مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
بينت يكشف أمام الكنيست عملية نفّذها الموساد للحصول على معلومات تتعلق بمصير الطيار رون آراد
في المؤسسة الأمنية يعترفون بأن العملية المتعلقة برون آراد لم تكن ناجحة
تمويل القبة الحديدية يتعرقل بسبب خلافات في مجلس الشيوخ
تقرير: في إمكان سكان حي الشيخ جرّاح أن يتنفسوا الصعداء لكن عليهم أن يدفعوا ثمناً
مقالات وتحليلات
التباهي العلني لإسرائيل حفّز خطط إيران الانتقامية
تراكُم التحديات في العلاقات بين الجيش والمجتمع الإسرائيلي: دلالات وتوصيات
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"يديعوت أحرونوت"، 5/10/2021
بينت يكشف أمام الكنيست عملية نفّذها الموساد للحصول على معلومات تتعلق بمصير الطيار رون آراد

كشف رئيس الحكومة نفتالي بينت أمس (الاثنين) أن الموساد قام بعملية للكشف عن تفاصيل تتعلق بمصير الطيار المفقود رون آراد الذي وقع في الأسر قبل 35 عاماً تقريباً. وقال بينت أمام الكنيست: "في الشهر الماضي قام نساء ورجال الموساد بعملية هدفها العثور على معلومات جديدة تتعلق بمصير ومكان وجود رون آراد. لقد كانت عملية معقدة وواسعة النطاق وجريئة. بذلنا كل جهدنا لفهم ما حدث لرون آراد. وأريد أن أشكر عناصر الموساد باسمي وباسم تامي ويوفال آراد، اللذين تحدثت معهما، على تضحيتهم والتزامهم وأخوة السلاح بعد مرور كل هذه السنوات".

كما شكر بينت الجيش الإسرائيلي والشاباك على التعاون الذي وصفه بـ"الاستثنائي"، وأضاف: "افتداء الأسرى هو قيمة يهودية تحولت إلى إحدى القيم المقدسة في دولة إسرائيل. هذا النوع من الأمور قد يبدو إلى من ينظر إلى إسرائيل من الخارج غريباً ومبالغاً فيه، لكن هذا ما يميزنا ويوحدنا. وسنواصل العمل لإعادة أبنائنا إلى الوطن أينما كانوا".

وتطرق بينت في كلمته إلى العنف في المجتمع العربي فقال: "امتازت السنوات الأخيرة بفقدان السيطرة على النقب ورأينا اندلاع العنف بصورة كبيرة خلال عملية حارس الأسوار. سنعيد سيطرة الدولة على النقب الذي أهملناه طوال سنوات. كلنا نعرف كيف تحول إلى أراضٍ خارجة على قانون دولة إسرائيل. وسنبدأ بمعالجة الأمر بكل حزم".

وتابع بينت:" نحن نعمل على تعزيز مكانة إسرائيل في العالم، من واشنطن، مروراً ببرلين، ووصولاً إلى القاهرة والمغرب. العلاقات مع الولايات المتحدة والبيت الأبيض والكونغرس جيدة وحارة على الرغم من الذين يحاولون تحدّيها. العلاقات وثيقة مع أخوتنا في الشتات، وخصوصاً مع يهود الولايات المتحدة. العلاقات مع جارتينا مصر والأردن أصبحت أكثر حرارة".

وتطرق بينت إلى محاولة اغتيال الملياردير الإسرائيلي تيدي سغاي في قبرص فقال: "إيران تواصل طوال الوقت جهودها للمس بدولة إسرائيل ومواطنيها. وفي الأيام الأخيرة أحبطت محاولة اغتيال في قبرص. نحن نعمل في ساحات كثيرة على مدار الساعة، وفي المقابل نحرص على ضمان التفوق المطلق للجيش الإسرائيلي، وعلى استعداده لمواجهة التحديات الكبيرة التي تواجهنا، ليس بالكلمات، بل بتوظيفات هائلة للموارد من ميزانية الدولة".

تجدر الإشارة إلى أن الكنيست شهد فوضى خلال إلقاء بينت كلمته من طرف أعضاء كتلة الليكود، وهو ما أجبر رئيس الكنيست على إخراج عضوين من الليكود بسبب صراخهما في أثناء إلقاء بينت كلمته، أما أعضاء الكنيست من الأحزاب الحريدية فقد غادروا القاعة عندما بدأ بينت بإلقاء كلمته.

 

"هآرتس"، 4/10/2021
في المؤسسة الأمنية يعترفون بأن العملية المتعلقة برون آراد لم تكن ناجحة

تطرق مصدر في المؤسسة الأمنية إلى العملية التي كشف عنها رئيس الحكومة نفتالي بينت في الكنيست، والمتعلقة برون آراد، وقال إنها لم تكن ناجحة، ولم تثمر النتائج المرجوة منها، ولم تؤد إلى الحصول على المعلومات التي أرادوها. كما قال المصدر إن المقصود سلسلة عمليات نُفذت في عدد من الساحات. وبحسب القناة الإخبارية 12، وصف رئيس الموساد العملية بأنها عملية فاشلة، وقال لعناصره إنها كانت "جريئة وشجاعة ومعقدة، لكنها لم تنجح، وكانت عملية فاشلة".

وانتقدت المؤسسة الأمنية كشْف نفتالي بينت عن العملية، وقالت إن المقصود "مباهاة ليست في محلها". في المقابل رأت مصادر في مكتب رئيس الحكومة أن العملية لم تكن فاشلة، وأنها كانت ناجحة، لكنها لم تؤد إلى اختراق مهم"، وأشارت هذه المصادر إلى أن كشْف بينت العملية كان بالتنسيق مع الموساد وبمعرفته.

تجدر الإشارة إلى أن الطيار رون آراد وقع في الأسر في 16 تشرين الأول/أكتوبر 1985 في أثناء قصف سلاح الجو الإسرائيلي أهدافاً تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية بالقرب من صيدا في لبنان. وقد جرى إنقاذ الطيار الذي كان برفقة آراد بعد إسقاط طائرتهما، بينما وقع آراد في أسر حركة أمل واعتُقل لدى مسؤول الحركة مصطفى الديراني. وفي سنة 1988 لم يعد آراد لدى الديراني، وبحسب التقديرات، انتقل إلى يدي الحرس الثوري الإيراني في لبنان. وحتى اليوم لم تستطع إسرائيل فك لغز مصير آراد.

"يسرائيل هَيوم"، 5/10/2021
تمويل القبة الحديدية يتعرقل بسبب خلافات في مجلس الشيوخ

حاول رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الولايات المتحدة روبرت ميننديز تحديد موعد تصويت سريع على اقتراح تحويل مليار دولار إلى إسرائيل من أجل القبة الحديدية، لكن السيناتور الجمهوري راند بول طالب بتغيير التصويت وتحويل المال الذي كان مخصصاً لإعادة إعمار أفغانستان. وعندما منع ميننديز محاولة تغيير اقتراح القانون رفض بول التصويت السريع، وهو ما أدى إلى عرقلة تحويل التمويل لإسرائيل.

وبرّر راند موقفه قائلاً: "أنا أؤيد إسرائيل، وفي الماضي صوتت لتحويل مئات الملايين من الدولارات من أجل القبة الحديدية، وأنا مسرور من العلاقات بين الدولتين. لكن ليس في إمكان الولايات المتحدة تحويل أموال ليست لديها". في المقابل قال ميننديز: "لا يوجد سبب يدفع أحداً إلى منع التأييد الأميركي الذي ينقذ حياة. أدعو زملائي من كلا الطرفين في مجلس النواب إلى تحويل التمويل".

"هآرتس"، 5/10/2021
تقرير: في إمكان سكان حي الشيخ جرّاح أن يتنفسوا الصعداء لكن عليهم أن يدفعوا ثمناً

منذ أكثر من 12 عاماً، وبمواظبة غير مسبوقة من اليسار الإسرائيلي، يتظاهر عشرات أو مئات الإسرائيليين والفلسطينيين في الحديقة العامة في حي الشيخ جرّاح كل أسبوع ضد إجلاء سكان الحي لمصلحة المستوطنين. كما في كل أسبوع، مرت التظاهرة الأسبوع الماضي بسلام إلى أن رفع بعض المتظاهرين أعلاماً فلسطينية صغيرة وبدأوا بالتلويح بها. كعادتها، الشرطة هاجمت المتظاهرين بعنف وخطفت منهم الأعلام واعتقلت أربعة منهم. تفرقت التظاهرة مع شعور بالغضب والإحباط حيال تصرّف الشرطة. وما يعزز الغضب والإحباط هو الوضع غير المحتمل لسكان الحي المهددين بالطرد من منازلهم بحجة أنها أملاك يهودية تعود إلى ما قبل 1948.

أمس قدم قضاة المحكمة العليا اقتراحاً لتسوية تفصيلية للقضية. يمكن بموجبه للعائلات الفلسطينية الثلاث المهددة بالطرد الحصول على وضع مستأجر محمي من الجيل الأول - أي بإمكانها السكن في المنزل، بحسب هذا الوضع، لجيلين قادمين، بينما ستحصل عائلة أُخرى على وضع مستأجر محمي من الجيل الثاني، ويبقى هذا الوضع صالحاً لجيل مقبل. ويقترح قضاة المحكمة العليا منع جمعية نحلات شمعون اليمينية من بيع الأرض أو إجلاء العائلات طوال الـ 15 عاماً المقبلة إلى حين التوصل إلى تسوية القضية بين الطرفين. وستدفع كل عائلة للجمعية إيجاراً سنوياً يبلغ 2400 شيكل. ومن المفترض أن يقدّم الطرفان موقفهما من المخطط الذي عرضته المحكمة حتى 2 تشرين الثاني/نوفمبر.

السؤال الذي يجب أن يطرحه سكان الشيخ جرّاح على أنفسهم الآن ما إذا كان النضال ضد إجلائهم من منازلهم فإنه يتعين عليهم الموافقة على التسوية، أو أن النضال كان للحصول على الحقوق التاريخية للفلسطينيين في القدس الشرقية، وعلى إلغاء التمييز في قانون أملاك الغائبين - بسبب هذا التمييز لا يستطيع الفلسطينيون، بعكس المستوطنين، المطالبة باستعادة أملاكهم قبل 1948- حينئذ  عليهم رفض الاتفاق.

إن قصة الشيخ جرّاح قصة تاريخية قضائية وبيروقراطية معقدة جداً. وهي تجمع الاحتلال مع امتيازات اليهود وضعف الفلسطينيين والتماهي بين منظمات المستوطنين وسلطات الدولة واستقواء الدولة في علاقتها مع الرعايا الفلسطينيين.

لكن قصة الشيخ جرّاح تفرض على الصحف رؤية الفلسطينيين خارج النظرة التي تعودنا عليها. في نظر الإسرائيليين، الفلسطينيون هم واحد من اثنين – ضحايا ضعفاء أو مسلحون عنيفون. في قصة الشيخ جرّاح هم ضحايا غير عنيفين، هم أشخاص خرجوا للنضال من أجل منازلهم، وبعكس كل التوقعات، نجحوا في التغلب على الذين يريدون رميهم في الشارع.

 

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"هآرتس"، 5/10/2021
التباهي العلني لإسرائيل حفّز خطط إيران الانتقامية
عاموس هرئيل - محلل عسكري
  • بعد مرور عدة ساعات على الإجابات المتناقضة والمرتبكة قدمت إسرائيل أمس (الاثنين) رواية رسمية عن قضية قبرص: إيران هي وراء محاولة اغتيال المواطن الإسرائيلي في الجزيرة، والتي أُحبطت مؤخراً. خلفية الحادثة هي خلفية أمنية، الملياردير الإسرائيلي تيدي سغاي الذي يسكن في قبرص فترة من الزمن لم يكن هو المستهدَف في العملية. هذا ما جاء في البيان الصادر عن مكتب رئيس الحكومة نفتالي بينت، والذي صدر في ساعات ما بعد الظهر، بالاستناد إلى "مصادر أمنية". وزير الدفاع أيضاً قال كلاماً مشابهاً في جلسة كتلة أبيض - أزرق في الكنيست.
  • من المعلومات التي جُمعت، يبدو حتى الآن أنها محاولة إيرانية غير محترفة لمهاجمة مواطنين إسرائيليين قد يكون الإيرانيون شكوا، عن طريق الخطأ، في أنهم يعملون في شركة لها علاقة بالمؤسسة الأمنية في إسرائيل، وخصوصاً في المجال السيبراني. قُرب قبرص النسبي من إسرائيل من جهة، ومن جهة أُخرى إمكان الاستفادة من التسهيلات في دفع الضرائب وتقليص جزء من رقابة وزارة الدفاع على العمليات التجارية، كل ذلك يجذب شركات إسرائيلية كثيرة إلى الجزيرة. أكثر من مرة نوقشت ووُقّعت صفقات مع دول ليس لها علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل. وقبل توقيع اتفاقات التطبيع، كانت قبرص إحدى مراكز الاتصال المحورية بين رجال أعمال من إسرائيل والإمارات.
  • الروايات التي تصل من قبرص تبدو متنوعة للغاية، فقبل أسبوع اعتقلت السلطات القبرصية مواطناً من أذربيجان يحمل جواز سفر روسياً اجتاز الجزء التركي من الجزيرة إلى الجزء اليوناني الجنوبي عن طريق معبر نيقوسيا. وعُثر في حوزة الرجل، الذي لاحقته الشرطة القبرصية قبل اعتقاله، على مسدس كاتم للصوت وذخيرة. ويمكن التقدير بحذر أن تحذيراً استخباراتياً من إحدى الدول المجاورة سبق اليقظة القبرصية، مثلما جرى في الماضي خلال محاولات هجوم مشابهة ضد أهداف إسرائيلية أُحبطت في أنحاء العالم.
  • كالعادة، كذّبت إيران الاتهامات الموجهة ضدها، وادّعت السفارة الإيرانية في قبرص أن الاتهامات الإسرائيلية لا أساس لها. لكن التكذيبات ليست مقنعة. فإيران متورطة طوال أعوام في عشرات الهجمات ضد أهداف إسرائيلية ويهودية في شتى أنحاء العالم، ودائماً تكذّب أي علاقة لها بذلك. هكذا تصرفت أيضاً قبل نحو شهرين، عندما أرسل الحرس الثوري الإيراني مسيّرات لمهاجمة سفينة تملكها شركة إسرائيلية جزئياً، وهو ما أدى إلى مقتل عنصرين من طاقمها، هما مواطن بريطاني وآخر روماني. نأمل من الحكومة القبرصية بألّا تمر على الكشف عن الخطة الإيرانية مرور الكرام، وأن تطالب بتوضيح من طهران.
  • الخطوة بحد ذاتها ليست مفاجئة. للإيرانيين حساب طويل مع إسرائيل على عمليات اغتيال علماء ذرّة نُسبت إليها، وتخريب منشآت نووية إيرانية، ومهاجمة ناقلات كانت تهرّب نفطاً إيرانياً إلى سورية، ومهاجمة قواعد ميليشيات شيعية في شتى أنحاء الشرق الأوسط. كما سبق أن حدث في الماضي، يتضح أن الإيرانيين يستخدمون عملاء يحملون هويات أجنبية. أحياناً كما جرى في الهجمات في تايلاند والهند، إذ تسبب عدم احترافية هؤلاء العملاء بفشل المحاولة.
  • لكن السلوك الإسرائيلي حفّز خطط الانتقام الإيرانية. وفي الإمكان تبرير جزء كبير من العمليات الهجومية الإسرائيلية التي تحاول عرقلة تقدُّم المشروع النووي الإيراني وتقليص المساعدة الإيرانية للعمليات العسكرية في شتى أنحاء المنطقة، لكن من الصعب فهم التباهي بهذه الأعمال في كل المناسبات من أجل استفزاز طهران عن قصد. برز هذا الأمر في التقارير التي نُشرت عن مهاجمة الناقلات الإيرانية والتسريبات المتلاحقة عن تفاصيل عملانية ضد المشروع الإيراني. هذا الدفق من المنشورات يجبر إيران على الرد - والمشكلة أن إسرائيل ليس لديها وسيلة للدفاع عن أي هدف في الخارج مرتبط بها، ولو جزئياً، من السفن وصولاً إلى رجال الأعمال.
  • هذه الثرثرات بدأت في أيام بنيامين نتنياهو، لكن خليفته نفتالي بينت لم يتخلّ عنها أيضاً. ليس واضحاً ما الذي دفع نفتالي بينت أمس إلى الإعلان أن الموساد عمل في دولة أجنبية للحصول على معلومات عن مصير الطيار المفقود رون أراد. إذا كان ليس هناك من نتائج واضحة للعملية حتى هذه الساعة، فما الذي كسبه بينت من الكشف عن عملية حساسة سوى القليل من العلاقات العامة التي سترتد عليه فوراً بسبب الانتقادات من المعارضة؟
  • الخطوات الإسرائيلية تواجه رئيساً جديداً صقرياً في طهران. فقد أعلنت حكومة إبراهيم رئيسي الأسبوع الماضي إجراء مناورة عسكرية كبيرة على حدود أذربيجان، يبدو أن هدفها ردع جارتها الشمالية، على خلفية العلاقات الوثيقة مع إسرائيل. السياسة الإيرانية تصبح هجومية أكثر فأكثر، تحديداً على خلفية الإعلان المرتقب لعودة المفاوضات مع الدول العظمى بشأن الاتفاق النووي. هذا الأسبوع عُقد في واشنطن اجتماع استراتيجي دوري بين ممثلين للولايات المتحدة وإسرائيل. ومن الأمور التي سيقولها الضيوف لمضيفيهم إن هناك حاجة ملحة إلى اتخاذ خطوات صارمة علنية ضد طهران. من دون ذلك ليس لدى الأميركيين أي فرصة ليفرضوا على الإيرانيين تقديم تنازلات في المحادثات النووية.
مباط عال، العدد 1523، 4/10/2021
تراكُم التحديات في العلاقات بين الجيش والمجتمع الإسرائيلي: دلالات وتوصيات
مئير إلران، عوفر شيلح، كوبي ميخائيل، كرميت بدان، تسيبي يسرائيلي - باحثون في معهد دراسات الأمن القومي
  • تراكمت في الفترة الأخيرة جملة من التطورات المهمة في مجالات شتى، قد يكون لها انعكاسات سلبية على العلاقات بين الجيش والمجتمع الإسرائيلي. التطور الأخير، الأبرز والأكثر أثراً من بينها، هو ردة الفعل الحادة التي صدرت عن قطاعات من الجمهور الإسرائيلي على ملابسات مقتل جندي "حرس الحدود" برئيل حداريا شموئيلي خلال الحادثة التي وقعت عند الحدود مع قطاع غزة. فقد تميزت ردة الفعل هذه، وليس للمرة الأولى، بكيل الاتهامات الحادة للجيش، وسط التعبير عن عدم الثقة بالجيش وقادته. لا بل جرى استغلال ردة الفعل هذه من طرف جهات معارِضة في الساحة السياسية - الحزبية لتوجيه انتقادات لاذعة إلى الجيش. ووجدت القيادة العليا في الجيش صعوبة كبيرة في تقديم رد منهجي مقنع على هذه الادعاءات وانجرفت خلف سيل الأحداث الإعلامية والعاصفة التي ثارت على وسائل التواصل الاجتماعي.
  • قبل ذلك، كان الجيش تعرض لموجة انتقادات حادة، وبصورة خاصة من جانب معلّقين في وسائل الإعلام الاقتصادية وفي شبكات التواصل الاجتماعي، على خلفية سلسلة المطالبات المالية الاستثنائية التي قدمها الجيش في إطار المداولات التي جرت في الحكومة بشأن الميزانية العامة للدولة. وقد ثار الغضب بصورة خاصة على إقرار امتيازات التقاعد بأثر رجعي لجميع العسكريين الذين ينهون الخدمة العسكرية الدائمة ("زيادات رئيس الأركان")، والتي يجري الآن فحص مدى قانونيتها من خلال التماس قُدّم إلى المحكمة العليا. هذه المطالبات التي قدمها الجيش، بدعم من وزير الأمن بني غانتس، بدت كأنها إصرار على تحصيل حقوق مبالَغ فيها كثيراً للمتقاعدين من الجيش، والتي قد تعكس نوعاً من البلادة وانعدام الإحساس تجاه أوضاع شرائح اجتماعية أُخرى في المجتمع الإسرائيلي، وخصوصاً أولئك الذين تضرروا كثيراً جرّاء جائحة كورونا والأزمة التي سببتها. كذلك، أثارت زيادة ميزانية الأمن في هذه الفترة، التي تتميز بالوضع الاقتصادي القاسي، والتي يجري فيها تقليص ميزانيات الوزارات الحكومية المختلفة، موجة من الاستغراب والتحفظ الشديدين. ونشير هنا إلى أن نتائج "مؤشر الأمن القومي"، استطلاع الرأي العام الذي أجراه معهد دراسات الأمن القومي في حزيران/يونيو 2021، قد بينت بصورة واضحة أن أغلبية الجمهور الإسرائيلي (59 بالمئة) تفضل توظيف الموارد القومية في القضايا والمجالات الاجتماعية - الاقتصادية بالذات، ولو على حساب ميزانية الأمن أيضاً.
  • كذلك، أثار إلغاء القرار السابق بشأن تقصير مدة الخدمة الإلزامية في الجيش بشهرين موجة من الانتقادات، على الرغم من أن هذا الموضوع لا يحظى سوى باهتمام شعبي ضيق. وما أثار الانتقادات، بوجه خاص، هو التبذير المترتب على فترة الخدمة الطويلة التي يؤديها جنود مساهمتهم ضئيلة نسبياً، من جهة، وتجاهُل الجيش للقانون الذي سنّه الكنيست قبل خمسة أعوام، وبدلاً من العمل بموجب القانون، انتظر الجيش الفرصة السياسية المناسبة لإلغائه، لكنه واصل في هذه الأثناء التعامل مع المجندين الجدد كأنهم ملزَمون بتأدية الخدمة لفترة كاملة.
  • التطور الثالث، وربما الأهم من بينها جميعاً، هو الفجوة العميقة التي كُشف النقاب عنها بين عرض عملية "حارس الأسوار" ضد حركة "حماس" في قطاع غزة في أيار/مايو الأخير وتصويره كإنجاز باهر، من جهة، وبين نتائجه المحدودة جداً على الصعيد الفعلي والاستراتيجي، من جهة ثانية. هذه الفجوة التي تظهر بوضوح هي أيضاً في استطلاعات الرأي المختلفة التي أُجريت فور انتهاء العملية؛ ما بين 22 و28 بالمئة فقط قالوا إن إسرائيل هي التي انتصرت. الصورة ذاتها كانت ارتسمت أيضاً في نتائج الاستطلاعات التي أُجريت في أعقاب حملة "السور الواقي" (في سنة 2014) و"حرب لبنان الثانية" (في سنة 2006).
  • ثمة قاسم مشترك بين جميع هذه التطورات: كل واحد منها - وجميعها معاً، أيضاً - يعكس فجوات متراكمة بين المزاج العام لدى الجمهور الواسع إزاء طرق إدارة الجيش وأدائه وبين الصورة التي يرى الجيش نفسه فيها أو يرسمها لنفسه. بل أكثر من هذا: ثمة ما يثير الشكوك فيها بشأن مدى وعي قادة الجيش للأهمية والحساسية البالغتين الكامنتين في العلاقات بين الجيش والمجتمع الإسرائيلي، بمختلف مركّباته. ذلك بأن المحافظة على مكانة الجيش الرمزية باعتباره "جيش الشعب"، على الرغم من أن نسبة المجندين فيه من مجمل الجمهور الإسرائيلي آخذة في التراجع والانخفاض باستمرار، هي القاعدة الأساسية للشرعية الاجتماعية التي يحظى بها.
  • ثقة الجمهور بالجيش، وخصوصاً في كل ما يتعلق باستخدامه القوة ومدى نجاحه في أنشطته العملانية، هي أحد المركّبات المفتاحية في قوته. فهي تتيح للجيش الحصول على الدعم الجماهيري، ليس في مجال رصد الموارد الهائلة اللازمة له وفي مجال استخدام قوته وممارستها فقط، وإنما في مجال تجنيد خيرة الشبان في صفوفه وتفعيلهم في ظروف قاسية جداً، إلى درجة تعريض حيواتهم للخطر. في ظل الظروف الاجتماعية - الثقافية السائدة في إسرائيل، يضطر الجيش الإسرائيلي إلى الاتكاء أيضاً على جاهزية المرشحين لتأدية الخدمة العسكرية للانخراط في صفوفه والتطوع في وحداته القتالية، إذ لم يعد في مقدوره الاعتماد فقط على قانون التجنيد الإجباري أو على الاستعداد القاعدي - الذي لا يزال قائماً - لتأدية الخدمة العسكرية انطلاقاً من قناعة المجندين بمدى الفائدة التي يجنونها من مجرد تأديتهم هذه الخدمة. كذلك هي الحال أيضاً بالنسبة إلى جنود الاحتياط الذين يؤدون الخدمة العسكرية تطوعاً. لهذا، من المهم والضروري تجسيد وتكريس الوعي الجماهيري العام بأن الجيش يعتمد على قاعدة واسعة ومتنوعة من الشرائح الاجتماعية تتيح له موضعة نفسه في مكانة تؤهله لأن يكون "جيش الشعب".
  • في هذا السياق، تزداد أهمية الظاهرة الآخذة في التعمق والاتساع على خلفية التدريج المهني للمجموعات المختلفة من المجندين الذين يؤدون الخدمة العسكرية في الجيش، والذي يستنسخ إلى حد كبير، بل يكرّس ويعزز مع مرور الوقت، التدريج الاجتماعي القائم في المجتمع الإسرائيلي وفي الدولة عموماً. فهذه الظاهرة تخلق، ثم تعمق، الشعور بالإحباط لدى الجنود الذين يخدمون في الوحدات الميدانية، ولا سيما حيال الأحداث المتكررة مؤخراً من الاحتكاك العنيف بالسكان الفلسطينيين (في الضفة الغربية وقطاع غزة)، على شاكلة الحادثة التي قُتل فيها جندي حرس الحدود شموئيلي. ومن شأن هذا الإحباط أن يقود إلى إحباط اجتماعي يعرّض الجيش لحملة انتقادات مدنية واسعة قد ترتدي طابعاً سياسياً - حزبياً مشحوناً بدرجة عالية.
  • يرسم معظم الاستطلاعات التي تُجرى داخل الجيش وخارجه صورة عامة مشجعة للغاية: لا يزال الجيش الإسرائيلي، كتنظيم مُقاتل، يحظى بمعدلات مرتفعة من الثقة والدعم (مع تغيرات طفيفة) تصل إلى 82 بالمئة من الجمهور اليهودي. وعلى الرغم من التراجع الطفيف في مستوى ثقة الجمهور بالجيش كمؤسسة جماهيرية عامة (من 93 بالمئة في سنة 2019)، إلاّ إنه لا يزال يتقدم كثيراً على المؤسسات العامة الأُخرى التي هبطت ثقة الجمهور بها بصورة دراماتيكية حقاً. ومع ذلك، يجب التمييز بين الثقة العامة وبين الثقة بالجيش كمؤسسة جماهيرية لدى قياس ثقة الجمهور بالجيش. والأخيرة هذه هي التي يطرأ الانخفاض فيها.
  • يمكن الافتراض أن المصدر الأساسي لمستوى الثقة المرتفعة بالجيش بين السكان اليهود يكمن في العلاقة القائمة في وعي الجمهور بين خوفه القاعدي على مجرد وجوده، حيال المخاطر والتهديدات الأمنية المختلفة، وبين اعتباره الجيش المدافع المركزي عن وجود دولة إسرائيل، الشعب اليهودي والمواطنين في الدولة. ومع ذلك، فإن ثقة الجمهور الكبيرة بالجيش ليست مضمونة مستقبلاً، إذ دلت استطلاعات الرأي الجديدة التي أُجريت مؤخراً، في سياق أزمة كورونا، على أن الجمهور يولي المخاطر المدنية أهمية أكبر من المخاطر الأمنية. ويظهر من مؤشر الأمن القومي (حزيران/يونيو 2021) أن أغلبية الجمهور تُبدي درجة عالية من القلق حيال التهديدات الداخلية تفوق درجة القلق حيال التهديدات الخارجية - الأمنية. أقلية ضئيلة جداً (5 بالمئة) فقط هي التي أبدت قلقاً أكبر حيال التهديدات الأمنية.
  • بينما يجري قياس موقف الجمهور بواسطة استطلاعات الرأي المختلفة، يبدو أن الأهمية الأكبر يجب أن تولى للعلامات التي قد تدل على تآكل أو تشكيك في مدى صدقية قيادة الجيش بين مَن يخدمون في صفوفه، وبصورة خاصة بين قيادات الدرجات الأدنى وجنود الاحتياط، بالإضافة إلى أولئك المقبلين على التجند في الجيش. يبدو أن جزءاً آخذاً في الازدياد من هذه المجموعة الأخيرة يبحث عن طرق وأسباب مختلفة للتملص من تأدية الخدمة العسكرية (بواسطة الإعفاء "على خلفية نفسية"، على سبيل المثال) ويحظى في ذلك بدعم تام من بيئته الاجتماعية.

ما الذي يمكن فعله لتعزيز ثقة الجمهور بالجيش؟

  • ينبغي للجيش اعتبار ثقة الجمهور به أحد الموارد الأساسية والحيوية المتاحة له، اعتبار نفسه مسؤولاً عن حفظ هذه الثقة وتعزيزها، وقائداً للجهد الإعلامي في هذا الشأن بين أوساط المجتمع الإسرائيلي المختلفة.
  • لذلك، يجدر بالجيش أن يُبرز ليس فقط الإنجازات والمهارات العملانية، وإنما أيضاً كونه مُصغياً وحساساً لوضع المجتمع الإسرائيلي وحاجاته، مدركاً حقيقة أن الموارد التي يحصل عليها من المجتمع - وفي مقدمتها المورد البشري - ليست مفهومة ضمناً، على الإطلاق.
  • يعمل الجيش الإسرائيلي على الدوام في ظل اعتبارات وتوازنات سياسية - حزبية، ولا سيما في الفترات التي يميزها عدم الاستقرار السياسي، كما هي الحال في الفترة الحالية. الطريقة الوحيدة لمواجهة هذا التحدي بصورة ناجعة هي في إبداء - بتقديم نماذج شخصية من جانب الصف القيادي -تحمّل المسؤولية، والتواضع، والصدق والصدقية.
  • ينبغي للجيش تبنّي توجّه إعلامي منفتح، مهني وشفاف بأقصى الدرجات الممكنة تجاه الجمهور الواسع. القيد الوحيد في هذا يجب أن يكون أمن المعلومات العسكرية فقط. يجب أن يكون الجمهور مطلعاً على المعلومات عن العمل الجاري، مبنى القوة في الجيش ورؤيته العامة بشأن كيفية استخدامها، بما في ذلك سياسة الجيش في مجال إدارة القوى البشرية، على الرغم من حساسيته.
  • يجب إعداد وعرض خطة محدَّثة لتطوير الموارد البشرية في الجيش للمدى البعيد، على قاعدة تحديد الإقرار بحاجات الجيش المتغيرة مع تفضيل ومكافأة المجموعات الحيوية في أنشطته العملانية. هذا كله ضمن جهد شامل من أجل تقليص الفجوات الاجتماعية الآخذة في الاتساع بين الجنود الذين يخدمون في الوحدات القتالية (التي تعايش الاحتكاك اليومي الدائم بالسكان الفلسطينيين) وبين الجنود الذين يخدمون في التشكيلات المتطورة، مثل الاستخبارات والتكنولوجيا.
  • ينبغي للجيش إظهار ما يجيد القيام به بصورة مرنة وإعادة فحص المنهجيات القائمة في الإدارة والأداء في مختلف قطاعات الخدمة العسكرية. بإمكان الجيش، على سبيل المثال، فحص واقتراح طرق لنقل موارد قائمة وتوظيفها في تعزيز قدرته على جذب جنود وضباط إلى الوظائف الحيوية، ولو على حساب المس المحدود بنظام مخصصات التقاعد القائم.
  • سيكون تطبيق هذه المقترحات أكثر ضرورة وإلحاحاً في المستقبل القريب، وبصورة خاصة إذا ما قلت حدة التهديدات الأمنية الخارجية وازدادت قوة المخاطر المدنية الداخلية. بإمكان هذه المقترحات المساهمة في تبديد الخوف من اتساع وتصاعُد النقد الجماهيري تجاه إدارة الجيش وأدائه في المجالات الاجتماعية - القيَمية، بل تفاقمه إلى هبوط جدي في ثقة الجمهور بالجيش.