مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
أعلن الجيش الإسرائيلي مساء أمس (الأحد) المطلّة منطقة عسكرية مغلقة في ضوء الخشية من قيام حزب الله بتنفيذ عملية في الذكرى السنوية الأولى لاغتيال قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني وتهديدات الحزب المتواصلة بالانتقام لمقتل أحد عناصره في سورية في غارة جوية نُسبت إلى إسرائيل.
وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي ["غالي تساهل"] أن الجيش حظر السير بالقرب من المناطق المحاذية لمنطقة الحدود مع لبنان.
ونقلت الإذاعة عن مصادر رفيعة المستوى في قيادة المنطقة العسكرية الشمالية قولها إن الجيش قام خلال الأسبوع الأخير برفع مستوى تأهب القوات في منطقة الحدود مع لبنان تحسباً لاحتمال قيام حزب الله بتنفيذ عملية انتقامية. وأضافت هذه المصادر نفسها أن قوات من أسلحة الهندسة والمشاة والمدرعات طولبت بإرجاء نشاطات غير ضرورية بالقرب من الحدود، وبرفع مستوى التأهب والاستنفار.
وادّعت المصادر أيضاً أن حزب الله يخضع لضغوط إيرانية بالعمل ضد إسرائيل قبل نهاية ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم 20 كانون الثاني/يناير الحالي.
وكان ضابط كبير في قيادة المنطقة العسكرية الشمالية حذّر يوم الجمعة الفائت من احتمال أن ينفّذ حزب الله هجوماً في المستقبل القريب، وأكد أن الجيش الإسرائيلي سيرد بشدة غير مسبوقة على هجوم كهذا.
وأشار الضابط إلى أن حزب الله حاول أن ينتقم مرتين لمقتل أحد عناصره في غارة في الأراضي السورية نُسبت إلى إسرائيل في تموز/يوليو الماضي، لكنه مُني بالفشل. وأضاف: "يبدو أن هذا الحادث لم ينته، ومنذ ذلك الحين ما زلنا نحافظ على جهوزية قصوى."
سلمت إسرائيل أمس (الأحد) منظومة ثانية من "القبة الحديدية" إلى الجيش الأميركي في إطار اتفاق بين إسرائيل والولايات المتحدة وُقّع في آب/أغسطس 2019. وقالت مصادر عسكرية أميركية رفيعة المستوى إن الجيش الأميركي سيستخدمها للدفاع عن قواته من مجموعة من التهديدات البالستية والجوية.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس إن تسليم "القبة الحديدية" للجيش الأميركي يثبت مجدداً العلاقة القوية بين وزارتيْ الدفاع الإسرائيلية والأميركية، ويؤكد فاعلية المنظومة أمام التهديدات المتعددة والقدرات التكنولوجية الممتازة للصناعات الجوية الإسرائيلية.
ذكر بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أن مستوطِنة إسرائيلية أصيبت بجروح خطرة بعد إلقاء حجارة على سيارتها بالقرب من قرية دير نظام في الضفة الغربية بعد ظهر أمس (الأحد). وأشار إلى أن اثنين من أولاد المستوطِنة كانا في السيارة وقت إلقاء الحجارة، لكن لم يصِبهما أي أذى.
وأضاف البيان أن قوات الجيش الإسرائيلي طوّقت قرية دير نظام في محاولة للقبض على المشتبه بهم.
وقالت مصادر عسكرية إن المستوطِنة هي زوجة جاك تايتيل الذي دينَ سنة 2013 بتنفيذ سلسلة من جرائم القتل والهجمات بدوافع قومية على مدار عقد من السنوات. ويقضي تايتيل حكماً بالسجن مدى الحياة لقتله فلسطينيين اثنين، والقيام بمحاولتي قتل أُخريين، ووضع قنبلة بجانب منزل الأكاديمي اليساري الراحل زئيف شتيرنهيل، وجرائم أُخرى.
وجاء حادث إلقاء الحجارة وسط فترة من التوترات المتصاعدة في الضفة الغربية. وفي الشهر الماضي تم العثور على جثة مستوطِنة إسرائيلية في غابة شمال الضفة الغربية. وبلّغت أجهزة الأمن الإسرائيلية عن 13 حادثة رشق حجارة من طرف مستوطنين ضد فلسطينيين في الأيام التي أعقبت مقتل تلك المستوطِنة، بما في ذلك حادثة قُتل فيها الفتى أهوفيا سنداك، من مجموعة "شبيبة التلال" المتطرفة، في حادث سيارة في أثناء مطاردته من طرف الشرطة بعد قيامه برشق الحجارة. وأثار مقتل سنداك أياماً من التظاهرات العنيفة شبه اليومية في القدس والضفة الغربية وقام المتظاهرون بإلقاء الحجارة ومهاجمة حافلات باصات وسد طرق رئيسية.
قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إنه يأمل بأن يصوت العرب في إسرائيل له في الانتخابات العامة التي ستجري يوم 23 آذار/مارس المقبل.
وجاءت أقوال نتنياهو هذه خلال الاجتماع الذي عقدته سكرتاريا حزب الليكود الليلة قبل الماضية، وأشار فيها أيضاً إلى أنه مثلما كسر الفيتو الفلسطيني على علاقات إسرائيل مع الدول العربية سيكسر كذلك فيتو الأحزاب العربية والمواطنين العرب على التصويت لحزب الليكود.
وأضاف نتنياهو: "أنا أؤمن بعقيدة الزعيم الصهيوني زئيف جابوتنسكي بأن جميع الحقوق يجب أن تُمنح لكل مواطن في دولة إسرائيل. نحن نتواصل مع الناخبين العرب لكي يصوتوا لنا." وتوجه إلى السكان العرب قائلاً: "لسنوات عديدة كان الجمهور العربي خارج التيار الرئيسي للقيادة. لماذا؟ ليس هناك سبب. دعونا نصل إلى آخر الطريق وكونوا جزءاً من قصة النجاح الكاملة لإسرائيل. هذا ما أود أن تجسده الانتخابات."
وأدلى نتنياهو بأقواله هذه بعد قيامه بزيارة إلى مدينتيْ الطيرة وأم الفحم [المثلث] الأسبوع الفائت وسط تقارير تفيد بأن حزب الليكود يخطط للقيام بحملة مكثفة من أجل جذب الأصوات العربية في الانتخابات المقبلة.
ويمثل الخطاب الجديد تحولاً في لهجة نتنياهو الذي شن حزبه في الماضي حملة على تزوير الانتخابات في البلدات العربية. كما قام نتنياهو مراراً بشيطنة أعضاء الكنيست العرب وحذّر مؤيديه في انتخابات 2015 من أن "الناخبين العرب يتدفقون بأعداد كبيرة إلى مراكز الاقتراع، وهو ما يهدّد باحتمال سقوط حكم اليمين."
واتهم رئيس القائمة المشتركة عضو الكنيست أيمن عودة نتنياهو بإهانة ذكاء الناخبين العرب.
وكتب عودة في تغريدة على "تويتر": "نحن نعلم فعلاً أن نتنياهو لا يعتقد أننا متساوون، لكن جهوده الجديدة لكسب الأصوات تثبت أيضاً أنه يقلل من ذكاء المجتمع العربي. لن يتم محو عقد من اللامبالاة إزاء الجريمة والتحريض على العنف وتأجيج الكراهية في حملة انتخابية."
في المقابل رحب عضو الكنيست منصور عباس، من حزب راعم في القائمة المشتركة، بما سمّاه التغيير في النظرة تجاه الناخبين العرب في إسرائيل، لكنه في الوقت عينه أكد أن على نتنياهو تجنيد الأصوات في القطاع اليهودي.
وكتب عباس في تغريدة على "تويتر": "كان من دواعي سروري أن أحدّد أولاً وأقود التغيير في نظرة السياسيين في اليمين الإسرائيلي تجاه المجتمع العربي من موقف معاد تجاه المواطنين العرب في البلد إلى الموقف الذي يضعهم في قلب الخطاب السياسي. نحن أبناء ووجوه المجتمع العربي الذين يمثلونه بكرامة، نوصي نتنياهو بالبحث عن الأصوات في الخضيرة وليس في أم الفحم."
كما انتقد رئيس حزب "الأمل الجديد" وعضو الكنيست السابق جدعون ساعر، الذي انشق عن الليكود، تصريحات نتنياهو.
وقال ساعر في تغريدة على "تويتر": "بعد سنوات من الإهمال والتقاعس تذكّر رئيس الحكومة الحديث عن صوغ خطة للقضاء على الجريمة في المجتمع العربي. من المؤسف أنه حتى يومنا هذا لم تهمه هذه القضية، وأن حكومته منعت مؤخراً تمرير مشروع قانون لفرض الحد الأدنى من العقوبات على حاملي الأسلحة غير القانونية والمتاجرين بها."
بناء على قرار المحكمة المركزية في القدس قدمت النيابة الإسرائيلية العامة إلى هذه المحكمة أمس (الأحد) لائحة اتهام معدلة ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في "قضية بيزك – واللا" المعروفة إعلامياً باسم "الملف 4000".
ومن بين المواد التي تم تعديلها الفصل بين الاتهامات المنسوبة إلى نتنياهو والأفعال المنسوبة إلى أبناء عائلته الذين لم يُتهموا في هذه القضية.
وتشمل لائحة الاتهام المعدلة تفصيلات 315 حالة قام بها رئيس الحكومة بمطالبة القائمين على موقع "واللا" الإخباري بتحسين صورته الإعلامية وصورة أبناء عائلته من خلال تغطية إيجابية وضلوع نتنياهو شخصياً في 230 حالة كهذه.
وجاء في لائحة الاتهام أن نتنياهو طالب الموقع بشطب أخبار تُظهره بصورة سلبية وتغطية خصومه بصورة تسيء إلى سمعتهم، الأمر الذي يشكل، بحسب اللائحة، ارتكاب مخالفة تلقّي رشوة.
وكان قضاة المحكمة أمروا النيابة العامة بالفصل بين الحالات التي كان نتنياهو شخصياً ضالعاً فيها وبين تلك المنسوبة إلى أفراد عائلته الذين لم يتم شملهم في لائحة الاتهام. أما محامو الدفاع عن نتنياهو فقدموا إلى المحكمة طلباً بتعديل لائحة الاتهام بسبب ما اكتُشف فيها من عيوب ونواقص، بعضها متعمد بحسب ادعائهم.
يُذكر أن نتنياهو متهم في "الملف 4000" بتلقّي رشوة، وذلك على خلفية قيامه بالدفع قدماً بمصالح رجل الأعمال الإسرائيلي شاؤول ألوفيتش المالك الرئيسي لشركة "بيزك" للاتصالات، في مقابل تغطية أخبار رئيس الحكومة وعائلته بصورة إيجابية في الموقع الإخباري "واللا" الذي يمتلكه ألوفيتش. وتم إغلاق الملف ضد زوجة رئيس الحكومة سارة في هذه القضية، في حين تم توجيه تهمة تلقّي رشوة إلى ألوفيتش وزوجته.
- في 19 كانون الثاني/يناير يصل التوتر إلى ذروته: ففي الغد من المفترض أن ينزل الرئيس ترامب عن مسرح الأحداث وربما عن مسرح التاريخ، لكن إيران باقية. قادتها تلقوا ضربات قاسية من ترامب خلال ولايته، والأخطر من كل شيء: أنه أهانهم في نظر العالم. لكن على الرغم من ذلك فإنهم صمدوا في وجهه، بيْد أن كرامتهم سُحقت، وهم لن يتسامحوا ولن يصفحوا عن ذلك.
- في 3 كانون الثاني/يناير صادفت الذكرى السنوية لمقتل قاسم سليماني، الرجل الأسطورة، الذي منح القيادة الإيرانية القدرة على السيطرة عملياً على دول عربية. مقتله ترك فراغاً من الصعب على الذي حل محله أن يملأه. لا يمكن لقادة إيران الاستمرار في حياتهم العادية وترْك مقتل قاسم سليماني من دون القيام بانتقام مناسب، وبحجم يتلاءم مع أهميته بالنسبة إليهم.
- في تشرين الثاني/نوفمبر اغتيل أبو المشروع النووي العسكري الإيراني محسن فخري زادة، وتزعم طهران أن يداً إسرائيلية نفّذت هذه "الجريمة" التي لم يجرِ الانتقام لها حتى الآن، ولا مفر للنظام الإيراني من القيام بذلك.
- في تقديري، يخطط زعماء إيران في 19 كانون الثاني/يناير للقيام بعملية عسكرية مذهلة تحمل اسم سليماني، أو ربما فخري زادة، تعيد إليهم، قبل كل شيء، كرامتهم الضائعة ومكانتهم الإقليمية التي اعتادوا عليها.
- عملية الانتقام الإيرانية لن تُنفّذ من إيران، بل من دولتين أو ثلاث دول تدور في فلكها: اليمن، والعراق، وسورية، كي لا تُدان طهران مباشرة، وخصوصاً في نظر بايدن، الرئيس الأميركي الجديد؛ وأيضاً من أجل تأكيد وجود السيطرة الإيرانية في هذه الدول على الرغم من المحاولات الأميركية والإسرائيلية المستمرة منذ سنوات لوقفها.
- سيُسنَد تنفيذ العملية إلى "قوات التحرير المحلية"، أي الميليشيات الشيعية لفيلق القدس - الذراع العسكرية التي استخدمها سليماني. من المعقول الافتراض أن "مستشارين إيرانيين" سيكونون حاضرين، وسينشطون في مواقع إطلاق الصواريخ والمسيّرات التي ستُطلق في العملية التي يجري التخطيط لها، وستكون موجهة ضد سفارة الولايات المتحدة في بغداد، وضد قواعد عسكرية أميركية في العراق وسورية، ومن المحتمل أيضاً ضد منشآت نفط في السعودية (كما جرى في أيلول/سبتمبر 2019)، وضد البحرين ودولة الإمارات، لإثبات عجز حليفتهما الجديدة – إسرائيل- التي لن تحرك أصبعاً لإنقاذهما من جارتهما الكبيرة.
- إذا كان لدى قادة إيران نية لتنفيذ عملية من هذا النوع، من المعقول الافتراض أن أجهزة الاستخبارات في الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل قد التقطتها، وهذا هو سبب زيادة عدد القوات الأميركية في الخليج في الأسابيع الأخيرة. في شهر واحد فقط أرسلت الولايات المتحدة إلى الخليج ثلاث قاذفات حربية من طراز بي-52، وغواصة نووية، وسفينتين حربيتين محملتين بالصواريخ، بالإضافة إلى الغواصة الإسرائيلية التي توجهت إلى المنطقة، بحسب التقارير. في 18 كانون الأول/ديسمبر زار رئيس الأركان الأميركي الجنرال ميلي إسرائيل والتقى رئيس الحكومة نتنياهو، ووزير الدفاع بني غانتس، ورئيس الأركان كوخافي. بعد الاجتماع قال غانتس: "سنتعاون معاً لمواجهة أي سيناريو في الجبهة الإيرانية. سنعمل معاً لمواجهة التهديدات المشتركة من أجل المحافظة على الاستقرار في الشرق الأوسط مع حلفائنا."
- في 20 كانون الأول/ديسمبر قُصفت السفارة الأميركية في بغداد وحمّلت الإدارة الأميركية طهران المسؤولية عن الهجوم الذي نُفّذ بصواريخ من صنع إيران. بعد مرور ثلاثة أيام جرى الحديث عن أن أذرع الأمن الأميركية ستعرض قريباً على ترامب عدداً من الاحتمالات "للمواجهة مع إيران"، أي ضرب إيران بطريقة لا تشعل حرباً. في 24 كانون الأول/ ديسمبر وجّه ترامب تحذيراً شديداً إلى طهران أوضح فيه أن إيران ستكون المسؤولة عن إصابة أي مواطن أو جندي أميركي، حتى لو جرى ذلك بواسطة ميليشيات شيعية، ودعا ترامب قادة إيران "الى التفكير جيداً" في خطواتهم. في 25 كانون الأول/ديسمبر ذكرت إسرائيل أنها وضعت الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب بسبب احتمال أن تضرب الولايات المتحدة إيران قبل مغادرة ترامب البيت الأبيض. وتتخوف إسرائيل من تعرّض منشآت بناها التحتية للضرب، مثل الهجوم على منشآت النفط في السعودية، ومن المحتمل أن هذا التخوف يفسر العمليات في سورية في الأسبوعين الأخيرين، والتي نُسبت إلى إسرائيل. الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي قال لموقع إيلاف السعودي إن إسرائيل تتابع عن كثب التحركات الإيرانية في العراق واليمن، ولديها معلومات عن صواريخ ومسيّرات تطورها إيران وتصنعها سراً في هاتين الدولتين.
- دول شبه الجزيرة العربية منقسمة بصورة حادة إلى ثلاث مجموعات: اليمن وقطر اللتان تدوران في فلك إيران وتخدمانها بأي طريقة ممكنة؛ السعودية والبحرين ودولة الإمارات، التي تتخوف من تدهور يحولها إلى هدف للصواريخ الإيرانية؛ عُمان والكويت اللتان تقفان موقف المتفرج، وتحاولان الربط والتجسير ومصالحة الولايات المتحدة وإيران من أجل إنقاذ منطقة الخليج، المشرذمة والحساسة، من حرب لن يكون فيها رابحون، بل خاسرون فقط.
- في هذا الوضع الهش والشديد التعقيد توجد السعودية والبحرين والإمارات. من جهة تتخوف هذه الدول من عملية أميركية أو إيرانية يمكن أن تلحق أضراراً بالغة بصناعة النفط والسياحة والاستقرار الاقتصادي المذهل الذي بنته خلال العقدين الأخيرين. من جهة أُخرى، لا ترغب هذه الدول البتة في أن تسترجع إيران القوة التي كانت لديها قبل 4 سنوات، لأن هذه القوة ستترجَم إلى ضغوط سياسية وعسكرية من جانب طهران تجعلها ألعوبة في يد نظام آيات الله، وتجبرها على الخضوع لإملاءات إيران السياسية (مثل قطع أو تجميد علاقاتها مع إسرائيل والولايات المتحدة وطرد وجودهما العسكري، وربما أيضاً التجاري).
- في القدس أيضاً ليس هناك حماسة إزاء احتمال اندلاع مواجهة في الخليج يمكن أن تنزلق إلى إسرائيل بواسطة هجوم صاروخي من لبنان، وسورية، والعراق، أو اليمن. مؤخراً سُمعت تحذيرات من جانب الحوثيين في اليمن الذين يشرفون ويسيطرون بالنار على مضائق باب المندب، البوابة الجنوبية للبحر الأحمر التي تمر بها الملاحة البحرية العالمية (وأيضاً الإسرائيلية)، بين أوروبا وإسرائيل من جهة، وبين الشرق الأدنى (الهند والصين وكوريا) من جهة ثانية.
- من أجل إبعاد حلفاء الولايات المتحدة عن التعرض لانتقام إيران، من المعقول الافتراض أن ضربة عسكرية ضد إيران - إذا حدثت - لن توجَّه من أي من دول المنطقة. طائرات بي- 52- القاذفات الاستراتيجية الأميركية - ستنطلق نحو مهمتها في إيران من قواعد في الولايات المتحدة، أو من جزيرة دييغو غارسيا في الخليج الهندي. بالإضافة إلى ذلك، لدى الولايات المتحدة في المنطقة غواصات وسفن حربية - حاملات طائرات ومدمرات. وهي قادرة على ضرب إيران ووكلائها في أي وقت من دون تدخّل حلفائها في الموضوع، وربما من دون أخذ مواقفهم في الحسبان.
- عشية 2021، وعلى الرغم من الشتاء، فإن الحرارة في منطقة الخليج ترتفع، ويمكن أن تصل إلى نقطة الغليان قبل نهاية ولاية ترامب.
- في محاولة للتقليل من قساوة الضربة التي لحقت بإيران بعد اغتيال قاسم سليماني منذ سنة، نشر موقع إخباري إيراني مقالاً بعنوان "النجاحات المدهشة لوريث الحاج قاسم". جاء في المقال: تحت قيادة إسماعيل قاآني وريث سليماني دخل فيلق القدس للحرس الثوري مرحلة أكثر سرية من الماضي، الأمر الذي حسّن من قدراته في مواجهة أعداء إيران. مع ذلك، ليس هناك شك في أن إيران تواجه منذ اغتيال سليماني صعوبات متزايدة في سياستها الإقليمية. موت مَن اعتُبر المخطط والمنفّذ المركزي للتمركز الإيراني في الشرق الأوسط طرح تساؤلات تتعلق بقدرة إيران على الاستمرار في ترسيخ نفوذها في المنطقة، وشكوكاً إزاء قدرة وريثه على أن يكون بديلاً مناسباً منه.
- التحديات الكثيرة التي واجهتها إيران في السنة الماضية - ومن بينها الكورونا، والأزمة الاقتصادية، والمواجهة مع الولايات المتحدة، وعمليات الجيش الإسرائيلي في سورية، والانتقادات حيال إيران في الشارع العربي، وتطبيع العلاقات بين إسرائيل وبعض دول الخليج - كل ذلك يجعل من الصعب تحديد أهمية اغتيال سليماني في منظومة الضغوط العامة التي تواجهها إيران. في أي حال يدل سلوكها الإقليمي بوضوح على أنها مصرة على الاستمرار في جهودها لترسيخ نفوذها.
- في سورية يتواصل نشاط إيران ووكلائها، ولو أيضاً من خلال تغييرات معينة في الانتشار وخفض حجم القوات الإيرانية الناتج من تغيّر حاجات القتال في أعقاب حسم الحرب الأهلية. أيضاً في العراق تواصل إيران جهودها للمحافظة على نفوذها على الرغم من الصعوبات، في الأساس حيال جهود رئيس الحكومة العراقية كبح إيران والميليشيات الشيعية الموالية لها.
- أيضاً بعد اغتيال سليماني يواصل فيلق القدس القيام بدور مركزي في جهود التمركز الإيراني. منذ استلامه منصبه في كانون الثاني/يناير 2020 قام قاآني بثلاث زيارات إلى العراق وثلاث زيارات إلى سورية. في الموازاة يستمر التعاون بين إيران وحلفائها في المنطقة وتمويل نشاطاتهم وتسليحهم من جانب طهران.
- لكن يبدو أن وريث سليماني يلاقي صعوبة في المحافظة على الشبكة التي طورها سلَفه مع التنظيمات والميليشيات التي تعمل برعاية الحرس الثوري، وبخلاف سليماني، لم يعد مطلوباً منه إدارة معركة عسكرية واسعة. في العقد الأخير حدثت تغييرات مذهلة في أساليب عمل فيلق القدس وقيادته. في أعقاب الحرب الأهلية في سورية والمعركة ضد تنظيم داعش، تحول الفيلق من وحدة نخبة إلى عنصر مركزي في إدارة المعركة العسكرية في سورية والعراق. سليماني نفسه الذي حرص في الماضي على المحافظة على عدم الظهور الإعلامي وفضّل العمل من وراء الكواليس، صعد إلى مقدمة المسرح.
- تحت قيادة قاآني يبدو أن فيلق القدس عاد إلى أسلوب عمله في الماضي كقوة قليلة العدد ونوعية مسؤولة عن عمليات سرية، في الأساس بواسطة تنظيمات تابعة له تعمل تحت "مظلة إيرانية" لتحقيق أهداف إيران الاستراتيجية، وعلى رأسها طرد القوات الأميركية من المنطقة، وتعميق نفوذها في المنطقة، ومواصلة تسليح حزب الله.
- يبدو حالياً أن فيلق القدس عاد إلى تبنّي جزء من الأساليب التي ميزته في الماضي، ويركز على التنسيق بين حلفائه في المنطقة ومواصلة مساعدتهم من خلال توزيع جزء من صلاحيات قائد الفيلق الذي كان في عهد سليماني بمثابة رئيس أركان وطني في القيادة الإيرانية، بين قيادة حزب الله وقادة الميليشيات الشيعية في العراق.
- مما لا شك فيه أن اغتيال سليماني وجّه ضربة قاسية إلى إيران. مع ذلك هو أيضاً أتاح لها فرصة تنسيق مهمتها وفق الظروف الإقليمية المتغيرة. في كل الأحوال، نشاط إيران في السنة الماضية يثبت مرة أُخرى نيتها الاستمرار في استغلال أي فرصة للدفع قدماً بأهدافها الاستراتيجية على الرغم من كل الصعوبات.