مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
يائير لبيد التقى الوزير الفلسطيني للشؤون المدنية حسين الشيخ
تخوُّف في إسرائيل من أن تؤدي الدوريات الجوية الروسية - السورية المشتركة إلى تقليص هجمات سلاح الجو الإسرائيلي في سورية
التقرير السنوي لمعهد دراسات الأمن القومي: 3 تهديدات مركزية تهدد أمن إسرائيل
مقالات وتحليلات
حان الوقت لاستراتيجيا مختلفة
بين الهيمنة الإيرانية والإرباك الأميركي
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"يديعوت أحرونوت"، 24/1/2022
يائير لبيد التقى الوزير الفلسطيني للشؤون المدنية حسين الشيخ

التقى وزير الخارجية يائير لبيد يوم الأحد في إسرائيل الوزير الفلسطيني للشؤون المدنية حسين الشيخ المقرب من أبو مازن والمسؤول عن التنسيق المدني مع إسرائيل.

وغرّد الشيخ على حسابه على تويتر بعد اللقاء بأنه تحدث مع لبيد عن موضوعات سياسية وثنائية، وأنه شدد على الحاجة إلى إيجاد أفق سياسي بين الطرفين، بالاستناد إلى الشرعية الدولية. ويأتي هذا الاجتماع بعد بضعة أسابيع من اجتماع لبيد برئيس الاستخبارات العامة الفلسطينية ماجد فرج.

يُعتبر حسين الشيخ اليوم إحدى أقوى الشخصيات في القيادة الفلسطينية، وأحد الورثة المحتملين لأبو مازن. فمنذ وفاة صائب عريقات تحوّل الشيخ إلى الممثل المركزي للسلطة الفلسطينية، والذي يدير علاقاتها الدولية مع كبار المسؤولين في العالم، وخصوصاً مع الغرب. وهو يحظى بدعم أبو مازن الذي عيّنه قبل أيام ممثلاً لحركة "فتح" في منظمة التحرير الفلسطينية.

"يديعوت أحرونوت"، 24/1/2022
تخوُّف في إسرائيل من أن تؤدي الدوريات الجوية الروسية - السورية المشتركة إلى تقليص هجمات سلاح الجو الإسرائيلي في سورية

أعربت إسرائيل عن قلقها في أعقاب البيان الروسي - السوري المشترك الذي صدر صباح الاثنين بشأن بدء تنفيذ دوريات جوية مشتركة في الأجواء السورية. وتساءلت القيادتان السياسية والأمنية في إسرائيل عن السبب الذي دفع الروس إلى تغيير سياستهم غير المعلنة إزاء إسرائيل، والتي سمحت حتى الآن لسلاح الجو الإسرائيلي بالعمل بحُرية ضد التمركز العسكري الإيراني في سورية وزيادة هجماته في الأشهر الأخيرة بهدف لجم خطة فيلق القدس الرامية إلى إقامة "حزب الله 2" في الأراضي السورية.

وكان البيان الروسي - السوري المشترك ذكر أن طيارين روس وسوريين بدأوا بتنفيذ دوريات جوية مشتركة في منطقة هضبة الجولان وعلى طول نهر الفرات في شمال سورية. وأشار البيان أيضاً إلى أن الطيارين الروس انطلقوا من قاعدة حميميم الجوية، بينما انطلق الطيارون السوريون من قاعدة جوية سورية تقع خارج دمشق. وذكرت وزارة الدفاع الروسية أن هذه الدوريات تشمل طائرات من طراز Su-34 وSu-35 وطائرات الردع والمراقبة المتطورة من طراز A-50 وطائرات ميغ-23 وميغ-29 سورية.

قد يكون من بين أسباب هذا التحرك الروسي تقدير الروس أن أحوال الطقس قد تسمح بهجوم إسرائيلي جديد قبل وصول عاصفة أُخرى وأرادوا إفشاله. ومعنى هذا أن الروس يشعرون بأن إسرائيل بالغت في هجماتها على سورية، على الرغم من المصلحة المشتركة لكل من القدس وموسكو في إخراج الإيرانيين من سورية.

ثمة سبب آخر أكثر أهمية هو التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا وزيادة المخاوف من عملية عسكرية روسية في وقت قريب في أوكرانيا، إذ من المحتمل أن يكون الروس يريدون التلميح إلى الأميركيين بوجود ساحة تحرُّك إضافية في الشرق الأوسط والتقدير أن هذا التلميح موجّه إلى الضغط على إسرائيل ودفعها إلى التحرك إزاء الأميركيين.

الاختبار الحقيقي الآن بالنسبة إلى إسرائيل هو هل ما يجري هو تلميح في اللعبة الدائرة بين الدولتين الكبيرتين وسوف ينتهي، أم أن روسيا ستفرض قيوداً على عمليات سلاح الجو الإسرائيلي ضد الإيرانيين في سورية. من المعروف أن هناك آلية تنسيق بين روسيا وإسرائيل، وحتى اليوم لم يستخدم الروس منظوماتهم المضادة للطيران ضد طائرات سلاح الجو الإسرائيلي، بل فقط المنظومات الدفاعية التابعة للجيش السوري. ومثل هذا التغيير سيقيد حرية عمل سلاح الجو وسيشكل تطوراً دراماتيكياً بالنسبة إلى إسرائيل.

 في هذه الأثناء تجري اتصالات على المستوى الأمني بين ضباط من الجيش الإسرائيلي وضباط روس بهدف التوصل إلى تهدئة الأجواء. ومن المحتمل عند انتهاء المحادثات، حتى لو لم تعلن إسرائيل ذلك، فإنها ستقلص هجماتها في سورية حتى يهدأ الغضب.

ورأى المراسل العسكري طال ليف رام في "معاريف" (25/1/2022) أن ما يُقلق المؤسسة الأمنية في إسرائيل ليس فقط تحليق طائرات عسكرية روسية - سورية فوق المجال الجوي على الحدود الإسرائيلية – السورية، بل هناك تخوف من أن يؤدي الغزو الروسي لأوكرانيا وتصاعُد النزاع الأميركي - الروسي إلى التأثير في المفاوضات بشأن الاتفاق النووي مع إيران. إذ على الرغم من الفجوات في المواقف بين الروس والأميركيين، فإن الطرفين كانا متفقين نسبياً على البرنامج النووي في إيران. والتخوف هو في حال حدوث غزو روسي لأوكرانيا من أن يتراجع الاهتمام بالموضوع النووي الإيراني والتأثير السلبي للتوتر الأميركي -الروسي في مصالح إسرائيل في مواجهتها مع إيران.

 

"هآرتس"، 24/1/2022
التقرير السنوي لمعهد دراسات الأمن القومي: 3 تهديدات مركزية تهدد أمن إسرائيل

أشار التقرير السنوي الصادر عن معهد دراسات الأمن القومي إلى 3 تهديدات مركزية تواجهها إسرائيل: التطورات الداخلية في إسرائيل، والساحة الإيرانية، والساحة الفلسطينية.

بالنسبة إلى الساحة الإيرانية، رأى التقرير أن التهديد الخارجي الأكثر خطراً على إسرائيل هو سعي إيران للحصول على قدرة نووية. وفي تقدير باحثي المعهد أن لدى إيران "كل القدرات المطلوبة للوصول إلى صنع قنبلة نووية خلال فترة زمنية لا تتعدى الأسابيع".

وأشار التقرير إلى أن إيران لم تتخلّ عن محاولاتها التمركز في سورية ولبنان واليمن، وتهديد إسرائيل بواسطة الصواريخ الدقيقة التي تزود بها حزب الله في لبنان ووكلاءها في سورية، بالإضافة إلى مئات الآلاف من الصواريخ التي نشرتها إيران في لبنان وسورية والعراق ودول أُخرى في المنطقة؛ فهي تعمل على تسليح وكلائها بآلاف المسيّرات القادرة على التسلل إلى إسرائيل من كل الجبهات.

فيما يتعلق بالساحة الفلسطينية، ذكر التقرير أنها ليست ساحة ثانوية يمكن احتواؤها بأوهام من نوع تقليص النزاع. ورأى أن "غياب حل للنزاع الفلسطيني-الإسرائيلي يضع إسرائيل في مواجهة تهديد خطِر يتعلق بهويتها كدولة يهودية وديمقراطية". وفي تقدير المعهد أن الوضع في الضفة الغربية على حافة الغليان بسبب ضعف السلطة الفلسطينية وتوحُّد الفصائل ضدها. كما حذّر التقرير من أن عنف المستوطنين اليهود ضد الفلسطينيين ونشطاء اليسار، والحديث عن ضم الضفة الغربية، واستمرار البناء في المستوطنات، ستكون له تداعياته على الساحة الدولية، وسيؤدي إلى ازدياد الانتقادات الموجهة إلى إسرائيل واتهامها بالعمل فعلياً على إحباط فرص تحقيق حل الدولتين لشعبين، كما سيزيد في خطر ملاحقتها قضائياً وتصنيفها كدولة أبرتهايد.

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"الموقع الإلكتروني للمعهد"، 20/1/2022
حان الوقت لاستراتيجيا مختلفة
باحثون من معهد السياسة والاستراتيجيا في مركز هرتسليا برئاسة عاموس جلعاد
  • الوضع الاستراتيجي المتغير يتطلب مبادرة سياسية – أمنية تقدم جواباً عن التهديدات والفرص التي تنطوي عليها. تتمتع إسرائيل باستقرار أمني واقتصادي، ولديها تحالف استراتيجي مع الولايات المتحدة، وتقيم تعاوناً استراتيجياً مع دول سُنّية ضمن إطار "اتفاقات أبراهام"، وتمتاز بتفوق عسكري واضح على خصومها الإقليميين. مع ذلك، فإن الاستراتيجيا الإيرانية العامة التي تسعى بدأب وثبات في العامين الأخيرين لتعزيز هيمنتها الإقليمية من خلال استخدام القوة وحشر الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين، بالإضافة إلى تطوير قدرات تكنولوجية نووية، هذه الاستراتيجيا تنجح في ترسيخ ردع فعال في مواجهة المعسكر السُّني، وتطرح تحدياً أمنياً لإسرائيل متعدد الأبعاد وطويل الأجل. المطلوب من إسرائيل بلورة استراتيجيا شاملة لكبح إيران في المنطقة، ومنعها من الحصول على قدرة كي تصبح دولة على عتبة النووي، من خلال تعزيز التعاون الاستراتيجي مع الولايات المتحدة ودول المنطقة.
  • جولة المحادثات الحالية في فيينا تقترب من مرحلة الحسم، على الرغم من الفجوات الجوهرية التي بقيت بين الأطراف. وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن أشار في الأسبوع الماضي إلى أنه بقي وقت قصير جداً، عدة أسابيع لا أكثر، لاتخاذ قرار بالعودة إلى الاتفاق النووي، في تقديره، لأن إيران تقترب من النقطة التي تستطيع فيها إنتاج ما يكفي من مواد مخصبة والقفز إلى سلاح نووي. وحذّر بلينكن من أن الولايات المتحدة ستكون مستعدة لفحص خيارات أُخرى إذا فشلت المفاوضات.
  • في المقابل، تدير إيران استراتيجية المماطلة في إدارة مفاوضات فيينا وتطالب بإلغاء نظام العقوبات التي تتجاوز ما هو محدد في الاتفاق الأصلي، ومنع استخدام العقوبات ضدها مستقبلاً، وتحصين مراكز الطرد المركزي المتقدمة، لا تفكيكها...
  • في الموازاة، تستخدم إيران ضغوطاً على الولايات المتحدة بواسطة إطلاق صواريخ ومسيّرات انتحارية من طرف وكلائها والميليشيات الشيعية ضد أهداف أميركية في سورية والعراق. وفي حادثة هي الأخطر من نوعها حتى الآن، وضمن سلسلة هجمات وقعت بمناسبة الذكرى السنوية لاغتيال قاسم سليماني (3 كانون الثاني/يناير) أُطلقت 4 صواريخ على السفارة الأميركية في بغداد في "المنطقة الخضراء". صحيح أن القصف لم يؤدّ إلى سقوط إصابات، لكنه يجسد الجرأة المتزايدة لدى إيران على استخدام القوة ضد الولايات المتحدة. أدى الهجوم إلى توجيه البنتاغون تحذيراً شديداً إلى إيران من أن الولايات المتحدة ستردّ إذا استمرت الهجمات.
  • مع ذلك، الردع الأميركي في المنطقة ضعف، وعدم وجود رد أميركي حتى الآن ناجم عن رغبة الولايات المتحدة في التقدم في المحادثات النووية والامتناع من الانجرار إلى معركة مباشرة ضد إيران، كل ذلك يشجع وكلاء إيران على استخدام القوة ضد الولايات المتحدة وحلفائها. ضمن هذا الإطار شهدت الحرب في اليمن تصعيداً في الأسابيع الأخيرة جرّاء إطلاق الحوثيين صواريخ باليستية على الأراضي السعودية (في 25 كانون الأول/ديسمبر)، وخطف سفينة إماراتية في البحر الأحمر (3 كانون الثاني/يناير)، وهجوم بالمسيّرات على مطار أبو ظبي الدولي والمنطقة الصناعية هناك (17 كانون الثاني/يناير)، والذي تسبب بمقتل 3 عمال أجانب وجرح ستة آخرين.

......

  • على الصعيد المحلي، تشكل المسألة الفلسطينية مكوناً يمكن أن يزعزع الاستراتيجيا الإسرائيلية في المنطقة وإزاء الولايات المتحدة. غياب استراتيجيا شاملة والرغبة الإسرائيلية في "تقليص" النزاع وإدارته من دون أفق سياسي، وهو ما يخلق شعوراً باستقرار وهمي، في ضوء ازدياد النشاطات الاقتصادية - المدنية من جهة، وعمليات "جز العشب" العسكرية من جهة أُخرى. هشاشة السلطة الفلسطينية أيضاً، في ضوء ازدياد النقاش بشأن "اليوم التالي" لأبو مازن، واستمرار مساعي "حماس" لتأجيج الأجواء في الضفة الغربية والقدس، وفي المجتمع العربي، يزيد في الاحتكاكات العنيفة في المنظومة الفلسطينية، ويمكن أن يضر بالاهتمام بالمسألة الإيرانية والتركيز عليها.
  • عملياً، تحاول "حماس" تأسيس معادلة عمل جديدة في مواجهة إسرائيل بعد عملية "حارس الأسوار". فهي من جهة تضع "خطوطاً حمراء" قد تتسبب بخرق "حماس" التهدئة (القدس والأسرى، والآن الاضطرابات في النقب)، وتبلور سردية نضالية وطنية فلسطينية ضد إسرائيل (تخدم زعامتها في "اليوم التالي")، وفي المقابل، هي تدفع قدماً بتسوية في غزة تؤدي إلى ترسيخ سلطتها. غياب استراتيجيا إسرائيلية شاملة، سواء في غزة أم في الضفة الغربية، تتمحور حول أفق سياسي يحصّن مكانة السلطة الفلسطينية ونظرية الانفصال، من خلال الاستمرار في "دينامية الجولات"، ويخدم "حماس" التي تحاول ترسيخ زعامتها الوطنية في الساحة الفلسطينية.

توصيات

  • ابرام اتفاق نووي من جديد بين الدول الكبرى وبين إيران يمكن أن يترك في متناول إيران القدرة والمعلومات التكنولوجية المتقدمة، بالإضافة إلى تعزيز الاقتصاد المحلي جرّاء رفع العقوبات وزيادة التجارة مع دول المنطقة والمنظومة الدولية. في سيناريو من هذا النوع، قدرة إسرائيل على العمل ستكون محدودة في مواجهة ضغط المجتمع الدولي، وخصوصاً الولايات المتحدة، للمحافظة على الاتفاق المبرم ومنع زعزعة الاستقرار الإقليمي. يتعين على إسرائيل بلورة سياسات متشابكة تعمل في إطارها على توثيق التحالف الاستراتيجي مع واشنطن وزيادة محور التعاون والتنسيق العسكري والاستخباراتي، إلى جانب بناء قوة مستقلة تسمح لها بالقيام بعملية مستقلة إذا تجاوزت إيران الخطوط الحمراء في الموضوع النووي.
  • لاحقاً، سيؤدي استئناف الاتفاق النووي، بمعقولية كبيرة، إلى سباق على السلاح التقليدي في كل دول المنطقة للتزود بصواريخ غربية وروسية وصينية متقدمة. يجب على إسرائيل بلورة سياسة متوازنة تقوم في إطارها بتعميق تعاونها الأمني - العسكري مع دول الخليج ومصر والأردن من أجل لجم النفوذ والمساعي التآمرية الإيرانية الإقليمية، بالإضافة إلى المحافظة على التفوق النوعي للجيش الإسرائيلي.
  • يتعين على السياسة الإسرائيلية التحرك وسط مصالح متعارضة، وخلق مساحة مرنة تتيح التقدم في التعاون الإقليمي، مع المحافظة على القوة التكنولوجية والبشرية الخاصة. إن التآكل في التفوق النوعي للجيش الإسرائيلي من خلال انزلاق التكنولوجيا المتقدمة والقوة البشرية وأساليب العمل الخاصة يعرّض أمن إسرائيل للخطر في المدى البعيد، على الرغم من المزايا الناجمة عن المواجهة مع إيران في المدى القصير.
  • يجب على إسرائيل استغلال الفرص الكامنة في الدينامية الإقليمية لتعزيز أهدافها الاستراتيجية، وفي طليعتها إخراج إيران من سورية ولبنان، وتقليص تهديد النيران الدقيقة لإسرائيل، ومنع إيران من الوصول إلى عتبة النووي. في هذا الإطار، مثلاً توسيع المعركة بين الحروب في سورية ضد أهداف إيرانية (العصا)، بالإضافة إلى الاستعداد للاعتراف بنظام الأسد والدفع قدماً بإعادة إعمار سورية من خلال تنسيق أمني - سياسي مع الدول العربية وروسيا (الجزرة) يمكن أن يشكل استراتيجيا ناجعة لتقليص النفوذ الإيراني في سورية.
  • يجب على إسرائيل مواصلة ترسيخ التعاون الأمني والمساعدة المدنية-الاقتصادية لتعزيز حكم السلطة ولجم "حماس" على الأرض وزيادة الردع إزاءها. فيما يتعلق بالتوترات في النقب، يتعين على إسرائيل الإشارة بصورة واضحة إلى "حماس" بأن استمرارها في تأجيج الأجواء وسط مواطني إسرائيل من العرب غير مقبول، وستدفع الحركة ثمنه، في الأساس من خلال فرض قيود على الخطوات الإسرائيلية الواسعة النطاق التي تدفع بها إسرائيل قدماً في القطاع. في نظرة بعيدة المدى، يجب على إسرائيل بلورة استراتيجيا شاملة تشمل أفقاً سياسياً لتحقيق عقيدة الفصل ولجم العملية الزاحفة للسير نحو "الدولة الواحدة"، ومنع أزمة علاقات مع واشنطن.

 

"يسرائيل هَيوم"، 24/1/2022
بين الهيمنة الإيرانية والإرباك الأميركي
دان شيفتان - رئيس البرنامج الدولي للأمن القومي في جامعة حيفا ومحاضر في جامعة تل أبيب
  • في اليمن البعيدة عن العين وعن القلب تدور حرب وحشية، لمسارها ونتائجها تداعيات إقليمية تستوجب اهتماماً استراتيجياً. لقد زودت إيران وكلاءها بالمال والتدريب (بواسطة حزب الله)، وبأدوات استراتيجية، للوصول إلى نتائجها تتخطى الأهداف داخل حدود اليمن: تحقيق هيمنة لإيران بسبب هشاشة الدول العربية، والمساهمة بصورة كبيرة في انهيار الدول التي تنشط فيها إيران أو وكلاؤها. بالإضافة إلى الضرر التاريخي الذي لحق بالاستقرار في المنطقة، فإن عدم فهم الولايات المتحدة وحماقة سياستها في الشرق الأوسط يفاقمان حدة المشكلة. كل هذا يجب أن يثير قلق إسرائيل.
  • الهيمنة لا تعني تنصيب حكام إيرانيين في عواصم المنطقة، أو وكلاء يخضعون خضوعاً مطلقاً للملالي في طهران. فلدى نصر الله اعتبارات وقيود لبنانية واضحة، وهو لا يتحرك دائماً بحسب أوامر الحرس الثوري ووفق الجدول الزمني الملائم لإيران. وعلى الرغم من أن إيران تفضل حالياً إظهار تحسُّن في العلاقات مع السعودية والإمارات، فإن الحوثيين هاجموا في الأيام الأخيرة أبو ظبي ومطارها بالصواريخ، وأصابوا صهاريج نفط، وسيطروا على سفينة ترفع علم الإمارات. هذا هو رد الحوثيين على مساهمة الإمارات من خلال تمويل 50 ألف مقاتل من الميليشيات، وإفشال جهودها للسيطرة على المحافظات الغنية بالنفط في اليمن.
  • الهيمنة الإيرانية تتحقق عملياً عندما يهاجم حزب الله والحوثيون والميليشيات الإيرانية في العراق وسورية، ويردعون ويستنزفون موارد، ويحرجون أعداء إيران - الولايات المتحدة، وإسرائيل، والسعودية، والإمارات، والبحرين. هؤلاء الوكلاء يتسببون بأذى استراتيجي كبير جداً لخصوم إيران في مقابل استثمار إيراني ضئيل نسبياً. تطبيق هذا النموذج من الهيمنة على دول أُخرى أساسية في المنطقة، الضئيل التكلفة والكبير الفائدة، سيكون له تداعيات بعيدة المدى على موازين القوى، ويشكل خطراً وجودياً على إسرائيل، ويدمر مكانة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ويعرّض أوروبا لمخاطر كبيرة.
  • انهيار الدول العربية يتسارع بسبب التدخل الإيراني، حتى في الحالات التي لها سياقات أُخرى. حتى بعد الأزمة الصعبة خلال الحرب الأهلية في لبنان في السبعينيات، كان هذا البلد لا يزال يعج بالأمل، الآن يبدو أن هذه الآمال تلاشت. كما سبق أن عرفت اليمن حرباً أهلية، لكن حجم المعاناة والدمار هذه المرة غير مسبوق.
  • في ضوء التدخل العميق للدول الأجنبية، ثمة شك في أن انهيار الحكم في شمال اليمن سيؤدي إلى إنهاء الحرب بتسوية ثابتة بين الحوثيين والانفصاليين. ما يجري في العراق ليس فقط سعي الميليشيات الإيرانية لإلغاء نتائج الانتخابات من خلال محاولة اغتيال رئيس الحكومة المنتخب، بل أيضاً انقسام الميليشيات بشأن مسألة الانصياع إلى الحرس الثوري. في سورية، بالإضافة إلى تحدي إعادة إعمار سورية، هناك خطر مواجهة مدمرة مع إسرائيل بسبب التدخل الإيراني.
  • فوق هذا كله تحوم حماقة الولايات المتحدة وضعفها، وهي التي تحاول التصالح مع عدوها على حساب حلفائها الإقليميين، من خلال الملاحقة المثيرة للشفقة لإيران، ومن خلال إزالة الحوثيين من قائمة التنظيمات الإرهابية، ووقف المساعدة بالسلاح الهجومي للسعودية، وقبولها هجوم الميليشيات الإيرانية على قاعدة أميركية رداً على هجوم إسرائيلي. وإذا لم تتحرك الولايات المتحدة بزيادة قوات الناتو في شرق أوروبا رداً على التهديدات الروسية، فإنها ستدفع الثمن أيضاً في الشرق الأوسط بخسارة الردع الأميركي جرّاء إهانتها في أوكرانيا.
  • المشكلة هي أن هذا كله ناجم عن رفض أميركي وأوروبي لفهم التحدي الشرق الأوسطي خوفاً من أن يضطروا إلى العمل لمواجهته. من هنا، تجاهُل خطر الهيمنة الإيرانية وإضعاف حلفائهم – الإسرائيليون والسعوديون والإماراتيون وغيرهم - الذين يحاولون مواجهة التقدم الزاحف لهذه الهيمنة. في واشنطن، يخدعون أنفسهم بأن تجديد اتفاق 2015 سيوقف تحوُّل إيران إلى دولة نووية، بينما هو سيسمح بتمويل هذا النموذج من الهيمنة مع نتائجه المدمرة، من خلال مئات مليارات الدولارات التي ستحصل عليها إيران جرّاء رفع العقوبات.