مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
تطرق وزير الدفاع بني غانتس، مساء الاثنين، في لقاء مع باحثين من شتى أنحاء العالم وصحافيين أجانب نظمه معهد واشنطن للسياسات في الشرق الأوسط، إلى البناء في الضفة الغربية بعد الإنذار الذي وجهه نير أورباخ [حزب يمينا] إلى رئيس الحكومة نفتالي بينت، يشترط فيه لبقاء بينت في الحكومة الدفع قدماً بالبناء في المستوطنات، فقال: "نحن نواصل السماح بالبناء لليهود وللفلسطينيين. وسنوافق على مزيد من البناء قريباً بما يتلاءم مع تقدير الوضع".
وتابع غانتس: "لن نوقف البناء، وإلى جانب ذلك سنواصل الدفع قدماً بخطوات اقتصادية ومدنية إضافية بدأنا بها إزاء الفلسطينيين في حال كان هناك تهدئة واستقرار". وتطرق غانتس إلى تفاصيل النواحي المدنية التي يريد تقديمها إلى الضفة الغربية وغزة، موضحاً السياسة التي يقودها منذ عملية حارس الأسوار فقال: "يوجد أكثر من 12.000 عامل فلسطيني من غزة، وإذا استمر الهدوء نريد زيادة العدد". لكنه أوضح أنه إذا استمرت التوترات الأمنية فإن الحكومة قد تتراجع عن خطواتها. وقال: "حسناً فعلت السلطة الفلسطينية عندما أدانت العمليات ضدنا"، وتوقع منها الوقوف ضد مسؤولين رفيعي المستوى في السلطة الفلسطينية، وخصوصاً في منطقة جنين، من الذين يشجعون التحريض والهجمات ضد إسرائيل.
وأعلن غانتس أنه في حال حدثت تهدئة واستقر الوضع، فإنه ينوي تخفيض سن مَنْ يُسمح لهم بالدخول من الضفة للصلاة في المسجد الأقصى. وأضاف أنه على الرغم من أن إسرائيل تريد التهدئة فإنها مستعدة لمواجهة التصعيد في كل الجبهات، بما فيها جبهة غزة ولبنان.
كما تطرق غانتس إلى العلاقات مع الولايات المتحدة، والوضع في أوكرانيا، والاتفاق النووي مع إيران، والهجمات الإيرانية، فقال: "تواصل إيران تخصيب اليورانيوم، وهم قريبون من القدرة على التخصيب على درجة 90٪ إذا أرادوا ذلك". وحذر من أنه إذا كان من غير الممكن التوصل إلى اتفاق جيد فإن الوقت قد حان لدفع الإيرانيين إلى التراجع، وبحسب قوله: "يجب استخدام الخطة ʾبʿ فوراً". وتابع: "نحن نتطلع إلى توسيع التعاون الاستخباراتي مع الولايات المتحدة وبناء ائتلاف يمكنه التحرك ضد انتهاكات إيران في حال التوصل إلى اتفاق، كما يمكنه سد الفجوات في الرقابة. وأنا أرى مجالاً للتعاون على مستوى الدفاع الجوي".
وكانت الصحيفة قد كشفت، الأسبوع الماضي، أن هناك خطة مطروحة على طاولة وزير الدفاع تقضي ببناء نحو 4000 وحدة سكنية، وهو رقم كبير نسبياً مقارنة بعدد الوحدات السكنية التي تم البحث بشأنها في لجنة البناء. لكن في مجلس يهودا والسامرة كان ثمة ادعاء أن هذا العدد هو نتيجة تجميد البناء لفترة طويلة. ولا تشمل خطط البناء الكتل الاستيطانية فحسب، بل أيضاً تستهدف مستوطنات معزولة، بالإضافة إلى بناء وحدات سكنية في مستوطنات تابعة للحريديم، الأمر الذي يدل على تزايد طلب الحريديم على السكن في المستوطنات.
جرى تبادل لإطلاق النار بين قوة من فرقة غولاني خلال دخولها إلى مدينة جنين للقيام باعتقالات، وبين مسلحين فلسطينيين كانوا في انتظارها مسبقاً. ولم يسفر الحادث عن وقوع إصابات في صفوف القوة الإسرائيلية التي انسحبت من المدينة بعد القيام بالاعتقالات المطلوبة.
في المقابل، قامت قوات من الجيش الإسرائيلي بعمليات مشابهة في قرى أُخرى في منطقة رام الله وبيت لحم والخليل، حيث جرى توقيف عشرة مشتبه بهم.
في هذه الأثناء، أرسلت الفصائل العسكرية في غزة رسالة إلى مصر، التي تتوسط بينها وبين إسرائيل، مفادها أن إقامة مراسم دينية يهودية داخل المسجد الأقصى هو انتهاك للخطوط الحمر، كما حذرت من أن خرق الخطوط الحمر في مخيم اللاجئين في جنين يمكن أن يؤدي إلى انفجار الوضع في كل الساحات. وأبلغت الفصائل مصر أن اعتماد إسرائيل على تقديم تسهيلات إلى القطاع لفصله عن القدس وعن الضفة الغربية هو تقدير خاطىء.
أثارت دعوة زعيم القائمة المشتركة أيمن عودة العرب في إسرائيل الذي يخدمون في الشرطة الإسرائيلية إلى التخلي عن عملهم عاصفة في الشارع العربي. ففي مقابل عناصر الشرطة العرب الذين أدانوا كلام عودة، هناك من قام بالخطوة وترك الشرطة احتجاجاً على سلوكها العنصري ضد العرب. وقال شرطي من المثلث استقال من الشرطة احتجاجاً على سلوكها إزاء العرب في إسرائيل: "تركتُ الشرطة بعد أن شاهدتُ كيف تتعامل مع العرب بعنصرية. أحياناً كنت لا أشارك في مهمات معينة بسبب التعليمات التي نضطر إلى تطبيقها والتي لا حاجة إليها".
في المقابل برزت أصوات في المجتمع العربي ضد كلام عودة، ففي رأي شرطي عربي مسلم من الجليل يخدم في منطقة القدس: "كلام عودة مؤذ جداً لنا، فهو تسرعَ في كلامه هذا من دون أي مسؤولية، نحن نقوم بواجبنا ونحاول منع أعمال الشغب".
من جهة أُخرى، اعتبر منصور عباس، زعيم القائمة العربية الموحدة، أن كلام عودة له خلفية سياسية، ولا سيما في ظل الأزمة السياسية بعد استقالة عيديت سيلمان من الائتلاف وإدراك عودة أن كتلته أصبحت "بيضة القبان" في هذا الكنيست، وأصبحت قادرة على حل الكنيست والحكومة.
ذكر تقرير في إذاعة الجيش الإسرائيلي اليوم أن وزارات حكومية اشتبهت بأن الصين أخفت جهازاً للتنصت في هدية وُزِّعت عليها بمناسبة عيد الفصح. ولقد جرى اكتشاف الجهاز خلال عملية فحص أمنية روتينية لهدية أرسلتها السفارة الصينية إلى وزيرة العلوم أوريت فركش هاكوهين. وفي أعقاب ذلك جرى جمع الهدايا من كل الوزارات لإعادة فحصها.
أعلنت وزارة الدفاع هذا الصباح أن الصادرات الأمنية حققت رقماً قياسياً في سنة 2021، وبلغت نحو 11.3 مليار دولار، أي ما يعادل 36 مليار شيكل. وزادت الصفقات التي وقعتها الوزارة بنسبة 30٪ مقارنة بسنة 2020، إذ بلغ التصدير الأمني 8.55 مليار دولار.
ومن أهم الصادرات الأمنية الدفاعية سنة 2021: الصواريخ، ومنظومات الدفاع الجوي، وخدمات التدريب والتعليم، والمسيّرات، وأنظمة الرادار والدفاع الجوي، والطائرات، والإلكترونيات، وأنظمة المعلومات والاتصالات، والمنظومات السيبرانية وغيرها.
- لا يعود تركيز أجهزة الأمن على جنين إلى حقيقة أن جزءاً من العمليات خرجت منها فحسب، بل أيضاً بسبب تحول منطقة جنين إلى جيوب عنيفة ملأى بالسلاح والأدوات القتالية، في الوقت الذي فقدت السلطة الفلسطينية سيطرتها عليها. فاليوم، جنين ومحيطها، وضمنه مخيم اللاجئين والقرى المجاورة، يشكلون دفيئة للخارجين عن القانون، من "إرهابيين" و"مجرمين" من مختلف التنظيمات والأنواع.
- لقد تحولت منطقة جنين إلى جيب كهذا؛ فالسلطة الفلسطينية انسحبت منها بعد عدة محاولات فاشلة قامت بها أجهزة الأمن الفلسطينية بهدف بسط القانون والنظام. كان على الجيش والشاباك، قبل موجة "الإرهاب" هذه، أن يعملا بشكل منظم وقوي لأسابيع عديدة في هذه المنطقة لمنع ما حدث فعلاً.
- ومن المهم التشديد على ما يلي: موجة "الإرهاب" التي نتعامل معها ليست نتاجاً حصرياً لجيب جنين، لكن ولأن في منطقة جنين، وتحديداً في مخيم اللاجئين والقرى المجاورة، نمت بنى ملأى بالسلاح تابعة للجهاد الإسلامي و"حماس"، فإن هذا الجيب هو المسؤول عن المبادرات والعملية المخططة التي نعاني جراءها في الأيام الأخيرة. هذا، بالإضافة إلى عمليات "المحاكاة"، التي نعاني جراءها أيضاً خلال الموجة الحالية.
مساران لمعالجة جذرية
- إن جيب جنين هو الأخطر، ذلك بأن عملية "إرهابية" يبادر إليها الجهاد الإسلامي الفلسطيني وتشارك فيها مجموعات مدربة ومسلحة جيداً، ليس بالسلاح فحسب، بل بالعبوات الناسفة أيضاً، أخطر بكثير من العمليات الفردية.
- في الأيام الأخيرة، تم تفكيك 12 خلية منظمة، وفي جزء منها، كان هناك شكوك في مشاركة انتحاريين. معظم هذه الخلايا هي نتاج من "حماس" والجهاد الإسلامي جاءت من منطقة جنين ولقد جرى إحباطها كلها. في كل الأحوال من الواضح للمؤسسة الأمنية أنه يجب ليس فقط معالجة خط التماس وجمع معلومات استخبارية بأساليب مختلفة، بل أيضاً مسألة مخيم جنين، الذي تحول إلى مولّد مبادرات "إرهابية".
- فالمطلوب في جنين ومحيطها "علاج جذري"، ولهذا يوجد مساران: المسار الأول، هو سيطرة قوات كبيرة من الوحدات البرية التابعة للجيش عن طريق اجتياح جنين، المخيم والقرى المجاورة، وخلال ذلك تتم السيطرة على مناطق وتُقام معسكرات، على أن تبقى هذه القوات هناك لفترة يتم خلالها الاشتباك بشكل مباشرة ومستمر مع القوى "الإرهابية" المحلية الموجودة هناك، فيتم اعتقال مطلوبين، ومصادرة أسلحة وأدوات قتالية، وجمع معلومات استخباراتية، ثم تخرج من هناك بالتدريج من دون خوف من اشتعال المنطقة من جديد بعد خروجها بوقت قصير. وقد حدث مسار شبيه بهذا خلال عمليات "السور الواقي" سنة 2002.
- إن لهذا المسار عدة إيجابيات واضحة هي: أولاً، يرغم "الإرهابيين" على الاختفاء والهروب، الأمر الذي يشغلهم عن تنفيذ العمليات. وثانياً، مجرد وجود الجيش والشاباك في جنين المدينة والمخيم سيقود إلى اشتباك مباشر يستفز "المخربين" للخروج والاشتباك مع الجنود، وفي هذا النوع من الاشتباك، جندي في مقابل جندي وسلاح في مقابل سلاح، هناك تفوق واضح للجيش والشاباك. فتقريباً في جميع الاشتباكات على هذا الشكل، إن لم تتفاجأ القوة العسكرية، ستكون النتيجة إصابات في صفوف "الإرهابيين" من دون إصابات تُذكر في صفوف الجيش الذي يملك أدوات حماية أفضل، وتدريباً أفضل من "المخربين". هذا بالإضافة إلى أن وجود الجيش في المنطقة "الإرهابية"، يخلق معلومات استخباراتية كثيرة يمكن استعمالها لاستخراج معلومات تتطور مع الوقت وتغدو أكثر نوعية، ويمكن استعمالها لإحباط وتفكيك خلايا على المدى البعيد.
- أمّا سلبيات هذه العملية، على نمط "السور الواقي"، فتتمثل في وقوع عدد كبير من المصابين لدى الطرفين، بينهم مدنيون يُقتلون بالخطأ ومصابون خلال العملية. وينجم عن كثرة المصابين في الجانب الفلسطيني شعور بالغضب والانتقام، والذي يمكن أن يؤدي، بالإضافة إلى العمليات الفردية، إلى احتجاجات شعبية جماعية على نمط الانتفاضة الثانية. هذا إلى جانب الإصابات في صفوف قوات الأمن الإسرائيلية، والتي، وإن كانت قليلة نسبة إلى كم الإصابات في الجانب الفلسطيني، ستؤدي إلى ضغوط سياسية على الحكومة بهدف إيقاف أو تقليص النشاط.
ضغط ثلاثي
- عندما يتم أخذ حسنات وسيئات عملية على نمط "السور الواقي" بعين الاعتبار، يجب الانتباه أيضاً إلى أننا في شهر رمضان، الذي يكون فيه الإيمان الديني المسلم في أقصاه، وإلى أن عيد الفصح اليهودي بعد أيام، والذي يُعدُّ أيضاً مناسبة للاستفزازات. وفي هذا الوقت، لا يجب الذهاب إلى عملية واسعة قد تؤدي إلى احتجاجات شعبية واسعة، لذا نختار مساراً آخر لقمع "الإرهاب" في منطقة جنين وشمال الضفة.
المسار الثاني الذي تقوم به أجهزة الأمن يتم على ثلاثة مستويات:
- أولاً، على المستوى الأمني: تدخل قوات خاصة مدربة تعتقل مطلوبين استناداً إلى معلومات استخباراتية جمعها الجيش والشاباك ثم تخرج. على أن يحدث الدخول بشكل مفاجئ، ويتركز في أهداف عينية، وتبقى القوة العسكرية لساعات محدودة، وأحياناً يتم الدخول خلال ساعات النهار، لأسباب عملياتية تتمثل فيما يلي: تفكيك الرواية التي يبثها المخربون، والتي تقول إن الجيش يخاف الدخول إلى مخيم اللاجئين في جنين - وهي رواية منحتهم شعوراً بالأمان المزيف؛ لكن للدخول في ساعات النهار أهدافاً أُخرى، وهي دفع المطلوبين إلى الخروج للاشتباك من مسافات قصيرة مع الجيش وقوات "حرس الحدود"، الأمر الذي يرفع من احتمال إصابتهم واغتيالهم.
- على المستوى المدني، فرض قيود على دخول العرب الإسرائيليين إلى منطقة جنين، فهم يدخلون إليها بهدف الشراء والعلاج الطبي. في المقابل، تم عرقلة دخول رجال أعمال فلسطينيين من جنين إلى داخل إسرائيل. وهذا المنع والقيود الجديدة من شأنها ضرب الاقتصاد وسبل عيش أغلبية سكان جنين. وتقدِّر أجهزة الأمن أن هذا الضغط سيترجم في نهاية المطاف ضغوطاً عائلية، وضغوطاً من جانب أصحاب نفوذ في جنين، على "المخربين" الذين سيُطلب منهم التوقف عن القتال لمنع انهيار الوضع الاقتصادي ورفاهية السكان.
- أمّا المستوى الثالث فهو "الجزرة"، إذ تستمر إسرائيل في منح تصاريح عمل للعمال من منطقة جنين وشمال الضفة للعمل في إسرائيل، بهدف تقليص الضرر على نمط حياة مئات آلاف العائلات من ذوي الدخل المحدود، لأنهم من المرشحين للانضمام إلى صفوف "المخربين"، والمشاركة في احتجاجات شعبية واسعة - في حال اندلعت.
- حسنات هذا المسار القائم على عمليات عينية واضحة: هذا المسار يفرض حالة من عدم اليقين في صفوف المخربين، ويمنح القوات الإسرائيلية عامل المفاجأة، مرة تلو أُخرى، وليلة تلو أُخرى، ونهاراً تلو آخر. والنتيجة أن الإصابات في صفوف قواتنا قليلة نسبياً، لكن نوعية المعلومات الاستخباراتية التي يجمعونها، وكميتها، لا تقل، بل على العكس - كل مطلوب يتم اعتقاله يؤخذ إلى التحقيق، ومن هناك يتم إعادة تدوير المعلومات التي يمكن الحصول عليها منه. وهذا يسمح برفع جودة المواد الاستخباراتية، من دون المخاطرة بالقوات العسكرية.
- بالإضافة إلى كل ما سبق، فإن هذه العمليات تشكل ضغوطاً أيضاً على المجتمع الحاضن للـ"مخربين"، والأهم أنها لا تسمح لهم بكشف التحضيرات الدفاعية التي يقوم بها الجيش في قلب مناطق سكنهم، ما يمنعهم من التحضير لمهاجمة القوات الموجودة في المنطقة بشكل دائم. ناهيك بحقيقة أن الدخول والخروج بوتيرة عالية يستنزف هؤلاء، إذ لا يملكون خلال المطاردة الوقت أو الهدوء للمبادرة والتخطيط.
- يبدو في الوقت الحالي أن مسار الدخول السريع لتنفيذ عمليات عينية، والخروج السريع بعدها، هو الأفضل والأدق. ومن المهم بذل الجهد الكافي للامتناع من إصابة مدنيين، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى انتفاضة شعبية. هذا خيط رفيع يجب السير عليه، ويبدو أن الجيش والشاباك وحرس الحدود يعرفون كيف يسيرون عليه. وفي حال نجاح هذا المسار بالوصول إلى النتائج المطلوبة، من الممكن ألاّ نحتاج إلى عملية "السور الواقي" 2.
- كان يتعين على حكومة التغيير أن تبدأ ولايتها بإصدار قانون فعال وسريع لا يسمح بأن يكون في موقع رئاسة الحكومة شخص صدر بحقه كتاب اتهام. لقد كان هذا المفتاح لإبقاء بنيامين نتنياهو خارج اللعبة، لكن الحكومة لم تفعل ذلك، بل ترددت وتلعثمت وأجلت. كما برهن كل من أييليت شاكيد ونير أورباخ وأيضاَ رئيس الحكومة نفتالي بينت، بسلوكهم غير الجازم، أن حزب يمينا لا يرغب في إنهاء حكم نتنياهو. ومنذ اللحظة التي تحول فيها أعضاء يمينا إلى طوق نجاة لنتنياهو، برز تصدع كبير في درب الحكومة.
- حصل حزب "يمينا" على 7 مقاعد في الانتخابات، وساهمت تشكيلة سياسية غير مألوفة في وصول زعيم الحزب بينت إلى رئاسة الحكومة. لقد كان هناك على الأقل سياسي واحد رأى أنه يتقدمه في هذا المنصب هو يائير لبيد، لكنه فهم أن حزب يمينا لن يشارك في حكومة يمين – وسط - يسار صهيوني تضم القائمة العربية الموحدة من دون تتويج بينت رئيساً للحكومة.
- واتضح أن هناك أحزاباً ثمة تناقض سياسي فيما بينها، لكنها نظيفة الكف وغير فاسدة وقادرة على إدارة حكومة. وفي رأيي لقد كانت هذه أفضل حكومة شهدتها إسرائيل خلال الأعوام الـ15 الأخيرة. لقد أدرك بينت وشاكيد وأورباخ وسيلمان أن قرارهم هذا سيجلب ضغوطاً وتهديدات ومضايقات، ليس فيها أي عنصر عفوي، باستثناء لهفة نتنياهو للخروج من وضعية الرجل الذي أصبح من الماضي، والمتورط بمحاكمة صعبة، والعودة إلى وضعية الشخص الذي يملك قدرات سياسية أكيدة.
- لا يمكن إنكار أن الخط الذي جمع بين هذه الأحزاب كان "فقط ليس بيبي"، بيبي الشخص وبيبي الإرث وبيبي الخطر على الديمقراطية. إذ إن أعضاء يمينا كانوا الوحيدين الذين تخوفوا من الانضمام علناً إلى هذا الخط الذي يبرر تشكيل هذه الحكومة المميزة.
- لقد منح انضمام راعام إلى الحكومة اليمين خطاً دعائياً عنصرياً، لكن، وعلى الرغم من الافتراءات فإن الحكومة أثبتت أنها قادرة على العمل مع راعام. كذلك برهن الحزب العربي عن مسؤولية واستقرار، وأظهر أن مشاركة حزب عربي في الائتلاف أمر ممكن وجوهري أيضاً من ناحية دعم الجمهور.
- والخطأ المصيري هنا كان تأخير التشريع الذي يمنع شخصاً يوجد بحقه كتاب اتهام من تولي منصب رئاسة الحكومة. فتردد شاكيد وتلعثم أورباخ وسكوت بينت أرسل رسالة مزدوجة مفادها: نحن ضد نتنياهو، لكن ليس بصورة قاطعة. وبقي هناك شق أو صدع، ولم يكن نتنياهو بحاجة إلى أكثر من ذلك.
- بالتأكيد كانت عيديت سيلمان ضحية الضغط والتهديدات، لكن ما سمح بهذا هو موقف أعضاء يمينا المتأرجح والمتردد إزاء النتائج السياسية لمحاكمة نتنياهو.
- الآن وبعد استقالة سيلمان، يدرك أورباخ وشاكيد وآبير كارا، أنها سبقتهم في تحصين مكان لنفسها، بينما هم يواصلون الصراع على أماكنهم في حكومة "يمينية بالكامل" ستتشكل، في رأيهم، عاجلاً أم آجلاً.
- إن التخوف الأكبر من عودة نتنياهو وأمير أوحنا وياريف لفين وإيتمار بن غفير إلى موقع القيادة يفسح المجال أمام المستقيلين المحتملين الثلاثة من يمينا بأن يشكلوا تهديداً، حقيقياً وغير حقيقي، لجوهر وجود هذه الحكومة الهشة.
- لا أريد ولا أرحب باستقالة أعضاء يمينا من الحكومة، لكن هناك حدوداً يجب عدم تخطيها في الأساس في كل ما يتعلق بالتفسير الديني لليهودية الصهيونية. من يغضب من استخدام تعبير "الضفة الغربية" بدلاً من يهودا والسامرة، ينكر احتمال التوصل ذات يوم إلى اتفاق موقت بيننا وبين الفلسطينيين في هذا البلد. نعم هناك سبب وجيه لمطالبة كل مكونات الائتلاف بالتركيز على الإصلاحات المدنية والعامة، لأنه فيما عدا ذلك الفجوة هائلة فيما بينهم.