مختارات من الصحف العبرية

مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
قائد سلاح الجو: في حال انهيار سورية، فإن إسرائيل قد تجد نفسها فجأة في خضم حرب
يعلون: الأسد يخسر مقاليد السيطرة على سورية أكثر فأكثر
المستشار السياسي للوزيرة ليفني: احتمالات التوصل إلى اتفاق سلام نهائي مع الفلسطينيين ضئيلة للغاية
مقالات وتحليلات
تصريحات قائد سلاح الجو تؤكد أن لدى الجيش الإسرائيلي خطة عملانية للحرب ضد سورية يقوم بالتدرب عليها
"الشيطان الذي نعرفه": التفكير الإسرائيلي بشأن مستقبل نظام الأسد
"الشيطان الذي نعرفه": التفكير الإسرائيلي بشأن مستقبل نظام الأسد
"الشيطان الذي نعرفه": التفكير الإسرائيلي بشأن مستقبل نظام الأسد
يائير لبيد ممثل اليمين الجديد
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"يديعوت أحرونوت"، 23/5/2013
قائد سلاح الجو: في حال انهيار سورية، فإن إسرائيل قد تجد نفسها فجأة في خضم حرب

قال قائد سلاح الجو الإسرائيلي اللواء أمير إيشل إنه في حال انهيار سورية، يمكن أن تجد إسرائيل نفسها فجأة وفي غضون فترة قصيرة في خضم حرب، ولذا فإن جهوزية الجيش الإسرائيلي لحرب قد تندلع في أي لحظة باتت في الوقت الحالي مطلوبة أكثر من أي وقت مضى.

وجاءت أقوال إيشل هذه في سياق محاضرة ألقاها في مؤتمر الأمن القومي الإسرائيلي الذي عقده "معهد فيشر" أمس (الأربعاء) في متحف سلاح الجو في مدينة هيرتسليا [وسط إسرائيل] في مناسبة مرور 40 عامًا على حرب يوم الغفران [حرب تشرين/ أكتوبر 1973]، وقد أكد فيها أيضًا أن سورية آخذة في التفكك بوتيرة متسارعة للغاية، وأنه في حال انهيارها  فإن ترسانة الأسلحة الهائلة الموجودة في حيازتها قد تصبح موجهة ضد إسرائيل.

وأضاف أن على إسرائيل أن تظل محتفظة بتفوقها الجوي، ولا سيما في مقابل الجهود التي تبذلها سورية للتزود بأسلحة متطورة مضادة للطائرات.

وأشار قائد سلاح الجو إلى أن الأسلحة المتطورة المضادة للطائرات أصبحت في طريقها إلى سورية، وهي تشكل خطرًا كبيرًا على إسرائيل، لأن هذه الأسلحة قد تدفع سورية إلى القيام بأمور لم تجرؤ على الإقدام عليها في السابق، وخص بالذكر صواريخ S-300 الروسية الصنع.

كما أعرب عن اعتقاده بأن أي حادث عسكري مفاجئ يمكن أن يتصاعد على نحو سريع، ولذا يتعين على سلاح الجو أن يكون جاهزًا للعمل بأقصى قوته.

 

تجدر الإشارة إلى أن أقوال قائد سلاح الجو هذه تأتي غداة تصريحات أدلى بها رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال بني غانتس، وهدّد فيها الرئيس السوري بشار الأسد بدفع ثمن باهظ إذا ما تسبب بتدهور الأوضاع في هضبة الجولان. ومع أن غانتس نفى احتمال اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل وسورية حاليًا، إلا إنه في الوقت نفسه أكد أنه تقع يوميًا حوادث بين الجانبين يمكن أن يؤدي أي منها إلى تدهور مفاجئ لا يمكن السيطرة عليه، ولذا فإن الجيش الإسرائيلي يحرص على أن تكون هذه الحوادث محدودة  بقدر الإمكان.  

"معاريف"، 23/5/2013
يعلون: الأسد يخسر مقاليد السيطرة على سورية أكثر فأكثر

أكد وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون أن الرئيس بشار الأسد يخسر مقاليد السيطرة على سورية أكثر فأكثر، ولا ينجح في وضع حد لهذه الخسارة ولذا فإنه يستعين بمقاتلي حزب الله.

وأضاف يعلون، الذي كان يتكلم في مؤتمر الأمن القومي الإسرائيلي الذي عقده "معهد فيشر" أمس (الأربعاء) في متحف سلاح الجو في مدينة هيرتسليا [وسط إسرائيل] في مناسبة مرور 40 عامًا على حرب يوم الغفران [حرب تشرين/ أكتوبر 1973]، أن الحرب الأهلية الدائرة في سورية أدت حتى الآن إلى زوال خطر الجيش السوري التقليدي، الذي بات منهمكًا في الوقت الحالي في حرب الدفاع عن بقاء النظام، لكنه في الوقت نفسه أكد أن خطر عشرات آلاف الصواريخ والقذائف الصاروخية ما زال يهدّد إسرائيل، ولذا يجب على الجيش الإسرائيلي أن يكون جاهزًا دائمًا لمواجهة هذا التهديد.

وشدّد وزير الدفاع على أن إسرائيل لا تنوي أن تتدخل في الحرب الدائرة في سورية، لكنها ستظل تنظر إلى عمليات نقل أسلحة قتالية متطورة أو أسلحة كيميائية من ترسانة الأسلحة السورية إلى عناصر معادية مثل حزب الله، على أنها تشكل تجاوزًا للخطوط الحمر. وأشار إلى أن إسرائيل ستبذل كل ما في وسعها من أجل الحفاظ على الهدوء والاستقرار في هضبة الجولان.

وتطرّق يعلون إلى إيران، فأكد أنها تشكل الخطر رقم واحد على استقرار منطقة الشرق الأوسط، وعلى دولة إسرائيل، وأن سعيها لامتلاك أسلحة نووية يشكل كابوسًا بالنسبة إلى إسرائيل، فضلا عن أنها تقوم برعاية جهات "إرهابية" في كل من لبنان وسورية وأميركا اللاتينية وغيرها.

وأضاف أن إسرائيل تأمل بأن يقوم العالم بكبح إيران وبرنامجها النووي، لكن عليها في الوقت نفسه أن تعتمد على نفسها أكثر من أي شيء آخر عملا بالمثل القائل "ما بيحك جسمك إلا ظفرك".

تجدر الإشارة إلى أنه خلافًا لأقوال يعلون المتعلقة بخسارة نظام الأسد مقاليد السيطرة على سورية،  ذكرت مجلة "دير شبيغل" الألمانية أمس (الأربعاء) أن وكالة الاستخبارات الألمانية الخارجية (BND) غيّرت موقفها إزاء الحرب الأهلية في سورية بصورة جذرية، وهي تعتقد حالياً بأن جيش الرئيس بشار الأسد بات أكثر استقراراً مما كان عليه منذ فترة طويلة، وهو قادر على القيام بعمليات ناجحة ضد المتمردين بعزم أكبر. وقالت المجلة إن رئيس الوكالة غيرهارد شيندلر قام في اجتماع سري بتبليغ هذا التقييم الجديد للوكالة إلى بعض السياسيين.

وأشارت إلى أن شيندلر كان قد بلغ المسؤولين الحكوميين والبرلمانيين في ألمانيا خلال الصيف الفائت بأنه  يتوقع سقوط نظام الأسد في بداية سنة 2013 الحالية، لكن الوضع منذ ذلك الحين تغيّر بشكل دراماتيكي، كما تعتقد وكالة الاستخبارات الألمانية الخارجية.

"معاريف"، 23/5/2013
المستشار السياسي للوزيرة ليفني: احتمالات التوصل إلى اتفاق سلام نهائي مع الفلسطينيين ضئيلة للغاية

علمت صحيفة "معاريف" أن طال بيكر، الذي يشغل منصب مستشار سياسي لدى وزيرة العدل والمسؤولة عن ملف المفاوضات مع الفلسطينيين في الحكومة الإسرائيلية تسيبي ليفني، يعرب في الجلسات المغلقة التي يشترك فيها في الأسابيع الأخيرة عن تشاؤمه إزاء احتمالات التوصل إلى اتفاق سلام نهائي مع الفلسطينيين، على الأقل في غضون الأعوام القليلة المقبلة.

ويؤكد بيكر أن سبب ذلك يعود أساسًا إلى كون رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس غير متحمس على الإطلاق للعودة إلى طاولة المفاوضات، وذلك على الرغم من أن إسرائيل تقوم في الآونة الأخيرة ببث رسائل فحواها أنها على استعداد لاستئناف المفاوضات المباشرة مع السلطة. لكن بيكر شددّ في الوقت نفسه على أن قيام المسؤولين الأميركيين بممارسة ضغوط على عباس يمكن أن يؤدي إلى إعادته إلى طاولة المفاوضات، وربما إلى عقد لقاء بينه وبين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو. ومع ذلك، فإن احتمالات نجاح كل هذه الخطوات في التوصل إلى اتفاق سلام نهائي بين الجانبين ما زالت برأيه احتمالات ضئيلة للغاية.

وأكد مصدر سياسي رفيع المستوى في القدس مطلع على الاتصالات الجارية من أجل استئناف العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين صحة أقوال بيكر.

 

هذا، ومن المتوقع أن يصل وزير الخارجية الأميركية جون كيري اليوم (الخميس) إلى القدس، وذلك في مستهل زيارة أخرى لكل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية في إطار المحاولات المكثفة التي يبذلها لاستئناف المفاوضات بينهما. 

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"يديعوت أحرونوت"، 23/5/2013
تصريحات قائد سلاح الجو تؤكد أن لدى الجيش الإسرائيلي خطة عملانية للحرب ضد سورية يقوم بالتدرب عليها
أليكس فيشمان - محلل عسكري

·       زالت التصريحات التي أدلى بها قائد سلاح الجو اللواء أمير إيشل أمس (الأربعاء) قدرًا كبيرًا من الضباب الذي كان يخيّم على المخططات الإسرائيلية إزاء آخر تطورات الأوضاع في سورية. فقد كُشف النقاب، من ضمن أمور أخرى، عن أن الجيش الإسرائيلي جاهز لحرب مفاجئة ضد سورية، وهذا يعني أن لدى الجيش خطة عملانية مصادقًا عليها لتلك الحرب يقوم بالتدرّب عليها.

·       كما أن إيشل تكلم على حرب قصيرة الأمد تبدأ بعمليات إطلاق نار مكثفة. ولمح إلى الأوضاع التي ستلجأ إسرائيل فيها إلى استعمال القوة ضد سورية، وفي مقدمها انهيار نظام الرئيس بشار الأسد فجأة، وفقدان هذا النظام سيطرته على ترسانة الأسلحة الاستراتيجية الموجودة في حيازته. ولا شك في أن هذا الوضع الأخير مهم للغاية، ذلك لكون استهداف ترسانة الأسلحة السورية يستلزم مهاجمة عشرات الأهداف على طول الأراضي السورية وعرضها، لا مجرّد عملية عسكرية جوية موضعية.

·       من الواضح أن تصريحات إيشل تهدف إلى تمرير رسالة تهديد إلى سورية. ورسالته هذه تنضم إلى سلسلة من رسائل التهديد التي قام مسؤولون سياسيون وأمنيون إسرائيليون، في مقدمهم وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان العامة، بتمريرها إلى سورية خلال الأسابيع القليلة الفائتة.

 

·       بطبيعة الحال ليست لدينا أي معلومات مؤكدة تفيد بأن سورية تنوي شن حرب على إسرائيل. كما أن إسرائيل لا تنوي شن حرب على سورية. لكن يجب أن نأخذ في الاعتبار أن سورية آخذة في التفكك أكثر فأكثر، وثمة احتمال بأن تصل إليها في الأشهر القليلة المقبلة صواريخ متطورة مضادة للطائرات من طراز S-300، وفي مثل هذه الحالة فإن إسرائيل يمكن أن تلجأ إلى استعمال القوة. ويبدو أن الهدف من آخر التصريحات الإسرائيلية المتعلقة بسورية هو تسخين أنفسنا إزاء احتمال كهذا.       

"مباط عال"، العدد 427، 21/5/2013
"الشيطان الذي نعرفه": التفكير الإسرائيلي بشأن مستقبل نظام الأسد
إيتمار رابينوفيتش - نائب رئيس اللجنة الادارية لمعهد أبحاث الأمن القومي، وعمل سابقاً رئيساً لجامعة تل أبيب، وسفيرا ً لإسرائيل في واشنطن

·       في 16 أيار/ مايو، نقلت صحيفة "التايمز" اللندنية عن مصادر استخباراتية إسرائيلية قولها "إن بقاء نظام الأسد حتى لو كان ضعيفاً أفضل بالنسبة لإسرائيل وللمنطقة"، وأضافت الصحيفة نقلاً عن المصادر نفسها " الشيطان الذي نعرفه أفضل من الوضع البديل المحتمل عنه، والذي سيؤدي إلى تدهور سورية إلى حالة من الفوضى، وتحولها إلى موطىء قدم للمتطرفين من العالم العربي."

·       إن تعبير "الشيطان الذي نعرفه" سبق واستخدمه رئيس الحكومة أريئيل شارون سنة 2005، عندما شرح للرئيس الأميركي جورج دبليو بوش سبب معارضته الاطاحة بنظام الأسد، وذلك بعد أن ازداد عداء الرئيس بوش للرئيس السوري بسبب تأييد هذا الأخير الثورة على الاحتلال الأميركي للعراق، وفتحه حدود بلاده أمام المتسللين الجهاديين وتهريب السلاح. وعلى الرغم من أن شارون لم يكن من محبي الرئيس السوري، لكنه كان يؤمن بالنظرية الإسرائيلية القائلة أنه من الأفضل مواجهة النظام الذي نعرفه في دمشق، من مواجهة بديل عنه غير معرف، أو مواجهة احتمال سيطرة الإخوان المسلمين، الذين يمثلون المعارضة المنظمة الوحيدة في سورية، على الدولة.

·       لقد كان الأسد حليفاً لإيران وشكل الجسر البري الذي يربط بين إيران وحزب الله في لبنان، كما دعم الأسد حركتي "حماس"  والجهاد الإسلامي، لكنه إلى جانب ذلك حافظ على الهدوء على الحدود في هضبة الجولان، وورث صيت والده بوصفه عدواً يتصرف بطريقة معروفة ومتوقعة. أما شارون فقد عارض فكرة التوصل إلى تسوية مع سورية طوال الأعوام التي قضاها في العمل السياسي، وكذلك خلال الأعوام الخمسة التي تولى فيها رئاسة الحكومة الإسرائيلية، كما عارض بصورة خاصة الانسحاب من الجولان.

·       بيد أن هذه النظرة الإسرائيلية تغيرت سنة 2006، في إثر حرب لبنان الثانية. فقد أثبتت هذه الحرب لإيهود أولمرت الذي تولى رئاسة الحكومة بعد شارون، حجم الخطر الذي يمثله محور إيران- سورية - حزب الله. وكانت الخلاصة التي توصل إليها أولمرت، والتي تؤيده فيها المؤسسة الأمنية، بأن على إسرائيل إعطاء الأولوية القصوى لتفكيك هذا المحور وذلك من خلال إخراج سورية من نطاق النفوذ الإيراني. ومن أجل تحقيق هذا الهدف بدأ أولمرت في بداية سنة 2007 وفي أواسطها، بواسطة تركيا، البحث في احتمالات التوصل إلى اتفاق سوري - إسرائيلي. وقد تواصلت المفاوضات [غير المباشرة] حتى شهر كانون الأول/ ديسمبر سنة 2008،  وذلك على الرغم من توقفها موقتاً في أيلول/ سبتمبر 2007، بسبب قيام إسرائيل بتدمير المفاعل النووي السوري الذي كانت تبنيه كوريا الشمالية في منطقة الكبير [في دير الزور]. يومها برزت أصوات تقول أن لا جدوى من التفاوض مع رئيس سوري قادر على القيام بخطوة متطرفه من نوع بناء مفاعل نووي، لكن أولمرت كان يعتقد بأن هذا تحديداً يشكل حجة إضافية تدعم الحاجة إلى تحييد المواجهة مع سورية.

·       خلال السنتين 2010 - 2011 ،أي خلال العامين الأخيرين من الولاية السابقة لبنيامين نتنياهو، دارت مفاوضات جديدة مع سورية، بوساطة تركية، وبمعرفة إدارة أوباما. وبالاستناد إلى  الوسطاء فقد كانت هذه المفاوضات جدية، على الرغم من معارضة نتنياهو العلنية للانسحاب من الجولان. وقد أدى نشوب الأزمة السورية في آذار/ مارس سنة 2011 إلى وقف هذه المحادثات.

·       إن الأزمة في سورية التي بدأت بسلسلة من التظاهرات قبل أن تتطور إلى حرب أهلية دموية وإلى مواجهة طائفية، غيرت نظرة إسرائيل إلى الأسد وإلى نظامه، لا سيما بعد أن تحولت الحرب الأهلية في سورية إلى ساحة لنزاع إقليمي ودولي. فهي على الصعيد الإقليمي تحولت إلى مواجهة بين إيران وبين السعودية وتركيا وقطر والأردن الدول الداعمة للمعارضة. وعلى الصعيد الدولي، تقوم روسيا، وبدرجة أقل الصين، بتقديم الدعم إلى نظام الأسد وتدافع عنه أمام مجلس الأمن وفي مجالس دولية أخرى. كما تواصل روسيا تزويد نظام الأسد بمنظومات السلاح المتطور، وتعطي أهمية قصوى للدفاع عن استثماراتها في سورية وذلك للحؤول دون سقوط سورية تحت النفوذ الأميركي.

·       من هنا يتعين على إسرائيل بوصفها دولة مجاورة ولديها مصلحة كبيرة في مستقبل سورية، أن تقرر ما هي أولوياتها. ففي المراحل السابقة للثورة السورية اختارت إسرائيل النأي بالنفس، وذلك بعد وصولها الى الاستنتاج بأن قدرتها على التأثير في نتائج الحرب الأهلية في سورية محدودة. وفي الواقع فإسرائيل لا تملك أي تأثير على السياسة الداخلية في سورية، وفي حال أعلنت دعمها للمعارضة فإن ذلك سيشكل أداة سيستغلها النظام ضد المعارضة. فمنذ بداية الأزمة ادّعى الأسد والناطقون باسمه أن ما يجري هو مؤامرة تقوم بها قوى خارجية. في مقابل ذلك أوضحت إسرائيل أن لديها خطوطاً حمراء فيما يتعلق بسورية. كما أعلنت أنها ستتدخل لوقف انتقال منظومات السلاح المتطور "الذي يغير قواعد اللعبة" إلى التنظيمات الإرهابية سواء كانت حزب الله أم التنظيمات الجهادية التي تحولت إلى أطراف أساسية في المعارضة السورية المسلحة.

·       في كانون الثاني / يناير، أقدمت إسرائيل على تدمير صواريخ كانت في طريقها إلى لبنان. ومن أجل عدم احراج النظام السوري والتقليل من احتمال الرد الانتقامي، لم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عن العملية. لكن في أيار / مايو 2013،  نفذت إسرائيل غارتين جديدتين وكان من الصعب عليها  إخفاء ما فعلته. وكان من الطبيعي أن ترفع سورية وإيران وحزب الله من سقف  رهاناتها، وهذا ما فعلته أيضاً روسيا، التي ستزود سورية بصواريخ S-300 المتطورة، والتي ترفض إسرائيل دخولها إلى الساحة اللبنانية - السورية. وانطلاقاً من هذا كله، فقد تجد إسرائيل نفسها مدفوعة إلى القيام بعمليات ضد تهريب السلاح من طريق سورية إلى حزب الله، مما قد يجر إلى ردود من جانب سورية أو حزب الله. وهذا ما قصده مصدر إسرائيلي رسمي الأسبوع الماضي في حديثه مع "النيويورك تايمز"، عندما قال إنه إذا قرر الأسد الانتقام فإن إسرائيل ستسقط نظامه، أي ستدمر سلاح الطيران والمدفعية مما سيؤدي إلى انتصار المعارضة. وفي جميع الأحوال فإن إسرائيل تجد نفسها متورطة في العمق في النزاع الإقليمي والدولي الدائرين بشأن مستقبل سورية، ومستقبل النظام هناك.

·       ثمة جدل داخل المؤسسة الأمنية حيال النتيجة المرجوة من الحرب الأهلية في سورية، فهناك تيار يؤيد فكرة أنه من الأفضل لإسرائيل بقاء الأسد في السلطة، كرئيس ضعيف بدلاً من تقسيم سورية. وحجة هذا التيار أنه أمام تصاعد قوة الجهاديين والإسلاميين وسط الميليشيات التي تقاتل الأسد واحتمال سيطرتهم على السلطة وتمتعهم بحرية القيام بعمليات إرهابية، فإن هذا سيشكل الخطر الأكبر على أمن إسرائيل. وفي ظل هذه الوقائع فإن بقاء الأسد هو الأفضل بالنسبة لإسرائيل لأنه "الشيطان الذي نعرفه". في المقابل هناك تيار آخر يرى في استمرار نظام الأسد بدعم من إيران وحزب الله، خطراً أكبر بكثير على الأمن القومي لإسرائيل. وفي رأي هؤلاء، الذين لا يرغبون بالطبع بسيطرة العناصر الجهادية على أقسام من سورية، فإن إسرائيل ستكون قادرة على مواجهة مثل هذا الاحتمال.

 

·       تبدو النظرية الثانية أكثر اقناعاً من غيرها. فقد أثبت بشار الأسد قدرته على القيام بخطوات خطرة ومتطرفة عندما قرر بناء المفاعل النووي بمساعدة كوريا الشمالية. كما أظهر عن استعداده لذبح شعبه، بل وحتى استخدام السلاح الكيميائي. والراهن اليوم أنه أصبح أداة في يد إيران. ولا يعني هذا أن على إسرائيل الوقوف علناً ضد نظامه. إذ ليس هناك أدنى شك في أن تورط إسرائيل  في النزاع الروسي - الأميركي حول مستقبل سورية هو بمثابة تطور سلبي. صحيح أن دفاع إسرائيل عن مصالحها الأمنية أمر حيوي، لكن عليها العمل إلى العودة الى السياسة التي انتهجتها خلال الفترة الماضية للحرب الأهلية في سورية، أي الامتناع بقدر الإمكان من الانجرار إلى دوامة الأزمة السورية، والدفاع عن مصالحها الأمنية والحيوية بشدة ولكن بطريقة  حذرة.

"مباط عال"، العدد 427، 21/5/2013
"الشيطان الذي نعرفه": التفكير الإسرائيلي بشأن مستقبل نظام الأسد
إيتمار رابينوفيتش - نائب رئيس اللجنة الادارية لمعهد أبحاث الأمن القومي، وعمل سابقاً رئيساً لجامعة تل أبيب، وسفيرا ً لإسرائيل في واشنطن

·       في 16 أيار/ مايو، نقلت صحيفة "التايمز" اللندنية عن مصادر استخباراتية إسرائيلية قولها "إن بقاء نظام الأسد حتى لو كان ضعيفاً أفضل بالنسبة لإسرائيل وللمنطقة"، وأضافت الصحيفة نقلاً عن المصادر نفسها " الشيطان الذي نعرفه أفضل من الوضع البديل المحتمل عنه، والذي سيؤدي إلى تدهور سورية إلى حالة من الفوضى، وتحولها إلى موطىء قدم للمتطرفين من العالم العربي."

·       إن تعبير "الشيطان الذي نعرفه" سبق واستخدمه رئيس الحكومة أريئيل شارون سنة 2005، عندما شرح للرئيس الأميركي جورج دبليو بوش سبب معارضته الاطاحة بنظام الأسد، وذلك بعد أن ازداد عداء الرئيس بوش للرئيس السوري بسبب تأييد هذا الأخير الثورة على الاحتلال الأميركي للعراق، وفتحه حدود بلاده أمام المتسللين الجهاديين وتهريب السلاح. وعلى الرغم من أن شارون لم يكن من محبي الرئيس السوري، لكنه كان يؤمن بالنظرية الإسرائيلية القائلة أنه من الأفضل مواجهة النظام الذي نعرفه في دمشق، من مواجهة بديل عنه غير معرف، أو مواجهة احتمال سيطرة الإخوان المسلمين، الذين يمثلون المعارضة المنظمة الوحيدة في سورية، على الدولة.

·       لقد كان الأسد حليفاً لإيران وشكل الجسر البري الذي يربط بين إيران وحزب الله في لبنان، كما دعم الأسد حركتي "حماس"  والجهاد الإسلامي، لكنه إلى جانب ذلك حافظ على الهدوء على الحدود في هضبة الجولان، وورث صيت والده بوصفه عدواً يتصرف بطريقة معروفة ومتوقعة. أما شارون فقد عارض فكرة التوصل إلى تسوية مع سورية طوال الأعوام التي قضاها في العمل السياسي، وكذلك خلال الأعوام الخمسة التي تولى فيها رئاسة الحكومة الإسرائيلية، كما عارض بصورة خاصة الانسحاب من الجولان.

·       بيد أن هذه النظرة الإسرائيلية تغيرت سنة 2006، في إثر حرب لبنان الثانية. فقد أثبتت هذه الحرب لإيهود أولمرت الذي تولى رئاسة الحكومة بعد شارون، حجم الخطر الذي يمثله محور إيران- سورية - حزب الله. وكانت الخلاصة التي توصل إليها أولمرت، والتي تؤيده فيها المؤسسة الأمنية، بأن على إسرائيل إعطاء الأولوية القصوى لتفكيك هذا المحور وذلك من خلال إخراج سورية من نطاق النفوذ الإيراني. ومن أجل تحقيق هذا الهدف بدأ أولمرت في بداية سنة 2007 وفي أواسطها، بواسطة تركيا، البحث في احتمالات التوصل إلى اتفاق سوري - إسرائيلي. وقد تواصلت المفاوضات [غير المباشرة] حتى شهر كانون الأول/ ديسمبر سنة 2008،  وذلك على الرغم من توقفها موقتاً في أيلول/ سبتمبر 2007، بسبب قيام إسرائيل بتدمير المفاعل النووي السوري الذي كانت تبنيه كوريا الشمالية في منطقة الكبير [في دير الزور]. يومها برزت أصوات تقول أن لا جدوى من التفاوض مع رئيس سوري قادر على القيام بخطوة متطرفه من نوع بناء مفاعل نووي، لكن أولمرت كان يعتقد بأن هذا تحديداً يشكل حجة إضافية تدعم الحاجة إلى تحييد المواجهة مع سورية.

·       خلال السنتين 2010 - 2011 ،أي خلال العامين الأخيرين من الولاية السابقة لبنيامين نتنياهو، دارت مفاوضات جديدة مع سورية، بوساطة تركية، وبمعرفة إدارة أوباما. وبالاستناد إلى  الوسطاء فقد كانت هذه المفاوضات جدية، على الرغم من معارضة نتنياهو العلنية للانسحاب من الجولان. وقد أدى نشوب الأزمة السورية في آذار/ مارس سنة 2011 إلى وقف هذه المحادثات.

·       إن الأزمة في سورية التي بدأت بسلسلة من التظاهرات قبل أن تتطور إلى حرب أهلية دموية وإلى مواجهة طائفية، غيرت نظرة إسرائيل إلى الأسد وإلى نظامه، لا سيما بعد أن تحولت الحرب الأهلية في سورية إلى ساحة لنزاع إقليمي ودولي. فهي على الصعيد الإقليمي تحولت إلى مواجهة بين إيران وبين السعودية وتركيا وقطر والأردن الدول الداعمة للمعارضة. وعلى الصعيد الدولي، تقوم روسيا، وبدرجة أقل الصين، بتقديم الدعم إلى نظام الأسد وتدافع عنه أمام مجلس الأمن وفي مجالس دولية أخرى. كما تواصل روسيا تزويد نظام الأسد بمنظومات السلاح المتطور، وتعطي أهمية قصوى للدفاع عن استثماراتها في سورية وذلك للحؤول دون سقوط سورية تحت النفوذ الأميركي.

·       من هنا يتعين على إسرائيل بوصفها دولة مجاورة ولديها مصلحة كبيرة في مستقبل سورية، أن تقرر ما هي أولوياتها. ففي المراحل السابقة للثورة السورية اختارت إسرائيل النأي بالنفس، وذلك بعد وصولها الى الاستنتاج بأن قدرتها على التأثير في نتائج الحرب الأهلية في سورية محدودة. وفي الواقع فإسرائيل لا تملك أي تأثير على السياسة الداخلية في سورية، وفي حال أعلنت دعمها للمعارضة فإن ذلك سيشكل أداة سيستغلها النظام ضد المعارضة. فمنذ بداية الأزمة ادّعى الأسد والناطقون باسمه أن ما يجري هو مؤامرة تقوم بها قوى خارجية. في مقابل ذلك أوضحت إسرائيل أن لديها خطوطاً حمراء فيما يتعلق بسورية. كما أعلنت أنها ستتدخل لوقف انتقال منظومات السلاح المتطور "الذي يغير قواعد اللعبة" إلى التنظيمات الإرهابية سواء كانت حزب الله أم التنظيمات الجهادية التي تحولت إلى أطراف أساسية في المعارضة السورية المسلحة.

·       في كانون الثاني / يناير، أقدمت إسرائيل على تدمير صواريخ كانت في طريقها إلى لبنان. ومن أجل عدم احراج النظام السوري والتقليل من احتمال الرد الانتقامي، لم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عن العملية. لكن في أيار / مايو 2013،  نفذت إسرائيل غارتين جديدتين وكان من الصعب عليها  إخفاء ما فعلته. وكان من الطبيعي أن ترفع سورية وإيران وحزب الله من سقف  رهاناتها، وهذا ما فعلته أيضاً روسيا، التي ستزود سورية بصواريخ S-300 المتطورة، والتي ترفض إسرائيل دخولها إلى الساحة اللبنانية - السورية. وانطلاقاً من هذا كله، فقد تجد إسرائيل نفسها مدفوعة إلى القيام بعمليات ضد تهريب السلاح من طريق سورية إلى حزب الله، مما قد يجر إلى ردود من جانب سورية أو حزب الله. وهذا ما قصده مصدر إسرائيلي رسمي الأسبوع الماضي في حديثه مع "النيويورك تايمز"، عندما قال إنه إذا قرر الأسد الانتقام فإن إسرائيل ستسقط نظامه، أي ستدمر سلاح الطيران والمدفعية مما سيؤدي إلى انتصار المعارضة. وفي جميع الأحوال فإن إسرائيل تجد نفسها متورطة في العمق في النزاع الإقليمي والدولي الدائرين بشأن مستقبل سورية، ومستقبل النظام هناك.

·       ثمة جدل داخل المؤسسة الأمنية حيال النتيجة المرجوة من الحرب الأهلية في سورية، فهناك تيار يؤيد فكرة أنه من الأفضل لإسرائيل بقاء الأسد في السلطة، كرئيس ضعيف بدلاً من تقسيم سورية. وحجة هذا التيار أنه أمام تصاعد قوة الجهاديين والإسلاميين وسط الميليشيات التي تقاتل الأسد واحتمال سيطرتهم على السلطة وتمتعهم بحرية القيام بعمليات إرهابية، فإن هذا سيشكل الخطر الأكبر على أمن إسرائيل. وفي ظل هذه الوقائع فإن بقاء الأسد هو الأفضل بالنسبة لإسرائيل لأنه "الشيطان الذي نعرفه". في المقابل هناك تيار آخر يرى في استمرار نظام الأسد بدعم من إيران وحزب الله، خطراً أكبر بكثير على الأمن القومي لإسرائيل. وفي رأي هؤلاء، الذين لا يرغبون بالطبع بسيطرة العناصر الجهادية على أقسام من سورية، فإن إسرائيل ستكون قادرة على مواجهة مثل هذا الاحتمال.

 

·       تبدو النظرية الثانية أكثر اقناعاً من غيرها. فقد أثبت بشار الأسد قدرته على القيام بخطوات خطرة ومتطرفة عندما قرر بناء المفاعل النووي بمساعدة كوريا الشمالية. كما أظهر عن استعداده لذبح شعبه، بل وحتى استخدام السلاح الكيميائي. والراهن اليوم أنه أصبح أداة في يد إيران. ولا يعني هذا أن على إسرائيل الوقوف علناً ضد نظامه. إذ ليس هناك أدنى شك في أن تورط إسرائيل  في النزاع الروسي - الأميركي حول مستقبل سورية هو بمثابة تطور سلبي. صحيح أن دفاع إسرائيل عن مصالحها الأمنية أمر حيوي، لكن عليها العمل إلى العودة الى السياسة التي انتهجتها خلال الفترة الماضية للحرب الأهلية في سورية، أي الامتناع بقدر الإمكان من الانجرار إلى دوامة الأزمة السورية، والدفاع عن مصالحها الأمنية والحيوية بشدة ولكن بطريقة  حذرة.

"مباط عال"، العدد 427، 21/5/2013
"الشيطان الذي نعرفه": التفكير الإسرائيلي بشأن مستقبل نظام الأسد
إيتمار رابينوفيتش - نائب رئيس اللجنة الادارية لمعهد أبحاث الأمن القومي، وعمل سابقاً رئيساً لجامعة تل أبيب، وسفيرا ً لإسرائيل في واشنطن

·       في 16 أيار/ مايو، نقلت صحيفة "التايمز" اللندنية عن مصادر استخباراتية إسرائيلية قولها "إن بقاء نظام الأسد حتى لو كان ضعيفاً أفضل بالنسبة لإسرائيل وللمنطقة"، وأضافت الصحيفة نقلاً عن المصادر نفسها " الشيطان الذي نعرفه أفضل من الوضع البديل المحتمل عنه، والذي سيؤدي إلى تدهور سورية إلى حالة من الفوضى، وتحولها إلى موطىء قدم للمتطرفين من العالم العربي."

·       إن تعبير "الشيطان الذي نعرفه" سبق واستخدمه رئيس الحكومة أريئيل شارون سنة 2005، عندما شرح للرئيس الأميركي جورج دبليو بوش سبب معارضته الاطاحة بنظام الأسد، وذلك بعد أن ازداد عداء الرئيس بوش للرئيس السوري بسبب تأييد هذا الأخير الثورة على الاحتلال الأميركي للعراق، وفتحه حدود بلاده أمام المتسللين الجهاديين وتهريب السلاح. وعلى الرغم من أن شارون لم يكن من محبي الرئيس السوري، لكنه كان يؤمن بالنظرية الإسرائيلية القائلة أنه من الأفضل مواجهة النظام الذي نعرفه في دمشق، من مواجهة بديل عنه غير معرف، أو مواجهة احتمال سيطرة الإخوان المسلمين، الذين يمثلون المعارضة المنظمة الوحيدة في سورية، على الدولة.

·       لقد كان الأسد حليفاً لإيران وشكل الجسر البري الذي يربط بين إيران وحزب الله في لبنان، كما دعم الأسد حركتي "حماس"  والجهاد الإسلامي، لكنه إلى جانب ذلك حافظ على الهدوء على الحدود في هضبة الجولان، وورث صيت والده بوصفه عدواً يتصرف بطريقة معروفة ومتوقعة. أما شارون فقد عارض فكرة التوصل إلى تسوية مع سورية طوال الأعوام التي قضاها في العمل السياسي، وكذلك خلال الأعوام الخمسة التي تولى فيها رئاسة الحكومة الإسرائيلية، كما عارض بصورة خاصة الانسحاب من الجولان.

·       بيد أن هذه النظرة الإسرائيلية تغيرت سنة 2006، في إثر حرب لبنان الثانية. فقد أثبتت هذه الحرب لإيهود أولمرت الذي تولى رئاسة الحكومة بعد شارون، حجم الخطر الذي يمثله محور إيران- سورية - حزب الله. وكانت الخلاصة التي توصل إليها أولمرت، والتي تؤيده فيها المؤسسة الأمنية، بأن على إسرائيل إعطاء الأولوية القصوى لتفكيك هذا المحور وذلك من خلال إخراج سورية من نطاق النفوذ الإيراني. ومن أجل تحقيق هذا الهدف بدأ أولمرت في بداية سنة 2007 وفي أواسطها، بواسطة تركيا، البحث في احتمالات التوصل إلى اتفاق سوري - إسرائيلي. وقد تواصلت المفاوضات [غير المباشرة] حتى شهر كانون الأول/ ديسمبر سنة 2008،  وذلك على الرغم من توقفها موقتاً في أيلول/ سبتمبر 2007، بسبب قيام إسرائيل بتدمير المفاعل النووي السوري الذي كانت تبنيه كوريا الشمالية في منطقة الكبير [في دير الزور]. يومها برزت أصوات تقول أن لا جدوى من التفاوض مع رئيس سوري قادر على القيام بخطوة متطرفه من نوع بناء مفاعل نووي، لكن أولمرت كان يعتقد بأن هذا تحديداً يشكل حجة إضافية تدعم الحاجة إلى تحييد المواجهة مع سورية.

·       خلال السنتين 2010 - 2011 ،أي خلال العامين الأخيرين من الولاية السابقة لبنيامين نتنياهو، دارت مفاوضات جديدة مع سورية، بوساطة تركية، وبمعرفة إدارة أوباما. وبالاستناد إلى  الوسطاء فقد كانت هذه المفاوضات جدية، على الرغم من معارضة نتنياهو العلنية للانسحاب من الجولان. وقد أدى نشوب الأزمة السورية في آذار/ مارس سنة 2011 إلى وقف هذه المحادثات.

·       إن الأزمة في سورية التي بدأت بسلسلة من التظاهرات قبل أن تتطور إلى حرب أهلية دموية وإلى مواجهة طائفية، غيرت نظرة إسرائيل إلى الأسد وإلى نظامه، لا سيما بعد أن تحولت الحرب الأهلية في سورية إلى ساحة لنزاع إقليمي ودولي. فهي على الصعيد الإقليمي تحولت إلى مواجهة بين إيران وبين السعودية وتركيا وقطر والأردن الدول الداعمة للمعارضة. وعلى الصعيد الدولي، تقوم روسيا، وبدرجة أقل الصين، بتقديم الدعم إلى نظام الأسد وتدافع عنه أمام مجلس الأمن وفي مجالس دولية أخرى. كما تواصل روسيا تزويد نظام الأسد بمنظومات السلاح المتطور، وتعطي أهمية قصوى للدفاع عن استثماراتها في سورية وذلك للحؤول دون سقوط سورية تحت النفوذ الأميركي.

·       من هنا يتعين على إسرائيل بوصفها دولة مجاورة ولديها مصلحة كبيرة في مستقبل سورية، أن تقرر ما هي أولوياتها. ففي المراحل السابقة للثورة السورية اختارت إسرائيل النأي بالنفس، وذلك بعد وصولها الى الاستنتاج بأن قدرتها على التأثير في نتائج الحرب الأهلية في سورية محدودة. وفي الواقع فإسرائيل لا تملك أي تأثير على السياسة الداخلية في سورية، وفي حال أعلنت دعمها للمعارضة فإن ذلك سيشكل أداة سيستغلها النظام ضد المعارضة. فمنذ بداية الأزمة ادّعى الأسد والناطقون باسمه أن ما يجري هو مؤامرة تقوم بها قوى خارجية. في مقابل ذلك أوضحت إسرائيل أن لديها خطوطاً حمراء فيما يتعلق بسورية. كما أعلنت أنها ستتدخل لوقف انتقال منظومات السلاح المتطور "الذي يغير قواعد اللعبة" إلى التنظيمات الإرهابية سواء كانت حزب الله أم التنظيمات الجهادية التي تحولت إلى أطراف أساسية في المعارضة السورية المسلحة.

·       في كانون الثاني / يناير، أقدمت إسرائيل على تدمير صواريخ كانت في طريقها إلى لبنان. ومن أجل عدم احراج النظام السوري والتقليل من احتمال الرد الانتقامي، لم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عن العملية. لكن في أيار / مايو 2013،  نفذت إسرائيل غارتين جديدتين وكان من الصعب عليها  إخفاء ما فعلته. وكان من الطبيعي أن ترفع سورية وإيران وحزب الله من سقف  رهاناتها، وهذا ما فعلته أيضاً روسيا، التي ستزود سورية بصواريخ S-300 المتطورة، والتي ترفض إسرائيل دخولها إلى الساحة اللبنانية - السورية. وانطلاقاً من هذا كله، فقد تجد إسرائيل نفسها مدفوعة إلى القيام بعمليات ضد تهريب السلاح من طريق سورية إلى حزب الله، مما قد يجر إلى ردود من جانب سورية أو حزب الله. وهذا ما قصده مصدر إسرائيلي رسمي الأسبوع الماضي في حديثه مع "النيويورك تايمز"، عندما قال إنه إذا قرر الأسد الانتقام فإن إسرائيل ستسقط نظامه، أي ستدمر سلاح الطيران والمدفعية مما سيؤدي إلى انتصار المعارضة. وفي جميع الأحوال فإن إسرائيل تجد نفسها متورطة في العمق في النزاع الإقليمي والدولي الدائرين بشأن مستقبل سورية، ومستقبل النظام هناك.

·       ثمة جدل داخل المؤسسة الأمنية حيال النتيجة المرجوة من الحرب الأهلية في سورية، فهناك تيار يؤيد فكرة أنه من الأفضل لإسرائيل بقاء الأسد في السلطة، كرئيس ضعيف بدلاً من تقسيم سورية. وحجة هذا التيار أنه أمام تصاعد قوة الجهاديين والإسلاميين وسط الميليشيات التي تقاتل الأسد واحتمال سيطرتهم على السلطة وتمتعهم بحرية القيام بعمليات إرهابية، فإن هذا سيشكل الخطر الأكبر على أمن إسرائيل. وفي ظل هذه الوقائع فإن بقاء الأسد هو الأفضل بالنسبة لإسرائيل لأنه "الشيطان الذي نعرفه". في المقابل هناك تيار آخر يرى في استمرار نظام الأسد بدعم من إيران وحزب الله، خطراً أكبر بكثير على الأمن القومي لإسرائيل. وفي رأي هؤلاء، الذين لا يرغبون بالطبع بسيطرة العناصر الجهادية على أقسام من سورية، فإن إسرائيل ستكون قادرة على مواجهة مثل هذا الاحتمال.

 

·       تبدو النظرية الثانية أكثر اقناعاً من غيرها. فقد أثبت بشار الأسد قدرته على القيام بخطوات خطرة ومتطرفة عندما قرر بناء المفاعل النووي بمساعدة كوريا الشمالية. كما أظهر عن استعداده لذبح شعبه، بل وحتى استخدام السلاح الكيميائي. والراهن اليوم أنه أصبح أداة في يد إيران. ولا يعني هذا أن على إسرائيل الوقوف علناً ضد نظامه. إذ ليس هناك أدنى شك في أن تورط إسرائيل  في النزاع الروسي - الأميركي حول مستقبل سورية هو بمثابة تطور سلبي. صحيح أن دفاع إسرائيل عن مصالحها الأمنية أمر حيوي، لكن عليها العمل إلى العودة الى السياسة التي انتهجتها خلال الفترة الماضية للحرب الأهلية في سورية، أي الامتناع بقدر الإمكان من الانجرار إلى دوامة الأزمة السورية، والدفاع عن مصالحها الأمنية والحيوية بشدة ولكن بطريقة  حذرة.

"هآرتس"، 23/5/2013
يائير لبيد ممثل اليمين الجديد
آري شافيط - محلل سياسي

·       نجحت مراسلة صحيفة "النيويورك تايمس" في إسرائيل في كشف ما فشل فيه الإعلام الإسرائيلي، فقد أزاحت الستار عن توجه يائير لبيد السياسي. فالكلام الصريح الذي قاله وزير المال إلى المراسلة ألقى الضوء على المستقبل السياسي الذي يتطلع إليه زعيم حزب "يش عتيد".

·       وهكاذا اتضح بأنه كل من أعتقد بأن السياسي الجديد لا يملك إيديولوجيا كان على خطأ. فالإيديولوجيا التي يؤمن بها لبيد تقوم على السلام من دون تقسيم القدس، وعلى اتفاق سلام من دون التفاوض مع محمود عباس، وعلى حل الدولتين من دون تجميد البناء في المستوطنات. ويقضي مشروع لبيد الانتظار بضع سنوات أخرى كي يصار إلى ترسيم الحدود الدائمة، وفي هذه الأثناء يجري تقديم تسهيلات إلى الإسرائيليين الذين ينتقلون للعيش في المستوطنات. فيما يتعلق بالقدس والفلسطينيين، فقد ظهر صديق أولمرت الحميم  كنسخة طبق الأصل عن بنيامين نتنياهو، أما في موضوع المستوطنات فقد اتضح أن ابن طومي لبيد يقف إلى يمين بنيامين نتنياهو.

·       إن يائير لبيد الذي قدمته صحيفة "النيويورك تايمس" بوصفه وريث حزب الوسط "كاديما" لا يمثل تيار الوسط السياسي، لا في الاقتصاد ولا في السياسة. فقد تبين أن لبيد هو سياسي محافظ، وما يقترحه على إسرائيل ليس اليسار ولا الوسط، وإنما هو نوع جديد من اليمين.

·       وفي الواقع، من الجيد أن لبيد قال أخيراً الحقيقة، وأوضح ما كان غامضاً خلال المعركة الانتخابية، وحدد ما كان ضبابياً لدى تشكيل الحكومة. ومن المنتظر أن يؤدي التموضع الجديد لوزير المال بوصفه زعيماً لليمين الجديد، أن يخدمه سياسياً وأن يزيد قدرته على جذب تأييد جزء من أنصار المعسكر الوطني- القومي في الخريطة السياسية. كما سيسمح له ذلك بتوطيد تحالفه مع نفتالي بينت [زعيم حزب البيت اليهودي] والقضم من قوة الليكود. وحتى الذين انتخبوا أفيغدور ليبرمان يمكنهم أن يجدوا في حزب "يش عتيد" بيتاً مناسباً لهم، أفضل من بيتهم القديم في حزب "إسرائيل بيتنا". وإذا تصرف لبيد بوصفه أيقونة اليمين الجديد في تل أبيب فإن في إمكانه أن يبتلع اليمين القديم في القدس، وذلك عبر طرحه على إسرائيل رؤية  نيو - محافظة جميلة.

·       إن المغزى السياسي لكلام لبيد واضح، فهو يغلق الطريق أمام الاتفاق السياسي، ويفتح المجال أمام الخطوات الأحادية. كما أن هذا الكلام يقيد وزير المال ويطوق رئيس الحكومة، ويحول الحكومة الحالية إلى حكومة يمين متشدد قديم - جديد. وهكذا يتضح أن الشخصية الموهوبة التي جاءت لتغير لا تنوي فعلاً تغيير الأمر الواقع في يهودا والسامرة [ الضفة الغربية]. والنجم الذي تعهد بتقليص ميزانية المشروع الاستيطاني، ها هو ينوي إعطاء مليارات الشيكلات إلى المستوطنات. وفي الوقت الذي ينتظر فيه لبيد سلاماً نظرياً لن يتحقق، فإنه سيحقق رؤية بينت بزيادة عدد المستوطنين إلى مليون مستوطن، وبهذه الطريقة يوشك لبيد، من دون تفكير أو تخطيط على دفن فكرة تقسيم البلد بصورة نهائية.

·       لذا فإن الكرة تعود اليوم إلى مرمى معسكر الوسط - اليسار. فقد تبددت الأوهام، وحتى لو كان لبيد لاعباً رائعاً، فإنه في الحقيقة لا ينتمي إلى فريق الوسط، وانما ينتمي إلى فريق الخصم، وانتماؤه الحقيقي هو إلى إسرائيل العداونية.

·       من هنا يتعين على كل الذين ما زالوا يؤمنون بأن من واجبهم إنقاذ الدولة اليهودية والديمقراطية من الاحتلال أن يعيدوا تنظيم صفوفهم. كما على الذين ما زالوا يرغبون في تحديد حدود إسرائيل، أن يطرحوا قيادة جديدة ومفهوماً جديداً.

 

·       لقد ترك انتقال لبيد إلى اليمين فراغاً كبيراً في معسكر الوسط في الخريطة السياسية الإسرائيلية، مما يطرح تحدياً على حزب "العمل" وعلى حزب "هَتنوعا" وعلى ميرتيس، وعلى الجناح اليساري في حزب "يش عتيد". كما أن ذلك  يشكل فرصة ذهبية للقوى الجديدة وللعناصر النوعية التي بدأت تتهيأ لدخول حلبة الحياة السياسية. وبعد تلاشي الأمل الذي كان يمثله لبيد، فإن الوقت قد حان للبحث عن أمل جديد.