مختارات من الصحف العبرية

مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
غانتس وأشكنازي يشيدان بقرار الولايات المتحدة إعادة فرض العقوبات على إيران
ترامب: الكويت ستطبّع على الأرجح علاقاتها مع إسرائيل في المستقبل القريب
2000 شخص يشاركون في تظاهرة احتجاج ضد نتنياهو أمام المقر الرسمي لرئيس الحكومة
تمديد ولاية القائد العام للشرطة الإسرائيلية بالوكالة ستة أشهر أُخرى
الحكومة الإسرائيلية ستناقش إمكان تشديد القيود المفروضة ضمن الإغلاق الشامل بما في ذلك على التظاهرات
مقالات وتحليلات
ترامب ضد العالم
الفلسطينيون يدركون أنهم لم يعودوا قادرين على أن يفرضوا على العالم متى تدخل إسرائيل إلى دائرة المقبولين
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"يديعوت أحرونوت"، 21/9/2020
غانتس وأشكنازي يشيدان بقرار الولايات المتحدة إعادة فرض العقوبات على إيران

قال رئيس الحكومة البديل ووزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس [رئيس أزرق أبيض] إن إيران لا تزال تشكل خطراً إقليمياً ودولياً، وأكد أن قيادتها تواصل تطوير مشروعها النووي
وتفعيل ميليشيات إرهابية موالية لها في كافة أنحاء منطقة الشرق الأوسط.

وأثنى غانتس في بيان صادر عنه مساء أمس (الأحد)، على قرار الولايات المتحدة إعادة فرض العقوبات على طهران، وأكد أن مواصلة الضغوط على النظام الإيراني العدواني تُعدّ أمراً حيوياً، وأن إسرائيل ترحب بالمساعي التي تبذلها واشنطن من دون هوادة من أجل كبح هذا النظام وتثبيت الاستقرار في المنطقة.

كما رحب وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي [أزرق أبيض] بإعلان الولايات المتحدة إعادة تطبيق العقوبات على إيران.

وحث أشكنازي، في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام مساء أمس، الأسرة الدولية على الوقوف إلى جانب واشنطن والامتناع من بيع أسلحة إلى إيران والتعاون في فرض العقوبات بأكملها.

ودعا وزير الخارجية كلاً من بريطانيا وألمانيا وفرنسا إلى التراجع عن مواقفها المعارضة لهذه الخطوة الأميركية.

"معاريف"، 21/9/2020
ترامب: الكويت ستطبّع على الأرجح علاقاتها مع إسرائيل في المستقبل القريب

قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن الكويت ستطبّع على الأرجح علاقاتها مع إسرائيل في المستقبل القريب بعد خطوة التطبيع التي أقدم عليها كل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين يوم الثلاثاء الفائت.

وأضاف ترامب، في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام بعد اجتماعه مع نجل أمير الكويت في البيت الأبيض يوم الجمعة الفائت، إن "الكويتيين متحمسون للغاية لهذا الأمر، وأعتقد أنهم سينضمون بسرعة."

وقال ترامب: "يوجد سبع أو ثماني دول تريد أن تكون جزءاً من الاتفاق. لم يعتقد أحد أن هذا سيحدث، لكن ليس فقط يحدث بل أيضاً بسهولة إلى حد ما. أجريت مكالمتين هذا الصباح مع بلدين يريدان أن يعرفا متى يمكنهما الدخول في الصفقة؟ نحن لا نقدم لهما أي شيء. إنهما يريدان الأمن والسلام وقد سئما القتال."

"يديعوت أحرونوت"، 21/9/2020
2000 شخص يشاركون في تظاهرة احتجاج ضد نتنياهو أمام المقر الرسمي لرئيس الحكومة

شارك نحو 2000 شخص مساء أمس (الأحد) في التظاهرة التي أقيمت أمام المقر الرسمي لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في شارع بلفور في القدس، احتجاجاً على أداء حكومته في مواجهة فيروس كورونا، وعلى استمراره في التمسك بمنصبه على الرغم من تقديمه إلى المحاكمة بشبهات فساد.

وأعلنت الشرطة الإسرائيلية أنها اعتقلت شخصاً بشبهة محاولة دهس المتظاهرين بمركبته، وشكّل خطراً على المتظاهرين وعناصر الشرطة.

وفي وقت سابق أمس أوضح منظمو هذه التظاهرات الاحتجاجية ضد نتنياهو أنه على الرغم من الإغلاق الشامل الذي فُرض في إسرائيل للحد من انتشار فيروس كورونا لم تُلغَ التظاهرة الاحتجاجية أمام مقر رئيس الحكومة الإسرائيلية 

وقالت حركة "كرايم منيستر" وهي إحدى الحركات المشاركة في التظاهرات، إن المتظاهرين سيحضرون إلى المقر الرسمي لنتنياهو حتى يوضحوا للمتهم بشبهات فساد أنه المسؤول الوحيد عن الفشل الذريع والإغلاق السياسي الذي لن يخفض انتشار الوباء وسيدمر الاقتصاد.

وأكدت الحركة أن هناك تقصيراً كبيراً من طرف رئيس الحكومة الذي يخلط بين قرارات تتعلق بصحة الجمهور وقرارات سياسية هدفها التهرب من القانون.

"معاريف"، 21/9/2020
تمديد ولاية القائد العام للشرطة الإسرائيلية بالوكالة ستة أشهر أُخرى

أعلن وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي أمير أوحانا [الليكود] يوم الجمعة الفائت تمديد ولاية القائد العام للشرطة الإسرائيلية بالوكالة موطي كوهين ستة أشهر أُخرى.

وجاء هذا الإعلان على خلفية التطورات السياسية والإجراءات المتعلقة بفرض الإغلاق لمكافحة انتشار فيروس كورونا.

وانتهت ولاية القائد العام السابق للشرطة روني ألشيخ في خضم أزمة سياسية في إسرائيل أدت إلى إجراء 3 معارك انتخابية خلال أقل من سنة حوّلت حكومة بنيامين نتنياهو إلى حكومة انتقالية. ورفض نتنياهو تمديد ولاية ألشيخ في خطوة قالت المعارضة إنها تهدف إلى الانتقام من هذا الأخير لأنه أيّد محاكمة نتنياهو في ملفات الفساد ضده. وقرر المستشار القانوني للحكومة أن صلاحيات الحكومة الانتقالية لا تشمل تعيين مسؤولين حكوميين كالقائد العام للشرطة، ولذا لم يتم تعيين قائد عام جديد بل عُيّن الرجل الثاني في الجهاز موطي كوهين قائداً عاماً بالوكالة. وينص اتفاق تأليف حكومة الوحدة الوطنية الإسرائيلية، بين حزب نتنياهو الليكود وخصمه السابق أزرق أبيض، على إقامة لجنة مهنية تحدد آلية بديلة لتعيين كبار المسؤولين مثل القائد العام للشرطة، وأن تتم هذه التعيينات بالتوافق بينهما، ومع ذلك لم تتم إقامة هذه اللجنة بعد.

"يديعوت أحرونوت"، 21/9/2020
الحكومة الإسرائيلية ستناقش إمكان تشديد القيود المفروضة ضمن الإغلاق الشامل بما في ذلك على التظاهرات

قالت مصادر سياسية رفيعة المستوى في القدس مساء أمس (الأحد) إنه على خلفية الزيادة الكبيرة في عدد الإصابات الخطرة بفيروس كورونا التي سُجلت أمس، وعدد المرضى الذين يستعينون بأجهزة تنفس، من المتوقع أن تقوم الحكومة الإسرائيلية مع انتهاء عيد رأس السنة العبرية الجديدة اليوم (الاثنين) بمناقشة إمكان تشديد القيود المفروضة ضمن الإغلاق الشامل.

وأضافت هذه المصادر نفسها أن من بين العقوبات التي من المتوقع فرضها إغلاق دور العبادة وفرض قيود على التظاهرات.

وأفادت إذاعة "كان" [تابعة لهيئة البث الإسرائيلية الرسمية الجديدة] أمس أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، بدعم من وزارة الصحة، يدرس هو أيضاً إمكان تشديد القيود خلال فترة الإغلاق.

وفرضت الحكومة إغلاقاً شاملاً في شتى أنحاء البلد بدأ الساعة الثانية من بعد ظهر يوم الجمعة الفائت ويستمر ثلاثة أسابيع في فترة الأعياد اليهودية بهدف الحد من انتشار الفيروس، وبذا أصبحت إسرائيل أول دولة تجدد فرض الإغلاق الشامل للحد من انتشار كورونا.

من ناحية أُخرى أعلنت وزارة الصحة الإسرائيلية مساء أمس أنه تم تسجيل 3790 إصابة جديدة بفيروس كورونا خلال الساعات الـ24 الماضية، وتم تسجيل 4 حالات وفاة لترتفع حصيلة الوفيات في إسرائيل منذ بدء تفشي الفيروس إلى 1236 حالة.

وأوضحت وزارة الصحة أن من بين الإصابات هناك 643 حالة خطرة، تم ربط 170 حالة منها بأجهزة التنفس الاصطناعي. وأضافت أن 241 شخصاً حالتهم متوسطة، بينما تماثل 133.898 شخصاً للشفاء. 

وأشارت الوزارة إلى أن 1295 مصاباً يتلقون العلاج في المستشفيات، بينما يخضع 50.967 مُصاباً للعلاج المنزلي والفنادق التي أُعدت لمصابي كورونا.

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"هآرتس"، 20/9/2020
ترامب ضد العالم
تسفي برئيل - محلل سياسي

 

  • قرار الولايات المتحدة، الذي أعلنه وزير الخارجية مايك بومبيو، فرض عقوبات أحادية الجانب على إيران كما كانت سارية قبل الاتفاق النووي- هو إعلان عن بدء "حرب عالمية". منذ أسابيع طويلة تحاول واشنطن تجنيد المجتمع الدولي كي يرفع راية تمديد حظر بيع السلاح التقليدي لإيران، الذي من المفترض أن ينتهي في تشرين الأول/أكتوبر. وحذرت الولايات المتحدة من أنه إذا لم يمدَّد الحظر فإنها ستفرض مجدداً كل العقوبات الدولية التي كانت مفروضة على إيران قبل الاتفاق النووي، والتي رُفعت تدريجياً مع توقيع الاتفاق في سنة 2015.
  • لم تنجح مبادرة ترامب. وبدلاً من التجنّد وقف المجتمع الدولي ضده. الحجة القانونية التي قدمها ترامب تقول إن من حق الولايات المتحدة أن تطلب من الأمم المتحدة إعادة فرض العقوبات الدولية، كونها شريكة في الاتفاق النووي. رداً على ذلك، تدّعي سائر الدول التي وقّعت الاتفاق – ألمانيا؛ روسيا؛ فرنسا؛ بريطانيا- أن الولايات المتحدة خسرت المكانة التي تسمح لها بمثل هذا الطلب بعد انسحابها من الاتفاق النووي في سنة 2018.
  • منذ البداية لم يكن لطلب واشنطن فرصة، لأن دولتين من الدول الموقِّعة الاتفاق، الصين وروسيا، ستستخدمان الفيتو ضد أي قرار يعيد العجلة إلى الوراء، من هنا وُلد القرار الأميركي بالتحرك بصورة أحادية الجانب، مع التهديد الواضح بأن الولايات المتحدة ستعمل على معاقبة كل من يقف ضد موقفها. التفسير العملي للتهديد، إذا تحقق، هو أن الولايات المتحدة يمكن أن تفرض عقوبات على دول، وشركاء دوليين، وكيانات، وأفراد في العالم يستمرون في إقامة علاقات مع إيران بخلاف سياستها الجديدة للعقوبات.
  • يبدو أن ترامب، مهندس الاتفاقات بين إسرائيل والإمارات والبحرين، يقدم عرضاً انتخابياً مجنوناً في إطار تكثيف "ملف الوقائع" الذي سيعرضه على الناخبين كدليل على موهبته المدهشة في إدارة السياسة الخارجية.
  • لكن هذا القرار مملوء بالثغرات. بين الدول التي تقيم علاقات وثيقة بإيران يمكن أن نجد مثلاً قطر التي تستضيف إحدى أكبر القواعد الأميركية في الشرق الأوسط تدير في الوقت عينه مع إيران أحد أكبر حقول الغاز في الخليج الفارسي. الإمارات منحت هذه السنة إذناً لشركات إيرانية لمعاودة عملها في دبي، وهي تمنح مواطنين ورجال أعمال إيرانيين تأشيرات دخول من دون قيود. إيرانيون يشترون عقارات في الإمارات، ويساعدون بذلك في ترميم القطاع الذي تلقى ضربة قاسية.
  • عُمان الدولة المرشحة الأُخرى لتوقيع اتفاق سلام مع إسرائيل، لديها علاقات وثيقة مع إيران، وتقوم بدور الوسيط بين واشنطن وطهران، وبين إيران والسعودية. صحيح أن تركيا تخلت عن شراء النفط والغاز من إيران، لكن لديها معها علاقات تجارية وعلاقات تعاون.
  • العراق الذي يقدَّر حجم تجارته مع إيران بنحو 12 مليار دولار يعتمد على إيران في التزود بالغاز والكهرباء والمياه، وتعمل داخل أراضيه الميليشيات الشيعية برعاية إيران. باستثناء سياسة رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي المنحازة إلى الولايات المتحدة، لا يوجد حالياً بديل من أنبوب التنفس الاقتصادي الإيراني. هل هذه الدول الصديقة القريبة من واشنطن ستعاني من ضربة من ذراع الإدارة الأميركية؟ هل سيفكك الجيش الأميركي قواعده في قطر وعُمان؟
  • الصين وروسيا هما الداعم المتين الذي يواصل دعم الاقتصاد الإيراني، وعليهما تعتمد قدرتها على الصمود في مواجهة العقوبات. صحيح أن الصين قلصت بصورة كبيرة مشترياتها من النفط الإيراني، لكن الدولتين تجريان مفاوضات بشأن اتفاق استراتيجي اقتصادي، ستوظف بواسطته الصين في إيران مئات المليارات خلال الـ25 عاماً القادمة في مقابل التزود بالنفط بسعر مخفّض خلال تلك الفترة. الاتفاق هو جزء من استراتيجيا "الطريق والحزام" التي تبنتها الصين، لتأمين شبكة تجارتها ونفوذها في الشرق الأوسط، وفي آسيا، ولاحقاً في أوروبا أيضاً.
  • هل تهديدات ترامب بمعاقبة الصين بسبب علاقاتها مع إيران ستؤثر في رؤيا بيجين للمستقبل؟ لقد سبق أن أعلنت الصين أنها تعارض تمديد الحظر على إيران والعقوبات الجديدة التي تنوي واشنطن فرضها. موقف مشابه وقاطع أعلنته في الأمس وزارة الخارجية الروسية التي قالت إن "المبادرات والأعمال غير الشرعية للولايات المتحدة لا تستطيع التأثير في دول أُخرى." معنى ذلك أن موسكو لا تنوي الانجرار وراء ترامب، وخصوصاً في الوقت الذي يتلاشى فيه وجود الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
  • ومن الصعب فهم كيف يوفق ترامب بين إعلانه في حفل توقيع اتفاقات السلام بين إسرائيل ودول الخليج- حين قال إنه إذا انتُخب سيمنح إيران صفقة ممتازة- وبين نيته فرض عقوبات من جديد. تدل التجربة على أن أي جهد للعثور على منطق في السياسة الخارجية لترامب نهايته الإحباط والاستسلام. زعيم أعظم قوة في العالم يشق طريقه إلى شهر تشرين الثاني/نوفمبر [موعد الانتخابات الرئاسية] وهو يزرع عبوات ناسفة في كل اتجاه. والآن، من خلال فتحه جبهة في مواجهة حلفائه في أوروبا وخصوم أقوياء، مثل روسيا والصين، يحول إيران تحديداً إلى ضحية ظلم واضطهاد بحاجة إلى حمايتهم من جنونه.
"معاريف"، 20/9/2020
الفلسطينيون يدركون أنهم لم يعودوا قادرين على أن يفرضوا على العالم متى تدخل إسرائيل إلى دائرة المقبولين
روث فاسرمان لندا - محللة سياسية

 

  • بعد مرور أكثر من 70 عاماً من المقاطعة في المجال الإقليمي، حصلت دولة إسرائيل ذات السيادة على الاعتراف بها في وضح النهار. ليس الأمر أنه لم تكن توجد علاقات قبل ذلك بين إسرائيل وبين الإمارات ودول أُخرى في المنطقة، لكنها الآن خرجت إلى العلن ولم تعد سرية- وهذا يعرفه الجميع. الاتفاقات مع الإمارات والبحرين هي مقدمة لاتفاقات أخرى مع دول أخرى في المنطقة، وهي في الأساس تشكل اختراقاً للوعي. المقاطعة تحطمت بكل معنى الكلمة. إذا وضعنا السياسة جانباً، ما جرى هو خطوة تاريخية ومهمة، حتى لو كانت لا تخلو من تعقيدات وأثمان كبيرة.
  • مع أنني عشت سنوات طويلة في مصر، التي دفع زعماؤها قدماً، بشجاعة استثنائية، بالسلام بينها وبين إسرائيل، بعد حروب دموية وأثمان باهظة لا أستطيع أن أتجاهل حقيقة أنه بخلاف السلام المهم والاستراتيجي البارد مع مصر، فإن السلام الذي يجري الحديث عنه مع دول الخليج ينطوي على تطبيع، وحرارة، وعناق علني، من دون اعتذار.
  • كلمة تطبيع باللغة العربية هي لا أقل من لعنة في دول مجاورة عقدنا معها حلف سلام قبل عشرات السنوات. لكنها تبدو مختلفة هذه المرة. العناوين الأولى في صحف الإمارات والنصوص بالعربية في التلفزيونات الرسمية في دبي في يوم توقيع الاتفاق هي إعلان واضح وقاطع- لا نخجل من علاقتنا بإسرائيل. بالنسبة إليهم العلاقة "حلال". الاتفاقات بيننا وبين الإمارات والبحرين هي خطوة تغيير للواقع. ما يجري هو اعتراف بحق دولة إسرائيل في الوجود، والتوقف عن ربط التطبيع بحل شامل للقضية الفلسطينية وقيام دولتين لشعبين.
  • لا يعني هذا أن دول الخليج ليست مهتمة بحل المشكلة الفلسطينية. الشارع هناك معنيٌّ بذلك، لذلك الزعامات نفسها غير قادرة على تجاهل المشكلة. لكن الأغلبية في الخليج ليست معنية بما فيه الكفاية بهذه القضية كي توقف روتين حياتها، وتقف ضد زعمائها، حكام البحرين والإمارات، وهي غير مستعدة بعد الآن لاشتراط التقدم الاقتصادي والتجاري والثقافي والتكنولوجي في المنطقة بإرضاء كرامة القيادة الفلسطينية الحالية في الضفة الغربية، وفي غزة.
  • الاسم "اتفاق أبراهام" ينطوي على معانٍ مدهشة أُخذت من دون شك في الاعتبار لدى اختيار هذا الاسم. جدنا إبراهيم لم ينجح في حياته في الجمع بين ولديه، يتسحاق وإسماعيل، لكن الاثنين دفناه معاً بعد وفاته. الأخوّة تغلبت على العداء، ولو لوقت قصير، في مواجهة الحدث الكبير، وهو موت الأب. هذه الرمزية لم تكن خافية عن أنظار الرأي العام في الشارع العربي في إسرائيل. هم يدركون أنه انتهى العهد الذي كانت القيادة الفلسطينية الموجودة في غزة وفي رام الله تفرض على العالم كله، وعلى المنطقة خصوصاً، متى تدخل إسرائيل إلى حلقة المقبولين من الحي. وهذا لا يعجبهم.
  • يجري أعضاء الكنيست من القائمة المشتركة مقابلات في كل القنوات التلفزيونية وعلى وسائل التواصل الاجتماعي العربية ويصرّحون ضد الاتفاق. وهم بذلك يثيرون غضب أصحاب مواقع على وسائل التواصل وواضعي السياسات في الإمارات. جزء من المعارضين الذين ينتمون إلى حزب بلد يذهب بعيداً في معارضته، ويدّعي أن الاتفاق "يزرع الدمار في المجال الإقليمي، وفي العالم كله"- كما قال عضو الكنيست مطانيوس شحادة في مقابلة مع قناة كان 11.
  • وكالعادة، الجمهور اليهودي في إسرائيل يميل إلى تكوين انطباعاته عن الشارع العربي، في الأساس، كما تعبّر عنه قيادته السياسية في الكنيست. وهذه القيادة تكثر من المقابلات، سواء في وسائل الإعلام الدولية والإقليمية وكذلك الإسرائيلية. وفي كثير من الأحيان هي لا تمثل الرأي العام بأمانة. مَن يصغي حقاً إلى المواطن العربي البسيط؟ قلائل جداً من الإسرائيليين اليهود.
  • هذا الشارع منقسم، في أغلبيته، إلى مجموعتين غير متساويتين في الحجم. مجموعة كبيرة تضم المواطنين الذي يصارعون من أجل بقائهم في مواجهة الوضع الاقتصادي الهش أصلاً للمجتمع العربي في إسرائيل، وبقوة أشد في ذروة أزمة الكورونا. ومجموعة أصغر تشمل رجال أعمال أذكياء ومنظّمين جيداً يرون في التطورات مع الخليج نافذة فرصة رائعة ومثيرة وممتازة للدفع قدماً بالأعمال والصفقات الاقتصادية. هذه المجموعة الأخيرة لا نسمع صوتها قط. من الأفضل لها الدفع قدماً بالصفقات بصمت، ومن وراء الكواليس، كي لا تثير الغيرة وسط بقية الجمهور العربي. 
  • من دون علاقة بالمواقف السياسية، سواء أعجبت الجميع أم لم تعجبهم، المجتمع العربي في إسرائيل يشكل خمس السكان- وهو جزء لا يتجزأ من المجتمع الإسرائيلي. الآن، ومع التطورات التي تغير الوقائع التي تجري في المنطقة، هذا هو زمن هؤلاء السكان الذين لديهم ميزة اللغة والمعرفة العميقة بالثقافة الإقليمية.
  • لا يمكن المبالغة في أهمية هذه الميزات في كل ما له علاقة بالدفع قدماً بالعلاقات التجارية والاقتصادية بين الشركاء من الطرفين. متخذو القرارات في مجاليْ السياسة والاقتصاد في إسرائيل والإمارات والبحرين سينظمون أمورهم في الاتفاقات الكبيرة والصفقات الاستراتيجية من دون مساعدة خاصة. لكن باقي الجمهور يستطيع بالتأكيد الاستفادة من ثمار السلام في كثير من النواحي التجارية، وفي الأعمال، وهنا تكمن الميزة الكبيرة للسكان العرب. وفي رأيي هؤلاء لن يضيعوا الفرصة كما تقترح عليهم قيادتهم السياسية.