مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
نشرت السفارة الروسية في إسرائيل الليلة الماضية بياناً يرد على الانتقادات الموجهة إلى موسكو في إسرائيل وحول العالم تطرقت فيه إلى القلق الإسرائيلي من وقف التنسيق الأمني بين الجيش الإسرائيلي والجيش الروسي في كل ما يتعلق بسورية فأكدت أن هذه الآلية أثبتت فعاليتها وسيستمر العمل بها.
وجاء في البيان: "إننا نأخذ في الاعتبار مخاوف إسرائيل المشروعة ونقيم علاقات وثيقة مع نظرائنا الإسرائيليين. ولا نريد لأي طرف أن يستخدم الأراضي السورية للعمل ضد إسرائيل أو أي دولة أُخرى".
وأعرب البيان عن أمل روسيا في أن تتخذ إسرائيل نهجا ذكياً ودبلوماسياً وأن تتعامل بتفهم مع الأسباب التي دفعت القيادة الروسية إلى اتخاذ قرار بشن العملية العسكرية في أوكرانيا.
وأصدرت السفارة الروسية بيانها هذا بعد تظاهرات أقيمت أمام مقرها في تل أبيب مساء أول أمس (السبت) احتجاجاً على الحرب في أوكرانيا.
أجرى رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت أمس (الأحد) مكالمة هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تناولت الحرب الدائرة في أوكرانيا بعد العملية العسكرية الروسية.
وقال بيان صادر عن الكرملين في موسكو إن بينت اقترح خلال هذه المكالمة أن تقوم إسرائيل ببذل جهود وساطة من أجل وقف الحرب.
من جهته، ذكر مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى أن بينت أعرب عن قلقه بشأن الوضع في أوكرانيا ومن إمكان أن يتصاعد القتال ويؤدي إلى أضرار إنسانية بالغة.
وأضاف المصدر نفسه أن بوتين أبدى استعداده لإجراء مفاوضات، وعندها أعرب رئيس الحكومة عن استعداد إسرائيل للمساعدة إذا طولبت بذلك وفي أي وقت من أجل تسوية الأزمة وإحداث تقارب بين الجانبين، وذلك في ضوء مكانتها الخاصة التي تسمح لها بالحصول على أذن صاغية من الجميع.
وأكد هذا المسؤول أن الزعيمين اتفقا على مواصلة التواصل فيما بينهما.
من ناحية أُخرى قال وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد خلال اجتماع الحكومة الإسرائيلية أمس، إن إسرائيل ستؤيد التنديد بروسيا خلال التصويت الذي سيجري في الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع. وفي الوقت عينه أشار لبيد إلى أن لدى إسرائيل مصالح أمنية وأُخرى يدركها العالم والإدارة الأميركية.
في سياق متصل قال نائب المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية للشؤون الأوروبية – الآسيوية غاري كورن إن إسرائيل لا تطلق تصريحات متشددة ضد روسيا في إثر قيامها بشن عملية عسكرية في أوكرانيا لأنها تريد أن تبقي لنفسها إمكانية للتوسط لدى المستويات العليا في الدولتين في محاولة لوقف الحرب.
وأضاف كورن، في سياق مقابلة أجرتها معه إذاعة "كان" [تابعة لهيئة البث الإسرائيلية الرسمية الجديدة] أمس، أن إسرائيل جاهزة لتقديم أي مساعدات حالما يطلب منها ذلك.
وأشارت الإذاعة إلى أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي طلب من رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت خلال مكالمة هاتفية، التوسّط لدى روسيا للتوصّل إلى وقف لإطلاق النار.
ذكر بيان صادر عن وزارة الصحة الإسرائيلية أمس (الأحد) أن الصورة الوبائية في البلد مستمرة في التحسن وأن آخر المعطيات لدى الوزارة تشير إلى هبوط المعدل اليومي لعدد حالات الوفاة جرّاء الإصابة بفيروس كورونا إلى 18 حالة.
ووفقاً للبيان، بلغ العدد الإجمالي لحالات الوفاة منذ ظهور الفيروس في إسرائيل 10.126 حالة. كما انخفض عدد حالات الإصابة الناشطة إلى 77.052 حالة، وبلغ عدد حالات الإصابة التي تم تسجيلها خلال الساعات الـ24 الماضية نحو 6000 حالة، بينها 646 حالة خطرة تم ربط 232 منها بأجهزة تنفس اصطناعي، وبلغت نسبة الفحوصات الإيجابية نحو 17%.
وقال البيان إن عدد الذين تلقوا جرعة اللقاح الأولى ضد الفيروس في إسرائيل 6.698.931 شخصاً، وعدد الذين تلقوا الجرعة الثانية 6.120.193، وعدد الذين تلقوا الجرعة الثالثة 4.463.423، وعدد الذين تلقوا الجرعة الرابعة 726.052 شخصاً.
عاد كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري إلى العاصمة النمساوية فيينا مساء أمس (الأحد) بعد إجراء مشاورات في طهران، وذلك مع بلوغ المفاوضات مع الدول العظمى لإحياء الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني مرحلة حاسمة.
وتهدف هذه المفاوضات التي تشارك فيها الولايات المتحدة بشكل غير مباشر إلى إعادة واشنطن إلى الاتفاق بموازاة رفع العقوبات التي أعادت فرضها على طهران بعد انسحابها من الاتفاق بشكل أحادي الجانب في إبان ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب، وعودة إيران إلى احترام كامل التزاماتها التي تراجعت عن أغلبيتها في إثر الانسحاب الأميركي من الاتفاق.
وقالت مصادر غربية مطلعة إن المفاوضات في فيينا بلغت مرحلة الحسم مع بقاء عدة نقاط خلاف تحتاج إلى قرارات سياسية في الأساس من جانب إيران والولايات المتحدة.
وأفادت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا" في وقت سابق أمس، أن باقري سيعود إلى فيينا مع تعليمات واضحة تقضي باستكمال المفاوضات بهدف حلّ المشكلات العالقة بهدف الوصول إلى توافق في المفاوضات.
وكان باقري عاد إلى العاصمة الإيرانية الأسبوع الفائت للتشاور، بينما بقي سائر أعضاء الوفد الإيراني التفاوضي في النمسا.
وقال المندوب الروسي ميخائيل أوليانوف إن الوفود المشاركة في مفاوضات فيينا عقدت أمس اجتماعاً من دون الوفد الإيراني وبحضور الوفد الأميركي، وأضاف: "إننا ننتظر عودة كبير المفاوضين الإيرانيين بغية إنجاز الاتفاق بشأن إحياء الاتفاق النووي".
وتأتي عودة باقري الذي يشغل منصب نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، غداة اتصال هاتفي جرى بين وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان ووزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، الذي يتولى تنسيق المفاوضات.
وأكد عبد اللهيان في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام الليلة قبل الماضية، أن طهران تُراجِع جدّياً مسودة الاتفاق. وأضاف: "تم توضيح خطوطنا الحمر للأطراف الغربية. نحن مستعدون لإنجاز اتفاق جيد بشكل فوري في حال أظهر باقي الأطراف إرادة فعلية. إننا نبحث عن اتفاق جيد لكن في إطار مصالحنا الوطنية ومع احترام خطوطنا الحمر في المفاوضات".
كما أكد الناطق بلسان وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة في مقابلة أجرتها معه قناة التلفزة الإيرانية الرسمية أمس، أن مفاوضات فيينا بلغت نقطة تتطلب قرارات سياسية جديدة ولا سيما من جانب الولايات المتحدة والأطراف الغربية.
وأضاف خطيب زادة أن هذا الملف [النووي] يجب أن يقفل وألاّ يبقى مفتوحاً بغية تجنب احتمال ممارسة أي ضغوط سياسية على بلده في المستقبل.
وبدأت المفاوضات في فيينا في نيسان/أبريل الماضي وتم استئنافها في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر بعد تعليقها لنحو 5 أشهر. وهي تهدف أساساً إلى استئناف الاتفاق الذي أُبرم في سنة 2015 وأتاح رفع عقوبات عن إيران كانت مفروضة عليها وذلك في مقابل خفض نشاطاتها النووية وضمان سلمية برنامجها.
وتشدّد إيران في المفاوضات على أولوية رفع العقوبات التي فرضت عليها بعد الانسحاب الأميركي أحادي الجانب من الاتفاق والتحقق من هذا الرفع عملياً والحصول على ضمانات بعدم تكرار الولايات المتحدة انسحابها من الاتفاق. في المقابل تركز الولايات المتحدة والأطراف الأوروبية على ضرورة عودة إيران إلى احترام كامل التزاماتها في الاتفاق.
- لسنا على استعداد بعد للتفكير في التداعيات الاستراتيجية للغزو الروسي علينا وعلى الشرق الأوسط بصورة عامة. هل سيحاول الروس ترجمة الزخم في أوكرانيا إلى مبادرة لتعزيز مكانتهم وتدخلهم في إيران وسورية؟ وكيف سترد الولايات المتحدة؟ هل هناك احتمال أن تستغل الاتفاق في الموضوع النووي مع إيران من أجل تعميق العلاقات معها إلى حد بناء مثلث قوة يجمعها مع إيران والسعودية؟ طبعاً، في الأوضاع الراهنة يبدو هذا تطوراً خيالياً ولا فرصة لنجاحه، لكن في عالمنا الذي يفتقر إلى الاستقرار، وبما أن ما يبدو اليوم مستحيلاً يمكن أن يتحول في الغد إلى أمر غير مستبعد، لا يمكن ألاّ نأخذ في الاعتبار تطوراً من هذا النوع.
- لقد تضاءل اهتمام الولايات المتحدة بالشرق الأوسط بصورة عامة، وبالنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني بصورة خاصة، فهي توجه أنظارها حالياً نحو الصين وشرق آسيا إذ تعتبر أن المستقبل هناك، بالإضافة إلى أن النفط الشرق أوسطي خسر من أهميته في نظرها ولم تعد بحاجة إليه. وتتميز علاقات الولايات المتحدة بالدول السنية الموالية للغرب وعلى رأسها السعودية ومصر والإمارات ودول الخليج بالاختلاف في الآراء، وأحياناً تمر بأزمات وتشهد صعوداً وهبوطاً. والسؤال هنا: هل حقيقة أن إسرائيل تعلق كل آمالها على المحور السني للسعودية والإمارات في مواجهة إيران، مفترضة أن الخصم الإيراني والمشترك لإسرائيل والدول السنية في الخليج، يمكن أن يجعل إيران عدواً استراتيجياً للمعسكر السني بنفس قوة عداوتها لإسرائيل؟ وهل الافتراض الأساسي الإسرائيلي بأن الولايات المتحدة تفضل أن تكون حليفة حصرية لمصر والسعودية والأنظمة السنية في الخليج العربي بينما تواصل التعامل مع إيران كعدوة تنتمي إلى المعسكر الروسي الصيني المعادي لأميركا هو افتراض صائب؟ وهل من المحتمل أن يغير حليف اليوم جلده تحت تأثير أوضاع متغيرة ومصالح دينامية؟
- يبدو أن إسرائيل ترفض التعلم من أخطاء الماضي. إن قناعتنا الداخلية بأن التحالف الاستراتيجي بيننا وبين المعسكر السني من شأنه أن يساهم في صمود إسرائيل في مواجهة إيران، يشبه اعتمادنا على الموارنة الذين أقاموا معنا حلفاً استراتيجياً ضد الفلسطينيين عشية حرب لبنان الأولى في سنة 1982. لذلك يتعين علينا أن نتبع نهجاً يقوم على الشك حيال علاقتنا بالكتلة السنية التي تستند إلى السعودية والخليج، وكذلك إلى حد ما فيما يتعلق بالموقف الأميركي حيالنا. وهذا يعني ألاّ نستبعد أن تتكرر تجربتنا مع الموارنة مع السعودية والإمارات، مثلما حدث في علاقتنا مع الفرنسيين في حرب الأيام الستة [حرب حزيران/يونيو 1967] حين تحولنا بين ليلة وضحاها من أصدقاء مقربين إلى منبوذين.
- الدروس التي يجب أن نستخلصها من هذه التطورات هي: أولاً، أن ندرك أن حليف اليوم يمكن أن يصبح عدواً في الغد. ثانياً، التخلص من العقيدة التي سيطرت علينا ومفادها أن الصديق لن يدير ظهره وأن العدو لن يغير جلده. ثالثاُ، التوقف عن الميل إلى تصوير العالم القريب والبعيد باللونين الأبيض والأسود، وأن نكون مستعدين لمواجهة واقع يفرض فيه لاعبون جمعتهم الضرورة ومزيج من المصالح الاستراتيجية تحولات مفاجئة تبدو مستبعدة لأول وهلة وتطورات استراتيجية غير متوقعة.
- حصلت إسرائيل على تحذير قبل أسبوعين بشأن غزو روسي قريب لأوكرانيا. وبينما شكك وزراء ومحللون وحتى أحياناً رجال استخبارات في جدية نيات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تنفيذ تهديداته، كان محاورونا الأميركيون متأكدين. وفي لقاءات مع نظرائهم في إسرائيل وفي مكتب رئيس الحكومة وفي مجلس الأمن القومي، لم يكن لدى الولايات المتحدة أدنى شك من أن التصعيد سينتهي بغزو.
- الإدارة الأميركية التي على ما يبدو استندت إلى معلومات موثوقة كانت واثقة من استنتاجاتها. وقد قيل كلام مشابه بالتدريج أيضاَ في التصريحات العلنية للرئيس جو بادين. وأعدت أذرع الاستخبارات الأميركية قائمة بالمؤشرات التي أكدت الغزو. في 12 شباط/فبراير بدأ تحضير الخطط في إسرائيل التي جرى بواسطتها في الأسبوعين الأخيرين إجلاء آلاف المواطنين الإسرائيليين من أوكرانيا. وأولئك الذي لم ينجحوا في الخروج في الوقت الملائم أو تجاهلوا تحذيرات وزارة الخارجية يقفون اليوم بالقرب من الحدود مع بولندا طالبين إنقاذهم.
- في كل ما يتعلق بالحرب بحد ذاتها، تواصل إسرائيل التمسك بسياسة السير بين النقط. فرئيس الحكومة تحدث في الأمس هاتفياً مع الرئيس بوتين، ولم يكشف مكتبه تفاصيل مضمون الحديث. وقبل ذلك في نهاية الأسبوع تحدث رئيس الحكومة مع الرئيس الأوكراني زيلينسكي. كما أعلنت إسرائيل إرسال مساعدة إنسانية إلى أوكرانيا، بينما أصدر وزير الخارجية يائير لبيد بياناً في الأسبوع الماضي دان فيه الخطوات الروسية، وهو ما تسبب بتوبيخ السفير الإسرائيلي في موسكو. لكن هذا كل شيء حتى الآن. وبالمقارنة مع أوروبا تنتهج إسرائيل خطاً متحفظاً للغاية.
- تدّعي أوساط بينت أن واشنطن تدرك تماماً القيود الإسرائيلية، وعلى رأسها الوجود الجوي الروسي في سورية، لذا لا يوجد اليوم أي ضغط على إسرائيل من جهة إدارة بايدن لإعطاء تصريحات أو القيام بأعمال أكثر تشدداً. لكن إلى جانب الواقع الاستراتيجي والاعتبارات السياسية، فإن المطروح أيضاَ مسألة أخلاقية. إن المراوغة الإسرائيلية في مواجهة الغزو الروسي العنيف على أراضي دولة لم تقف موقفاً عدائياً مهماً ضد روسيا ليست مدعاة للفخر.
- على الأقل بينت يتطرق إلى الحدث، بعكس من سبقه نتنياهو الذي التزم بالصمت قبل أيام. الشخص الذي رفع يافطات ضخمة عليها صورته مع بوتين ومكتوب تحتها "صداقة مختلفة" قبل عامين فقط يلتزم الصمت هذه المرة. ويتأرجح أنصاره في وسائل التواصل الاجتماعي بين تصريحات مؤيدة للديكتاتور الروسي وبين الحنين إلى والد الأمة الذي كان وحده فقط قادراً على إحلال السلام بين أصدقائنا في أوروبا الشرقية...
التخوف من مواجهة أكثر فتكاً
- ردة الفعل السائدة على المستوى السياسي وفي المؤسسة الأمنية في إسرائيل فيما يتعلق بتطور المعارك على الأرض الأوكرانية تشير إلى أنه "ما يزال من السابق لأوانه" معرفة ما يجري. فالحرب ما تزال في أيامها الأولى. ومع ذلك فوجىء الجيش الإسرائيلي من النتائج المحدودة التي حققها الروس حتى الآن على مستويين من المفترض أن يكونا في رأس اهتمامهم: تحقيق تفوق جوي مباشر، واستخدام معركة معقدة من الحرب النفسية والإعلامية.
- في الأيام الأولى برز الاستخدام الأوكراني لمنظومات المضادات الجوية. بينما تمكن الرئيس الأوكراني البارع جداً في الساحة الإعلامية من الاحتفاظ بقنوات بث مفتوحة والحصول على تأييد دولي واسع النطاق. المسألة الثانية قد لا تشكل إنجازاً مهماً بالنظر إلى صورة الخصم، وباستثناء رئيس سورية بشار الأسد وبعض بقايا الحزب الشيوعي في إسرائيل، لم يحظ بوتين بمظاهر التأييد.
- وتتحدث وزارة الخارجية البريطانية، المراقب الحذر والدقيق، مؤخراً عن صعوبات روسية في التقدم في أراضي أوكرانيا وعن مشكلات في المنظومة اللوجستية، التي يقال دائماً أن نجاحها هو الذي يتيح الانتصار في الحروب. التردد الروسي على الأرض، إذا كان فعلاً يحدث يثير الاستغراب في إسرائيل. ففي السنوات الأخيرة تحدث ضباط في الجيش الإسرائيلي بإعجاب مبالغ فيه عن الاختراعات المهنية التي حملها الروس معهم إلى ساحة المعركة الحديثة.
- أهمية هذه الاختراعات محفوظة، لكن يبدو عند خوض حرب كهذه ثمة حاجة أيضاَ إلى إعداد القوات والتأكد من أن لديهم الحافز للقتال ويعرفون ماذا يفعلون هناك. أحد الأسرى الروس الذين ظهروا في فيديوهات عرضها الأوكرانيون على الإنترنت قال إنه كان يعتقد أنه يشارك في تدريب ولم يعرف أبداً أن ما يجري هو غزو حقيقي.
- لكن من السابق لأوانه نعي القوة العسكرية الروسية. في ساحة القتال يسود ضباب المعركة وهناك الكثير من المعلومات المغلوطة عن قصد. حتى الآن الروس موجودون فقط عند أبواب المدن الكبرى في شمال أوكرانيا، وتشهد الشوارع قتالاً تظهر فيه قوات كوماندوس روسية إلى جانب آليات مدرعة قليلة جداً.
- القتال في أماكن مأهولة يمكن أن يستمر أشهراً طويلة كما يعرف ذلك الجيش العراقي الذي استنجد بقوات غربية في القتال ضد داعش في مدينة الموصل فقط قبل سنوات معدودة. وثمة احتمال معقول أن يقرر بوتين في ضوء المقاومة على الأرض والتأييد الدولي الواسع لأوكرانيا أن يزيد من القوة التي تستخدمها روسيا بهدف كسر روح المقاومة المحلية. وهذا يمكن أن يؤدي إلى سفك كبير للدماء من الطرفين. وستكون المواجهة وحشية وفتاكة ويمكن أن تتطور لاحقاً إلى حرب عصابات داخل المدن، وتنزلق إلى حرب استنزاف.
- نقطة أخيرة في الختام: المقارنة التي نسمعها في الأيام الأخيرة بين الغزو الروسي لأوكرانيا وبين الحروب الأخيرة التي خاضتها إسرائيل في لبنان وفي قطاع غزة لا أساس لها من الصحة وغبية. أولاً، الغزو الروسي لم يسبقه إطلاق صواريخ من أوكرانيا في اتجاه السكان المدنيين. ثانياً، ليس هناك أي شبه بين خطورة العنف الذي استخدمته إسرائيل في حروبها وحتى إلحاق الأذى بالمدنيين وبين القوة الوحشية التي تستخدمها روسيا. من يشكك بذلك هو مدعو إلى مراجعة التقارير والتحقيقات الصحافية بشأن الدمار الذي تركته القوات الجوية لبوتين في قصفها المدمر خلال الحرب الأهلية في سورية.
- بينما تتصاعد التوترات بشأن الحرب الأوكرانية والتي أدت إلى مناقشات بشأن بدائل الغاز الروسي، في إمكان إسرائيل القيام بخطوات كي تطرح نفسها كمصدّر مركزي للغاز في الشرق الأوسط. وعلى الرغم من أن إسرائيل تقوم فعلاً بتصدير الغاز إلى مصر والأردن، فإنها تستطيع، إذا أحسنت استخدام أوراقها السياسية أن تصبح مصدراً للغاز في أوروبا أيضاً. وقال الدكتور ألكسندر كومان، العضو في كلية الإدارة في جامعة تل أبيب إنّ "أوروبا أصيبت بالهستيريا لأن مصيرها الآن في أيدي بوتين"، وتابع: "فكرة أن بوتين يجلس الآن ويده على الصنبور وبإمكانه، متى شاء، أن يفتح أو يغلق إمدادات الغاز إلى أوروبا هو سيناريو رهيب بالنسبة إليهم".
- ومع ذلك فهي فرصة رائعة أمام إسرائيل: فأوروبا، في وضعها الحالي، ستحاول جاهدة إيجاد مصادر بديلة لحاجاتها من الوقود. ويشرح كومان أن "إحدى الطرق هي إنشاء خط أنابيب بديل يجر الغاز - أو ربما الكهرباء - من مصر وإسرائيل و[ربما] من المملكة العربية السعودية إلى أوروبا عبر قبرص"، في إشارة إلى خط أنابيب (EastMed) وهو مشروع مخطط له يربط مباشرة موارد الطاقة الطبيعية في شرق البحر الأبيض المتوسط بأوروبا الكبرى. وقد تم ترسيمه في سنة 2013 وكان من المقرر أن يوضع في قيد الاستخدام سنة 2025 بعد موافقة إسرائيل على الخطة في 2020. لكن تنفيذ الخطة توقف بعد أن تخلّت إدارة بايدن عن دعم المشروع في الشهر الماضي.
- وقد انتقد النائبان الأميركيان غوس بيليراكيس (جمهوري من فلوريدا) ونيكول ماليوتاكيس (جمهورية من نيويورك) هذا التغيير بشدة في السياسة الأميركية، واعتبرا أنه زاد من اعتماد أوروبا على صادرات الغاز الروسية. وفي رسالة إلى وزير الخارجية الأميركي قال النائبان إن: "إعلان بايدن في أيار/مايو الماضي تعليق العقوبات على خط الأنابيب الروسي واستمرار حربه ضد العقوبات يظهران تفضيلاً واضحاً لروسيا على حلفائنا".
- في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا، قد تكون هناك فرصة لإعادة النظر في فرص خط أنابيب إيست ميد، على الرغم من أن هذا يمكن أن يتوقف على استعداد الولايات المتحدة للتراجع عن انسحابها، وعلى مدى تقدم أوروبا في مجال الطاقة المتجددة.
- وفي تغريدة له، حث عضو الكنيست من حزب الليكود، يوفال شتاينتس، الحكومة على تعزيز بناء خط الأنابيب، وقال: "في هذا الوقت الذي يشهد ارتفاعاً كبيراً في أسعار الطاقة في جميع أنحاء العالم، ونقصاً حاداً في الغاز الطبيعي في أوروبا، من المهم جداً أن نعزّز قدرة إسرائيل على تصدير الغاز مباشرة إلى أوروبا عبر خط الأنابيب الذي يعبر البحر المتوسط".
- من ناحيتها، أعلنت ألمانيا، وهي أكبر مستورد للغاز الروسي، خطوات لتقليل اعتمادها على روسيا بما في ذلك بناء محطتين للغاز الطبيعي السائل. كما أوقفت أيضاً مشروع خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 على بحر البلطيق الذي تبلغ تكلفته 11 مليار دولار، والذي من شأنه أن يضاعف بشكل فعال قدرة روسيا التصديرية بفضل خط أنابيب نورد ستريم. وقال المستشار الألماني أولف شولتز يوم الأحد: "يجب علينا تغيير المسار للتغلب على اعتمادنا على الواردات من موردي الطاقة الأفراد".
- إن علاقة إسرائيل بالغاز الطبيعي قد تطورت إلى حد كبير على مدار الأعوام الخمسة عشرة الماضية: فحتى سنة 2012، كان إسرائيل تستورد غازها من مصر، لكن الاكتشافات التدريجية لاحتياطيات أكبر من الغاز الطبيعي في مياه إسرائيل قادت البلاد إلى وضعها الحالي كمنتج مكتف ذاتياً للغاز وكمصدّر له.
- حالياً، تأتي إمدادات الغاز الإسرائيلية بشكل أساسي من حقلين أساسيين للغاز الطبيعي قبالة الساحل الغربي للبلاد: حقل تمار، الذي يحتوي على نحو 10.8 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، وحقل ليفيثان، الذي يحتوي على 22 تريليون قدم مكعب - وهو يكفي بقاء البلاد على مستواها الحالي من الإنفاق على الغاز لعقود.
- هذا الفائض فتح الفرصة لبدء تصدير الغاز إلى الدول المجاورة مثل الأردن ومصر، فبدأت إسرائيل توريد الغاز الطبيعي إلى الأردن في سنة 2017 بعد توقيع الأردن عقداً بقيمة 10 مليارات دولار لصفقة توريد مليار على مدة 15 عاماً، وبدأت تصدير الغاز إلى مصر منذ سنة 2016، ومن المتوقع أن تزيد كمية الصادرات بشكل كبير في سنة 2022.