مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في بيان صادر عنه أمس (الأربعاء) أنه التقى رئيس القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل إريك كوريلا، وذلك على هامش التدريبات الرئيسية المتعددة الجبهات للجيش الإسرائيلي، والتي أُطلق عليها اسم "القبضة الساحقة".
وقد انطلقت هذه التدريبات يوم الإثنين الماضي، ومن المقرر أن تستمر مدة أسبوعين تقريباً، بينما عُقد الاجتماع مع كوريلا أول أمس (الثلاثاء) في "الكيرياه" في تل أبيب.
وأطلع غالانت الجنرال كوريلا على بداية تدريبات الجيش الإسرائيلي، التي تركز على الحرب المتعددة الجبهات، بما في ذلك غزة ولبنان وسورية.
وتهدف التدريبات أيضاً إلى التخطيط لنزاع محتمل مع إيران، يشمل اشتعال عدة جبهات، منها لبنان وسورية تحديداً، بسبب وجود ميليشيات موالية لإيران فيها.
عاد إلى إسرائيل أمس (الأربعاء) رئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ وعقيلته، بعد زيارة رسمية إلى العاصمة الأذرية باكو استغرقت يومين، بدعوة من الرئيس الأذري إلهام علييف.
والتقى هرتسوغ الرئيس الأذري في القصر الرئاسي في العاصمة باكو. كما عقد اجتماعاً مع أبناء الجالية اليهودية في البلد وممثلي السلك الدبلوماسي الإسرائيلي المعتمدين في أذربيجان.
وقال رئيس الدولة في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في ختام الزيارة، إن الاستراتيجيا والتطلعات المشتركة لإسرائيل وأذربيجان تقوم على صنع الخير من خلال الحوار النزيه والمفتوح بين اليهود والمسلمين.
أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أمس (الأربعاء) أن المخزون المقدّر من اليورانيوم المخصّب الذي بحيازة إيران تجاوز بأكثر من 23 مرة الحدّ المسموح به بموجب الاتفاق النووي المبرم بين طهران والدول الست العظمى سنة 2015.
وأضافت الوكالة أن لديها تقارير تشير إلى أن إجمالي مخزون إيران من اليورانيوم المخصّب حتى 13 أيار/مايو 2023، يُقدّر بـ4744.5 كغم في حين أن الحد المسموح به في الاتفاق يبلغ 202.8 كغم.
في الوقت عينه، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إغلاق الملف المتعلق بوجود مواد نووية في موقع مريوان غير المعلن عنه في جنوب طهران، بعد تلقّي توضيحات معقولة من إيران. وأكدت الوكالة أنه لم يعد لديها أسئلة إضافية فيما يتعلق بهذا الموقع، وأن المسألة في هذه المرحلة لم تعد عالقة.
وجاءت تقديرات الوكالة الدولية قبل أيام من اجتماع مجلس محافظي الوكالة.
وكان رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال هرتسي هليفي قال في سياق خطاب أمام مؤتمر هرتسليا الأسبوع الماضي، إن ثمة تطورات سلبية في الأفق، من شأنها الدفع نحو القيام بعمل ضد إيران. وتطرّق إلى حزب الله، معتبراً أن الحزب يعتقد أنه يفهم إسرائيل، وهذا يجعله يتجرأ على تحدّيها، ووصف حزب الله بأنه الممثل الأقوى لإيران.
وأضاف هليفي أن إيران تقدمت في تخصيب اليورانيوم أكثر من أي وقت مضى، وهناك توجُّه لدى عدة دول في المنطقة للتقرّب من إيران، وهو نابع من رغبة في خفض درجات التوتر في المنطقة وعدم الوصول إلى مواجهات كبيرة.
قال وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين إن هنغاريا ستصبح أول دولة في الاتحاد الأوروبي تنقل سفارتها إلى القدس، معترفةً فعلياً بهذه المدينة عاصمة لإسرائيل.
وجاءت أقوال كوهين هذه خلال الاجتماع الذي عقده مع وزير الخارجية الهنغاري بيتر سيارتو في بودابست أمس (الأربعاء)، وأكد فيها أيضاً أن هنغاريا تدعم إسرائيل منذ أعوام عديدة، وأن تعزيز الجبهة الموالية لإسرائيل مع دول وسط أوروبا الأُخرى يمثل مصلحة سياسية واقتصادية مهمة لدولة إسرائيل. وأضاف أن الحرب في أوكرانيا حولت إسرائيل إلى رصيد استراتيجي للدول الأوروبية، سواء من حيث الأمن الإقليمي، أو من حيث الطاقة.
من جانبه، أعلن وزير الخارجية الهنغاري أن التعاون بين بلده وإسرائيل وصل إلى ذروته التاريخية، وأن بودابست سوف تقف بالمرصاد في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي لأي محاولات للفلسطينيين تهدف إلى إدانة إسرائيل، وقال: "إن هنغاريا تدعم حق إسرائيل في الدفاع عن النفس، وتدين الإرهاب، وتدعو إلى نهج عادل تجاه إسرائيل داخل الأمم المتحدة."
وأكد سيارتو موقف هنغاريا المناهض لمعاداة السامية، مشدداً على دور الهجرة غير الشرعية في معاداة السامية الحديثة.
ووقّع كوهين وسيارتو اتفاقية لتجديد المنح الدراسية التي تقدمها الحكومة الهنغارية للطلاب الإسرائيليين الذين يدرسون في البلد، ووفقاً للاتفاقية، فإن هنغاريا ستقدم 50 منحة دراسية للطلاب الإسرائيليين كل عام.
رفضت لجنة الإفراجات المبكرة التابعة لمصلحة السجون الإسرائيلية أمس (الأربعاء) النظر في ملف الإفراج عن الأسير وليد دقة، وأحالته إلى لجنة الإفراجات عن الأسرى المؤبدين، وأكدت أن هذه القضية تقع خارج صلاحياتها.
ويعاني دقة جرّاء سرطان النخاع الشوكي والتهاب رئوي وقصور كلوي حادَّين وهبوط في نسبة الدم، وعدة أعراض صحية خطِرة، وهو يتلقى العلاج في عيادة سجن "معسياهو" في الرملة.
ونظّمت عائلة الأسير دقة وحملة الدفاع عنه تظاهرة أمام سجن "معسياهو"، تزامناً مع تنظيم إسرائيليين من اليمين تظاهرة مضادة، رفعوا فيها الأعلام الإسرائيلية، واعتدوا على المتظاهرين وعائلة دقة. وأكد أسعد دقة، شقيق الأسير، أنه تم الاعتداء عليهم من طرف المتظاهرين اليمينيين.
وقالت عائلة الأسير وليد دقة في بيان لها إنها تعتبر هذا القرار بمثابة تصريح بإعدام الأسير وليد، عبر المماطلة في البت في الإفراج عنه، على الرغم من درجة الخطورة العالية جداً في حالته الصحية، والتي اعترف بها حتى تقرير مصلحة السجون.
ووجهت العائلة نداءً إلى كافة المؤسسات القانونية والحراكات الشعبية وأبناء الشعب الفلسطيني في كافة أماكن وجوده، بتكثيف مناصرة حملتها اليوم وكل يوم، كما طالبت كافة الفصائل الفلسطينية والقيادة السياسية الفلسطينية الرسمية بالقيام بواجبها، عبر كافة السبل المتاحة، لاستصدار قرار الإفراج عن الأسير وليد دقة قبل فوات الأوان.
من جانبه، قال نادي الأسير الفلسطيني في بيان له إن قرار لجنة الإفراجات عدم النظر في طلب الإفراج المبكر عن الأسير وليد دقة وإحالته إلى لجنة خاصة، هو بمثابة قرار جديد بقتله، وذلك في ظل الوضع الصحي الخطِر والمعقّد الذي يواجهه، إذ يفرض هذا القرار تعقيدات قانونية إضافية في مسار محاولة الإفراج عنه.
وأضاف البيان أنه على الرغم من أن وليد أنهى حكمه الأول في آذار/مارس الماضي ومدته 37 عاماً، واليوم يمضي عامين إضافيين في قضية أُخرى تتعلق بمحاولة إدخال هواتف للأسرى، إلاّ إن إسرائيل تؤكد بقرارها اليوم أنها تواصل محاكمته، استناداً إلى القضية الأولى، على الرغم من انقضاء فترة الحكم.
يُشار إلى أن إسرائيل أصدرت بحق دقة، المعتقل منذ سنة 1986، حكماً بالسجن المؤبد، حُدِّد لاحقاً بـ37 عاماً، وأضافت سنة 2018 إلى حُكمه عامين آخرين، لتصبح المدة 39 عاماً.
- يبدو أن ظروف الخريطة الاستراتيجية التابعة لـ"حماس" أصبحت مؤاتية بصورة شبه مثالية. فهذا التنظيم، الذي سيحتفل بعد نصف عام بمناسبة 36 عاماً على تأسيسه، يعيش حالة تعاظُم مستمرة، ويقترب تدريجياً من أهدافه البعيدة المدى، وعلى رأسها السيطرة على قيادة المعركة الفلسطينية برمتها.
- مؤخراً، ينعكس هذا التعاظم في فوز الكتلة الطلابية للتنظيم (الكتلة الإسلامية) في الانتخابات في جامعتيْ بيرزيت والنجاح، المؤسستين الأكاديميتين الأكبر في الضفة الغربية. يتم التعامل مع هذه الانتخابات بجدية في الساحة الفلسطينية، وتُعتبر مقياساً لقوة التنظيمات السياسية، وبصورة خاصة في أوساط الشباب. يتم التعامل مع هذه الانتصارات من طرف "حماس" على أنها تعبير عن الدعم الواسع للتنظيم، ودليل على أن الحركة لا تزال مزروعة في قلب المجتمع الفلسطيني، على الرغم من القيود المفروضة عليها من جانب إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
- في الخلفية، تحصل "حماس" على قوة كبيرة بسبب ضعف السلطة الفلسطينية وانكفاء إسرائيل على نفسها بسبب أزماتها الداخلية، وهي اتجاهات تستغلها "حماس" جيداً. هذا بالإضافة إلى أنها تُرغم إسرائيل على قبول معادلة "الهدوء في مقابل الهدوء" في غزة، وفي الوقت نفسه، تحصل على امتيازات مدنية غير مسبوقة، تساعدها على مأسسة سيطرتها على غزة، وتبعد احتمال عودة السلطة إلى المنطقة؛ وهي تدفع قدماً بالتحريض و"الإرهاب" في القدس، وفي الضفة الغربية والمجتمع العربي في إسرائيل (كما ظهر مؤخراً في الكشف عن المواطن من أم الفحم، الذي تم توجيهه من جانب "حماس" لتنفيذ عملية في إحدى التظاهرات ضد الإصلاحات القضائية)؛ حتى أن الحركة فتحت من لبنان جبهة جديدة ضد إسرائيل قبل نحو شهرين.
- إن التطورات في الساحتين الإقليمية والدولية تقوّي شعور التفاؤل لدى "حماس" ورؤية التنظيم على أنه موجود في "الجانب الصحيح من التاريخ": مكانة الولايات المتحدة تتراجع بشكل ينعكس سلباً على حلفائها وثقتهم بأنفسهم في المنطقة؛ إيران تزداد ثقة بالنفس، وعلاقتها بالحركة تبدو أقوى، وخصوصاً في المجال العسكري؛ هناك تقارُب بين "حماس" وجهات كانت العلاقات معها متوترة على مدار أعوام طويلة، وعلى رأسها السعودية (حتى أنها حرّرت ناشطين من "حماس" كانت تعتقلهم منذ أعوام)، بالإضافة إلى سورية.
السلطة لا تجعل الأيديولوجيا أكثر اعتدالاً
- منذ تأسيسها، تنشط حركة "حماس"، استناداً إلى عدة أساسات ضمنت صمودها وسمحت لها بالتعاظم دائماً، وعلى رأسها: درس الواقع باستمرار واتخاذ خطوات بحسب الظروف؛ صبر مستمَد من رؤية الإخوان المسلمين (إن الله مع الصابرين)؛ والتركيز على الأهداف الاستراتيجية البعيدة المدى التي على الحركة أن تسير نحوها، وتحدد مسارات الحركة.
- لذلك، أظهرت "حماس" في مناسبات عديدة براغماتية وليونة في سياستها، لكنها لم تتنازل يوماً عن طرحها الفكري "المتطرف". وهو ما برز مع سيطرة الحركة على قطاع غزة وحكمها منذ سنة 2007. إن الكثيرين من المحللين - هم في أغلبيتهم أصحاب فكر غربي - قدّروا أن وجود الحركة في السلطة سيجعلها أكثر اعتدالاً بسبب حسابات السلطة. عملياً، وكما أثبت التاريخ والأسبقيات في سياق الجهات الأيديولوجية المتطرفة - بدءاً من الحزب النازي، مروراً بطريق الخميني، ووصولاً إلى "داعش" - فإن السلطة تمنحهم الموارد للدفع قدماً بالرؤية الفكرية، ولا تحول التنظيمات المتطرفة إلى تنظيمات أكثر اعتدالاً. "حماس" هي حلقة أُخرى في السلسلة التاريخية نفسها التي تدفع إلى اليأس، وليست نموذجاً استثنائياً أو عكسياً بسبب التطورات التي شهدتها الحركة التي تحولت، بمرور الزمن، إلى حزب حاكم.
- إن تصريحات قيادات الحركة في الآونة الأخيرة تشير إلى أن الهدف الاستراتيجي للحركة اليوم هو تعزيز قوتها في الضفة. والساحة التي تضعف فيها سيطرة السلطة الفلسطينية ويتعزز الكفاح المسلح ضد إسرائيل، تغدو فرصة استراتيجية، في نظر "حماس". لذلك، تعمل الحركة بشكل مكثف لإقامة بنى عسكرية وتعميق السيطرة في أوساط الجمهور، تحضيراً ليوم ما بعد أبو مازن. وفي هذا الإطار، من المتوقع أن تدفع "حماس" إلى إجراء انتخابات عامة، أو تأليف حكومة وحدة تسمح لها بموطئ قدم في المنطقة، أو استغلال الفوضى التي من الممكن أن تندلع في مناطق السلطة، بهدف السيطرة على الضفة.
من الانتصار في الجامعات إلى السيطرة على الضفة
- على عكس "حماس" التي تفكر استراتيجياً وتُدار بحسب أهداف بعيدة المدى، تقف إسرائيل التي تفكر تكتيكياً وتُدار بحسب أهداف قصيرة المدى، في أساسها الوصول إلى الهدوء، بالأساس عبر الأموال والتسهيلات المدنية. وفي هذا الإطار، تُظهر الخيارات الإسرائيلية التركيز بشكل منفصل على أذرع "حماس"، والامتناع من التعامل مع الحركة بصورة شاملة. إسرائيل تستمر في منح "حماس" إنجازات اقتصادية في غزة، على الرغم من أنها تشجع "الإرهاب" في ساحات بعيدة عن غزة، وتسمح لـ"الجهاد الإسلامي" بالتصعيد (كما انعكس في حملة "مطلع الفجر"، وأيضاً في "درع وسهم")، وتفضل النظر إلى إطلاق القذائف من لبنان على أنها نتيجة صراعات داخلية في الحركة.
- إن انتصار "حماس" في الجامعات في الضفة الغربية يجب أن يكون بمثابة إنذار لإسرائيل، وبالأساس يجب التعامل معه على أنه تطوُّر يمكن أن يؤدي إلى تحديات وواقع استراتيجي يتضمن الكثير من المخاطر في الضفة الغربية. أولاً، يجب الاعتراف بأن المسارات الحالية في مقابل غزة تساهم في الهدوء النسبي القصير المدى، لكنها تقوّي "حماس" في المدى البعيد. وفي هذا الإطار، يجب تغيير المعادلة التي تحاول "حماس" فرضها، وأن تكون التسهيلات المدنية منوطة بوقف "الإرهاب" في الساحات المختلفة عن غزة، وبضبط الجهات "الإرهابية" من القطاع، والتقدم في ملف الأسرى والمفقودين.
- أما في الضفة، فيجب فهم حقيقة أن السلطة الفلسطينية هي "أفضل السيئ" بالنسبة إلى إسرائيل، على الرغم من ظروفها ومحدداتها، وأن زعزعتها، أو تفكيكها، سيقوّي اللاعبين الأسوأ، وعلى رأسهم "حماس". يجب على الحكومة الحالية أن تعترف بهذا الواقع المركّب، وأن تتعالى عن الحسابات الأيديولوجية التي تكون معزولة عن الواقع عادةً، وأن تفهم أن المطلوب هو تقوية السلطة، وبصورة خاصة على الصعيد الاقتصادي (يد إسرائيل مقيدة إزاء كل ما يخص تحسين صورة السلطة الجماهيرية، المرتبطة بالفساد والقمع السياسي).
- في المدى البعيد، ومن الممكن في المدى القصير، على إسرائيل أن تعترف بأنها قد تكون أمام انتخابات للسلطة الفلسطينية، بالأساس بعد اختفاء أبو مازن. على الأقل في الظروف الحالية، يبدو أن هذا السيناريو سيعود بالفائدة على "حماس"، وخصوصاً أن مكانة حركة "فتح" تراجعت والانقسام فيها كبير جداً. وهو ما يستوجب استخلاص العبر من انتخابات 2006، حين فازت "حماس". إن أيّ توجّه ليبرالي يمكن أن يكون خطراً على المعسكر السياسي الفلسطيني بقيادة منظمة التحرير، وأيضاً على المصالح القومية الإسرائيلية.
- وبغية تجنُّب المفاجآت الدراماتيكية مرة أُخرى في السياسة الفلسطينية، كالانتفاضة الثانية وفوز "حماس" ووصولها إلى السلطة، يجب على إسرائيل، منذ الآن، أن تطور استراتيجيا منظمة حيال الشأن الفلسطيني، وأن تكون في موقف المبادِر، بدلاً من ردة الفعل فقط التي تأتي من موقع ضعف استراتيجي.
- "كرميئيل هي مدينة يهودية، هدفها مأسسة الاستيطان اليهودي في الجليل. ويمكن لإقامة مدرسة باللغة العربية... (وأيضاً) تمويل سفريات للطلاب العرب إلى كل مكان وكل موقع، التغيير في الميزان الديموغرافي وإلحاق الضرر بهوية المدينة (يقيم بها 6% من العرب)" - بهذه الكلمات، فسّر يانيف لوزون، وهو قاض كبير في محكمة الصلح في الكريوت [قضاء حيفا]، خلال تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، رفض الطلب الذي تقدم به طالبان عربيان من سكان كرميئيل، وطالبا فيه ببدل مواصلات للمدرسة الخاصة بهما، بادّعاء أنه لا توجد مدرسة عربية في كرميئيل. لوزون استند في قراره إلى قانون القومية، البند السابع، الذي يشير إلى أن "الدولة ترى في تطوير الاستيطان اليهودي قيمة قومية، وعليها العمل من أجل تشجيع هذا الاستيطان ودعمه."
- بعد مرور ثلاثة أشهر، رفض القاضي رون شابيرا، رئيس محكمة الاستئناف في حيفا، طلب الاستئناف الذي تقدم به محامي الطالبين، لأسباب إدارية فقط. وأشار في قراره إلى أن استناد القاضي لوزون إلى قانون القومية هو "خطأ من الأساس"، حتى أنه أشار في قراره إلى أن أسباب قرار لوزون ليست قانونية. وفي تلك اللحظة، كان يبدو أن القضية التي منحت قانون القومية صلاحيات عملية، بدلاً من أن يكون إعلانياً فقط، انتهت.
- هذا ما كان حتى اللحظة التي جاء فيها وزير تطوير النقب والجليل، إسحاق فاسرلوف، من حزب "عوتسما يهوديت" ["قوة يهودية"]، مخلص الشعب، الذي قرر أن قانون القومية لا يكفي لمأسسة نظام الأبارتهايد الكامل داخل الخط الأخضر. ففي اقتراح القانون الخاص به، يطالب أن يتم إقرار أن "قيم الصهيونية ستكون قيماً موجهة وحاسمة في صوغ سياسات الإدارة الجماهيرية، والسياسات الداخلية والخارجية، وعملية التشريع، وكذلك نشاطات الحكومة والمؤسسات الحكومية." ومستقبلاً، سيقوم بتحديد ماهية قيم الصهيونية أيضاً.
- المستشارة القانونية للحكومة غالي بهراف - ميارا تعارض صوغ القانون، لأنه يخرق مبدأ المساواة. يبدو أنها لا تزال مؤمنة بأنه في دولة يهودية تحاول أن تتجمل بفستان ديمقراطي، من الممكن أن يكون هناك قيمة للمساواة لدى مقاولي الهدم. لو كانت توجد في إسرائيل حكومة لا تتألف من شلل، كلّ واحدة منها تحاول القيام بسرقة جديدة يومياً - سرقة الأموال العامة، أو المبادئ الإنسانية الأساسية - وبتزيين كل جنون باسم الصهيونية، لبقيَ قانون القومية حيث يجب أن يكون. ولكن في ظل هذه الحكومة، لا يوجد سيناريو خيالي لا يتحقق.
- إن بهراف ميارا، ومعها كل مواطن عاقل، بمن فيهم المستعدون لقبول ديمقراطية مخففة، يخافون من أن المصادقة على القانون لن تسمح فقط بمنع العرب من السكن في البلدات اليهودية، بل أيضاً بتهجيرهم ومنعهم من الحصول على قروض سكن لشراء منازل من البلدات اليهودية، بالإضافة إلى حرمانهم من الحقوق الأساسية، كالتعليم والصحة. وهذا من دون الحاجة إلى أي فهلوات دستورية. يكفي الاستناد إلى قانون القومية لحلّ المشكلة التي تسمى "الأزمة القومية".
- ولكن لا بدّ من القول إن عدم تمرير القانون لا يقلل من مشاعر القلق على مستقبل إسرائيل. فبعد 4 أعوام، سينهي القاضي شابيرا ولايته كرئيس لمحكمة الاستئناف في حيفا. وحارس التخوم هذا، ومثله الكثير من القضاة، ستنتهي ولاياتهم، ويتم استبدالهم بقضاة "أكثر صحة" و"أكثر ولاء" و"صهينة" على شكل وصورة وزير العدل الحالي ياريف ليفين. وليفين هو الشخص الذي قال في سياق مقابلة سابقة مع "هآرتس" إن "هذا القانون (قانون القومية) مهم، لأنه ينزع القناع عن القضاة الموجودين الآن. فحتى اليوم، كانوا يستطيعون الاختباء خلف ادّعاء أنهم يستندون إلى القيمة الأساسية المشتقة من قوانين الأساس الموجودة، والآن، عملهم سيكون أصعب بكثير." بحسب رؤية ليفين هذه، القضاة لن يستطيعوا إلا هزّ الرأس، مثلهم مثل الكلاب المعلقة في واجهة السيارات.