مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
وقّع قائد المنطقة العسكرية الوسطى في الجيش الإسرائيلي اللواء يهودا فوكس الأسبوع الماضي أمراً عسكرياً يقضي بتصنيف 6 مؤسسات حقوقية فلسطينية في الضفة الغربية بأنها "إرهابية".
والمؤسسات الفلسطينية الست هي: مؤسسة "الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان"، و"الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فلسطين"، و"مؤسسة القانون من أجل حقوق الإنسان" (الحق)، و"اتحاد لجان العمل الزراعي"، و"اتحاد لجان المرأة العربية"، و"مركز بيسان للبحوث والإنماء".
وعلمت صحيفة "هآرتس" بأن الأمر العسكري الموقّع الأسبوع الماضي شمل 5 مؤسسات من أصل 6، وذلك لأنه سبق للسلطات العسكرية الإسرائيلية أن صنفت العام الماضي "اتحاد لجان العمل الزراعي" بأنها "منظمة إرهابية".
ويأتي توقيع قائد المنطقة العسكرية الوسطى بعد أن كان وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس وقّع يوم 22 تشرين الأول/أكتوبر الماضي أمراً صنّف من خلاله المؤسسات الست المذكورة بأنها "إرهابية"، وذلك بحجة أنها مرتبطة بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وأنها حصلت بين الأعوام 2014 و2021 على أكثر من 200 مليون يورو من عدة دول أوروبية.
الأمر العسكري الذي وقّعه قائد المنطقة الوسطى باعتبار المؤسسات الست "إرهابية" يعطي قوات الجيش الإسرائيلي الضوء الأخضر للتحرك الفوري ضد هذه المؤسسات واعتقال موظفيها للاشتباه في انتمائهم إلى "منظمة إرهابية"، بما في ذلك القيام بمداهمة مكاتبها ومصادرة محتوياتها.
شددت إسرائيل خلال اليومين الماضيين على معارضتها العلنية لخطة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الرامية إلى إعادة فتح قنصلية أميركية للفلسطينيين في القدس الشرقية، وقالت إسرائيل إن مثل هذه البعثة يجب أن تكون في الضفة الغربية.
وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت في سياق مؤتمر صحافي عقده في ديوان رئاسة الحكومة في القدس الليلة قبل الماضية مع وزيريْ المال والخارجية، أفيغدور ليبرمان ويائير لبيد، بشأن تمرير الميزانية العامة للدولة: "إن موقفي تجاه عرض الأميركيين أنه لا يوجد مكان لقنصلية أميركية تخدم الفلسطينيين في القدس. ونحن نعبّر عن رأينا بثبات وهدوء، ومن دون استعراض".
واقترح وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد في المؤتمر الصحافي نفسه إعادة فتح القنصلية في مقر الحكومة الفلسطينية في رام الله في الضفة الغربية، مؤكداً "إذا أرادت الولايات المتحدة فتح قنصلية في رام الله فليس لدينا أية مشكلة في ذلك".
ورفض الناطق بلسان رئاسة السلطة الفلسطينية نبيل أبو ردينة تصريحات لبيد.
وقال أبو ردينة في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام أمس (الأحد): "لن نقبل إلا أن تكون القنصلية الأميركية في القدس عاصمة الدولة الفلسطينية، وهذا ما أعلنته والتزمت به الإدارة الأميركية".
يُذكر أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قال الشهر الماضي إن الإدارة الأميركية ستمضي قدماً بعملية فتح قنصلية في إطار تعميق العلاقات مع الفلسطينيين، غير أن أحد كبار المسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية أكد في الوقت عينه أن رفض إسرائيل الخطة لا يزال عقبة في سبيل تحقيق ذلك.
وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب اتخذ قراراً بإغلاق القنصلية الأميركية في القدس الشرقية سنة 2018، وتضمن القرار نقل موظفي تلك القنصلية إلى السفارة الأميركية لدى إسرائيل، والتي نقلها هي الأُخرى في تلك السنة إلى القدس بعد أن كانت في تل أبيب.
أكد وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد أن إسرائيل أطلعت المسؤولين الأميركيين على آخر المستجدات قبل تحرُّكها لحظر ست مؤسسات حقوقية فلسطينية بحجة علاقتها بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وأضاف أنه تم أيضاً إخطار المسؤولين الأوروبيين بآخر التطورات المرتبطة بهذه الخطوة.
وأضاف لبيد في سياق المؤتمر الصحافي الذي عُقد بشأن تمرير الميزانية العامة للدولة في ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية الليلة قبل الماضية، بمشاركة رئيس الحكومة ووزير المال، أن مسؤولين في جهاز الأمن العام ["الشاباك"] توجهوا إلى واشنطن في الأسبوع الماضي لاطلاع المسؤولين الأميركيين على خطوة تصنيف المؤسسات الفلسطينية الست بأنها "إرهابية".
كما عقّب وزير الخارجية في المؤتمر الصحافي نفسه على قرار وزارة التجارة الأميركية وضع شركتيْ التجسس الإلكتروني الإسرائيليتينNSO وكانديرو ضمن القائمة السوداء.
وقال لبيد إن NSO هي شركة خاصة وليست مشروعاً حكومياً، وبالتالي حتى إذا تم تصنيفها بأنها تشارك في نشاطات إلكترونية غير سوية، فلا علاقة لها بسياسات الحكومة الإسرائيلية.
قال بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إن فلسطينيين قاموا عصر أول أمس (الجمعة) بأعمال شغب في أحد مفترقات الطرق القريبة من مستوطنة ألون موريه في منطقة السامرة [بالقرب من نابلس].
وأضاف البيان أن مثيري الشغب ألقوا الحجارة في اتجاه الجنود الذين ردوا باستخدام وسائل لتفريق التظاهرات والذخيرة الحية.
وأفادت مصادر فلسطينية بأن الفتى محمد دعبس (13 عاماً) قُتل بنيران الجنود خلال مواجهات اندلعت في قرية دير الحطب شرقي نابلس، كما أصيب 71 شخصاً في هذه المواجهات جرّاء استنشاق غاز مسيل للدموع، ووُصفت حالة معظمهم بأنها طفيفة.
أكد رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت أنه ملتزم باتفاق التناوب على رئاسة الحكومة مع وزير الخارجية يائير لبيد، وشدد على أن الحكومة الحالية ستُنهي ولايتها بالكامل.
وجاء تأكيد بينت هذا خلال مؤتمر صحافي عقده في ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية في القدس الليلة الماضية، وشارك فيه وزير الخارجية لبيد ووزير المال أفيغدور ليبرمان، وذلك بمناسبة تمرير الميزانية العامة للدولة لسنتيْ 2021 و2022 في الكنيست الأسبوع الفائت. وكان بعض وسائل الإعلام ذكر مؤخراً أن بينت أعرب عن شكوكه في أن يتم التناوب على رئاسة الحكومة.
من ناحية أُخرى كرر بينت رفضه إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، وأشار إلى أنه مع إقرار ميزانية الدولة لعامين تم إخراج إسرائيل من موضع عدم الاستقرار الذي استمر 3 أعوام وتوجيه السفينة إلى برّ الأمان. كما أشار إلى أن التحديات الكبيرة تكمن حالياً في التعامل مع أسعار السكن المرتفعة وغلاء المعيشة وتفاقُم الإجرام والفلتان، ولا سيما في جنوب إسرائيل.
وبدوره قال لبيد إنه يثق بأقوال رئيس الحكومة حيال تنفيذ اتفاق التناوب.
وكان الكنيست الإسرائيلي أقرّ فجر أول أمس (الجمعة) الميزانية العامة للدولة لسنة 2022 ليزيل بذلك العقبة الأخيرة أمام التشريع المعقد، وذلك بعد إقرار ميزانية 2021 في وقت مبكر من يوم الخميس، ومتوجاً بذلك نجاحاً كبيراً لائتلاف بينت الحاكم الذي يضم ثمانية أحزاب مختلفة أيديولوجياً. وكان الفشل في تمرير ميزانية 2021 قبل 14 تشرين الثاني/نوفمبر سيؤدي إلى حل الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة ستكون الخامسة في غضون أقل من 3 أعوام.
وقال بينت في المؤتمر الصحافي إنه من خلال تمرير الميزانية أكملت الحكومة العملية المعقدة لإخراج إسرائيل من حالة عدم الاستقرار التي استمرت 3 أعوام، وأكد أن الحكومة مستقرة وستُنهي مدتها.
وأضاف أن الائتلاف الحكومي أقر ميزانية تضمن الاستقرار السياسي والمالي، وحقيقة أن إسرائيل ليست في خضم جولة خامسة من الانتخابات هي نعمة وهبة عظيمة للدولة.
وتبلغ الميزانية العامة للدولة للسنة المقبلة (2022) 573 مليار شيكل (183 مليار دولار)، وتمت المصادقة عليها في الكنيست بالقراءتين الثانية والثالثة فجر أول أمس بأغلبية أصوات 59 عضو كنيست في مقابل معارضة 56 عضواً.
وكانت الميزانية العامة لسنة 2021 التي تم التصويت عليها يوم الخميس أكثر إلحاحاً بالنسبة إلى الائتلاف، لأن الفشل في تمريرها بحلول الموعد النهائي المحدد في 14 تشرين الثاني/نوفمبر الحالي كان سيعني الحل التلقائي للكنيست. وتمت المصادقة على الميزانية بأغلبية أصوات 61 عضو كنيست مقابل 59 عضواً، وذلك فجر يوم الخميس الفائت بعد جلسة استمرت طوال الليل. ويبلغ حجم ميزانية السنة الحالية (2021) 609 مليارات شيكل (194 مليار دولار) وهي أول ميزانية تقرها إسرائيل منذ سنة 2018 بسبب الجمود السياسي المطول الذي شهد سقوط حكومات متعاقبة قبل أن تتمكن من تقديم اقتراح الميزانية إلى الكنيست.
كما اعتُبر نجاح الائتلاف بمثابة رد على رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو الذي لم يتمكن، وأحياناً لم يرغب في تمرير ميزانية جديدة منذ سنة 2018 وسط حالة جمود سياسي، وتوقع أيضاً ألاّ يكون الائتلاف الحالي قادراً على إدارة البلاد بشكل فعال في ضوء الأيديولوجيات المتناقضة فيه.
وتتضمن الميزانية الجديدة مجموعة واسعة من الإصلاحات لخفض تكلفة المعيشة، وإصلاح القطاع الزراعي، ورفع سن التقاعد للمرأة، وتنفيذ تغييرات مصرفية، وزيادة ميزانية التعليم وتحسين الرعاية الصحية.
- بعد مرور نصف عام على عملية "حارس الأسوار"، نجحت "حماس" في استعادة كل الأرصدة التي خسرتها جرّاء المعركة التي بادرت إليها بعد انتهاكها بصورة واضحة التسوية التي كانت قائمة آنذاك في غزة. علاوة على ذلك، حصدت الحركة أيضاً إنجازات استراتيجية لم تكن لديها عشية المواجهة، وأخذت شكل خطوات مدنية غير مسبوقة دفعت بها إسرائيل قدماً مؤخراً في قطاع غزة، وعلى رأسها زيادة عدد العاملين في إسرائيل وإزالة الحواجز من أمام تصدير واستيراد البضائع. بهذه الطريقة عادت إسرائيل و"حماس" إلى الوضع الذي كان قائماً في 10 أيار/مايو، اليوم الذي بدأت فيه العملية؛ وبالتدريج، بدأ ينشأ واقع أفضل بالنسبة إلى يحيى السنوار.
- تتقدم هذه الخطوات من دون أن يُطلب من "حماس" التنازل في مسائل جوهرية، مثل قضية المفقودين، ومع استمرار تعاظُمها العسكري ونشاطها في الضفة الغربية، وبعد أن شجعت الحركة على احتكاكات عنيفة في قطاع غزة في نصف العام الأخير بلغت ذروتها في مقتل أحد حرس الحدود في هجوم على السياج الحدودي. عملياً، تواجه "حماس" طلباً واحداً فقط: المحافظة على الهدوء الأمني في قطاع غزة، ووجود مثل هذا الوضع فترة طويلة يثبت قدرة الحركة على السيطرة المطلقة على المنطقة.
- إن معظم الإنجازات التي حددتها إسرائيل مع انتهاء عملية "حارس الأسوار" لم تتحقق نظرياً وعملياً، باستثناء الهدوء الأمني، ومعظم التصريحات التي تتعلق بتغيير قواعد اللعبة تبددت، وعلى رأسها اشتراط الخطوات المدنية بتقدُّم المفاوضات في موضوع الأسرى والمفقودين. بالإضافة إلى ذلك، تبرز الصعوبة التي تواجهها إسرائيل في استيعاب بعض دروس" حارس الأسوار"، وفي طليعتها تعامُل "حماس" مع التسوية بصورة مرنة وغير ملزمة، وعدم ترددها عن خرقها بما يتلاءم مع مصالحها. بكلمات أُخرى، كشفت عملية "حارس الأسوار" إلى حد بعيد تقويض نظرية التهدئة التي خرقتها "حماس" من دون أن يسبق ذلك تدهور أمني في القطاع، بينما كانت ذريعة الهجوم ما جرى في القدس.
- التسوية الآخذة في الارتسام يمكن أن تقلص قدرة إسرائيل على القيام بتغييرات عميقة في الواقع في قطاع غزة زمناً طويلاً: تواصل "حماس" سيطرتها على المنطقة، وتزداد هذه السيطرة قوة بسبب تحسُّن الوضع الاقتصادي؛ في المقابل، يتقلص تأثير السلطة الفلسطينية في قطاع غزة، وبالتدريج تتضاءل فرص عودتها من جديد كي تكون المسيطِرة على القطاع في المدى المنظور (نتيجة عدم قدرة أو رغبة أبو مازن)؛ وتستمر قطر في لعب دور أساسي ومركزي في القطاع، في الأساس بواسطة المساعدة المدنية التي تقدمها. بالاستناد إلى هذه التوجهات، يتضاءل بالتدريج احتمال وقوع تطورات تؤدي إلى استبدال حكم "حماس"، سواء من خلال إعادة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، أم جرّاء نشوب "ربيع غزّي" يقوض حكم الحركة.
- الدفع قدماً بالتسوية الحالية من دون تنازلات جوهرية من طرف "حماس" يمكن أن يضر بقوة الردع الإسرائيلية إزاء الحركة. يفهم السنوار السياسة الإسرائيلية كدليل على تمسُّكها بالتهدئة الأمنية في غزة رغبةً منها في التركيز على مشكلات أُخرى (الكورونا، والاقتصاد، وإيران) وبسبب التركيبة الهشة للحكومة الحالية. في الوضع الراهن يقدّر السنوار أن مبادرة إسرائيل إلى هجمات فرصها ضئيلة، ويمكن أيضاً أن يدرس في ظروف ملائمة العودة إلى المبادرة إلى شن معركة ضد إسرائيل-على سبيل المثال، بعد حدوث توترات في القدس والضفة الغربية، أو داخل المجتمع العربي في إسرائيل - وذلك انطلاقاً من الاعتقاد أنه لن يتكبد ثمناً باهظاً في سيناريو من هذا النوع.
- التسوية تمنح إسرائيل إمكان ترسيخ تهدئة في المدى القصير، لكنها تنطوي على احتمال تعاظُم التهديدات الأمنية في المدى البعيد. يقلص الواقع الناشىء، بالتدريج، من قدرة إسرائيل على المبادرة إلى شن عمليات هجومية بسبب التدخل العميق للاعبين خارجيين في التسوية الحالية، بينهم مصر وقطر والأمم المتحدة، وهو ما يتيح لـ"حماس" ترسيخ مكانتها في المنظومة الفلسطينية (وفي ضوء فرص الحركة في "اليوم التالي" لرئاسة أبو مازن)، وتطوير قوة عسكرية في مواجهة المعارك المستقبلية ضد إسرائيل.
- التسوية الناشئة حالياً تكشف بوضوح كبير قبول إسرائيل اليوم لـ"حماس" كأمر واقع في المدى البعيد، بصورة تشبه إلى حد بعيد قبول وجود حزب الله على الجبهة الشمالية. أكثر من ذلك قبول التسوية يُظهر الحقيقة المُرة بأن إسرائيل لا تملك بدائل استراتيجية حقيقية فيما يتعلق بقطاع غزة. نظراً إلى أن إسقاط حكم "حماس" وإعادة احتلال القطاع من جديد غير مطروحيْن بجدية، وفي ضوء حقيقة عدم واقعية أفكار، مثل نزع السلاح من غزة ونشر قوات دولية في المنطقة، ليس أمام إسرائيل سوى الاختيار بين اشتباكات مستمرة معناها عدم الهدوء الأمني، وخصوصاً بالنسبة إلى سكان غلاف غزة، وبين تسوية طويلة الأجل تستغلها "حماس" لزيادة قوتها العسكرية في مواجهة معارك مستقبلية.
- على الرغم من التقدم السريع في التسوية، فإن ما يجري ليس مساراً نهائياً، بل هو تحرك تستطيع إسرائيل التأثير في تحديد صورته النهائية. ضمن هذا الإطار، يجب أن تصر على ربط استمرار المضي قدماً بالخطوات المدنية – في الأساس زيادة عدد العاملين في إسرائيل ودفع الرواتب إلى موظفي "حماس" بتمويل قطري - بتلبية مطالبها، وعلى رأسها إحراز التقدم في مسألة الأسرى والمفقودين. ليس من المستبعد أن مثل هذه السياسة سيثير مجدداً الاحتكاكات بين الطرفين، لكن هذا الأمر جوهري لتعزيز صورة إسرائيل التي تآكلت في الأشهر الأخيرة، في نظر "حماس".
- في نظرة أكثر عمقاً، تجسد التسوية في غزة عدم وجود استراتيجيا إسرائيلية في الموضوع الفلسطيني - سواء بسبب عدم وجود إرادة أو قدرة - والثمن الباهظ الذي تكبدته إسرائيل حتى اليوم، والذي ستتكبده في المستقبل بسبب ذلك. تحاول إسرائيل التغطية على عدم الحسم بواسطة الدفع قدماً بـ"سلام اقتصادي" من المفترض أن يؤمن تهدئة في المدى القصير، لكنه ينطوي على أضرار بعيدة المدى: في حالة قطاع غزة، تحوُّل "حماس" إلى أمر واقع وتهديد متزايد، وفي الضفة الغربية، السير المستمر غير الواعي وغير المخطط له، أو المرغوب فيه، نحو واقع الدولة الواحدة.
- في تظاهرات اليمين في ساحة هبيما في الأسبوع الماضي، خلال نقاش ميزانية الحكومة في الكنيست، ركّز المتظاهرون على دور حزب راعام في الائتلاف الحكومي. أحد الشبان المشاركين في التظاهرة قال للتلفزيون: "أنا هنا بسبب الحركة الإسلامية. ليس لدي مشكلة مع وجود راعام في الحكومة، لكنها تحولت الآن إلى بيضة القبان". عضو الكنيست فطين مُلا، من الليكود، ذهب أبعد من ذلك، إذ قال إن عباس" يأخذ مالاً ويقتل جنودنا".
- لوهلة بدا كأن عجلة الزمن عادت إلى الوراء، إلى أيام أوسلو في التسعينيات. رئيس المعارضة حينها بنيامين نتنياهو شنّ حملة، معتمداً على الشعور بالاضطهاد التاريخي للشعب اليهودي، وأن كل جيل يواجه خطر الإبادة. كان الأعداء حينها ياسر عرفات وشركاؤه من شعبنا، يتسحاق رابين وشمعون بيرس.
- في ذروة المعارضة اجتمع عشرات الآلاف للتظاهر في ساحة صهيون في القدس، حملوا صور ياسر عرفات ورابين في لباس الـSS، كأنهما يعملان معاً على تدمير إسرائيل. بعد اغتيال رابين، وفي البث التلفزيوني لانتخابات 1996، عُرضت صور عرفات ورابين يمسكان بيدي بعضهما البعض، وكُتب: "هذا المزيج يشكل خطراً على إسرائيل."
- في تظاهرة الأسبوع الماضي في ساحة هبيما حضرت عدة آلاف فقط، بحسب التقارير، لكن قيادة الليكود وظفت جهداً كبيراً في التنظيم. كلمات الخطباء كانت حماسية، لكن بحسب وصف ناحوم برنيع في "يديعوت أحرونوت"، كانت التظاهرة إحدى "أكثر التظاهرات انضباطاً في الأعوام الأخيرة". في السنة الأخيرة يبدو أن الآية انقلبت: متظاهرو ساحة بلفور [المعارضون لنتنياهو] أصبحوا يشبهون متظاهري الليكود الصاخبين، بينما متظاهرو ساحة هبيما تصرفوا مثل قدامى حزب مباي في الماضي. غياب الحماسة في اليمين عطّل محاولة تحويل مشاركة راعام في الائتلاف إلى أداة لمنع إقرار الميزانية وإسقاط الحكومة.
- لماذا حدث ذلك؟ لا يكفي التفسير بأن نتنياهو هو الذي ساعد في شرعنة حزب راعام من خلال المفاوضات التي أجراها معه بنفسه. هذا ادعاء عقلاني، بينما الدعاية السياسية تعتمد في الأساس على المشاعر. من المحتمل ربط فشل إخراج الجماهير إلى الشوارع بسبب آخر. ببساطة، لم ينجح اليمين في تسويق منصور عباس كتوأم لياسر عرفات.
- عباس الذي يرأس الجناح السياسي في الحركة الإسلامية لا يتلاءم مع هذا الوصف. ينتمي راعام إلى الأحزاب العربية الأكثر تشدداً، والذي رُفض أكثر من مرة في الانتخابات المركزية بحجة رفضه الطابع اليهودي الديمقراطي لدولة إسرائيل. المحكمة العليا رفضت هذه القرارات بحجج قانونية، لكن الموقف العام من هذا الحزب بقي على حاله.
- غيّر حزب راعام استراتيجيته خلال سلسلة المعارك الانتخابية التي جرت بين سنتيْ 2019 و2020، ومشاركته في الائتلاف جرت بسبب تصريح الحزب بأنه لن يهتم في هذه المرحلة بالقضايا السياسية، بل بالموضوعات المدنية فقط. لكن اليمين ينشر، من دون هوادة، تصريحات وصور أفراد من حزب راعام تربطهم بـ"حماس"، الأمر الذي أدى إلى الربط الطبيعي الذي أجراه عضو الكنيست فطين بأن المليارات المخصصة للمجتمع العربي في ميزانية الدولة ستخدم الإرهاب في النهاية.
- لكن الدعاية لا تعتمد فقط على وجهات نظر، بل تعتمد أيضاً على أدلة ملموسة. لقد نجح عضو الكنيست عباس في لجم هجمات اليمين بفضل حضوره التلفزيوني الذي ظهر خلاله كشخص لطيف. في المقابلات معه كان في الإمكان رؤية ارتياحه والطريقة التي نجح من خلالها في الرد على الأسئلة الصعبة بابتسامة خجولة.
- ... لم ينجح اليمين في دفع أحد من حزب يمينا ومن حزب مستقبل جديد إلى معارضة الميزانية (باستثناء عميحاي شيكلي)، ولو حدث ذلك لسقطت الحكومة. من أجل تحقيق هذا الهدف كان ينبغي إغراق الشوارع بالمتظاهرين الغاضبين كما جرى في التسعينيات. هذا الأمر كان بحاجة إلى عرفات، وليس إلى منصور عباس.