مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قُتل 5 إسرائيليين، بينهم شرطي، في عملية إطلاق نار قام بها شاب فلسطيني في مدينة بني براك [وسط إسرائيل] الليلة الماضية. كما أدّت العملية إلى إصابة عدد آخر من الأشخاص بجروح متفاوتة.
وهذه ثالث عملية "إرهابية" تقع في مدن إسرائيلية داخل الخط الأخضر خلال الأسبوع الأخير، وأسفرت عن مقتل 11 إسرائيلياً.
وقال بيان صادر عن الناطق بلسان الشرطة الإسرائيلية إن أحد القتلى هو الشرطي العربي أمير خوري (32 عاماً) من مدينة نوف هجليل [الناصرة العليا سابقاً]، والذي يخدم في وحدة الدراجات النارية التابعة لمركز الشرطة في بني براك.
ووفقاً للبيان، فإن خوري وشرطياً آخر أطلقا النار على منفّذ العملية وأردياه قتيلاً.
وقالت مصادر فلسطينية إن الشاب الفلسطيني القتيل هو ضياء حمارشة (27 عاماً) من بلدة يعبد قضاء جنين. وهو أسير سابق سُجِن مدة ستة أشهر سنة 2013، على خلفية ارتكابه مخالفات أمنية.
ونُفّذت العملية في موقعين مختلفين في المدينة الواقعة شرقي تل أبيب، والتي تسكنها أغلبية من اليهود الحريديم [المتشددون دينياً].
وذكر بيان الناطق بلسان الشرطة أن التحقيقات الأولية أظهرت أن المنفّذ أطلق النار في اتجاه مواطنين في شارع "هشناييم" في بني براك وأصاب عدة أشخاص بجروح حرجة، ومن هناك انتقل إلى "هرتسل" وأطلق النار على أشخاص آخرين قبل أن يقوم شرطيان بإطلاق النار عليه وقتله.
وقال مسؤول رفيع المستوى في قيادة الشرطة إن الحديث يدور حول عملية صعبة للغاية في عدة ساحات.
واعتقلت الشرطة الإسرائيلية شخصين لم يتضح مدى ارتباطهما بعملية إطلاق النار، وأجرت عمليات بحث عن المزيد من المشتبه فيهم، في حين حلّقت مروحيات عسكرية في أجواء المنطقة.
وأصدرت بلدية رمات غان المجاورة تعليمات لسكانها بالبقاء في المنازل إلى حين صدور إعلان رسمي من الشرطة أو البلدية. ونفت البلدية في رمات غان أن تكون المدينة شهدت إطلاقاً للنار.
وتأتي هذه العملية بعد يومين من عملية إطلاق نار وقعت في مدينة الخضيرة [وسط إسرائيل] يوم الأحد الماضي وأسفرت عن مقتل شرطيَين إسرائيليَين، وبعد أسبوع من عملية طعن ودهس وقعت في مدينة بئر السبع [جنوب إسرائيل] يوم الثلاثاء الماضي وأسفرت عن مقتل أربعة إسرائيليين.
قال رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت إن إسرائيل تواجه في الوقت الحالي موجة "إرهاب" جديدة قاتلة.
وأضاف بينت في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام، تعقيباً على عملية إطلاق النار التي أدت إلى مقتل 5 إسرائيليين في مدينة بني براك الليلة الماضية، أن حكومته ستكافح "الإرهاب" بكل مثابرة وعناد، وبقبضة حديدية، وستنتصر عليه.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس إن دولة إسرائيل واجهت موجات "إرهاب" كثيرة في الماضي ودائماً انتصرت عليها بإصرار وبقوة، وهكذا سيكون هذه المرة. وأضاف أن المؤسسة الأمنية كلها، المؤلفة من الجيش وجهاز الأمن العام ["الشاباك"] والشرطة، ستعمل بكل الوسائل لإعادة الأمن إلى الشوارع الإسرائيلية، ولإعادة الشعور بالأمن إلى المواطنين.
وأكد وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد أن إسرائيل دولة قوية، وستحارب "الإرهاب" بكل قوة وإصرار حتى تهزمه وتجلب الأمن لجميع السكان.
قال بيان صادر عن الناطق بلسان الشرطة الإسرائيلية إنه في إثر عملية إطلاق النار في مدينة بني براك الليلة الماضية، أصدر القائد العام للشرطة يعقوب شبتاي أوامر تقضي برفع جهوزية الشرطة إلى الحدّ الأقصى، وذلك لأول مرة منذ عملية "حارس الأسوار" العسكرية التي قام الجيش الإسرائيلي بشنها في قطاع غزة في أيار/مايو 2021.
ووفقاً للبيان، ستعمل مقار الشرطة في الألوية المختلفة ابتداء من اليوم (الأربعاء) بصورة متواصلة من أجل محاولة إحباط أي هجمات، وسيتم تكثيف وجود قوات الشرطة في الشوارع من أجل حماية المواطنين.
كما أمر القائد العام للشرطة بمضاعفة قوات الشرطة ميدانياً وقيامهم بمهمات تأمين المؤسسات التربوية ومراكز التسوق والأمكنة الممتلئة بالأشخاص.
وذكر بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أنه في ختام جلسة لتقييم الوضع عقدتها هيئة الأركان العامة في وقت سابق أمس، أصدر رئيس هيئة الأركان الجنرال أفيف كوخافي أوامر تقضي بتعزيز قوات الجيش المرابطة في مناطق يهودا والسامرة [الضفة الغربية] بأربع وحدات عسكرية إضافية.
وقال بيان صادر عن ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية إن المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية - الأمنية سيعقد اجتماعاً طارئاً بعد ظهر اليوم (الأربعاء) لمناقشة الخطوات العملانية التي سيتم اتخاذها عقب تصاعُد العمليات المسلحة في المدن الإسرائيلية، والتي أسفرت عن مقتل 11 إسرائيلياً خلال أسبوع واحد.
دان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس العملية المسلحة التي نفّذها فلسطيني من قرية يعبد في بني براك الليلة الماضية وأسفرت عن مقتل 5 إسرائيليين وإصابة آخرين بجروح.
وقال عباس في بيان صادر عن ديوان رئاسة السلطة الفلسطينية في رام الله، إن مقتل مواطنين إسرائيليين وفلسطينيين لن يؤدي إلاّ إلى تدهور الوضع، إذ إن الجميع معنيّ بدعم الازدهار، وبصورة أساسية على خلفية حلول رمضان والأعياد اليهودية والمسيحية المرتقبة.
وحذّر عباس من مغبة استغلال هذه العملية لتبرير الاعتداء على فلسطينيين من طرف مستوطنين، وأكد أن دائرة العنف تثبت أن السلام الدائم والشامل والعادل فقط هو الطريق الأقصر والأصح لتوفير الأمن والاستقرار للشعب الفلسطيني والشعب الإسرائيلي وشعوب منطقة الشرق الأوسط.
في المقابل، بارك كلّ من حركتيْ "حماس" والجهاد الإسلامي العملية، فوصفتها "حماس" بأنها بطولية، وأشارت إلى أن مثل هذه العمليات سيتواصل.
قال بيان صادر عن ديوان وزارة الدفاع الإسرائيلية إن وزير الدفاع بني غانتس عقد اجتماعاً مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في عمّان أمس (الثلاثاء) لمناقشة المخاوف من احتمال تصاعُد العنف في المناطق [المحتلة] خلال شهر رمضان، وموضوعات سياسية وأمنية أُخرى.
وهذا الاجتماع هو الثالث بين الملك عبد الله وغانتس، إذ عُقد الأول سراً في شباط/فبراير 2021، والثاني عُقد علناً في كانون الثاني/يناير الفائت.
وأشار البيان إلى أن غانتس قدّم إلى الملك عبد الله الخطوات التي تعتزم إسرائيل اتخاذها من أجل الحفاظ على حرية العبادة للفلسطينيين في القدس خلال شهر رمضان، بالإضافة إلى تحركات أُخرى تهدف إلى تحسين حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. كما شدّد وزير الدفاع على أهمية الحفاظ على الاستقرار والهدوء والحاجة الشاملة إلى محاربة "الإرهاب"، وبصورة خاصة "إرهاب" تنظيم الدولة الإسلامية ["داعش"] الذي يقف وراء الهجمات "الإرهابية" الأخيرة في إسرائيل.
وذكر بيان صادر عن الديوان الملكي الأردني أن الملك عبد الله الثاني أكد لغانتس ضرورة منع الأعمال الاستفزازية التي تؤدي إلى التصعيد، وكرّر دعم الأردن لحل الدولتين، وحثّ إسرائيل على إزالة العقبات التي تعترض حرية العبادة للفلسطينيين خلال شهر رمضان واحترام حق المسلمين في أداء شعائرهم الدينية في المسجد الأقصى.
وقبل الاجتماع مع العاهل الأردني، عقد غانتس اجتماعاً مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي.
يتوجه رئيس الدولة الإسرائيلية يتسحاق هرتسوغ اليوم (الأربعاء) إلى عمّان في زيارة رسمية إلى الأردن، تلبية لدعوة من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.
وسيتم استقبال هرتسوغ بمراسم رسمية في القصر الملكي، حيث سيجتمع بالعاهل الأردني على انفراد، ثم بمشاركة مستشاريهما. وستنصبّ المباحثات على تعزيز العلاقات الثنائية في كافة المجالات والحفاظ على الاستقرار الإقليمي، ولا سيما خلال فترة الأعياد الوشيكة. وسيعود هرتسوغ في اليوم ذاته إلى البلد.
يُشار إلى أن العلاقات بين إسرائيل والأردن تشهد مرحلة تدفئة، بعد الفتور الذي سادها خلال الأعوام الأخيرة، وبدأ الأردن بأداء دور أكثر فعالية في الآونة الأخيرة.
وزار عمّان أمس وزير الدفاع بني غانتس وعقد اجتماعين مع العاهل الأردني ووزير خارجيته، كما سبق أن قام وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد بزيارة إلى الأردن.
وقام العاهل الأردني أول أمس (الاثنين) بزيارة إلى رام الله، عقد خلالها اجتماعاً مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
- امتازت هجمات الأسبوع الماضي بعدم خوف "المخربين"، وبتقليد هجمات سابقة، وبالجرأة على التحرك في قلب المدن واستخدام سلاح ناري. ما يربط بين "المخربين"، باستثناء أن أربعة منهم لديهم خلفية لها علاقة بـ"الإرهاب"، ليس البنية التحتية المادية أو القيادية، بل شبكات التواصل الاجتماعي. وهناك التحريض الذي يغذي المتطرفين ويجمع فيما بينهم. التغريدات في غزة يقرأونها في أم الفحم، وفي بلدة يعبد في شمال السامرة، المكان الذي جاء منه منفّذ عملية بني براك.
- مرّ وقت طويل منذ رأينا مثل هذا "الإرهاب" في قلب المدن. حتى في انتفاضة السكاكين، لم نرَ مثل هذه الأحداث - فالهجمات الثلاث الأخيرة تذكّرنا بالأيام الصعبة في الانتفاضة الثانية. لذلك، يجب أن نعترف: لا يوجد حلّ سحري لهذه الموجة من "الإرهاب". لا يوجد عنوان يمكن مهاجمته بقوة مثل غزة أو مخيمات اللاجئين في المناطق. ومن الصعب جداً تدفيع الثمن. لا توجد أدوات ضغط على العدو لأن من الصعب تحديده.
- ما الذي يجب عمله: على الفور قرر الجيش تعزيز قواته في الضفة الغربية بأربع كتائب، بالإضافة إلى الأربع الموجودة هناك منذ هجوم الخضيرة. المهمة الآن مزدوجة: ضغط على منطقة شمال السامرة، من حيث أتى المهاجم، وعلى مناطق أُخرى توجد فيها احتمالات القيام بعمليات "إرهاب".
- الهدف من هذه الخطوة كان أيضاً تعزيز الشعور بالأمان لدى الإسرائيليين على هذه الطرقات وتعزيز خط التماس الذي يعبر منه المقيمون غير الشرعيين. هذا السياج مخترَق عن قصد في عدد من النقاط في جنوبي جبل الخليل، وفي منطقة القدس، وفي غوش عتسيون، وفي شمال السامرة - عموماً، لا يغلقها الجيش ولا يضع قوات هناك، لأن السياسة تقضي بالسماح لأكبر عدد من الفلسطينيين بالعمل في إسرائيل للحصول على مدخول، الأمر الذي سيخفف من حافز القيام بعمليات "إرهابية".
- مع ذلك، يجب أن تكون النتيجة كالتالي: في مواجهة الإغراء المفهوم لاستخدام العقوبة الجماعية، يجب العمل بحكمة كي نرى كيف نطفىء النار التي أُشعلت، لا أن نصبّ الزيت عليها. من هذه الناحية، فإن التحدي الكبير هو إبقاء غزة خارج المعادلة، لأن الهدوء لا يزال سائداً هناك منذ 10 أشهر.
- المشكلة في تنفيذ كل هذه الخطوات هي في الأساس أن ليس لدى الشرطة وحرس الحدود القدرة على مواجهة هذه الأحداث. يجب زيادة قواتهم بسرعة. في حرس الحدود مثلاً، يجب تجنيد سرية من الاحتياطيين ونشر هؤلاء المقاتلين في الشوارع.
- وبعد هذا كله، هناك التحدي على صعيد القيادة - هذه الموجة من "الإرهاب" هي أكبر تحدٍّ يواجهه رئيس الحكومة نفتالي بينت حتى الآن. في هذه الأثناء، هو يواجه ردات فعل غاضبة، مشحونة بالتحريض من جانب الجمهور، وائتلافاً لا يمكن اتخاذ قرارات دراماتيكية في إطاره من دون التسبب بتفكُّكه. كما تقع على عاتقه مهمة إعادة الشعور بالأمان إلى المواطنين، إلى جانب أمنهم الجسدي، وهذه مهمة لا يمكن أن تحدث بسرعة.
- أمس، هناك مَن تنفس الصعداء في القيادة السياسية الإسرائيلية، بصورة نسبية طبعاً، حين ظهرت هوية منفّذ العملية. "على الأقل لم يكن منّا"، قال لي أحد الوزراء على مضض. فالويل لنا، لو كان منفّذ عملية بني براك، الأكثر فتكاً من كل العمليات حتى الآن، عربياً إسرائيلياً.
- "الإرهاب" الفلسطيني أسهل استيعاباً. وهذا على الرغم من صعوبة الشعور بأن الموجة الحالية في المدن الإسرائيلية خلال الأسبوع الماضي (ويبدو أننا فقط في البداية)، هي شيء لم نعرفه من قبل. أيام قليلة قبل شهر رمضان، وأسبوعان قبل عيد الفصح، يبدو أن إسرائيل تعود إلى أيام سوداء كنا سعداء بنسيانها بالتأكيد منذ انتفاضة السكاكين في سنتيْ 2015-2016.
- 11 قتيلاً في ثلاث مدن خلال سبعة أيام، هذا حدث استراتيجي: أمني، لكنه سياسي أيضاً. رئيس الحكومة نفتالي بينت، وعلى الرغم من وجوده في الحجر المنزلي، فإنه مرغَم على التواصل مع الجمهور في أقرب وقت ممكن، ووضعه في صورة خُطط الحكومة للتعامل مع هذا التدهور الخطِر. أمس، اعترف بينت بأن إسرائيل تواجه موجة إرهاب عربي قاتل. الآن، عليه التصرف استناداً إلى ذلك، حتى لو احتاج الأمر إلى إغراق الشوارع بالشرطة والجيش. وعليه جمع المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية – السياسية (الكابينيت)، وأن يتخذ فيه قرارات صعبة.
- قبل أسبوع من الآن، كنا في واقع مختلف كلياً، فيه اجتماعات "قمة" تلحق بـها "قمة": تركيا بدايةً، وبعدها مصر. كان من المقرر أن يسافر بينت في نهاية يوم السبت إلى الهند (مع شجار ولّادي مع غانتس)، وأول أمس، اجتمعت "قمة النقب" التي كانت فريدة في نوعها، من حيث المشاركين. كان يبدو أن إسرائيل تدخل إلى العهد الجديد في شرق أوسط جديد. الآن، كل شيء يبدو خارج السياق.
- كانت الأشهر التسعة الأولى من حياة "حكومة التغيير" هي الأكثر هدوءاً من الناحية الأمنية. افتخر رئيس الحكومة بذلك خلال محادثات خاصة، لكنه لم ينسَ أن يدق على الخشب في كل مرة. كان خوفه الأساسي من غزة، وفقط غزة. حالياً، تبدو غزة هادئة، لا أحد يعلم إلى متى. الشر انطلق من الجبهات التي لم يتوقعها أحد: من داخل المجتمع العربي، وأمس، من منطقة جنين.
- أمّا زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو، الذي نشر بعد عملية بئر السبع رداً لئيماً واستفزازياً ومنحطاً، حمّل فيه المسؤولية مباشرة لـ"بينت ولبيد"، أظهر أمس ضبطاً للنفس بصورة تستحق التنوية. يبدو أنه فهم مبالغته حينها. قدم التعازي بالقتلى، وتمنى الشفاء للمصابين، وشدّ على أيادي قوات الأمن، كما طالب الحكومة بالعمل بصورة حاسمة. صديقه الجيد من المعارضة، إيتمار بن غفير، لم يكبح نفسه هذه المرة أيضاً، ووصل إلى المكان: كطيور من نوع خاص جداً، عضو الكنيست، هذا العنصري المحرّض يتغذى بالدم والحزن والألم. دائماً يكون هناك، يندفع في اتجاه عدسات الكاميرا، ويتصرف كأنه بلطجي. وفي الحقيقة ليس "كأنه"؟
- من دون شك، هذا هو الامتحان الأكبر بالنسبة إلى بينت. وبغض النظر عن الحقيقة الموضوعية، حكومة لا يتم التعامل معها على أنها حكومة يمين متشدد "هارد كور"، سيكون دائماً من الصعب عليها مواجهة موجات "الإرهاب" أمام الرأي العام. الوحيد الذي نجح في هذا الامتحان، وتمتع برصيد شعبي واسعة، ولفترة طويلة قبل أن يشنّ عملية عسكرية (السور الواقي في الضفة الغربية)، كان أريئيل شارون؛ ولم يقم بذلك إلاّ بعد أن تنبأ بأنه إن لم يقم بها سيتم طرده بالحجارة والعصي من مكتب رئيس الحكومة على يد الرأي العام. بينت بعيد جداً عن أن يكون شارون.
- اجتمع وزراء خارجية الإمارات، والبحرين، والمغرب، ومصر، والولايات المتحدة، وإسرائيل، في "قمة النقب"، وهي الأولى في نوعها التي تستضيفها إسرائيل، وهي استمرار لقمة شرم الشيخ التي عُقدت في الأسبوع الماضي.
- تُعقد هذه القمة على خلفية الغزو العسكري الروسي لأوكرانيا، الذي يثير مخاوف أمنية لدى دول عديدة، وتسبب بارتفاع أسعار الوقود والغذاء، كما تُعقَد على عتبة التوصل إلى اتفاق نووي بين الدول الكبرى وبين إيران. توقيت القمة يكشف الرؤية السياسية المشتركة للتهديدات المشتركة التي تواجهها هذه الدول، وفي الأساس تلك التي مصدرها إيران التي تحظى بالشرعية من الولايات المتحدة ورفع القيود وتحرير الموارد التي ستستخدمها للاستمرار في نشاطها التآمري الذي يزعزع الاستقرار في المنطقة. مصدر قلق آخر، هو التصور السائد بشأن ابتعاد الولايات المتحدة عن المنطقة وانعكاسات ذلك. لم يجرِ تحديد الغرض من القمة بدقة، لكن أساسها هو إيجاد قاعدة لقيادة مشتركة للواقع العالمي والإقليمي الجديد، ومن ضمن ذلك:
- بلورة تعاون مشترك في مواجهة إيران، نوع من ائتلاف أمني إقليمي (MESA)، وكما توحّد الغرب في مواجهة روسيا ووحّد الناتو صفوفه، كذلك تتوحّد الدول العربية البراغماتية مع إسرائيل ضد إيران.
- الانتظام لمواجهة وضع عالمي جديد يتميز بالمنافسة الشديدة بين الدول الكبرى، وفي هذه المرحلة، الساحة الأساسية هي أوروبا. هذا التطور يعزز توجّه خروج الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، ويترك فراغاً، تستطيع إيران، في إطاره، تعزيز تدخّلها ونفوذها في أرجاء المنطقة. بناءً على ذلك، المطلوب الدفع قدماً بمسار يؤدي إلى ملء الفراغ، وصولاً إلى الاستعداد للمساهمة في إعادة بناء سورية، كما جرى التلميح إليه في زيارة الرئيس بشار الأسد إلى الإمارات.
- الوقوف معاً في مواجهة الولايات المتحدة التي تطلب من دول المنطقة أن تختار طرفاً في مواجهة العدوانية الروسية في الحرب في أوكرانيا. بينما تختار الولايات المتحدة عقد اتفاق - غير فعال وموقت - مع إيران، اللاعب الأكثر عدوانية في الشرق الأوسط، وهي مستعدة لإعادة تأهيل الحرس الثوري الإيراني. الرسالة إلى واشنطن: "عليكِ أيضاً أنتِ أن تختاري طرفاً!"
- مطالبة إدارة بايدن بالاستمرار في دعم "اتفاقات أبراهام" (الإرث الإيجابي الوحيد لإدارة ترامب) وتعميقها وتوسيعها والدفع قدماً، في إطارها، بموضوعات أمنية إقليمية طاقوية وتكنولوجية واقتصادية وغيرها.
الهجوم القاتل الذي وقع في الخضيرة، عشية القمة، لن يشوّه الرمزية الشديدة الأهمية للقمة التي، من بين أمور أُخرى، تؤكد تراجُع الموضوع الفلسطيني، رسمياً، على المسرح الإقليمي. العالم العربي يقبل إسرائيل في النادي من دون شروط. وقد حظيت إسرائيل بفرصة أُخرى كي تظهر أنها تلعب في "ملعب الكبار" - تتوسط بين بوتين وزيلينسكي، وأيضاً بين دول عربية وواشنطن، بينما العلاقات الخاصة بينها وبين الولايات المتحدة تساعد في تصوير أن الطريق إلى واشنطن يمرّ في القدس (على الرغم من عدم عقد القمة في عاصمة إسرائيل، نظراً إلى الحساسيات المعروفة).
في هذه المرحلة، تركز قمة النقب على الصور: الدول المشاركة تسعى لتمرير رسالة من الانتظام العام إزاء تحديات مشتركة. الولايات المتحدة أيضاً تريد إظهار التزامها بالاستقرار، وإزاء حلفائها في المنطقة. وفي الواقع، دول المنطقة غير قادرة على منع الاتفاق النووي، وتحجم عن الدخول في مواجهة عسكرية مع إيران، باستثناء إسرائيل؛ الحوثيون يواصلون ضرب السعودية والإمارات من دون ردّ فعال من جانبهما، وعلى الرغم من طلب الولايات المتحدة، فإن دول الخليج اختارت عدم ضخّ الوقود إلى الغرب. السؤال المفتوح هو عن مدى إصرار وقدرة الدول المشاركة في القمة على ترجمة التفاهمات التي جرى التوصل إليها إلى سياسات فعالة.