يوميات الصراع العربي-الإسرائيلي
18/1/2009
فلسطين
بعد دخول وقف إطلاق النار الذي أعلنته إسرائيل من جانب واحد، يومه الأول، خرج المواطنون في القطاع لتفقد الأهل والممتلكات. وبدأ حجم الدمار الهائل يتضح أكثر بعدما تمكن الصحافيون والمسعفون من الوصول إلى المناطق التي تعرضت للقصف. وأفادت المصادر الطبية بأنه تم العثور على 95 جثة لشهداء في منطقتي العطاطرة وجبل الكاشف وحي الزيتون قضوا خلال العدوان على غزة ولم تتمكن الفرق الطبية من الوصول إليهم، وبين هؤلاء أطفال ونساء. وذكر الدكتور معاوية حسنين مدير عام الإسعاف والطورائ في وزارة الصحة أن بعض هذه الجثث تعود لعائلات بأكملها تركت لعدة أيام تحت أنقاض منازلها. وبهذا يصل عدد الشهداء إلى 1300 والجرحى إلى أكثر من 5450. ووصف رئيس البعثة الطبية الجزائرية الدكتور محمد خويدجة الإصابات التي شاهدها بالعميقة والرهيبة، وأضاف أن إسرائيل تستخدم أسلحة فتاكة ومحرمة دولياً، مشيراً إلى بعض الحروق التي وصلت إلى العظام، وأن بعض جثامين الشهداء وصلت متحللة جراء إصابتها بالفوسفور الأبيض.
على الرغم من الإعلان الإسرائيلي عن وقف إطلاق النار، إلا أن عمليات القصف وإطلاق النار تواصلت على بعض المواقع في قطاع غزة. فقد استشهد مزارع بعد إصابته بأعيرة نارية عندما كان يتفقد أرضه الزراعية وأصيب والده بجروح. كما أصيبت مواطنة وطفلتها في بيت حانون جراء إصابتها بنيران إسرائيلية. وأفيد عن تعرض مجموعة من المواطنين لقصف من الطائرات في منطقة رفح، كما أطلقت القنابل الفوسفورية على حي التفاح، مع استمرار تحليق الطائرات الإسرائيلية في سماء القطاع. واعتبرت الفصائل الفلسطينية أن هذه الأعمال هي خرق لوقف إطلاق النار الذي أعلنته إسرائيل من جانب واحد.
تعرض عدد من منازل المواطنين في مدينة الخليل لهجوم من قبل مستوطنين إسرائيليين. وذكرت مصادر فلسطينية أن مجموعة من المستوطنين هاجمت منازل لمواطنين بين مستوطنتي خارصينا وكريات أربع مستخدمين الحجارة والزجاجات. وهاجمت مجموعة أخرى من المستوطنين منازل المواطنين في منطقة عين بني سليم ما أدى إلى إحداث أضرار جسيمة بالمنازل.
أصدرت فصائل المقاومة الفلسطينية بياناً أعلنت فيه موافقتها على وقف إطلاق النار الذي أعلنته إسرائيل بالأمس، لكنها أمهلت إسرائيل أسبوعاً واحداً كي تسحب قواتها من المناطق التي احتلتها في قطاع غزة، وطالبت بفتح جميع المعابر والممرات لدخول المساعدات الإنسانية والإغاثية والاحتياجات اللازمة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة. كما أبدت الفصائل استعدادها للتجاوب مع الجهود المبذولة خاصة المصرية والتركية والسورية والقطرية للتوصل إلى اتفاق يلبي المطالب الفلسطينية المعروفة وهي رفع الحصار بشكل نهائي وفتح جميع المعابر بما فيها معبر رفح والتأكيد على القرارات الصادرة عن قمة غزة في الدوحة. ولاحقاً أعلنت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين رفضها قرار وقف إطلاق النار معتبرة أن العدوان الإسرائيلي على غزة ما زال مستمراً.
على الرغم من إعلان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، لا تزال القوات الإسرائيلية تمارس حرباً نفسية على أهالي غزة. ويتحدث المواطنون في قطاع غزة عن اتصالات هاتفية ترد بين الفينة والأخرى على شكل رسائل مسجلة من قبل الجيش الإسرائيلي تتضمن تحذيراً من استمرار المقاومة الفلسطينية بإطلاق الصواريخ باتجاه البلدات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة. وتقول الرسائل بأن الجيش الإسرائيلي لم يستخدم كل قوته في محاربة المقاومين.
إسرائيل
هاجم رئيس حزب إسرائيل بيتنا المتشدد أفيغدور ليبرمان قرار الحكومة الإسرائيلية بوقف إطلاق النار من جانب واحد واصفاً القرار بأنه خاطئ. وقال ليبرمان إن عملية الجيش الإسرائيلي لم تغير شيئاً، وحماس تتجه للحصول على ما تريد بما في ذلك إعادة فتح المعابر. وأضاف ليبرمان، أن غزة لا تزال حماستان وتتصرف على أنها قاعدة إيرانية. ورأى ليبرمان أن العملية كانت مؤثرة جداً على المستوى العسكري لكنها لم تترجم إلى إنجازات سياسية. واتهم السياسيين بأنهم أفشلوا الهجوم لأنهم لم يسمحوا للجيش بالسيطرة على محور فيلادلفي واحتلال معبر رفح. لهذا برأي ليبرمان، هناك حاجة ملحة لتغيير القيادة السياسية في إسرائيل.
ذكرت مصادر الجيش الإسرائيلي أن قواته بدأت مساء انسحاباً تدريجياً من قطاع غزة بعد نهاية ثلاثة أسابيع من العملية العسكرية على حركة حماس. ولم تكشف مصادر الجيش عن عدد القوات المنسحبة لكن القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي أظهرت عدداً من الدبابات المغادرة وعدداً من جنود المشاة المبتسمين يتجهون نحو الحدود، بينما بقيت قوات أخرى في المناطق الرئيسية من قطاع غزة. ورفض مسؤول عسكري الكشف عن المدة التي تستغرقها عملية الانسحاب مؤكداً أن الانسحاب التدريجي قد بدأ. أما الناطق باسم رئيس الحكومة الإسرائيلية فرفض بدوره تحديد جدول زمني للانسحاب قبل التأكد من صمود وقف إطلاق النار، رافضاً دعوة الأمم المتحدة لتحديد جدول لذلك.
في مستهل جلسة مجلس الوزراء، أدلى رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، بتصريح قال فيه إن قوات الجيش الإسرائيلي توقفت عن إطلاق النار عند الساعة الثانية فجراً بموجب التعليمات الصادرة عن الجهات السياسية، وبعد التوصل إلى نتيجة مفادها أن أهداف العملية المحددة قد تحققت، فقد تهيأت الظروف العسكرية والسياسية لإحداث تغيير أساسي في أوضاع سكان الجنوب. وأوضح أولمرت أن هذا القرار يمنح إسرائيل حرية الرد وإطلاق النار في حال واصلت التنظيمات الإرهابية، بحسب تعبيره، هجماتها. وقال إن هذه التنظيمات واصلت اليوم إطلاق النار وهذا يثبت ما تم التحذير منه، أي أن وقف إطلاق النار ما زال هشاً ويجب النظر فيه لحظة بلحظة وساعة بساعة.