مختارات من الصحف العبرية

مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
الهدوء الحذر يسود المنطقة الجنوبية بعد جولة من التصعيد استمرت أكثر من يومين
نتنياهو وأفراد الطاقم الأميركي - الإسرائيلي المشترك المكلف مهمة مسح أراض في الضفة تمهيداً لضمها يقومون بجولة في مستوطنة أريئيل
نتنياهو يوعز بربط 12 بؤرة استيطانية غير قانونية في الضفة الغربية بشبكة الكهرباء
تحذير الإسرائيليين من السفر إلى شمال إيطاليا ودول شرق آسيا وترحيل سياح من كوريا الجنوبية على خلفية مخاوف من فيروس كورونا
مقالات وتحليلات
قبل أسبوع من الانتخابات، إطلاق الجهاد الإسلامي النار أصاب نقطة ضعف نتنياهو
الانتخابات البرلمانية في إيران: فوز للمحافظين معروف مسبقاً
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
موقع Ynet، 25/2/2020
الهدوء الحذر يسود المنطقة الجنوبية بعد جولة من التصعيد استمرت أكثر من يومين

يسود الهدوء الحذر المنطقة الجنوبية منذ منتصف الليلة الماضية بعد جولة من التصعيد بدأت مساء السبت الفائت وشملت إطلاق نحو 100 قذيفة صاروخية من قطاع غزة في اتجاه الأراضي الإسرائيلية من دون وقوع إصابات بالأرواح، وقيام طائرات سلاح الجو بشن غارات على أهداف تابعة لحركتي "حماس" والجهاد الإسلامي الفلسطينية.

وأفادت مصادر فلسطينية أن الفصائل الفلسطينية في القطاع وافقت على وقف إطلاق النار.

وانفضّت مساء أمس جلسة لتقييم الأوضاع أجراها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع نفتالي بينت، ورئيس هيئة الأركان العامة الجنرال أفيف كوخافي، ورؤساء الأجهزة الأمنية في مقر وزارة الدفاع في تل أبيب.

وقال رئيس هيئة الأركان العامة إنه من غير الواضح ما إذا كانت الجولة الحالية تتجه نحو التصعيد أكثر فأكثر أو نحو الهدوء. وأضاف أن الوضع الحالي هش للغاية مشيراً إلى أن عددا من العمليات والحروب التي مرت إسرائيل بها بدأت بهذه الطريقة.

وقال وزير الدفاع إن إسرائيل لا ترغب في شن عملية عسكرية واسعة النطاق في غزة غير أنها ستلجأ إلى هذا الخيار إذا كان لا بد منه.

وقام رئيس الحكومة بعد ظهر أمس بجولة في موقع منظومة "القبة الحديدية" في منطقة أسدود.

وقال نتنياهو في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام خلال الجولة، إن إسرائيل وجهت ضربات في سورية وغزة وستواصل القصف بالطائرات والمروحيات والدبابات إلى أن يستتب الهدوء.

وأعلن منسق شؤون الحكومة الإسرائيلية في المناطق [المحتلة] كميل أبو ركن إغلاق معبر إيرز [بيت حانون] ومنع دخول العمال من غزة إلى إسرائيل. كما قرر تقليص مساحة الصيد في القطاع إلى 6 أميال.

في المقابل، أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، أنها أنهت ردها على القصف الإسرائيلي في خانيونس ودمشق.

"معاريف"، 25/2/2020
نتنياهو وأفراد الطاقم الأميركي - الإسرائيلي المشترك المكلف مهمة مسح أراض في الضفة تمهيداً لضمها يقومون بجولة في مستوطنة أريئيل

قام رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وأفراد الطاقم الأميركي - الإسرائيلي المشترك المكلف مهمة مسح أراض في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] تمهيداً لفرض السيادة الإسرائيلية عليها بجولة في مستوطنة أريئيل أمس (الاثنين).

وقال نتنياهو في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام خلال الجولة، إن عملية المسح انطلقت إلى الأمام وتشمل نحو 800 كيلومتر مربع وأكد أن الطاقم سيعمل على إتمامها في أسرع وقت ممكن.

يُذكر أن خطة السلام الأميركية المعروفة باسم "صفقة القرن" تنص على السماح لإسرائيل بضم أراضي المستوطنات وغور الأردن إلى سيادتها، وذلك بعد إجراء مسح دقيق لمساحة هذه المناطق. وكان نتنياهو همّ بضم هذه الأراضي قبيل الانتخابات العامة التي ستجري يوم الاثنين المقبل إلاّ إن الإدارة الأميركية منعته من ذلك وأكدت أنها تفضل الانتظار إلى ما بعد الانتخابات.

"هآرتس"، 25/2/2020
نتنياهو يوعز بربط 12 بؤرة استيطانية غير قانونية في الضفة الغربية بشبكة الكهرباء

أوعز ديوان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أمس (الاثنين) بربط 12 بؤرة استيطانية غير قانونية في الضفة الغربية بشبكة الكهرباء.

وجاء هذا الإيعاز في رسالة وجهها المدير العام لديوان رئاسة الحكومة رونين بيرتس إلى مستشار وزارة الدفاع لشؤون المستوطنات آفي روعي، أشار فيها إلى أن البؤر الاستيطانية النائية التي تم اختيارها تم إنشاؤها منذ سنوات عديدة على ما تُعتبر أراضي دولة، وفي كثير من الأحيان بتشجيع من الحكومة ولاعتبارات أمنية.

وأضاف بيرتس أن الحكومة تنوي أيضاً شرعنة العديد من البؤر الاستيطانية التي يبلغ عددها أكثر من 100 بؤرة في الضفة الغربية، لكن في هذه الأثناء يجد هؤلاء السكان أنفسهم يقضون ساعات كثيرة من دون ظروف معيشية أساسية مثل الكهرباء والماء، وهذا الواقع القاسي يشكل تهديداً أمنياً حقيقياً عندما تكون جميع البؤر الاستيطانية في ظلام دامس خلال الليل.

وشكر رئيس "مجلس المستوطنات في يهودا والسامرة" دافيد إلحياني نتنياهو، ووصف هذه الأوامر بأنها خطوة أُخرى نحو شرعنة جميع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.

كما أشاد رئيس المجلس الإقليمي السامرة يوسي دغان بالخطوة، لكنه دعا رئيس الحكومة إلى عدم نسيان عشرات البؤر الاستيطانية المتبقية التي لا تزال من دون مصدر ثابت للكهرباء.

وجاءت هذه الأوامر بعد عدة أيام من إعلان نتنياهو خلال جولة قام بها في مستوطنة "هار حوما" [جبل أبو غنيم] أنه قرّر رفع القيود المفروضة على البناء في حي [مستوطنة] "غفعات همتوس" في القدس الشرقية، وأشار إلى أنه ستتم إقامة 3000 وحدة سكنية للسكان اليهود هناك بالإضافة إلى إقامة 2200 وحدة سكنية أُخرى لليهود في حي "هار حوما" المجاور.

وأكد نتنياهو أنه يسعى لتوحيد جميع أجزاء القدس.

"يديعوت أحرونوت"، 25/2/2020
تحذير الإسرائيليين من السفر إلى شمال إيطاليا ودول شرق آسيا وترحيل سياح من كوريا الجنوبية على خلفية مخاوف من فيروس كورونا

حذرت وزارة الخارجية الإسرائيلية أمس (الاثنين) المواطنين الإسرائيليين من السفر إلى شمال إيطاليا، وذلك بعد أن أعلنت وزارة الصحة الإسرائيلية أنها توصي بعدم السفر إلى هناك بسبب انتشار فيروس كورونا.

وقالت وزارة الصحة إنها تدرس فرض حجر صحي لمدة 14 يوماً على جميع الإسرائيليين العائدين من إيطاليا.

وفي الوقت نفسه بدأت إسرائيل أمس بترحيل 1000 سائح من كوريا الجنوبية وإعادتهم إلى بلادهم بعد إلغاء برامج رحلاتهم والنشاطات التي سيشاركون فيها وسط مخاوف من انتشار فيروس كورونا في إثر ازدياد الحالات التي حدثت في هذه الدولة الواقعة في شرق آسيا وبناء على أمر من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يقضي بإبعاد جميع الكوريين الجنوبيين من إسرائيل بسرعة.

وقالت سلطة المطارات الإسرائيلية في بيان صادر عنها صباح أمس إن 622 مواطناً كورياً غادروا البلد وما زال هناك ما بين 800 و900.

وحثت وزارة الخارجية الإسرائيلية أول أمس (الأحد) الإسرائيليين على عدم زيارة اليابان وكوريا الجنوبية بسبب المخاوف من التعرض لفيروس كورونا، وأوصت أيضاً الإسرائيليين الموجودين حالياً في كوريا الجنوبية بالتفكير في مغادرة البلد.

ويأتي هذا التطور بعد إعلان وزارة الصحة الإسرائيلية أن السيّاح الكوريين الجنوبيين الذين وُجدوا مؤخراً في إسرائيل أثبتوا إصابتهم بالفيروس، وأنها قامت بإرسال مئات الإسرائيليين الذين كانوا على مقربة من السيّاح إلى الحجر الصحي في منازلهم. وتم توجيه ما يقرب من 200 طالب ومدرس إسرائيلي إلى عزلة بسبب وجودهم في عدة مواقع سياحية في نفس الوقت مع المجموعة. وتم تشخيص السيّاح الكوريين الجنوبيين عند عودتهم إلى بلادهم وثبتت إصابة 29 منهم بالفيروس.

على صعيد آخر أعلن أن إسرائيل سوف تمنع جميع الرعايا الأجانب الذين زاروا كوريا الجنوبية واليابان في الأيام الـ14 الماضية من دخول البلد. كما أنها بدأت فعلاً بحظر دخول زوار من الصين وهونغ كونغ وماكاو وتايلاند وسنغافورة. وقالت وزارة الصحة إن المواطنين الإسرائيليين العائدين من كوريا الجنوبية واليابان أو الذين كانوا هناك في الأيام الـ14 الماضية يجب عليهم عزل أنفسهم في منازلهم مدة أسبوعين عند عودتهم.

وعقدت الخارجية الإسرائيلية اجتماعاً مع دبلوماسييها المعتمدين لدى الصين واليابان وكوريا الجنوبية وعبّر هؤلاء عن مخاوفهم من إلحاق ضرر بالعلاقات الثنائية بين إسرائيل وكل من هذه الدول. 

وأكد وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن إسرائيل ستتخذ الإجراءات الضرورية لضمان صحة الجمهور وفي نفس الوقت الحفاظ على العلاقات المهمة مع دول شرق آسيا.

 

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"هآرتس"، 24/2/2020
قبل أسبوع من الانتخابات، إطلاق الجهاد الإسلامي النار أصاب نقطة ضعف نتنياهو
عاموس هرئيل - محلل عسكري

 

  • قبل أسبوع من الانتخابات، بدأ عمل الثالوث غير المقدس: المرحلة الأخيرة في الحملة السياسية، الهلع من وصول فيروس كورونا إلى البلد، والجولة الدورية للتصعيد في قطاع غزة.
  • إسرائيل لم تسع للتصعيد في غزة. بل بالعكس من ذلك: عندما دخل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في الفترة الحاسمة في معركة حياته السياسية، بدا أن آخر ما يحتاج إليه هو اندلاع العنف في غزة. استطلاعات الرأي كلها التي يقوم بها الليكود تشير تحديداً إلى أن غزة هي نقطة ضعفه. الناخبون المترددون لا يمنحون أداء الحكومة في مواجهة "حماس" علامات عالية، ونشوب مواجهة لا يمكن السيطرة عليها الآن يمكن أن يؤذي فرص نتنياهو بالفوز، أكثر مما يفيده.
  • لكن نتنياهو لا يمكنه الجلوس ساكناً في الوقت الذي تُطلق فيه عشرات الصواريخ على مستوطنات غلاف غزة. التصعيد في الأمس بدأ في أعقاب حادثة وقعت في ساعات الصباح بالقرب من الحدود. قوة من الجيش الإسرائيلي شاهدت خلية تابعة لحركة الجهاد الإسلامي تحاول وضع عبوة ناسفة بالقرب من السياج الحدودي، فأطلقت عليها النار وقتلت أحد عناصرها، بينما لاذ الثاني بالفرار بعد إصابته بجراح. أيضاً فيما يتعلق بحادثة القتل هذه، من المعقول أن الجهاد الإسلامي كان سيرد في إطار معادلة الردع التي بلورها زعماؤه قبل عدة أشهر.
  • يبدو أن ما زاد في حجم الرد هو الصور التي نُشرت عن الحادثة، والتي تظهر فيها جرافة عسكرية إسرائيلية تجر جثة الفلسطيني إلى الأراضي الإسرائيلية. انتشرت الفيديوهات بصورة كبيرة وزادت من الغضب في غزة. نيران الرد كانت أشد من العادة - وهذا ما يطرح من جديد تساؤلات حول مدىذكاء السياسة الجديدة، التي بموجبها يتم الاحتفاظ بجثامين فلسطينيين مسلحين كورقة مقايضة محتملة في المفاوضات لاستعادة جثماني الجنديين الإسرائيليين [اللذين تحتفط بهما حركة "حماس"].
  • إسرائيل على غير عادتها، لم تتهم "حماس" بالمسؤولية عن إطلاق النار، بل ركزت في ردها على حركة الجهاد الإسلامي. بالإضافة إلى القيادات التي هوجمت في غزة (يبدو أن الجيش عاد إلى عادته الرديئة بتضخيم أحجام القصف)، حدث أمر جديد: مهاجمة موقع لإنتاج السلاح تابع لحركة الجهاد الإسلامي في سورية جنوبي دمشق.
  • هدف الخطوة الإسرائيلية التلميح إلى الجهاد بأنه بالغ في حجم إطلاق النار، وتمرير رسالة إلى الجمهور في البلد بأن الحكومة ليست غير مبالية إزاء محنة سكان الجنوب. عملياً، وللمفارقة، سورية حالياً هي ساحة أقل حساسية من القطاع. وما دام القصف موجهاً إلى منشأة تابعة لتنظيم فلسطيني، وليس ضد الوجود العسكري الإيراني في سورية، فإن في إمكان المضيفين السوريين ضبط النفس.
  • من المحتمل أن يكون وراء اختيار الهدف في سورية اعتبار آخر. لنشطاء الجهاد الإسلامي في القطاع علاقة وثيقة بقيادة الحركة في دمشق. في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، عندما اغتالت إسرائيل بهاء أبو العطا، المسؤول الكبير عن التنظيم في غزة، جرى الحديث عن فشل محاولة اغتيال أُخرى استهدفت أكرم عجوري، الرجل الثاني في الجهاد، في منزله في دمشق.
  • جهود لا تتوقف تبذلها حركة الجهاد الإسلامي لعرقلة عملية التسوية بين "حماس" وإسرائيل في القطاع، ولها علاقة بصراع قوى داخلي بين التنظيمين، وبالمعارضة الإيديولوجية للجهاد الإسلامي للتسوية. لكن ليس من المستبعد أيضاً الشعور بتأثير إيراني في غزة، عن طريق القيادة في دمشق. حدوث احتكاك دائم في القطاع يخدم طهران. وإذا كان سيزعج نتنياهو عدوها القديم قبيل الانتخابات، فإن هذا سيكون فائدة إضافية من ناحيتها. في جميع الأحوال، استمرار وقوع الحوادث مع حركة الجهاد الإسلامي يدل على أن الاستخبارات الإسرائيلية أعطت، على ما يبدو، أهمية شخصية أكبر من اللازم إلى أبو العطا الذي يواصل تنظيمه القيام بعمليات عسكرية أيضاً، بعد إزالة قائده الكبير من الطريق.
  • في المرحلة الأخيرة للمعركة الانتخابية الثالثة للكنيست، تعود غزة لتلقي ظلها الطويل على الساحة السياسية في إسرائيل. ومهما أثارت إعجابنا الخطوات التي اتخذها الجيش الإسرائيلي على طول حدود القطاع منذ ساعات الليل، يبدو أنها في الأساس استعدادات دفاعية، وهذا أيضاً هو التوجه الذي تعكسه خطوات الحكومة في الأشهر الأخيرة بشأن كل ما يتعلق بغزة.
  • لكن الأمور قد تتعقد بسرعة. منذ ساعات الصباح أُطلقت 6 صواريخ، وتفرض الفترة السياسية الحساسة انتباهاً خاصاً للقرارات التي تتخذها القيادتان السياسية والأمنية. في ظروف مشابهة، عشية الانتخابات الثانية في أيلول/سبتمبر، ضغط نتنياهو على الجيش كي يقوم بعملية هجومية واسعة في القطاع، وما كبحه هو فقط التدخل المباشر للمستشار القانوني للحكومة أفيحاي مندلبليت. القطاع ليس مطروحاً في مركز الانتخابات، لكن الأحداث التي يشهدها يمكن أن يكون لها تأثير في نتائجها، إذا استمر التصعيد.

 

"مباط عال"، العدد 1262، 24/2/2020
الانتخابات البرلمانية في إيران: فوز للمحافظين معروف مسبقاً
راز تسيمت - باحث في معهد دراسات الأمن القومي

 

  • الانتخابات للمجلس الـ11 التي جرت في 21 شباط/فبراير في إيران، أثارت الاهتمام في الأساس لكونها أول اختبار قوة مهم بالنسبة إلى المعسكرين السياسيين المركزيين في إيران: المحافظون والبراغماتيون - الإصلاحيون، منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وعودة فرض العقوبات ضد إيران، وكذلك على خلفية موجات الاحتجاج التي شهدتها الدولة في العامين الأخيرين.
  • على الرغم من دعوات كبار مسؤولي النظام، وفي مقدمهم المرشد الأعلى علي خامنئي، الجمهور الإيراني إلى القيام بـ"واجبه المدني والديني" والاقتراع، فإن نسبة المشاركة في الانتخابات بلغت نحو 42 %- الأدنى منذ الثورة الإسلامية. وللمقارنة، في المعركتين الانتخابيتين الأخيرتين للمجلس (2012 و2016)، سُجلت نسبة اقتراع تجاوزت 60%. في انتخابات المجلس في 2004 و2008 سُجلت نسبة اقتراع أدنى (أكثر بقليل من 50%) بينما كانت نسبة الاقتراع في انتخابات 1996 و2000 هي الأعلى (نحو 70%)....
  • تدل نسبة الاقتراع المنخفضة على تآكل مستمر في ثقة الجمهور بالنظام وبالمنظومة السياسية بمعسكريْها السياسيَيْن المركزيَيْن. ينبع هذا التآكل من الشعور المتزايد باليأس والإحباط وخيبة الأمل جرّاء فشل السياسيين، محافظين وإصلاحيين على حد سواء، في تلبية حاجات المواطنين. يُعتبر المحافظون كممثلين لوجهة نظر دينية وثورية لم تعد تتلاءم مع رغبة الجمهور، وخصوصاً الجيل الشاب. في مقابلهم يُعتبر الإصلاحيون غير مؤثرين وفشلوا في تحقيق وعودهم للجمهور بسبب سلوكهم الفاشل وسيطرة المحافظين على معظم مراكز القوة في الدولة. في مثل هذا الواقع، مواطنون كثيرون يعتقدون أنه لا جدوى من المشاركة في الانتخابات، لأن تأثيرها في حياتهم محدود جداً.
  • مشاركة عامة متدنية في الانتخابات تقوّض مع مرور الزمن شرعية النظام، المرتبطة إلى حد بعيد بقدرته على المحافظة، على الأقل ظاهرياً، على تمثيل للشعب في المؤسسات السياسية المنتخبة. لكن على الرغم من ذلك، أيضاً نسبة تصويت منخفضة تقدر بنحو 40% يمكن أن تدل على أن أجزاء واسعة جداً من الجمهور الإيراني، في الأساس من خارج طهران، تفضل المشاركة في الانتخابات على مقاطعتها، سواء تأييداً للنظام والتقدير بأنه لا يوجد حالياً بديل مهم للنظام السياسي الموجود، أو خوفاً من أن مقاطعة الانتخابات يمكن أن تؤدي إلى سياسة أكثر تطرفاً من ناحية السلطات. هذا التخوف أدى، على الرغم من دعوات مثقفين إصلاحيين بارزين إيرانيين إلى مقاطعة الانتخابات، إلى أن أغلبية السياسيين الذين ينتمون إلى المعسكر الإصلاحي دعت الجمهور إلى المشاركة في الانتخابات، في الأساس من أجل كبح، ولو بنسبة معينة، قوة المحافظين الراديكاليين في المجلس الجديد.
  • تدل نتائج رسمية غير نهائية على فوز جارف لليمين المحافظ في الانتخابات. لقد نجح المحافظون في زيادة تمثيلهم في المجلس بصورة دراماتيكية، بعد أن تحول البراغماتيون من مؤيدي الرئيس روحاني في الانتخابات الماضية (2016)، من أقلية صغيرة نسبياً (بضع عشرات متفرقة) إلى كتلة مهمة مؤلفة من 100 ممثل. من المتوقع أن يحظى المحافظون، على ما يبدو، بأغلبية مطلقة، نحو 200 من أصل 290 مقعداً، بينما حصل الإصلاحيون على أقل من 20 مقعداً. وسجل المحافظون إنجازات مهمة في عدد من المحافظات الانتخابية التي كانت تُعتبر بصورة عامة معاقل تأييد تقليدي للمعسكر الإصلاحي، بينها طهران، يزد، وتبريز.
  • المحافظون سجلوا إنجازاً أيضاً في انتخابات "مجلس الخبراء" التي جرت في وقت واحد مع انتخابات المجلس. شخصيتان دينيتان راديكاليتان: محمد يزدي، الأمين العام لاتحاد المحاضرين في الكليات الدينية في مدينة قم، ومحمد التقي مصباح اليزدي، أحد الرموز البارزين لليمين الراديكالي في إيران، انتُخبا مجدداً أعضاء في المجلس بعد غياب 4 سنوات. في الانتخابات الأخيرة للمجلس التي تجري مرة كل 8 سنوات، والتي جرت في سنة 2016، ظل الاثنان في الخارج، على الرغم من أن المجلس بقي تحت سيطرة كاملة للمحافظين.
  • عودة السيطرة الكاملة على المجلس إلى أيدي المحافظين تشكل استمراراً لتوجه التشدد الذي يميز المنظومة السياسية في إيران في العامين الأخيرين، في الأساس على خلفية التحديات الخارجية التي تواجهها الجمهورية الإسلامية، وفي مقدمها سياسة الضغط الأقصى للرئيس ترامب. هذه التحديات تولد ضغطاً كبيراً على السلطات كي تظهر وحدة الصفوف في الداخل في مواجهة الخارج، ولزيادة القمع الداخلي. السنة الأخيرة اتسمت بتعاظم قوة المعسكر المحافظ بقيادة المرشد الأعلى الذي قام بسلسلة تعيينات مهمة لتعزيز سيطرة المحافظين على الدولة. أبرزها تعيين رجل دين راديكالي هو إبراهيم رئيسي رئيساً للسلطة القضائية (آذار/مارس 2019) في خطوة رآها البعض نوعاً من تعيين وريث مستقبلي محتمل للمرشد. هذه التعيينات أضعفت المعسكر الإصلاحي وممثليه، وعلى رأسهم الرئيس حسن روحاني، الذي اضطر إلى الوقوف مع السياسة المتصلبة التي ينتهجها المرشد الأعلى.
  • من المتوقع أن تزيد نتائج الانتخابات في مصاعب الرئيس الذي تآكلت مكانته تلقائياً في العامين الأخيرين، من أجل الدفع قدماً بسياسته في السنة الأخيرة لولايته، بعد 4 سنوات اعتمد خلالها على ائتلاف مريح نسبياً في المجلس.
  • ليس للمجلس تأثير كبير في وضع الاستراتيجيا الإيرانية، في الأساس في مجالات السياسة الخارجية، وفي القرارت التي تتعلق بقضايا مركزية، بينها مستقبل الاتفاق النووي واحتمالات استئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة، وسياسة إيران الإقليمية، التي في الأساس يحتفظ بها المرشد الأعلى. مع ذلك، فإن فوز المحافظين يمكن أن يقوي الخط الصقري في الزعامة الإيرانية ويُضعف أكثر مكانة الأوساط البراغماتية بقيادة الرئيس الإيراني الذي يُعتبر إلى حد بعيد مسؤولاً عن فشل العملية الدبلوماسية التي قادها في السنوات الأخيرة مع الغرب والولايات المتحدة. استعادة المحافظين للسلطة مهمة، بشكل خاص قبيل الانتخابات الرئاسية في صيف 2021. في الماضي شكلت انتخابات المجلس مؤشراً بالنسبة إلى نتائج الانتخابات الرئاسية، على سبيل المثال، فاز المحافظون في انتخابات 2004 قبل عام من فوز محمود أحمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية.
  • إلغاء ترشيح المرشحين الإصلاحيين وفوز المحافظين في الانتخابات يشير إلى إصرار المؤسسة الدينية على الاحتفاظ بسيطرتها على كل مؤسسات الحكم. هذا الإصرار ازداد في العامين الأخيرين إزاء الضغط الخارجي المتزايد وموجات الاحتجاج الشعبي. يبدو أيضاً أن تقدير النظام بأن عهد المرشد الأعلى الحالي يقترب من نهايته يزيد في الجهود لإعداد الأرضية لوراثة خامنئي، وضمان أن تبقى مراكز القوة المتعددة، وبينها أيضاً التي ينتخبها الجمهور، في يد مناصريه من خلال إقصاء أي طرف يدعو إلى تحدي اقتصار المنظومة السياسية على المحافظين. أيضاً ولو بثمن مس إضافي بثقة الجمهور وبمبدأ تمثيل الشعب. هذه السيطرة يعتبرها النظام ضرورية للمحافظة على استقراره، حتى لو أنها لا تساعده في تقديم  حلول لمطالب الجمهور وضائقته المستمرة التي تغذي حركة الاحتجاج. مع ذلك تجدُّد الاحتجاج مرتبط إلى حد بعيد بمجموعة عوامل من الصعب توقعها مسبقاً، مثلاً تفاقم متزايد للأزمة الاقتصادية ، ونجاعة خطوات المنع والقمع التي تتخذها السلطات.