مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
حذّر رئيس حزب "يوجد مستقبل" وزعيم المعارضة عضو الكنيست يائير لبيد من أن تؤدي حملة التحريض التي تقودها الحكومة الإسرائيلية الحالية إلى سفك دماء.
وجاءت أقوال لبيد هذه على خلفية محاولة دهس مجموعة طلاب من جامعة بن غوريون في بئر السبع من مؤيدي حزب "يوجد مستقبل" في أثناء تظاهرة نُظّمت في المدينة أمس (الثلاثاء)، احتجاجاً على خطة الإصلاحات التي تنوي الحكومة تطبيقها في الجهاز القضائي.
وذكر بيان صادر عن الشرطة أن الشرطة اعتقلت سائق السيارة، وهو شاب في العشرينيات من عمره من سكان إلعاد [وسط إسرائيل] للاشتباه فيه بمحاولة دهس مشاركين في هذه التظاهرة. وأضاف البيان أن المشتبه فيه قاد مركبته على الرصيف في اتجاه المحتجين، وهو ما عرّض حياتهم للخطر.
في سياق متصل، قال ديوان رئاسة الدولة الإسرائيلية إن رئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ أجرى خلال الأيام الأخيرة محادثات مع جهات كثيرة، بهدف ضمان حوار يتسّم بالاحترام، على أمل التوصل إلى تفاهمات واسعة بقدر المستطاع.
وأضاف البيان أن هرتسوغ لفت إلى أن قيَم "وثيقة الاستقلال" هي بوصلة دولة إسرائيل، ولن يسمح بالمساس بها، ودعا ممثلي الجمهور والمواطنين من كافة أطياف اللون السياسي إلى التحلي بضبط النفس وإبداء المسؤولية واحتواء ألسنة اللهب.
قال عضو الكنيست تسفي فوغل من حزب "عوتسما يهوديت" ["قوة يهودية"] إن على الشرطة اعتقال زعيم المعارضة عضو الكنيست يائير لبيد ورئيس تحالُف "المعسكر الرسمي" عضو الكنيست بني غانتس بشبهة التحريض على التمرد.
وأضاف فوغل في سياق مقابلة أجرتها معه قناة التلفزة الإسرائيلية "كان 11" [تابعة لهيئة البث الرسمية الجديدة] أمس (الثلاثاء)، أنه يتعين أيضاً إلقاء القبض على وزير الدفاع السابق موشيه يعلون، وعضو الكنيست السابق من حزب ميرتس يائير غولان. ووصف فوغل هؤلاء الأشخاص بأنهم الأخطر حالياً، لكونهم يتحدثون عن الحكومة والائتلاف وكأنهما أعداء، ويدعون إلى حرب أهلية. وأضاف أن هذه تُعتبر خيانة، وبالتالي هناك سبب للاعتقال.
وقال فوغل: "إنهم لا يتحدثون عن تظاهرات، أو رفع شعارات احتجاج، ولا عن أي شيء آخر، إنهم يتحدثون الآن عن حرب، ويطالبون بحرب. إن كانوا يطالبون بالتظاهر، كنت سأعطيهم حق التظاهر، لكنهم يتعاملون معي كعدو، وهذه خيانة للوطن، وتُعتبر سبباً لاعتقالهم."
يُشار إلى أن تسفي فوغل مرشح لرئاسة لجنة الأمن القومي في الكنيست.
وتعقيباً على أقوال فوغل هذه، قال لبيد إنه كان من الواضح أن ذلك سيحدث. وأضاف أن نظام الحكم في الدول غير الديمقراطية يهدّد دائماً باعتقال رؤساء المعارضة.
عضو الكنيست غادي أيزنكوت، من "المعسكر الرسمي"، دعا فوغل إلى التراجع عن أقواله، وحثّ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على شجبها. وأشار أيزنكوت إلى أنه من غير المقبول في دولة ديمقراطية أن يدعو الائتلاف الحاكم إلى إلقاء القبض على رؤساء المعارضة.
وفي وقت لاحق، دان رئيس الحكومة نتنياهو تصريحات فوغل.
وقال نتنياهو في بيان صادر عنه إنه تحدث مع رئيس الدولة الإسرائيلية بهذا الشأن، وأكد له أنه كما أنه في دولة ديمقراطية لا يعتقلون رؤساء المعارضة، لا ينبغي وصف وزراء الحكومة بأنهم نازيون، ووصف الحكومة بأنها الرايخ الثالث، ولا ينبغي مطالبة المواطنين بإعلان تمرُّد مدني.
وذكرت قناة التلفزة "كان 11" أنه على الرغم من عدم صدور تصريحات علنية من جانب وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير [رئيس "عوتسما يهوديت"] بشأن الموضوع، فإنه كتب رسالة إلى أعضاء حزبه، جاء فيها: "أتفهمكم جميعاً بخصوص التحريض والتمرّد ضدنا. لكن لا تذهبوا في اتجاه اعتقال لبيد وغانتس وغيرهما. قولوا إنهم محرّضون، لكننا لا نريد اعتقالات، والشرطة لن تعتقل معارضين سياسيين، ولا ننوي القيام بذلك."
أعلن بيان صادر عن وزارة الخارجية في أبو ظبي أن نحو 150 مسؤولاً من إسرائيل ومصر والبحرين والإمارات العربية المتحدة والمغرب شاركوا في الاجتماع الأول لمجموعات عمل "منتدى النقب" الذي عُقد في العاصمة الإماراتية، بحضور الولايات المتحدة، على مدار يوميْ أمس (الثلاثاء) وأول أمس (الاثنين)، وبحثوا خلاله مشاريع تهدف إلى تعزيز التعاون في عدة مجالات، بينها التعاون الأمني وتبادُل المعلومات.
وأضاف البيان أن هذا الاجتماع هو الأكبر من نوعه منذ عقود بين إسرائيل ودول عربية، وذلك منذ مؤتمر مدريد للسلام سنة 1991. وأشار إلى أن الاجتماعات ركزت على بناء قدرات متعلقة بمشاركة المعلومات، في محاولة لزيادة التعاون بين جيوش دول المنتدى. كما تم أيضاً بحث قضايا متعلقة بالأمن الغذائي والتربية والتعليم.
وكان وزراء خارجية هذه الدول التقوا لأول مرة في كيبوتس سديه بوكير في صحراء النقب في آذار/مارس الفائت، وحضر اللقاء أيضاً وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن.
ووصف وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين عقد مجموعات العمل لمنتدى النقب في الإمارات بأنه خطوة أُخرى في تعزيز وتعميق "اتفاقيات أبراهام" والتعامل مع التحديات المشتركة.
وضم الوفد الإسرائيلي الذي ترأسه المدير العام لوزارة الخارجية ألون أوشفيز ممثلين رفيعي المستوى من وزارات الخارجية والدفاع والصحة وشؤون الاستخبارات والزراعة والسياحة والطاقة والتربية والتعليم والاقتصاد.
كما جرى في إطار هذه الاجتماعات التحضير لقمة وزراء خارجية منتدى النقب، التي من المتوقع أن تُعقد في المغرب في الأشهر المقبلة، ودراسة المشاريع الملموسة التي ستروّجها الدول الشريكة.
وصرّح وزير الخارجية الإسرائيلي في وقت سابق بأنه يعتزم حضور قمة منتدى النقب" الثانية في المغرب، وقال إن توسيع "اتفاقيات أبراهام" لضم دول أُخرى هي مسألة وقت.
من المقرر أن يقوم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في أواخر الشهر الحالي بزيارة رسمية إلى إسرائيل، يعقد خلالها اجتماعاً مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بهدف استجلاء الخطوات المستقبلية لحكومته الجديدة، فضلاً عن ترتيب زيارة نتنياهو إلى واشنطن، والتي من المتوقع أن يقوم بها في شباط/فبراير المقبل.
كذلك سيعقد بلينكن اجتماعات مع وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد إيلي كوهين. وكان بلينكن هنّأ كوهين في إثر تسلُّمه مهمات منصبه الجديد، وأكد موقف الولايات المتحدة الثابت الملتزم بأمن وازدهار دولة إسرائيل، إلى جانب تأكيد التزام إدارة جو بايدن بحل الدولتين الذي تردده الولايات المتحدة من حين إلى آخر، وتعتبره الحل الأمثل للنزاع بين إسرائيل والفلسطينيين.
وكانت تقارير إعلامية أشارت إلى قلق البيت الأبيض من زيارة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير إلى الحرم القدسي الشريف مؤخراً، والتي اعتبر أنها استفزاز لا داعي له، فضلاً عن إبداء القلق من الإصلاحات القضائية التي يدفع بها قدماً وزير العدل ياريف ليفين وتداعياتها على الديمقراطية الإسرائيلية.
كما أعلن سابقاً أن أول زيارة لمسؤول أميركي إلى إسرائيل، عقب تأليف الحكومة الجديدة، سيقوم بها مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان يوم 19 كانون الثاني/يناير الحالي، وسيعقد خلالها اجتماعاً مع نظيره الإسرائيلي تساحي هنغبي.
وأشارت تقارير إعلامية إلى أنه في سياق انعقاد الجلسة الطارئة لمجلس الأمن الدولي، على خلفية دخول الوزير إيتمار بن غفير إلى الحرم القدسي الشريف، أوضحت الولايات المتحدة خلال محادثات مع عدة سفراء في مجلس الأمن أنها تتعامل مع زيارة بن غفير إلى الحرم القدسي بحدّة، إلا أنها في الوقت عينه ترى أنه لا يوجد مكان لقرار ضد إسرائيل، لأنه لن يؤدي إلّا إلى تصعيد التوتر في علاقات دول المنطقة مع إسرائيل.
- تسعى حكومة إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش للعودة إلى أيام الاحتلال الأولى، ومحو بقايا اتفاقات أوسلو، وإلغاء وجود السلطة الفلسطينية، وتقسيم الضفة إلى مناطق أ وب وج، وإدارة منظومة التعليم والصرف الصحي والمياه والكهرباء للفلسطينيين، من خلال بلديات تقوم بتعيينها، وإعادة الخليل كله إلى تحت السيطرة الإسرائيلية المباشرة - ولاحقاً، ربما تعيين حكام عسكريين يُصدرون أذونات عبور وعمل ودراسة ورخص سيارات.
- بدأت الخطوط العريضة لهذه الخطة تتضح. العقوبات التي فرضتها الحكومة على السلطة، والتي تضمنت، من بين أمور أُخرى، تجميد تحويل 139 مليون شيكل تعود إلى السلطة، وتوجيهها إلى عائلات يهودية من ضحايا الإرهاب، بالإضافة إلى خصم المبالغ التي تحولها السلطة إلى عائلات الأسرى الفلسطينيين والمقاتلين الذين قُتلوا، هي فقط الخطوة الأولى. الهدف هو إيصال السلطة إلى حد العجز عن دفع الرواتب لموظفيها.
- ويأمل سموتريتش وبن غفير بألا يبقى للسلطة خيار غير الاستقالة. من المفيد أن نتذكر أن أزمة دفع الرواتب في غزة كانت من بين الأسباب المركزية التي دفعت إلى المواجهات على طول السياج الحدودي في القطاع، والتي جرى حلّها جزئياً، بعد موافقة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على تحويل أموال المساعدة من قطر إلى "حماس".
- سموتريتش وبن غفير، اللذان حصلا على حقوق إدارة المناطق، يقودان بسرعة إلى خلق واقع غزّي في الضفة. تسير الضفة اليوم على خيط رفيع مربوط بساحة من العبوات البشرية. هناك قرابة 100 ألف عامل فلسطيني من الضفة يعملون في إسرائيل، بالإضافة إلى آلاف من الذين يعملون من دون تراخيص. نحو 22% من الفلسطينيين يعيشون تحت خط الفقر، البالغ 500 شيكل في الشهر، في مقابل 2811 شيكلاً في إسرائيل.
- تُشغّل السلطة نحو 136 ألف موظف وشرطي، نصفهم في الضفة ونصفهم الآخر في غزة، وهؤلاء لم يقبضوا رواتب كاملة منذ أشهر طويلة، أو يقبضونها متأخرة. لقد فهمت حكومة بينت - لبيد جيداً الخطر الناجم عن أزمة اقتصادية في مناطق السلطة، وفي أيلول/سبتمبر الماضي، عقد لبيد جلسة خاصة للبحث في سبل مساعدة السلطة، من خلال زيادة أذونات العمل، وجمع مساعدات من الخارج.
- وزير الدفاع السابق بني غانتس زاد عدد أذونات العمل، وقدم "قرضاً" بحوالي نصف مليار شيكل من أجل تمويل النفقات الجارية، ووافق على خطط محدودة للبناء. وبسبب ذلك، تعرّض لانتقادات اليمين، وخصوصاً من جانب بن غفير الذي قال: "اليساري بني غانتس يُلحق الضرر بأمن إسرائيل، من أجل إرضاء بايدن. وبدلاً من الحرص على مصلحة إسرائيل، يتصرف غانتس بضعف وعدم مسؤولية، ويسمي ذلك علاقات بانية للثقة. لا يمكن الوثوق بمن يدعو إلى تدمير إسرائيل، وعلى رأسهم أبو مازن الذي استضافه غانتس في منزله."
- بن غفير الذي يترأس ميليشيات خاصة مسؤولة عن الأمن في الضفة، وسموتريتش المسؤول عن الإدارة المدنية، لديهما خطة لاحتلال الضفة من جديد، لكن لا يوجد لديهما حلول للانتفاضة التي قد تندلع جرّاء عملية الكماشة التي يستخدمانها للضغط على السلطة. والحصيلة المباشرة لذلك وقف التنسيق الأمني مع السلطة. محمود عباس يسلّم مفاتيح السلطة، وسيضطر المواطنون الإسرائيليون إلى تمويل الخدمات المدنية للفلسطينيين.
- وسيضطر الجيش إلى تحويل الجزء الأكبر من قواته للسيطرة على الضفة والقدس الشرقية، وعمليات الإغلاق الموقتة ستصبح جزءاً لا يتجزأ من الواقع، حتى يفرض في النهاية إغلاقاً كاملاً ودائماً، مثل الحصار المفروض على غزة. وهذا سيكون الجزء البسيط والسهل. الجزء الأقل سهولة، سيحدث عندما يكتشف المواطنون الإسرائيليون أنهم غير قادرين على السفر إلى أوروبا، وربما إلى أميركا، وأن البضائع الإسرائيلية لم يعد مرغوباً فيها في العالم، وأنهم يعيشون في قفص.
- سلام مع سورية؟ الآن؟ هل جُننت؟ ما هي المناسبة لطرح سلام مع سورية في هذه الأيام؟ مَن سيوافق بالأساس على فكرة مجنونة كهذه؟ حسناً، هذه ليست فكرة مجنونة، في رأيي - وأنا لست الوحيد - بل هناك إمكانية لتحقيقها.
- بحسب ما يظهر في الإعلام، فإن سورية لا تزال تعاني جرّاء مشاكل كثيرة. الحرب الأهلية لا تزال مشتعلة، ولو بدرجة أقل. أجزاء من الدولة لا تزال تحت سيطرة جهات معارضة للنظام، بالإضافة إلى أجزاء أُخرى احتلتها تركيا، وتتصرف فيها بحُرية. الرئيس بشار الأسد واقع من جهة تحت سيطرة روسيا، ومن جهة أُخرى تحت سيطرة إيران. إسرائيل تقصف في بلده، تقريباً بحُرية. وأكثر من ذلك، ملايين اللاجئين السوريين منتشرون في العالم، الكثير من المدن السورية لا تزال مدمرة، واقتصادها سيئ، وعلاقاتها الدولية ضعيفة.
- أغلبية هذه الأمور يمكن أن تُحل إذا توصلت سورية إلى اتفاق سلام مع إسرائيل: إيران وروسيا ستخرجان منها، اقتصادها سيتحسن بسبب التقدمات من أوروبا ومن الولايات المتحدة، وانفاقها على الجيش سيقل، وسيتفرغ النظام السوري لإعادة البناء.
- وماذا بالنسبة إلى إسرائيل؟ ماذا ستستفيد إسرائيل؟ في أساس الصراع مع سورية، هناك قضية سيطرة إسرائيل على هضبة الجولان. سابقاً، عبّر 4 رؤساء وزراء مختلفين - إسحاق رابين، وبنيامين نتنياهو، وإيهود باراك، وإيهود أولمرت - عن استعدادهم المبدئي لإعادة هضبة الجولان، أو معظم أراضيها، مقابل سلام كامل. وحتى أن إسرائيل توصلت إلى اتفاق تقريباً، وكان يمكن أن تقوم بذلك، لولا "اليد المجِّمدة" [كتاب يروي كواليس المفاوضات التي جرت بين سورية وإسرائيل] بحسب الجنرال أوري ساغي، الذي كان يترأس الوفد الإسرائيلي إلى محادثات السلام مع سورية في سنة 1999 (أنا كنت جزءاً من هذه البعثة أيضاً).
- فعلاً، سيكون على إسرائيل النزول عن هضبة الجولان واخلاء سكانها هناك، نحو 30 ألف نسمة. لا شك في أن المقصود صدمة كبيرة. لكننا مررنا بذلك عندما أعدنا شبه جزيرة سيناء إلى مصر وعندما انسحبنا من قطاع غزة. وفي المقابل، ستستفيد إسرائيل من اتفاق كهذا على صُعُد كثيرة. أولاً وبالأساس، إحباط التهديد من الشمال. لن يقف لا "حزب الله" ولا الجيش السوري في مواجهة مع إسرائيل. إيران ستفقد مناطق نفوذها في سورية، والدول العربية ستنضم إلى الاتفاق حتى لو لم يكن الفلسطينيون جزءاً منه (وهذا ما جرى في اتفاق السلام مع كلٍّ من مصر والإمارات والبحرين والمغرب). الضغط العسكري سيقلّ، وإسرائيل تستطيع تحويل مواردها إلى الداخل.
- حسناً يفعل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لو يجنّد، بسرية، الخبراء في الموضوع السوري - البروفيسور إيال زيسر الذي يعرف بشار الأسد جيداً أكثر من أغلبية السوريين؛ البروفيسور إيتمار رابينوفيتش الذي خاض محادثات مع السوريين سابقاً، والجنرال في الاحتياط أوري ساغي الذي أجرى جولة محادثات علنية في 1999، ويفحص معهم الموضوع.
- كما أرسل مناحيم بيغن وزير خارجيته موشيه دايان لإجراء محادثات سرية مع المصريين قبل أن يتم الكشف عن المحادثات مع أنور السادات، يستطيع نتنياهو إرسال وزير خارجيته إيلي كوهين لعقد اجتماعات سرية في الشرق الأوسط، وأوروبا، ومع جهات سورية أيضاً. في نهاية المطاف، يمكن لهذا أن يجعله يفوز بجائزة نوبل للسلام، وبالاعتراف بأنه السياسي الأفضل الذي لا مثيل له.
- تراكمت في الأسابيع الأخيرة إشارات مقلقة من جانب الأردن تتطلب انتباهاً خاصاً من متّخذي القرارات في إسرائيل. والمقصود مزيج من اضطرابات داخلية في المملكة ناجمة عن مشكلات أساسية قديمة، وتوترات جديدة بدأت بالظهور في العلاقات بين الدولتين، وناجمة بالأساس عن التخوف الأردني من الخطوات التي يمكن أن تتخذها الحكومة الجديدة بشأن الحرم القدسي.
- فيما يتعلق بالتوتر الداخلي، فقد جرى إخماده تدريجياً، والسلطة في الأردن ليست على حافة الانهيار. لكن تراكُم الأحداث الأخيرة، غير المسبوق نسبياً من حيث الخطورة، يشكل دليلاً على عدم الاستقرار الدائم الذي تعانيه المملكة، وإشارة إلى المجتمع الدولي والعالم العربي، وإلى إسرائيل، إزاء التداعيات الاستراتيجية التي يمكن أن تقوّض العرش الهاشمي، وتؤدي إلى سقوطه.
- ... يجري الاحتجاج الاقتصادي والشعبي في الأردن على خلفية التوترات مع إسرائيل، بينما يشعر كثيرون في المملكة بالقلق إزاء الخطوات التي يمكن أن تتخذها الحكومة الجديدة. وفي هذا الإطار يبرز خوف مزدوج: الخوف من أن ينعكس تغيير الوضع القائم في الحرم القدسي على الأجواء في الشارع الأردني (نظراً إلى المكانة الخاصة للمملكة في الحرم)، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة حدة التأجيج ضد الحكم في الأردن؛ وتخوّف عدد قليل من الناس في الأردن من احتمال قيام الحكومة الإسرائيلية الجديدة بإعادة إحياء أفكار، مثل تحويل المملكة إلى حلّ للمشكلة الفلسطينية، وهذه الفكرة اختفت بعد توقيع اتفاق السلام بين الدولتين في سنة 1994.
- على هذه الخلفية، أشار الملك عبد الله في مقابلة أُجريت معه في الأسبوع الماضي إلى أن القدس والحرم القدسي هما "خطان أحمران" بالنسبة إلى الأردن، وبرزت الإدانة الشديدة من المملكة لزيارة وزير الأمن القومي إلى الحرم (في 3 كانون الثاني/يناير)، والتي وصفتها المملكة "بالاستفزازية"، و"تشكل خرقاً للوضع القائم"، ولقد ترافق هذا مع استدعاء السفير الإسرائيلي في عمّان وتوبيخه...
- الإشارات المقلقة من الأردن يجب أن توقظ من جديد إدراك الأهمية الاستراتيجية للأردن بالنسبة إلى إسرائيل، بصفته كابحاً لتهديدات أمنية- رسمية وغير رسمية يمكن أن تبرز بقوة على حدود إسرائيل، وشريكاً في معسكر إقليمي، هدفه كبح نفوذ إيران في المنطقة.
- النظام في الأردن يتحدى في أحيان كثيرة سياسياً إسرائيل، ويستخدم لغة حادة واستفزازية ضدها (كما ظهر ذلك في التصريحات القاسية للمسؤولين في الأردن ضد إسرائيل خلال التصعيد الذي تطور في رمضان الأخير حول الحرم القدسي)، لكن يجب أن نتذكر دائماً أن البدائل من النظام الحالي في المملكة يمكن أن تكون أسوأ بكثير.
- الواقع في الأردن والحساسية المتزايدة في العلاقات بينه وبين إسرائيل، تشكل "طنجرة ضغط" يتعين على الحكومة الجديدة أن تعرف وتدرك عواقب انفجارها، وأن تسعى لبلورة سياسة حذرة وحكيمة في هذا الشأن.
- إن الوضع في الأردن محفوف بالمخاطر وقابل للانفجار، وهو يشبه الوضع في الضفة الغربية، وفي الحالتين، نوصي حكومة نتنياهو - على الأقل في المدى المنظور - بمواصلة السياسة الحالية وعدم تبنّي مقاربة ثورية يمكن أن تتسبب بتغيير دراماتيكي وسريع في خريطة التهديدات الاستراتيجية لإسرائيل، وتجعل من الصعب عليها التركيز على التحدي القومي الأهم بالنسبة إليها – إيران.
- نوصي متّخذي القرارات بالقيام بعدد من الخطوات:
- فحص إجراء حديث أو لقاء في وقت قريب بين رئيس الحكومة نتنياهو والملك الأردني.
- الاستمرار في العلاقات الوطيدة بين الدولتين على الصعيدين الأمني والمدني.
- الامتناع من "تبادُل السجال الإعلامي"، وخصوصاً التهديد بالحدّ من العلاقات الاقتصادية، أو بتزويد الأردن بالمياه، وبصورة خاصة التصريحات التي تزعزع جوهر وجود المملكة.
- مساعدة الأردن في جمع الدعم الاقتصادي الخارجي من العالمين الغربي والعربي.
- والأهم من كل شيء، بلورة سياسة حذرة في موضوع الحرم القدسي، أساسها المحافظة على الوضع الذي كان قائماً حتى بداية ولاية الحكومة الحالية، بشأن كل ما له علاقة بزيارة اليهود إلى الحرم، والامتناع من زيادة عدد الزائرين، أو اتخاذ خطوات أُخرى يمكن أن تنعكس سلباً على الوضع في غزة، وعلى الجمهور العربي في إسرائيل، وتقوّض العلاقات مع دول المنطقة، وفي طليعتها الدول المشاركة في "اتفاقات أبراهام".