مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي العميد رونين منليس إن لبنان أصبح مصنعاً كبيراً للصواريخ جرّاء تخاذل السلطات اللبنانية، وتجاهل عدد كبير من الدول الأعضاء في المجتمع الدولي، وأكد أن الموضوع ليس مجرد نقل أسلحة، أو أموال، أو استشارة، بل إن إيران افتتحت فرعاً جديداً لها هو "فرع لبنان".
وجاءت أقوال منليس هذه في سياق مقال نشره أمس (الأحد) بصورة استثنائية في بعض مواقع المعارضة اللبنانية، وبعض المواقع الإسرائيلية، أشار فيه أيضاً إلى أن هذه العملية حولت لبنان إلى برميل بارود موجّه ضده وضد سكانه.
وأضاف أن واحداً من كل ثلاثة أو أربعة بيوت في جنوب لبنان هو مقر، أو مخزن للسلاح، أو مكان تحصين تابع لحزب الله، وأن مستقبل سكان لبنان بات لعبة بيدي نظام طهران، وأن المذنبين في ذلك هم رؤساء القرى والمدن ومؤسسات الحكم الذين يرون هذا الوضع ويسكتون عنه.
ومما كتبه منليس: "عندما يُطلب مني أن أختار صورة السنة الفائتة [2017] فيما يتعلق بالجبهة اللبنانية تعود بي الذاكرة إلى الجولة المشتركة لقائد الجبهة الجنوبية في حزب الله وصديقه قائد إحدى الميليشيات الشيعية الموالية لإيران قيس الخزعلي، فأهمية هذه الصورة تكمن في أنها تمثل التدخل الإيراني أكثر من أي شيء آخر، وتكشف حقيقة السيطرة الإيرانية على لبنان. ولا شك في أن ظاهرة سياحة الإرهاب ستعرّض دولة الأرز والمنطقة كلها مستقبلاً إلى خطر محسوس هو خطر سيطرة منفِّذي أوامر طهران. إن سنة 2017 على غرار السنوات الـ11 السابقة التي تلت انتهاء حرب لبنان الثانية [2006] امتازت بهدوئها النسبي في الجبهة اللبنانية، ولا شك في أن هذا الهدوء يخدم رفاهية السكان من كلا الطرفين. ولعل الاستقرار الأمني الذي طال الحدود وحال دون سماع دوي صافرات الإنذار من طرف الأطفال في الصفوف السادسة شمال إسرائيل وجنوب لبنان، كان من أهم إنجازات حرب لبنان الثانية، والدليل القاطع على فعالية الردع الإسرائيلي والذاكرة المؤلمة في نفس اللبنانيين بشأن كِبَر الخطأ السابق الذي ارتكبه [الأمين العام لحزب الله] حسن نصر الله".
وقال منليس إن الجيش الإسرائيلي تمكن السنة الفائتة من تعزيز جهوزيته للحرب في الجبهة الشمالية، وفي المقابل استمر حزب الله بالتدخل في حرب ليست له، وكانت السنة الفائتة دليلاً إضافياً على كون هذا الحزب ذراعَ إيران المنفِّذة، إذ أرسل إلى سورية آلاف المقاتلين، ووسّع المعارك في اليمن بواسطة مئات المستشارين، كما أن نصر الله تباهى بإرسال صواريخ مضادة للدبابات وخصوصاً إلى غزة، وقابل مندوبي جميع المنظمات الإرهابية الفلسطينية الذين انتقل بعضهم هذه السنة إلى العيش بجواره في بيروت، وتمرّ مليارات الدولارات من طهران عن طريق بيروت إلى كل مكان في الشرق الأوسط حيث يتعاظم الشر والإرهاب. وفي لبنان لا يُخفي حزب الله محاولاته للسيطرة على الدولة اللبنانية، وهذا يتمثل في التطورات التالية: وجود رئيس دولة يعطي شرعية لمنظمة إرهابية، ورئيس حكومة يستصعب العمل في ظل بلطجة نصر الله، وإقامة شبكات إرهابية ومصانع لتصنيع الوسائل القتالية رغماً من الحكومة اللبنانية. والأخطر من كل شيء هو الأمور التي لا تراها العين، إذ أصبح لبنان، جرّاء تخاذل السلطات اللبنانية وتجاهل عدد كبير من الدول الأعضاء في المجتمع الدولي، مصنعاً كبيراً للصواريخ، الأمر الذي يحوله إلى برميل بارود موجّه ضده وضد سكانه.
وأضاف منليس أنه مع بداية سنة 2018 يجب تحذير سكان لبنان من اللعبة الإيرانية بأمنهم ومستقبلهم. وأكد أن الحديث يدور حول سنة صراع وامتحان بالنسبة إلى مستقبل الكيان اللبناني. وأشار إلى أن هذا الصراع يتعلق بمتغيريْن اثنين: هل سيسمح المجتمع الدولي ولبنان لإيران وحزب الله باستغلال براءة رؤساء الدولة اللبنانية وإقامة مصنع صواريخ دقيقة كما يحاولان هذه الأيام؟، وهل سينجح حزب الله في إسقاط الأحزاب السنّية في الانتخابات المقبلة (في أيار/ مايو 2018)، وفي تحويل الدولة بصورة رسمية إلى دولة برعاية إيرانية؟.
وشدد منليس على أن الجيش الإسرائيلي جاهز لجميع السيناريوهات، وهو يستعد لتطوير جهوزيته أكثر خلال السنة الحالية، فضلاً عن أن الخطوط الأمنية الحمر التي وضعها واضحة، وهو يعمل باستمرار على عدم تجاوزها.
ألقت قوة من الجيش الإسرائيلي مساء أمس (الأحد) القبض على شاب فلسطيني بالقرب من مستوطنة ايتمار في السامرة [منطقة نابلس] بشبهة محاولة التوغل إليها وهو متنكر بزي جندي من الجيش الإسرائيلي بهدف ارتكاب اعتداء مسلح داخل المستوطنة.
وكانت قوات الأمن اعتقلت في وقت سابق أمس شاباً فلسطينياً من سكان قرية الخضر في قضاء بيت لحم للاشتباه فيه بزرع عبوة ناسفة شديدة الانفجار إلى جانب الطريق الملتف على قرية حوسان في تلك المنطقة.
شنّ رئيس الكنيست يولي إدلشتاين [الليكود] في تصريحات أدلى بها خلال جلسة مغلقة هجوماً حاداً على رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، على خلفية الهجمة التي يقوم بها ضد وسائل الإعلام وخصومه السياسيين، وحذر من أن الليكود قد يتعرض لنكسة كبرى في الانتخابات العامة المقبلة.
وقال إدلشتاين في هذه التصريحات التي بثت إذاعة "كان" [التابعة لهيئة البث الإسرائيلية الجديدة] تسجيلاً لها أمس (الأحد)، إن الليكود سيجد نفسه في المعارضة إذا استمرت الأمور على هذا النحو.
وأضاف إدلشتاين أن الليكود في مشكلة حقيقية وأن سلوك نتنياهو إشكالي بعض الشيء.
ولم تُشر الإذاعة الإسرائيلية إلى تاريخ التسجيلات، أو إلى من حضر الاجتماع مع إدلشتاين، واكتفت بالقول إن رئيس الكنيست كان يعقّب على خطاب ألقاه نتنياهو في الكنيست في تشرين الأول/ أكتوبر الفائت، وهاجم خلاله وسائل الإعلام وأحزاب اليسار، واتهمها بمحاولة إطاحته من منصبه بسبب شبهات الفساد ضده.
ويخضع نتنياهو للتحقيق بشبهات فساد في قضيتين. وفي القضية الأولى المعروفة باسم "القضية 1000" يُشتبه بحصول نتنياهو وزوجته سارة على هدايا بصورة غير مشروعة من رجال أعمال، أبرزها سيجار وزجاجات شمبانيا بقيمة مئات آلاف الشيكلات، من المنتج الهوليوودي الإسرائيلي الأصل أرنون ميلتشن. وفي القضية الثانية المعروفة باسم "القضية 2000" يدور الحديث بشأن شبهات بوجود صفقة مقايضة بين نتنياهو وناشر صحيفة "يديعوت أحرونوت" أرنون موزيس، كان رئيس الحكومة سيفرض بموجبها قيوداً للحد من انتشار الصحيفة المنافسة المدعومة من رجل الأعمال الأميركي شيلدون إدلسون "يسرائيل هيوم" من خلال تشريع في الكنيست، في مقابل الحصول على تغطية أكثر ودية من "يديعوت".
وبّخت وزارة الخارجية الإسرائيلية أمس (الأحد) القائم بأعمال السفير البولندي لدى إسرائيل بيوتر كوزلوفسكي، بعد أن صادق مجلس النواب في البرلمان البولندي في وارسو في نهاية الأسبوع الفائت على مشروع قانون يسمح بتجريم تحميل بولندا مسؤولية جرائم تم ارتكابها خلال المحرقة النازية على أراضيها، وينص على فرض عقوبة السجن الفعلي لمدة أقصاها ثلاث سنوات على كل من يقول إن بولندا تتحمل مسؤولية الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها ألمانيا النازية.
وقال كوزلوفسكي في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام بعد اللقاء الذي عُقد بينه وبين مسؤولين في وزارة الخارجية في القدس واستمر 15 دقيقة، إن بولندا لا تحاول محو التاريخ وإنما التمسك بالحقيقة. وأكد أنه سمع ما توقع أن يسمعه.
وكان مجلس النواب في البرلمان البولندي صادق يوم الجمعة الفائت على مشروع قانون يجرّم استخدام عبارات مثل "معسكرات الموت البولندية"، للإشارة إلى مواقع قامت ألمانيا النازية بتشغيلها في بولندا المحتلة خلال الحرب العالمية الثانية. وجاء مشروع القانون هذا كرد على حالات استعملت فيها وسائل إعلام أجنبية في السنوات الأخيرة عبارة "معسكرات الموت البولندية" لوصف معسكر أوشفيتز ومعسكرات أُخرى أدارها النازيون. ولا يزال مشروع القانون بحاجة إلى مصادقة مجلس الشيوخ البولندي والرئيس البولندي.
وأثار هذا التشريع الغضب في إسرائيل إذ اتهم بعض الساسة الإسرائيليين الحكومة البولندية بإنكار المحرقة في الوقت الذي أحيا فيه العالم اليوم العالمي لذكرى المحرقة أول أمس (السبت).
وأصدر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بياناً قال فيه إن مشروع القانون البولندي لا يستند إلى أي أساس، وأكد أنه لا يمكن إعادة كتابة التاريخ ولا يجوز إنكار المحرقة.
كما وجّه رئيس الدولة الإسرائيلية رؤوفين ريفلين انتقاداً شديداً إلى مشروع القانون، وقال إنه لا يمكن تزييف التاريخ أو كتابته من جديد لإخفاء الحقيقة.
وانتقد أعضاء كنيست من جميع الأحزاب مشروع القانون البولندي.
ووصف زعيم المعارضة عضو الكنيست يتسحاق هيرتسوغ من "المعسكر الصهيوني" مشروع القانون بأنه خطر من الناحيتين الأخلاقية والموضوعية. وأعرب عن أمله بأن تعود القيادة البولندية إلى رشدها وتلغي هذا القانون على وجه السرعة.
وأكد رئيس حزب "يوجد مستقبل" عضو الكنيست يائير لبيد أنه لا يوجد أي قانون في إمكانه تغيير التاريخ، وأن بولندا كانت شريكاً في المحرقة النازية.
في المقابل قال رئيس الحكومة البولندية ماتيوس مورافيسكي إنه يترتب على اليهود والبولنديين الحفاظ على ذكرى ضحايا النازية، لكنه في الوقت عينه أضاف أن اسم معسكر الإبادة أوشفيتز ليس بولندياً.
•يُعتبر مقال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، العميد رونين منليس [راجع ما ورد في المقال في قسم الأخبار]، الذي نشرته صباح يوم الأحد وسائل إعلامية لبنانية وعربية، خطوة دراماتيكية موجهة إلى الوعي لم نعرف مثلها في السنوات الخمسين الأخيرة. وفي الواقع، هذه هي أول مرة يتوجه فيها الجيش الإسرائيلي مباشرة ورسمياً إلى جميع مواطني لبنان ويطلب منهم: تعقّلوا، وأوقفوا العملية التي تحوّل إيران وحزب الله من خلالها لبنان ومواطنيه إلى رهائن، فالقرارات المصيرية التي تتعلق بحياتهم وازدهارهم باتت تتخذ في طهران، وبما يتلاءم مع مصالح نظام آيات الله.
•قال منليس: "هذه الخروقات لا تهددنا، بل على العكس، فالمسافة بين خرق ينتهي بتقرير للأمم المتحدة، وبين خرق يؤدي إلى تدهور أمني، مرتبط أولاً، وقبل كل شيء بقرار إسرائيلي". تشكل هذه الكلمات نوعاً من خط أحمر جديد تضعه إسرائيل، وهي بمثابة تحذير مباشر للبنان من هجوم إسرائيلي.
•يهدف المقال بصورة خاصة إلى دفع المعارضة السنية والمسيحية إلى التحرك، بعد أن نجح حزب الله حتى في احتواء سعد الحريري، رئيس الحكومة السنّي في لبنان، الذي أصبح خاضعاً لمشيئته حالياً. هذا على الرغم من المحاولة السعودية الفاشلة لدفع سعد الحريري إلى كبح سيطرة حزب الله على الحكم، وعلى المنظومة السياسية في لبنان.
•من يقرأ بين سطور مقال الناطق بلسان الجيش في إمكانه أن يجد لهجة استعجال وإلحاح لم تكن موجودة في الرسائل السابقة الصادرة عن جهات في الجيش، وأطراف سياسية إسرائيلية موجهة إلى أسماع اللبنانيين. قبل سنوات أرسل قائد الأركان الحالي في الجيش غادي أيزنكوت رسالة رادعة للبنان، عندما تحدث في مقابلة مع "يديعوت أحرونوت" عن "عقيدة الضاحية". وخلاصة هذه العقيدة أنه في المرة المقبلة التي ستنشب فيها مواجهة كبيرة مع حزب الله، ستتصرف إسرائيل بطريقة مدمِّرة "غير متناسبة"، وستكون النتيجة مشابهة للقصف الذي قام به سلاح الجو ودمر مربع الضاحية، الذي استخدمه حزب الله مركزاً عسكرياً له في بيروت، خلال فترة حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006].
•لكن هذه الرسالة، مثل رسائل رادعة علنية وسرية أُخرى أرسلتها إسرائيل للبنان في السنوات الأخيرة، كانت أقل تفصيلية ولم تتوجه مباشرة إلى أسماع المواطن اللبناني العادي.
•والسؤال المطروح: ما الذي دفع الناطق بلسان الجيش إلى اتخاذ خطوة تتعلق بالوعي وغير مسبوقة في هذا التوقيت تحديداً. ثمة احتمال أن الجيش لاحظ استعداداً في الساحة اللبنانية لالتقاط رسائل إسرائيلية، واستغل الفرصة بصورة مبتكرة. وهناك احتمال ثانٍ هو أن النجاح الذي حققه الموقع الإلكتروني لمنسق الأنشطة في المناطق [المحتلة] الذي يتوجه من خلاله اللواء يوآف مردخاي مباشرة إلى الفلسطينيين في غزة ويهودا والسامرة [الضفة الغربية]، دفع الجيش إلى الاستخلاص أن التوجه مباشرة إلى مواطني لبنان، الشيعة وغير الشيعة، بواسطة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، يمكن أن يحقق شيئاً من النجاح.
•ثمة احتمال ثالث، هو حدوث تطور سلبي كبير في الوضع على الأرض في لبنان. من المحتمل أن الاستخبارات الإسرائيلية رأت أن هذه التطورات زادت في حدة التهديد الذي يتربص بإسرائيل، وجعلت حدوث التصعيد مع لبنان أمراً محتملاً بصورة مباشرة. لذا برزت حاجة إلى القيام بخطوة تجذب انتباه سكان لبنان، ومواطني إسرائيل والدول العظمى، والأنظمة العربية في المنطقة، والرأي العام العالمي، نحو احتمال حدوث تصعيد قريب ونحو نتائجه.
•في الفترة الأخيرة، هناك دلائل إضافية على اتخاذ إسرائيل خطوات ردع وتحذير غير مسبوقة، من المحتمل أنها تهدف إلى إيجاد خلفية إعلامية ودعائية لزيارة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لروسيا بعد يومين ولقائه بوتين لمناقشة موضوع إيران. هناك اهتمام كبير بمنع التصعيد في سورية ولبنان في الفترة الحالية، وأي تصعيد على الجبهة الشمالية سيلحق الضرر مباشرة بقدرة روسيا على تحقيق الإنجازات التي حصدتها في سورية وفي الشرق الأوسط بصورة عامة في السنوات الأخيرة.
•أثار خطاب نائب الرئيس الأميركي مايك بنس في الكنيست الارتياح لدى أغلبية الإسرائيليين، بمن فيهم أعضاء الكنيست اليهود.وحتى تكراره قول الرئيس ترامب بأنه "يؤيد أي حل يوافق الطرفان عليه بما في ذلك حل الدولتين" مر بسلام. فقد صفق الجناح اليميني للجزء الأول من القول، وصفق الجناح اليساري للجزء الثاني.
•لقد سارع معلقون كثيرون إلى القول بأن الخطاب لم يأتِ بجديد كثير، وهذا صحيح من ناحية المضمون. لكن كما كتب هذا الأسبوع أهرون ميلر، الذي كان عضواً في طواقم أميركية للسلام خلال فترة إدارات مختلفة: "إن أهمية زيارة بنس ليست في إنجازاته الملموسة، بل فيما كشفه وأظهره، وهو أن العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل انتقلت في عهد ترامب من علاقات خاصة إلى علاقات تبدو "استثنائية".
•وحتى مع وجود مبالغة معيّنة في هذا التقدير، فمن المؤكد أن إحدى الميزات الخاصة بإدارة ترامب، والتي ظهرت بصورة بارزة من خلال كلام نائب الرئيس بنس، هي أنه على الرغم من استمرارية معينة في موضوعات من نوع البناء ما وراء الخط الأخضر، فإن هذه الإدارة مختلفة عن سابقاتها، كونها لا تعتقد أن موقفاً مبدئياً مؤيداً لأحقية إسرائيل في موضوعات مثل الأمن، ولمطالبتها الاعتراف بها كدولة للشعب اليهودي، وتأييدها لحقوق الشعب اليهودي المتجذرة في وطنه التاريخي، يبطل دور أميركا كوسيط عادل، ولا يقلل من إصرارها على التوصل إلى حل عادل للنزاع على أساس تسويات متبادلة.
•على العكس تماماً فإن خطابَي محمود عباس التاريخيين تقريباً في رام الله والقاهرة يؤكدان صحة ما قاله ميلر. ففي الخطابين قيل كل شيء: من جهة، رفض متغطرس وغير واقعي، مع استخدام لغة سوقية، لكل دور أميركي له علاقة بالنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني ومحاولة التوصل إلى حل له (هذا كي لا نتحدث عن البصق في وجه دولة هي، من الناحية المالية، وراء بقاء السلطة التي يترأسها أبو مازن). ومن ناحية أُخرى تزوير متطرف وجاهل للتاريخ العالمي واليهودي يسحب البساط من تحت أي محاولة محتملة للتوصل إلى تسوية.
•سيقال إنه "تاريخ مزيف"، ولكن هذا ليس هو الجانب المهم، وإنما الجانب المهم هو أن أبو مازن وكثيرين من أتباعه يؤمنون حقاً بهذا التاريخ الملفق. وهذا يختلف عن زعماء الاتحاد السوفياتي السابق الذين أعادوا كتابة التاريخ بما يتلاءم مع أهدافهم أو شخصياتهم مع معرفة واضحة بأنه تاريخ مزيف.
•لقد أُحبط الفلسطينيون في الماضي وسيواصلون إحباطهم في المستقبل لأي خطوة سياسية تتضمن أي تنازل عملي وإيديولوجي، مثلاً في موضوع اللاجئين الفلسطينيين، أو الاعتراف بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي، أي حق الشعب اليهودي بدولة.
•لا يمكن التشكيك في صدق الرئيس ترامب بأن التاريخ أوكله مهمة التوصل إلى إنهاء النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، لكن من غير الواضح ما إذا كان استوعب الواقع والخلاصات التي ينطوي عليها.
•كيف سيرد الرئيس ترامب إذا اتضح له أن تطلعاته كانت غير واقعية. هل سيطلب من إسرائيل تحديداً، بسبب العلاقات الاستثنائية، القيام بخطوات لا تستطيع التجاوب معها؟
•يمكن الافتراض أن نتنياهو كسياسي مسؤول ورصين، عندما طرح من على منصة "قمة دافوس" (وبالتأكيد في حديثه مع الرئيس الأميركي) اقتراحاته بشأن الدفع قدماً بحل عملي للمشكلة الفلسطينية على أساس الاعتراف بكيان له صلاحيات واسعة لكنها محدودة في مجال الأمن: "يمكنهم أن يحكموا أنفسهم من دون أن يهددوا إسرائيل، ومن دون ضم الفلسطينيين كمواطنين تابعين لنا، مع عَلم وسفارة خاصة بهم"، فإنه قصد تقديم رد على مثل هذا الوضع.