مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
لبيد في رد ضمني على واشنطن: إسرائيل لن تسمح لأحد بأن يملي عليها تعليمات إطلاق النار
مصادر أمنية وسياسية إسرائيلية رفيعة تؤكد أن عملية ضخ الغاز الطبيعي من حقل "كاريش" أُجِّلت إلى منتصف تشرين الأول/أكتوبر المقبل، أو إلى أواخره
تقرير: الجيش الإسرائيلي يستعد لاستخدام طائرات مسيّرة من دون طيار في أنحاء الضفة الغربية، على خلفية التصعيد المتزايد للوضع الأمني
مقالات وتحليلات
أبرز المواضيع التي يتعين على رئيس هيئة الأركان الجديد إعطاءها الأولوية، كون إسرائيل من دون جيش جاهز لخوض حرب متعددة الجبهات
نهج إدارة الصراع مع الفلسطينيين من جانب إسرائيل بطريقة "جزّ العشب" يصل إلى نهايته، ومن الممكن أن يؤدي إلى انفجار عنيف واسع
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"يديعوت أحرونوت"، 8/9/2022
لبيد في رد ضمني على واشنطن: إسرائيل لن تسمح لأحد بأن يملي عليها تعليمات إطلاق النار

قال رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد إن أحداً لن يملي على إسرائيل تعليمات إطلاق النار، وذلك في رد ضمني على الولايات المتحدة التي أعلنت على لسان الناطق بلسان وزارة خارجيتها أول أمس (الثلاثاء) أنها ستواصل الضغط على إسرائيل لتغيّر سياساتها بخصوص ما وصفته بأنه "قواعد الاشتباك" في مناطق يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، وستواصل في الوقت ذاته تأكيد أهمية إجراء محاسبة في قضية مقتل مراسلة قناة "الجزيرة" الصحافية شيرين أبو عاقلة.

وقال لبيد في سياق كلمة ألقاها خلال حفل تخريج دورة ضباط في سلاح البحر الإسرائيلي أقيم في قاعدة سلاح البحر في حيفا مساء أمس (الأربعاء): "لن يملي علينا أحد تعليمات فتح النار ونحن نقاتل من أجل حياتنا." وأضاف: "لقد استمعت إلى مطالب بمحاكمة جنود الجيش الإسرائيلي بعد مقتل أبو عاقلة. وعليّ أن أقول لكم ما يلي: لن أسمح لهم بملاحقة أي جندي في الجيش الإسرائيلي دافع عن حياته بمواجهة إطلاق نار من طرف ’إرهابيين’، فقط من أجل أن نتلقى التصفيق في الخارج."

وادّعى لبيد أن الجيش الإسرائيلي لا يطلق النار عمداً على الأبرياء.

في سياق متصل، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام، في ختام اجتماع تقييم للأوضاع الأمنية عُقد أمس، أن رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي هو وحده مَن يقرر تعليمات إطلاق النار، وفقاً للحاجات العملانية وقيم الجيش الإسرائيلي.

وأشار غانتس إلى أن القادة والجنود ينفّذون التعليمات بدقة، وشدد على أنه لم يكن، ولن يكون هناك أي تدخُّل سياسي في هذه المسألة. كما شدد على أن جنود الجيش الإسرائيلي لديهم الدعم الكامل للقيام بمهماتهم.

وطالب غانتس السلطة الفلسطينية بالعمل ضد "الإرهاب" وعدم الاكتفاء بالحديث ضده.

وقال غانتس إن وجود سلاح في شوارع المناطق [المحتلة] وغياب قدرة السلطة الفلسطينية على الحكم يُلحقان أضراراً كبيرة بالسكان الفلسطينيين والسلطة الفلسطينية ذاتها، مشيراً إلى أنه نقل هذه الرسالة مرة أُخرى إلى قيادة السلطة أمس.

"معاريف"، 8/9/2022
مصادر أمنية وسياسية إسرائيلية رفيعة تؤكد أن عملية ضخ الغاز الطبيعي من حقل "كاريش" أُجِّلت إلى منتصف تشرين الأول/أكتوبر المقبل، أو إلى أواخره

قالت مصادر أمنية وسياسية إسرائيلية رفيعة المستوى أمس (الأربعاء) إن عملية ضخ الغاز الطبيعي من حقل "كاريش" في البحر الأبيض المتوسط لن تبدأ في الشهر الحالي أيلول/سبتمبر، بل في منتصف تشرين الأول/أكتوبر المقبل، أو أواخره.

وأضافت هذه المصادر أن هذا التأجيل قُرِّر في إثر تلقّي بيان بهذا الشأن من شركة "إنرجيان" التي تقوم بتشغيل منصة ضخ الغاز في "كاريش".

وتعتقد المصادر نفسها أن هذا الأمر يمكنه أن يخفف من حدة التوتر الآخذ في التصاعد في الجبهة الشمالية، في ضوء التهديدات التي أطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في الفترة الأخيرة.

وكان نصر الله أكد أن استهداف حقل "كاريش" متوقف على قرار إسرائيل والولايات المتحدة منح لبنان حقوقه في استخراج الثروات من مياهه. وهدد بأنه في حال بدأ استخراج النفط والغاز من "كاريش" في أيلول/سبتمبر، قبل أن يأخذ لبنان حقه، "فنحن ذاهبون إلى مشكلة"، وأضاف: "وضعنا هدفاً، وذاهبون إليه من دون أي تردُّد، وكل ما يحقق هذا الهدف سنلجأ إليه." كما رأى نصر الله أن الدولة اللبنانية عاجزة عن اتخاذ القرار المناسب الذي يحمي لبنان وثرواته، لذلك، فإن حزب الله مضطر إلى اتخاذ القرار.

ومن المقرر أن يعود الوسيط الأميركي بين إسرائيل ولبنان عاموس هوكشتاين إلى المنطقة يوم (الاثنين) من أجل استئناف مهمته.

موقع قناة "كان 11"، 8/9/2022 www.kan.org.il
تقرير: الجيش الإسرائيلي يستعد لاستخدام طائرات مسيّرة من دون طيار في أنحاء الضفة الغربية، على خلفية التصعيد المتزايد للوضع الأمني

قالت قناة التلفزة الإسرائيلية "كان 11" [تابعة لهيئة البث الرسمية الجديدة] مساء أمس (الأربعاء) إن الجيش الإسرائيلي يستعد لاستخدام طائرات مسيّرة من دون طيار في أنحاء يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، وذلك على خلفية التصعيد المتزايد للوضع الأمني.

وأشارت قناة التلفزة إلى أنه تم تفويض كلٍّ من قائد فرقة يهودا والسامرة وقائد اللواء المسؤول عن منطقتيْ جنين وطولكرم بتشغيل مركز هجومي تابع لسلاح الجو الإسرائيلي، للإشراف على نشاطات المسيّرات التي تحمل أسلحة.

ولم ترِد تقارير عن استخدام طائرات مسيّرة مسلحة لضرب أهداف في الضفة الغربية، وفي الماضي استخدمت إسرائيل طائرات هليكوبتر هجومية في الضفة الغربية، لكن في ظروف خاصة فقط، وليس كمسألة روتينية.

وتتعرض قوات الجيش الإسرائيلي لإطلاق نار بشكل متكرر خلال مداهمات ليلية في الضفة الغربية، وهي مستمرة منذ أشهر في إطار عملية "كاسر الأمواج"، التي بدأ الجيش بشنها، بعد سلسلة من الهجمات المسلحة التي أسفرت عن مقتل 19 إسرائيلياً بين منتصف آذار/مارس وبداية أيار/مايو. واعتُقل أكثر من 1500 فلسطيني منذ بدء العملية. وتنتهي الاشتباكات الليلية، شبه اليومية إلى حد كبير، من دون وقوع إصابات في صفوف القوات الإسرائيلية، لكن في أيار/مايو، قُتل ضابط في وحدة شرطة مكافحة الإرهاب ["يمام"] التابعة للشرطة، بينما كانت القوات تُنهي عملية تضمنت مداهمات لمنازل المشتبه فيهم.

وقد تم استخدام الطائرات المسيّرة المسلحة بكثافة خلال القتال الإسرائيلي الأخير ضد حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية في قطاع غزة.

وحتى وقت قريب، حظرت الرقابة العسكرية الحديث عن الطائرات المسيّرة الإسرائيلية. وعلى مدار أعوام طويلة، لم يؤكد الجيش الإسرائيلي استخدامه طائرات مسيّرة مسلحة، وواجه الصحافيون الإسرائيليون الذين حاولوا تغطية هذا الحدث مقص الرقابة العسكرية.

 

مباط عال، العدد 1641، 7/9/2022
نهج إدارة الصراع مع الفلسطينيين من جانب إسرائيل بطريقة "جزّ العشب" يصل إلى نهايته، ومن الممكن أن يؤدي إلى انفجار عنيف واسع
كوبي ميخائيل - باحث في "معهد أبحاث الأمن القومي"
  • لم تكن العملية التي حدثت في 4 أيلول/سبتمبر في الشارع رقم 90 مفاجِئة، لا من حيث كونها عملية إطلاق نار - حتى ولو كانت استثنائية من حيث التخطيط والنية بإشعال الباص والركاب، ولا من حيث التوقيت أو المنفّذين. كذلك الأمر بالنسبة إلى الردود المشجعة لـ"حماس"، والجهاد الإسلامي، وكتائب شهداء الأقصى، وأيضاً عدم الرد من السلطة الفلسطينية لم يكن مفاجئاً. هذه العملية كانت شجرة أُخرى تحترق في غابة "الإرهاب" التي تتوسع، وفصلاً جديداً في رواية المقاومة الفلسطينية التي تتشكل بروح الجهاد الإسلامي، وبالتعاون مع "حماس" وكتائب شهداء الأقصى التابعة لـ"فتح". وهذا كله، بدعم من إيران وحزب الله. وفي هذا الوقت، من المهم دراسة الغابة بشكل كامل، وعدم التركيز على واحدة من الأشجار.
  • عملياً، إن العملية ضد الباص في الشارع رقم 90 هي جزء من اتجاه واضح بدأ منذ آذار/مارس 2022، إذ كانت الانطلاقة من عمليات داخل حدود دولة إسرائيل. منطقة جنين كانت بؤرة تصدير للعمليات، بعد فترة طويلة نجح خلالها الجهاد الإسلامي، وبتمويل من إيران وحزب الله، وبمساعدة نشطائهما في تهريب السلاح إلى الضفة الغربية، في التحول إلى التنظيم الأقوى والأكبر في المنطقة. التنظيم الذي يتم تشغيله على أنه "ذراع إيرانية"، متحرر من كافة الالتزامات تجاه المجتمع المحلي. هدف وجوده هو الالتزام بفكرة المقاومة المسلحة، وهو أداة مهمة لإيران، بهدف زعزعة الاستقرار في المنطقة، وفي الصراع ضد إسرائيل. أسس التنظيم شبكات تعاوُن مع "حماس"، ومع الحركات المسلحة التابعة لـ"فتح"، ويقود جهوداً مستمرة في تجنيد الأموال. و"حاضنة الإرهاب" التي تم تفعيلها من جنين بقيادة الجهاد الإسلامي، تحركت إلى منطقة نابلس بسبب الصعوبات التي تشكلها أجهزة الأمن الإسرائيلية التي عملت بكثافة في المنطقة، لكنها لم تقضِ عليها كلياً. والدليل أن منفّذي العملية جاؤوا من هناك. هذا بالإضافة إلى أن نشاط قوات الأمن الإسرائيلية في منطقة جنين أدى إلى ارتفاع ملحوظ في درجة الاحتكاك بالمجتمع المحلي، وفي حدة العنف خلال لقاء مجموعات مسلحة فلسطينية. النشاط الإسرائيلي، الذي يركز على عمليات محددة في إطار عمليات الاجتياح، يتم الرد عليها من النشطاء المسلحين في محاولة لتشويشها من خلال المواجهة والاشتباك. الحديث يدور حول مئات معدودة من النشطاء الذين يركزون جهودهم في مقابل قوات الجيش ويوثقون ما يحدث وينشرونه على شبكات التواصل الاجتماعي. وعلى الرغم من عدد المعتقلين الكبير، وارتفاع عدد الفلسطينيين الذين "قُتلوا" خلال هذه العمليات، فإن رواية المقاومة الفلسطينية تتعزز وتنتشر في الضفة الغربية، في الوقت الذي تتوسع حملات الاعتقالات وإحباط "الإرهاب" في هذه المناطق ذاتها.
  • إلى جانب الجهود المستمرة للجهاد الإسلامي، تواصل "حماس" جهودها لتعظيم قوتها العسكرية في المنطقة من خلال صالح العاروري. من جانبها، تستمر كتائب شهداء الأقصى التابعة لـ"فتح"، بتمييز ذاتها من السلطة الفلسطينية وانضمامها إلى المواجهة المسلحة ضد قوات الجيش في الميدان، وبجهودها في تنفيذ عمليات. وفي إطار التعاون بين التنظيمات في منطقة جنين، تم تعميق التعاون بين الفصائل.
  • إن الأزمة الاقتصادية بحد ذاتها ليست سبباً يفسّر الظاهرة، إنما يدور الحديث حول وعي يتسع بالصراع، تتم تغذيته بواسطة ارتفاع حدة الاشتباك العنيف مع الجيش، من الشعور بالنجاح، وبصورة خاصة من الفراغ السياسي بسبب غياب السلطة. فصورة السلطة ومكانتها تضررتا بشكل صعب في عيون المجتمع الفلسطيني، في إثر فشلها في الدفع قدماً بالرؤية القومية وطرح أفق سياسي. وبالأساس، يبدو هذا الفراغ واضحاً في تفضيل أجهزة أمن السلطة الامتناع من أعمال جدية ضد "الميليشيات" المسلحة. هذا باستثناء حالات خاصة من العمل ضد تنظيم "حماس" الذي يهدد، بحسب فهم قيادة السلطة، استقرارها ووجودها. هذه هي خلفية مشاركة نشطاء من الأجهزة الأمنية أو أولادهم في العمليات. إن حجم الظاهرة، حتى ولو كان لا يزال صغيراً، مقلق جداً، ويشير إلى صعوبة في تعامُل الأجهزة ضد هذه التنظيمات.
  • في الظروف الحالية، لن يحدث أي تغيير في وضع السلطة الصعب. استمرار الجهود الأمنية الإسرائيلية لإحباط بنى "الإرهاب"، سيؤدي بالضرورة إلى ارتفاع إضافي في الاشتباك وعدد المصابين الفلسطينيين، وإسرائيل تقترب بخطوات كبيرة جداً من المعضلة الاستراتيجية: 1) الاختيار بين توجيه جهودها من جديد إلى مبادرة سياسية، تحضيراً للانفصال- حتى ولو كانت محدودة بعدم وجود أفق لاتفاق ثابت في المستقبل المنظور، لكنها تشير إلى اعتراف إسرائيلي بالسلطة الفلسطينية كشريكة في مسار اتفاق يساعد على تحسين حكمها والاقتصاد في مناطقها، ويشجع على تقويتها كبديل ممن يقود المقاومة المسلحة؛ 2) أو خطوة عسكرية واسعة، على نمط [حملة] "السور الواقي"، لإعدام بنية "الإرهاب" التي تتطور في شمال الضفة وتمتد إلى مركزها وجنوبها. في جميع الأحوال، على إسرائيل بذل جهود مستمرة وجدية أكثر لإحباط تهريب الأموال والأدوات القتالية، بقيادة إيران وحزب الله بالأساس، والتي تغذي هذه البنى.
  • إن طريقة العمل المنفصلة التي تتبناها إسرائيل في الساحة الفلسطينية - احتواء في مقابل "حماس"، تشمل تسهيلات اقتصادية، وبين الحين والآخر نشهد رداً عسكرياً محدوداً، وفي المقابل، هناك ردود حادة ضد العمليات في الضفة- تشكل أرضاً خصبة لنمو سردية المقاومة الفلسطينية وتساعد، من دون قصد، في مسار إضعاف السلطة الفلسطينية. لذلك، يتم التعامل مع أجهزة الأمن الفلسطينية كمن يتعاون مع إسرائيل على حساب المصلحة القومية الفلسطينية. من جهة المسلحين الفلسطينيين، فإن ثمن الاشتباك مع إسرائيل بعنف ليس كبيراً جداً. ثمة أبطال فلسطينيون يولدون كل يوم والشعور بالقدرة ونجاعة الاشتباك المسلح تستوطن القلوب والوعي الجماعي للجيل الشاب، وتغذي الدافع إلى الانضمام إلى المواجهة. وفي المقابل، فإن نهج إدارة الصراع من جانب إسرائيل بطريقة "جزّ العشب" يصل إلى نهايته، ومن الممكن أن يؤدي إلى انفجار واسع عنيف، في الوقت الذي يشكل رداً على الأشجار المنفردة، وليس على الغابة – وهذا هو التحدي الاستراتيجي الحقيقي الماثل أمام إسرائيل.

 

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
موقع N12، 7/9/2022
أبرز المواضيع التي يتعين على رئيس هيئة الأركان الجديد إعطاءها الأولوية، كون إسرائيل من دون جيش جاهز لخوض حرب متعددة الجبهات
يتسحاق بريك - لواء احتياط والقائد السابق للكليات العسكرية
  • حصل الرئيس المقبل لهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، الجنرال هرتسي هليفي، على إرث أصعب بكثير من الإرث الذي حصل عليه رؤساء هيئة الأركان السابقون الأربعة. فمن دون إعادة بناء سلّم أولويات الجيش، ومن دون إقرار مواضيع في سلّم الأولويات القومي والأمني - سأتطرق إليها لاحقاً - لن نصمد هنا، لأنه بكل بساطة لن يكون هناك إمكانية لتصحيح الوضع القائم بعد خوض معركة متعددة الجبهات.
  • في جميع المواضيع التي سأفصّلها هنا، نحن على أعتاب مرحلة اللا - عودة. الوضع داخل الجيش، كما يبدو اليوم، سيدفع إسرائيل إلى كارثة قومية كبيرة جداً في المعركة المقبلة. على رئيس هيئة الأركان المقبل تمييز نفسه من عادات مَن سبقوه، إذ من الممكن أن تكون أفكارهم ممتازة، إلا إن الجيش تراجع إلى وضع لن يستطيع تطبيق هذه الأفكار فيه.
  • القيادة العليا للجيش لم تتعامل مع أساسات النجاح بإدارة وثقافة عمل تنظيمي صحية، ولم تقُم ببناء جيش نوعي بمستويات عالية، جيش ملتزم، كهذا الذي يستخلص العبر ويقوم بأبحاث ذات صدقية كجسم واحد، فيكون كل شيء مصحوباً بالقناعات والعادات والصدق والاستقامة. ولذلك، لا تستطيع هذه القيادة تطبيق أفكارها. فالجيش يتزود بتكنولوجيا جديدة ثمنها مليارات الدولارات، ويغطي بها الفشل في الجيش: نقص تدريبات؛ عدم التدرب على استعمال التقنيات؛ نقص في القوى البشرية المهنية التي تستطيع التعامل مع هذه المعدات وترميمها - باتت هذه المعدات غير صالحة للاستعمال، ولا يتم استنفاد قدراتها خلال التدريبات.

ما هو حجم الإخفاق؟

  • الضباط المسؤولون كانوا يحلّقون مع الغيوم خلال الأعوام السابقة، ولم تطأ أرجلهم أرض الواقع. لقد بنوا لأنفسهم قصراً من الجليد، كالواقع الافتراضي الذي سيذوب بفعل نار القذائف التي ستنهال على الجبهة الداخلية الإسرائيلية. يوجد لدى إسرائيل اليوم جيش للحياة اليومية، وليس لديها جيش للحرب المتعددة الجبهات الآتية من التهديد الإيراني وأذرعه. سيطلقون في كل يوم أكثر من 3000 صاروخ في اتجاه الجبهة الداخلية الإسرائيلية، بالإضافة إلى مئات المسيّرات، كما سيقومون بتدمير 150 موقعاً، بالإضافة إلى عشرات آلاف "المخربين" الذين سيقاتلون داخل حدود إسرائيل: الضفة الغربية وداخل إسرائيل ذاتها. هذا الوضع لم نكن نشهده قط. وإذا لم يغيّر رئيس هيئة الأركان الجديد طريقة عمل مَن سبقوه كلياً، ويتوقف عن التحليق في الواقع الافتراضي، ويبدأ بمعالجة جذرية في الوحدات المقاتلة وجاهزيتها، ومن ضمنها تغيير الثقافة التنظيمية كلياً، فسيكون له شرف الانضمام إلى فشل مَن سبقوه.

هذه هي المواضيع التي يجب على رئيس هيئة الأركان الجديد التعامل معها ومنحها الأولوية والدفع بها قدماً بسرعة:

  • الترميم واللوجستيات لن يعملا. الإمداد اللوجستي والترميم لن يعملا بشكل كامل في المعركة القادمة المتعددة الجبهات، وهو ما سيوقف الجيش خلال يوم، أو يومين في الحد الأقصى. في الأعوام السابقة، تجمعت في الجيش الآلاف من حافلات "ريو" القديمة، وعمرها 60 عاماً، وهي غير صالحة لنقل المعدات العسكرية في الحرب. الجيش اختار الخصخصة وتوجه إلى الشركات المدنية، ومن المفترض أن تنقل هذه الشركات الدبابات والمركبات المدرعة، وأدوات هندسية تقنية، ووقوداً، وذخيرة، وغذاء، ومعدات، وقطع غيار، ومياهاً، وخزانات للتبديل، وكاراجات لتصليح الثقوب، ومركبات لتفعيلها خلال الحرب، وأموراً أُخرى. لدى هذه الشركات نقص في الحافلات ومعدات أُخرى؛ لديها نقص بالآلاف في أعداد سائقي الحافلات وناقلات الدبابات. والعدد القليل الموجود أصلاً هم عمال عرب يعملون في هذه الشركات، ولن يحضروا إلى العمل في الحرب القادمة، كما لم يتواجدوا خلال عملية "حارس الأسوار"، لأن أصدقاءهم لن يسمحوا لهم بذلك. انعدام المسؤولية لدى المستوى العسكري موجود بمستويات عالية جداً. هذا المستوى العسكري يعرف الوضع الصعب هذا، ويختار الوقوف جانباً وعدم التصرف للخروج من هذا الوحل. وكما يُقال: من بعدي الطوفان.
  • إقامة حرس قومي. المواجهات التي ستندلع خلال الحرب المقبلة، سيشارك فيها عرب "متطرفون" وبدو. أعدادهم ستزيد بالعشرات عما حدث خلال حملة "حارس الأسوار"، وهناك خطورة حقيقية على السكان والأملاك. لديهم الآن السلاح والذخيرة التي سُرقت، أغلب الظن من قواعد الجيش، أو تم تهريبها من الحدود. لا قدرة لدى الشرطة وحرس الحدود على التعامل مع هذا الوضع وحدهما، لذلك، يجب تقوية "الحرس القومي" الذي تم إنشاؤه. وظيفته ستكون حراسة الشوارع وبيوت المواطنين والأملاك والحركة في المحاور.
  • معالجة مشاكل الدفاع في البلدات الحدودية. لا يوجد مَن يدافع عن البلدات في الشمال أمام آلاف الصواريخ والقذائف التي ستسقط فيها كل يوم. في الوقت ذاته، يمكن أن يحاول حزب الله عبور الحدود بأعداد كبيرة. الجيش غير جاهز لهذه المعركة، لذلك، يجب تحضير سكان البلدات في شمال البلاد للدفاع عن أنفسهم.
  • تحضير الجبهة الداخلية [المدنية] للحرب. يجب توضيح التهديد للجبهة الداخلية وتحضيرها للحرب. الجبهة الداخلية ستكون الساحة المركزية في الحرب المتعددة الجبهات، إلا إن الجيش يتعامل معها كزائدة لا حاجة إليها. فهذه الجبهة التي يعيش فيها 10 ملايين من السكان، لم يتم تجهيزها للحرب الأصعب منذ "حرب الاستقلال [1948]". وللدفاع عن الجبهة الداخلية في الحرب المقبلة، يجب التزود بأدوات قتالية جديدة: صواريخ أرض - أرض؛ منظومات ليزر ضد القذائف، وضد الصواريخ المضادة للدبابات، وتجهيزات أُخرى. هذه الأمور ستشكل إضافة تتكامل مع الطائرات ضد المسيّرات والصواريخ والقذائف. حان الوقت لنفهم أنه في الحرب المتعددة الجبهات المقبلة، لن يكون لدى سلاح الجو قدرة على الوقوف وحيداً مقابل التهديد المتعدد من إيران وأذرعها. وعلى الرغم من ذلك، فإن أغلبية أموال ميزانية التزود بالأسلحة تذهب لشراء طائرات، وتقريباً لا تزود سلاح البر بالأدوات القتالية التي ذكرتها سابقاً. فقدنا القدرة على القتال المتعدد الأذرع، وتحولنا إلى جيش ذي بُعد واحد لسلاح الجو، من دون قدرة على الاستجابة للتهديد الوجودي في الحرب المقبلة بسبب ضيق التفكير وجمود رؤية المستوى العسكري الكبير.
  • تقوية سلاح البر. يجب تقوية سلاح البر فوراً، وإخراجه من حالة الركود، وترميم حالة القتال المتعدد الأذرع. في الأعوام الأخيرة، تم تقليص سلاح البر، ولا قدرة لديه على الاستجابة في حرب متعددة الجبهات أمام خمس جبهات في الوقت ذاته: لبنان، وسورية، وغزة، وانفجار في الضفة الغربية، وكذلك المواجهات في الجبهة الداخلية. وبالإضافة إلى هذا، سلاح البر أصغر من أن يؤدي مهماته في الحرب، فالاحتياط غير مجهز للحرب، وقدرة الجيش الآن بالكاد تكفي للتعامل مع جبهة ونصف جبهة، وليس مع خمس جبهات مصحوبة بإطلاق آلاف الصواريخ والقذائف كل يوم كما سيحدث في الحرب المقبلة.

ليس هذا فقط، المطلوب علاج جذري في مجال القوى البشرية داخل الجيش الأساسي، وتغيير النموذج الشاب الذي تم إدخاله إلى الجيش في فترة ولاية غادي أيزنكوت الذي سبّب، حتى اللحظة، أضراراً قياسية في النوعية داخل الجيش الأساسي. والدليل أن الضباط الجيدين، في أغلبيتهم، يهربون وغير مستعدين لتوقيع خدمة طويلة ثابتة، بل يتركون الخدمة في الجيش، ليحلّ مكانهم المتوسطون وما دون.

  • بالإضافة إلى هذا كله، يجب المعالجة الجذرية للثقافة التنظيمية والثقافة الإدارية والقيادية المعطوبة داخل الجيش، لأنه لا يمكن بناء جيش نصر على أساساتها المائلة. وكيف يتم التعبير عنها؟ بعدم انضباط، وعدم وضوح الأوامر، وعدم وجود رقابة ومتابعة، وعدم معالجة وتصويب للانتقادات، وعدم استخلاص العبر وتطبيقها، وأبحاث غير موثوق بها، ومعالجة طفيفة، وطمس حقائق وعدم قول الحقيقة، وعدم وجود استمرارية وتواصلية في بناء قوة الجيش، كل ضابط جديد يحاول اكتشاف الدولاب من جديد، عدم التزام بالتعليمات، عدم وجود روتين صحي داخل الوحدات، ومقاييس متدنية من دون محددات واضحة، وأمور أُخرى.
  • إن الفجوات الموجود فيها الجيش الإسرائيلي اليوم بشأن عدم جهوزيته للحرب المتعددة الجبهات صارخة، لكن المستوى العسكري يواصل التجاهل على نمط "الكلاب تنبح والقافلة تسير". لو لم يكن الحديث يدور حول وجود أمن دولة إسرائيل ومواطنيها، كان من الممكن الوقوف جانباً، لكن مع كسل المستوى الأمني، فإن الكارثة قد تكون مسألة وقت. إن مهمة رئيس هيئة الأركان الجديد، المستحيلة تقريباً، ستكون إزاحة دفة "التايتانيك" ومنع اصطدامها بالجليد.