية الليلة قبل الماضية أسفرت عن مقتل 11 شخصاً، وأشار إلى أنها استهدفت عدة مناطق في دمشق ومحيطها وفي محافظات حمص وحماة واللاذقية، بينها مواقع عسكرية تابعة لقوات الدفاع الجوي السورية ومستودع ذخيرة لحزب الله جنوبي حمص.
قال رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي إن الأهداف العسكرية التي قام الجيش الإسرائيلي بقصفها خلال عملية "حارس الأسوار" العسكرية في قطاع غزة هي أهداف عالية الجودة وعددها أكبر بثلاث مرات مما استُهدف في العمليات العسكرية السابقة.
وأضاف كوخافي، في سياق كلمة ألقاها خلال يوم دراسي لإحياء ذكرى وفاة الرئيس الـ15 لهيئة الأركان العامة أمنون ليبكين - شاحك أقيم في كلية عسكرية في تل أبيب أمس (الأربعاء)، أن الإنجازات التكتيكية التي حققتها هذه العملية لا تؤدي بالضرورة إلى هدوء طويل الأمد ولا تعني أن حركة "حماس" لن تشنّ مرة أُخرى هجمات ضد إسرائيل في وقت قريب.
وقال كوخافي إن على المؤسسة العسكرية أن تكون متواضعة بشأن التأثير الرادع الذي أحدثته هذه العملية، مشيراً إلى أن حرب الأيام الستة [حرب حزيران/يونيو 1967] كانت انتصاراً واضحاً وحاسماً ومع ذلك اندلعت بعد وقت قصير منها حرب الاستنزاف.
وشدد كوخافي على أن الهدف من عملية "حارس الأسوار" العسكرية لم يكن إطاحة حركة "حماس" الحاكمة في غزة، لكن تحقيق درجة من الردع ضد هذه الحركة وضد حركة الجهاد الإسلامي باعتبارهما أقوى فصيلين مسلحين في القطاع وإعاقة قدرتهما على شنّ حرب في المستقبل بصورة كبيرة.
وقال كوخافي: "لقد حرمناهما امتلاك قدرات هائلة في مجال إنتاج الصواريخ والقذائف وغيرها من الأسلحة. وعملنا على تحييد النطاق الجوفي وهو أمر وضعتا فيه مخزوناً لمدة 15 سنة وسيتعين عليهما التفكير في كيفية المضي قدماً، ودمرنا بشكل شبه كامل القدرات الجوية والبحرية التي كانت لديهما، وقتلنا ناشطين منهما، بمن فيهم ناشطون كبار، وأحبطنا معظم الهجمات التي حاولتا تنفيذها."
وأشار كوخافي إلى أن إسرائيل بحاجة إلى تطوير سياسات واضحة فيما يتعلق بقطاع غزة و"حماس" من أجل تحقيق انتصار استراتيجي على هذه الحركة.
وأقرّ رئيس هيئة الأركان العامة بأن الجيش فشل في منع "حماس" والجهاد الإسلامي من إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون في اتجاه الجبهة الداخلية الإسرائيلية خلال فترة العملية العسكرية [التي استمرت 11 يوماً]، لكنه في الوقت عينه أشار إلى أنه تم اعتراض معظم الصواريخ التي كانت على وشك إحداث أضرار من جانب منظومة "القبة الحديدية"، التي قال الجيش الإسرائيلي إن نسبة معدل اعتراضاتها الناجحة بلغت نحو 90%.
يُذكر أنه خلال العملية العسكرية المذكورة تم إطلاق أكثر من 4300 صاروخ من قطاع غزة في اتجاه الأراضي الإسرائيلية، والتي تسببت بمقتل 13 شخصاً في إسرائيل، وبإلحاق أضرار مادية كبيرة. وكانت مدينة أشكلون التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 130.000 نسمة الأكثر تضرراً بصورة خاصة، إذ أطلقت الفصائل الفلسطينية رشقات صاروخية كبيرة خلال كل يوم من أيام العملية.
أوعز رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى وزير الدفاع بني غانتس أمس (الأربعاء) بتأجيل إخلاء البؤرة الاستيطانية العشوائية "أفيتار" في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] بأسبوع.
وقالت مصادر سياسية مقربة من غانتس إن نتنياهو ينوي إحالة القضية إلى رئيس الحكومة الذي سيخلفه نفتالي بينت، الذي كما يبدو لن يسرع في تنفيذ أمر الإخلاء الصادر عن المحكمة.
ويقيم في هذه البؤرة القريبة من مدينة نابلس نحو خمسين عائلة من المستوطنين.
من ناحية أُخرى أسقط الكنيست الإسرائيلي أمس مشروع قانون تقدم به عضو الكنيست ميكي زوهر من الليكود لتقييد حق جمعيات من اليسار في تقديم طلبات التماس إلى المحكمة العليا ضد الاستيطان في المناطق [المحتلة]. وأيّد حزبا "يمينا" و"أمل جديد" إسقاط مشروع القانون.
وتعقيباً على ذلك قال زوهر إن هذين الحزبين انشقا نهائياً عن اليمين وبصقا في وجه المستوطنين.
قرر القائد العام للشرطة الإسرائيلية الجنرال يعقوب شبتاي عدم السماح لعضوي الكنيست إيتمار بن غفير وماي غولان من حزبي "عوتسما يهوديت" ["قوة يهودية"] والليكود بالسير في باب العمود في القدس الشرقية وهما يحملان أعلام إسرائيل اليوم (الخميس).
وذكر بيان صادر عن الناطق بلسان الشرطة الإسرائيلية أن شبتاي رأى أن ذلك من شأنه إثارة مشاعر السكان المسلمين وبالتالي يمكن أن يتسبب باندلاع أعمال شغب.
وأضاف البيان أن شبتاي قرر أيضاً عدم السماح لبن غفير بزيارة باحة جبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف].
وتعقيباً على ذلك قال بن غفير إن هذه الإجراءات هي نهاية الديمقراطية، وأشار إلى أن القائد العام للشرطة أخفق في التعامل مع مثيري الشغب في اللد وجنوب البلد وفي الحرم القدسي.
وأكد بن غفير أنه يتوقع من رئيس الحكومة إصدار قرار مغاير بهذا الخصوص.
من ناحية أُخرى قالت الشرطة إنها أجرت أمس تحقيقاً مع الناشطين اليمينيين المتطرفين باروخ مرزيل وبنتسي غوفشتاين للاشتباه فيهما بالتحريض على العنف والعنصرية.
- ألقى كل من الرئيس السابق لهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال احتياط غادي أيزنكوت، والرئيس السابق لجهاز الموساد تامير باردو، خطابين في اليوم الدراسي لإحياء ذكرى الرئيس السابق للموساد مئير دغان، والذي عُقد في الكلية الأكاديمية في نتانيا [وسط إسرائيل] قبل عدة أيام، وأطلقا فيهما عدة تصريحات مقلقة تنطوي على قدر كبير من النقد للقيادة الحالية في إسرائيل، ولا سيما حيال إيران والفلسطينيين.
- قال باردو: "تقوم إيران في الوقت الحالي بعمليات تخصيب [يورانيوم] بمستوى 60% وهو أمر لم يحلموا به بتاتاً. ونحن نراقب ونسأل إلى أين ستمضي بهذا؟ فهل لعبنا جيداً بالأوراق التي لدينا؟ هل فهمنا ما هي استراتيجيتنا بصورة عامة، باستثناء القول إن الحديث يدور حول تهديد نووي ونحن سنقوم بفعل ما نريد؟ يوجد للولايات المتحدة في أبو ظبي وحدها 60.000 مواطن وقواعد جوية وبحرية. ثمة أسطول أميركي موجود هناك، أسطول الدولة العظمى رقم 1 في العالم، ودولة إسرائيل ستقرر وحدها وبمفردها ما الذي تفعله وتغيّر الكون على أساس إصبعها الصغير؟".
- وأشار باردو إلى أن جميع رؤساء الحكومة السابقين في إسرائيل فهموا في الماضي أن كل القصة تكمن في التنسيق التام مع الولايات المتحدة.
- وأشار أيزنكوت من ناحيته إلى أن مشكلة إسرائيل كامنة في أن السياسة والاستراتيجيا في الساحة الفلسطينية غير واضحتين. وفي واقع كهذا فإن ما يبقى أمام الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام ["الشاباك"] هو توفير شعور بالأمن.
- وبخصوص الولايات المتحدة قال أيزنكوت: "إن العلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة حيوية جداً لدولة إسرائيل. ومع ذلك اعتقدت أن الحديث عن إقامة حلف دفاعي خطأ".
- أما بخصوص إيران والخطر النووي فقال أيزنكوت: "لا أرى أن هناك خطراً وجودياً يتهدد إسرائيل. في صيف 1999 عُينت سكرتيراً عسكرياً لرئيس الحكومة ومنذ ذلك الوقت كان هناك مداولات بشأن مواجهة الخطر الإيراني. لقد بدأت القضية الإيرانية قبل رئيس الحكومة الحالي. وما يجب الاستمرار فيه هو ضمان عدم تحوّل إيران إلى دولة نووية".
- حدثت عملية "حارس الأسوار" في وقت كان الاقتصاد الإسرائيلي يمر بعملية تعافٍ من أزمة الكورونا، التي أدت إلى الانكماش في الناتج الإجمالي المحلي وزيادة كبيرة في العجز وقفزة في الديْن الوطني. التجربة التي تراكمت خلال أزمة الكورونا ساهمت من ناحية في استمرار النشاط الاقتصادي حتى خلال القصف الكثيف على الجبهة الداخلية في دولة إسرائيل. لكن من ناحية أُخرى أدت العملية العسكرية إلى تراجُع النشاط الاقتصادي مثلما حدث جرّاء فترات الإغلاق في أزمة الكورونا، وهو ما ترك أسئلة كثيرة تتعلق بالتكاليف الباهظة للعملية العسكرية وتداعياتها الاقتصادية بعد انتهاء العملية.
- تتألف التكاليف الاقتصادية للعملية من ثلاثة مكونات أساسية: التكاليف العسكرية المباشرة للقتال، والضرر الذي لحِق بالنشاط الاقتصادي، والضرر الذي أصاب الجبهة الداخلية. البند الأول تجلى في ثمن السلاح الذي استخدمه الجيش (بينه صواريخ اعتراضية، سلاح دقيق وقذائف مدفعية)، ثمن استخدام المنصات المتعددة (مثل الطائرات الحربية والدبابات)، وتكلفة تجنيد واستخدام قوات نظامية وقوات الاحتياطيين. التكلفة بالنسبة إلى الاقتصاد كله تتجلى في خسارة أيام عمل، وإغلاق، أو عمل جزئي للمصانع أو المتاجر، وانخفاض في الطلب. وفي الختام الضرر الذي أصاب الأملاك، في الأساس المباني والسيارات بسبب تساقُط الصواريخ على إسرائيل والتعويضات التي ستدفعها الدولة للمتضررين. يجب أن نضيف إلى ذلك الأضرار التي لحقت بالأملاك الخاصة والعامة جرّاء الاضطرابات التي نشبت في المدن المختلطة.
- التكاليف العسكرية المباشرة: إحدى الصعوبات في تقدير هذه التكاليف هي الاختلاف في الآراء في هذا السياق في كل مرة بين وزارة الدفاع وبين وزارة المال لأسباب مفهومة. كان تقدير وزارة الدفاع لتكاليف عملية "الجرف الصامد" هو 9 مليارات شيكل، بينما كان تقدير وزارة المال 6.5 مليارات شيكل. في النهاية المبلغ الذي حُدد كان 7 مليارات شيكل. على الرغم من ذلك في الإمكان تقدير تكاليف القتال بحسب التكاليف الأساسية، بينها تكلفة يوم قتال جوي في عملية "الجرف الصامد" (تتراوح ما بين 80-120 مليون شيكل) وتكلفة صاروخ اعتراضي في القبة الحديدية (50 ألف دولار للصاروخ). ونظراً إلى أن القتال في عملية "حارس الأسوار" كان أكثر كثافة، من المعقول الافتراض أن تكلفة يوم قتال جوي أغلى بمرتين من تكلفة يوم قتالي في "الجرف الصامد". مع ذلك، المدة القصيرة التي استغرقتها عملية "حارس الأسوار" وتركيزها على القتال الجوي من المتوقع أن يخفّضا التكاليف العسكرية المباشرة إلى نحو 4-5 مليارات شيكل.
- الأضرار التي لحقت بالأملاك جرّاء إطلاق الصواريخ على إسرائيل: في عملية "الجرف الصامد" بلغ عدد طلبات التعويضات عن أضرار مباشرة 4600 وحجم التعويضات التي دُفعت بلغ 200 مليون شيكل، أي نحو 44 ألف شيكل لكل طلب. وبالاستناد إلى بيانات مصلحة الضرائب، مع نهاية "حارس الأسوار" جرى تقديم 5245 طلباً إلى صندوق التعويضات عن أضرار مباشرة. ومن شبه المؤكد هذه المرة أن الأضرار ستكون أكثر فداحة بسبب قدرة الإيذاء الكبيرة للصواريخ التي أُطلقت من القطاع. بناء على ذلك، من المتوقع أن يكون حجم المطالبة بالتعويض أكبر - وفي تقدير أولّي نفترض أنها ستكون 60 ألف شيكل للطلب الواحد، وهو ما يجعل مجموع التعويضات يصل إلى نحو 315 مليون شيكل.
- أضرار النشاط الاقتصادي: بالاستناد إلى حسابات أولية في شعبة الاقتصاد لاتحاد الصناعيين، بلغت التكاليف الاقتصادية خلال العملية نحو 1.2 مليار شيكل. يعتمد هذا التقدير في الأساس على خسارة أيام العمل لنحو ثلث العاملين في منطقة الجنوب، بينما يقدّر أنه خلال العملية تقلصت أيام العمل في منطقة وسط إسرائيل نحو 10% فقط. أي أن البعد عن القطاع بدأ أساسياً في هذا المعنى. من هنا فإن مكوّن التكاليف أقل هذه المرة بنحو 20% مقارنة بـ"الجرف الصامد" (1.5 مليار شيكل). مسألة ثانية تطرح في هذا السياق تراجع الطلب خلال العملية وما ينتج منه من ضرر اقتصادي. تدل تجربة العمليات السابقة على ازدياد الطلب في قطاع الاستهلاك المنزلي بعد الجولات العسكرية، وهو ما يعوّض إلى حد كبير الخسائر الأولى. لا نعرف في هذه المرحلة ما إذا كان هذا سيحدث أيضاً في الأسابيع والأشهر المقبلة، بينما يُضاف هذه المرة انزلاق المواجهات إلى الجبهة الداخلية.
- مواجهات شديدة القوة مترافقة مع اشتعال الساحة الداخلية يمكنها أن تؤدي إلى زيادة التكاليف. لكن مما لا شك فيه أن المدة القصيرة نسبياً لـ"حارس الأسوار" ساهمت كثيراً في تقليص التكاليف الاقتصادية مقارنة بعملية "الجرف الصامد". يجب أن نضيف إلى ذلك عوامل خاصة ساعدت الاقتصاد على الانتقال من الحياة الطبيعية إلى حالة الطوارىء، ثم العودة إلى الحياة الطبيعية بسهولة أكبر منها:
- "العودة العامة" من سنة الكورونا: بعكس جولة القتال السابقة، في "حارس الأسوار" تأقلم الاقتصاد بسرعة مع نمط العمل الذي تعلمه في زمن أزمة الكورونا، في الأساس من خلال العمل من البيت، لذا لم تتضرر قطاعات كثيرة. وعلى وجه الخصوص كان الضرر ضئيلاً في قطاع التكنولوجيا المتقدمة الهاي - تك، المسؤول عن 52% من التصدير الإسرائيلي. كما ساهمت في خفض التكاليف قدرة جهاز التعليم على تكييف نفسه بسرعة مع التعلم عن بُعد، مستنداً إلى التجربة التي راكمها خلال أزمة الكورونا. وأدى هذا الى منع الإغلاق الكامل الذي يجعل تكلفة العملية أغلى جرّاء خسارة أيام العمل للأهالي ولأولادهم.
- تعبئة محدودة للاحتياطيين: التكلفة اليومية للجندي الاحتياطي هي أكثر من 500 شيكل. في "حارس الأسوار" كانت تعبئة الاحتياطيين محدودة جداً (أقل من 10 آلاف جندي احتياطي) وكانت العملية قصيرة نسبياً، لذلك كانت التكاليف أقل بكثير من عملية "الجرف الصامد" التي جرت خلالها تعبئة 40 ألف جندي احتياطي لفترة زمنية طويلة نسبياً.
- توقُّف الاقتصاد فقط خلال نصف أيام القتال: خلال الأيام الأولى للقتال لم تكن القيود المفروضة على الاقتصاد كبيرة، وعلى مسافة 80 كيلومتراً من القطاع لم يسجَّل تغيُّب كبير عن أماكن العمل. كذلك في جزء من أيام القتال - كان عيد البواكير الذي استمر 4 أيام - كان من المفترض أن يكون النشاط الاقتصادي محدوداً بصورة تلقائية.
- تكيّف المصانع وتحصينها: استناداً إلى التجربة التي تراكمت خلال جولات القتال السابقة، لم تتوقف المصانع القريبة من القطاع، في معظمها، عن العمل بل كانت محصنة وتعمل بحسب نماذج تسمح لها بالاستمرار في العمل على الرغم من إطلاق الصواريخ.
- السياحة: أولاً، للسياحة وزن ضئيل جداً في الناتج العام في إسرائيل (نحو 2% فقط)، ثانياً، نتيجة أزمة الكورونا، لا يأتي الكثير من السياح إلى إسرائيل، لذا الضرر الذي لحق بالقطاع كان ضئيلاً جداً، وحتى غير موجود في المدى القصير. للمقارنة في تقرير بنك إسرائيل في أواخر سنة 2014 التي جرت خلالها عملية "الجرف الصامد" بلغت الخسارة التي تكبدها قطاع السياحة نتيجة العملية 2 مليار شيكل.
- بالإضافة إلى ذلك، في استطاعة الاقتصاد الإسرائيلي أن يستمد التشجيع من حصانة السوق المالية الإسرائيلية: في الأعوام الأخيرة سُجّل توجه بارز يُظهر أن السوق المالية المحلية أقل تأثراً بالأحداث في ساحة النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني وأكثر تأثراً بالاقتصاد العالمي. في "حارس الأسوار" برز مجدداً كيف لم تؤثر الأضرار التي لحقت بالاقتصاد خلال المواجهة في السوق المالية المحلية، لا بل ارتفعت المؤشرات المركزية قليلاً مقارنة بمستوياتها عشية العملية. مع ذلك يجب القول إن استمرار العملية وقتاً طويلاً كان يمكن أن يضر بالسوق المالية.
- ما ذكرناه سابقاً يتناول التكاليف التي ظهرت حتى الآن، لكن يمكن الافتراض أن "حارس الأسوار" ستؤدي إلى تكاليف إضافية في المستقبل. على سبيل المثال مسائل تحصين الجبهة الداخلية التي عادت لتُطرَح على جدول الأعمال بعد أن تبين أن نسبة كبيرة من البلدات الواقعة في مرمى النيران، وخصوصاً عسقلان، ليست محصنة أو أن تحصينها الحالي ليس ناجعاً بما يكفي. التقدير الأولّي للتحصين الكامل لمدينة عسقلان يبلغ 1.4 مليارات شيكل، وعلى ما يبدو يجب أن تنضم مستوطنات أُخرى تقع حولها إلى الرزمة المالية للتحصين.
- مسألة أُخرى هي صورة إسرائيل في العالم: شبكات وسائل الإعلام الأجنبية وشبكات التواصل الاجتماعي نشرت صوراً قاسية للقتال من خلال توجيه تهم كبيرة ضد إسرائيل. من غير الممكن في هذه المرحلة تقدير الضرر الاقتصادي الناتج من تشويه صورة إسرائيل، لا من ناحية السياحة ولا من ناحية الاستثمارات والتسويق. لكن يمكن الافتراض أنه ستترتب على ذلك أثمان. لذلك يجب أن نستعد أيضاً في هذه الجبهة - مرة جديدة أخفقت إسرائيل في نقل صورة متوازنة، سواء فيما يتعلق بالأسباب العميقة لجولات القتال أو فيما يتعلق بما يحدث فعلاً خلالها.