مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قالت قناة التلفزة الإسرائيلية 12 الليلة قبل الماضية إن الجيش الإسرائيلي استدعى عدداً من قوات الاحتياط التابعة لمنظومات الدفاع الجوي وقام بنشر مزيد من بطاريات "القبة الحديدية" في شتى أنحاء البلد، وذلك في ظل التوتر الأمني في جميع القطاعات والإطلاق الأخير للصواريخ من أراضي لبنان وقطاع غزة وسورية.
وأضافت القناة أن الجيش الإسرائيلي نشر عدداً من قوات الكوماندوز لتعزيز قوات الشرطة في مراكز المدن الإسرائيلية، بناء على تعليمات وزير الدفاع يوآف غالانت، تحسباً من احتمال تنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية داخل المدن المركزية في منطقة تل أبيب ووسط إسرائيل. وأشارت إلى أن الجيش الإسرائيلي نشر بشكل واسع بطاريات "القبة الحديدية" في شتى أنحاء البلد واستدعى عدداً من قوات الاحتياط في الدفاعات الجوية لتشغيل هذه البطاريات لمواجهة احتمال وقوع هجمات بطائرات مُسيّرة أو عبر قذائف صاروخية ضد مواقع إسرائيلية.
وبحسب التقرير، فإن أحد أسباب تعزيز القوات الأمنية في إسرائيل هو تزامن يوم الجمعة الأخير في شهر رمضان مع "يوم القدس العالمي" الذي تحييه إيران منذ سنة 1979، وأكد أن هذا اليوم يتسم بما وصفه بأنه نشاط دول المحور الإيراني ضد إسرائيل في مجموعة متنوعة الأبعاد.
وأكدت قناة التلفزة أخيراً أن الجيش الإسرائيلي مستعد لإحباط هجمات محتملة عبر إطلاق قذائف صاروخية أو بواسطة طائرات مُسيّرة أو هجمات سيبرانية أو عمليات تنطلق من المناطق [المحتلة] وتشمل إطلاق نار أو تفجير أو طعن أو دهس.
ذكر بيان صادر عن ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية أول أمس (الثلاثاء) أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قرر منع المستوطنين اليهود من دخول جبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف] اعتباراً من يوم أمس (الأربعاء) وحتى نهاية شهر رمضان.
وأضاف البيان أن هذا القرار اتُخذ بعد سلسلة من المشاورات الأمنية بشأن هذه القضية وعلى خلفية أعمال عنف واسعة النطاق مرتبطة بالتوترات في هذا الموقع المقدس. وأشار إلى أنه تمت التوصية به بالإجماع من طرف وزير الدفاع يوآف غالانت، ورئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال هرتسي هليفي، ورئيس جهاز الأمن العام ["الشاباك"] رونين بار، والقائد العام للشرطة الجنرال كوبي شبتاي، خلال جلسة مشاورات عُقدت يوم أول أمس.
وكان لافتاً غياب وزير الأمن القومي إيتمار بن غفيرعن هذه المجموعة، الذي انتقد القرار ووصفه بأنه خطأ فادح لن يجلب السلام، إنما يهدد بتصعيد أكثر للوضع الأمني.
وأضاف بن غفير في بيان صادر: "إن عدم وجود زوار يهود في الموقع المضطرب سيعني انخفاض أفراد الشرطة الإسرائيليين المتمركزين هناك، الأمر الذي سيوجد أرضاً خصبة لتظاهرات حاشدة للتحريض على قتل اليهود وحتى سيناريو يتم فيه إلقاء الحجارة على المصلين اليهود عند حائط المبكى [البراق]. عندما يضربنا الإرهاب، يجب أن نرد بقوة هائلة لا أن نستسلم".
وقد أُعلن هذا القرار بعد أن أصدرت حركة "حماس" بياناً دعت فيه الفلسطينيين إلى التدفق على المسجد الأقصى بأعداد كبيرة خلال الأيام العشرة الأخيرة من رمضان وعدم مغادرة الموقع. كما حذرت الحركة إسرائيل من السماح بزيارات المستوطنين اليهود إلى هناك، كما كانت الحال في معظم أيام شهر رمضان.
استمر أمس (الأربعاء) تراجع سعر صرف الشيكل في مقابل عملات أجنبية وخصوصاً الدولار واليورو. ويأتي ذلك أيضاً قبل يومين من قرار شركة "موديز" للتصنيف الائتماني بشأن تصنيف إسرائيل.
وبلغ سعر صرف الدولار أمس 3.68 شيكلاً بعدما سجل أول أمس (الثلاثاء) سعر صرف 3.62 شيكلاً، فيما بلغ سعر صرف اليورو 4.02 شيكل.
وتراجعت قوة الشيكل منذ كانون الثاني/يناير الماضي بنسبة 10% عندما انخفض سعر صرف الدولار إلى 3.36 شيكلاً.
يُذكر أن شركة "موديز" حذرت الشهر الماضي من أن خطة "الإصلاح القضائي" التي تدفع الحكومة الإسرائيلية بها قدماً وتهدف إلى إضعاف الجهاز القضائي من شأنها أن تؤدي إلى خفض توقعات تصنيفها الائتماني. وتصنيف "موديز" الائتماني لإسرائيل هو A+ مع توقعات برفع مستواه، لكن الشركة حذرت من أنه قد يتم إلغاء التوقعات الإيجابية وأن يعود التصنيف إلى توقع استقرار اقتصادي فقط.
في سياق متصل تطرق مسؤولون اقتصاديون إسرائيليون إلى التوتر الأمني الأخير وقالوا إنه كان بمثابة عامل مسرّع لارتفاع أسعار صرف عملات أجنبية في مقابل الشيكل، وأن كثيراً من المستثمرين عمدوا إلى تقليص الاستثمارات بالشيكل. وأكد هؤلاء أن التوقعات بإعلان "موديز" تغييراً محتملاً في تصنيف ائتمان إسرائيل من إيجابي إلى مستقر هو عامل تسبب بتراجع قوة الشيكل في الأيام الأخيرة.
قالت مصادر سورية معارضة وإسرائيلية وغربية لوكالة "رويترز" للأنباء إن إيران استخدمت رحلات الإغاثة من الزلزال لجلب أسلحة ومعدات عسكرية إلى سورية، وأشارت إلى أن الهدف من وراء ذلك هو تعزيز دفاعات إيران ضد إسرائيل في سورية، ودعم نظام الرئيس بشار الأسد.
ووفقاً لهذه المصادر فإنه بعد زلزال 6 شباط/فبراير الماضي في شمال سورية وتركيا بدأت مئات الرحلات الجوية من إيران بالهبوط في مطارات حلب ودمشق واللاذقية لنقل الإمدادات واستمر ذلك على مدى 7 أسابيع. وتضمنت الإمدادات معدات اتصالات متقدمة وبطاريات رادار وقطع غيار مطلوبة لتحديث مزمع لنظام الدفاع الجوي السوري الذي مدّت به إيران دمشق في حربها.
وذكرت "رويترز" أنها تحدثت عن الرحلات الجوية المذكورة مع اثنين من مسؤولي مخابرات غربية، ومع مصادر مقربة من القيادتين الإيرانية والإسرائيلية، وكذلك مع منشقّ عسكري سوري وضابط سوري.
ونفت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة في بيان صادر عنها هذا النبأ.
وقال مسؤول أمني إسرائيلي رفيع المستوى رفض الكشف عن هويته لـ"رويترز": "تحت ستار شحنات مساعدات الزلزال إلى سورية، رصدت إسرائيل تحركات كبيرة لمعدات عسكرية من إيران، يتم نقلها بشكل أساسي في أجزاء". وأضاف أن معظم المساعدات سُلّمت إلى مطار حلب في شمال سورية. وقال إن الوحدة السورية 18000 التابعة لفيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني هي التي تولت تنظيم الشحنات.
- إن تعزيز التعاون بين روسيا وإيران يمكن أن يقوّض العلاقات بين إسرائيل وموسكو، وأن يُلحق الضرر بالتنسيق الأمني معها في سورية - هذا هو تقدير مصادر في إسرائيل. على هذه الخلفية قال مصدر إسرائيلي لـ"هآرتس" إن على إسرائيل أن تدرس توسيع المساعدة العسكرية لأوكرانيا.
- في الأشهر الأخيرة ذكرت تقارير أن إيران تزود روسيا بمسيرات وصواريخ ووسائل قتالية أُخرى لاستخدامها في حربها في أوكرانيا. وبحسب التقديرات الإسرائيلية، فإنه في ضوء التقارب بين الدولتين ستضغط إيران على موسكو كي لا تسمح بعمليات إسرائيلية ضد أهداف إيرانية في الأراضي السورية.
- ويرى المصدر الإسرائيلي أن هذه الأوضاع تحتّم على إسرائيل أن تعيد دراسة موقفها من الحرب في أوكرانيا. "زيادة الاستقطاب بين روسيا والغرب لم يعد يسمح لإسرائيل بالاستمرار بالمناورة بين العالمين". وأضاف أنه من الواضح الآن أن "الروس لن يعطونا شيئاً، والامتناع من تقديم المساعدة إلى أوكرانيا سيثير استياء الدول في الغرب."
- ومنذ نشوب الحرب في أوكرانيا زودت إسرائيل كييف بالمعلومات الاستخباراتية وبمنظومات دفاعية، لكنها رفضت تزويدها ببطاريات من منظومة القبة الحديدية أو مساعدات عسكرية أُخرى. وبررت هذه السياسة بالخوف من إلحاق الضرر بالعلاقات مع روسيا والذي عبّر عنه أحد المقربين من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بالقول: "إن مشكلة إسرائيل فريدة من نوعها. فنحن لا نعرف دولة أُخرى تحلق طائراتها يومياً على مسافة قريبة من الطائرات الروسية."
- إلى جانب ذلك، برز التخوف في القدس من أن يؤدي التدخل لمصلحة أوكرانيا إلى إلحاق الأذى باليهود الذين يعيشون في روسيا. لكن، وبحسب المصدر الإسرائيلي، فإن تمسك نتنياهو بالسياسة الحالية لن يمنع ذلك، "لأنه إلى جانب التقرب من إيران تنتهج روسيا سياسة داخلية تنتهك حقوق الإنسان ويمكن أن تسيء إلى اليهود الذين يعيشون هناك، الأمر الذي سيؤدي تلقائياً إلى الاشتباك. وسنضطر في النهاية إلى الوقوف إلى جانب الدول الغربية، لكننا سنفعل ذلك بعد تعرضنا للضرب والكدمات".
- تظهر الوثائق التي سُربت من البنتاغون في الأسبوع الماضي أن الإدارة الأميركية درست احتمالات الضغط على إسرائيل لتزويد أوكرانيا بالسلاح بما فيها صواريخ مضادة للدبابات ومنظومات سلاح جويّ متطورة. وبالاستناد إلى تقديرات في واشنطن من المعقول أن تفعل إسرائيل ذلك وفق "النموذج التركي"، أي تقديم السلاح عبر دولة ثالثة، بينما تدعو إلى حل النزاع بوسائل سلمية وتقترح تقديم مساعدتها عبر التوسط بين روسيا وأوكرانيا.
- ومنذ غزو الجيش الروسي لبلاده لم يتوقف الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي عن الطلب من إسرائيل مساعدة قواته. ففي شباط/فبراير، وبعد لقائه مع وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين ظهر زيلينسكي في مؤتمر ميونيخ للأمن مطالباً إسرائيل بتزويد بلاده بمنظومة "مقلاع داوود" لاعتراض المسيرات والصواريخ. وقال زيلينسكي:"حتى الآن ليس لدينا 'مقلاع داوود' لكني أعتقد أنها مسألة وقت فقط".
- ليس هناك أبشع من تصريحات المستوى السياسي - والأمني الفارغة بشأن الجهوزية في جميع القطاعات في مواجهة أي توتر قد يحدث. فمؤخراً، أعلن وزير المال بتسلئيل سموتريتش أن دولة إسرائيل لن تسكت عن الهجمات ضد مواطنيها، وأن أعداءها سيندمون على ذلك. كما أن رئيس حزب أزرق أبيض، رئيس الأركان ووزير الدفاع السابق بني غانتس، الذي ألقى مؤخراً خطاباً عن جهوزية الجيش، هو أول المسؤولين عن عدم هذه الجهوزية للحرب المقبلة المتعددة الجبهات.
- عندما كان رئيساً للأركان قرر غانتس تقليص أعداد مئات الدبابات ووحدات أُخرى من سلاح البر، بعد أن جرى وضع خط أحمر ممنوع أن يتخطاه. وخلال فترة ولايته ازداد التهديد على إسرائيل بمستويات لم نعرفها من قبل: إسرائيل محاطة بآلاف الصواريخ والقذائف، وعشرات الآلاف من المقاتلين المجهزين بالسلاح المضاد للدبابات وبالمدفعية، وميليشيات شيعية موالية لإيران تزداد قوة في سورية واليمن والعراق.
- تبدو الجهوزية العملانية للجيش وللجبهة الداخلية في حالة من الضعف المستمر؛ فسلاح البر وسلاح الاحتياط لم يتدربا وفقدا مهارتهما. كما سمح غانتس لرئيس الأركان أفيف كوخافي الذي حل محل غادي أيزنكوت بالاستمرار في تقليص سلاح الاحتياط، بالإضافة إلى النقص في التدريبات، وهو ما أدى إلى إضعاف الجيش وعدم قدرته على العمل كما يجب في الحرب المقبلة المتعددة الجبهات. بعمله هذا نسي غانتس أن الحروب لا نربحها بالشعارات، إذ من المحتمل أن نواجه حروباً إقليمية قد تتعرض خلالها الجبهة الداخلية في إسرائيل إلى إطلاق 3500 صاروخ وقذيقة ومسيرة يومياً، الأمر الذي قد يتسبب بتدمير مئات المواقع يومياً ويوقع خسائر كبيرة ودماراً مخيفاً.
- وحتى لو نجح سلاح الجو في إصابة بنك أهدافنا في لبنان فإن هذا سيكون مثل نقطة في بحر مقارنة بحجم القوة الموجودة لدى أعدائنا ليس فقط في لبنان، بل أيضاَ لدى الميليشيات الشيعية في سورية والعراق واليمن، ولدى "حماس" والجهاد الإسلامي في غزة وفي إيران. إن إطلاق الصواريخ والقذائف والمسيرات من جانب العدو سيستمر طول أيام الحرب، بينما مخزون إسرائيل يبدو محدوداً ويمكن أن يصمد لفترة قصيرة فقط. وهذا مثال كلاسيكي على ما قامت به القيادة الرفيعة المستوى في الجيش والمستوى السياسي من ذر الرماد في عيون الجمهور، وبدلاً من إعداد الجيش للحرب فهم ينشغلون بالشكل لا بالجوهر.
- وجدت إسرائيل نفسها أمام معضلة صعبة تتمثل بكيفية الرد على إطلاق الصواريخ من لبنان ومن غزة وسورية في عيد الفصح. لكن المستوى السياسي نسي أن إطلاق هذه الصواريخ هو بمثابة تجربة للأدوات مقارنة بالحرب المتعددة الجبهات المقبلة، التي ستُطلق فيها آلاف الصواريخ الثقيلة مع رؤوس حربية تزن مئات الكيلوغرامات، كما أن جزءاً منها صواريخ دقيقة يمكنها أن تصل إلى ميناء حيفا وغوش دان. ولن تنفع منظومة القبة الحديدية في مواجهتها، وأي رد حادٍ غير متوازن من جانب إسرائيل كان يمكن أن يؤدي إلى نشوب حرب إقليمية شاملة بينما الجيش الإسرائيلي والجبهة الداخلية الإسرائيلية ليسا مستعدين لها.
- وبدلاً من أن نتشاجر فيما بيننا، يجب أن نقف موقفاً واحداً وراء راية الأمن القومي والفردي، وأن نعطي الطاقم الممتاز - وزير الدفاع، ورئيس الأركان والمدير العام لوزارة الدفاع - الوقت والوسائل لإعداد الجيش والجبهة الداخلية بأسرع وقت ممكن لمواجهة حرب إقليمية قد تقع عاجلاً أم آجلاً.
- يمكن القول إن فترة الإنكار انتهت. منذ عامين، وبالتحديد منذ عملية "حارس الأسوار" أغمضت إسرائيل عينيها حيال تبدل الواقع الاستراتيجي الذي ضمن إطاره وجّه "الإرهاب" الفلسطيني ضرباته من خلال تساقط الصواريخ بصورة أساسية على غلاف غزة، وفي الضفة والجليل والنقب. لا يمكن لإسرائيل مواصلة روتينها اليومي وتكريس اهتمامها بالصراع الثقافي على صورة الدولة. لقد حصلت على الهدوء الأمني النسبي في العقد الأخير الذي رافقه ازدهار اقتصادي، وغرقت داخل نفسها من دون أن تدرك أن التاريخ لم ينتهِ هنا، ومن دون أن تعي أن البيئة من حولها تغيرت وبدأت تثور ضد النظام الاستراتيجي الذي اعتمد على السلام الاقتصادي كوسيلة لتقليص النزاعات الأيديولوجية.
- الفلسطينيون هم أول من تحدى هذا النظام. في البداية في غزة ولاحقاً داخل المجتمع العربي في إسرائيل، ومن بعدهما في القدس وأخيراً في الضفة الغربية. وخلال أكثر من عام خاض المحيط الأيديولوجي الفلسطيني "إرهاباً" متواصلاً ومزمناً. ولقد فعل ذلك بالأساس بين البحر المتوسط ونهر الأردن إلى أن انضمت إليه في المرحلة الحالية أطراف فلسطينية من خارج الساحة المحلية. في المقابل تخلى حزب الله عن الحذر الذي تميز به بعد حرب لبنان الثانية وبدأ يدرس حدوده وحدود إسرائيل. يحدث هذا كله بينما تدفع إيران قدماً بتخصيب اليورانيوم وتحطم الجدار الحديدي السياسي الذي بنته إسرائيل من خلال اتفاقات أبراهام.
- إسرائيل اليوم في وسط معركة كبيرة في الشرق الأوسط. الانفجار الكبير لم يحدث بعد، لكن من الواضح زيادة استعداد الائتلاف غير المعلن لأنصار المعسكر الأيديولوجي والنشط من أجل تحدي إسرائيل وتحدي النظام القائم. وفي نظرة إلى المستقبل، نشأ نموذج عن الواقع الذي يمكن أن يصبح حقيقة يومية إذا تحولت إيران إلى دولة على عتبة النووي، لأنه حينها سيزداد استعداد عناصر المقاومة لزيادة حدة هجماتهم على إسرائيل في ظل المظلة الإيرانية التي ستوفرها طهران.
- إسرائيل تمر بمرحلة مؤلمة للغاية. النظام الاستراتيجي يتفكك، لكن الإدراك المعرفي لهذا لم يدخل في عمق الوعي. والدليل على ذلك أن أطرافاً داخلية ما تزال تعتقد أن في الإمكان الاستمرار في إدارة الصراعات بشأن صورة الدولة كأن شيئاً لم يتغير. وبالتالي حتى في القدس لم تبرز بوادر تفكير بشأن استراتيجيا شاملة جديدة مطلوبة لمواجهة تغييرات الواقع. في هذا الإطار الوقت ينفد: رمضان سينتهي، لكن الحرب غير المعلنة على إسرائيل في الوقت الحالي ستستمر. ليس المقصود موجة أُخرى من تصعيد محدود، أنما واقع منظومي جديد.
- ما نحتاج إليه الآن استراتيجيا جديدة تعتمد على ثلاثة مداميك أساسية، الأول فيها سياسي؛ والمقصود عملية ضرورية لتوسيع ائتلاف نتنياهو وتشكيل حكومة طوارىء وطنية. وحكومة كهذه ستفرض على المعارضة التخلي عن سعيها الساذج لإسقاط الحكومة من خلال النضال ضد الإصلاح القضائي، ومن ناحية ثانية ستجبر الائتلاف على تغيير أجندته القومية والتركيز على القضايا الأمنية.
- المدماك الثاني جماهيري. على قيادة إسرائيل النظر مباشرة إلى الشعب الإسرائيلي وإطلاعه على الأخبار السيئة، وتحضيره لسنوات صعبة وملبدة بالمفهوم الأمني. والإجماع هو أمر مهم في الوقت الحالي من أجل الدفع قدماً بعمليات سريعة لتعزيز البنى التحتية وفي مواجهة معركة أو معارك مستقبلية.
- المدماك الثالث عسكري. لا مفر. على إسرائيل أن ترسم من جديد قواعد اللعبة الإقليمية والتخلي عن نظرية الاحتواء، أو على الأقل عليها أن تنوع سجلها الاستراتيجي من خلال توجيه ضربة قاسية إلى إحدى خلايا منظومة المقاومة الإقليمية. وذلك انطلاقاً من الإدراك بأن فرص مواجهة النووي الإيراني بواسطة هجوم مباشر ضئيلة، لكن من الممكن مواجهة وكلاء طهران والخاضعين لوصايتها.
- كما يجب توجيه تحذير إلى كل من يحاول أن يختبر صبر إسرائيل، صحيح أنها أضاعت الفرصة التي أتاحها حزب الله و"حماس" بعد إطلاق الصواريخ الكثيف من لبنان ليلة الفصح، لكن الوقت لم يفت للقيام بعملية فعالة ومهمة وذكية ومخطط لها تستهدف إحدى الخلايا في منظومة المقاومة التي تهددها، وتعمل على تفكيكها، وبهذه الطريقة تذكّر الجميع من جديد بأن جارهم البلطجي في الشرق الأوسط لم ينسَ كيف يضرب.