مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إن التعاون الأمني بين إسرائيل وروسيا ساهم كثيراً في استتباب الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وحقق تغييراً جوهرياً في الأوضاع القائمة فيها.
وأضاف نتنياهو في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام خلال استقباله مستشار الرئيس الروسي للأمن القومي نيكولاي بيتروشيف في ديوان رئاسة الحكومة في القدس أمس (الاثنين)، أن إسرائيل لن تسمح لإيران بأن تعزز وجودها في مناطقها الحدودية وستبذل كل ما في وسعها لمنع طهران من الحصول على أسلحة نووية.
وقال بتروشيف إن المحادثات التي سيجريها مع المسؤولين في إسرائيل ستركز على قضايا المنطقة وخصوصاً سورية.
ووصل بتروشيف إلى إسرائيل أمس.
ومن المتوقع أن يشارك اليوم (الثلاثاء) في اجتماع أمني ثلاثي مع كل من مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي مئير بن شبات. وأفيد بأن هذا الاجتماع سيتمحور حول الملفين السوري والإيراني والوجود الإيراني في سورية في فترة ما بعد انتهاء الحرب الأهلية هناك.
قال عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" إن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يحاول تأليف حكومة أقلية تحظى بدعم الأحزاب العربية من خارج الائتلاف الحكومي، وشدّد على أن مثل هذا السيناريو غير وهمي.
وأشار ليبرمان خلال اجتماع له مع أعضاء حزبه أمس (الاثنين)، إلى أن نتنياهو يتوجه نحو الأحزاب العربية ويخطط لتأليف حكومة أقلية مع اليهود الحريديم [المتشددون دينياً] والعرب، وأكد أن ذلك سيكون على حساب الجمهور الذي يخدم في الجيش ويدفع الضرائب.
وقال ليبرمان: "فهم حزب الليكود أنه لن يحصل على 61 مقعداً من دون حزب ‹إسرائيل بيتنا›، ولذا قرر قادته أن يتوجهوا إلى الأحزاب العربية. وكما حاول هذا الحزب تأليف حكومة مع آفي غباي [رئيس حزب العمل] سيحاول تأليف حكومة أقلية يقدم العرب شبكة أمان خارجية لها".
وجاءت تصريحات ليبرمان هذه تعليقاً على تقارير إعلامية أفادت أن حزب الليكود بزعامة نتنياهو أبرم [قبل حل الكنيست] صفقة سياسية مع حزب راعم [القائمة العربية الموحدة] يدعم راعم بموجبها مرشح نتنياهو لمنصب مراقب الدولة الإسرائيلية واقتراحه لحل الكنيست في مقابل مكتسبات يقدمها رئيس الحكومة إلى المواطنين العرب في إسرائيل.
ونفى حزب الليكود هذه الأنباء، وقال في بيان صادر عنه أمس إنها كاذبة ولا صلة لها بالواقع. وأشار إلى أنه لم يكن هناك أي تعاون بين الليكود والأحزاب العربية، وأكد أن نتنياهو يعمل على تأليف حكومة يمينية بقيادة الليكود فقط.
وقال عضو الكنيست يوسف جبارين من حداش [الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة] إن ليبرمان متوهم. وأكد أن الأحزاب العربية صوتت لمصلحة حل الكنيست من أجل إحباط تأليف حكومة مستوطنين يمينية برئاسة نتنياهو لكونه الوحيد الذي كانت لديه فرصة لتأليف حكومة كهذه.
وأكد جبارين أن مبادئ الأحزاب العربية ليست للبيع، وستعمل على إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة إلى جانب إسرائيل وعاصمتها القدس الشرقية، وعلى تحقيق المساواة الكاملة للمواطنين العرب على الصعيدين المدني والوطني، وإلغاء "قانون القومية"، وضمان التأثير الحقيقي في صنع القرار في البلد.
قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية إن عدم مشاركة الفلسطينيين في ورشة البحرين الاقتصادية التي ستبدأ أعمالها اليوم (الثلاثاء) أسقط الشرعية عنها.
وأضاف اشتية في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في مستهل الاجتماع الذي عقدته الحكومة الفلسطينية في رام الله أمس (الاثنين)، أن تمثيل الدول المشاركة في هذه الورشة لم يكن كما يجب، وأكد أن عقدها بغياب فلسطين يسقط الشرعية عنها. وشدّد على أن حل القضية الفلسطينية سياسي ويتمثل في إنهاء الاحتلال.
وتطرق اشتية إلى الوضع المالي للسلطة الفلسطينية فوصفه بأنه صعب. وقال إن اسرائيل ما تزال تحتجز أموال السلطة، لكنه في الوقت عينه أكد أن السلطة لن تستسلم ولن تتسلم أموالها منقوصة ولن تقبل بالقرصنة الإسرائيلية ولا بأن يوسم الشهداء والأسرى بالإرهاب.
كما أكد اشتية أن من يريد السلام والازدهار للشعب الفلسطيني عليه أن يطالب اسرائيل بوقف سرقة الأرض والمصادر الطبيعية في المناطق [المحتلة].
فرضت المحكمة المركزية في حيفا أمس (الاثنين) السجن الفعلي مدة 18 شهراً على الشاب حسين هواري (20 عاماً) من قرية جت المثلث بعد أن دانته بالتخابر مع عميل من حركة "حماس" ومحاولة إنتاج وسائل قتالية.
وأشار قرار المحكمة إلى أن هواري قام في تشرين الثاني/نوفمبر الفائت بمحاولة تركيب عبوة ناسفة في منزله وفقاً لمعلومات حصل عليها عبر الإنترنت، كما قام بنقل معلومات إلى العميل من "حماس" حول قوة من الجيش الإسرائيلي تقوم بنشاط عسكري في قطاع غزة.
رفضت لجنة الأذونات التابعة لمكتب مراقب الدولة الإسرائيلية أمس (الاثنين) طلب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو السماح له بتلقي تبرعات مالية من رجل الأعمال الثري سبنسر بارتريدج المقرب منه من أجل تمويل نفقاته القضائية وأتعاب محاميه.
وكانت هذه اللجنة اشترطت السماح لنتنياهو بتلقي تبرعات بالكشف عن وضعه المالي وعن ممتلكاته داخل البلاد وخارجها وأمهلته مدة 30 يوماً لهذا الكشف. وطلب وكيل نتنياهو من اللجنة إمهال موكله مدة 30 يوماً آخر بسبب قرب موعد الانتخابات لكن اللجنة رفضت هذا الطلب وقررت رفض منح رئيس الحكومة الإذن بتلقي تبرعات بصورة نهائية.
- الانعطاف الذي قام به رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب، بقراره التراجع عن توجيه ضربة إلى إيران رداً على إسقاطها طائرة التجسس الأميركية من دون طيار الأسبوع الفائت، لا يمثل بداية النهاية للأزمة في الخليج، بل لا يمثل نهاية البداية حتى.
- إن الهجمات الإيرانية ضد أهداف تابعة لحلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط (وعلى هدف أميركي، في حادثة الطائرة من دون طيار) لم تحقق أهدافها، حتى الآن. في المقابل، لم تحصل طهران أيضاً على ما يمكن اعتباره تجسيداً مدوياً للثمن الذي قد تدفعه لقاء أعمالها. ولذا من المحتمل جداً أن تتواصل العمليات الإيرانية، سواء بواسطة تنظيمات تابعة مثل المتمردين الحوثيين في اليمن أو المليشيات الشيعية في العراق، أو بواسطة منظمة الحرس الثوري الجمهوري نفسها، من دون تحمّل مسؤولية رسمية عن هذه العمليات. وأول أمس (الأحد)، أفادت بعض التقارير بأن طائرات من دون طيار تابعة للمتمردين الحوثيين في اليمن شنت غارات على اثنين من المطارات في السعودية. وكانت الدول الغربية قد نسبت إلى إيران أيضاً هجوماً مماثلاً وقع قبل نحو شهر.
- والمدائح التي تلقاها ترامب على امتناعه، المبرَّر في حد ذاته، من تصعيد المواجهة بشن هجوم عقابي متعدد الضحايا، ليس في وسعها حل المشكلة التي تشكل صلب الأزمة الراهنة. ما تريده إيران الآن هو إرغام الولايات المتحدة على تخفيف ضغوط العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها. لكن واشنطن تشترط هذا بالعودة إلى طاولة المفاوضات من أجل التوصل إلى صيغة جديدة من الاتفاق النووي، تقوم على إلزام الإيرانيين بشروط أقسى بكثير. ويبدو أن هذه الفجوة غير قابلة للتجسير الآن. وفي غياب الحل من المرجح أن تواصل إيران ممارسة الضغوط، وربما في الوقت القريب جداً.
- من الواضح أن إيران ليست معنية بحرب، لن تُباد فيها نهائياً حقاً، كما هدد ترامب في نهاية الأسبوع الأخير، لكن موازين القوى فيها في غير مصلحتها بصورة جلية تماماً. ومع ذلك، يبدو أن شيئاً مما فعلته الإدارة الأميركية حتى اليوم لم يقنع الإيرانيين بأن من الأفضل لهم التوقف عن الأعمال التحرشية الاستفزازية.
- في تصريحاته إلى وسائل الإعلام في إثر التراجع وإلغاء شن الهجوم على إيران، عرض ترامب قراره هذا باعتباره حسماً لمعضلة كان فيها أمام خيارين اثنين فقط: المصادقة على هجوم ضد منظومات من الدفاعات الجوية الإيرانية، كان من المحتمل أن يؤدي إلى مقتل نحو 150 إيرانياً، كما أشارت توقعات خبراء وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، أو إلغاء العملية. وفعلياً كانت تشكيلة الخيارات المتاحة أمام الأميركيين أوسع بكثير.
- هدد الرئيس ترامب، في تغريدة نشرها يوم السبت الأخير في حسابه على موقع "تويتر"، بفرض عقوبات إضافية جديدة على إيران، لكنه لم يفصح عن فحواها. ربما كان ترامب يقصد الرد على نية إيران تجاوز الحد المسموح لها حيازته من اليورانيوم المخصب، بدرجة متدنية. وضبط النفس الأميركي الذي تجسد في قرار عدم مهاجمة إيران بالقنابل والصواريخ، قد يؤتي ثماره حقاً عندما تنشأ الحاجة إلى تجنيد جزء من المجتمع الدولي في تأييد موقف الولايات المتحدة. ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي اليوم، بناء على طلب الأميركيين، جلسة مغلقة للبحث في التصرفات الإيرانية. ومن الأسهل بلورة تفاهمات واسعة، وبصورة خاصة مع الدول الأوروبية، إن لم تكن مشتبهاً بها في تصعيد الوضع بصورة متعمدة.
- يُلاحَظ أن تهديدات ترامب تأتي مصحوبة بإغراءات أيضاً، على الرغم من أنه من الصعب - في حالته - معرفة ما إذا كان الأمر يندرج ضمن خطة منظمة ومحكمة أم مجرد قرارات عفوية ارتجالية. في حديثه مع الصحافيين في نهاية الأسبوع الأخير، قال الرئيس ترامب إنه منفتح على إمكان التوصل إلى صفقة سريعة مع طهران يكون في مقدورها انتشال اقتصادها من أزمته. "دعونا نسمي ذلك: إعادة إيران لتكون عظيمة، من جديد"، قال الرئيس في إعادة صوغ شعاره الانتخابي الناجح. الناجح.
- ووفجر يوم أمس أفادت صحيفة "واشنطن بوست" بأن ترامب أمر، كبديل من إلغاء الهجوم العسكري، بتنفيذ هجوم سيبراني ضد منظومة الصواريخ الإيرانية. كما استهدف هجوم سيبراني إضافي آخر وحدة استخبارات إيرانية كانت المسؤولة المباشرة عن تنفيذ الهجمات ضد ناقلات النفط في الخليج الفارسي. ويمكن الافتراض أن هذا التسريب جاء للتغطية على جزء من الضرر المعنوي الذي لحق بصورة الرئيس شخصياً جرّاء قراره إلغاء الهجوم العسكري وكردّ على الانتقادات التي قالت إن تراجعه عن توجيه ضربة عسكرية إلى إيران سببت ضرراً للردع الأميركي في المنطقة.
- لم تُنشر، حتى الآن، أي معلومات عن حجم الضرر الذي سببته الهجمات السيبرانية. في السابق، كانت تمضي أشهر، وربما سنوات في بعض الأحيان، قبل أن تتضح تفصيلات مثل هذه الهجمات. تستخدم روسيا، مثلاً، السلاح السيبراني الهجومي بصورة واسعة جداً خلال العقد الأخير، بما في ذلك ضد جورجيا، دول البلطيق (أستونيا ولاتفيا وليتوانيا) وتركيا. ولا يُحجم الإيرانيون عن ذلك أيضاً، على الرغم من أنهم يستخدمونه على نطاق أضيق بكثير. أمّا الولايات المتحدة وإسرائيل فقد طوّرتا الدودة الحاسوبية الخبيثة (فيروس) المسماة "ستوكسنت" لتشويش وعرقلة تقدم البرنامج النووي الإيراني في بداية العقد الحالي.
- يقوم مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي، جون بولتون، بزيارة إلى إسرائيل الآن للمشاركة في القمة الثلاثية مع زميليه من إسرائيل وروسيا. وفي المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده مع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في القدس، اقترح بولتون - الذي يُعتبر أحد أبرز الصقور في الإدارة الحالية وخصوصاً تجاه إيران - "عدم الخلط بين الحذر والضعف". وأضاف أن الجيش الأميركي مستعد للتحرك والعمل وتعهد بألاّ تمتلك إيران أي سلاح نووي أبداً.
- لكنّ معارضة الحرب مع إيران ليست حكراً على أوساط الديمقراطيين فقط الذين لا يصدقون أي كلمة مما يخرج من فم الرئيس. بل إن ترامب نفسه كان قد عبّر في الماضي عن تحفظه اللاحق عن تورط الولايات المتحدة العسكري في كل من العراق وأفغانستان. وطبقاً للتقارير الإعلامية، فقد تأثرت اعتبارات ترامب وحساباته في نهاية الأسبوع الماضي بما قاله المذيع التلفزيوني اليميني تاكر كارلسون من شبكة "فوكس"، والذي حذّر من مغبة الضرر الذي ستسببه الحرب لبرنامج ترامب بشأن العودة إلى كرسي الرئاسة الأميركية في الانتخابات التي ستُجرى بعد أقل من سنة ونصف السنة. فالمشاعر الانفصالية قوية لدى قطاع غير قليل من الناخبين الجمهوريين أيضاً.
ربما تكون الولايات المتحدة قد اهتدت إلى طريق للحوار مع الإيرانيين، بصورة سرية، في خضم الأزمة نفسها. لكن من دون مفاوضات بين الطرفين ومن دون تخفيف الضغط الناجم عن العقوبات، من المرجح الافتراض أن إيران ستواصل قـَرْص الأميركيين، وربما خلال الفترة القريبة جداً. وقد يُفسد التوتر في الخليج الأجواء الاحتفالية في الورشة الاقتصادية التي ستُعقد في المنامة، عاصمة البحرين، خلال الأسبوع الجاري، بعد أن بذل طاقم السلام في الإدارة الأميركية جهوداً كبيرة استغرقت أشهراً طويلة لتخطيطها وتنظيمها. والصحافيون الإسرائيليون المغادرون إلى هذه الدولة قد يجدون أنفسهم يعدّون تقارير عن التطورات الأخيرة في الخليج، أكثر من تقاريرهم عن الوعود بشأن تحويل مبالغ طائلة من الأموال إلى الفلسطينيين في المناطق [المحتلة].
- من المفترض أن تبدأ، خلال الأسابيع القريبة، مفاوضات إسرائيلية ـ لبنانية بشأن مسألة ترسيم الحدود البحرية بين البلدين. هذا ما تم الاتفاق عليه في إثر جهود مكثفة بذلها نائب وزير الخارجية الأميركي، ديفيد ساترفيلد، على أن تُجرى هذه المفاوضات في منشأة تابعة للأمم المتحدة في الناقورة. وعلى خلفية الاعتراض في لبنان على الوساطة الأميركية، ستقوم الولايات المتحدة بمرافقة المفاوضات بصفة "عامل مُيَسِّر" (facilitator) فقط. ويدور النزاع بين إسرائيل ولبنان على منطقة مثلثة تبلغ مساحتها نحو 860 كيلومتراً مربعاً في البحر الأبيض المتوسط، وهو ناجم عن خلاف بينهما بشأن طريقة الترسيم (إسرائيل تقوم بترسيم الحدّ بصورة زاوية قائمة 90 درجة من نقطة الحدود البرية؛ بينما يعتمد لبنان ترسيمه كاستمرار لحدوده البرية). وقد اكتسبت هذه المسألة أهمية أكبر وتحولت إلى نزاع علني في إثر اكتشاف حقول الغاز في البحر المتوسط. ولبنان الذي أراد دفع أعمال التنقيب عن الغاز في مقابل شواطئه، كان قد أودع لدى الأمم المتحدة، قبل نحو عقد من الزمن، ترسيم حدوده المائية/ البحرية، مع شمل هذه المنطقة في مياهه الاقتصادية (المنطقة الاقتصادية الحصرية -EXCLUSIVE ECONOMIC ZONE). وردّاً على ذلك، قامت إسرائيل التي اعتبرت الخطوة اللبنانية بمثابة مسٍّ بحقوقها، بإيداع صيغتها الخاصة لترسيم الحد المذكور.
- كما يبدو، ثمة مصلحة واضحة للدولتين، في التوصل إلى اتفاق بشأن الحدّ البحري بينهما، لأسباب اقتصادية في الأساس. في سنة 2011، توجهت إسرائيل إلى الولايات المتحدة بطلب للتوسط والمساعدة في التوصل إلى اتفاق مع لبنان، وذلك لتجنّب الاضطرار إلى بحث المسألة في إطار اللجنة العسكرية المشتركة التي أقيمت بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 الذي صدر مع انتهاء حرب لبنان الثانية (2006)، وطلب لبنان بموجبه بحث المسائل المتعلقة بالحدود البرية والبحرية على حد سواء بالتوازي. وإضافة إلى ذلك، عارضت إسرائيل، ولا تزال تعارض، أن تؤدي الأمم المتحدة أي دور في تسوية حدودها وترسيمها، بما في ذلك الحدود البحرية، نظراً إلى أنها ـ ضمن أسباب أُخرى ـ لم توقّع "اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار" (UNITED NATIONS LAW OF THE SEA). ونشير هنا إلى أن إسرائيل كانت قد وافقت، خلال المفاوضات غير المباشرة التي جرت سنتي 2011 - 2012، على اقتراح للتسوية بشأن ترسيم الحدّ البحري، وأنها أبدت تجاوباً مع لبنان ومنحته جزءاً أكبر من المنطقة المتنازَع عليها (بنسبة 45:55)، لكنها لم تتلق رد لبنان على ذلك، حتى الآن.
- أدى الخلاف مع إسرائيل إلى إبطاء عملية إنشاء وتطوير اقتصاد الغاز في لبنان. صحيح أن شركات أجنبية قد فازت بالمناقصات الخاصة بحقوق التنقيب في المنطقة الخلافية أيضاً، إلّا إنها سرعان ما عادت وأعلنت أنها لن تعمل فيها. ويبدو ظاهرياً أن موافقة الحكومة اللبنانية على استئناف المفاوضات الآن، وجعلها مفاوضات مباشرة هذه المرة، قد تسنّت في إثر الانتهاء من تأليف الحكومة الجديدة في مطلع العام الجاري، لكن من الواضح أن ما يقف في خلفية ذلك فعلياً هو، أساساً، الحاجة الاقتصادية الملحة النابعة من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف بلبنان الآن (بموجب تدريج شركة "موديس" للاعتمادات المالية، يحتل لبنان المرتبة الثالثة من بين الدول ذات المديونية الأكبر، إذ تعادل الديون المستحقة عليه نحو 140% من ناتجه المحلي الإجمالي). وعلى الرغم من أن حكومة الحريري كانت قد نجحت، قبل نحو شهر، في إقرار "موازنة تقشفية" لسنة 2019، إلّا إن هذه الموازنة بدأت تثير - منذ الآن، وقبل إقرارها في البرلمان/مجلس النواب - موجة من الاحتجاجات على خلفية التقليصات التي تشملها في أجور العاملين في القطاع العام ومتقاعدي الجيش وجرّاء الارتفاع المتوقع في الضرائب. وتشير التقديرات إلى أن هذه الموازنة ستكون، هي الأُخرى، موازنة عجز، لكنها لن تؤدي إلى تغيير جدي في وضع لبنان الاقتصادي (تقدّر "موديس" أن الديون الخارجية ستزيد عن 155% من الناتج المحلي الإجمالي في سنة 2023).
- بالإضافة إلى هذا، يبدو أن تحولاً قد طرأ في موقف حزب الله من الموضوع، إذ إن الاستعداد اللبناني للمفاوضات المباشرة لم يكن ممكناً بغير موافقة هذا الحزب الذي عزز من قوّته في الانتخابات الأخيرة وأصبح يشكل اليوم عنصر قوة رائداً ومؤثراً في السلطة اللبنانية الرسمية. ومما لا شك فيه أن حزب الله يقرّ بالفائدة الاقتصادية التي من المتوقع أن تجنيها الدولة اللبنانية من دفع أعمال التنقيب عن الغاز في البحر، بل وأهم من هذا ـ يتوقع الحزب أن يحصل، هو نفسه، على حصة من الأرباح المتأتية من ذلك، وخصوصاً حيال الضائقة الاقتصادية التي يكابدها في أعقاب ازدياد نفقاته (نتيجة ضلوعه في الحرب في سورية) وتقلّص مداخيله (نتيجة إسقاطات العقوبات الأميركية على أسياده في إيران، علاوة على العقوبات المباشرة التي فرُضت عليه هو نفسه). هذا التحول في موقف حزب الله يزيد من فرص التوصل إلى اتفاق حقاً، إذ إن انخراط الحزب في أذرع الحكم اللبنانية تحتم عليه النظر في اعتبارات "رسمية" تؤثر في مواقفه في القضايا المرتبطة بالعلاقات الإسرائيلية - اللبنانية؛ لكن المتوقع في كل الأحوال أن تكون المفاوضات صعبة ومعقدة، إذ من المرجح أن يطلب لبنان الحصول على حصة أكبر من تلك التي عُرضت عليه في الماضي، بينما يمكن الافتراض أن إسرائيل لن تجد أي سبب يجعلها تقبل بصيغة أُخرى تختلف عن تلك التي عُرضت سابقاً وشملت تنازلاً إسرائيلياً واضحاً (كما ذكرنا: 55% للبنان مقابل 45% لإسرائيل).
- يُذكر أن إسرائيل كانت قد بدأت أعمال التنقيب عن الغاز في البحر الأبيض المتوسط قبل نحو عشرين عاماً. والاستثمارات الهائلة جداً التي وظفتها في ترسيم خرائط مكامن الغاز المحتملة، في تقدير قيمتها الاقتصادية، في أعمال التنقيب التجريبية وفي إنشاء البنى التحتية لاستخراج الغاز ونقله إلى إسرائيل، أثبتت جدواها حينما بدأ الاقتصاد الإسرائيلي بالانتقال إلى مصدر للطاقة أقل تكلفة وأكثر نقاء من النفط والفحم. واليوم، أصبح الغاز الطبيعي يشكل مصدراً لإنتاج أكثر من ثلثي الطاقة الكهربائية المنتَجة في إسرائيل. وإضافة إلى أفضلياته الكثيرة عن مصادر الطاقة الأُخرى، فإن عوائد إنتاجه تغني خزينة الدولة أيضاً. لن يغيّر حل النزاع مع لبنان من وضع إسرائيل في مجال تزويد الغاز الطبيعي، إذ إن الكميات التي أصبح معروفاً وجودها اليوم تكفي، على المدى البعيد، لتوفير الحاجات الداخلية، بما في ذلك القدرة على الوفاء بالتعهدات المستحقة بموجب العقود القائمة لتزويد أطراف خارج إسرائيل بالغاز الطبيعي، مثل السلطة الفلسطينية ومصر والأردن.
- ومع ذلك، ثمة انعكاسات على المستوى الاستراتيجي أيضاً لحل النزاع مع لبنان، سواء في مقابل لبنان تحديداً أو في السياق الإقليمي بصورة عامة. والسؤال المركزي هنا هو: هل سيشكل التوصل إلى اتفاق بين البلدين حافزاً لحزب الله للحفاظ على الهدوء على طول الحدود مع إسرائيل؟ بالتأسيس على معرفة الواقع السياسي اللبناني، يمكن الافتراض أن كل واحد من اللاعبين في هذه الحلبة، وبينهم حزب الله أيضاً، قد ضمن حصته من عوائد الغاز المتوقعة. بل ثمة من يدّعي بأنه مع تعمّق حضور حزب الله في مفاصل الحكم، يزداد شعوره بالمسؤولية تجاه الدولة اللبنانية. ومن شأن هذه العوامل كلها مجتمعة - إلى جانب أزماته الأخرى ـ أن تساهم في دفعه إلى المحافظة على الهدوء على طول الحدود مع إسرائيل.
- وفي السياق الإقليمي، إذا ما تحقق اتفاق إسرائيلي - لبناني، فسيكون في إمكان الدولتين أن تفحصا، معاً، إمكان العمل على تطوير نظام نقل إقليمي من شرق البحر المتوسط إلى أوروبا (سوق محتملة مهمة للغاز من شرق البحر المتوسط) بمشاركة مصر وقبرص أيضاً. ثمة ثلاثة بدائل أساسية لنقل الغاز إلى أوروبا: 1. منشآت تسييل في مصر و/ أو في قبرص ومنها في حاويات إلى موانئ أوروبية؛ 2. أنبوب من شرق البحر المتوسط إلى الهدف المراد في أوروبا؛ 3. أنبوب، قصير نسبياً، يتم ربطه بمنظومة الأنابيب في تركيا. التكلفة الباهظة لكل واحد من هذه البدائل الثلاثة تحتم على جميع الدول في شرق البحر المتوسط الاستعداد لاستخدام منشآت التوصيل بصورة مشتركة، من أجل تبرير وإثبات جدوى الاستثمارات التي سيكون مصدرها من خارج المنطقة.
- يجب التأكيد أن الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية هو خطوة حيوية جداً، لكنه ليس شرطاً ضرورياً للشروع في عمليات التنقيب واستخراج الغاز في المنطقة موضع الخلاف. من شبه المؤكد أن الغاز الذي سيُعثر عليه في هذه المنطقة سيكون جزءاً من حقل تفوق حدوده حدود المنطقة التي سيحددها الاتفاق. إذا ما تم حل مسألة ترسيم الحدود، فسيتعين على إسرائيل ولبنان عندئذ التوصل إلى "اتفاقية توحيد إنتاج" (unitization - اتفاقية لتوزيع الأرباح من الإنتاج في هذه المنطقة)، لكنها قد تتأخر، هي الأخرى، بسبب خلاف بين الطرفين. في إمكان إسرائيل ولبنان تجنب أي تأخير لهذا السبب، إذا ما اتفقا على إيداع الحل التقني - الاقتصادي لهذه المسألة في أيدي الشركات الحائزة على الامتيازات في كلا طرفي الخط الحدودي المتفق عليه، بينما تحتفظ كلتاهما بحقهما في إقرار مثل هذه الاتفاقية.
- على أي حال، وعلى الرغم من المصلحة المشتركة في التوصل إلى اتفاق، من المتوقع أن تكون المفاوضات صعبة ومعقدة، تستدعي استعداداً مناسباً من الجانب الإسرائيلي. ونظراً إلى تعقيد الموضوع والانعكاسات العرضية المترتبة على هذه المفاوضات على الأمن القومي الإسرائيلي، يوصى بإنشاء مديرية خاصة لإدارته، على غرار المديريات التي أُنشئت استعداداً للمفاوضات مع الفلسطينيين (تمهيداً لمؤتمر كامب ديفيد في سنة 2000، ثم عملية أنابوليس في 2007 - 2008)، برئاسة مسؤول رفيع ذي خبرة عملية في إدارة المفاوضات. وتزداد أهمية إنشاء هذه المديرية إزاء الربط الذي يعقده اللبنانيون بين مسألة الحد البحري ومسألة الحد البري، ذلك بأن هاتين المسألتين تقعان ضمن مسؤوليات وزارات حكومية متعددة وتتطلبان تدخّل جهات عديدة من الأجهزة الأمنية والسياسية. لذا، يوصى بأن يتولى "مجلس الأمن القومي" ووزارة الخارجية قيادة الجزء الأول من المفاوضات، بشأن مسألة ترسيم الحد البحري، على أن يتم دمج خبراء من مجال رسم الخرائط والترسيم فيه، بينما يجري في الجزء الثاني من المفاوضات، وبعد الاتفاق على ترسيم الحدود، دمج خبراء من مجالي الاقتصاد والطاقة.