مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
اقترح رئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت تسليم الفلسطينيين الحقول التابعة للمستوطنات اليهودية التي تقع بمحاذاة قطاع غزة، وجزءاً كبيراً من المحمية الطبيعية في صحراء يهودا، في مقابل ضم الكتل الاستيطانية التي تقع في الضفة الغربية إلى إسرائيل. وبحسب "خريطة أولمرت"، التي تنشر هنا أول مرة (أنظر الخريطة أدناه ص 4)، ستمر الحدود المستقبلية بين إسرائيل وغزة في جوار مستوطنات مثل باري، وكيسوفيم، ونير عوز، التي ستسلم حقولها إلى الدولة الفلسطينية. واقترح أولمرت أيضاً تسليم فلسطين المستقبلية مناطق تقع في غور بيسان، بالقرب من مستوطنة طيرات تسفي، وفي جبال القدس، بالقرب من نَتاف، وفي منطقتي لخيش وبلدة ياطير، أي ما يصل مجموعه إلى 327,1 كم مربع من الجانب الإسرائيلي للخط الأخضر.
وقد عرض أولمرت على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس خريطة الحدود المستقبلية بين إسرائيل وفلسطين في أيلول / سبتمبر 2008. ولم يرد عباس عليها، وتوقفت المفاوضات. وتستند صيغة العرض الذي قدمه أولمرت والذي يكشف النقاب عنه هنا إلى مصادر حصلت على تقارير تفصيلية عن الاقتراحات التي قدمها أولمرت لعباس.
وقد أراد أولمرت ضم 6,3% من أراضي الضفة الغربية يقيم بها 75% من المستوطنين إلى إسرائيل، وإخلاء عشرات المستوطنات التي تقع في غور الأردن، وفي سفوح التلال المطلة على الغور، وفي منطقة الخليل. وفي مقابل ضم معاليه أدوميم، وغوش عتسيون، وأريئيل، وبيت أرييه، والمستوطنات المحيطة بالقدس، اقترح أولمرت على عباس مناطق بديلة تعادل مساحتها 5,8% من مساحة الضفة الغربية، و "معبراً آمناً" بين الخليل وغزة في طريق سيبقى تحت السيادة الإسرائيلية، لكن من دون أن يكون فيه حضور إسرائيلي.
وكلف أولمرت العقيد احتياط داني تِرزا الذي كان المخطط الرئيسي للجدار الفاصل رسم خريطة الحل النهائي الذي اقترحه على عباس. ويتطابق اقتراح أولمرت بشأن ضم الكتل الاستيطانية إلى إسرائيل، إلى حد بعيد، مع مسار خط الجدار. وقد رفض أولمرت، في اقتراحه المتعلق بتبادل المناطق، اقتراحات طرحت في السابق وتقضي بتسليم الفلسطينيين منطقة التلال التي تقع شرقي لخيش، التي قرر أولمرت إقامة مستوطنات جديدة فيها للمستوطنين الذين تم إجلاؤهم من غوش قطيف ]في قطاع غزة[. وفي منطقة الجنوب، فضّل أولمرت تسليم الفلسطينيين مناطق زراعية، بدلاً من رمال حلوتسا ]جنوبي قطاع غزة[.
ويقتضي تنفيذ خطة أولمرت إجلاء عشرات الآلاف من المستوطنين، وتفكيك عدد من رموز المشروع الاستيطاني في الضفة، كمستوطنات عوفره وبيت إيل وإلون موريه وكريات أربع والمستوطنة اليهودية في مدينة الخليل. وتوصل أولمرت إلى تفاهم شفهي مع إدارة الرئيس بوش يقضي بأن تحصل إسرائيل على مساعدات أميركية لتطوير النقب والجليل، من أجل استيعاب قسم من المستوطنين الذين سيتم إجلاؤهم من الضفة الغربية. وكان من المفترض أن ينتقل قسم آخر من هؤلاء إلى منازل جديدة في الكتل الاستيطانية التي ستُضم إلى إسرائيل.
ورداً على هذه المعلومات، ورد من مكتب أولمرت ما يلي: "عرض رئيس الحكومة السابق، في 16 أيلول / سبتمبر 2008، أمام رئيس السلطة الفلسطينية، أبو مازن، خريطة تم إعدادها استناداً إلى عشرات جلسات المحادثات التي جرت بينهما، في إطار مفاوضات مكثفة عقدت بعد مؤتمر أنابوليس. وكان الهدف من الخريطة التي عُرضت هو حل مشكلات الحدود بين إسرائيل والدولة الفلسطينية العتيدة. وقد رُهن تسليم الخريطة إلى أبو مازن بتوقيع تسوية شاملة ونهائية مع الفلسطينيين، وذلك كي لا تستخدم كـ "نقطة انطلاق" في مفاوضات مستقبلية أراد الفلسطينيون إجراءها. وفي نهاية الأمر، ونظراً إلى أن أبو مازن لم يُبدِ موافقة على توقيع التسوية النهائية والشاملة، لم تسلَّم الخريطة إليه".
كما أفاد مكتب أولمرت رداً على سؤال وجهته صحيفة "هآرتس": "بطبيعة الحال، ونظراً إلى اعتبارات متعلقة بالمسؤولية القومية، لا نستطيع التطرق إلى مضمون تلك الخريطة وإلى تفصيلات الاقتراح. ومع ذلك نؤكد أن التفصيلات التي تظهر في سؤالكم تنطوي على أمور غير دقيقة لا تتماشى مع الخريطة التي تم عرضها في نهاية المطاف".
· تحدث الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيرس، هذا الأسبوع، عن وجود خلافات داخل حركة "حماس" تعرقل تنفيذ "صفقة شاليط" [أي صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل و"حماس" التي ستؤدي إلى الإفراج عن الجندي الإسرائيلي الأسير غلعاد شاليط]، وذلك في إثر تبني [رئيس المكتب السياسي في "حماس"] خالد مشعل خطاً متطرفاً، عقب محادثاته في طهران.
· وعلى ما يبدو فإن زيارة مشعل لطهران ترافقت مع تجاوز لكل جوانب الحذر التي تم التزامها حتى الآن. فقد أعلن الرئيس محمود أحمدي نجاد أن "الحكومة والشعب الإيراني سيقفان دائماً إلى جانب الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية (أي "حماس")". ورد مشعل عليه قائلاً: "إن الفصائل الفلسطينية كلها ستكون في جبهة واحدة مع إيران، في حال قيام إسرائيل بمهاجمتها".
· ويمكن القول إن التعاون بين العناصر المتطرفة [في الشرق الأوسط] تصاعد كثيراً، خلال العام الفائت، وأصبح يشكل تهديداً استراتيجياً لإسرائيل (لكنه لم يصل بعد إلى درجة التهديد المصيري). وتجدر الإشارة إلى أن مشعل نفسه هو من أنصار التقارب مع إيران، في حين أن مؤسس "حماس"، الشيخ أحمد ياسين، كان يرفض اقتراحات إيرانية بتمويل الحركة وتدريبها.
· من ناحية أخرى، فإن إنجازات حزب الله في حرب 2006، وسلسلة الضربات التي تعرّض لها أعضاء الحلف الراديكالي كافة، على يد من يعتبرونهم مندوبين عن جهاز الموساد الإسرائيلي (اغتيال مغنية هو مثال واحد لهذه الضربات)، جعلتا التعاون فيما بينهم عجيباً غريباً، وخصوصاً إذا ما أخذنا في الاعتبار أن الحديث يدور على تحالف بين قوى إسلامية شيعية متطرّفة [إيران وحزب الله] ومنظمة جهاد سنية ["حماس"] ونظام حكم علماني علوي [سورية].
· ومنذ الحرب في لبنان، فإن الاستخبارات الإسرائيلية تنشر تقارير تشير إلى حضور العناصر الراديكالية كلها الاجتماعات التي تعقد في طهران ودمشق، وتهدف إلى استخلاص الدروس والتحليلات العملانية وتبادل المعلومات الاستخباراتية، التي تم جمعها عن إسرائيل. كما تؤكد معلومات استخباراتية إسرائيلية أخرى أن هناك تعاوناً وثيقاً على تطوير وسائل قتالية متطورة. ويتم التطوير في إيران، والإنتاج في سورية. في الوقت نفسه فإن عمليات تهريب الأسلحة جارية على قدم وساق في المسارات المشتركة، وصولاً إلى لبنان أو سورية أو إلى غزة والضفة الغربية.
· وفي الأسبوع الحالي أشار رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، اللواء عاموس يادلين، إلى أن سورية ما زالت جزءاً مركزياً من المحور الراديكالي فضلاً عن تدخلها الكبير في لبنان (وصلت تقارير إلى شعبة الاستخبارات العسكرية تؤكد قيام سورية بدفع رشاوي لأعضاء في مجلس النواب اللبناني وبتهديد أعضاء آخرين)، لكن بسبب الشرعية، التي حظيت بها مجدداً في العالم، فإنها لا تدفع أي ثمن جراء ذلك.
· غير أن يادلين أكد أن سورية هي الحلقة الأضعف في المحور الراديكالي، علاوة على أن [الرئيس السوري] بشار الأسد "لا يرفض إمكان التوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل، خلافاً لكل من إيران وحزب الله و'حماس'". لكن في واقع الأمر فإن يادلين، ومعه رئيس دائرة البحث في شعبة الاستخبارات العسكرية، العميد يوسي بايدتس، يمثلان طرفاً واحداً في أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، إذ إنهما يعتقدان أنه يمكن دق إسفين بين سورية والمحور الراديكالي، بواسطة توقيع اتفاق سلام معها، الأمر الذي سيؤدي إلى إضعاف هذا المحور كثيراً. ويقف في مقابلهما رئيس الموساد، مئير دغان، الذي يعارض الانسحاب الإسرائيلي من الجولان. وهو يعتقد أن الأسد سيوافق على توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل (يضمن له استعادة هضبة الجولان)، لكنه لن ينفصل عن المحور الراديكالي. ويبدو أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، لم يحسم أمره في هذا الشأن بعـد.
· كما كان متوقعاً فإن التجميد المحدود للاستيطان [في المناطق المحتلة] لم يؤد إلى عودة القيادة الفلسطينية إلى مائدة المفاوضات. ومن البديهي أن قرار منح حوافز إلى المستوطنات المعزولة لا يساهم في بناء الثقة بين رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ورئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس.
· ويبدو أن نتنياهو ما زال متخبطًا بين التزامه حل الدولتين وتطلعاته إلى إرضاء المستوطنين ومندوبيهم في الليكود والائتلاف الحكومي. كما أن عباس يجد نفسه متخبطًا بين الرغبة في إنهاء الاحتلال والخشية من أن يؤدي التراجع عن مواقف مبدئية من مسائل حساسة، مثل البناء اليهودي في القدس الشرقية، إلى تعزيز خصومه في حركة "حماس".
· وقد أشار عباس، في سياق المقابلة الخاصة التي أدلى بها إلى صحيفة "هآرتس" أمس، إلى المخرج المطلوب من هذه المتاهة المزدوجة، وفحواه تجميد الاستيطان بصورة عملية في الضفة الغربية والقدس الشرقية ستة أشهر، من دون إعلان ذلك جهاراً. ووفقاً لتقديراته فإنه في الإمكان، خلال هذه الفترة، البدء بمفاوضات الحل الدائم من دون شروط مسبقة، باستثناء تلك الواردة في خطة "خريطة الطريق"، والتوصل إلى اتفاق. وقال عباس إنه خلال الأسابيع الثلاثة الفائتة، طرح هذا الاقتراح مرتين على وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، لكنه لم يتلق أي جواب منه.
إذا كان رئيس الحكومة ووزير الدفاع راغبين فعلاً في إنقاذ حل الدولتين ومنع انهيار القيادة الفلسطينية المؤيدة لهذا الحل، فإنه يتعين عليهما التجاوب مع مبادرة عباس إيجابياً. إن الضرر، الذي يمكن أن يلحق بمصالح إسرائيل في المنطقة وفي الساحة الدولية، في حال تكريس الجمود السياسي وقيام زعيم براغماتي مثل عباس بالاستقالة من منصبه، أكبر أضعافاً مضاعفة من ثمن تجميد أعمال البناء وراء الخط الأخضر بصورة مطلقة ستة أشهر.