مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إن إسرائيل ستعمل على منع تموضُع إيران عسكرياً في سورية، وفي أماكن أُخرى.
وأضاف نتنياهو في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في مستهل الاجتماع الذي عقدته الحكومة الإسرائيلية أمس (الثلاثاء)، أن إسرائيل ستعمل بشكل قوي وعلني ضد العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، وذلك من خلال نشاط دبلوماسي مكثف أمام الأسرة الدولية، وأمام العديد من الزعماء في العالم، وأشار إلى أنه يعتقد أن الأنباء بشأن شطب هذا الموضوع من جدول الأعمال غير صحيحة.
وأكد نتنياهو أنه ينوي تعميق العلاقات مع الدول العربية الست التي لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل وضم المزيد من الدول إلى دائرة السلام معها.
وشنّ نتنياهو هجوماً حادّاً على الحكومة المنتهية ولايتها: فقال: "إن الحكومة السابقة لم تكن موحدة حول أي هدف وطني. كان لديها هدف واحد فقط هو منع إقامة حكومة مثل الحكومة الحالية، وليس أي أمر آخر أبعد من ذلك. ولقد تحرك كل وزير في اتجاه مختلف وبقي كل شيء يراوح مكانه. وتقاعست الحكومة السابقة في عدد من القضايا، بينما نحن متّحدون من أجل أهداف وطنية واسعة."
كما تطرّق رئيس الحكومة إلى غلاء المعيشة، وتعهد العمل على تخفيف الأعباء عن مواطني إسرائيل الذين امتصوا ارتفاع الأسعار بشكل حاد في العام المنصرم جرّاء التضخم العالمي وتقاعُس الحكومة السابقة.
وصادقت الحكومة الإسرائيلية في ختام اجتماعها أمس على تعيين نواب الوزراء، وأقرّت تشكيلة المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية- الأمنية، الذي سيكون مؤلفاً من رئيس الحكومة ورئيس المجلس بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت، ووزير العدل ياريف ليفين، ووزير الخارجية إيلي كوهين، ووزير الداخلية والصحة آرييه درعي، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير المال بتسلئيل سموتريتش، ووزير الشؤون الاستراتيجية رون دريمر، ووزيرة المواصلات ميري ريغف، ووزير الطاقة يسرائيل كاتس، ووزير الزراعة والتطوير الريفي آفي ديختر.
أعلن بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي مساء أمس (الثلاثاء) رصد إطلاق قذيفة صاروخية من قطاع غزة في اتجاه المستوطنات الإسرائيلية المحاذية، وأشار إلى أنها سقطت في منطقة مفتوحة داخل القطاع.
وأضاف البيان أنه وفقاً لسياسة قيادة الجبهة الداخلية، لم يتم تفعيل صفارات الإنذار، بينما أشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى دويّ الصفارات في المجلس الإقليمي "أشكول" في منطقة الحدود مع قطاع غزة.
من ناحية أُخرى، رفعت الشرطة الإسرائيلية حالة تأهُّب قواتها في مدينة القدس إلى الدرجة القصوى، وذلك في إثر قيام وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير [رئيس "عوتسما يهوديت"] بالتسلل إلى باحات المسجد الأقصى صباح أمس. وعلمت صحيفة "يديعوت أحرونوت" بأن قيادة الشرطة أصدرت تعليمات إلى قوات الاحتياط التابعة لوحدات "حرس الحدود" بالاستعداد للاستنفار الفوري، تحسباً لتصعيد محتمل، إلى جانب رفع حالة استعداد عناصر الشرطة في القدس، وفي جميع أنحاء إسرائيل.
وكانت مصادر أمنية إسرائيلية رفيعة المستوى توقعت قيام حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية بالردّ على اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى، ولو رمزياً، عبر إطلاق قذيفة صاروخية في اتجاه المستوطنات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة، وذلك بهدف بثّ رسالة إلى أهالي الضفة والقدس، فحواها أن غزة معهم، لكن هذه المصادر نفسها أكدت في الوقت عينه أن حركة "حماس" ما زالت معنية بالحفاظ على الهدوء والاستقرار في القطاع.
أكد ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية في بيان صادر عنه أمس (الثلاثاء) أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ملتزم الحفاظ على الوضع القائم في جبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف] من دون أي تغيير.
وأكد البيان أنه في إطار الوضع القائم، قام وزراء إسرائيليون بزيارة المكان، ولذلك فإن الادّعاء أن زيارة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير إلى جبل الهيكل تُعدّ خرقاً للوضع القائم لا أساس له من الصحة.
وشدّد البيان على أن إسرائيل لن تخضع لأي إملاءات من طرف حركة "حماس".
في سياق متصل، بعث الحاخام السفارادي الأكبر لإسرائيل يتسحاق يوسف أمس برسالة احتجاج إلى بن غفير في إثر زيارته.
وأوضح يوسف في الرسالة أن وزيراً يمثل الحكومة الإسرائيلية يجب عليه أن يتصرّف وفقاً لتعليمات الحاخامية الرئيسية التي تحظر زيارة هذا المكان المقدس. ودعا الحاخام الأكبر الوزير بن غفير إلى عدم القيام بمثل هذه الزيارة مرة أُخرى.
ونشر الحاخام الرئيسي للقدس رسالة مماثلة في وقت سابق أمس.
وكان بن غفير تسلّل صباح أمس إلى الحرم القدسي الشريف تحت حراسة رجال أمن من أفراد الشرطة، وتمّ منع بقية الزائرين من الدخول إلى الحرم في أثناء تسلُّله.
وجاءت هذه الزيارة مفاجئة بعد مضي بضع دقائق من نشر أنباء مفادها أن بن غفير سيرجئ زيارته إلى الحرم إلى الأسابيع المقبلة، في إثر حديث له مع نتنياهو، وعقب تهديدات حركة "حماس". وعُلم بعدئذ أن بن غفير قال لرئيس الحكومة إن على إسرائيل عدم الرضوخ لتهديدات "حماس".
أثارت الزيارة المفاجئة التي قام بها وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير صباح أمس (الثلاثاء) إلى جبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف] موجة استنكار في شتى أنحاء العالم.
وصدرت إدانات شديدة اللهجة لهذه الزيارة من طرف الأردن والسعودية والإمارات والمغرب والكويت وقطر.
كما أصدرت سفارات الولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الأوروبي في إسرائيل بيانات تنتقد الزيارة.
ودانت وزارة الخارجية الأردنية في بيان صادر عنها اقتحام باحة المسجد الأقصى، واعتبرته خطوة استفزازية تنذر بمزيد من التصعيد.
ونقل البيان عن الناطق الرسمي بلسان الوزارة سنان المجالي قوله "إن قيام أحد وزراء الحكومة الإسرائيلية باقتحام المسجد الأقصى المبارك وانتهاك حرمته هو خطوة استفزازية مُدانة، وتمثل خرقاً فاضحاً ومرفوضاً للقانون الدولي، وللوضع التاريخي والقانوني القائم في مدينة القدس ومقدساتها."
وأضاف البيان أن الانتهاكات والاعتداءات المتواصلة على المقدسات، بالتزامن مع الاقتحامات الإسرائيلية المتواصلة للأراضي الفلسطينية المحتلة، تنذر بالمزيد من التصعيد، وتمثل اتجاهاً خطراً يجب على المجتمع الدولي العمل على وقفه فوراً.
وأكد المجالي أن المسجد الأقصى المبارك - الحرم القُدسي الشريف بكامل مساحته البالغة 144 دونماً هو مكان عبادة خالص للمسلمين، وأن إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك الأردنية هي الجهة القانونية صاحبة الاختصاص الحصري في كل ما يتعلق بإدارة شؤون الحرم القدسي.
وأُعلن في عمّان أنه في إثر هذه الزيارة، استُدعيَ سفير إسرائيل لدى الأردن إيتان سوركيس إلى مقر وزارة الخارجية في عمّان إلى جلسة توبيخية.
وقالت مصادر أردنية مطّلعة إن السفير سوركيس أوضح لمحاوريه الأردنيين أن إسرائيل ملتزمة بالوضع القائم، وبضمان حرية العبادة في هذا المكان المقدس، لكنه في الوقت عينه أشار إلى أنه سبق أن قام وزراء إسرائيليون بزيارات إلى المكان في الماضي.
وقال الناطق بلسان رئاسة السلطة الفلسطينية نبيل أبو ردينة إن اقتحام بن غفير المسجد الأقصى المبارك يشكل تحديّاً للشعب الفلسطيني وللأمة العربية والمجتمع الدولي. وحذّر أبو ردينة من أن استمرار هذه الاستفزازات بحق المقدسات الإسلامية والمسيحية سيؤدي إلى المزيد من التوتر والعنف، وإلى تفجُّر الأوضاع.
وقال القيادي في حركة "حماس" إسماعيل رضوان إن فصائل المقاومة الفلسطينية تتابع، عن كثب، تطورات الأحداث في المسجد الأقصى واستفزاز الوزير بن غفير لمشاعر الشعب الفلسطيني. وحمّل رضوان إسرائيل المسؤولية عن استفزاز اقتحام بن غفير لمشاعر الشعب الفلسطيني، وعن تداعيات هذا الاقتحام.
وقالت حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، تعقيباً على اقتحام بن غفير المسجد الأقصى، إن المقاومة على استعداد ويقظة تامَّيْن، وهي تُجري تقييماً مستمراً لكل ما يجري، ويدها على الزناد.
ودانت وزارة الخارجية السعودية إسرائيل. وقالت الوزارة في بيان صادر عنها إن السعودية تُعرب عن تنديد وإدانة الممارسات الاستفزازية التي قام بها أحد المسؤولين الإسرائيليين باقتحام باحات هذا الموقع الحساس.
كما دانت الإمارات العربية المتحدة اقتحام وزير إسرائيلي باحة المسجد الأقصى، ودعت إلى وقف الانتهاكات الخطرة والاستفزازية فيه.
وأُعلن أمس تأجيل الزيارة التي كان من المفترض أن يقوم بها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى الإمارات الأسبوع المقبل. ونفت مصادر في ديوان رئاسة الحكومة وجود علاقة بين تأجيل هذه الزيارة وبين تسلُّل بن غفير إلى المسجد الأقصى وحقيقة أن الإمارات نددت رسمياً بهذه الخطوة. وقالت هذه المصادر إن زيارة نتنياهو ستجري في وقت لاحق من كانون الثاني/يناير الحالي.
وأعربت مصر عن أسفها لقيام مسؤول رسمي في الحكومة الإسرائيلية الجديدة باقتحام المسجد الأقصى، بصحبة عناصر متطرفة، تحت حماية القوات الإسرائيلية، مؤكدةً رفضها التام لأي إجراءات أحادية مخالفة للوضع القانوني والتاريخي القائم في القدس. وحذرت مصر من التبعات السلبية لمثل هذه الإجراءات على الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وعلى مستقبل عملية السلام، داعيةً كافة الأطراف إلى ضبط النفس والتحلي بالمسؤولية والامتناع عن أي إجراءات من شأنها تأجيج الأوضاع.
وفي الرباط قال مصدر رفيع المستوى في وزارة الشؤون الخارجية المغربية إن الوزارة تتابع الوضع في المسجد الأقصى عن كثب، على الخلفية نفسها.
وأصدرت سفارات الولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الأوروبي في إسرائيل بيانات تنتقد زيارة بن غفير، وتحثّ على التهدئة في هذا الموقع.
وشجب بيان السفارة الأميركية في القدس الزيارة، وأشار إلى أن موقف السفير توم نيدس كان واضحاً للغاية خلال محادثاته مع الحكومة الإسرائيلية بشأن ضرورة الحفاظ على الوضع القائم في الأماكن المقدسة في القدس. وأكد أن أي أفعال تمنع ذلك غير مقبولة من الإدارة الأميركية.
- الشاباك كهيئة مهنية لم يعارض زيارة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير إلى الحرم القدسي، ورأى أن الخطوة لا تمسّ بالوضع القائم. وكانت التوصية أن في الإمكان القيام بالزيارة ما دامت ستحدث في الصباح الباكر، مع صمت إعلامي، ولفترة قصيرة جداً. ويتضح الآن أن تقارير المراسلين السياسيين التي تحدثت في الأول من أمس عن قرار تأجيل الزيارة بعد الحديث مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، كانت خدعة عبر وسائل الإعلام. ولقد نجحت: الزيارة مرّت بهدوء، وانتهت خلال 13 دقيقة.
- في الخلاصة، التسوية بين رئيس الحكومة، الذي وافق على زيارة وزير الأمن القومي إلى الحرم القدسي، كانت تتعلق بشكل الزيارة التي يجب أن تكون سرية وبعيدة عن الأضواء. لكن الزيارة السريعة كانت كافية كي يثبت بن غفير لجمهور ناخبيه أنه التزم بوعوده زيارة الحرم القدسي. من جهة أُخرى، يبدو أن رئيس الحكومة هو الذي خرج خاسراً. والفضل في التغيير المزعوم في السياسة سُجّل كله لمصلحة بن غفير، الذي أثبت بصورة مبكرة قدرته على انتهاج سياسة خاصة به. من جهة ثانية، على رئيس الحكومة الآن مواجهة التداعيات على الصعيد السياسي، وربما أيضاً من النواحي الأمنية.
- بعد أكثر من سنة ونصف السنة على عملية حارس الأسوار، يدّعي مسؤولون رفيعو المستوى في هيئة الأركان العامة أن الردع في مواجهة "حماس" أصبح أقوى من الماضي، بعد العملية العسكرية في غزة. وكدليل على ذلك، يشيرون إلى أنه على الرغم من موجة "الإرهاب" المتصاعدة في الضفة الغربية والعدد المرتفع للقتلى الفلسطينيين، فإن "حماس" ظلت واقفة موقف المتفرج، ولم تردّ بإطلاق الصواريخ من القطاع. بالإضافة إلى ذلك، فهي تفرض الهدوء على التنظيمات "الإرهابية" الأُخرى.
- في الجهة الثانية من المعادلة، تستغل "حماس" الهدوء لترميم وتعزيز قوتها العسكرية، ومن أجل تعميق وتقوية الوعي في الشارع الفلسطيني في الضفة الغربية، وحتى وسط أجزاء كبيرة من المجتمع العربي في إسرائيل، بعد الدعم الذي حصلت عليه في الاضطرابات التي حدثت في المدن المختلطة وفي النقب خلال عملية حارس الأسوار.
- على الرغم من الأثمان التي تكبّدتها "حماس" خلال العملية والإنجازات العملانية القليلة في تدفيع إسرائيل الثمن، فإن مكانتها تعززت في وعي الشارع الفلسطيني بصفتها حامية القدس والأماكن المقدسة، وأنها هي التي فرضت على إسرائيل مواجهة عسكرية، بعد أن أطلقت صواريخها على عاصمتها عشية عملية حارس الأسوار - وهذا إنجاز على صعيد الوعي لا يمكن تجاهُل خطورته. التحدي السياسي والأمني الذي تواجهه إسرائيل هو تفكيك مكونات المعادلة والتأثير الذي تسعى "حماس" لاستمراره وتعميقه.
- صحيح أن دولة ذات سيادة لا يمكن أن تسمح لنفسها بأن تكون عرضة لابتزاز تنظيم "إرهابي" ومعادلة القدس الحرم القدسي الشريف يجب تفكيكها. لكن يجب أن نفعل ذلك بناءً على سياسة منتظمة للحكومة، ومن خلال إدارة صحيحة للمخاطر، وليس تحت الضغط والارتجال، كما جرى في الأمس مع زيارة بن غفير إلى الحرم القدسي.
- "زيارة" أريئيل شارون إلى المسجد الأقصى في أيلول/سبتمبر 2000 انتهت بهدوء. الأوساط المقربة من شارون سخرت من قيادات "الشاباك" التي حذّرت من انفجار - تم التعامل مع هؤلاء على أنهم مترددون، وحتى جبناء. العنف اندلع فقط في اليوم التالي: عشرات الآلاف الذين وصلوا لأداء صلاة الجمعة اشتبكوا مع الشرطة، والأحداث امتدت بسرعة إلى الضفة الغربية. خلال أيام، تدحرجت إسرائيل إلى الانتفاضة الثانية، المواجهة الأكثر دموية بين إسرائيل والفلسطينيين، و"قُتل" خلالها الآلاف.
- كذلك الأمر خلال "زيارة" عضو الكنيست أوري أرئيل إلى الحرم القدسي عشية رأس السنة في سنة 2015، انتهت من دون أحداث استثنائية. لكن في الليلة نفسها، بدأت مواجهات في شرقي القدس، واندلعت "انتفاضة السكاكين" التي نفّذ خلالها الفلسطينيون عشرات عمليات الطعن والدهس في القدس والضفة.
- على الرغم مما هو شائع، فإن التاريخ لا يعيد نفسه. ولا يمكن في الوقت نفسه المقارنة ما بين الوضع في القدس الشرقية والضفة الغربية في سنتيْ 2000 و2015 وما هو عليه اليوم. لا يمكن المقارنة ما بين "زيارة" مع إعلام، كزيارة شارون الاستفزازية والجماعية، وبين عملية تمويه كالتي قام بها بن غفير. لكن الهدوء الذي صاحبَ الزيارة في الشارع الفلسطيني، لا يؤكد أي شيء بخصوص المستقبل.
- خلال المئة عام الماضية، أثبت الفلسطينيون، مرات لا تُعد ولا تُحصى، أن المسجد الأقصى خط أحمر وواضح. بحسب الرواية الفلسطينية، فإن "الحرم" برمته هو المسجد الأقصى، ولا مكان فيه لصلاة اليهود، لكنه أكثر من ذلك أيضاً - إنه رمز قومي وديني وسياسي من الدرجة الأولى، وكل تغيير فيه يُعد إهانة شخصية وقومية تستوجب الرد.
- يتم التعامل مع كل "زيارة" لمسؤولين إسرائيليين، فلسطينياً وعربياً، على أنها اقتحام واجتياح. تم تبنّي هذه المصطلحات في جميع بيانات الإدانة التي صدرت عن الحكومات العربية: الأردن والسعودية والإمارات ومصر. وحتى لو مرّت هذه "الزيارة" بسلام في الميدان، فإنها وبعد أسبوع فقط من تأليف الحكومة تبدو كأنها تسببت بضرر جدي في علاقة إسرائيل بالدول العربية، وسابقة مُقلقة لمستقبل الحكومة.
- في سنة 2015، وفي أعقاب "موجة العنف" التي اندلعت، أرغم رئيس الحكومة، حينها واليوم، بنيامين نتنياهو، على إصدار قرار وقف زيارة أعضاء الكنيست إلى الحرم. ومنذ ذلك، الوقت، عادت زيارات أعضاء الكنيست، لكن باستثناء أرئيل و"زيارة" واحدة قام بها وزير الأمن الداخلي السابق غلعاد إردان، حينها كان الحرم القدسي مغلقاً أمام المسلمين، لم يقُم أي وزير بـ"زيارة" إلى الحرم القدسي في الأعوام الأخيرة.
- حين كان نائباً، استغل بن غفير امتيازه من أجل الاستفزاز في القدس الشرقية. هذا ما حدث حين وصل إلى باب العامود برفقة مناصريه خلال رمضان، وهو أيضاً ما حدث حين أقام مرتين مكتباً برلمانياً في حيّ الشيخ جرّاح. وفي أكثر من مرة، كانت أفعاله هي الدافع الذي أدى إلى "العنف". كوزير للأمن الداخلي، لديه أدوات قوة أكبر بكثير.
- وعلى الرغم من هذا كله، فإن "زيارة" بن غفير يمكن أن تمرّ بسلام، وتبتلعها الأحداث والاستفزازات والتصريحات غير المسؤولة والغبية من جانب الوزراء الجدد. لكن ذلك يمكن أن يؤشر إلى بدء تغيير خطر في السياسات حيال الحرم - موعد حساس أول سيكون صلاة يوم الجمعة المقبل. هناك مشكلة أُخرى، تشير تجربة الماضي إلى أن الأحداث المغطاة إعلامياً بصورة كبيرة في المسجد الأقصى، يمكن أن تدفع "مخرّبين" فرديين إلى الخروج والعمل "لحماية المسجد".
- هذا بالإضافة إلى أن الحرم هو أحد مسببات التوتر في شرقي القدس. يبدو أن الحكومة الجديدة ستمنح جهات كثيرة أسباباً أُخرى - إخلاء منازل فلسطينيين لمصلحة المستوطنين في الشيخ جرّاح أو سلوان، تسريع خطط، كالقطار الهوائي أو الحفريات "الأثرية" في سلوان، تسريع هدم المنازل واستفزازات مختلفة من طرف الشرطة للمجتمع الفلسطيني. فكما حدث في رمضان 2021، أدى التقاء إخلاء المنازل في الشيخ جرّاح وقرار إغلاق باحات باب العامود أمام الزوار ومنع الجلوس على مدرجاته، إلى سلسلة من الأحداث "العنيفة" التي انتشرت في جميع المناطق. هكذا، مزيج من الأحداث يمكن أن يدفع القدس ومعها الضفة كلها إلى الفوضى.
- الامتحان الحقيقي سيكون في الربيع. لسوء حظنا، عيد الفصح، العيد الأهم بين الأعياد بالنسبة إلى "نشطاء" بناء الهيكل، سيتزامن مع الأسبوع الثاني في شهر رمضان. أول أمس، توجه رفائيل موريس، من النشطاء الأكثر تطرفاً وفعالية من أجل بناء الهيكل إلى بن غفير، بطلب السماح بتجديد تقديم القرابين في عيد الفصح هذا العام. ويطالب موريس بالمصادقة على الطلب "بأسرع وقت ممكن، لنستطيع ترتيب الأمور اللوجستية والتوراتية والبيروقراطية وغيرها... هناك فرصة لإعادة روح المكان."
- لا يوجد أي جديد في هذا التوجه، في كل عام يتم تقديم طلب كهذا ويُرفض- وفي كل عام يحاول موريس وأصدقاؤه الدخول إلى الحرم مع أضحية، ويتم إيقافهم على يد الشرطة قبل أن يقتربوا حتى. الفرق هذا العام أنه وللمرة الأولى، الوزير المسؤول عن الشرطة هو ذاته المحامي الذي مثل موريس بعد اعتقالات سابقة مع الأضاحي. "من غير المنطقي أن يتم اعتقال أناس، فقط لأنهم يطالبون بتطبيق التعاليم الدينية اليهودية"، هذا ما قاله المحامي بن غفير في الاستئناف على اعتقال موريس في سنة 2017. وليس مستبعداً أنه في هذا العام، سيُصدر بن غفير أوامره للشرطة بعدم الاعتقال، وحتى مساعدة مَن يريد تقديم الأضاحي في عيد الفصح. "خطوة ستسرّع الخلاص بشكل فوري، وتُكتب في التاريخ كبداية بناء الهيكل الثالث"، بحسب ما كتبه موريس.
- في الخطاب الذي ألقاه وزير الخارجية الجديد لدى استلامه منصبه، لمّح إيلي كوهين إلى أن إسرائيل ستغير سياستها حيال روسيا. وصرّح كوهين بأنه ينوي التحدث مع وزير الخارجية الروسية لافروف - الأمر الذي لم يفعله أبداً مَن سبقه في هذا المنصب، يائير لبيد.
- بالنسبة إلى لبيد، يجب على إسرائيل الالتزام بخط معين ودعم طرف محدد- هو الطرف الأوكراني. لو كنا نعيش في عالم أخلاقي مثالي، فإن هذا يمكن أن يكون رائعاً. لكن في النهاية، الروس غزوا الأراضي الأوكرانية، وهم لا يستنكفون عن استخدام السلاح والعنف القاتل حتى لو لم يقع أي اعتداء أوكراني على روسيا. إذا نقلنا النزاع الروسي الأوكراني إلى منطقتنا، فإن أوكرانيا هي إسرائيل والروس هم الفلسطينيون. لكن من حسن حظنا أن الفلسطينيين لا يملكون القدرات والأراضي والمعرفة الروسية.
- إلى جانب عدم الرغبة في التماهي مع دولة عدوانية تتصرف بصورة إجرامية، في إسرائيل لا يحبّون التقارب الروسي – الإيراني الذي لا يقتصر على بيانات التأييد، بل هو "تعاون دفاعي كامل"، كما عبّر عنه البيت الأبيض في كانون الأول/ديسمبر الماضي، عندما قال إنه يوجد بين الدولتين تبادل للأسلحة والمعرفة العسكرية، معرفة وعتاد لا نرغب في حصول إيران عليه. في جميع الأحوال، ليس من المتوقع أن يثمر الحديث مع لافروف أي شيء جيد سوى من المنظور التقليدي الخالي من أي رؤية دبلوماسية.
- الرغبة في أن نكون مع "الجانب الصحيح من التاريخ" هي فكرة ساذجة، منقطعة عن المصلحة الإسرائيلية والمنطق الدبلوماسي. صحيح أن الغرب بحاجة إلى إثبات أن إسرائيل ليست راضية عن السلوك الروسي، لكن تحويل محادثة هاتفية إلى حدث مهم هو أمر مبالَغ فيه. لقد أعرب السيناتور الجمهوري ليندزي غراهام عن معارضته لتصريح كوهين، لكن مَن يضمن لنا أن الأميركيين سيكونون إلى جانبنا إذا تحولنا، لا سمح الله، إلى أوكرانيا؟
- وفي الواقع، فإن الغرب الذي يقاطع روسيا والدول الأوروبية التي تعاني جرّاء ارتفاع الأسعار والبرد مع فقدان الغاز الروسي - هي نفسها الدول التي كانت في الأمس مستعدة لتوقيع اتفاق مع إيران، الدولة التي لا تُعرف بالدفاع عن حقوق الإنسان. مع كل احترامنا لليندزي غراهام، لا نستطيع الاعتماد على الجمهوريين لدى وصولهم إلى السلطة، أو أي سلطة أُخرى، بأنهم لن يتخلوا عنا كما تخلوا عن أفغانستان.
...
- ولا نتوقع أيضاً أن يكون بوتين ونتنياهو أصدقاء، فالدبلوماسية هي لعبة مصالح، وفي دولة مع زعيم مثل بوتين، لا قيمة كبيرة للصداقة. لكن من مصلحة إسرائيل أن تفتح خط تواصُل مع روسيا، وإذا كان لروسيا مصلحة في الماضي في العلاقة مع إسرائيل، فإن هذه المصلحة لا تزال موجودة. ويتعين على إسرائيل إحياء هذه الصلة ووضعها على نار هادئة، من دون التخلي عن زيلينسكي وعن أوكرانيا. وهذا ليس أمراً بسيطاً، لكنه ممكن، إذا كانت الحكومة الحالية قد وضعت هدفاً لها، تدمير البرنامج النووي الإيراني- فيجب ألاّ تغريها أي طهرانية أخلاقية خطرة. لا نريد أن نكون في وضع أوكرانيا.
- ليس واضحاً ما إذا كان لبيد قرر قطع العلاقات مع روسيا كي ينال استحسان الغرب، لكن ليس من المستبعد أنه قرر أن يقف مع طرف ضد آخر في العلاقة مع روسيا، فقط كي يُظهر أنه ليس نتنياهو.
- يتعين على الحكومة الجديدة أن تتخلى عن سياسة المقاطعة التي انتهجتها الحكومة السابقة وكتلة "التغيير"، والتي كانت نتاج نظرة مثالية وطفولية لا تضع مصلحة إسرائيل في رأس اهتماماتها. في نهاية الأمر، الحديث مع لافروف لن يقتلنا، بينما النووي الإيراني يمكنه ذلك.