مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
مصادر سورية: قصف صاروخي إسرائيلي على كفر سوسة يوقع 5 قتلى و15 جريحاً
الكنيست الإسرائيلي يصوّت على الجزء الأول من الإصلاحات القضائية على وقع احتجاج شعبي واسع
بعد وعود أميركية للفلسطينيين، إلغاء التصويت في مجلس الأمن ضد توسيع المستوطنات
وزير الخارجية الأردني لـ"معاريف": "لا توجد مبادرة لإجراء مفاوضات بين إسرائيل والسلطة في الوقت الحالي"
مقالات وتحليلات
الانقلاب القضائي له هدف آخر: الأبرتهايد
الانقلاب القضائي والمعارضة الجماهيرية: ما هو حجم الضرر بالحصانة الاجتماعية والأمن القومي؟
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"يديعوت أحرونوت"، 19/2/2023
مصادر سورية: قصف صاروخي إسرائيلي على كفر سوسة يوقع 5 قتلى و15 جريحاً

نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية أمس (السبت) عن مصدر عسكري سوري أن إسرائيل قصفت دمشق بصواريخ أُطلقت من هضبة الجولان، الأمر الذي تسبب بسقوط 5 قتلى و15 جريحاً، ومن بين القتلى شخصية عسكرية سورية. وتحدثت القنوات السورية عن الضرر الكبير الذي لحِق بمبانٍ في حي كفرسوسة في العاصمة دمشق، والذي تتحدث التقارير عن وجودٍ إيراني فيه.

الهجوم المنسوب إلى إسرائيل، استهدف أهدافاً نوعية تابعة للسلاح المضاد للطائرات، وعتاداً مخصصاً للصواريخ الدقيقة. وفي رأي مصادر إسرائيلية، أن الإيرانيين نقلوا مساعدات إنسانية كبيرة في الطائرات لمساعدة المتضررين من الزلزال، واستغلوا ذلك لتهريب أسلحة قتالية وعتاد من أجل إنتاج سلاح عسكري.

وتجدر الإشارة إلى أن حي كفرسوسة، الذي يقطنه سوريون من الطبقة الوسطى والغنية، تستخدمه أيضاً عناصر من الحرس الثوري الإيراني. والصاروخ أصاب مجمّعاً يخضع لحراسة مشددة، ويقع بالقرب من مؤسسات إيرانية، وهو قريب من المكان الذي اغتيل فيه القائد العسكري لحزب الله عماد مغنية في سنة 2008.

وبحسب المصادر السورية، انطلقت الصواريخ من هضبة الجولان، ونجحت منظومة الدفاع الجوي السورية في اعتراض عدد منها.

مصدر عسكري إسرائيلي قال في مقابلة أجراها معه موقع "إيلاف" السعودي: "لن نتردد في مهاجمة أي شحنة سلاح إيرانية تصل إلى سورية تحت غطاء المساعدات الإنسانية. لدينا معلومات تفيد بأن إيران تنوي استغلال الوضع المأساوي في سورية، وإرسال وسائل قتالية وعتاد إلى حزب الله، وتعزيز تمركُزها في سورية، تحت غطاء المساعدات الإنسانية. وهذا الوضع لن تقبله إسرائيل، ونحن مستعدون للهجوم على أي مكان في الأراضي السورية."

الناطقة بلسان وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروف دانت الهجوم، قائلةً: "ندين بشدة الأعمال العسكرية التي تقوم بها إسرائيل، والتي تشكل انتهاكاً صارخاً لمبادىء القانون الدولي.  ونحثّ الجانب الإسرائيلي على وقف استفزازاته العسكرية ضد سورية، والامتناع من القيام بخطوات تنطوي على نتائج تعرّض المنطقة كلها للخطر. إن استمرار هذا النهج الوحشي غير المقبول بتاتاً، وخصوصاً في هذا الوقت الذي تقوم دول عديدة في العالم، بينها روسيا، بمساعدة سورية، للتغلب على تداعيات الهزة الأرضية المدمرة، من خلال إرسال عمال الإنقاذ وأطباء ومعدات إنسانية."

ورأى المحلل العسكري للصحيفة رون بن يشاي أنه إذا كان صحيحاً أن إسرائيل هي وراء هجوم كفرسوسة، فإنه ردٌّ على الهجوم الذي تعرّضت له ناقلة شحن يملكها الملياردير الإسرائيلي أيال عوفر يوم السبت، قبل يوم واحد من الهجوم على سورية، في أثناء مرورها في الخليج الفارسي.

وكان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تطرّق إلى الهجوم على الناقلة الإسرائيلية في الجلسة التي عقدتها الحكومة يوم الأحد، وقال: "في الأسبوع الماضي، هاجمت إيران ناقلة نفط في الخليج الفارسي، وألحقت ضرراً بحُرية الملاحة البحرية. وفي الأمس، هاجمت قاعدة أميركية في سورية، وهي تستمر في إرسال السلاح الفتاك الذي يُلحق الضرر بمواطنين أبرياء، بعيداً عن حدودها. وتحاول باستمرار إلحاق الأذى بدولة إسرائيل ومواطنيها في أماكن مختلفة من العالم." وأضاف: "هجمات إيران لن تثبط عزيمتنا، ولن نسمح لها بالحصول على سلاح نووي، ولا بالتمركز بالقرب من حدودنا الشمالية. نحن نبذل كل شيء للدفاع عن مواطنينا، وسنردّ على الهجمات ضدنا بقوة."

"هآرتس"، 23/2/2013
الكنيست الإسرائيلي يصوّت على الجزء الأول من الإصلاحات القضائية على وقع احتجاج شعبي واسع

من المنتظر أن يصوّت الكنيست اليوم (الاثنين)، بالقراءة الأولى، على مشروعيْ قانون يشكلان جزءاً من خطة إضعاف المنظومة القضائية، يجري ذلك على وقع احتجاج واسع يشارك فيه الآلاف في شتى أنحاء البلد، وستكون ذروته أمام مقر الكنيست اليوم.

ومن بين التعديلات التي ستُطرح على التصويت، المطالبة بتغيير تركيبة لجنة اختيار القضاة، بحيث تصبح خاضغة لسيطرة الائتلاف الحكومي، ومنع المحكمة العليا من التدخل في إبطال قوانين أساسية. ومن المتوقع أن يجري التصويت خلال ساعات الليل. إلى جانب ذلك، ستواصل لجنة التشريعات في الكنيست مناقشة اقتراحات قوانين أُخرى تضمّنتها الخطة المقدمة من رئيس الحكومة نتنياهو ووزير العدل ياريف ليفين.

من جهة أُخرى، دعا قادة الاحتجاج الشعبي ضد الإصلاحات القضائية إلى "يوم نضال وطني"، يتضمن تظاهرات ومسيرات وإغلاق طرقات في شتى أنحاء البلد منذ ساعات الصباح. وسيبدأ الاحتجاج انطلاقاً من الساعة 8 صباحاً بتظاهرات يشارك فيها أهالي وأولادهم خارج المؤسسات التعليمية. كما دعا المنظمون إلى إعلان الإضراب لمدة ساعة عند الساعة العاشرة صباحاً، وطالبوا بوقف العمل في المؤسسات الأكاديمية، وفي صناعة الهاي - تك، وفي المستشفيات، وإغلاق الطرقات. لكن التظاهرة الأساسية ستجري عند الساعة الواحدة ظهراً أمام مقر الكنيست في القدس، بعدها ستنطلق مسيرات في مختلف أحياء العاصمة.

"يديعوت أحرونوت"، 19/2/2023
بعد وعود أميركية للفلسطينيين، إلغاء التصويت في مجلس الأمن ضد توسيع المستوطنات

أعلنت دولة الإمارات أن مجلس الأمن لن يصوت على الاقتراح الفلسطيني بإدانة توسيع المستوطنات، "بعد محادثات إيجابية بين الطرفين". والمقصود تفاهمات جرت بين الأميركيين والفلسطينيين، قضت بعدم اتخاذ قرار في مجلس الأمن ضد إسرائيل، كي لا تضطر الولايات المتحدة إلى استخدام الفيتو ضده. وبدلاً من قرار الإدانة ضد إسرائيل، من المتوقع صدور بيان رئاسي يحظى بإجماع واسع، ويكون معتدل اللهجة.

وتجدر الإشارة إلى أنه كان من المتوقع أن يصوّت مجلس الأمن على اقتراح قرار يدين قرار الحكومة الإسرائيلية، تشريع 10 مواقع استيطانية غير قانونية في الضفة الغربية، وبناء 10 آلاف وحدة سكنية.  الاقتراح الذي صاغته دولة الإمارات، بالتنسيق مع الفلسطينيين، يطالب إسرائيل "بالوقف الفوري لكل النشاطات الاستيطانية على الأراضي الفلسطينية المحتلة،" مشدداً على أن "إقامة إسرائيل للمستوطنات على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 1967، بما فيها القدس الشرقية، غير قانونية، وتشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي." كما دان الاقتراح "كل محاولات الضم والخطوات التي تنتهجها إسرائيل فيما يتعلق بالمستوطنات."

وذكرت صحيفة "هآرتس" (19/2/2023) أن الإدارة الأميركية مارست ضغوطاً كبيرة على السلطة الفلسطينية، وعلى إسرائيل، بهدف التوصل إلى تفاهم في هذا الشأن. وأجرى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن محادثات في هذا الشأن مع مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين كبار.

وكانت الولايات المتحدة أوضحت في الأيام الأخيرة لإسرائيل أنه من الصعب عليها استخدام الفيتو ضد هذه الأخيرة في مجلس الأمن فيما يتعلق بالمسألة الفلسطينية ما دامت إسرائيل تقوم بخطوات أحادية الجانب في الضفة الغربية. ولو جرى الاقتراع كما كان مخطَّطاً له، فإن الولايات المتحدة ستجد نفسها أمام معضلة إذا استخدمت الفيتو، ولا سيما بعد الانتقادات العلنية لوزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن للقرار الإسرائيلي، تشريع بؤر استيطانية والدفع قدماً بالبناء في المستوطنات.

ونقلت الصحيفة عن مصادر مطّلعة أن رئيس السلطة محمود عباس طالب مقابل سحب الاقتراح من مجلس الأمن بامتناع الجيش الإسرائيلي من دخول مدن الضفة، إلا عند الضرورة، لمنع التخطيط لهجوم "إرهابي". وفي اعتقاد عباس أن الجيش الإسرائيلي يقوم في الأشهر الأخيرة بالكثير من الاعتقالات التي تشمل فلسطينيين صغاراً في السن، من أجل إرضاء الحكومة الجديدة والجمهور الإسرائيلي، ومن دون أن يكون هناك مبرر أمني واضح.

وبحسب مصدر رفيع المستوى في السلطة، تأمل رام الله بأن تضغط الإدارة الأميركية على إسرائيل لمنع البناء في المستوطنات، وتشريع بؤر استيطانية جديدة، وهدم منازل في القدس الشرقية، ووقف الخطوات المتخذة ضد الأسرى الفلسطينيين الأمنيين.

"معاريف"، 20/2/2023
وزير الخارجية الأردني لـ"معاريف": "لا توجد مبادرة لإجراء مفاوضات بين إسرائيل والسلطة في الوقت الحالي"

صرّح وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي لصحيفة "معاريف"، على هامش مؤتمر الأمن الذي أنهى أعماله في ميونيخ يوم الأحد، بأنه لا توجد في المرحلة الحالية أي مبادرة لحمل إسرائيل والسلطة الفلسطينية إلى طاولة المفاوضات، وأن الجهود تتركز حالياً على "إطفاء الحرائق" والحؤول دون تدهور الوضع. ووفقاً لكلامه، من المتوقع في المرحلة المقبلة حدوث محاولات لمبادرة قد تأخذ في البداية شكلاً إقليمياً، ويمكن توسيعها لاحقاً، بحيث تشمل أوروبا وأطرافاً أُخرى. واستبعد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي العودة إلى المبادرة العربية التي طرحتها السعودية ووزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، ورأى أن المهم الآن منع التصعيد.

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"يديعوت أحرونوت"، 20/2/2023
الانقلاب القضائي له هدف آخر: الأبرتهايد
رون بن يشاي - محلل عسكري
  • من المهم أن يعرف الجمهور الإسرائيلي ويستوعب أنه إلى جانب الأهداف المعلنة للانقلاب القضائي، فإنه يهدف، بصورة خفية، إلى وضع أساس قانوني يسمح بعمليتين سياسيتين، من شأنهما تغيير وجه دولة إسرائيل وطرق حياتنا بصورة لا رجوع عنها. العملية الأولى، الضم الجارف لكل المنطقة الواقعة بين نهر الأردن والبحر، من دون إعطاء المواطنة للفلسطينيين سكان الضفة الغربية. والمخطط التفصيلي لهذه العملية موجود في "خطة الحسم"، الوثيقة التي وضعها قبل خمسة أعوام -بوضوح ومنطق مخيفين - عضو الكنيست، آنذاك، والوزير الحالي بتسلئيل سموتريتش.
  • أما الخطوة الثانية فهي استخدام قانون أساس من أجل إدامة تقسيم مواطني دولة إسرائيل إلى 3 فئات: فئة العلمانيين - المحافظين (يشمل ذلك الدروز والأقليات الأُخرى)، تقوم بالعبء الأمني وتشكل شريكاً كاملاً في القوة العاملة، وتساهم في النمو الاقتصادي والضرائب. بينما الفئتان الأُخريان، العرب والحريديم، لا تتحملان العبء الأمني قط. ولا يشارك الحريديم في القوة العاملة، ولا يدفعون الضرائب لصندوق الحكومة، ولا للسلطات المحلية، لا بل يستقطبون الجزء الأكبر من ميزانية الرفاه ومليارات أُخرى من صندوق الدولة، عبر قنوات مختلفة. هذه العملية يقودها رئيس لجنة المال عضو الكنيست موشيه غفني، من حزب يهدوت هتوراه.
  • المؤشرات التي تدل على نية الشركاء السياسيين لليكود الدفع بهاتين العمليتين اللتين ستحولان إسرائيل إلى دولة أبرتهايد، موجودة في بنود الاتفاق الائتلافي. ويمكن القول إن غفني وصحبه لا يخفون نياتهم...
  • لكن التداعيات الأكثر خطورة هي في "خطة الحسم" لسموتريتش، التي نشرها في أيلول/سبتمبر 2017... وكان عنوانها: "خطة الحسم: مفتاح السلام موجود لدى اليمين". يدّعي سموتريتش أن الفلسطينيين ليسوا مستعدين، ولن يصبحوا مستعدين في أي ظرف من الظروف للموافقة على ممارسة اليهود حقهم في تقرير مصيرهم الوطني بين نهر الأردن والبحر المتوسط. لذلك، فشلت كل خطط الحل التي تعتمد على تنازلات إقليمية. وفي رأيه، من الحماقة تجاهُل الخصوصية القومية - الدينية الفلسطينية. وبدلاً من دولتين لشعبين، اقترح عضو الكنيست، آنذاك، تفعيل خطة من ثلاث مراحل لحل النزاع، من دون أن يتحول اليهود إلى أقلية ديموغرافية. الثمن: تقييد الحريات المدنية للمواطنين الفلسطينيين، وتوجيه ضربة خفيفة إلى النظام الديمقراطي في إسرائيل وصورتها في العالم.
  • وفيما يلي ملخص "خطة الحسم": بعد أن تقوم إسرائيل بخلق وقائع على الأرض وضم المناطق، لا يبقى أمام الفلسطينيين سوى 3 خيارات: الأول: البقاء في الضفة والعيش تحت السيادة الإسرائيلية في عدد من الجيوب - منطقة الخليل، وبيت لحم، ورام الله، ونابلس، وجنين. لا يُعتبر الفلسطينيون مواطنين في إسرائيل، بل مجرد سكان مقيمين (مثل العرب في القدس الشرقية)، شرط تعاونهم وعدم معارضتهم. الخيار الثاني: الفلسطينيون الذين لا يرغبون في العيش تحت حُكم إسرائيل، يغادرون طوعاً، وستقدم لهم دولة إسرائيل مساعدات مالية.
  • الخيار الثالث مخصص لمعالجة جذرية للفلسطينيين الذين يرفضون الخيارين السابقين: مع توجيهات قاطعة إلى أنه في إمكان الجيش القضاء على "المخربين" خلال وقت قصير، وقتل مَن يجب أن يُقتل، وجمع السلاح حتى الرصاصة الأخيرة، وإعادة الأمن إلى المواطنين الإسرائيليين"...
  • كي نفهم ماذا يجري في هذه الأيام في وزارتيْ المال والدفاع، يجب أن نقرأ القسم الأول من خطة سموتريتش، بعنوان: "حسم المستوطنات". في هذه المرحلة، ينوي وزير المال والوزير الجديد في وزارة الدفاع، حرفياً، إغراق أراضي الضفة الغربية بالمستوطنات والمستوطنين اليهود. وعندما يحدث ذلك، سيفهم الفلسطينيون أنهم لن يحصلوا على دولتهم، وسيضطرون إلى الاختيار بين 3 خيارات: حياة قمعية تحت سلطة إسرائيل، أو الهجرة، أو الموت شهداء.
  • هذا هو السبب الذي من أجله طالب سموتريتش، وحصل في المفاوضات الائتلافية على مطلبه، الإشراف على المستوطنات، وعلى حياة المواطنين في وزارة الدفاع، وهذا هو سبب الصراع العنيد الذي يخوضه ضد وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في كل مرة يجري إخلاء بؤرة استيطانية يهودية غير قانونية، أو لا يجري إجلاء البدو الذين يسكنون في خان الأحمر. هذه الصراعات، من وجهة نظر سموتريتش، ليست فقط موضوع الأنا، أو ليّ ذراع سياسية. هو مصمم على تنفيذ "خطة الحسم"، ولن يسمح لغالانت أو نتنياهو باعتراض طريقه. الانقلاب القضائي يهدف إلى إزاحة المحكمة العليا التي يمكن أن تشكل عقبة مهمة في الطريق.

 

مباط عال، العدد 1692، 19/2/2022
الانقلاب القضائي والمعارضة الجماهيرية: ما هو حجم الضرر بالحصانة الاجتماعية والأمن القومي؟
مئير إلران وموران ديتش - باحثان في معهد أبحاث الأمن القومي
  • إسرائيل الآن في خضم أزمة سياسية - اجتماعية متعددة الأبعاد، حادة ومستمرة. سببها الأساسي الصراع بين مجموعات ورؤى متناقضة في قضايا مختلفة، تتكثف جميعها في السؤال الأساسي عن هويتها كدولة "يهودية وديمقراطية" والعلاقة ما بين مركّبيْ الهوية. على مدار أعوام، نجح المجتمع والسياسة في إسرائيل في المناورة، إلى حد ما، بين التفسيرات المختلفة التي تصب في هذه القيم في نهاية المطاف، من دون صعوبة كبيرة، وفي واقع مملوء بالتحديات والفروقات الاجتماعية والتناقضات السياسية الحادة.
  • الجولة الانتخابية الأخيرة من خمس جولات انتهت بانتصار معسكر اليمين، وإقامة ائتلاف يميني واضح، تدعمه الأحزاب "الحريدية" من جهة، واليمين المتطرف من جهة أُخرى. لهذه النتيجة إسقاطات ومعانٍ في عدة مجالات حساسة. هذا بالإضافة إلى أن تركيبة الحكومة ذاتها، التي تحوي وزراء لديهم أجندات متطرفة في مواقع قوة وقدرات عالية على المساومة، تهدد استقرار الحكومة وقدرتها على الصمود. هذه الحال بحد ذاتها، عززت الخلافات السياسية المعروفة، وخلقت شعوراً بالخوف والتهديد لدى فئات واسعة في المجتمع الإسرائيلي.
  • وفي هذا السياق، يجب فهم القوة الكامنة والمخاطر الواسعة في المبادرة الحكومية إلى القيام بتغييرات كبيرة في النظام القضائي ومكانة القضاء. وكلا الطرفين، الطرف المبادر إلى التغييرات، أو المعارض لها، يعتبرها خطوة جذرية، ستؤدي إلى انقلاب في الموازين المعروفة ما بين مؤسسات الحكم الثلاث، من خلال منح الهيئة التنفيذية سلطة مطلقة، على حساب استقلالية وقوة السلطة القضائية والنظام القضائي برمّته. فتطبيق المبادرة، كما طُرحت كاملة، سيؤدي إلى تغييرات عميقة في نظام الحكم في إسرائيل ويغيّر، جوهرياً، هوية الدولة ومؤسساتها "الديمقراطية". وكما تمت الإشارة سابقاً في إحدى منشورات المركز، فإن الضرر الجوهري بـ"الديمقراطية" في إسرائيل يمكنه زعزعة الأمن القومي، داخلياً وخارجياً. بالإضافة إلى أن معارضي الحكومة يرون أن سبب السرعة في الدفع بالتغييرات، هو خدمة رئيس الحكومة في صراعه مع القضاء بسبب مخالفاته الجنائية، وهو ما يؤدي إلى احتجاجات جماهيرية واضحة ومقاومة كبيرة من فئات كبيرة من المجتمع الإسرائيلي.
  • هذا يبدو واضحاً في استطلاعات للرأي أجرتها القناة 12 في 10 و17 شباط/فبراير، وتشير إلى أن 62% و66% من المستطلعين يدعمون وقف المسار التشريعي، أو تأجيله، بهدف السماح بحوار مجتمعي بشأن مضمونه، وأن 21% و24% فقط من المستطلعين يعتقدون أنه يجب الاستمرار في المسار كما هو مخطَّط له. وحتى في أوساط الذين صوتوا لأحزاب الائتلاف، هناك كثُر يدعمون وقف المسار.
  • مصير هذه الخطوة غير واضح بعد. يمكن الافتراض أنه سيتم التوصل إلى تسوية ما في نهاية المطاف، يمكن أن تكون مستندةً إلى مبادرة الرئيس هرتسوغ التي طرحها يوم 12 شباط/فبراير. لكن، وفي هذه المرحلة أيضاً، يمكن النقاش في مميزات الأزمة الحالية التي قال عنها الرئيس أنها تضع إسرائيل على "حافة الانهيار الدستوري والاجتماعي". وفي هذا السياق، من المهم فهم الإسقاطات الممكنة للخطوة الحكومية على حصانة الدولة وأمنها القومي.
  • الحصانة القومية لدولة إسرائيل تستند إلى ثلاثة أساسات مركزية: التضامن الاجتماعي، وثقة الجمهور بمؤسسات الدولة، والحوكمة الفاعلة. وهذا على افتراض أن القوة "الصلبة" - العسكرية والتكنولوجية والاقتصادية - و"الناعمة" - الدبلوماسية (وضمنها العلاقات مع الجاليات اليهودية في العالم) - والتعليمية/العلمية، جيدة في مواجهة التحديات والظروف الجيوسياسية الحالية والمتوقعة. لذلك، يجب فحص جوهر التغييرات التي تقترحها الحكومة، وأيضاً عمق الأزمة الاجتماعية - السياسية الحالية وإسقاطاتها على مركبّات القوة الإسرائيلية. والحديث هنا يدور عن القوة بحد ذاتها كما يتم النظر إليها من الخارج، بما فيها أعداء إسرائيل. وهذا مع الأخذ بعين الاعتبار أن تراجعاً مقلقاً جرى خلال الأعوام الأخيرة على المركّبات الثلاثة للحصانة القومية:
  • التضامن الاجتماعي: يتضح أن القاسم المشترك الذي يوحّد الفئات المختلفة في المجتمع الإسرائيلي تقلص في الأعوام الماضية، وفي الوقت نفسه، ازدادت نسبة العداء ما بين الفئات المختلفة، بالإضافة إلى ارتفاع ملحوظ في نسبة العنف في الحيز العام، بعد أن تراجعت الروح الموحِّدة للجماعة الاجتماعية لمصلحة القبلية والفردية الواضحة. هذه التوجهات كانت واضحة في "مؤشر الديمقراطية الإسرائيلية" الصادر عن المعهد الإسرائيلي لدراسات الديمقراطية (2022)، إذ تشير نتائج المؤشر إلى صورة متواضعة جداً (5 من 10) في رؤية الجمهور لمستوى التضامن الإسرائيلي الداخلي خلال الأعوام العشرة الأخيرة، وتراجُع في التضامن في الأعوام الثلاثة الأخيرة، من 5.5 إلى 4.7 (من 10) في أوساط اليهود؛ ومن 4.8 إلى 3.8 في أوساط العرب. وبيّن استطلاع الأمن القومي، الذي أجراه معهد أبحاث الأمن القومي - INSS - في نهاية تشرين الأول/ أكتوبر، أن 61% من المجتمع الإسرائيلي يوافق على ادّعاء حدوث تراجُع في شعور التضامن، في مقابل 20% فقط يعتقدون العكس. يجب النظر إلى هذه المعطيات على أنها خلفية للأزمة الحالية التي تنعكس بصورة خطِرة على النقاش العام في المجتمع الإسرائيلي، وتعزز الفروقات في أوساطه.
  • ثقة الجمهور، سواء بين الفئات المختلفة، أو بين الأحزاب السياسية، وحيال مؤسسات الحكم، في تراجُع. هذا الاتجاه ينطبق بصورة خاصة على النظام القضائي، والذي تراجعت فيه الثقة بشكل ملحوظ (من 64% عبّروا عن ثقتهم في سنة 2018 إلى 41% في سنة 2022)، بحسب استطلاعات INSS في الأعوام الأخيرة. وهو ذاته الملاحَظ أيضاً فيما يتعلق بالشرطة في إسرائيل (53% عبّروا عن ثقتهم بها في سنة 2018، في مقابل 30% في سنة 2022). أما الحكومات، فإنها دائماً ما تحصل على ثقة متدنية بصورة خاصة (30% في المعدل لثلاثة أعوام). وفي مجال ثقة الجمهور بالجيش والموساد والشاباك، فإن النسبة مرتفعة أكثر بكثير، مع ميل طفيف إلى التراجع، تم تسجيله في العام الماضي. يبدو أن أزمة الثقة ازدادت الآن أكثر بكثير، إذ تتميز الأزمة الحالية بانعدام الثقة المطلق بدوافع الطرفين.
  • الحوكمة، التي يتم التعبير عنها من خلال ثقة الجمهور بقدرة النظام على فرض سيطرته في مجالات مهمة في المجتمع، في حالة تراجُع. فعلى سبيل المثال، "الشعور بالأمان الشخصي" يتقلص لدى فئات واسعة في المجتمع، ويزداد انتقاد مؤسسات فرض القانون. كما تم تسجيل تراجُع مستمر في الشعور بالأمان الشخصي في استطلاع أجراه INSS في سنة 2022، إذ أشار 57% من المستطلعين إلى أن شعورهم بالأمان الشخصي تراجع، في مقابل 6% فقط اعتقدوا أن شعورهم بالأمان الشخصي تعزّز. ومن المهم الإشارة إلى أن قضية الحوكمة لها أهمية بالنسبة إلى مجالات أُخرى. فمؤخراً، تتحدى الحوكمة المنظومة السياسية نفسها، وهو ما يثير المخاوف بشأن أداء إشكالي لوزارات مهمة كوزارة الدفاع ووزارة الأمن القومي.
  • الإطار العلمي للحصانة القومية يشير إلى أن مؤشرات تضامُن وثقة وحوكمة عالية هي دليل على حصانة عالية، وهذا يعني قدرة أكبر على التعامل مع المشكلات الصعبة، من الكوارث الطبيعية (زلازل وغيرها)، ومن فعل الإنسان (حرب أو عمليات "إرهابية")، في مجالات أساسية: 1) قدرة تعامُل قيادية في أعقاب الحدث، وعند حصوله؛ 2) الحفاظ على السلسلة الهرمية القيادية، حتى في حالات الطوارئ؛ 3) قدرة على النهوض السريع بعد الأزمة، وعودة إلى ما كان عليه الوضع قبلها؛ 4) الوصول إلى أعلى قدرة من الفعالية الشاملة بعد الحدث، وصولاً إلى النهوض القومي المتعدد الأبعاد.
  • في السياق الإسرائيلي، إن الضرر بالحصانة القومية يمكن أن ينعكس في أعقاب أحداث كثيرة، بدءاً من أزمة سياسية أو اقتصادية، مروراً بزلزال قوي، وصولاً إلى مواجهات أمنية خارجية أو داخلية. تزعزُع الحصانة القومية بسبب الضرر بمكوناتها الأساسية، يمكن أن يُلحق الضرر بقدرة إسرائيل على التعامل مع هذه التحديات بنجاح، وعلى احتوائها، والنهوض منها بسرعة (نسبةً إلى حجم الحدث)، والوصول إلى النمو. من هنا، تنبع أهمية تقوية مركّبات الحصانة القومية في إسرائيل، من وجهة نظر الأمن القومي للدولة.
  • الزلزال الجماهيري الذي يجري الآن، يشكل بحدّ ذاته خطراً على الحصانة القومية. لذلك، يتوجب على حكومة إسرائيل أن تعي أن خطواتها قادرة على زعزعة التضامن الداخلي، وأن تؤدي إلى فجوات عميقة وعداء بين فئات المجتمع، وأن تضر بثقة الجمهور بها، وبالحوكمة، وهو ما يمكن أن يكلّف غالياً. حتى لو كانت الحكومة مصممة، لأسباب تعود إليها، على الدفع قدماً بالتغييرات القضائية، عليها أن تقوم بذلك بتأنٍّ، وبصورة تسمح بالحوار مع المعسكر الآخر، والاستعداد لتقديم تنازلات من الطرفين، لكبح التراجع الواضح في الحصانة الاجتماعية والمخاطر المشتقة منه على أمن إسرائيل القومي.