مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
دعا رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو المعارضة إلى الدخول في حوار، من دون أي أعذار أو شروط مسبقة، بشأن خطة إضعاف الجهاز القضائي، وذلك في إثر مصادقة الكنيست بالقراءة الأولى، الليلة قبل الماضية، على إصلاحات مثيرة للجدل في النظام القضائي، وفي ظل استمرار الاحتجاجات الواسعة.
وقال نتنياهو في بيان مُصوّر صدر عنه أمس (الثلاثاء): "عندما يكون هناك خلافات بيننا، يمكننا ويجب أن نتحاور من أجل الوصول إلى تفاهمات، أو على الأقل تقليص هامش عدم التفاهم بيننا. لكن ذلك يتطلب شيئاً أساسياً واحداً من الجميع هو قيادة تتحلى بمسؤولية وطنية. أنا ملتزم تقديم كل الدعم والمساندة المطلوبين للوصول إلى تفاهمات."
وأضاف نتنياهو أنه للأسف لم يلاحظ أن هناك مَن هو مستعد للدخول في حوار من طرف المعارضة.
وسارع رئيس حزب "يوجد مستقبل" وزعيم المعارضة عضو الكنيست يائير لبيد إلى الرد على نتنياهو، قائلاً: "هذا ليس وقت الشعارات الكاذبة والتضليل، وبدلاً من الإدلاء بتصريحات لوسائل الإعلام، بلّغ الرئيس يتسحاق هرتسوغ أنك ستوقف جميع العمليات التشريعية وتبدأ المفاوضات."
وتطرّق لبيد في بيان مُصوّر صادر عنه إلى أقوال نتنياهو عن عدم استعداد أي أحد من المعارضة للحوار، فقال: "إن نتنياهو يكذب. نحاول إجراء محادثات منذ أسابيع. والرئيس هرتسوغ والأميركيون طالبا بوقف التشريعات من أجل إجراء محادثات، لكن الائتلاف الحكومي يمضي قدماً بدلاً من ذلك في المصادقة على تشريعات متسرعة ومناهضة للديمقراطية."
وكان رئيس الدولة الإسرائيلية هرتسوغ أعرب في وقت سابق أمس عن قلقه من استمرار حالة التشرذم، واصفاً إياها بأنها تهدد وحدة الأمة، وأكد أنه ينبغي بذل أي جهد من أجل أن يكون في الإمكان الاستمرار في الحوار بعد التصويت في الكنيست، بغية التوصل إلى تفاهمات تُخرج البلد من هذه الفترة الصعبة، وشدّد على أنه يمكن حلّ الخلافات القائمة بين الجانبين.
أعرب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك عن قلقه من التعديلات في النظام القضائي في إسرائيل، والتي يجري الدفع قدماً بها، ودعا إلى التراجع عنها.
وجاء ذلك في سياق بيان أصدره تورك أمس (الثلاثاء)، وأكد فيه أيضاً أن هذه التعديلات ستشكل خطراً كبيراً على فعالية النظام القضائي، وعلى حماية سيادة القانون وحقوق الإنسان واستقلالية الجهاز القضائي.
وأشار تورك إلى أن الاحتجاجات ناجمة عن عدم ارتياح الجمهور لهذه الاقتراحات، وأضاف أنه يجب إجراء مثل هذه التعديلات بعد مشاورات متواصلة وتفاهمات سياسية واسعة، ودعا الحكومة الإسرائيلية إلى وقف التعديلات القضائية.
وتعقيباً على تصريحات تورك هذه، قال مندوب إسرائيل الدائم لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان إن تورك مسؤول عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وهي إحدى أكثر الهيئات تشويهاً للأخلاق في العالم، ولذا، فهو آخر مَن يحق له تلقين إسرائيل ماهية الديمقراطية.
وأكد إردان أن تصريح تورك ليس له أي شرعية قانونية أو أخلاقية، ولا يحق له التدخل في شؤون إسرائيل الداخلية.
يُذكر أن الكنيست الإسرائيلي صادق في ساعة متأخرة من الليلة قبل الماضية بالقراءة الأولى على مشروع قانون التعديلات القضائية. وينص مشروع القانون على تعديل طريقة تعيين القضاة وسحب صلاحية المحكمة العليا في إبطال قوانين أساس.
استمر أمس (الثلاثاء) تراجُع قيمة الشيكل في مقابل عملات الدولار واليورو والجنيه الإسترليني، وذلك بعد مصادقة الكنيست على المرحلة الأولى من خطة إضعاف الجهاز القضائي الليلة قبل الماضية.
وسجل سعر صرف الدولار أمس ارتفاعاً بنسبة 1.2% وبلغ 3.608 شيكل، كما ارتفع سعر صرف اليورو بنسبة 1.1% ووصل إلى 3.848 شيكل، وسعر صرف الجنيه الإسترليني بنسبة 1.15%، ليصل إلى 4.334 شيكل.
ويهدد تراجُع قيمة الشيكل برفع بنك إسرائيل نسبة الفائدة البنكية قريباً.
وذكر خبراء اقتصاديون أن الخطوات التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية هذه الأيام، والتي تتعلق بإضعاف النظام القضائي، تتسبب بردع الكثير من المستثمرين الذين بدأوا يعربون عن مخاوفهم من احتمال انعدام الاستقرار في إسرائيل وخرق التوازنات القائمة فيها بين السلطات المتعددة.
وقال يوسي فرايمان، مدير عام شركة "فريكو" لإدارة مخاطر رؤوس الأموال والتمويل والاستثمارات، إن الإصلاحات القضائية التي تنوي الحكومة القيام بها تقدمت مرحلة عقب المصادقة عليها بالقراءة الأولى في الكنيست، وفي إثر ذلك، ارتفع سعر صرف الدولار إلى مستوى من شأنه أن يكون مؤشراً إلى تحولات كبيرة تجري تحت السطح، وبصورة ليست ظاهرة للعيان. وأضاف أن مستثمرين وشركات هاي تك بدأت تُخرج مبالغ مالية كبيرة من إسرائيل، ويتوقع أن يؤدي التراجع في قيمة الشيكل إلى زيادة التضخم، وإلى دفع بنك إسرائيل نحو رفع الفائدة مرة أُخرى في بداية نيسان/أبريل القريب.
وحذّر فرايمان من أنه من دون توافق بشأن مسائل أساسية، وخصوصاً في قضايا مرتبطة باستقلالية المحكمة العليا والحفاظ على نظام الفصل بين السلطات، قد يرتفع سعر صرف الدولار إلى مستوى 3.7 شيكل، وقد يتحرك بسرعة في اتجاه 4 شيكلات وحتى أكثر من ذلك.
وأشار فرايمان إلى أن التخوف الأكبر ما زال متعلقاً بمدى استمرار هيئات وشركات دولية كبرى في الاستثمار في إسرائيل، وبمترتبات خروج العملة الأجنبية على تكلفة تجنيد رأس المال للمرافق الاقتصادية الإسرائيلية، الأمر الذي من المتوقع أن يُلحق ضرراً شديداً بميزانية الدولة العامة، وبقدرة الحكومة على المناورة في حالات الطوارئ. كما أشار إلى أن ارتفاع سعر صرف الدولار في مقابل الشيكل سيؤدي بشكل مباشر إلى غلاء المعيشة في إسرائيل، وسيؤدي أساساً إلى رفع أسعار البضائع المستوردة.
ذكرت قناة التلفزة الإسرائيلية 12 الليلة الماضية أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أجرى خلال الأسابيع الأخيرة 5 نقاشات سرية بشأن الموضوع الإيراني، واتُّخذ في أحدها قرار رفع الاستعدادات والجهوزية الإسرائيلية بصورة كبيرة، وعلى كل المستويات، لتنفيذ هجوم على المنشآت النووية في إيران.
ووفقاً لما أوردته القناة، شاركت في هذه النقاشات النخبة الأمنية في إسرائيل، والتي شملت كلاً من وزير الدفاع يوآف غالانت، ورئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال هرتسي هليفي، ورئيس الموساد دافيد برنياع، ورئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية ["أمان"] اللواء أهارون حليوة، ورئيس قسم العمليات اللواء عوديد بسيوك، وأيضاً قادة عدد من الوحدات ذات الصلة في الجيش الإسرائيلي.
وأشارت القناة إلى أن ما طُرح هناك قاله أيضاً رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو لكلٍّ من وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس الأميركي بايدن جاك سوليفان، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وفحواه أنه في حال لم تتمكن الولايات المتحدة ودول الغرب من مواجهة التطورات في إيران، فإن إسرائيل ستضطر إلى التصرف.
ولفتت قناة التلفزة إلى أن هذه النقاشات جاءت على خلفية تقارير تفيد بأن إيران قامت بتخصيب اليورانيوم إلى مستوى 84%، وفي حال وصولها إلى 90%، وهو المستوى المطلوب للقنبلة، وعدم قيام إسرائيل بأي نشاط سيكون الحديث عملياً عن تقبُّل حقيقة أن إيران تمتلك قدرات لبناء قنبلة، وهو ما يُعتبر خطاً أحمر بالنسبة إلى إسرائيل.
وفي سياق متصل، أشارت القناة إلى أن إسرائيل نقلت خلال الأيام الأخيرة رسائل إلى كلٍّ من "حماس" وحزب الله، فحواها أن حقيقة وجود وضع سياسي داخلي متفجر لا تعني أن إسرائيل غير مستعدة عسكرياً لأي نشاط عسكري، سواء كان في قطاع غزة أو لبنان أو إيران، وستردّ بصورة غير معهودة.
وتوقعت القناة أن تكون الأشهر المقبلة حساسة ومعقدة، وأشارت إلى أن إسرائيل تستعد لأي إمكانية.
- التقرير الأخير لمراقبي الوكالة الدولية للطاقة النووية، الذي كشف عن وجود يورانيوم مخصّب في إيران على درجة 84%، هو بمثابة جرس إنذار للجميع. الاستراتيجيا الإسرائيلية بشأن كل ما له علاقة بالمواجهة مع البرنامج النووي العسكري الإيراني فشلت.
- في البداية، يجب تنظيم التفاصيل بحد ذاتها - فمن الناحية العسكرية، لا يوجد فارق كبير بين التخصيب الذي تقوم به إيران على درجة 60% وبين التخصيب الذي جرى الحديث عنه على درجة 84%- بينما درجة التخصيب العسكري هي 90%. ولا شك في أن إيران تقترب من ذلك. التخصيب غير المسبوق الذي جرى الكشف عنه، يمكن أن ينجم عن احتمالين مركزيين: الأول خطأ إيراني ناجم عن "ألعاب" قام بها الإيرانيون مؤخراً في الربط بين المجموعات المتتالية. هذه المسألة تقنية، ويمكن أن تؤدي إلى خطأ في التخصيب على درجة أعلى. والاحتمال الثاني والأخطر، هو أن إيران اتخذت قراراً بالتخصيب على عتبة التخصيب العسكري لاختبار ردة فعل الغرب. وإذا كان هذا صحيحاً، فإن ما جرى هو خطوة أُخرى من أجل تطبيع تخصيب اليورانيوم، بعد أن اعتاد العالم كله الوضع الخطر اليوم الذي تخصّب فيه إيران على درجة 60%.
- الناحية الاستراتيجية هي المهمة، وحتى الآن، لا يوجد أي رد فعلي على استمرار تقدُّم البرنامج النووي الإيراني. يجب وضع الأمور على الطاولة والاعتراف بالحقيقة المرة - إن الذي سيمنع إيران الآن من التقدم نحو التخصيب على درجة عسكرية هي إيران نفسها. الاستراتيجيا الإسرائيلية أدت إلى معارضة حازمة للاتفاق النووي، لكن من دون التوصل إلى رد حقيقي على الاحتمال الواقعي الذي حدث فعلاً مع انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق بصورة أحادية الجانب، والذي في إطاره، تخرق إيران بنود الاتفاق وتوسّع برنامجها النووي.
- يتعين على العالم الرد بصورة حاسمة، والآن. لا يمكن الاستمرار كأن شيئاً لم يكن. بصفتي من الذين أيّدوا العودة إلى الاتفاق النووي في الأشهر الماضية، مع كل عيوبه وسيئاته - أقول إن هذا الاتفاق لم يعد مهماً (على الرغم من كونه لا يزال سارياً)، إيران توسّع برنامجها النووي، لكن يبدو أنها لم تتخذ قرار القفز إلى القنبلة. الآن هو الوقت المناسب لتقويض المنظومة وإحداث التغيير. الغرض من هذه الخطوة مزدوج: زعزعة الأمن الإيراني الذي لن يهاجمه الغرب في المستقبل القريب، ووقف المماطلة في الاتصالات المتعلقة بالاتفاق النووي (لأنه من الواضح تماماً أن إيران تماطل، وليست معنية فعلاً بالعودة إلى الاتفاق).
- هذه الخطوة يجب أن تبدأ بدفن الاتفاق النووي الذي يُعتبر ميتاً. ومن أجل حدوث ذلك، يجب على إحدى الدول الأوروبية الكبرى إعلان أن إيران تخرق الاتفاق النووي. وليس هناك أي مشكلة في العثور على دلائل تدعم ذلك. في المقابل، يجب إعداد وتطوير تهديد عسكري موثوق به، من خلال التعاون الوثيق مع جيش الولايات المتحدة، ووضع وسائل معينة في إسرائيل، ومواصلة التدريبات المشتركة المهمة. لا يمكن الاستمرار بالطريقة الحالية التي يمكن أن تؤدي بنا في نهاية المطاف إلى قنبلة إيرانية.
- والسؤال لماذا والحال هذه، لا ينسحب الأوروبيون من الاتفاق النووي؟ التفسير الأساسي هو تخوّفهم من أن تترافق هذه الخطوة مع عودة العقوبات التي ستؤدي إلى رد إيراني شبيه بالتخصيب على درجة 90% (الدرجة العسكرية). وفي ضوء ما جرى الكشف عنه في الأيام الأخيرة أن إيران وصلت إلى هذه الدرجة، يمكن أن نجد أنفسنا إزاء وضع وصلت فيه إيران إلى هذه الدرجة من التخصيب، ويصبح التهديد بدفن الاتفاق النووي غير ذي دلالة.
- بعد كتابة هذا كله، يجب أن نهدأ. الإيرانيون لم يصلوا إلى القنبلة النووية. وحتى لو قرروا التخصيب على درجة 90%، فإن هذا لا يعني الوصول إلى قنبلة - بل هو الشرط الأول لها. المشكلة الناجمة عن ذلك هي أنه كلما وصلوا إلى هذا المستوى، فإن خيار شن هجوم عسكري فعال يأخذ في التضاؤل. وكلما تقدموا على محور التخصيب وبدأوا بالتقدم أيضاً على محور تجميع السلاح وتركيب المجمع، كلما ازداد تعقيد المعلومات الاستخباراتية والعملانية. من هنا، فإن الوضع الحالي شديد التعقيد.
- الوقت المتاح لنا في هذا المجال ضيق، ويجب الانتباه إلى كلام السفير الأميركي في إسرائيل توماس نيدس. إسرائيل بحاجة إلى الولايات المتحدة في موضوعات استراتيجية مهمة بالنسبة إليها - البرنامج النووي الإيراني، والدعم الدبلوماسي لها في مواجهة محاولات نزع الشرعية عنها في مجلس الأمن في الأمم المتحدة. وكانت التوصية الصحيحة للسفير هي الاهتمام بالتهديدات الكبيرة - الوضع الحالي في الضفة الغربية على حافة الانفجار، وشهر رمضان على الأبواب، والقدس الشرقية تشتعل، والبرنامج النووي الإيراني يتعاظم. من الأفضل أن نشرك المجتمع الدولي في معالجة هذه الموضوعات، وليس في موضوعات أُخرى.
- قبل عام تحديداً، وفي المكان ذاته والوضع نفسه، دعا فلوديمير زيلينسكي زعماء الناتو والعالم الغربي إلى الانتباه إلى أصوات الحرب القادمة من جهة موسكو: "هل نسيَ العالم دروس القرن العشرين؟ هل قرأنا كتب التاريخ؟ وكيف وصلنا إلى أخطر أزمة أمنية منذ نهاية الحرب الباردة."
- في خطاب من اللوم العاطفي، حثّ الرئيس الأوكراني زعماء الدول، التي حضر مندوبوها "مؤتمر ميونيخ للأمن"، على العمل فوراً لكبح روسيا: "ماذا تنتظرون؟ لسنا في حاجة إلى عقوباتكم بعد بدء القصف." بعد خمسة أيام على هذا الكلام، تقدمت طوابير المدرعات الروسية نحو المقاطعات الأوكرانية، وشنّت حرباً لا تبدو نهايتها في الأفق.
- هذه الذكريات لا تزال حاضرة لدى أغلبية المشاركين في منتدى ميونيخ الشهير الذي قرر منظّموه هذه السنة مقاطعة النظام الروسي بسبب هذه الحرب، ومقاطعة النظام الإيراني بسبب الخطوات القمعية التي ينتهجها حيال المتظاهرين في إيران.
- احتلت الحرب في أوكرانيا وتداعياتها مكاناً مهماً في خطابي، وفي المحادثات والنقاشات في المؤتمر، لكن أسئلة زيلينسكي للمؤتمر من العام الماضي لا تزال أصداؤها تتردد أمام زعماء العالم المتنور.
- الضعف يولّد الأسوأ - هذا هو الدرس الأول والمهم الذي يجب على الغرب أن يتعلمه من هذه الحرب. اعتقد كثيرون أنه في القرن الحادي والعشرين، لا يمكن أن تنشب الحروب الدموية، إلا في الأماكن النائية من الكرة الأرضية، وبين الدول المتخلفة في العالم الثالث. الواقع في أوروبا صفعهم. سِمات الحروب تتغير بصورة كبيرة، وتتأثر بالتكنولوجيا وبتطورات أُخرى. هذه ليست طبيعة الحرب. المكون البشري يبقى هو الأساس والأكثر تأثيراً. ولا جديد تحت الشمس.
- الكاتبة الكندية المعروفة مارغريت إيتوود كتبت: "تنشب الحروب لأن الذين يبدأون بها يعتقدون أن في إمكانهم أن ينتصروا." بكلام آخر، هناك التوقعات والشعور بالقدرة. من الصعب التقدير إلى أي حد أثّرت السياسة الأميركية في أفغانستان والشرق الأوسط في التطورات في أوروبا، لكن من الواضح على الأقل أنها لم تؤدّ إلى لجم متّخذي القرارات في روسيا.
- الغطرسة الإيرانية والثقة بالنفس، في ظل السياسة الحالية للولايات المتحدة وأوروبا، تؤكدان التآكل الذي طرأ على مكانة أميركا وأوروبا. ويبرز هذا في السلوك الاستفزازي في المجال النووي: إمكانية التخصيب على درجة 84% والقدرة على الانتقال إلى 90% في إنتاج اليورانيوم المخصّب، ومراكمة كميات من المواد الانشطارية على مختلف درجات التخصيب، ومنع مراقبي الوكالة الدولية للطاقة النووية من الدخول إلى منشآت مشبوهة، ورفض الرد على أسئلة الوكالة. كما يبرز أيضاً من خلال نشاط إيران التآمري: تسليح وتفعيل ميليشيات وقوات عسكرية تعمل بالوكالة، وتطوير وتوسيع إنتاج وتصدير المسيّرات والصواريخ.
- إيران ليست متورطة في الحرب في أوكرانيا فحسب، بل تحتل مكاناً مهماً في عملية إعادة بلورة محور الدول المعادية للولايات المتحدة والغرب. الوقوف إلى جانب روسيا في الحرب، وتعميق التعاون بين الدولتين يجري في مقابل توطيد العلاقات مع الصين التي أعرب رئيسها مؤخراً عن "تأييده للتطلعات الإيرانية في المسألة النووية".
- النظام في طهران يتموضع كلاعب – فاعل في المواجهة مع المعسكر الديمقراطي الليبرالي الذي تقوده الولايات المتحدة. وهو يرى ضعف الغرب ويستغله حتى النهاية. إيران تعرّض الاستقرار والسلام في العالم كله للخطر، وليس فقط في الشرق الأوسط. ولسنا بحاجة إلى دلائل إضافية في هذا الشأن.
- أمام زعماء الغرب فرصة لتطبيق دروس الحرب في أوكرانيا الآن. وعليهم أن ينظروا إلى ما يحدث في أوروبا واتخاذ قرار بتغيير مقاربتهم حيال إيران. وعليهم أن يدركوا أن ما يفعله النظام الإيراني اليوم لا شيء، مقارنةً بما سيسمح لنفسه بالقيام به إذا حصل على ترسانة سلاح نووي. وكخطوة أولى وفورية، يجب إعلان موت "الاتفاق النووي" واتخاذ قرار العودة إلى الفرض الكامل للعقوبات، وإضافة الحرس الثوري الإيراني إلى قائمة "الإرهاب" ووضع تهديد عسكري موثوق به حيال إيران. ليس هناك ما يؤكد أننا نسير نحو حرب. في المقابل، من دون هذه الخطوات، سيزداد كثيراً احتمال حدوثها.
- إن مستقبل النظام العالمي مطروح على المحك. وهذا الأمر يفهمونه جيداً في واشنطن وأوروبا. السؤال: هل سيجد هؤلاء الشجاعة والقيادة لاتخاذ القرارات المطلوبة؟
- تأليف الحكومة الـ37، التي تتضمن مكونات قومية ودينية، يتم التعامل معها على أنها ضد - العرب، ولا تمثيل للعرب فيها؛ إلى جانب النهج كما يبدو في جزء من الاتفاقيات الائتلافية، والإصلاحات القضائية الواسعة التي يتم الدفع بها - كلها أسباب تدفع بالمجتمع العربي في إسرائيل وقيادته إلى الاعتراف بأن التحديات تخصّهم أيضاً.
- هناك مخاوف في أوساط المجتمع العربي بشأن مستقبله ومكانته كأقلية. وهو ما ينعكس، بوضوح، على ما يُنشَر في مواقع التواصل الاجتماعي، وبصورة خاصة في أوساط الشباب (جيل الـ20-35عاماً)، وهم في أغلبيتهم، "متمدنون" و"متعلمون". هناك حالة من القلق. ويتميز الحديث بالمخاوف من قوانين عنصرية ضد العرب، واستهداف حقوقهم الفردية والجماعية. هناك تخوّف من تعميق الفجوة في توزيع الموارد، وضمن ذلك وقف تطبيق "الخطة الخماسية" لتطوير المجتمع العربي ومحاربة الجريمة، وتحويل هذه الموارد إلى مشاريع في "المدن المختلطة"، أو في الاستيطان اليهودي في النقب والجليل. كما تُسمع أصوات تشير إلى تخوّف من عملية عدم التساوي في تقديم الخدمات للعرب، إلى جانب تخوّف من تقليص حرية التعبير في الحيز العام، وفي هذا الإطار منع رفع العلم الفلسطيني.
- على الصعيد السياسي، هناك تخوّف من تراجُع الاعتراف بشرعية الصوت العربي واندماج العرب في ائتلافات حكومية، وتقديم مشاركة "القائمة الموحدة" في الحكومة السابقة كتجربة فاشلة. ويزداد التخوف أيضاً من اتهام الأحزاب العربية وأعضاء الكنيست العرب بالخروج على القانون، من خلال تعريفهم بأنهم "داعمون للإرهاب". وبصورة خاصة في حال حدوث تصعيد أمني بسبب قضايا حساسة، كالقدس والأماكن المقدسة. وهو ما يمكن أن يؤدي إلى إخلال بالأمن العام واحتجاجات من كلا الطرفين، تتضمن أعمال عنف تقوم بها جهات "متطرفة من الطرفين".
التخوف من المس بنسيج الحياة وتطوُّر توجهات انفصالية
- أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز أبحاث الأمن القومي في كانون الأول/ ديسمبر 2022، أن 63% من العرب يعتقدون أن المكون الإسرائيلي في هويتهم أكثر أهمية من المكون الفلسطيني، والمستطلعون، في أغلبيتهم، عبّروا عن رغبة في الاندماج في المجتمع والدولة. نحو 80% من المستطلعين العرب يدعمون الاندماج السياسي في الحكومة وإقامة حكومات يشاركون فيها، وعلى الرغم من هذا التمسك بالاندماج الذي تشاركهم فيه أغلبية اليهود، 61% من المستطلعين عبّروا عن شعورهم بالاغتراب، وقالوا إن اليهود يرونهم مواطنين غير متساوين في الحقوق، أو أعداء في حالة خمول. نحو 73.5% من المجتمع العربي عبّر عن ثقة متدنية، وحتى متوسطة، بالحكومة. كما أشار الاستطلاع إلى أن الموضوع الأكثر أهمية في سلّم الأولويات، وعلى الحكومة أن تباشر العمل فيه، هو محاربة الجريمة والعنف داخل المجتمع العربي، إذ قال أكثر من نصف المستطلعين العرب إن شعورهم بالأمان الشخصي تراجع في الفترة الأخيرة.
- في الاستطلاع ذاته، قال نحو 73% من الإسرائيليين، اليهود والعرب، أنه يتوجب على دولة إسرائيل أن تستثمر في مواطنيها العرب بطريقة أو بأُخرى. وهذه النتيجة يجب أن توجه الحكومة الجديدة. توزيع غير متساوٍ للموارد والميزانيات، إلى جانب تمييز ممنهج، يمكن أن يؤدي إلى ميول انفصالية في أوساط المجتمع العربي، ومن ضمنها تراجُع الرغبة في الامتثال لقوانين الدولة والواجبات المدنية، وصولاً إلى الامتناع من المشاركة في انتخابات الكنيست. هذه الاتجاهات يمكنها أيضاً تعزيز مكانة الجهات المتطرفة في المجتمع العربي، التي لا تزال اليوم صغيرة نسبياً.
- في هذه المرحلة، لا تزال سياسة الحكومة الجديدة تجاه المجتمع العربي غير واضحة. والتجربة تعلمنا أن العلاقات ما بين المجتمع العربي والدولة والأغلبية اليهودية فيها ذات دينامية، وتتأثر بالأساس بالسياسات التي يمكن أن تؤدي إلى تحسين، أو تراجُع، في رفاهية المجتمع العربي ووضعه الاقتصادي، وبدرجة اندماج هذا المجتمع في المجتمع والسياسة. الخطوة الوحيدة التي تم اتخاذها حتى الآن هي نقل سلطة تطوير المجتمع العربي من وزارة الرفاه الاجتماعي إلى مكتب رئيس الحكومة. نأمل أن يساهم هذا بتطبيق "الخطة الخماسية". ويجب التذكير بأن حكومة نتنياهو هي التي بادرت وفعّلت "الخطة الخماسية" لتطوير المجتمع العربي في كانون الأول/ ديسمبر 2015، بميزانية 10 مليارات شيكل. لاحقاً، جرى توسيع الخطة خلال ولاية الحكومة السابقة (تشرين الأول/أكتوبر 2021). وغير ذلك، في حال تم تبنّي سياسة تقليصات، أو سياسة يبدو أنها تهمّش المجتمع العربي، فإن النتيجة يمكن أن تكون تراجُع المسارات الإيجابية التي ذُكرت، وإلحاق الضرر بطبيعة حياة العرب واليهود في الدولة: ازدياد التطرف في أوساط كلا المجتمعين، وتعميق الشعور بالاغتراب لدى العرب عن الدولة والأغلبية اليهودية.
معضلة الجمهور العربي بشأن طرق العمل والرد
- تتابع الأقلية العربية وقياداتها التصريحات والقرارات التي تتخذها الحكومة الجديدة، وهم يتبنّون نهج الانتظار في حالة تأهُّب. ويبدو أنهم مترددون، ويميلون إلى عدم المشاركة في "النضال" الجماهيري للحفاظ على النظام القضائي والديمقراطية، الذي يجري في هذه الأثناء. فمن جهة، من الواضح لهم أن التغييرات المتوقعة في النظام القضائي ستُلحق الضرر بهم، ولذلك، سيكون من الصواب الانضمام إلى الاحتجاجات؛ ومن جهة أُخرى، فإن الإدراك أن النضال يهدف إلى الحفاظ على الديمقراطية اليهودية التي تهمشهم كأقلية قومية، يطرح أسئلة عن مشاركتهم. وفي هذا السياق، من المهم الإشارة إلى أنه يوجد غضب في وسائل التواصل الاجتماعي على الحراك اليهودي، الذي يحاول جزء منه إقصاء العرب عن التظاهرات. كما أن الشباب العربي يرى في منعه من رفع العلم الفلسطيني محاولة لإلغاء هويته القومية. ويشير الحديث الذي يدور في وسائل التواصل الاجتماعي إلى شعور بالاغتراب لدى الشباب العرب، إذ يراهم اليمين "مخربين" أو "داعمين للإرهاب"؛ أما اليسار، فيريدهم بشرط التنازل عن هويتهم القومية الفلسطينية، إنه شرط غير مقبول وغير ممكن أيضاً.
- أعضاء لجنة رؤساء السلطات المحلية اكتفوا بإرسال رسالة إلى رئيس الحكومة، حذروا فيها من إسقاطات الخطوات التي تنوي الحكومة اتخاذها وسياسات وزير الأمن القومي، وطلبوا لقاءه. هذا الطلب بحد ذاته يشير إلى نهج براغماتي. أما قيادات الأحزاب العربية، فصحيح أنها طالبت بالانضمام إلى الاحتجاجات ضد نية الحكومة إجراء تغييرات في النظام القضائي، وحتى أنها شاركت شخصياً في التظاهرات، لكنها امتنعت من تنظيم وتجنيد المواطنين العرب للاحتجاجات. وهذا شبيه بما قامت به مؤسسات المجتمع المدني العربية.
- رئيس "الجبهة"، عضو الكنيست أيمن عودة طالب بتصعيد النضال ضد خطة الحكومة الجديدة وإدارته على كافة الصعد، الشعبية والسياسية والقضائية والبرلمانية، وصولاً إلى الدولية. وفي نظره، إن الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني لإنهاء الاحتلال هو جزء من الصراع على الديمقراطية، والمهم فيه العمل مع أحزاب "اليسار" والوسط اليهودية. أما رئيس القائمة الموحدة، عضو الكنيست منصور عباس، فيعتقد أن هناك اتفاقاً واسعاً في المجتمع العربي ضد خطة الحكومة، ويقترح صوغ استراتيجيا نضال جديدة ضدها. واقترح على أحزاب المعارضة السماح لمنظمات المجتمع المدني من كلا الطرفين بالصعود إلى المنصة.
- هناك مطالبة في المجتمع العربي من الأحزاب العربية بفهم حجم التحديات والمخاطر، وأن تحل الإشكاليات فيما بينها، وتبني معارضة مشتركة مع أحزاب "اليسار" والوسط اليهودية. يبدو أن هذه المطالبات لا تؤدي إلى أي تغيير في المرحلة الحالية في العلاقات المتوترة القائمة بين "الجبهة" وشركائها في القائمة المشتركة و"الموحدة". ولكن، لا يجب إلغاء احتمال أن يحدث هذا مستقبلاً.
خلاصة وتوصيات
- تغيير محتمل في شكل النظام الديمقراطي في الدولة يمكن أن يؤدي إلى تراجُع في العلاقات مع الأقلية العربية. هناك مخاوف كبيرة في أوساط المجتمع العربي وقياداته من تغييرات سلبية بسبب سياسات الحكومة الجديدة تجاههم، ومن حالة إقصاء لهم. هذه التطورات يمكن أن تشجع الاتجاهات المتطرفة، بمرور الوقت، حتى أنها يمكن أن تؤدي إلى توجهات انفصالية في أوساط الأقلية العربية.
- لكن تغيير الحكومات لا يغيّر في الحقيقة التي اعترفت بها حكومات اليمين والوسط - يسار سابقاً، وهي أن الدفع بالعرب إلى الاندماج في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للدولة، هو مصلحة قومية عليا للحصانة الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية الإسرائيلية.
- وفي هذا السياق، نوصي بالتالي:
- الامتناع من التمييز، على خلفية إثنية، والامتناع من اتخاذ مبادرات تشريعية تهدف إلى الإقصاء السياسي والاجتماعي، ومنح مساواة في الوصول إلى الموارد والمساواة في فرص سوق العمل.
- تطبيق الخطة الخماسية لتطوير المجتمع العربي ومحاربة الجريمة، بالتعاون مع القيادات العربية وممثلي المجتمع المدني العربي.
- الامتناع من إطلاق تصريحات تحريضية وعنصرية تبث الشك في ولاء العرب للدولة.
- تشجيع دمج المجتمع العربي، الذي يشكل نحو 20% من السكان، في المجتمع والدولة، والتعامل معه بمساواة وشراكة في الأوقات العادية وحالات الطوارئ.
- هذه التوصيات هي التزام أساسي من دولة ديمقراطية تجاه مواطنيها. تبنّيها سيحسّن العلاقات بين الأقلية العربية والأغلبية اليهودية، ويساعد على إضعاف الجهات المتطرفة الموجودة في أوساط العرب. ولهذه التوصيات أهمية من وجهة نظر إسرائيل كدولة "ديمقراطية ومتنورة"، والتي تحاول تحسين مكانتها في أوساط المجتمع الدولي، وفي عيون الإدارة الأميركية.