مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال سفير إسرائيل الجديد لدى الأمم المتحدة غلعاد إردان إن خطة ضم أجزاء من الضفة الغربية إلى السيادة الإسرائيلية لا تزال مدرجة في جدول الأعمال على الرغم من أن مسؤولين أميركيين وإماراتيين كانوا أشاروا إلى أنها لم تعد كذلك في المستقبل القريب في إطار اتفاقيْ التطبيع اللذين وقّعتهما إسرائيل مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين هذا الأسبوع.
وأضاف إردان الذي سيتسلم أيضاً منصب سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة، في سياق مقابلة أجرتها معه إذاعة الجيش الإسرائيلي ["غالي تساهل"] الليلة قبل الماضية، أن موضوع الضم سيُناقَش مرة أُخرى بعد انتخابات الرئاسة الأميركية التي ستجري يوم 3 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. وقال: "إن الضم لم يُلغ، لكنه لم يعد في رأس سلم أولويات الأميركيين. ونحن ندرك أن ذلك لا يمكن أن يحدث من دون تعاون من إدارة دونالد ترامب."
وكان نتنياهو قد وعد لعدة أشهر بتطبيق خطة ضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية بحلول الأول من تموز/يوليو الفائت، لكن تم تعليق الخطة في إطار اتفاق التطبيع مع الإمارات. وفي الشهر الفائت صرّح ترامب بأن المسألة لم تعد مدرجة في جدول الأعمال، غير أن نتنياهو يصر على أنها ما زالت مدرجة.
وخلال استضافة الرئيس الأميركي لنتنياهو في البيت الأبيض يوم الثلاثاء الفائت، ورداً على سؤال عمّا إذا كان الضم أُزيل من جدول الأعمال، قال ترامب: "لا نريد التحدث عن ذلك في الوقت الحالي."
سمحت الرقابة العسكرية الإسرائيلية أمس (الخميس) بنشر نبأ قيام جهاز الأمن العام الإسرائيلي ["الشاباك"] مؤخراً باعتقال الشابة الفلسطينية ياسمين جابر من القدس الشرقية، والتي تعمل في المكتبة الوطنية التابعة للجامعة العبرية في القدس، بشبهة تجنيدها من طرف حزب الله و"فيلق القدس" الإيراني للقيام بعمليات "إرهابية" ضد إسرائيل.
وذكر بيان صادر عن جهاز "الشاباك" أن جابر متهمة بالانضمام إلى خلية إرهابية، وأن اعتقالها جاء بعد مراقبة استخباراتية مستمرة ومتواصلة أدّت أيضاً إلى اعتقال مشتبه بهم آخرين من القدس الشرقية ورام الله، بينهم الشابة تسنيم القاضي من سكان رام الله، وهي مقيمة في تركيا منذ سنوات.
وأشار البيان إلى أنه في إطار التحقيق مع المعتقلين تبين أن حزب الله يقوم بتنظيم مؤتمرات شبابية فلسطينية في لبنان بهدف تجنيد شبان من إسرائيل والضفة الغربية في صفوفه. وأضاف أنه تم تحديد اسم جابر للتجنيد في صفوف حزب الله بعد مشاركتها في مؤتمر شبابي عُقد في لبنان سنة 2016، وحفاظاً على سرية هويتها، قامت الوحدة التابعة لحزب الله بإعطائها اسماً حركياً. وفي زيارة أُخرى لها إلى لبنان سنة 2016 قام ناشطان في صفوف الحزب بتعريفها إلى ناشط آخر يعمل على تجنيد عناصر للحزب من الضفة الغربية وإسرائيل.
ووفقاً للبيان، حافظت جابر على علاقة سرية مع المشغل من خلال تمرير رسائل سرية متفق عليها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وسافرت إلى تركيا، حيث أجرت لقاءات مع ناشطة من حزب الله وتلقت منها تعليمات بتجنيد أعضاء آخرين لخلية تقوم بقيادتها، والتشديد على تجنيد شبان عرب من إسرائيل، ويفضَّل أن يكنّ من النساء نظراً إلى كونهن يتمتعن بحرية أكبر للحركة في البلد، وبالقدرة على جمع معلومات.
أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أنه لا مفر من فرض الإغلاق التام من أجل وقف ارتفاع معدلات الإصابة بفيروس كورونا.
وجاءت أقوال نتنياهو هذه في سياق مؤتمر صحافي خاص عقده في ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية في القدس مساء أمس (الخميس)، عشية فرض إغلاق تام في جميع أنحاء إسرائيل مدة ثلاثة أسابيع، ابتداء من اليوم (الجمعة)، في محاولة للحدّ من تفشي موجة جديدة من الفيروس.
ووعد نتنياهو بإعلان برنامج مساعدات على الصعيد الاقتصادي يشمل تقديم منح لموظفي القطاع العام ومستخدمي القطاع الخاص، وتوسيع القروض التي تضمنها الدولة، وخفض رواتب كبار المسؤولين التنفيذيين.
ويشمل الإغلاق المدارس والمطاعم ومراكز التسوق والفنادق ودور العبادة، بينما قد يُسمح لبعض الشركات بمواصلة العمل وفق شروط محددة. كما سيُمنع الإسرائيليون من التنقل مسافة تبعد أكثر من كيلومتر عن منازلهم.
وأثارت هذه الإجراءات غضب اليهود الحريديم [المتشددون دينياً] لكونها تتزامن مع الأعياد اليهودية.
من ناحية أُخرى أعلنت وزارة الصحة الإسرائيلية مساء أمس أنه تم تسجيل 4650 إصابة جديدة بفيروس كورونا خلال الساعات الـ24 الماضية، وتم تسجيل 7 حالات وفاة لترتفع حصيلة الوفيات في إسرائيل منذ بدء تفشي الفيروس إلى 1170 حالة.
وأوضحت وزارة الصحة أن بين الإصابات 573 حالة خطرة، تم ربط 149 حالة منها بأجهزة التنفس الاصطناعي.
- يمكن القول إن اتفاق السلام مع الإمارات العربية المتحدة واتفاق إعلان السلام مع البحرين اللذين وُقّعا هذا الأسبوع في واشنطن، هما وثيقتان تهب فيهما روح السلام من كل سطر، وتشملان التعاون في كل المجالات والكثير من النيات الطيبة، فضلاً عن كونهما الوثيقتين اللتين حلمنا بهما فعلاً عندما حلمنا بشرق أوسط جديد.
- ولا يدور الحديث حول روح الوثيقتين فقط، بل أيضاً حول جوانب عملية تُعتبر مهمة أكثر. فمقدمتا الاتفاقين تتضمنان، وإن لم يكن بكلمات صريحة، إعلاناً بشأن نهاية مبادرة السلام العربية، حتى وإن كانت ستبقى ظاهرة في قرارات الجامعة العربية.
- ولا شك في أن اتفاق السلام مع الإمارات الذي سيكون الأساس لاتفاقيات مقبلة مع البحرين وربما مع دول أُخرى، يعيد التذكير باتفاقيْ السلام مع مصر والأردن، لكن لا يوجد فيه أدنى ذكر لاتفاقيات أوسلو، ولا لدولة فلسطينية أيضاً، ولا ترِد فيه أي كلمة عن مبادرة السلام العربية التي أُقرّت سنة 2002.
- وتُعتبر هذه بمثابة ضربة قاسية للفلسطينيين. فعندما عرضت السعودية مبادرتها للسلام التي تختلف عن مبادرة السلام العربية، صرخ الفلسطينيون بأنهم يفضلون حق العودة على الدولة، كما قال في حينه مندوبهم الأبرز فاروق القدومي [أحد قادة منظمة التحرير الفلسطينية]، وأدى ذلك إلى موت المبادرة السعودية وإقرار مبادرة السلام العربية بدلاً منها، وأُضيف إليها بند يطالب بالاعتراف بالقرار 194 الصادر عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة الذي يقر حق العودة للاجئين الفلسطينيين. ويبدو أنه حانت الآن لحظة الانعطاف بل وربما الثأر، وكأن العالم العربي يقول للفلسطينيين: نجحتم في أن تفرضوا علينا كل ما أردتم في حينه، لقد انتهى هذا. وها قد جاء التطبيع، والسعودية، ومن دون أي اتفاق مبرم، اتخذت الخطوة الأولى في هذا المسار عندما فتحت مجالها الجوي للرحلات الجوية الإسرائيلية.
- يمكن القول أيضاً إنه بغية إغضاب الفلسطينيين بعض الشيء، يتضمن الاتفاق ذكراً لـ"رؤيا السلام" وفقاً لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وهذا يعني أن "صفقة القرن" دخلت من الشباك، بينما خرجت مبادرة السلام العربية من الباب. وبعد ذلك يأتي الملح الذي ينثره الاتفاق على جراح الفلسطينيين، فوفقاً للاتفاق، "يلتزم الطرفان [الإسرائيلي والفلسطيني] العمل معاً لتحقيق حل متفق عليه للنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني يستجيب للحاجات والتطلعات المشروعة للشعبين، والدفع نحو اتفاق سلام شامل في الشرق الأوسط، ونحو الاستقرار والازدهار." هكذا لم يعد هناك بعد اليوم "حقوق مشروعة" بل "حاجات مشروعة". ومن الصعب أن نصدق أن الخبراء الذين وضعوا هذه الصياغات، ومنهم رجال قانون بارزون، لا يعرفون الفرق بين المصطلحيْن.
- ولا تنتهي مسيرة الإهانات للفلسطينيين عند هذا الحد. فكلمة لاجئين لا تظهر. ومعروف أن مسألة اللاجئين هي الأساس الأهم في كل الروح الفلسطينية، واتُّخذت أكوام من القرارات بشأنها في كل مؤسسات الأمم المتحدة والجامعة العربية. كل هذا انتهى الآن. ولم يعد لهذه المسألة أدنى ذكر حتى.
- هذه ليست صفعة للفلسطينيين، بل هزيمة للقيادة الفلسطينية. ويمكن ملاحظة أن المزيد من المحللين العرب يخرجون على الملأ ويشرحون الاتفاق لقادة السلطة الفلسطينية وحركة "حماس". كما أننا نطالع موجة جديدة من المقالات العربية يعبر كل سطر فيها عن المصالح، وعن شهية التعاون [مع إسرائيل].
- ينص البند الأول من الاتفاق على إقامة علاقات دبلوماسية. وينص البند الثاني على "الاعتراف المتبادل بالسيادة وحق العيش في سلام وأمن." وينص البندان 4 و6 على مكافحة الإرهاب وخلق أجواء السلام، بما في ذلك التوافق على أن "يعمل الطرفان معاً لمكافحة التطرف الذي يدفع قدماً بالكراهية والخلاف، وكذا لمكافحة الإرهاب ومسوغاته." وينص البند 7 على التعاون الاستراتيجي لتحقيق شرق أوسط يعيش بسلام. ويوضح البند 9 أن الاتفاق يكون قائماً بذاته من دون أي صلة بخطوات تقوم بها جهات أُخرى. وبتعبير آخر، لا يُفترض بأي عمل لـ"حماس"، أو السلطة الفلسطينية، أو حزب الله، أو أي دولة، أن يؤثر في تنفيذ الاتفاق. وأكثر من ذلك، عندما ينشأ تضارب بين التزامات دولية أُخرى وبين اتفاق السلام يجب احترام هذا الأخير.
- يعبّر الاتفاق عن روح جديدة ربيعية بدأت تهب بين إسرائيل ودول الخليج. ولا شك في أن مثقفين إسرائيليين وعرباً ويهوداً وغيرهم ممن يعتبرون أنفسهم قوى تقدمية، سيواصلون مكافحة التطبيع في جبهة مشتركة مع السلطة الفلسطينية، و"حماس"، وتركيا، وإيران. والسؤال المطروح الآن هو أي نهج سينتصر؟ ذاك الذي يرغب في التقدم قدماً بالسلام الإقليمي (مرغوب في أن يكون مع الفلسطينيين)، لأن كل الأطراف لديها مصالح مشتركة، أم ذاك الذي يروّج للشقاق والنفاق والكراهية والتحريض باسم القلق الزائف على "حقوق الفلسطينيين"؟
- الأمر الأكيد أننا حققنا هذا الأسبوع انتصاراً للنهج الأول. ونأمل بأن يكون لدى إسرائيل ما يكفي من الحكمة كي لا يكون هذا الانتصار قصير الأمد.
- أسامة سرايا من كبار المعلّقين السياسيين في مصر نشر في موقع الأهرام المصري أمس (الخميس) رسالة دفاع استثنائية عن اتفاقات السلام التي وُقّعت بين إسرائيل والإمارات والبحرين. كتب: "الاتفاق الجديد هو الظهير القوي الذي يحمي ما تبقى من الأراضي الفلسطينية والقدس العربية." هذه العبارة هي مقدمة خطاب حاسم يرمز ربما إلى "الريح الجديدة" التي تهب من مكتب الرئيس عبد الفتاح السيسي.
- "الذي أذهلنا، هذه التصرفات الفلسطينية غير الحكيمة التي تمادت في عدوانيتها، وذهبت إلى الجامعة العربية، لتحصل على قرار يدين الإمارات، بل يقف ضد المصالح العربية لمصلحة المحور التركي- الإيراني، بل إن السلطة الفلسطينية أعادت إحياء ما مات وانتهت صلاحيته، من فصائل وتنظيمات أصبحت مجرد مكاتب في دمشق أو في بيروت، بل إنها تناست جريمة "حماس"، وقتلها الفلسطينيين... لكن المنظر المضحك كان لرئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية الذي ذهب إلى المخيمات الفلسطينية ليستعرض أسلحتها، وهو يعرف تماماً أنها أسلحة إيرانية، مهدداً، متوعداً، ولم يحترم سيادة دولة لبنان التي تعاني أزمة وكارثة مرفأ بيروت."
- يكشف سرايا في مقاله معضلة مزدوجة. كيف يتعيّن على المثقفين المصريين والعرب التعامل مع اتفاقات السلام في ظل تعريفها كـ"خيانة خطيرة" للوحدة العربية؛ وكيفية التعامل الآن مع القضية الفلسطينية وحلها.
- مصر حليفة قوية لدولة الإمارات المتحدة العربية وللسعودية، وهي تستفيد من مليارات الدولارات التي تتدفق إليها كاستثمارات وودائع في المصارف منذ وصول عبد الفتاح السيسي إلى الحكم سنة 2013، بعد إطاحة حكم محمد مرسي، رجل الإخوان المسلمين. وتموّل الإمارات جزءاً ضخماً من تكلفة القاهرة الجديدة، المدينة التي تحولت إلى رمز للتجديد والتنمية، ويتضح أكثر فأكثر أنها مشروع عديم الجدوى. كما ساهمت أيضاً في تطوير مشاريع في شمال سيناء كجزء من المحاربة المصرية للتنظيمات الإرهابية، ومن الجهد لتجنيد البدو لهذه المعركة.
- الإمارات هي شريكة في الحرب المصرية ضد الحكومة الليبية، ومصر هي جزء من الائتلاف الخليجي الذي شكلته السعودية من أجل الحرب ضد الحوثيين في اليمن. كل هذا يفرض على النظام المصري الدفاع عن السمعة الجيدة للإمارات، وكبح أي انتقاد ضدها، وتفضيل المصلحة الاقتصادية- العسكرية على المبدأ العربي الجامع الذي يدعو إلى إنقاذ فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي.
- وضع الأردن مشابه لوضع مصر. في السنوات الأخيرة حصل الأردن على هبة تقدّر بـ300 مليون دولار من الإمارات كمساعدة لقطاعيْ التعليم والصحة. وفي السنوات الأخيرة حصل على دعم يقدَّر بـ1.5 مليار دولار من دول الخليج، بالإضافة إلى وجود نحو 300 ألف مواطن أردني يعملون في الإمارات، ويحوّلون نحو مليار دولار إلى عائلاتهم سنوياً. أيضاً في الأردن كما في مصر، حظيت الاتفاقات بتقارير مقتضبة من دون معالجة نقدية أو تحليلية، بحسب تعليمات وزير الإعلام الأردني.
- في الوقت عينه هناك مخاوف في هاتين الدولتين وشكوك إزاء تداعيات اتفاقات السلام الجديدة. حتى الآن كانت مصر والأردن "حبيبتي " واشنطن، وحظيتا ليس فقط بدعم سياسي، بل أيضاً بمساعدة مالية سخية- حصلت عليها مصر بسبب اتفاقات كامب ديفيد، والأردن بسبب التعاون الأمني الوثيق مع إسرائيل. الأهم من ذلك العلاقات المميزة مع إسرائيل التي استخدمتها الدولتان كأداة للتأثير في سلوك القدس في الضفة الغربية، وفي غزة، وفي الأماكن المقدسة الخاضعة لرعاية وإدارة الأردن، إنفاذاً للاتفاقات معه. حالياً يطرح معلقون مصريون بحذر التقدير أنه كلما ازداد عدد الدول المنضمة إلى حلقة أصدقاء إسرائيل، سيتراجع تأثير مصر حيال إسرائيل، وفي الشرق الأوسط العربي عموماً.
- نموذج من هذا التخوف جرى التعبير عنه في تقارير تحدثت عن ضغوط إماراتية على السودان للتسريع في تطبيع علاقاته مع إسرائيل. وبالاستناد إلى تقارير في وسائل إعلامية عربية، وعدت الإمارات بتحويل مئات الملايين من الدولارات إلى هذه الدولة الفقيرة، بالإضافة إلى وعود إسرائيلية بالمساعدة في تطوير بنى تحتية زراعية. حتى الآن كانت مصر هي التي أدارت المحور العربي-السوداني، كجزء من الصراع الذي تخوضه في مواجهة أثيوبيا بشأن بناء سد النهضة وتقاسُم المياه بينها وبين السودان. في القاهرة يتخوفون من أن يؤدي التدخل الإماراتي في السودان إلى إعطائها مكانة الوسيط بين مصر والسودان، وأن تُفرض على مصر سياسة تضر بمصالحها.
- وبينما يُمنع انتقاد الاتفاقات في وسائل الإعلام، يتوجهون نحو مناطق "التهديدات والمخاطر". على سبيل المثال، يتحدثون عن مذكرة التفاهم الموقّعة بين شركة دوفار- تاور الإسرائيلية التي يملكها شلومي فوغل، وتملك أيضاً مرفأ إيلات، وبين شركة DP world من دبي. تتحدث المذكرة عن تعاون وفحص إمكانات نقل بضائع من الإمارات عبر ميناء إيلات إلى مرفأيْ أشدود وحيفا، كما تنوي الشركة الإماراتية التنافس على شراء أحواض سفن إسرائيلية معروضة للخصخصة.
- تثير هذه التقارير في مصر موجة عاصفة من القلق جراء التهديد الذي يمكن أن تطرحه هذه الصفقة لحركة التجارة في قناة السويس. قبل سنوات دشنت مصر توسيع قناة السويس الذي كلّف مليارات الدولارات – معظمها جاء من تبرعات ومن بيع سندات قروض إلى مواطنين مصريين. لقد وعد الرئيس المصري حينها، ليس فقط بأن يزيد توسيع قناة السويس من حجم التجارة بل أن يترافق أيضاً مع بناء مراكز تجارية كبيرة ومشاريع صناعية على شواطئها. منذ ذلك الحين تقلص المرور المائي عبر السويس، وانخفضت المداخيل، ومعظم المشاريع بقي حبراً على ورق. ما الذي سيحدث لهذه المداخيل إذا قررت الإمارات استخدام قناة عبور تمر عبر البحر الأحمر إلى إيلات بدلاً من قناة السويس؟ حتى الآن لا توجد تقديرات محددة، لكن المخاوف تزداد.
- في الأردن يتخوفون من إمكان أن يحرم الاتفاق مع الإمارات – ولاحقاً مع السعودية- الأردن من رعايته، للأماكن المقدسة في القدس ومكانته الخاصة فيها، ويجعل السعودية صاحبة الأمر في الأماكن المقدسة الإسلامية. لكن قبل ذلك، سيكون من المهم أن نرى كيف سيتعامل المصلّون الفلسطينيون مع ضيوفهم القادمين من الخليج؟ وهل ستُفرض عليهم القيود التي تفرضها إسرائيل على المصلّين من الضفة وغزة.
- "العالم العربي يجد نفسه في داخل ثقب أسود، سيبتلع الدول العربية التي تسارع إلى تطبيع علاقاتها مع إسرائيل." هذا ما جاء في مقال في موقع "الخليج الجديد" الصادر من قطر. من بين هذه الدول يسمّي المقال أيضاً سورية "التي قمعت مواطنيها خلال عشرات السنوات تحت راية المقاومة والعداء للصهيونية. لكن النظام أرسل مؤخراً تلميحات تُظهر أن ركوبه القطار الإسرائيلي يمكن أن يحميه من الجرائم الفظيعة التي ارتكبها ضد الإنسانية، وأنه سيحظى بالتطبيع مع العالم في مقابل التطبيع مع إسرائيل."
- لكن من الصعب العثور على تلميحات إلى تطبيع مع إسرائيل من الجانب السوري. الناطقة الوحيدة التي تحدثت عن هذا الموضوع كانت بثينة شعبان، مستشارة الرئيس بشار الأسد التي قالت في الشهر الماضي "لا نفهم ما الذي تجده دولة الإمارات في التطبيع مع إسرائيل" التي خرقت كل الاتفاقات التي وُقّعت معها. فُسِّر كلامها كتعبير إدانة ضعيف نسبياً مقارنة بالإدانات الأكثر حدة بكثير من جانب الفلسطينيين، وحزب الله، وإيران ودول أُخرى. كان من المتوقع أن يُصدِر الأسد نفسه إدانة شديدة، لكن الرئيس السوري سكت. السبب أن الإمارات فتحت من جديد سفارتها في دمشق في سنة 2018، ومهدت الطريق إلى استئناف العلاقات الدبلوماسية بين سورية والإمارات وإعادة سورية إلى الجامعة العربية، التي طُردت منها في بداية الحرب الأهلية في سورية. ثمة شك كبير في أن يتوجه الأسد فجأة نحو التطبيع مع إسرائيل، وثمة شك أكبر فيما إذا كان سيجد شريكاً في إسرائيل. بخلاف الإمارات والبحرين، السلام مع سورية له ثمن لن تدفعه إسرائيل.
- ثمة علامة استفهام مهمة تتعلق بالنزاع الإسرائيلي-الفلسطيني. البنود العامة للاتفاقات تنص على أن الطرفين يتعهدان بالعمل معاً من أجل تحقيق حل متفَّق عليه للنزاع الإسرائيلي-الفلسطيني، يستجيب إلى" الحاجات والتطلعات المشروعة للشعبين"، حل يكون "عادلاً وشاملاً وواقعياً وقابلاً للحياة." مع ذلك، ليس من المعروف حتى الآن ما إذا كانت الاتفاقات التفصيلية تتضمن تفسيرات متفَّق عليها لهذه المصطلحات، وماذا يعني "حل واقعي"؟ هل تقبل الإمارات والبحرين الوضع كما هو على الأرض ويشمل المستوطنات كجزء من الواقع "الحقيقي". هل تنويان تشكيل منتدى جديد يشمل الفلسطينيين وإسرائيل، يجري في إطاره تطبيق خطة ترامب؟ هل ستحل الإمارات محل قطر وتركيا في دورهما "المدافع " والممول لـ"حماس"، من أجل استكمال عملية لجم إيران؟ السرور الإسرائيلي بهزيمة الفلسطينيين يمكن أن يتضح أنه سابق لأوانه. دول الخليج تمنح إسرائيل ما وافقت إسرائيل على منحه للفلسطينيين، "سلام اقتصادي"، لكن من المحتمل أن يكون ذلك هو البداية فقط لعملية سيُطلَب فيها من إسرائيل أن تدفع ثمناً سياسياً أيضاً.